«الفيدرالي» لن يتردد بخفض الفائدة في عام الانتخابات رغم انتقادات ترمب

صندوق النقد الدولي نبّه إلى أن خطر التضخم لم ينتهِ

الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترمب ينظر إلى باول مرشحه لرئاسة «الفيدرالي» وهو يتحدث في البيت الأبيض في نوفمبر 2017 (رويترز)
الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترمب ينظر إلى باول مرشحه لرئاسة «الفيدرالي» وهو يتحدث في البيت الأبيض في نوفمبر 2017 (رويترز)
TT

«الفيدرالي» لن يتردد بخفض الفائدة في عام الانتخابات رغم انتقادات ترمب

الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترمب ينظر إلى باول مرشحه لرئاسة «الفيدرالي» وهو يتحدث في البيت الأبيض في نوفمبر 2017 (رويترز)
الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترمب ينظر إلى باول مرشحه لرئاسة «الفيدرالي» وهو يتحدث في البيت الأبيض في نوفمبر 2017 (رويترز)

أوضح رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول يوم الجمعة أن البنك المركزي الأميركي لن يتردد في التحول إلى خفض أسعار الفائدة في الأسابيع الأخيرة من حملة الانتخابات الرئاسية، وأن حماية سوق العمل هي الآن أولويته القصوى.

وقال باول في خطاب ألقاه في مؤتمر جاكسون هول السنوي لبنك الاحتياطي الفيدرالي في كانساس سيتي: «لقد حان الوقت لتعديل السياسة»، في إشارة قوية إلى أن البنك المركزي سيبدأ في خفض أسعار الفائدة في منتصف سبتمبر (أيلول)؛ أي قبل سبعة أسابيع تقريباً من انتخابات 5 نوفمبر (تشرين الثاني).

جاءت تصريحاته - التي كانت في الأساس إعلاناً عن انتهاء معركة بنك الاحتياطي الفيدرالي مع التضخم، وأن حماية العمالة أصبحت الآن على رأس قائمة مهامه - في صباح اليوم التالي لقبول نائبة الرئيس كامالا هاريس ترشيح الحزب الديمقراطي للرئاسة، وهو التطور الذي عطّل المنافسة التي كانت تميل نحو الرئيس السابق دونالد ترمب، المرشح الجمهوري، وفق «رويترز».

وتؤدي هذه التصريحات إلى خفض أسعار الفائدة لأول مرة في اجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي يومي 17 و18 سبتمبر، وهي الخطوة التي حذر ترمب، الذي كان شديد الانتقاد لباول على الرغم من اختياره لشغل منصب رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، وبعض المشرّعين الجمهوريين، من أنها قد تُرى على أنها جهد حزبي لتحفيز الاقتصاد قبل التصويت.

باول يتجول خارج ندوة جاكسون هول في «جاكسون ليك لودج» (أ.ب)

وقد تحرك باول وزملاؤه من صنّاع السياسات، بما في ذلك آخرون عيّنهم ترمب، مثل محافظ بنك الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر، بثبات في الأسابيع الأربعة الماضية نحو خفض أسعار الفائدة بالإجماع في اجتماع الشهر المقبل، مستشهدين ببيانات اقتصادية أظهرت بشكل متزايد تراجع التضخم مع زيادة المخاطر على سوق العمل.

ولن تكون هذه هي المرة الأولى التي يبدأ فيها بنك الاحتياطي الفيدرالي دورة خفض أسعار الفائدة في عام انتخابي. وقد تزامنت التحولات السياسية السابقة في عام الانتخابات مع كل من الانتصارات والخسائر لشاغلي المناصب والمنافسين. ولكن خفض أسعار الفائدة في 18 سبتمبر سيكون - عند نحو سبعة أسابيع - ثاني أقرب تغيير في السياسة يحدث قبل التصويت الرئاسي منذ عام 1976 على الأقل.

في ذلك الوقت، شرع رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، آرثر بيرنز، في دورة تخفيف قصيرة بدأت قبل أربعة أسابيع فقط من الانتخابات التي شهدت سباقاً بين الرئيس الجمهوري جيرالد فورد ومنافسه الديمقراطي جيمي كارتر. وخسر فورد.

