سريلانكا تقترب من نهاية إعادة هيكلة الديون

الهند والصين في صراع على النفوذ في البلاد

وزير خارجية سريلانكا علي صبري يتحدث في مؤتمر «رويترز نيكست» في سنغافورة (رويترز)
وزير خارجية سريلانكا علي صبري يتحدث في مؤتمر «رويترز نيكست» في سنغافورة (رويترز)
TT

سريلانكا تقترب من نهاية إعادة هيكلة الديون

وزير خارجية سريلانكا علي صبري يتحدث في مؤتمر «رويترز نيكست» في سنغافورة (رويترز)
وزير خارجية سريلانكا علي صبري يتحدث في مؤتمر «رويترز نيكست» في سنغافورة (رويترز)

قال وزير الخارجية السريلانكي علي صبري، الثلاثاء، إن بلاده ستختتم محادثات مع حملة سندات دولية بشأن عملية إعادة الهيكلة الخاصة بها في غضون أسابيع قليلة، وهي خطوة رئيسية تمكّن الدولة من الخروج من أسوأ أزمة مالية مرت بها منذ عقود.

وأضاف صبري أن سريلانكا ستسعى أيضاً إلى تحقيق التوازن في علاقاتها مع جارتيها العملاقتين الهند والصين، لضمان عدم وجود اختلاف في التعامل معهما؛ إذ إن العملاقتين الآسيويتين المتنافستين هما من الدائنين والمستثمرين الرئيسيين، ولكنهما تتنافسان أيضاً على النفوذ الجيوسياسي في الدولة الصغيرة الواقعة في المحيط الهندي.

وقال صبري، في مقابلة خلال مؤتمر «رويترز نيكست» في سنغافورة، عندما سُئل عن توقيت انتهاء جهود إعادة هيكلة السندات مع الدائنين: «آمل أن يكون ذلك في غضون أسبوعين».

وأضاف: «بحلول نهاية هذا الشهر، رسمياً، لقد انتهينا من عملية إعادة الهيكلة، ثم بالطبع وفقاً لذلك، نحتاج إلى بدء السداد».

وتوصلت سريلانكا إلى اتفاق مؤقت مع بعض حملة سنداتها للمضي قدماً في إعادة هيكلة نحو 12.5 مليار دولار من السندات الدولية خلال الأسبوع الماضي، لكنها تحتاج الآن إلى موافقة باقي الدائنين من القطاع الخاص وصندوق النقد الدولي.

وتوصلت الدولة، التي لديها ديون خارجية بقيمة 37 مليار دولار، إلى اتفاق مع دائنيها الرسميين، بما في ذلك اليابان والصين والهند في أواخر يونيو (حزيران) لإعادة هيكلة ديون بقيمة 10 مليارات دولار.

ومن المتوقع أن توفر إعادة النظر في الديون لسريلانكا 8 مليارات دولار من عمليات الشطب وتأخير سداد رأس المال لمدة أربع سنوات على الأقل.

وقال صبري إن سريلانكا ستستغل هذه الفرصة لإعادة تشغيل نحو اثني عشر مشروعاً للتنمية متوقفة بتمويل أجنبي وتعزيز النمو الاقتصادي.

وقال صندوق النقد، في آخر مراجعة له، إن سريلانكا تحتاج إلى مواصلة الإصلاحات، بما في ذلك فرض ضريبة الأملاك وإصلاح شركات الدولة المتعثرة وتحسين احتياطيات الدولار؛ لوضع اقتصادها على المسار الصحيح تماماً.

ويعتمد اقتصاد سريلانكا، الذي يبلغ عدد سكانه 22 مليون نسمة، بصورة كبيرة على السياح الأجانب والاستثمارات الأجنبية، في حين يجعلها موقعها الاستراتيجي على طريق رئيسي للشحن البحري من الشرق إلى الغرب بالقرب من الطرف الجنوبي للهند لاعباً سياسياً رئيسياً.

وتتنافس الهند، التي تربطها علاقات ثقافية قوية مع سريلانكا، والصين على النفوذ في كولومبو لسنوات، وغالباً ما كانت سريلانكا عالقة في صراعاتهما.

