الصين تشهد نمواً في الإنفاق وتراجعاً بالإيرادات

أسواق الأسهم تتراجع ترقباً لمؤشرات اقتصادية مهمة

عمال في أحد مصانع الأنسجة بمدينة غوانغزو جنوب الصين (أ.ف.ب)
عمال في أحد مصانع الأنسجة بمدينة غوانغزو جنوب الصين (أ.ف.ب)
TT

الصين تشهد نمواً في الإنفاق وتراجعاً بالإيرادات

عمال في أحد مصانع الأنسجة بمدينة غوانغزو جنوب الصين (أ.ف.ب)
عمال في أحد مصانع الأنسجة بمدينة غوانغزو جنوب الصين (أ.ف.ب)

أعلنت وزارة المالية الصينية، الاثنين، نمو الإنفاق في الميزانية العامة للبلاد خلال أول 5 أشهر من العام الحالي بنسبة 3.4 في المائة سنوياً. ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) عن بيان الوزارة القول، إن إجمالي الإنفاق العام من ميزانية السنة الحالية بلغ خلال الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى مايو (أيار) الماضيين 10.8359 تريليون يوان (نحو 1.25 تريليون دولار).

وأظهر تقرير صادر عن بنك الشعب (المركزي) الصيني، في وقت سابق، نمو اقتصاد البلاد خلال الربع الأول من العام الحالي بنسبة 4.8 في المائة سنوياً. وأشار التقرير إلى تحسُّن الإنفاق الاستهلاكي، وتسارع الاستثمار في التصنيع وزيادة الإنتاج، ما عزّز أداء ثاني أكبر اقتصاد في العالم كله.

واستحوذت قطاعات التعليم والضمان الاجتماعي والتوظيف على نصيب الأسد من إنفاق الميزانية العامة، في حين سجّلت القطاعات المتعلقة بالزراعة والغابات والحفاظ على المياه أسرع وتيرة نمو خلال الفترة المذكورة.

من ناحية أخرى، سجلت الإيرادات المالية للصين تراجعاً بأسرع وتيرة لها منذ أكثر من عام، ما يعزّز التوقعات بتعديل الحكومة الميزانية في منتصف العام لدعم التعافي الاقتصادي.

ونقلت وكالة «بلومبرغ» للأنباء عن بيانات وزارة المالية الصينية القول، إن إجمالي الإيرادات المالية التي تشمل الميزانية العامة وصناديق الميزانية الحكومية تراجع خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي بنسبة 4.1 في المائة سنوياً إلى 11.36 تريليون يوان (1.6 تريليون دولار)، وهو أكبر تراجع له منذ فبراير (شباط) 2023.

وتظهر البيانات انخفاض إيرادات الميزانية العامة للصين بنسبة 2.8 في المائة على أساس سنوي، لتصل إلى 9.69 تريليون يوان في الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري، وذلك في ظل الضغوط التي يتعرّض لها دخل الحكومة، إثر تباطؤ النمو الاقتصادي، وبالتالي انخفاض الحصيلة الضريبية. وأضافت الوزارة أن إجمالي الإيرادات الضريبية بلغ نحو 8 تريليونات يوان خلال الفترة من يناير إلى مايو الماضيين، بانخفاض 5.1 في المائة على أساس سنوي، مع زيادة مماثلة بلغت نحو 0.5 في المائة بعد خصم تأثير العوامل الخاصة.

في الوقت نفسه، تراجع الإنفاق الحكومي وفقاً لحسابي الميزانية العامة وصناديق الميزانية بنسبة 2.2 في المائة إلى 13.61 تريليون يوان خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي، وهو ما يرفع قيمة العجز المالي للميزانية إلى 2.25 تريليون يوان، وهو ما يزيد على العجز المسجل خلال الفترة نفسها من العام الماضي.

وفي نهاية الشهر الماضي، قال صندوق النقد الدولي، إنه يتوقع نمو الاقتصاد الصيني 5 في المائة هذا العام بعد أداء «قوي» في الربع الأول من العام، ارتفاعاً عن تقديراته السابقة التي كانت تشير إلى نمو 4.6 في المائة، لكنه توقّع نمواً أبطأ في السنوات المقبلة.

وأضاف الصندوق، أنه عدّل الناتج المحلي الإجمالي المستهدف لعامي 2024 و2025 بزيادة 0.4 نقطة مئوية، لكنه حذّر من تباطؤ النمو في الصين إلى 3.3 في المائة بحلول عام 2029، بسبب ارتفاع معدلات الشيخوخة وتباطؤ التوسع في الإنتاجية. ويتوقع الصندوق الآن لثاني أكبر اقتصاد في العالم أن ينمو 5 في المائة في عام 2024. وأن يتباطأ النمو في عام 2025 إلى 4.5 في المائة.

