المخاوف الاقتصادية المتفاقمة تقلق «وول ستريت» حول مصير الفائدة

بيانات سوق العمل المتدهورة تهدد بجعل الاقتصاد الأميركي عرضة للركود

ردة فعل أحد المتداولين في بورصة نيويورك بعد انخفاض الأسهم عقب تقرير الوظائف (أ.ب)
ردة فعل أحد المتداولين في بورصة نيويورك بعد انخفاض الأسهم عقب تقرير الوظائف (أ.ب)
TT

المخاوف الاقتصادية المتفاقمة تقلق «وول ستريت» حول مصير الفائدة

ردة فعل أحد المتداولين في بورصة نيويورك بعد انخفاض الأسهم عقب تقرير الوظائف (أ.ب)
ردة فعل أحد المتداولين في بورصة نيويورك بعد انخفاض الأسهم عقب تقرير الوظائف (أ.ب)

تثير المخاوف الاقتصادية قلقاً في «وول ستريت»، مع تنامي المخاوف من أن مصرف الاحتياطي الفيدرالي ربما أبقى أسعار الفائدة مرتفعة لفترة طويلة للغاية، مما سمح له بالإضرار بالنمو في الولايات المتحدة.

وقد أدت البيانات الاقتصادية المثيرة للقلق في الأيام الأخيرة إلى تعميق هذه المخاوف، وفق «رويترز». إذ أظهر تقرير صدر، الجمعة، أن نمو الوظائف في الولايات المتحدة تباطأ أكثر من المتوقع في يوليو (تموز)، في حين ارتفع معدل البطالة إلى 4.3 في المائة، مما زاد من المخاوف من أن سوق العمل المتدهورة قد تجعل الاقتصاد عرضة للركود.

كما أدى تقرير الوظائف إلى تفاقم عمليات البيع في الأسهم التي بدأت يوم الخميس، عندما دفعت البيانات التي أظهرت ضعف سوق العمل وقطاع التصنيع، المستثمرين إلى التخلص من كل شيء من أسهم الرقائق إلى الصناعات.

وقال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في ريتشموند توماس باركين إنه غير مستعد لتغيير توقعاته بشأن السياسة النقدية بعد صدور بيانات الوظائف الأميركية الضعيفة بشكل غير متوقع، حتى مع تحول «وول ستريت» نحو توقعات بخفض أسعار الفائدة بقوة.

رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في ريتشموند توماس باركين (موقع الاحتياطي الفيدرالي)

وقال باركين في نص مقابلة تلفزيونية مع مجلة «كارولاينا بيزنس ريفيو»: «كان نمو الوظائف أضعف مما توقعه أغلب خبراء التنبؤ المحترفين». ولكن حتى مع التحول الأضعف في بيانات التوظيف في يوليو «لا أحاول الحكم مسبقاً على الاجتماعات»، متجاهلاً تقديم إرشادات بشأن خفض أسعار الفائدة.

أسهم التكنولوجيا

وتراجعت أسهم التكنولوجيا ذات القيمة العالية بشكل أكبر يوم الجمعة، مما أدى إلى تمديد الخسائر في مؤشر «ناسداك» المركب إلى أكثر من 10 في المائة من أعلى مستوى إغلاق قياسي بلغه في يوليو. وانخفض مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» القياسي بنسبة 5.7 في المائة من ذروته في يوليو.

متداول يراقب تحركات الأسهم في بورصة نيويورك بعد صدور تقرير الوظائف يوم الجمعة (رويترز)

وقال واصف لطيف، رئيس ومدير الاستثمار في شركة سارمايا بارتنرز: «هذا هو شكل الخوف من النمو. لقد أدركت السوق الآن أن الاقتصاد يتباطأ بالفعل».

لعدة أشهر، كان المستثمرون يشعرون بالارتياح بسبب تباطؤ التضخم وتباطؤ التوظيف تدريجياً، معتقدين أن ذلك يعزز من حجة الاحتياطي الفيدرالي لبدء خفض أسعار الفائدة. وأدى هذا التفاؤل إلى تحقيق مكاسب كبيرة في الأسهم: حيث ظل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» مرتفعاً بنسبة 12 في المائة هذا العام، على الرغم من الخسائر الأخيرة، كما حقق مؤشر ناسداك مكاسب بلغت نحو 12 في المائة. والآن، بعد أن أصبح خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) في الأفق بعد اجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي هذا الأسبوع، يشعر المستثمرون بالقلق من أن تكاليف الاقتراض المرتفعة ربما تضر بالفعل بالنمو الاقتصادي.

مبنى الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)

وتضيف نتائج أرباح الشركات، التي شهدت خيبات أمل من شركات مثل «أمازون» و«ألفابت» و«إنتل»، إلى مخاوفهم. وقال جيمس سانت أوبين، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة «أوشن بارك» لإدارة الأصول: «نحن نشهد تداعيات لعنة التوقعات العالية. لقد تم استثمار الكثير حول سيناريو الهبوط الناعم، لدرجة أن أي شيء يوحي بشيء مختلف أصبح صعباً».

