«الشرق الأوسط» تجول على الموانئ الجيبوتية... اضطرابات البحر الأحمر تنعشها

دخول شركات ملاحية جديدة وزيادة مناولة الحاويات بمعدل 10 %

TT

«الشرق الأوسط» تجول على الموانئ الجيبوتية... اضطرابات البحر الأحمر تنعشها

سفينة الشحن الصينية تشونغ إن شينهوا يوان دخلت ميناء دورالية للمرة الأولى نتيجة لاضطرابات البحر الأحمر (تصوير تركي العقيلي)
سفينة الشحن الصينية تشونغ إن شينهوا يوان دخلت ميناء دورالية للمرة الأولى نتيجة لاضطرابات البحر الأحمر (تصوير تركي العقيلي)

أسهمت الاضطرابات المتواصلة في منطقة باب المندب والبحر الأحمر وخليج عدن في انتعاش عمليات مناولة الحاويات في الموانئ الجيبوتية خلال الأشهر الأخيرة، كما دخلت شركات ملاحية جديدة، وفقاً لمسؤولين جيبوتيين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط».

وشهدت مناولة الحاويات في ميناء دورالية (أكبر موانئ البلاد) ارتفاعاً خلال شهر يناير (كانون الثاني) الماضي بمعدل يصل إلى 10 في المائة، مقارنة بالأشهر السابقة له، وفق المسؤولين إياهم.

وتسببت هجمات المتمرّدين الحوثيين على السفن التجارية في البحر الأحمر في ارتفاع حادّ في أسعار عقود تأمين الشحن البحري، مع فرض رسوم لتغطية المخاطر المرتبطة بنزاعات، تُضاف إلى الزيادة الكبيرة في تكلفة الشحن نتيجة سلوك مسار بديل أطول.

ومنذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، ينفّذ الحوثيون المدعومون من إيران، هجمات على سفن تجارية في البحر الأحمر يشتبهون بأنها مرتبطة بإسرائيل أو متّجهة إلى موانئها، ويقولون إن ذلك يأتي دعماً لقطاع غزة الذي يشهد حرباً منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

كما شنّت كل من واشنطن ولندن ضربات عسكرية مشتركة على مواقع الحوثيين داخل اليمن مرات عدة منذ 12 يناير الماضي.

ميناء دورالية الجيبوتي مخصص لاستقبال الحاويات وشهد انتعاشة بسبب اضطرابات البحر الأحمر (تصوير تركي العقيلي)

وقال إسماعيل حسن مستشار الرئيس التنفيذي لشؤون العمليات بميناء دورالية لـ«الشرق الأوسط» إن الميناء «خدم أكثر من 100 ألف حاوية بمعدل 60 – 70 سفينة من مختلف الأحجام في يناير الماضي، ولديه القدرة على استقبال أكبر السفن على مستوى العالم».

وأضاف: «كل شركات السفن والملاحة العالمية لديها وجود في ميناء دورالية، ويخدم الميناء أكثر من 60 ميناء حول العالم، وقد شهد الميناء في يناير الماضي زيادة في المناولة بمعدل 5 – 10 في المائة مقارنة بالأشهر السابقة».

وخلال وجودنا في ميناء دورالية، كانت السفينة الصينية (تشونغ إن شينهوا يوان) ترسو للمرة الأولى، وفق مستشار الرئيس التنفيذي لشؤون العمليات، وذلك من نتائج توترات البحر الأحمر، حيث دخلت شركات ملاحية جديدة بوصفها عملاء جدداً للموانئ الجيبوتية، بالإضافة للشركات القديمة المستمرة، على حد قوله.

مستشار الرئيس التنفيذي لشؤون العمليات بميناء دورالية إسماعيل حسن يتحدث للشرق الأوسط (تصوير تركي العقيلي)

وتمتلك جيبوتي نحو 5 موانئ متخصصة كما هو ميناء دورالية للحاويات، وأخرى لمختلف البضائع والسلع والحديد، وبعضها مخصص للطاقة، وفقاً لإسماعيل حسن.

وأعادت خطوط شحن صينية عدة نشر سفنها لخدمة البحر الأحمر وقناة السويس، في محاولة للابتعاد عن هجمات الحوثيين التي دفعت معظم المشغلين الآخرين إلى الخروج من المنطقة، وفقاً لصحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية.

ومن بين خطوط الشحن التي أعادت نشر أسطولها - وفق الصحيفة - شركة «ترانسفر» للشحن ومقرها في تشينغداو، التي تصف نفسها على موقعها الإلكتروني بأنها «لاعب ناشئ في السوق عبر المحيط الهادي»، وتقدم خدمات بين الصين والولايات المتحدة.

