الكوقلي لـ«الشرق الأوسط»: أكاديمية سوق العمل في السعودية ستعالج تحديات المنظومة عالمياً

مديرة البنك الدولي في مجلس التعاون: المنصات الرقمية توسع نطاق الفرص الوظيفية في البلدان

الكوقلي تتحدث إلى الحضور خلال المؤتمر الدولي لسوق العمل الذي تستضيفه الرياض (الشرق الأوسط)
الكوقلي تتحدث إلى الحضور خلال المؤتمر الدولي لسوق العمل الذي تستضيفه الرياض (الشرق الأوسط)
TT
20

الكوقلي لـ«الشرق الأوسط»: أكاديمية سوق العمل في السعودية ستعالج تحديات المنظومة عالمياً

الكوقلي تتحدث إلى الحضور خلال المؤتمر الدولي لسوق العمل الذي تستضيفه الرياض (الشرق الأوسط)
الكوقلي تتحدث إلى الحضور خلال المؤتمر الدولي لسوق العمل الذي تستضيفه الرياض (الشرق الأوسط)

قالت مديرة البنك الدولي في دول مجلس التعاون الخليجي، صفاء الطيب الكوقلي، إن «أكاديمية سوق العمل» الدولية التابعة للمركز العالمي لرصد سوق العمل والتي سيكون مقرها الرياض، هي فرصة فريدة لصانعي السياسات لتعزيز تنميتهم الشخصية، كما أنها ستعالج تحديات الأسواق المشتركة بين مختلف المناطق.

وكان وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية أحمد الراجحي أعلن، خلال افتتاح المؤتمر الدولي لسوق العمل الذي تستضيفه الرياض حالياً، عن مبادرتين تهدفان إلى تحويل التحديات إلى فرص، الأولى: إطلاق «أكاديمية سوق العمل» الدولية، التي تتخذ الرياض مقراً لها، والثانية «تقرير استشراف المستقبل»، لتقديم توصيات عملية بناءً على أبحاث متعمقة، ويقدم استراتيجيات مبتكرة لسد فجوات المهارات وتعزيز التعلم مدى الحياة.

وأوضحت الكوقلي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على هامش المؤتمر، إن المركز العالمي لرصد سوق العمل، و«أكاديمية سوق العمل» يلعبان دوراً حاسماً في تعزيز التعاون وتبادل المعرفة بين صانعي السياسات لمعالجة التحديات، كونهما يسهلان تبادل الخبرات بين البلدان ذات مستويات الدخل والقيود المختلفة، مما يسمح بنشر أفضل الممارسات.

ولفتت إلى أن الأكاديمية هي عبارة عن برنامج مدته ثلاث سنوات مصمم لتطوير خبراء سوق العمل الدوليين الذين سيشكلون سياسة الغد عبر منظومة سوق العمل بأكملها، حيث توفر منصة لتبادل التعلم عبر البلدان المتوسطة والمنخفضة الدخل.

وأضافت «حضر إلى الرياض صانعو سياسات سوق العمل من أكثر من 26 دولة للانضمام إلى (أكاديمية سوق العمل) العالمية لسوق العمل التي تستضيفها المملكة ويقوم بالتدريس فيها خبراء البنك الدولي في أسواق العمل والحماية الاجتماعية والمهارات وتنمية القوى العاملة».

الأساليب المبتكرة

وأشارت الكوقلي إلى أن هناك الكثير من الأساليب المبتكرة التي يمكن أن تتبناها أنظمة التعليم في العالم لإعداد الشباب لمتطلبات الصناعات الناشئة، وأنه يمكن للسياسات الرامية أن تؤدي إلى تحسين التوظيف على المدى القريب.

ولفتت إلى أن استخدام الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة لتحديد هوية الشباب الباحثين عن عمل ومطابقتهم مع أصحاب العمل هو نهج مبتكر يكتسب زخماً في الكثير من البلدان. وقالت «قد يتطلب تعديل مستويات مهارات الشباب وخلق الفرص مزيداً من الوقت، لكن ورقة النهج تناقش كيفية تسريع هذه العملية أيضاً».

التكنولوجيا الرقمية

وعن دور التكنولوجيا الرقمية في تمكين الشباب من دخول سوق العمل العالمية، بينت الكوقلي أن عولمة أسواق العمل تقدم فرصة لتحسين نتائج تشغيل الشباب، وأنه بحلول عام 2050، قد تواجه البلدان ذات الدخل المرتفع نقصاً قدره 750 مليون عامل. ويمكن سد جزء من هذه الفجوة من قبل الشباب في الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط إذا سهّلت سياسات الهجرة حركة العمال عبر العالم.