«نفعل كل ما في وسعنا»

كلّف الكونغرس بنك الاحتياطي الفيدرالي بالحفاظ على أعلى مستوى من التوظيف بما يتفق مع التضخم المستقر. ومع ارتفاع معدل البطالة بنحو نقطة مئوية - من 3.4 في المائة إلى 4.3 في المائة - على مدار العام الماضي، قال باول إن بنك الاحتياطي الفيدرالي رأى ما يكفي.

وأوضح باول في خطابه في نزل في حديقة «غراند تيتون» الوطنية في وايومنغ: «نحن لا نسعى ولا نرحب بمزيد من التهدئة في ظروف سوق العمل»، مجيباً عن سؤال ظل مفتوحاً حتى الآن: إلى أي مدى قد يتسامح بنك الاحتياطي الفيدرالي مع ضعف الوظائف، أو يشعر أنه مطلوب لانتزاع آخر جزء من التضخم من الاقتصاد؟ الإجابة هي لا شيء؛ إذ يبلغ مقياس التضخم الذي يستخدمه بنك الاحتياطي الفيدرالي لهدفه البالغ 2 في المائة حالياً 2.5 في المائة، ويبدو أنه في طريقه إلى الانخفاض.

مع تخفيف ضغوط الأسعار وبدء العديد من تدابير التوظيف في الضعف، قال باول إن البنك المركزي سيفعل الآن «كل ما في وسعنا لدعم سوق العمل القوية»، وهو التعليق الذي قال بعض المحللين إنه فتح الباب أمام خفض أولي بمقدار نصف نقطة مئوية بدلاً من الزيادات التقليدية بمقدار ربع نقطة مئوية.

كان هذا تحولاً كبيراً في نبرة تعليقات باول مع ارتفاع التضخم في عامَي 2021 و2022. بدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي في رفع سعر الفائدة القياسي في مارس (آذار) 2022 إلى ما سيكون أعلى مستوى في ربع قرن، وفي منتدى جاكسون هول قبل عامين حذر من أن العمال والأسر سيشعرون بـ«ألم» في شكل ارتفاع معدلات البطالة وارتفاع تكاليف الائتمان.

من المؤكد أن الائتمان أصبح أكثر تكلفة. ارتفع متوسط ​​سعر الفائدة على قرض عقاري ثابت لمدة 30 عاماً من أقل من 3 في المائة في صيف عام 2021، قبل بدء رفع الأسعار، إلى ما يقرب من 8 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بعد أن وصل سعر الفائدة لبنك الاحتياطي الفيدرالي إلى هضبته في نطاق 5.25 في المائة -5.50 في المائة في يوليو (تموز) 2023. لكن آلام سوق العمل لم تتحقق حقاً. ظلّ معدل البطالة، الذي بلغ في المتوسط ​​5.7 في المائة منذ أواخر الأربعينات، أقل من 4 في المائة من فبراير (شباط) 2022 - عشية رفع أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي - حتى مايو (أيار) الماضي. استمرت الأجور في الارتفاع.

حتى المستوى الحالي البالغ 4.3 في المائة هو ما يشعر البنك المركزي أنه متسق مع هدف التضخم البالغ 2 في المائة لبنك الاحتياطي الفيدرالي على المدى الطويل. ولكن هذا الرقم أعلى مما ورثه باول عندما أصبح رئيساً لبنك الاحتياطي الفيدرالي في عام 2018، وهي الظروف التي قال إنه يريد استعادتها عندما طردت جائحة «كوفيد-19» أكثر من 20 مليون شخص من العمل في ربيع عام 2020، ودفعت معدل البطالة إلى 14.8 في المائة.

إن الارتفاع الكبير عن المستوى الحالي للبطالة قد يضعف إرث باول كرئيس لبنك الاحتياطي الفيدرالي أعاد توجيه السياسة النقدية لوضع المزيد من الثقل على تفويض البنك المركزي للتوظيف على اعتقاد أن معدلات البطالة المنخفضة والتضخم المستقر يمكن أن يتعايشا.

ويقول باول إنه لا يزال متفائلاً، وأضاف: «مع التراجع المناسب عن ضبط السياسة النقدية، هناك سبب وجيه للاعتقاد بأن الاقتصاد سيعود إلى معدل تضخم 2 في المائة مع الحفاظ على سوق عمل قوية».