عنصر من البحرية الجيبوتية في دورية بمنطقة باب المندب (تصوير تركي العقيلي)

وأورد التقرير أن انتقال الخطوط الصينية إلى البحر الأحمر يأتي بعد تخلّي معظم خطوط شحن الحاويات الكبيرة - بما في ذلك شركة «كوسكو» الصينية، المشغلة لرابع أكبر أسطول في الصناعة - عن جنوب البحر الأحمر بسبب المخاطر الأمنية.

ووفقاً لإسماعيل حسن، تسعى جيبوتي لتصبح محطة عالمية تخدم معظم الأسواق العالمية امتداداً من الصين شرقاً مروراً بالشرق الأوسط والبحر الأبيض المتوسط، وصولاً إلى الشمال الأوروبي.

ووفق إحصاءات رسمية جيبوتية، تشهد موانئ البلاد يومياً عبور نحو 90 سفينة، 59 في المائة منها قادمة من آسيا، بينما تمثل السفن القادمة من أوروبا 21 في المائة، أما القارات الأخرى بما فيها أفريقيا فتمثل 16 في المائة.

مستشار الرئيس التنفيذي لشؤون العمليات بميناء دورالية يتحدث للشرق الأوسط (تصوير تركي العقيلي)

ووفق صندوق النقد الدولي، فإنّ النقل البحري للحاويات عبر البحر الأحمر انخفض بنسبة 30 بالمائة تقريباً خلال عام واحد، وقبل النزاع، كانت تعبر في المنطقة بين 12 و15 بالمائة من التجارة العالمية، وفق أرقام الاتحاد الأوروبي.

وتبلغ مساحة ميناء دورالية الذي تأسس في عام 2009 نحو 3 كيلومترات من البوابة حتى حافة البحر بعمق 20 متراً وعرض 1050 متراً، ويعد أحد أضخم موانئ الحاويات في أفريقيا.

يضيف إسماعيل حسن: «جرى تزويد الميناء بأحداث آلات المناولة في العالم، وبدأت العمل قبل نحو 3 أشهر فقط، وحقق الميناء المركز الأول على مستوى أفريقيا 3 سنوات متتالية، وهناك 30 آلية مخصصة لتوزيع الحاويات المسجلة في نظام بأكواد خاصة».

أوقفت كبرى شركات الشحن العالمية شحناتها عبر البحر الأحمر بسبب الهجمات الحوثية على الملاحة (تصوير تركي العقيلي)

وتابع: «كما ترون بعض الحاويات تكون موجهة للداخل والدول المجاورة، وأخرى تجري إعادة تصديرها لموانئ عالمية أخرى. جميع الطواقم العاملة جيبوتية، وهناك 800 شخص يعملون بنظام كامل، ونحو 1000 شخص آخرين يجري استدعاؤهم عند الحاجة».

وقلل مستشار الرئيس التنفيذي لميناء دورالية من الحديث عن إنشاء ميناء بحري لإثيوبيا في أرض الصومال بعد الإعلان عن اتفاق مبدئي بين الجانبين، مبيناً أن ذلك لن يؤثر في الموانئ الجيبوتية، وفق تعبيره.

وقال: «في حال إنشاء ميناء أثيوبي في أرض الصومال لن يؤثر في الموانئ الجيبوتية، نحن نسعى لأن نكون محطة عالمية، مع أهمية الأسواق المجاورة لنا».

أدت اضطرابات البحر الأحمر إلى دخول شركات ملاحية جديدة للموانئ الجيبوتية (تصوير تركي العقيلي)

قطار الشحن إلى إثيوبيا

يرتبط ميناء دورالية بشكل مباشر بمحطة القطارات الرئيسية لشحن ونقل البضائع من الميناء إلى الدولة المجاورة إثيوبيا، حيث تعد جيبوتي البوابة الرئيسية للواردات والصادرات الإثيوبية من وإلى العالم.

وتستغرق رحلة القطار من الميناء إلى مدينة (ماتو) اللوجيستية في إثيوبيا من 10 إلى 12 ساعة، قبل أن يواصل طريقه للعاصمة أديس أبابا، وفقاً لمستشار الرئيس التنفيذي لشؤون العمليات بميناء دورالية.

ولفت إسماعيل حسن إلى أن «هناك 3 خطوط للقطار يمكن تشغيلها في الوقت نفسه، بينما يجري تشغيل قطارين يومياً إلى إثيوبيا، بمعدل 106 حاويات في كل قطار».