وفي الوقت نفسه، تعمل التقنيات الجديدة مثل المنصات الرقمية أيضاً على جعل موقع العمل أقل أهمية وتوسيع نطاق الفرص التي يمكن للشباب من جميع أنحاء العالم الوصول إليها من خلال العمل المؤقت.

وبحسب الكوقلي، فإن الوصول إلى النطاق العريض والجهاز المحمول للمنصات الرقمية يسمح بتوفير الفرص الاقتصادية لملايين الأشخاص، حيث كانت الفرص محدودة تقليدياً، وبالتالي تلعب دوراً مهماً في عملية التحول الهيكلي.

وقد أظهر تمرين أجري على شبكة الإنترنت النمو المذهل لهذه المنصات، حيث تم تحديد 545 منتدى للعمل الحر عبر الإنترنت، مع وجود عملاء في 186 دولة، مما يدعم عمل 154 مليون شخص على مستوى العالم. طبقاً لمديرة البنك الدولي في دول مجلس التعاون الخليجي.

خلق فرص عمل

ووفق الكوقلي، الطبيعة المتغيرة للعمل، وخاصة الرقمنة، تنطوي على مخاطر لبعض العمال في الأمد القريب، الذين قد تحل محلهم التكنولوجيا، وفي الوقت نفسه، قد يعزز ذلك سباقاً نحو القاع من حيث لوائح العمل.

وتابعت: «هذا ليس سبباً لرفض التغيير التكنولوجي بل يدعو إلى روابط أقوى بين التشغيل والحماية الاجتماعية للمساعدة في تعزيز تأثير البرامج. إذ تضمن الحماية الاجتماعية الحد الأدنى من دعم الدخل للأشخاص المحتاجين، والذي من دونه قد لا يكون من الممكن حتى التفكير في الوصول إلى سلم الوظائف».

وأضافت أنه من الضروري أن تستثمر الحكومات على نطاق واسع لتسخير إمكانات الجيل القادم، ويتطلب ذلك مبادرات تشغيل الشباب بشكل فعال، واتباع نهج شامل يتضمن أنظمة توصيل قوية، والاستثمار في التقنيات الرقمية، والحلول العالمية، ودمج سياسات الحماية الاجتماعية.

وأكدت مديرة البنك الدولي في دول مجلس التعاون الخليجي، أن هناك حاجة إلى المزيد لمعالجة التحدي الملح المتمثل في البطالة بين الشباب وإطلاق العنان للإمكانات الهائلة للجيل القادم، ودفع النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية على نطاق عالمي.

وواصلت أن الحماية الاجتماعية تدعم اكتساب رأس المال البشري، مما يسهل الوصول إلى عمل أفضل، وهي تعد «ميلاً أخيراً» مفيداً يساعد في تحديد ودعم المحتاجين، بما في ذلك الشباب، مشددةً على أن تعزيز الارتباط بين العمالة والحماية الاجتماعية هو أمر أساسي لتحقيق التأثير على نطاق واسع، وسيكون دمج كلا نظامي التسليم أمراً ضرورياً لتسهيل هذه الروابط وتحسين فاعلية التكلفة.

الإصلاحات في السعودية

كانت الكوقلي قد قالت في كلمة لها خلال إطلاق الأكاديمية إن شراكة البنك الدولي مع المملكة تعود إلى عقود مضت، وإن هذا العام يصادف الذكرى الخمسين لافتتاح أول مكتب للبنك في الرياض عام 1975.

وأوضحت أن المملكة شهدت تحولاً رائعاً منذ إطلاق «رؤية 2030، وأن الإصلاحات في سوق العمل كانت في صميم هذه التغييرات، وهي ساعدت على خلق وظائف أكثر وأفضل، خصوصاً للشباب والنساء».

وأضافت: «في عام 2020، اعتمدت المملكة العربية السعودية استراتيجية بعيدة المدى لسوق العمل، رسمت مساراً للإصلاحات القانونية لجعل سوق العمل أكثر سلاسة، حيث جرى استحداث برامج جديدة، وإصلاح البرامج القديمة، وبناء قدرات المؤسسات لتقديم تلك البرامج. لقد كنا شركاء فخورين بتقديم مشورتنا العالمية ومساعدتنا الفنية. لقد كانت بعض الإصلاحات صعبة، وقوبل بعضها بالتشكيك، ولكن بالأدلة -البيانات، والبحوث، وأمثلة الممارسات الجيدة من أماكن أخرى في العالم- تمكنوا من التغلب على العقبات وتحقيق نتائج مبهرة».