ومع أن سعر الفائدة القياسي الذي يحدده بنك الاحتياطي الفيدرالي يشكل رياحاً معاكسة للاقتصاد، وربما أعلى بكثير من «السعر المحايد» الذي لا يقيد ولا يحفز النمو الاقتصادي - وأبعد حتى عن مستوى «الانطلاق» القريب من الصِّفر في عام 2022 - فإن «المستوى الحالي لسعر الفائدة لدينا يمنحنا مجالاً واسعاً للاستجابة».

باول ومحافظا بنك كندا تيف ماكليم وبنك إنجلترا أندرو بيلي يأخذون استراحة خارج قاعة مؤتمر جاكسون هول (رويترز)

صندوق النقد

هذا، وقال المستشار الاقتصادي لصندوق النقد الدولي بيير أوليفييه غورينشاس، إن التخفيضات الوشيكة في أسعار الفائدة التي يخطط لها الاحتياطي الفيدرالي «تتماشى» مع نصيحة الصندوق التي وضعت قيمة عالية على ضمان السيطرة على التضخم، لكنه يرى الآن أن المخاطر تتحول نحو سوق العمل.

وقال غورينشاس في كانساس سيتي: «ما أعلنه (رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم) باول يتماشى إلى حد كبير مع ما دافعنا عنه. لقد تحسن التضخم وأظهرت أسواق العمل علامات على التباطؤ... إذا لم تعد أسواق العمل تساهم في ضغوط التضخم... فقد تخفف قليلاً من الطلب الكلي البارد وتعيد (سعر الفائدة الأساسي) إلى الحياد».

وأضاف أن الولايات المتحدة لا ينبغي أن تكون «راضية» عن اختفاء التضخم، مشيراً إلى أن أسعار قطاع الخدمات لا تزال ترتفع، وأن بنك الاحتياطي الفيدرالي سوف يضطر إلى معايرة وتيرة ومدى تخفيضات أسعار الفائدة مع البيانات الاقتصادية الواردة. وقال: «لا يزال هناك بعض المخاطر الصاعدة للتضخم».

ومع ذلك، قال غورينشاس إنه من الواضح أيضاً أن سوق العمل الأميركية كانت تبرد، وإن كان ذلك من موقف قوة ونمو اقتصادي مستمر.


مقالات ذات صلة

«المركزي» التركي يمدد تعليق أسعار الفائدة للشهر الثامن

الاقتصاد المصرف المركزي التركي (رويترز)

«المركزي» التركي يمدد تعليق أسعار الفائدة للشهر الثامن

مدَّد البنك المركزي التركي تعليق أسعار الفائدة للشهر الثامن على التوالي، إذ قرر إبقاء سعر إعادة الشراء لمدة أسبوع دون تغيير عند 50 في المائة.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
الاقتصاد سبائك من الذهب النقي بمصنع «نوفوسيبيرسك» لصياغة وتصنيع المعادن الثمينة في روسيا (الشرق الأوسط)

الذهب يبلغ أعلى مستوى في أسبوع مع تراجع الدولار

ارتفعت أسعار الذهب لأعلى مستوى في أسبوع بدعم من تراجع الدولار، بينما تنتظر السوق تعليقات من مسؤولي مجلس الاحتياطي الفيدرالي حول الفائدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد جزء من احتياطي الذهب في مجمع بنك البرتغال المحصّن في كاريغادو (رويترز)

بعد انخفاضاته الحادة الأسبوع الماضي... الذهب يعاود ارتفاعه

ارتفعت أسعار الذهب اليوم الاثنين بعد التراجع الحاد الذي شهدته الأسبوع الماضي، لكن التوقعات بشأن تخفيضات أقل لأسعار الفائدة الأميركية حدّت من هذا التعافي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد المستهلكون يتسوقون في أحد مراكز التسوق في لوس أنجليس (أ.ف.ب)

التضخم الأميركي يرتفع كما هو متوقع في أكتوبر

ارتفع مؤشر أسعار المستهلك الأميركي (التضخم) بنسبة 2.6 في المائة عن العام السابق في أكتوبر، وهو ارتفاع طفيف عن الزيادة السنوية في الأسعار في سبتمبر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد باول في مؤتمره الصحافي بعد قرار لجنة السياسة النقدية (أ.ف.ب)

