«صندوق النقد» يدشن مكتبه الإقليمي في الرياض لتعزيز الشراكة مع دول الشرق الأوسط

وزير الاقتصاد والتخطيط: المملكة شهدت تغيرات جوهرية تشريعياً وتنظيمياً

وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي متحدثاً في المؤتمر الذي ينظمه صندوق النقد الدولي بالتعاون مع وزارة المالية (الشرق الأوسط)
وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي متحدثاً في المؤتمر الذي ينظمه صندوق النقد الدولي بالتعاون مع وزارة المالية (الشرق الأوسط)
TT

«صندوق النقد» يدشن مكتبه الإقليمي في الرياض لتعزيز الشراكة مع دول الشرق الأوسط

وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي متحدثاً في المؤتمر الذي ينظمه صندوق النقد الدولي بالتعاون مع وزارة المالية (الشرق الأوسط)
وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي متحدثاً في المؤتمر الذي ينظمه صندوق النقد الدولي بالتعاون مع وزارة المالية (الشرق الأوسط)

دشّن صندوق النقد الدولي رسمياً مكتبه الإقليمي في الرياض، الأربعاء، بهدف تعزيز الشراكة مع دول الشرق الأوسط وخارجه، ولينخرط مع المؤسسات الإقليمية، ويوثق العلاقات مع الحكومات في بلدان المنطقة، عبر توسيع نطاق أنشطته في مجال تنمية القدرات، وتنفيذ سياسات تسهم في تحقيق نموذج نمو مستدام ومتنوع بالمنطقة.

وكان وزير المالية محمد الجدعان، وقّع مع المدير العام للصندوق كريستالينا غورغييفا، في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، مذكرة تفاهم لإنشاء مكتب إقليمي في المملكة، ثم أعلن مجلس الوزراء السعودي في مارس (آذار) موافقته على اتفاقية المقر بين الحكومة السعودية وصندوق النقد الدولي.

وجاء الإعلان عن بدء المكتب الإقليمي عمله رسمياً خلال انطلاق مؤتمر ينظمه صندوق النقد الدولي حالياً بالتعاون مع وزارة المالية تحت اسم «السياسات الصناعية لتعزيز التنويع الاقتصادي»، بحضور وزير الاقتصاد والتخطيط فيصل الإبراهيم.

وبحسب بيان صادر عن صندوق النقد الدولي، سيعمل المكتب الجديد على لتعزيز الشراكة مع دول الشرق الأوسط وخارجه، وتوسيع نطاق بناء القدرات والمراقبة الإقليمية والتواصل لتعزيز الاستقرار والنمو والتكامل الإقليمي، ومن شأنه أن يعزز مشاركة صندوق النقد الدولي مع المؤسسات الإقليمية والحكومات وأصحاب المصلحة الآخرين.

تنمية القدرات

وأعرب صندوق النقد الدولي عن امتنانه للمساهمة المالية التي قدمتها السعودية لتعزيز تنمية قدرات أعضاء الصندوق - بما في ذلك الدول الهشة.

وسيكون أول مدير للمكتب الإقليمي هو عبد العزيز واني، وهو أحد قادة صندوق النقد الدولي المتمرسين، ويتمتع بمعرفة عميقة بالمؤسسة وشبكة واسعة من صناع السياسات والأكاديميين في جميع أنحاء العالم، بحسب البيان.

وذكرت مصادر لـ«الشرق الأوسط» أن افتتاح مكتب إقليمي لصندوق النقد في السعودية دليل على إقرار المؤسسة الدولية بمتانة الاقتصاد السعودي من جهة، وبالمكانة التي يتمتع بها إقليمياً ودولياً. وقالت إن الإصلاحات الهيكلية التي نفذتها السعودية سريعاً من ضمن «رؤية 2030»، كانت سبباً إضافياً لقرار الصندوق.

وأضافت المصادر إياها أن دور السعودية من ضمن «مجموعة العشرين»، وما تحققه من بيانات اقتصادية وضع المملكة في مركز الثقل في المنطقة.

