قرار «الفيدرالي» غداً... تثبيت متوقع للفائدة وترقب لمسار السياسة النقدية

مستثمرو السندات يستعدون لتباطؤ الاقتصاد وسط تمديد آجال الاستحقاق

مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)
مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)
TT
20

قرار «الفيدرالي» غداً... تثبيت متوقع للفائدة وترقب لمسار السياسة النقدية

مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)
مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)

من المتوقع أن يبقي مجلس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، الأربعاء، أسعار الفائدة ثابتة عند نطاق يتراوح بين 4.25 في المائة و4.50 في المائة، عقب اجتماع لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية. ويأتي هذا القرار في وقت حساس، حيث يواجه الاقتصاد الأميركي مخاوف من تباطؤ اقتصادي محتمل، مما يترك الأسواق والمستثمرين في حالة ترقب لمعرفة التوجهات المستقبلية للسياسة النقدية في مواجهة الضغوط الاقتصادية. وأظهرت حسابات بورصة لندن للأوراق المالية أن الأسواق تأخذ في الاعتبار خفضاً إضافياً للسياسة النقدية في عام 2025، بما يعادل خفضين بمقدار 25 نقطة أساس لكل منهما. ومن المتوقع أن يحدث أول خفض لأسعار الفائدة في يونيو (حزيران)، دون تغيير عن تقديرات المتداولين.

وفي هذا السياق، يستعد مستثمرو السندات لتكييف استراتيجياتهم مع هذه الظروف الاقتصادية المتغيرة. فهم يعملون على تقليص استثماراتهم ذات المخاطر العالية، ويميلون إلى تمديد مدة محافظهم الاستثمارية ذات الدخل الثابت، وهو ما يعكس تكهناتهم بعدم استعجال «الفيدرالي» في خفض أسعار الفائدة في المدى القريب. وعليه، يتجه المستثمرون نحو إطالة مدة السداد، مما يستدعي شراء أصول طويلة الأجل استعداداً لانخفاض العوائد، ما يعكس استعداد سوق السندات لدورة خفض أسعار فائدة أعمق مما هو متوقع. وقد أشار المشاركون في السوق إلى أن المستثمرين قاموا بتمديد مدة السداد على الأقل خلال الشهر الماضي.

وأظهر أحدث استطلاع لعملاء الخزانة من «جيه بي مورغان» أن مستثمري السندات يحتفظون بأكبر صافي مركز طويل الأجل على سندات الخزانة الأميركية منذ خريف 2010، ومع ذلك، قد يكون الوضع الحالي لشدة الشراء إشارة إلى انعكاس محتمل، مما يعكس احتمال ارتفاع العوائد على السندات على المدى القصير. وأرجع المحللون مراكز الشراء طويلة الأجل إلى مخاوف الركود، في ظل استمرار إدارة ترمب في فرض رسوم جمركية مشددة على الواردات، مما يهدد بتصعيد النزاعات التجارية العالمية.

وقال كريستيان هوفمان، رئيس قسم الدخل الثابت ومدير المحافظ في شركة «ثورنبرغ» لإدارة الاستثمارات: «نحن نركز الآن بشكل أكبر على المدة، ونقلل من تركيزنا على الائتمان مقارنة بالمراكز السابقة. وفي الأشهر الأخيرة، كان من الصعب على كثير من الناس فهم سبب اتخاذنا هذا الموقف». وأضاف: «لا يزال الاقتصاد اليوم يبدو جيداً، لكن القلق يتركز على المستقبل، والتساؤلات حول تأثير السياسات المتغيرة بشكل مستمر على الأسعار والتجارة الجيوسياسية».

ومن المرجح أن يشير رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، في مؤتمره الصحافي يوم الأربعاء إلى أن اللجنة ستظل حذرة في خفض أسعار الفائدة، حيث لا يبدو أن الاقتصاد يتجه نحو الانهيار. وقال المحللون إن البنك المركزي الأميركي قد يؤجل الخفض لفترة غير محددة في سعيه إلى الحصول على مزيد من الوضوح بشأن السياسات الاقتصادية لإدارة ترمب. وسيركز المستثمرون أيضاً على التوقعات الاقتصادية الفصلية لصانعي السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي، بما في ذلك توقعات أسعار الفائدة، و«مخطط النقاط» الذي يعكس مدى التيسير المتوقع. وكان مخطط النقاط في ديسمبر (كانون الأول) قد أشار إلى خفضين لأسعار الفائدة هذا العام، مما سيبقي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية عند 3.9 في المائة.

