بكين تتعهد تعزيز مركز هونغ كونغ العالمي وحماية الاستثمار الأجنبي

«عودة ترمب» تحفّز نشاط الدمج والاستحواذ

سيارات أجرة في أحد الشوارع التجارية والخدمية بجزيرة هونغ كونغ ليلاً (أ.ف.ب)
سيارات أجرة في أحد الشوارع التجارية والخدمية بجزيرة هونغ كونغ ليلاً (أ.ف.ب)
TT

بكين تتعهد تعزيز مركز هونغ كونغ العالمي وحماية الاستثمار الأجنبي

سيارات أجرة في أحد الشوارع التجارية والخدمية بجزيرة هونغ كونغ ليلاً (أ.ف.ب)
سيارات أجرة في أحد الشوارع التجارية والخدمية بجزيرة هونغ كونغ ليلاً (أ.ف.ب)

أبلغت بكين كبار المسؤولين التنفيذيين في «وول ستريت»، الثلاثاء، أنها ستمضي قدماً في إصلاحات سوق رأس المال وفي فتح قطاعها المالي للأجانب، في حين تدعم هونغ كونغ في تعزيز أوراق اعتمادها مركزاً مالياً عالمياً.

ويأتي التعهد من صناع السياسات الصينيين في قمة الاستثمار لقادة التمويل العالمي وسط توترات جيوسياسية متزايدة في أعقاب انتخاب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة، وتباطؤ مزعزع للاستقرار في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وقال تشو هيكسين، نائب محافظ البنك المركزي الصيني ومدير إدارة الدولة للنقد الأجنبي: «سنعمل على خلق بيئة عمل مواتية شاملة للمستثمرين الأجانب وقادة الأعمال القادمين إلى الصين». وأضاف: «لذا؛ فإننا نفتح أذرعنا للمستثمرين الأجانب. وهم مُرحَّب بهم في البر الرئيس للمشاركة في نجاح التنمية الاقتصادية في الصين».

وأضاف رئيس لجنة تنظيم الأوراق المالية الصينية وو تشينغ أن الصين ستزيل حواجز الاستثمار وتنفذ تدابير داعمة في حين تعمل على تعميق إصلاحات سوق رأس المال.

وقال نائب رئيس الوزراء الصيني هي ليفينغ إن بكين ستدعم أيضاً المزيد من الشركات عالية الجودة من الصين لإدراج وإصدار السندات في هونغ كونغ، وعرض الدعم للمدينة في وقت يواجه فيه مستقبلها بصفتها مركزاً مالياً التدقيق.

ويحضر القمة التي تستضيفها هيئة النقد في هونغ كونغ رؤساء تنفيذيون لشركات «وول ستريت» الكبرى بما في ذلك «سيتي غروب» و«غولدمان ساكس» و«مورغان ستانلي».

وأصبحت مكانة هونغ كونغ بصفتها مركزاً مالياً عالمياً غامضة في السنوات الأخيرة، بعد أن فرضت بكين قانوناً شاملاً للأمن القومي في عام 2020... وتقول الحكومات الغربية إن بكين ضربت استقلالية الإقليم، لكن السلطات الصينية تقول إنه كان ضرورياً لاستعادة النظام بعد الاحتجاجات الجماهيرية المؤيدة للديمقراطية في عام 2019.

ويوم الثلاثاء، سجنت المحكمة العليا في هونغ كونغ 45 ناشطاً مؤيداً للديمقراطية لمدة تصل إلى 10 سنوات في أعقاب محاكمة تاريخية للأمن القومي ألحقت الضرر بحركة الديمقراطية القوية في المدينة وأثارت انتقادات من الولايات المتحدة ودول أخرى.

وقال نائب رئيس الوزراء الصيني إن تدابير التحفيز الأخيرة في البلاد بدأت تؤثر تدريجياً وتفيد أسواق هونغ كونغ. وقال إن بكين ستساعد في دعم المؤسسات المالية الصينية لتوسيع أعمالها في هونغ كونغ.

وقال: «سنعمل على تحسين آلية الإصدار المنتظم لسندات الخزانة، وزيادة الإصدار بشكل مطرد في هونغ كونغ، ودعم هونغ كونغ في تعزيز مكانتها مركزاً أعمالاً مالياً عالمياً»، دون تقديم تفاصيل.