وفي أسواق الأسهم، أغلقت أسهم البر الرئيسي الصيني منخفضة يوم الاثنين، إذ أغلق مؤشر رئيسي عند أدنى مستوى في نحو أربعة أشهر، مع انتظار المستثمرين بحذر بيانات اقتصادية رئيسية في الداخل ومؤشرات أميركية أخرى ستساعد في تشكيل توقعات سياسة «الاحتياطي الفيدرالي».

وقال ني وين، الخبير الاقتصادي في «هواباو تراست»، إن «تقييم السوق يعكس الأساسيات الضعيفة للاقتصاد، ومن المرجح أن تتماسك الأسهم واليوان عند المستويات الحالية في انتظار مزيد من البيانات والتدابير السياسية».

ومن المقرر أن تصدر الصين بيانات أرباح الصناعة لشهر مايو، يوم الخميس، ومسح التصنيع لشهر يونيو (حزيران) يوم الأحد، في حين سيركّز المتداولون أيضاً على مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي في الولايات المتحدة، الذي يعمل بوصفه مقياساً مفضلاً للتضخم لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي، والمقرر صدوره يوم الجمعة.

وعند الإغلاق، انخفض مؤشر شنغهاي المركب بنسبة 1.17 في المائة إلى 2963.10 نقطة، وهو أدنى مستوى إغلاق منذ 28 فبراير. وانخفض مؤشر «سي إس آي 300» للأسهم القيادية بنسبة 0.54 في المائة إلى 3476.81 نقطة، وهو أدنى مستوى إغلاق منذ 12 أبريل (نيسان). وقاد الخسائر قطاع العقارات، فقد أغلق مؤشر فرعي يتبع الصناعة منخفضاً بنسبة 2.36 في المائة.

وأنهى مؤشر «شنتشن» الأصغر منخفضاً بنسبة 2.29 في المائة، في حين تراجع مؤشر «تشينيكست كومبوزيت» للشركات الناشئة بنسبة 1.387 في المائة. وأغلق مؤشر «هانغ سنغ» مستقراً تقريباً عند 18027.71 نقطة، مع ارتفاع مؤشر «هانغ سنغ» للشركات الصينية بنسبة 0.02 في المائة إلى 6441.16 نقطة.


مقالات ذات صلة

السعودية تستعد لبدء جولة صادرات الخدمات الوطنية إلى الكويت

الاقتصاد جناح هيئة تنمية الصادرات السعودية في أحد المعارض (الموقع الإلكتروني لهيئة تنمية الصادرات)

السعودية تستعد لبدء جولة صادرات الخدمات الوطنية إلى الكويت

تستعد هيئة تنمية الصادرات السعودية لبدء جولة صادرات الخدمات السعودية إلى دولة الكويت في الفترة من 29 سبتمبر (أيلول) حتى 1 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد شعار «موديز» خارج المقر الرئيسي للشركة في مانهاتن، نيويورك، الولايات المتحدة (رويترز)

«موديز» تخفض تصنيف إسرائيل الائتماني بسبب ارتفاع «المخاطر الجيوسياسية»

خفّضت وكالة «موديز» التصنيف الائتماني لإسرائيل، مشيرة إلى المخاطر الجيوسياسية المتزايدة مع تفاقم النزاع مع «حزب الله وتراجع احتمالات وقف إطلاق النار في غزة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد الوزير بندر الخريف يتحدث خلال افتتاح فعالية «الليلة السعودية» في لاس فيغاس (واس)

السعودية تروّج في لاس فيغاس لفرصها التعدينية الواعدة

استضافت لاس فيغاس فعالية «الليلة السعودية» التي تهدف إلى ترويج الفرص الاستثمارية التعدينية الواعدة بالمملكة أمام مجموعة مستثمرين أميركيين وعالميين.