هل ما زال هناك حماس لفترة طويلة؟

يعتقد المتداولون أن الاحتياطي الفيدرالي سيبقي على توقعاته من ديسمبر بخفضين لأسعار الفائدة هذا العام. ومنذ ديسمبر، انخفض التضخم الأميركي بشكل مفاجئ، كما يُقاس بأسعار المستهلك والمنتج، رغم أن بعض المؤشرات الأخرى تشير إلى استمرار ضغوط الأسعار. من ناحية أخرى، ظلت سوق العمل صامدة.

لكن سعي مستثمري السندات لتحديد مدة التخفيض ناتج جزئياً عن القلق من تدهور الاقتصاد. وأشار «باركليز» في مذكرة بحثية إلى أن الثقة في المستهلكين والشركات قد تدهورت بسبب القلق من الرسوم الجمركية، وقد ازداد هذا الغموض مقارنة بما حدث في عامي 2018 و2019 عندما فرض الرئيس ترمب الرسوم الجمركية لأول مرة.

وأوصى «باركليز» بالاستثمار طويل الأجل في سندات الخزانة الأميركية لأجل خمس سنوات. وقال جورج كاترامبون، رئيس وحدة الدخل الثابت في «دي دبليو إس»: «القلق الرئيس هو أننا قد نشهد ركوداً ناتجاً عن السياسات، أو أننا قد نقنع أنفسنا بوجود ركود لمجرد أن الشركات والمستهلكين الأميركيين أقل استعداداً للإنفاق والمخاطرة حتى تصبح الصورة أكثر وضوحاً».

وفي الوقت نفسه، خفضت «دي دبليو إس» مدة محفظة سنداتها إلى موقف أكثر حيادية، بعد استفادتها من انخفاض العوائد.

من جهته، يعتقد بريج كورانا، المدير الإداري الأول في «ويلينغتون مانجمنت»، أن سندات الخزانة طويلة الأجل لا تزال جذابة من منظور التقييم، مؤكداً أن عوائد السندات قد تواصل الانخفاض. لكنه في الوقت ذاته يبحث عن فرص في أسواق أخرى مثل أستراليا ونيوزيلندا، حيث أسعار الفائدة أعلى من الولايات المتحدة.

وسوف يولي مستثمرو الدخل الثابت اهتماماً أيضاً لتصريحات باول بشأن المسار المستقبلي للتشديد الكمي، وهي إجراءات تهدف إلى تقليص حيازات بنك الاحتياطي الفيدرالي من ديون الخزانة وسندات الرهن العقاري. وفي محضر اجتماع السياسة النقدية لشهر يناير (كانون الثاني)، ناقش مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي إمكانية إبطاء أو إيقاف عمليات سحب السندات في ظل حالة من عدم اليقين بشأن كيفية إدارة وزارة الخزانة الأميركية لإصدارات الديون في الأشهر المقبلة.


مقالات ذات صلة

«المركزي الروسي» يُبقي الفائدة عند 21 % مع احتمال رفعها مستقبلاً

الاقتصاد مقر البنك المركزي الروسي في موسكو (رويترز)

«المركزي الروسي» يُبقي الفائدة عند 21 % مع احتمال رفعها مستقبلاً

أبقى البنك المركزي الروسي على سعر الفائدة الرئيسي عند 21 في المائة يوم الجمعة، متماشياً مع التوقعات، مع الإشارة إلى إمكانية رفع الفائدة مجدداً مستقبلاً.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد الأعلام الأوروبية معروضة في البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ بفرنسا (رويترز)

الإنفاق الدفاعي والتوترات التجارية يعقِّدان التضخم والسياسة النقدية الأوروبية

قال كلاس نوت، رئيس البنك المركزي الهولندي، يوم الخميس، إن أوروبا مُحقة في زيادة إنفاقها الدفاعي، غير أن هذه الخطوة ستُفاقم مستويات الدين العام.

«الشرق الأوسط» (أمستردام - لشبونة )
الاقتصاد مظاهرات عارمة تجتاح تركيا احتجاجاً على اعتقال أكرم إمام أوغلو الذي أحدث هزة عنيفة في الأسواق التركية (إ.ب.أ)

«المركزي التركي» يجري معاملات بيع العملات الأجنبية الآجلة بالليرة

أعلن «البنك المركزي التركي» أنه سيبدأ معاملات بيع العملات الأجنبية الآجلة بالليرة التركية، على خلفية صدمة الأسواق التي أحدثها اعتقال أكرم إمام أوغلو.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد مبنى بنك إنجلترا في لندن (رويترز)