ووفقاً لبيانات «ديلوجيك»، كان هناك 9.1 مليار دولار من الإصدارات المالية في هونغ كونغ في عام 2024، مقارنة بـ5.88 مليار دولار في عام 2023. وعلى الرغم من الانتعاش، تظل أحجام الإصدارات بعيدة عن ذروة عام 2020 البالغة 51.6 مليار دولار.

ودفع تباطؤ الصفقات كلاً من الشركات المالية الغربية والصينية إلى خفض مئات الوظائف المصرفية الاستثمارية في العامين الماضيين. كما قلصت بعض شركات المحاماة الدولية أعمالها أو خرجت منها في منطقة الصين الكبرى.

وقالت الرئيسة التنفيذية لمجموعة «سيتي غروب» جين فريزر، ورئيس مجلس إدارة «غولدمان ساكس» والرئيس التنفيذي ديفيد سولومون، في المنتدى، إن عودة ترمب إلى البيت الأبيض العام المقبل من شأنها أن تحفّز المزيد من نشاط الاستحواذ على الشركات على احتمال تقليص التنظيم.

وقال فريزر: «عندما نفكر في تخفيف القيود التنظيمية هناك (الولايات المتحدة)، فقد رأينا تداعيات فورية تحدث مع نتيجة الانتخابات. لقد شهدنا نمواً هائلاً في العمليات الخاصة بنا، بين عشية وضحاها تقريباً في عمليات الدمج والاستحواذ، والاكتتابات العامة الأولية، وعاد عملاؤنا الرعاة بالتأكيد، وأود أن أسمي ذلك (الفتح الكبير) الذي كنا ننتظره لفترة طويلة».

ومع ذلك، لا تزال توقعات الصفقات في آسيا بطيئة، حيث تكافح الصين تباطؤاً اقتصادياً، مدفوعاً بأزمة ديون قطاع العقارات والآثار المتبقية من عمليات الإغلاق بسبب الوباء.

وكشفت بكين في وقت سابق من هذا الشهر عن حزمة ديون بقيمة 10 تريليونات يوان (1.38 تريليون دولار) لتخفيف ضغوط تمويل الحكومة المحلية واستقرار النمو المتعثر في البلاد.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة «مورغان ستانلي» تيد بيك، إن الأمر سيستغرق بعض الوقت حتى تظهر تدابير التحفيز تأثيرها، لكن يمكن رؤية علامات مبكرة على التعافي. وتابع: «إن مكافحة الانكماش تستغرق وقتاً. وبالتالي، فإن الدافع النقدي بدأ يترسخ، وانخفاض أسعار الفائدة، ومعدلات الرهن العقاري الأكثر جاذبية، والحوافز لملكية جديدة. سيستغرق الأمر بعض الوقت».

ومع ذلك، قال سولومون من «غولدمان ساكس» إن المستثمرين العالميين الذين «وضعوا الكثير من رأس المال» في الصين ما زالوا يشعرون بالقلق بشأن إخراج رأس المال من البلاد، مضيفاً: «وفي هذا السياق، أعتقد أن الرسائل حول القدرة على جذب رأس المال والحصول عليه قد تكون أكثر أهمية. حيث إن الخروج من هذه الأزمة أمر بالغ الأهمية بالنسبة للمستثمرين العالميين».


مقالات ذات صلة

اليابان في «الأمتار الأخيرة» لإقرار حزمة تحفيز بـ87 مليار دولار

الاقتصاد رجل في أحد شوارع وسط العاصمة اليابانية طوكيو أمام شاشة تعرض حركة الأسهم (أ.ب)

اليابان في «الأمتار الأخيرة» لإقرار حزمة تحفيز بـ87 مليار دولار

اتفق الائتلاف الحاكم في اليابان، الأربعاء، مع حزب معارض رئيس على مسودة حزمة تحفيز اقتصادي تبلغ قيمتها 87 مليار دولار

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في مناسبة سابقة بين أنصاره (أ.ف.ب)

خبراء يرجحون فرض ترمب تعريفات بنسبة 40 % على الصين مع بداية 2025

أظهر استطلاع رأي أجرته «رويترز» لآراء خبراء اقتصاديين أن الولايات المتحدة قد تفرض رسوماً جمركية بنحو 40 % على الواردات من الصين في أوائل العام المقبل