وقال صبري إن الهند تُعد أيضاً أمراً بالغ الأهمية بالنسبة إلى سريلانكا في قطاعات السياحة وتطوير الموانئ والطاقة المتجددة؛ إذ تخطط الدولتان لربط شبكات الكهرباء الخاصة بهما في نهاية المطاف.

وأضاف صبري أن التقارب مع ولايات جنوب الهند مثل تاميل نادو سيوفر «كثيراً من التآزر» بين البلدين، ما سيساعد اقتصاد سريلانكا على النمو بشكل أسرع.

واعترضت نيودلهي في السنوات الأخيرة على رسو سفن الأبحاث الصينية في موانئ سريلانكا، قائلة إنها قلقة بشأن قدرات نيات مثل هذه البعثات بالقرب من أراضيها؛ ما تسبّب في تعليق كولومبو سفن الأبحاث الأجنبية التي ترسو هذا العام.

وقال صبري إن كولومبو قررت الآن التعامل مع الهند والصين ودول أخرى، مع التأكيد لشركائها أنها «لن تسمح بأي شيء يهدد بشكل مشروع» أمن جار لها.

وقال: «لن يكون لدينا نظام ينطبق على الجميع باستثناء الصين... ستكون كل هذه الأنظمة عالمية... بصفتنا لاعباً محايداً، يجب أن نفعل ذلك».

ومن المقرر أن تجري سريلانكا انتخابات رئاسية قبل منتصف أكتوبر (تشرين الأول)، التي قال صبري إنها تتطور إلى سباق بين الرئيس الحالي رانيل ويكرمسينغه واثنين من السياسيين المعارضين، مع كون الاقتصاد هو ساحة المعركة الرئيسية.

ومن المتوقع أن تنمو سريلانكا بنسبة 3 في المائة هذا العام للمرة الأولى منذ أزمتها المالية في عام 2022 عندما سقط الاقتصاد في حالة سقوط حر، بسبب النقص الحاد في الدولارات الذي أجبرها على التخلف عن سداد ديونها الخارجية.


مقالات ذات صلة

فرنسا تقترح يوم عمل مجانياً سنوياً لتمويل الموازنة المثقلة بالديون

الاقتصاد عامل في مصنع «رافو» الذي يزوِّد وزارة الدفاع الفرنسية وشركات الطيران المدني الكبرى بالمعدات (رويترز)

فرنسا تقترح يوم عمل مجانياً سنوياً لتمويل الموازنة المثقلة بالديون

تواجه موازنة فرنسا الوطنية أزمة خانقة دفعت المشرعين إلى اقتراح قانون يُلزم الفرنسيين العمل 7 ساعات إضافية كل عام دون أجر، وهي ما تعادل يوم عمل كاملاً.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد  مئذنة مسجد قيد الإنشاء في القاهرة (رويترز)

بعثة صندوق النقد الدولي تختتم زيارتها إلى مصر لإجراء المراجعة الرابعة لبرنامج القرض

اختتمت بعثة صندوق النقد الدولي زيارتها إلى مصر وأحرزت تقدماً كبيراً في المناقشات المتعلقة بالسياسات نحو استكمال المراجعة الرابعة لبرنامج القرض، وفق الصندوق.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد رئيس سريلانكا أنورا كومارا ديساناياكي مغادراً بعد حفل افتتاح البرلمان العاشر للبلاد في البرلمان الوطني بكولومبو (أ.ف.ب)

سريلانكا تتوقّع اتفاقاً على مستوى موظفي صندوق النقد الدولي الجمعة

قال الرئيس السريلانكي أنورا كومارا ديساناياكي، أمام البرلمان الجديد، إن بلاده تتوقّع أن يعلن صندوق النقد الدولي يوم الجمعة، اتفاقاً بشأن برنامج إنقاذ البلاد.

«الشرق الأوسط» (كولومبو)
الاقتصاد شعار «أرامكو» في معرض في باريس (رويترز)

«بلومبرغ»: «أرامكو» تتجه لزيادة الديون والتركيز على نمو توزيعات الأرباح

تخطط شركة أرامكو السعودية لزيادة مستوى ديونها مع التركيز على تحقيق «القيمة والنمو» في توزيعات الأرباح، وفقاً لما ذكره المدير المالي للشركة زياد المرشد.