«الشرق الأوسط» (لاس فيغاس)
الاقتصاد عمال في مصنع للسيارات الكهربائية بمدينة نانشانغ الصينية (رويترز)

الصين تخفّض «الاحتياطي الإلزامي» في محاولة لتحفيز الاقتصاد

خفّضت الصين، الجمعة، معدّل الاحتياطي الإلزامي المفروض على المصارف الاحتفاظ به في محاولة لتحفيز الاقتصاد.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد أعلام أوروبية ترفرف أمام مقر المصرف المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

انخفاض التضخم بأكبر اقتصادات اليورو يعزز الدعوات لخفض الفائدة

شهد اثنان من أكبر اقتصادات منطقة اليورو، فرنسا وإسبانيا، انخفاضاً أكبر من المتوقع في معدلات التضخم، بينما استمر ضعف سوق العمل في ألمانيا هذا الشهر.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)

هل سيتعافى اقتصاد باكستان بعد قرض صندوق النقد الدولي الجديد؟

رجال يحاولون شراء أكياس الدقيق المدعم من شاحنة في كراتشي بباكستان (رويترز)
رجال يحاولون شراء أكياس الدقيق المدعم من شاحنة في كراتشي بباكستان (رويترز)
TT

هل سيتعافى اقتصاد باكستان بعد قرض صندوق النقد الدولي الجديد؟

رجال يحاولون شراء أكياس الدقيق المدعم من شاحنة في كراتشي بباكستان (رويترز)
رجال يحاولون شراء أكياس الدقيق المدعم من شاحنة في كراتشي بباكستان (رويترز)

حصلت باكستان على دفعة قوية لاقتصادها المتداعي، من حزمة إنقاذ جديدة من مُقرِض عالمي، بينما تجد نفسها في تحدٍ كبير لتنفيذ الأهداف الصعبة في موازنتها العامة، التي تعهّدت بها أمام صندوق النقد الدولي، للحصول على 7 مليارات دولار.

ترى المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا، أن حزمة الإنقاذ الجديدة، التي تمت الموافقة عليها لباكستان، تهدف إلى مساعدة الحكومة على التعافي الاقتصادي وتقليص التضخم، إلى جانب توفير فرص عمل وتحقيق نمو شامل.

وأضافت غورغييفا، في منشور لها على موقع التواصل الاجتماعي، «إكس»: «اجتماع مثمر للغاية مع رئيس وزراء باكستان شهباز شريف. ناقشنا برنامجاً جديداً لباكستان، يدعمه الصندوق، يساعد على التعافي المستمر، وتقليص التضخم، وزيادة العدالة الضريبية، وإجراء إصلاحات لتوفير فرص عمل جديدة، وتحقيق نمو شامل»، حسب صحيفة «ذا نيشن» الباكستانية (السبت).

تصريحات غورغييفا تأتي بعد أن وافقت الهيئة التنفيذية للصندوق، ومقره واشنطن، على قرض بقيمة 7 مليارات دولار، بموجب ما يُعرف بـ«تسهيل الصندوق الموسع».

تأتي أحدث حزمة إنقاذ لباكستان، في شكل قروض، في أعقاب التزام من قبل الحكومة بتنفيذ إصلاحات، بما في ذلك جهد واسع لتوسيع القاعدة الضريبية للبلاد، وهو إجراء انعكس في ميزانية مثقلة بالضرائب، تم تمريرها في وقت سابق من هذا العام، من قبل الإدارة الحالية.

ووافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي على ترتيب ممتد لمدة 37 شهراً بموجب تسهيل الصندوق الموسع لباكستان. وقال صندوق النقد في بيان له يوم الخميس، إن الصرف الفوري للصندوق سيبلغ نحو مليار دولار. بينما أفاد مكتب رئيس الوزراء بأنه من المقرر أن يتم الإفراج عن الشريحة الأولى التي تبلغ قيمتها نحو 1.1 مليار دولار، على الفور.

ضمانات سعودية وإماراتية وصينية

سهّلت الضمانات التمويلية التي حصلت عليها باكستان، من السعودية والإمارات والصين، موافقة صندوق النقد الدولي على القرض الجديد، وامتنع رئيس بعثة صندوق النقد الدولي في باكستان، ناثان بورتر، عن تقديم تفاصيل عن حجم التمويل الإضافي الذي تعهّدت به السعودية والإمارات والصين، لكنه قال إن هذا التمويل بخلاف تمديد أجل الديون.

وسبق أن حصلت الدولة الواقعة في جنوب آسيا على 22 برنامج إنقاذ من صندوق النقد منذ عام 1958 في ظل ما تعانيه من أزمات.

وقال بورتر للصحافيين، في مؤتمر عبر الجوال، «لن أخوض في التفاصيل، لكن السعودية والإمارات والصين قدمت جميعها ضمانات تمويلية كبيرة تنضم إلى هذا البرنامج».