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد منظر عام يُظهر منطقة الأعمال المركزية بوسط مدينة نيروبي (رويترز)

كينيا تستهدف خفض عجز الموازنة 3.8 % في السنة المالية المقبلة

أعلنت كينيا استهدافها خفض عجز الموازنة بنسبة 3.8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للسنة المالية 2025-2026، الممتدة من يوليو (تموز) 2025 - يونيو (حزيران) 2026

«الشرق الأوسط» (نيروبي)
الاقتصاد متحدثان خلال جلسة نقاش في الجناح السعودي ضمن «كوب 29» (الشرق الأوسط)

السعودية تناقش في «كوب 29» تحدي إدارة الكربون

أكد متحدثون في الجناح السعودي ضمن «كوب 29»، على دور التعاون الدولي في تطوير تقنيات جديدة لاحتجاز الكربون.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد منتجات تابعة لـ«أسمنت الجوف» (حساب الشركة على «إكس»)

«أسمنت الجوف» السعودية و«أنجي» الفرنسية لبناء محطة توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية 

وقّعت شركتا «أسمنت الجوف» السعودية و«أنجي» الفرنسية اتفاقية بناء محطة توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية في مدينة طريف (شمال المملكة)، وتشغيلها لمدة 25 سنة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

خبراء يرجحون فرض ترمب تعريفات بنسبة 40 % على الصين مع بداية 2025

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في مناسبة سابقة بين أنصاره (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في مناسبة سابقة بين أنصاره (أ.ف.ب)
TT

خبراء يرجحون فرض ترمب تعريفات بنسبة 40 % على الصين مع بداية 2025

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في مناسبة سابقة بين أنصاره (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في مناسبة سابقة بين أنصاره (أ.ف.ب)

أظهر استطلاع رأي أجرته «رويترز» لآراء خبراء اقتصاديين أن الولايات المتحدة قد تفرض رسوماً جمركية بنحو 40 في المائة على الواردات من الصين في أوائل العام المقبل، مما قد يؤدي إلى تقليص النمو في ثاني أكبر اقتصاد في العالم بنحو نقطة مئوية واحدة.

ويتوقع الاستطلاع، وهو الأول الذي تجريه «رويترز» بشأن اقتصاد الصين منذ فوز دونالد ترمب الساحق في الانتخابات في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني)، ألا يلجأ الرئيس المنتخب في بداية ولايته إلى فرض رسوم جمركية شاملة بنسبة 60 في المائة على السلع الصينية.

وتعهد ترمب، الذي من المقرر أن يتولى منصبه في يناير (كانون الثاني) المقبل، خلال حملته الانتخابية بفرض رسوم جمركية باهظة على الواردات الصينية في جزء من حزمة من تدابير التجارة التي تتبنى شعار «أميركا أولاً»، مما تسبب في قلق في بكين، وزاد من مخاطر النمو بالنسبة للصين.

ولا تقتصر معدلات التعريفات الجمركية المهددة على كونها أعلى بكثير من مستويات بين 7.5 إلى 25 في المائة التي فرضها ترمب على الصين خلال فترة ولايته الأولى، بل إن الاقتصاد الصيني أيضاً في وضع أكثر ضعفاً نظراً للتباطؤ المطول في سوق العقارات، ومخاطر الديون، وضعف الطلب المحلي.

وأظهر استطلاع رأي أجرته «رويترز» لأكثر من 50 خبيراً اقتصادياً في الفترة من 13 إلى 20 نوفمبر أن الأغلبية من الخبراء، سواء داخل أو خارج الصين القارية، تتوقع أن يفرض ترمب التعريفات الجمركية بحلول أوائل العام المقبل، مع تقدير متوسط ​​بنسبة 38 في المائة، وتوقعات عامة تتراوح من 15 إلى 60 في المائة.

وقال معظم المستجيبين إنهم لا يتوقعون فرض تعريفات جمركية شاملة بنسبة 60 في المائة على السلع الصينية في أوائل عام 2025؛ لأن هذا قد يؤدي إلى تسريع التضخم داخل الولايات المتحدة.

وقال ريموند يونغ، كبير خبراء الاقتصاد في «إيه إن زد»: «نتوقع أن تعيد الإدارة الأميركية الجديدة الخطة الأصلية لترمب في ولايته الأولى»، مقدراً أن التعريفة الجمركية المتوسطة على السلع الصينية يمكن أن ترتفع بنسبة 32 إلى 37 في المائة.