ولفتت إلى أنه «مع استمرار المملكة في رحلتها لتحقيق رؤيتها 2030، وتعلمها من أفضل الممارسات، فإن لديها أيضاً دروساً يمكن مشاركتها مع بقية دول العالم».

ونبهت الكوقلي إلى أن «هناك أزمة توظيف عالمية تتطلب منا جميعاً اتخاذ إجراءات فورية. فهناك نحو 400 مليون شخص يرغبون في العمل ولكنهم لا يزالون عاطلين عن العمل، مع وجود تفاوتات كبيرة».

وأضافت: «على مدى العقد المقبل، سينضم 1.2 مليار شاب في الاقتصادات الناشئة إلى القوى العاملة، ولكن خلق فرص العمل لن يكون كافياً، حيث يقدَّر العجز في فرص العمل بنحو 300 مليون وظيفة. وهذا ما يجعل هذا التجمع أكثر أهمية من أي وقت مضى. فنحن جميعا بحاجة إلى العمل معاً وتبادل الخبرات للمساعدة في مواجهة هذه التحديات وخلق مستقبل أفضل لجميع الناس في جميع أنحاء العالم، خصوصاً في بلدان الجنوب».


مقالات ذات صلة

«البحر الأحمر» السعودية تكشف عن «لاحق»... أول جزيرة سكنية خاصة

الاقتصاد نموذج لجزيرة «لاحق» ضمن «مشروع البحر الأحمر»... (الشرق الأوسط)

«البحر الأحمر» السعودية تكشف عن «لاحق»... أول جزيرة سكنية خاصة

أعلنت شركة «البحر الأحمر الدولية» السعودية، المختصة في تطوير أبرز المشروعات السياحية المتجددة في العالم، عن إطلاق جزيرة «لاحق»؛ أول جزيرة سكنية خاصة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد إحدى أسواق المواد الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)

السعودية تختار كمبوديا لزيادة استيراد الأرز محلياً

علمت «الشرق الأوسط» أن الحكومة السعودية تحفز القطاع الخاص حالياً لاستيراد الأرز الكمبودي في خطوة تزيد من انتشار هذا المنتج في السوق المحلية.

بندر مسلم (الرياض)
الاقتصاد صورة ليلية للعاصمة السعودية الرياض (واس)

أسعار العقارات في السعودية ترتفع 4.3% خلال الربع الأول

ارتفعت أسعار العقارات في السعودية بنسبة 4.3 في المائة بالربع الأول من 2025، مدفوعة بزيادة في القطاع السكني، وتصدرت الرياض المناطق بارتفاع الأسعار.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض (رويترز)

التضخم السنوي في السعودية يسجل 2.3 % في مارس

ارتفع مؤشر أسعار المستهلك في السعودية (التضخم) بنسبة 2.3 في المائة على أساس سنوي في مارس من 2 في المائة في فبراير (شباط) الماضي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق رجلا الأعمال عبد الله الفوزان ومحمد الشايع لدى تسلّمهما «وسام الملك عبد العزيز» من الدرجة الرابعة (واس)

«وسام المؤسس» لرجُلَي أعمال سعوديين لتطويرهما تقاطعاً في الرياض

تسلّم رجلا الأعمال عبد الله الفوزان ومحمد الشايع «وسام الملك عبد العزيز» تقديراً لمبادرتهما في تطوير تقاطع طريقيْ «الملك سلمان مع الملك فهد» شمال الرياض.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

أميركا تقلل من شأن مخاطر استخدام الصين «سلاح السندات»

وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت أمام مقر وزارة الاقتصاد في زيارة سابقة (رويترز)
وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت أمام مقر وزارة الاقتصاد في زيارة سابقة (رويترز)
TT
20

أميركا تقلل من شأن مخاطر استخدام الصين «سلاح السندات»

وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت أمام مقر وزارة الاقتصاد في زيارة سابقة (رويترز)
وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت أمام مقر وزارة الاقتصاد في زيارة سابقة (رويترز)

قلل وزير الخزانة الأميركي، سكوت بيسنت، مساء الثلاثاء، من شأن مخاوف استخدام الصين سندات الخزانة سلاحاً ضد بلاده رغم تقلبات سوق السندات، وأضاف أنه لا يوجد خطر من إلحاق بكين ضرراً اقتصادياً بالولايات المتحدة عبر سنداتها الضخمة.