أرباح الأسبوع

يجلب الأسبوع المقبل أرباحاً من شركة «كاتربيلر» الرائدة في الصناعة وشركة الإعلام والترفيه العملاقة «والت ديزني»، والتي ستعطي المزيد من الوضوح في صحة المستهلك والتصنيع، بالإضافة إلى تقارير من شركات الرعاية الصحية الثقيلة مثل شركة الأدوية لإنقاص الوزن «إيلي ليلي».

أسواق العقود الآجلة

وقد أشارت الرهانات في أسواق العقود الآجلة يوم الجمعة إلى قلق متزايد بشأن الاقتصاد. وعكست العقود الآجلة لصندوق الاحتياطي الفيدرالي تسعير المتداولين لفرصة تزيد على 70 في المائة لخفض 50 نقطة أساس في اجتماع البنك المركزي في سبتمبر، مقارنة بـ22 في المائة في اليوم السابق، وفقاً لـ«فيد ووتش». وحددت العقود الآجلة ما مجموعه 116 نقطة أساس لخفض أسعار الفائدة في عام 2024، مقارنة بأكثر من 60 نقطة أساس تم تسعيرها يوم الأربعاءء

تظهر لوحة فوق قاعة التداول رقم إغلاق مؤشر «داو جونز» الصناعي في بورصة نيويورك (أ.ب)

كذلك، أظهرت الأسواق الأوسع أيضاً علامات على القلق؛ إذ سجل مؤشر Cboe Volatility - المعروف باسم مقياس الخوف في «وول ستريت» - أعلى مستوى له منذ مارس (آذار) 2023، يوم الجمعة، مع ارتفاع الطلب على حماية الخيارات ضد عمليات بيع سوق الأسهم.

وفي الوقت نفسه، اندفع المستثمرون إلى سندات الملاذ الآمن وغيرها من المجالات الدفاعية في السوق. وانخفضت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل عشر سنوات - والتي تتحرك عكسياً مع أسعار السندات - يوم الجمعة إلى 3.79 في المائة، وهو أدنى مستوى منذ ديسمبر (كانون الأول). كما تجتذب القطاعات التي تحظى بشعبية كبيرة خلال أوقات عدم اليقين الاقتصادي، المستثمرين.

من المؤكد أن بعض المستثمرين قالوا إن البيانات قد تكون مجرد سبب لجني الأرباح بعد الأداء القوي للسوق بشكل عام في 2024. وقال مايكل بورفيس، الرئيس التنفيذي لشركة «تالباكن كابيتال أدفايزرز»: «هذا عذر جيد للمستثمرين للبيع بعد ارتفاع كبير منذ بداية العام... يجب أن يكون المستثمرون مستعدين لبعض التقلبات الكبرى، وخاصة في أسهم التكنولوجيا الكبرى. لكنها ربما تكون قصيرة الأجل».


مقالات ذات صلة

«المركزي» التركي يمدد تعليق أسعار الفائدة للشهر الثامن

الاقتصاد المصرف المركزي التركي (رويترز)

«المركزي» التركي يمدد تعليق أسعار الفائدة للشهر الثامن

مدَّد البنك المركزي التركي تعليق أسعار الفائدة للشهر الثامن على التوالي، إذ قرر إبقاء سعر إعادة الشراء لمدة أسبوع دون تغيير عند 50 في المائة.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
الاقتصاد سبائك من الذهب النقي بمصنع «نوفوسيبيرسك» لصياغة وتصنيع المعادن الثمينة في روسيا (الشرق الأوسط)

الذهب يبلغ أعلى مستوى في أسبوع مع تراجع الدولار

ارتفعت أسعار الذهب لأعلى مستوى في أسبوع بدعم من تراجع الدولار، بينما تنتظر السوق تعليقات من مسؤولي مجلس الاحتياطي الفيدرالي حول الفائدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد جزء من احتياطي الذهب في مجمع بنك البرتغال المحصّن في كاريغادو (رويترز)

بعد انخفاضاته الحادة الأسبوع الماضي... الذهب يعاود ارتفاعه

ارتفعت أسعار الذهب اليوم الاثنين بعد التراجع الحاد الذي شهدته الأسبوع الماضي، لكن التوقعات بشأن تخفيضات أقل لأسعار الفائدة الأميركية حدّت من هذا التعافي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد المستهلكون يتسوقون في أحد مراكز التسوق في لوس أنجليس (أ.ف.ب)

التضخم الأميركي يرتفع كما هو متوقع في أكتوبر

ارتفع مؤشر أسعار المستهلك الأميركي (التضخم) بنسبة 2.6 في المائة عن العام السابق في أكتوبر، وهو ارتفاع طفيف عن الزيادة السنوية في الأسعار في سبتمبر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد باول في مؤتمره الصحافي بعد قرار لجنة السياسة النقدية (أ.ف.ب)

باول بعد قرار خفض الفائدة: جاهزون للتعامل مع المخاطر

قال رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إن التضخم الأساسي لا يزال مرتفعا نوعاً ما، موضحاً أن «سوق العمل ليست مصدراً للضغوط التضخمية».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ارتفاع مؤشر نشاط الأعمال الأميركي لأعلى مستوى خلال 31 شهراً

يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)
يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)
TT

ارتفاع مؤشر نشاط الأعمال الأميركي لأعلى مستوى خلال 31 شهراً

يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)
يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)

ارتفع مؤشر نشاط الأعمال في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوى خلال 31 شهراً في نوفمبر (تشرين الثاني)، مدعوماً بالتوقعات بانخفاض أسعار الفائدة وتطبيق سياسات أكثر ملاءمة للأعمال من إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب في العام المقبل.