سفينة الشحن الصينية تشونغ إن شينهوا يوان دخلت ميناء دورالية للمرة الأولى نتيجة لاضطرابات البحر الأحمر (تصوير تركي العقيلي)

ويعد خط أديس أبابا – جيبوتي الحديدي أول خط حديدي يعمل بالطاقة الكهربائية، حيث جرى تصميمه وفقاً للمواصفات الصينية، حيث تستفيد منه كل من جيبوتي وإثيوبيا على حد سواء، عبر إنشاء مناطق صناعية ولوجيستية، وبناء مدن وقرى جديدة على امتداد هذا الخط الذي يخترق القرن الأفريقي.

ولدى إثيوبيا التي تصدر وتستورد ما يقرب من 90 في المائة من البضائع عن طريق موانئ جيبوتي، خطط لتوسيع شبكة القطارات لتمتد إلى كل من السودان وكينيا وجنوب السودان.


مقالات ذات صلة

مصر ترفض وجود أي طرف «غير مشاطئ» بالبحر الأحمر

العالم العربي وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي نظيره الصومالي أحمد معلم فقي بالقاهرة (الخارجية المصرية)

مصر ترفض وجود أي طرف «غير مشاطئ» بالبحر الأحمر

تزامناً مع تأكيد دعمها وحدة الصومال وسيادته، أعلنت القاهرة رفضها وجود أي طرف «غير مشاطئ» في البحر الأحمر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
يوميات الشرق المخرج محمد سامي في جلسة حوارية خلال خامس أيام «البحر الأحمر» (غيتي)

محمد سامي: السينما تحتاج إلى إبهار بصري يُنافس التلفزيون

تعلَّم محمد سامي من الأخطاء وعمل بوعي على تطوير جميع عناصر الإنتاج، من الصورة إلى الكتابة، ما أسهم في تقديم تجربة درامية تلفزيونية قريبة من الشكل السينمائي.

أسماء الغابري (جدة)

سوق الأسهم السعودية ترتفع بدعم من «البنوك»

أحد المستثمرين يتابع شاشة التداول في السوق المالية السعودية بالعاصمة الرياض (أ.ف.ب)
أحد المستثمرين يتابع شاشة التداول في السوق المالية السعودية بالعاصمة الرياض (أ.ف.ب)
TT

سوق الأسهم السعودية ترتفع بدعم من «البنوك»

أحد المستثمرين يتابع شاشة التداول في السوق المالية السعودية بالعاصمة الرياض (أ.ف.ب)
أحد المستثمرين يتابع شاشة التداول في السوق المالية السعودية بالعاصمة الرياض (أ.ف.ب)

أغلق مؤشر السوق الرئيسية السعودية (تاسي)، يوم الاثنين، على ارتفاع بنسبة 0.84 في المائة، وزيادة 99.42 نقطة، ليقفل عند 11948 نقطة، بتداولات بلغت نحو 5 مليارات ريال (1.33 مليار دولار)، وذلك بدعم من قطاع البنوك الذي ارتفع 2.05 في المائة.

وزاد سهم «مصرف الراجحي» 2.77 في المائة إلى 92.80 ريال، فيما ارتفع سهم «مصرف الإنماء» 1.60 في المائة إلى 28.65 ريال.

أما سهم «البنك الأهلي السعودي» فقد ارتفع 1.53 في المائة ليبلغ 33.25 ريال.

وفيما يخص قطاع الطاقة، فقد زاد سهم «أرامكو السعودية» بمعدل 0.18 في المائة إلى 28.50 ريال. وارتفع سهم «أكوا باور» 0.41 في المائة ليصل إلى 388 ريالاً.

وتصدرت أسهم «الزامل للصناعة» و«الإعادة السعودية» و«ميدغلف للتأمين» و«البحر الأحمر» و«المملكة»، قائمة الشركات الأكثر ارتفاعاً، بنسب 4.31 في المائة، و4.20 في المائة، و4.16 في المائة، و3.89 في المائة، و3.75 في المائة، على التوالي.

في المقابل، جاءت أسهم «الوطنية للتعليم» و«الدريس» و«أسمنت الرياض» و«ولاء» و«مجموعة إم بي سي»، في مقدمة الشركات الأكثر انخفاضاً بـ3.94 في المائة و3.84 في المائة و3.61 في المائة و3.52 في المائة و3.17 في المائة، على التوالي.

من جانب آخر، انخفض مؤشر الأسهم السعودية الموازية (نمو) 285.18 نقطة ليقفل عند مستوى 30953 نقطة، وبتداولات بلغت قيمتها 52 مليون ريال (14.9 مليون دولار)، وتجاوزت كمية الأسهم المتداولة 3 ملايين سهم.