ويواجه صنّاع السياسات الصينيون، الذين كثفوا التحفيز لتحفيز النمو منذ أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي، ضغوطاً زائدة العام المقبل لتحفيز الطلب المحلي للتعويض عن الانخفاض المتوقع في الصادرات، وهو محرك رئيس للنمو هذا العام، كما يقول المحللون.

وفيما يتعلق بالتأثير المحتمل على الصين، توقع الاستطلاع أن تؤدي التعريفات الجمركية الأميركية الجديدة إلى خفض النمو الاقتصادي للصين في عام 2025 بنحو ما بين 0.5 إلى 1.0 نقطة مئوية.

ولكن في الوقت الحالي، حافظ معظم خبراء الاقتصاد الذين شملهم الاستطلاع على توقعاتهم المتوسطة للنمو لهذا العام ولعام 2025 عند 4.8 و4.5 في المائة على التوالي، بما يتفق مع التوقعات التي قدمت قبل الانتخابات الأميركية. ومن المتوقع أن يتباطأ النمو أكثر مستوى 4.2 في المائة في عام 2026. ويترقب الجميع سياسات إدارة ترمب التجارية تجاه الصين، والتي قد تؤدي إلى تخفيضات محتملة في توقعات الخبراء حول النمو الصيني.

وقال مو جي، كبير خبراء الاقتصاد الصيني في «دي بي إس»: «ستكون الصادرات الصينية ركيزة أساسية للنمو مع صمود الطلب العالمي، على الرغم من أن التعريفات الجمركية الأميركية الجديدة قد تخفض ما يصل إلى نقطة مئوية من نمو الناتج المحلي الإجمالي الصيني. وسيظل الاستهلاك باهتاً بسبب تأثيرات الثروة من انخفاض أسعار العقارات وارتفاع معدلات البطالة. وسيقود الاستثمار في البنية التحتية انتعاشاً معتدلاً لاستثمار الأصول الثابتة، على الرغم من تأخر الاستثمار الخاص».

وقال أغلب خبراء الاقتصاد، أو 19 من 23 محللاً استجابوا للاستطلاع، إن تدابير التحفيز المالي والنقدي الأخيرة التي أعلنتها الحكومة الصينية لم يكن لها تأثير يُذكر على الاقتصاد، وإن هناك حاجة إلى مزيد من التحفيز. وقال أربعة فقط إن هذه التدابير من شأنها أن تعزز النمو الاقتصادي.

وتأمل السلطات الصينية أن تساعد موجة التحفيز التي تم الكشف عنها منذ أواخر سبتمبر الاقتصاد في الوصول إلى هدف نمو حكومي يبلغ نحو 5 في المائة هذا العام.

ومن المرجح أن تكشف الصين عن تدابير تحفيز جديدة في الأسابيع المقبلة للمساعدة في حماية الاقتصاد من أي توترات تجارية مع الولايات المتحدة، كما يقول المحللون، الذين يتوقعون أن يستمر مسار تباطؤ الاقتصاد على الرغم من الدعم السياسي.

وقال جيان تشانغ، كبير خبراء الاقتصاد الصيني في «باركليز»: «نعتقد بأن الحكومة الصينية لا يزال لديها الوقت لمراقبة السياسة الأميركية والرد عليها، ومتابعة تأثيرها على نمو الصين، ثم تقديم استجابات سياسية في مرحلة لاحقة».

كما خفض خبراء الاقتصاد الذين استطلعت «رويترز» آراءهم توقعاتهم لتضخم أسعار المستهلك في الصين إلى 1.1 في المائة للعام المقبل، و1.4 في المائة لعام 2026، انخفاضاً من 1.4، و1.6 في المائة المتوقعة سابقاً في استطلاع أكتوبر (تشرين الأول).

ومن المتوقع أن يخفض بنك الشعب الصيني سعر الفائدة الرئيسي - سعر إعادة الشراء العكسي لمدة سبعة أيام - بمقدار 20 نقطة أساس إلى 1.30 في المائة في أوائل العام المقبل، مع خفض إضافي بمقدار 10 نقاط أساس في النصف الثاني، وفقا للاستطلاع.