وقال بيسنت في مقابلة مع «ياهو فاينانس»: «إذا وصلت سندات الخزانة إلى مستوى معين، أو إذا اعتقد (مجلس الاحتياطي الفيدرالي - البنك المركزي الأميركي) أن جهة أجنبية؛ لن أسميها خصماً، وإنما جهة منافسة أجنبية تستخدم سوق سندات الحكومة الأميركية سلاحاً أو تحاول زعزعة استقرار السوق لتحقيق مكاسب سياسية، فأنا متأكد من أننا سنتخذ إجراء مشتركاً، لكننا لم نشهد ذلك بعد». وأضاف: «لدينا مجموعة أدوات قوية».

والصين ثاني أكبر الحائزين الأجانب ديون الحكومة الأميركية بعد اليابان؛ إذ بلغت قيمة سنداتها نحو 761 مليار دولار في يناير (كانون الثاني) الماضي.

وقال بيسنت: «إذا باعت الصين سندات الخزانة، فسيتعين عليها شراء اليوان وهذا سيعزز عملتها؛ مما سيفقد الصادرات الصينية ميزة تنافسية في الأسواق الخارجية... وقد فعلت العكس تماماً»، مضيفاً أن البيع ليس من المصلحة الاقتصادية للصين.

وفرض الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، رسوماً جمركية بنسبة 145 في المائة على السلع الصينية هذا العام ضمن رسوم متبادلة أوسع نطاقاً على جميع شركاء الولايات المتحدة التجاريين. وأثار ذلك سخرية وانتقاد بكين، التي ردت برفع الرسوم على السلع الأميركية إلى 125 في المائة. ووصفت بكين استراتيجية ترمب الخاصة بالرسوم الجمركية بأنها «مزحة»؛ مما أثار حفيظة بيسنت.

وكان بيسنت قال في مقابلة سابقة مع «تلفزيون بلومبرغ»: «هذه ليست مزحة. هذه أرقام كبيرة بالفعل». وأضاف بيسنت أن أي مفاوضات بين الولايات المتحدة والصين يجب أن تأتي من «الأعلى»؛ أي بمشاركة ترمب ونظيره الصيني شي جينبينغ.

في غضون ذلك، أمر الرئيس الأميركي بالتحقيق فيما إذا كانت هناك حاجة لفرض رسوم جمركية جديدة على جميع واردات الولايات المتحدة من المعادن الحرجة، في تصعيد كبير لنزاعه مع شركائه التجاريين العالميين ومحاولة للضغط على الصين؛ رائدة تلك الصناعة.

ووقع ترمب أمراً يوجه وزير التجارة، هيوارد لوتنيك، ببدء مراجعة تتعلق بالأمن القومي بموجب «المادة 232» من قانون توسيع التجارة لعام 1962. وهذا هو القانون نفسه الذي استخدمه ترمب في ولايته الأولى لفرض رسوم جمركية عالمية بنسبة 25 في المائة على الفولاذ والألمنيوم، والذي استخدمه في فبراير (شباط) الماضي لبدء تحقيق في رسوم محتملة على النحاس.

وقال ترمب في هذا الشأن إن اعتماد الولايات المتحدة على واردات المعادن «يزيد من احتمال المخاطر على الأمن القومي، والجاهزية الدفاعية، واستقرار الأسعار، والازدهار الاقتصادي، والمرونة».

ويتطلب الأمر من لوتنيك أن يقدم في غضون 180 يوماً تقريراً إلى الرئيس بنتائجه، ومنها الحاجة إلى فرض رسوم جمركية. وجاء في الأمر أن المراجعة ستقيّم نقاط ضعف الولايات المتحدة في معالجة جميع المعادن الحرجة، ومنها الكوبالت والنيكل والمعادن الأرضية النادرة السبعة عشر، بالإضافة إلى اليورانيوم، وكيف يمكن للجهات الفاعلة الأجنبية أن تشوه الأسواق، وما الخطوات التي يمكن اتخاذها لتعزيز العرض المحلي وإعادة التدوير... وهذه أحدث خطوة في جهود ترمب لتحفيز إنتاج المعادن في الولايات المتحدة ومعالجتها.

وفرضت بكين هذا الشهر قيوداً على تصدير المعادن النادرة رداً على رسوم ترمب، وهي خطوة فاقمت مخاوف مسؤولي ترمب بشأن الإمدادات.

والمعادن النادرة هي مجموعة من 17 عنصراً تستخدم في صناعات الدفاع والسيارات الكهربائية والطاقة والإلكترونيات. ولا تملك الولايات المتحدة سوى منجم واحد للمعادن النادرة، ويأتي معظم إمداداتها المعالَجة من الصين.