خفض جديد مرجح لـ«المركزي» الأوروبي وسط ضبابية التوقعات المستقبلية

ضعف نمو منطقة اليورو بأقل من التقديرات يسبق اجتماع الخميس

مقر المصرف المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
مقر المصرف المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
TT

خفض جديد مرجح لـ«المركزي» الأوروبي وسط ضبابية التوقعات المستقبلية

مقر المصرف المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
مقر المصرف المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

يبدو أن البنك المركزي الأوروبي يتجه إلى خفض أسعار الفائدة مرة أخرى يوم الخميس، لكن التوقعات بعد ذلك أقل وضوحاً.

ويتوقّع المستثمرون أن يخفّض صنّاع السياسات أسعار الفائدة الرئيسية مرة أخرى عندما يجتمعون يوم الخميس، لكن من غير الواضح مدى السرعة التي سيتبعها مزيد من التخفيضات.

يوم الأربعاء، قال عضو مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي، مارتينز كازاكس، إن البنك المركزي الأوروبي قادر على خفض تكاليف الاقتراض في اجتماعه هذا الشهر.

أضاف لقناة التلفزيون اللاتفي: «في الأسبوع المقبل (الحالي)، لدينا اجتماع مجلس البنك المركزي الأوروبي، وفي رأيي - بالنظر إلى البيانات المتاحة لدينا في الوقت الحالي - يمكننا اتخاذ الخطوة التالية في اتجاه خفض أسعار الفائدة. بالطبع ستكون هناك مناقشة، كما يحدث دائماً، ولكن بالنسبة لي في هذه اللحظة هذه الصورة واضحة تماماً».

ويأتي اجتماع البنك المركزي بعد تسجيل اقتصاد منطقة اليورو نمواً أبطأ في الأشهر الثلاثة حتى يونيو (حزيران) مقارنة بالتقديرات السابقة، مما يجعل من الصعب عليه تأمين هبوط ناعم في سعيه لترويض التضخم.

ويشكّل ضعف النمو الاقتصادي تحدياً للبنك المركزي الأوروبي، الذي أشار إلى أنه سيتحرك بحذر في أعقاب خفض أسعار الفائدة القياسية على الودائع في يونيو الماضي، بواقع 25 نقطة أساس إلى 3.75 في المائة، وهو الأول منذ عام 2019.

فبحسب بيانات وكالة الإحصاء التابعة للاتحاد الأوروبي، الصادرة يوم الجمعة، نما الناتج المحلي الإجمالي المجمع لدول منطقة اليورو العشرين بنسبة 0.2 في المائة فقط في الرُّبع الثاني مقارنة بالرُّبع الأول، بعد أن قدرت سابقاً أن الناتج ازداد بنسبة 0.3 في المائة. وهو ما يمثل تباطؤاً عن الرُّبع الأول، وأداءً أضعف بكثير من الأداء الذي سجّلته اقتصادات الولايات المتحدة والمملكة المتحدة خلال الفترة نفسها. ففي حين نما الاقتصاد الأميركي بمعدل سنوي بلغ 3 في المائة، توسّعت منطقة اليورو بنسبة 0.8 في المائة فقط. وأظهرت الأرقام أيضاً أن الاستثمار انخفض بشكل حاد خلال الرُّبع، في حين انخفض الإنفاق الاستهلاكي أيضاً، وكلاهما مؤشر على أن أسعار الفائدة المرتفعة تعمل على تهدئة الطلب. وكان النمو مدفوعاً بشكل أساسي بالصادرات والإنفاق الحكومي.

وتشير الدراسات الاستقصائية والبيانات المنشورة أخيراً إلى استمرار الضعف في الرُّبع الثالث، وتزيد المخاطر من انزلاق ألمانيا، أكبر اقتصاد في منطقة العملة الموحدة، إلى الركود بعد الانكماش في الأشهر الثلاثة حتى يونيو.

رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد تعرض ميزانية المصرف السنوية أمام البرلمان الأوروبي (أ.ف.ب)

هل من هبوط ناعم؟

ويختلف صنّاع السياسات، المتساهلون والمتشددون على حد سواء، حول ما إذا كانت توقعات النمو الضعيفة كافية لإنهاء مخاوف التضخم. فهناك مَن يريد أن يتحرك ببطء، بحجة أن اقتصاد منطقة اليورو ليس في حاجة ماسة إلى الدعم، وأن التضخم يمكن ترويضه دون انخفاض في الناتج أو العمالة، وليس ما يُعرف بـ«الهبوط الحاد». وفي خطاب ألقته أخيراً إيزابيل شنابل، عضو المجلس التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي، قالت: «في حين ازدادت المخاطر التي تهدد النمو، فإن الهبوط الناعم لا يزال يبدو أكثر ترجيحاً من الركود»، وفق ما ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال».