التنويع الاقتصادي

وقال الإبراهيم خلال المؤتمر، إن السعودية ستشهد تحولاً في التنويع الاقتصادي، وإن هناك حاجة للتشجيع على الانفتاح المبكر للمنافسة المحلية والعالمية؛ لضمان أن صناعة البلاد قادرة على الازدهار بجدارة وبأسرع وقت ممكن.

وأضاف أنه منذ انطلاق «رؤية 2030» وبرنامجها المتكامل الذي يهدف إلى تقليل الاعتماد على النفط وتنويع مصادر الدخل الأخرى، شهدت المملكة تغيرات جوهرية في المنظومة التشريعية والسياسية التي أدت إلى تحويل بيئة الأعمال، وإنشاء قطاعات جديدة، وإطلاق مشاريع ضخمة مثل «نيوم»، و«البحر الأحمر» التي تؤكد على التزام البلاد بهذه التوجهات الجديدة.

وبيّن الإبراهيم أن وزارة الاقتصاد والتخطيط اتخذت عدداً من الدراسات التي تهدف إلى تنويع الساحة الاقتصادية في المملكة. كما قامت بتشخيص واضح لجميع القطاعات لتعزيز الفرص، والتي أظهرت أن التنمية المستدامة في المجال تتطلب تبني نموذج يعتمد على تنويع سلة الاستثمارات.

وأوضح أن التنسيق ومواءمة الجهود بين جميع الجهات الحكومية في غاية الأهمية، باتباع مقاربة موحدة، مما يضمن أن سياسات البلاد الصناعية متماسكة، وتعمل بطريقة سلسلة.

وأكد الإبراهيم على أهمية بناء القدرات والحفاظ على الحوار المفتوح والمستمر مع القطاع الخاص، منوهاً أن هذا التفاعل المستمر يساعد على تكييف السياسات بشكل سلس، وكذلك التأكد من تلبية متطلبات السوق وفعالياتها.

وبالانتقال إلى دول مجلس التعاون الخليجي، لفت الإبراهيم إلى تحقيق عدد من الدول تقدماً ملحوظاً في جهود التحول الصناعي، وأساس ذلك يعتمد على التنويع، والصناعات الهيدروكربونية، ولكن هذا لا يقلص من الصناعات المحققة، بوجود تحول في كثير من القطاعات الأخرى، مثل الصلب ومواد البناء والآلات.

وذكر أن رأس المال البشري هو مصدر الإنتاجية، وأن جميع الجهود مطلوبة لتعزيزها، مبيّناً قيام الوزارة بتطوير سياساتها الصناعية، كما تلتزم بالتشجيع على مناخ يطور الصادرات وكذلك القطاع الخاص، كاشفاً عن القيام بتحليل قطاعات فرعية مختلفة مع فتح حوار مفتوح مع كثير من أصحاب المصلحة لتحديد الصعوبات وإدخال المبادرات التنافسية.

وتابع أن منهجية الوزارة تعتمد على اختيار آلية واضحة لانتقاء القطاعات التي تتطلب الاستثمار الاستراتيجي والدعم.

ولتعزيز التنمية المستدامة في الصناعات المحلية، أبان الإبراهيم أن التركيز يظل على تحفيز التنافسية المحلية والدولية، وهذا الانكشاف على السوق الدولية يشجع الشركات للتحسين المستمر والابتكار للحفاظ على ميزتها التنافسية.

القطاعات التقنية

وشدّد على ضرورة تعزيز القطاعات الموجودة خارج القطاع النفطي والغاز، مثل التعدين والبتروكيماويات، وذلك على المدى القريب.

وعلى المدى المتوسط، قال وزير الاقتصاد والتخطيط إن التركيز يجب أن يكون على التحول في قطاعات تمثل نقلة تقنية، ولكن لا تزال ترتبط بقدرات ناشئة أو متطورة مثل الإلكترونيات وغيرها.

ووفق الإبراهيم، تسعى البلاد على المدى البعيد لتحقيق إنجازات هائلة، تتطلب استثمارات ضخمة ونقلات تقنية هائلة، إضافة إلى الابتكار، لافتاً إلى أن جميعها محاور تضعها المملكة أولوية وتستثمر فيها.