باول بعد قرار خفض الفائدة: جاهزون للتعامل مع المخاطر

قال رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إن التضخم الأساسي لا يزال مرتفعا نوعاً ما، موضحاً أن «سوق العمل ليست مصدراً للضغوط التضخمية».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

مصر: أعمال البحث عن الغاز الطبيعي بالبحر المتوسط «مبشرة للغاية»

وزير البترول المصري كريم بدوي خلال حديثه في مؤتمر مؤسسة «إيجيبت أويل آند غاز» (وزارة البترول المصرية)
وزير البترول المصري كريم بدوي خلال حديثه في مؤتمر مؤسسة «إيجيبت أويل آند غاز» (وزارة البترول المصرية)
TT

مصر: أعمال البحث عن الغاز الطبيعي بالبحر المتوسط «مبشرة للغاية»

وزير البترول المصري كريم بدوي خلال حديثه في مؤتمر مؤسسة «إيجيبت أويل آند غاز» (وزارة البترول المصرية)
وزير البترول المصري كريم بدوي خلال حديثه في مؤتمر مؤسسة «إيجيبت أويل آند غاز» (وزارة البترول المصرية)

قال وزير البترول المصري، كريم بدوي، إن أعمال البحث والاستكشاف للغاز الطبيعي في البحر المتوسط مع الشركات العالمية «مبشرة للغاية»، وإنه تابع ميدانياً أعمال حفر البئر الاستكشافية الجديدة (خنجر) لشركة شيفرون العالمية.

وأكد الوزير خلال المؤتمر السنوي العاشر لمؤسسة «إيجيبت أويل آند غاز»، الأحد، على أهمية «الجهود الجارية مع شركاء الاستثمار في قطاع النفط والغاز للعمل على ضخ المزيد من الاستثمارات لزيادة الإنتاج من البترول والغاز والكشف عن المزيد من الموارد البترولية بطرق اقتصادية وأقل تكلفة، ومستدامة بيئياً، مع اتباع قواعد الحفاظ على السلام».

وأشار إلى أن «العمل مستمر على تنفيذ أولويات العمل البترولي التي تشمل توفير احتياجات المواطنين من المنتجات البترولية والغاز، من خلال التركيز على تعظيم البحث والاستكشاف والإنتاج وكفاءة إدارة الخزانات، والاستفادة الكاملة من البنية التحتية لتكرير البترول وإنتاج البتروكيماويات، واستخدامها بأفضل وسيلة لتحقيق قيمة مضافة وأقصى عائد من موارد البترول والغاز، فضلاً عن استغلال الإمكانيات والخبرات في تطوير قطاع التعدين المصري ورفع مساهمته في الناتج القومي من واحد في المائة حالياً إلى ما يتراوح بين 5 و6 في المائة في السنوات المقبلة».

وأكد بدوي على أن جذب رؤوس الأموال للاستثمار في قطاع النفط والغاز، «من أهم الأولويات التي تعمل عليها الوزارة، والتي أطلقت مبادرة في هذا الصدد في نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي حققت نتائج إيجابية بجذب استثمارات مصرية للقطاع الخاص في مجال الاستكشاف والإنتاج».

وشدد في هذا الصدد، على أهمية التعاون الإقليمي لتحويل الطموحات إلى حقيقة ودعم دور مصر بصفتها مركزاً إقليمياً للطاقة، وهو ما «تدعم تحقيقه البنية التحتية في مصر والتعاون مع قبرص وشركائنا من الشركات العالمية لاستغلال الاكتشافات الحالية والمستقبلية للغاز في قبرص بواسطة البنية التحتية المصرية، لاستغلال الغاز لإعادة التصدير أو كقيمة مضافة للسوق المحلية».

وأضاف الوزير: «نعمل مثل فريق واحد مع وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة على تشكيل مزيج الطاقة الأمثل لمصر»، لافتاً إلى «التزام الحكومة بهدف زيادة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة إلى 42 في المائة بحلول عام 2030، مما يتيح الاستفادة من موارد الوقود التقليدي التي تتوفر في التصدير أو صناعات القيمة المضافة».