ومع ذلك، يرى صناّع سياسات آخرون أن هناك خطراً أكبر يتمثل في دفع اقتصاد منطقة اليورو إلى الانكماش أو الركود إذا لم يُخفّض البنك المركزي الأوروبي تكاليف الاقتراض بوتيرة أسرع. ويتوقع بعض خبراء الاقتصاد أن يصبح هذا الرأي أكثر انتشاراً بعد الخفض المتوقع الخميس.

التضخم

ومن جهة أخرى، من المرجح جداً ألّا يقلق البنك المركزي الأوروبي بعد الآن بشأن التضخم، حيث إن معدله بات أقرب ما يكون إلى هدفه البالغ 2 في المائة منذ عام 2021 في أغسطس (آب)، عند 2.2 في المائة.

ويتوقع البنك المركزي الأوروبي أن يرتفع التضخم إلى 2.5 في المائة في نهاية العام. ويظل التضخم الأساسي أقل بقليل من 3 في المائة، في حين أن ​​تضخم الخدمات لم ينخفض عن 4 في المائة هذا العام. لذا، فإن الصقور يريدون رؤية مزيد من التيسير للتأكد من أن التضخم تحت السيطرة.

وقال رئيس أبحاث الاقتصاد الأوروبي في صندوق التحوط «بوينت 72»، سورين رادي، «لقد أثبت التضخم أنه مستمر تماماً، وسوق العمل مرنة، والنمو ضعيف بشكل مخيب للآمال، لكنه ليس سلبياً في الوقت نفسه». وأضاف أن «المركزي الأوروبي» لديه قليل ليخسره من خلال خفض المعدلات بشكل تدريجي، على أساس ربع سنوي، وفق «رويترز».

لاغارد في مؤتمر صحافي عقب اجتماع السياسة النقدية لمجلس المحافظين في فرنكفورت في 18 يوليو (رويترز)

مقدار الخفض

سيخفض البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة على الودائع بمقدار 25 نقطة أساس في 12 سبتمبر (أيلول)، ومرة ​​أخرى في ديسمبر (كانون الأول)، وفقاً لأغلبية كبيرة من خبراء الاقتصاد في استطلاع أجرته «رويترز». في وقت يركز فيه المستثمرون على تلميحات لما سيحدث بعد ذلك.

منذ اجتماع البنك المركزي الأوروبي الأخير، قام المتداولون بتسعير كامل لخفض آخر بعد سبتمبر، على الأرجح في ديسمبر، ويراهنون على وجود فرصة لخفض في أكتوبر (تشرين الأول). وفي منتصف يوليو (تموز)، رأوا أقل من فرصة كاملة لخفض واحد بعد سبتمبر، لذلك يحرص المستثمرون على سماع ما قد تقوله رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد، إن وجدت، عن تحرك محتمل في أكتوبر.


مقالات ذات صلة

«المركزي» التركي يمدد تعليق أسعار الفائدة للشهر الثامن

الاقتصاد المصرف المركزي التركي (رويترز)

«المركزي» التركي يمدد تعليق أسعار الفائدة للشهر الثامن

مدَّد البنك المركزي التركي تعليق أسعار الفائدة للشهر الثامن على التوالي، إذ قرر إبقاء سعر إعادة الشراء لمدة أسبوع دون تغيير عند 50 في المائة.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
الاقتصاد سبائك من الذهب النقي بمصنع «نوفوسيبيرسك» لصياغة وتصنيع المعادن الثمينة في روسيا (الشرق الأوسط)

الذهب يبلغ أعلى مستوى في أسبوع مع تراجع الدولار

ارتفعت أسعار الذهب لأعلى مستوى في أسبوع بدعم من تراجع الدولار، بينما تنتظر السوق تعليقات من مسؤولي مجلس الاحتياطي الفيدرالي حول الفائدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد جزء من احتياطي الذهب في مجمع بنك البرتغال المحصّن في كاريغادو (رويترز)

بعد انخفاضاته الحادة الأسبوع الماضي... الذهب يعاود ارتفاعه

ارتفعت أسعار الذهب اليوم الاثنين بعد التراجع الحاد الذي شهدته الأسبوع الماضي، لكن التوقعات بشأن تخفيضات أقل لأسعار الفائدة الأميركية حدّت من هذا التعافي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد المستهلكون يتسوقون في أحد مراكز التسوق في لوس أنجليس (أ.ف.ب)