«بنك إنجلترا» يبقي الفائدة ثابتة وسط عدم يقين اقتصادي عالمي

أبقى بنك إنجلترا أسعار الفائدة عند 4.5 في المائة، محذراً من الافتراضات المتعلقة بخفضها خلال الاجتماعات المقبلة، في ظل حالة من عدم اليقين العميق.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد كريستين لاغارد تتحدث في مؤتمر صحافي عقب اجتماع البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت 6 مارس 2025 (أ.ب)

لاغارد: حرب تجارية شاملة مع أميركا ستضر اقتصاد اليورو وتزيد التضخم

أكدت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، يوم الخميس، أن اقتصاد منطقة اليورو سيتأثر بشدة في حال نشوب حرب تجارية شاملة مع الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)

المستثمرون يسحبون مليارات الدولارات من الأسهم خوفاً من سياسات ترمب

متداولون في بورصة نيويورك (أ.ب)
متداولون في بورصة نيويورك (أ.ب)
TT
20

المستثمرون يسحبون مليارات الدولارات من الأسهم خوفاً من سياسات ترمب

متداولون في بورصة نيويورك (أ.ب)
متداولون في بورصة نيويورك (أ.ب)

سحب المستثمرون استثماراتهم بكثافةٍ من صناديق الأسهم العالمية خلال الأسبوع المنتهي في 19 مارس (آذار)، وسط استمرار المخاوف بشأن التأثير المحتمل للسياسات التجارية العدوانية التي يتبعها الرئيس الأميركي دونالد ترمب على الاقتصاد العالمي.

وأظهرت بيانات «إل إس إي جي» أن المستثمرين قاموا ببيع ما قيمته 29.7 مليار دولار من صناديق الأسهم العالمية خلال الأسبوع، وهو أعلى مستوى من عمليات البيع الأسبوعية منذ 18 ديسمبر (كانون الأول)، وفق «رويترز».

كانت صناديق الأسهم الأميركية هي الأكثر تضرراً، حيث شهدت أكبر عمليات بيع أسبوعية في ثلاثة أشهر بلغت قيمتها 33.53 مليار دولار.

كما تراجعت الاستثمارات في صناديق الأسهم الأوروبية، حيث تم بيع ما قيمته 1.11 مليار دولار من هذه الصناديق، لكن هذه المبيعات كانت أقل من صافي المبيعات البالغ 5.35 مليار دولار في الأسبوع السابق، ما عزز التفاؤل قليلاً بعد أن وافق البرلمان الألماني على حزمة إصلاحات ديون تهدف إلى تعزيز أكبر اقتصاد في أوروبا.

من جهة أخرى، شهدت صناديق الأسهم الآسيوية تدفقات شراء صافية بلغت حوالي 3.5 مليار دولار، وذلك للأسبوع الرابع عشر على التوالي من عمليات الشراء الصافية. ومع ذلك، تباطأت التدفقات الخارجة من صناديق الأسهم القطاعية إلى أدنى مستوى لها في ثلاثة أسابيع، حيث بلغت 178.7 مليون دولار. ومع ذلك، اجتذبت صناديق الصناعات وصناديق الذهب والمعادن النفيسة تدفقات واردة بلغت 1.02 مليار دولار و485 مليون دولار على التوالي، رغم صافي البيع في غالبية القطاعات.

في الوقت نفسه، تراجع الطلب على صناديق الدين إلى أدنى مستوى له في 11 أسبوعاً، حيث خصص المستثمرون فقط 357.92 مليون دولار لصناديق السندات العالمية. شهدت صناديق السندات الحكومية العالمية، وصناديق المشاركة في القروض، وصناديق سندات الشركات صافي مبيعات بقيمة 2.03 مليار دولار و1.56 مليار دولار و1.34 مليار دولار على التوالي. في المقابل، خالفت صناديق السندات قصيرة الأجل هذا الاتجاه بتدفقات واردة أسبوعية صافية بلغت 4.47 مليار دولار.

وشهدت صناديق سوق النقد انسحاباً بقيمة حوالي 14.1 مليار دولار خلال الأسبوع، ليكون هذا هو الأسبوع الثاني على التوالي من الانسحاب. في حين جمع المستثمرون صافي مشتريات بقيمة 2.71 مليار دولار من صناديق الذهب والمعادن النفيسة، مواصلين بذلك صافي مشترياتهم للأسبوع السادس على التوالي. كما سجلت صناديق الطاقة صافي مبيعات هامشياً بلغ 25.9 مليون دولار.

ووفقاً لبيانات شملت 29.618 صندوق في الأسواق الناشئة، تخارج المستثمرون من صناديق السندات بقيمة 930 مليون دولار، منهين بذلك سلسلة عمليات شراء استمرت 10 أسابيع. كما قاموا بالتخلص من صناديق الأسهم بقيمة صافية بلغت 571 مليون دولار.