وأضاف أنه لا يزال هناك كثير من المناقشات المحورية التي ستشكل المسارات الاقتصادية للدول، وتعد مهمة لاستكشاف العوامل المتداخلة للسياسة الصناعية في المنطقة والعالم، «نحن هنا لنتعمق في هذه المناقشات، ونتحدى مفاهيمنا السابقة، ونعمل سوياً على تشكيل مسار يدعم التنمية المستدامة».

يُذكر أن مؤتمر صندوق النقد الدولي يقام على مدى يومين، ويهدف إلى مراجعة المبادئ الأساسية للسياسة الصناعية، واستخلاص الدروس من نجاحاتها وإخفاقاتها في مناطق أخرى.


مقالات ذات صلة

اليابان تتوقع أول فجوة إيجابية في الناتج منذ 7 سنوات

الاقتصاد مشاة أمام مبنى وزارة المالية بالعاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)

اليابان تتوقع أول فجوة إيجابية في الناتج منذ 7 سنوات

قالت الحكومة اليابانية، يوم الخميس، إنها تتوقَّع تعافي الناتج الاقتصادي إلى قدرته الكاملة في السنة المالية المقبلة، لأول مرة في 7 سنوات.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد العلم الروسي فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)

«المركزي الروسي» يعلن عزمه بيع العملات الأجنبية بدءاً من يناير 2025

أعلن البنك المركزي الروسي عزمه بيع عملات أجنبية بقيمة 8.86 مليار روبل (ما يعادل 89.05 مليون دولار) يومياً خلال النصف الأول من العام المقبل.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد طائرة تابعة لشركة «جابان إيرلاينز» بمطار «هانيدا» في العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ب)

«جابان إيرلاينز» تستعيد السيطرة بعد هجوم سيبراني

قالت «جابان إيرلاينز»، يوم الخميس، إن أنظمتها عادت إلى طبيعتها بعد هجوم سيبراني تسبب في تأخير بعض الرحلات الداخلية والدولية.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
شمال افريقيا مجلس الوزراء خلال اجتماعه الأربعاء (مجلس الوزراء)

الحكومة المصرية تؤكد التزامها بسداد الديون

أكدت الحكومة المصرية، الأربعاء، التزامها بسداد ما عليها من التزامات وديون، وذلك تزامناً مع إعلان صندوق النقد الدولي التوصل إلى اتفاق مبدئي مع القاهرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
الاقتصاد جانب من الأعمال الإنشائية في إحدى البوابات بموقع «إكسبو أوساكا 2025» (الشرق الأوسط)

مساعٍ بين «الرياض» و«طوكيو» للتوسع في تكنولوجيا التعدين والطاقة النظيفة والهيدروجين

أبدت طوكيو جهوزيتها لتوسيع التعاون النوعي مع الرياض في مجالات التقنيات الحساسة الجديدة وتكنولوجيا الطاقة النظيفة، وتصنيع الهيدروجين الأخضر والأمونيا، مع العمل…

فتح الرحمن يوسف (طوكيو)

اليابان تتوقع أول فجوة إيجابية في الناتج منذ 7 سنوات

مشاة أمام مبنى وزارة المالية بالعاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)
مشاة أمام مبنى وزارة المالية بالعاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)
TT

اليابان تتوقع أول فجوة إيجابية في الناتج منذ 7 سنوات

مشاة أمام مبنى وزارة المالية بالعاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)
مشاة أمام مبنى وزارة المالية بالعاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)

قالت الحكومة اليابانية، يوم الخميس، إنها تتوقَّع تعافي الناتج الاقتصادي إلى قدرته الكاملة في السنة المالية المقبلة، لأول مرة في 7 سنوات على أساس سنوي؛ وذلك بسبب قوة سوق العمل.

ووفقاً لتقديرات نشرها مكتب مجلس الوزراء، فمن المرجح أن تبلغ فجوة الناتج، التي تقيس الفرق بين الناتج الفعلي والقدرة الإنتاجية الكاملة، موجب 0.4 في المائة في السنة المالية التي تبدأ في أبريل (نيسان) المقبل.