«الشرق الأوسط» (بوسطن)
الاقتصاد سيدة تتسوق في إحدى أسواق القاهرة (رويترز)

«المركزي المصري» يجتمع الخميس والتضخم أمامه وخفض الفائدة الأميركية خلفه

بينما خفض الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة للمرة الثانية على التوالي يدخل البنك المركزي المصري اجتماعه قبل الأخير في العام الحالي والأنظار تتجه نحو التضخم

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

عضو في «المركزي الأوروبي»: المصرف سيراقب من كثب خطر عدم بلوغ هدف التضخم

أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
TT

عضو في «المركزي الأوروبي»: المصرف سيراقب من كثب خطر عدم بلوغ هدف التضخم

أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

قال رئيس البنك المركزي الفرنسي، فرنسوا فيليروي دي غالهاو يوم الجمعة، إن «المركزي الأوروبي» لم يتأخر في خفض أسعار الفائدة، لكنه يحتاج إلى مراقبة خطر عدم تحقيق هدفه للتضخم من كثب، وهو ما قد يؤدي إلى تثبيط النمو بشكل غير ضروري.

وخفّض البنك المركزي الأوروبي معدلات الفائدة ثلاث مرات هذا العام بالفعل، ويتوقع المستثمرون مزيداً من التيسير النقدي في كل اجتماع حتى يونيو (حزيران) المقبل، وهو ما قد يؤدي إلى خفض سعر الفائدة على الودائع، الذي يبلغ حالياً 3.25 في المائة، إلى 2 في المائة على الأقل وربما أقل، وفق «رويترز».

ومع ذلك، تدعم البيانات الاقتصادية الضعيفة، كما يتضح من تقرير مسح الأعمال المخيّب للآمال الذي نُشر يوم الجمعة، الرأي القائل إن البنك المركزي الأوروبي قد يحتاج إلى تسريع إجراءات التيسير النقدي، وقد يضطر إلى اتخاذ تدابير إضافية لدعم الاقتصاد.

وقال دي غالهاو في فرنكفورت: «نحن لسنا متأخرين في المسار اليوم. الاقتصاد الأوروبي يسير نحو هبوط ناعم».

واعترف بوجود مخاطر على التوقعات المستقبلية، مشيراً إلى أنه يجب على صانعي السياسات التأكد من أن أسعار الفائدة لا تبقى مرتفعة لمدة طويلة، مما قد يضرّ بالنمو الاقتصادي.

وأضاف قائلاً: «سوف نراقب بعناية توازن المخاطر، بما في ذلك احتمال عدم بلوغ هدف التضخم لدينا، وكذلك تأثير ذلك في الحفاظ على النشاط الاقتصادي بمستويات منخفضة بشكل غير ضروري».

وكانت التوقعات تشير إلى خفض للفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في 12 ديسمبر (كانون الأول) بوصفه أمراً شبه مؤكد، لكن بعد نشر أرقام مؤشر مديري المشتريات الجديدة يوم الجمعة، أصبح هناك احتمال بنسبة 50 في المائة لخيار خفض أكبر يبلغ 50 نقطة أساس، نتيجة لتزايد المخاوف من ركود اقتصادي.

ومع ذلك، يشير صانعو السياسات إلى أن المسوحات الاقتصادية قد تكون قد قدّمت صورة أكثر تشاؤماً عن وضع الاقتصاد مقارنة بالبيانات الفعلية التي كانت أكثر تفاؤلاً.

ورغم التباطؤ في التضخم الذي وصل إلى أدنى مستوى له بنسبة 1.7 في المائة هذا الخريف، فإنه يُتوقع أن يتجاوز 2 في المائة هذا الشهر، مما يجعل من الصعب اتخاذ قرار بخفض أكبر في الفائدة.

ومع ذلك، شدّد دي غالهاو على أن التضخم في طريقه للعودة إلى الهدف المتمثل في 2 في المائة، وأنه من المتوقع أن يتحقّق بشكل مستدام قبل الموعد الذي حدّده البنك المركزي الأوروبي في نهاية 2025.

وقال: «نحن واثقون للغاية بأننا سنصل إلى هدفنا البالغ 2 في المائة بشكل مستدام». وأضاف: «من المرجح أن نحقّق هذا الهدف في وقت أقرب من المتوقع في 2025، مقارنة بتوقعاتنا في سبتمبر (أيلول) الماضي».