وشكر شريف دولاً صديقة لتسهيل صفقة باكستان مع صندوق النقد الدولي. وقال لوسائل الإعلام الباكستانية، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، إن باكستان استوفت جميع شروط المُقرض بمساعدة من الصين والسعودية. أضاف: «من دون دعمهما، لم يكن هذا ممكناً»، دون الخوض في تفاصيل المساعدة التي قدمتها بكين والرياض لإتمام الصفقة.

أهداف صعبة

حدّدت الدولة الواقعة في جنوب آسيا، أهداف إيرادات صعبة في موازنتها السنوية للمساعدة في الفوز بموافقة صندوق النقد على إجراءات جديدة للضرائب.

وحدّدت باكستان هدفاً لإيرادات الضرائب بقيمة 13 تريليون روبية (47 مليار دولار) للعام المالي الذي بدأ في 1 يوليو (تموز) الماضي، وهو ما يمثل قفزة بنسبة 40 في المائة تقريباً عن العام السابق، وانخفاضاً حاداً في عجزها المالي إلى 5.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي من 7.4 في المائة في العام السابق.

وقال وزير الدولة للشؤون المالية والإيرادات والطاقة، علي برويز مالك، في تصريحات سابقة، إن الهدف من إخراج موازنة صعبة وغير شعبية هو استخدامها منطلقاً لبرنامج صندوق النقد، مضيفاً أن المقرض راضٍ عن الإجراءات المتخذة بشأن الإيرادات، بناءً على محادثاتهما.

وقال مالك: «من الواضح أن إصلاحات الموازنة هذه تشكّل عبئاً على الاقتصاد المحلي، لكن برنامج صندوق النقد يدور حول الاستقرار».

إلى ذلك، انخفض العجز التجاري الباكستاني بنسبة 12.3 في المائة في العام المالي 2024، ليصل إلى 24.9 مليار دولار، مقارنة بـ27.47 مليار دولار في العام المالي 2023، بحسب بيانات مكتب الإحصاء.

وذكرت قناة «جيو نيوز» الباكستانية، أنه خلال الفترة من يوليو 2023 إلى يونيو (حزيران) 2024، شهد إجمالي صادرات باكستان زيادة بنسبة 10.54 في المائة ليصل إلى 30.645 مليار دولار، بينما تقلص إجمالي الواردات بنسبة 0.84 في المائة ​​ليصل إلى 54.73 مليار دولار.

وفي يونيو 2024، ارتفعت صادرات المنتجات الباكستانية بنسبة 7.3 في المائة لتصل إلى 2.529 مليار دولار، مقارنة بـ2.356 مليار دولار في الفترة نفسها من العام الماضي. وهذه هي الزيادة الشهرية العاشرة على التوالي في الصادرات.

إشادة الصندوق

وفي بيان صدر يوم الخميس، أشاد صندوق النقد الدولي بباكستان؛ لاتخاذها خطوات رئيسية لاستعادة الاستقرار الاقتصادي. فقد انتعش النمو، وانخفض التضخم إلى رقم أحادي، وسمحت سوق الصرف الأجنبي الهادئة بإعادة بناء الاحتياطي.

لكنه انتقد السلطات أيضاً، وحذّر من أنه على الرغم من التقدم، فإن نقاط الضعف والتحديات البنيوية التي تواجهها باكستان لا تزال هائلة. وقال إن بيئة الأعمال الصعبة والحوكمة الضعيفة والدور الضخم للدولة أعاقت الاستثمار، في حين ظلت القاعدة الضريبية ضيقة للغاية. وحذّر من أن «الإنفاق على الصحة والتعليم لم يكن كافياً لمعالجة الفقر المستمر، كما أن الاستثمار غير الكافي في البنية التحتية حدّ من الإمكانات الاقتصادية وترك باكستان عرضة لتأثير تغير المناخ».

وتعتمد باكستان منذ عقود على قروض صندوق النقد الدولي؛ لتلبية احتياجاتها الاقتصادية. وكانت الأزمة الاقتصادية الأخيرة هي الأطول أمداً، وشهدت باكستان أعلى معدل تضخم لها على الإطلاق، مما دفع البلاد إلى حافة التخلف عن سداد الديون السيادية في الصيف الماضي قبل خطة الإنقاذ من صندوق النقد الدولي.

وقد تراجع التضخم منذ ذلك الحين، ورفعت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني تصنيفات باكستان للديون المحلية والأجنبية والديون غير المضمونة العليا إلى «سي إيه إيه 2» من «سي إيه إيه 3»، مشيرة إلى تحسن الظروف الاقتصادية الكلية، والسيولة الحكومية، والمواقف الخارجية الأفضل بشكل معتدل.