وتكون فجوة الناتج إيجابيةً عندما يتجاوز الناتج الفعلي القدرة الكاملة للاقتصاد، ويعدّ ذلك مؤشراً على قوة الطلب. ودخلت فجوة الناتج في اليابان إلى المنطقة السالبة في السنة المالية 2019، ووصلت إلى سالب 4.5 في المائة في السنة المالية 2020 خلال الجائحة.

وهذه البيانات من بين تلك التي يراقبها «بنك اليابان» من كثب لتحديد ما إذا كان الاقتصاد يتوسع بقوة كافية ليقود ارتفاعاً في التضخم يكون قائماً على الطلب.

كما توقَّعت الحكومة اليابانية نمو اقتصاد البلاد بنسبة 1.2 في المائة في السنة المالية 2025، بالقيمة الحقيقية المعدَّلة حسب الأسعار، دون تغيير عن توقعاتها السابقة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وأبقت الحكومة على توقعها بأن الاستهلاك الشخصي سيكون قوياً بفضل استقرار معدل التضخم، وتأثيرات حزمتها للتحفيز الاقتصادي، ولأن الصادرات سوف تتعافى؛ بسبب انتعاش معتدل في الاقتصادات الخارجية، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء اليابانية «جيجي».

وتتوقَّع الحكومة اليابانية نمو الاستهلاك الشخصي، الذي يمثل نصف الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، بنسبة 1.3 في المائة، بزيادة قدرها 0.1 نقطة مئوية عن توقعها السابق. وتتوقّع الحكومة أن تبلغ نسبة التضخم 2 في المائة.

وبالنسبة للسنة المالية 2024، خفَّضت الحكومة تقديراتها للنمو الاقتصادي إلى 0.4 في المائة من 0.7 في المائة سابقاً. ويأتي هذا الانخفاض نتيجة نمو أبطأ من المتوقع في الصادرات على خلفية انخفاض إنتاج السيارات، وتباطؤ النمو في الصين، فضلاً عن تراجع الاستهلاك الشخصي والإنفاق الرأسمالي.

وفي الأسواق، ارتفع المؤشر «نيكي» الياباني أكثر من 1 في المائة عند الإغلاق، يوم الخميس، بدعم من صعود أسهم «تويوتا موتور» وشركات أخرى لصناعة السيارات مع انخفاض الين. وصعد المؤشر «نيكي» 1.12 في المائة إلى 39568.06 نقطة، وزاد المؤشر «توبكس» الأوسع نطاقاً 1.2 في المائة ليسجل 2766.78 نقطة.

وربح سهم «تويوتا موتور» 5.99 في المائة ليصعد في ثاني جلسة على التوالي بعد أن ذكرت وسائل إعلام محلية أن شركة صناعة السيارات ستضاعف هدفها للعائد على الأسهم إلى مثليه، أي إلى 20 في المائة بحلول عام 2030 تقريباً.

وارتفع مؤشر قطاع السيارات 4.58 في المائة ليصبح الأفضل أداءً بين 33 مؤشراً فرعياً في بورصة طوكيو. وزاد سهم «هوندا موتور» 3.84 في المائة، وقفز سهم «نيسان موتور» 6.58 في المائة.

وانخفض الين، يوم الأربعاء، إلى أدنى مستوى له في 5 أشهر، وسجَّل في أحدث التعاملات 157.37 مقابل الدولار.

وتمسَّك محافظ بنك اليابان، كازو أويدا، في خطابه يوم الأربعاء بموقفه حيال تيسير السياسة النقدية، الأمر الذي حال دون عكس الين لمساره.

وربحت أسهم الشركات المشغلة للمتاجر متعددة الأقسام، إذ قفز سهم شركة «جيه فرونت ريتيلينغ» 8.27 في المائة ليصبح أكبر رابح على المؤشر «نيكي». وزاد سهم شركة «إيستان ميتسوكوشي» القابضة 7.6 في المائة.