وقالت «ستاندرد آند بورز غلوبال»، يوم الجمعة، إن القراءة الأولية لمؤشر مديري المشتريات المركب في الولايات المتحدة، الذي يتتبع قطاعي التصنيع والخدمات، ارتفعت إلى 55.3 هذا الشهر. وكان هذا أعلى مستوى منذ أبريل (نيسان) 2022، مقارنة بـ54.1 نقطة في أكتوبر (تشرين الأول)، وفق «رويترز».

ويشير الرقم الذي يتجاوز 50 إلى التوسع في القطاع الخاص. ويعني هذا الرقم أن النمو الاقتصادي ربما تسارع في الربع الرابع. ومع ذلك، تشير البيانات الاقتصادية «الصعبة» مثل مبيعات التجزئة إلى أن الاقتصاد حافظ على وتيرة نمو قوية هذا الربع، مع استمرار ضعف في قطاع الإسكان وتصنيع ضعيف.

ونما الاقتصاد بمعدل نمو سنوي قدره 2.8 في المائة في الربع من يوليو (تموز) إلى سبتمبر (أيلول). ويقدّر الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا حالياً أن الناتج المحلي الإجمالي للربع الرابع سيرتفع بمعدل 2.6 في المائة.

وقال كبير خبراء الاقتصاد في شركة «ستاندرد آند بورز غلوبال ماركت إنتليجنس»، كريس ويليامسون: «يشير مؤشر مديري المشتريات الأولي إلى تسارع النمو الاقتصادي في الربع الرابع. وقد أدت التوقعات بانخفاض أسعار الفائدة والإدارة الأكثر ملاءمة للأعمال إلى تعزيز التفاؤل، مما ساعد على دفع الإنتاج وتدفقات الطلبات إلى الارتفاع في نوفمبر».

وكان قطاع الخدمات مسؤولاً عن معظم الارتفاع في مؤشر مديري المشتريات، على الرغم من توقف التراجع في قطاع التصنيع.

وارتفع مقياس المسح للطلبات الجديدة التي تلقتها الشركات الخاصة إلى 54.9 نقطة من 52.8 نقطة في أكتوبر. كما تباطأت زيادات الأسعار بشكل أكبر، إذ انخفض مقياس متوسط ​​الأسعار التي تدفعها الشركات مقابل مستلزمات الإنتاج إلى 56.7 من 58.2 في الشهر الماضي.

كما أن الشركات لم تدفع لزيادة الأسعار بشكل كبير في ظل ازدياد مقاومة المستهلكين.

وانخفض مقياس الأسعار التي فرضتها الشركات على سلعها وخدماتها إلى 50.8، وهو أدنى مستوى منذ مايو (أيار) 2020، من 52.1 في أكتوبر.

ويعطي هذا الأمل في أن يستأنف التضخم اتجاهه التنازلي بعد تعثر التقدم في الأشهر الأخيرة، وهو ما قد يسمح لمجلس الاحتياطي الفيدرالي بمواصلة خفض أسعار الفائدة. وبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي دورة تخفيف السياسة النقدية في سبتمبر (أيلول) بخفض غير عادي بلغ نصف نقطة مئوية في أسعار الفائدة.

وأجرى بنك الاحتياطي الفيدرالي خفضاً آخر بمقدار 25 نقطة أساس هذا الشهر، وخفض سعر الفائدة الرئيسي إلى نطاق يتراوح بين 4.50 و4.75 في المائة.

ومع ذلك، أظهرت الشركات تردداً في زيادة قوى العمل رغم أنها الأكثر تفاؤلاً في سنتين ونصف السنة.

وظل مقياس التوظيف في المسح دون تغيير تقريباً عند 49. وواصل التوظيف في قطاع الخدمات التراجع، لكن قطاع التصنيع تعافى.

وارتفع مؤشر مديري المشتريات التصنيعي السريع إلى 48.8 من 48.5 في الشهر السابق. وجاءت النتائج متوافقة مع توقعات الاقتصاديين. وارتفع مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات إلى 57 نقطة، وهو أعلى مستوى منذ مارس (آذار) 2022، مقارنة بـ55 نقطة في أكتوبر، وهذا يفوق بكثير توقعات الاقتصاديين التي كانت تشير إلى قراءة تبلغ 55.2.