التضخم الأميركي يرتفع كما هو متوقع في أكتوبر

ارتفع مؤشر أسعار المستهلك الأميركي (التضخم) بنسبة 2.6 في المائة عن العام السابق في أكتوبر، وهو ارتفاع طفيف عن الزيادة السنوية في الأسعار في سبتمبر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد باول في مؤتمره الصحافي بعد قرار لجنة السياسة النقدية (أ.ف.ب)

باول بعد قرار خفض الفائدة: جاهزون للتعامل مع المخاطر

قال رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إن التضخم الأساسي لا يزال مرتفعا نوعاً ما، موضحاً أن «سوق العمل ليست مصدراً للضغوط التضخمية».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

أميركا توسّع لائحتها السوداء ضد الشركات الصينية

حاويات وسفن شحن في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)
حاويات وسفن شحن في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)
TT

أميركا توسّع لائحتها السوداء ضد الشركات الصينية

حاويات وسفن شحن في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)
حاويات وسفن شحن في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)

أعلنت الولايات المتحدة، أنها وسّعت مجدداً لائحتها السوداء التي تحظر استيراد منتجات من منطقة شينجيانغ الصينية، أو التي يُشتبه في أنها صُنعت بأيدي أويغور يعملون قسراً.

وقد اتُّهمت نحو 30 شركة صينية جديدة باستخدام مواد خام أو قطع صنِعَت أو جمِعَت بأيدي أويغور يعملون قسراً، أو بأنها استخدمت هي نفسها هذه العمالة لصنع منتجاتها.

وبهذه الإضافة، يرتفع إلى 107 عدد الشركات المحظورة الآن من التصدير إلى الولايات المتحدة، حسبما أعلنت وزارة الأمن الداخلي.

وقالت الممثلة التجارية الأميركية، كاثرين تاي، في بيان: «بإضافة هذه الكيانات، تواصل الإدارة (الأميركية) إظهار التزامها بضمان ألّا تدخل إلى الولايات المتحدة المنتجات المصنوعة بفعل العمل القسري للأويغور أو الأقليات العرقية أو الدينية الأخرى في شينجيانغ».

وفي بيان منفصل، قال أعضاء اللجنة البرلمانية المتخصصة في أنشطة «الحزب الشيوعي الصيني» إنهم «سعداء بهذه الخطوة الإضافية»، عادّين أن الشركات الأميركية «يجب أن تقطع علاقاتها تماماً مع الشركات المرتبطة بالحزب الشيوعي الصيني».

يحظر قانون المنع الذي أقرّه الكونغرس الأميركي في ديسمبر (كانون الأول) 2021، كل واردات المنتجات من شينجيانغ ما لم تتمكّن الشركات في هذه المنطقة من إثبات أن إنتاجها لا ينطوي على عمل قسري.

ويبدو أن المنتجات الصينية ستجد سنوات صعبة من التصدير إلى الأسواق الأميركية، مع تهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية تزيد على 60 في المائة على السلع الصينية جميعها، وهو ما أثار قلق الشركات الصينية وعجَّل بنقل المصانع إلى جنوب شرقي آسيا وأماكن أخرى.

كانت وزارة التجارة الصينية، قد أعلنت يوم الخميس، سلسلة من التدابير السياسية التي تهدف إلى تعزيز التجارة الخارجية للبلاد، بما في ذلك تعزيز الدعم المالي للشركات وتوسيع صادرات المنتجات الزراعية.

وكانت التجارة أحد المجالات النادرة التي أضاءت الاقتصاد الصيني في الآونة الأخيرة، في وقت يعاني فيه الاقتصاد من ضعف الطلب المحلي وتباطؤ قطاع العقارات، مما أثقل كاهل النمو.

وقالت الوزارة، في بيان نشرته على الإنترنت، إن الصين ستشجع المؤسسات المالية على تقديم مزيد من المنتجات المالية؛ لمساعدة الشركات على تحسين إدارة مخاطر العملة، بالإضافة إلى تعزيز التنسيق بين السياسات الاقتصادية الكلية للحفاظ على استقرار اليوان «بشكل معقول».

وأضاف البيان أن الحكومة الصينية ستعمل على توسيع صادرات المنتجات الزراعية، ودعم استيراد المعدات الأساسية ومنتجات الطاقة.

ووفقاً للبيان، فإن الصين سوف «ترشد وتساعد الشركات على الاستجابة بشكل نشط للقيود التجارية غير المبررة التي تفرضها البلدان الأخرى، وتخلق بيئة خارجية مواتية لتعزيز الصادرات».

وأظهر استطلاع أجرته «رويترز»، يوم الخميس، أن الولايات المتحدة قد تفرض تعريفات جمركية تصل إلى 40 في المائة على وارداتها من الصين في بداية العام المقبل، مما قد يؤدي إلى تقليص نمو الاقتصاد الصيني بنسبة تصل إلى 1 نقطة مئوية.