محمد سامي: السينما تحتاج إلى إبهار بصري يُنافس التلفزيون

أشاد بالنهضة الثقافية في السعودية ووصفها بـ«بيت الإبداع»

المخرج محمد سامي في جلسة حوارية خلال خامس أيام «البحر الأحمر» (غيتي)
المخرج محمد سامي في جلسة حوارية خلال خامس أيام «البحر الأحمر» (غيتي)
TT
20

محمد سامي: السينما تحتاج إلى إبهار بصري يُنافس التلفزيون

المخرج محمد سامي في جلسة حوارية خلال خامس أيام «البحر الأحمر» (غيتي)
المخرج محمد سامي في جلسة حوارية خلال خامس أيام «البحر الأحمر» (غيتي)

في جلسة حوارية مع المخرج المصري محمد سامي، استضافها مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» في دورته الرابعة، تحدَّث عن مسيرته الإبداعية التي أسهمت في تجديد الدراما التلفزيونية العربية، مستعرضاً دوره، مخرجاً ومؤلّفاً، في صياغة أعمال تلفزيونية لاقت نجاحاً واسعاً. أحدث أعماله، مسلسل «نعمة الأفوكاتو»، حصد إشادة جماهيرية كبيرة، ما عزَّز مكانته واحداً من أبرز المخرجين المؤثّرين في الساحة الفنّية.

في بداية الجلسة، بإدارة المذيعة جوزفين ديب، وحضور عدد من النجوم، مثل يسرا، ومي عمر، وماجد المصري، وأحمد داش، وشيماء سعيد، وبشرى؛ استعرض سامي تجربته مع بدايات تطوُّر شكل الدراما التلفزيونية، موضحاً أنّ المسلسلات في تلك الفترة كانت تُنتج بطريقة كلاسيكية باستخدام كاميرات قديمة، وهو ما رآه محدوداً مقارنةً بالتقنيات السينمائية المتاحة.

التجديد في الدراما

وبيَّن أنّ أول تحوُّل حدث بين عامي 2005 و2008، عندما برزت مسلسلات أثَّرت فيه بشدّة، من بينها «بريزن بريك» و«برايكينغ باد». ومع إطلاق كاميرات «رِدْ وان» الرقمية عام 2007، اقترح على المنتجين تصوير المسلسلات بتقنيات سينمائية حديثة. لكنَّ الفكرة قوبلت بالرفض في البداية، إذ ساد اعتقاد بأنّ الشكل السينمائي قد يتيح شعوراً بالغرابة لدى الجمهور ويُسبِّب نفوره.

رغم التحفّظات، استطاع سامي إقناع بطل العمل، الفنان تامر حسني، بالفكرة. وبسبب الفارق الكبير في تكلفة الإنتاج بين الكاميرات التقليدية وكاميرات «رِدْ»، تدخَّل حسني ودعم الفكرة مادياً، ما سرَّع تنفيذ المشروع.

وأشار المخرج المصري إلى أنه في تلك الفترة لم تكن لديه خطة لتطوير شكل الدراما، وإنما كان شاباً طموحاً يرغب في النجاح وتقديم مشهد مختلف. التجربة الأولى كانت مدفوعة بالشغف والحبّ للتجديد، ونجحت في تَرْك أثر كبير، ما شجَّعه على المضي قدماً.

في تجربته المقبلة، تعلَّم من أخطاء الماضي وعمل بوعي أكبر على تطوير جميع عناصر الإنتاج؛ من الصورة إلى الكتابة، ما أسهم في تقديم تجربة درامية تلفزيونية قريبة من الشكل السينمائي. هذه الرؤية المُبتكرة ساعدت في تغيير نظرة الصناعة إلى التقنيات الحديثة وأهميتها في تطوير الدراما.

وأكمل سامي حديثه بالتطرُّق إلى العلاقة بين المخرج والممثل: «يتشاركان في مسؤولية خلق المشهد. أدائي بوصفي مخرجاً ركيزته قدرتي على فهم طاقة الممثل وتوجيهها، والعكس صحيح. بعض الممثلين يضيفون أبعاداً جديدة إلى النصّ المكتوب، ما يجعل المشهد أكثر حيوية وإقناعاً».

متى يصبح المخرج مؤلِّفاً؟

عن دورَيْه في الإخراج وكتابة السيناريو، تحدَّث: «عندما أتحلّى برؤية واضحة للمشروع منذ البداية، أشعر أنّ الكتابة تتيح لي صياغة العمل بما يتوافق تماماً مع ما أتخيّله. لكن هذا لا يعني إلغاء دور الكاتب؛ إنه تعاون دائم. عندما أكتب وأُخرج، أشعر بأنني أتحكّم بشكل كامل في التفاصيل، ما يمنح العمل تكاملاً خاصاً».

ثم تمهَّل أمام الإشارة إلى كيفية تحقيق التوازن بين التجديد وإرضاء الجمهور: «الجمهور هو الحَكم الأول والأخير. يجب أن يشعر بأنّ العمل له، وأنّ قصصه وشخصياته تعبِّر عن مشاعره وتجاربه. في الوقت عينه، لا بدَّ من جرعة ابتكار لتحفيز عقله وقلبه».

وبيَّن سامي أنّ صناع السينما حالياً يواجهون تحدّياً كبيراً بسبب تطوُّر جودة الإنتاج التلفزيوني، ولإقناع الجمهور بالذهاب إلى السينما، ينبغي تقديم تجربة مختلفة تماماً، وفق قوله، سواء على مستوى الإبهار البصري أو القصة الفريدة.

في ختام الحوار، عبَّر عن إعجابه بالنهضة الثقافية والفنّية التي تشهدها السعودية: «المملكة أصبحت مركزاً إقليمياً وعالمياً للإبداع الفنّي والثقافي. مهرجان (البحر الأحمر السينمائي)، على سبيل المثال، يعكس رؤية طموحة ومشرقة للمستقبل، وأشعر بالفخر بما تحقّقه من إنجازات مُلهمة».

محمد سامي ليس مخرجاً فحسب، وإنما مُبتكر يعيد تعريف قواعد الدراما التلفزيونية، مُسلَّحاً برؤية متجدِّدة وجرأة فنّية. أعماله، من بينها «نعمة الأفوكاتو»، تُثبت أنّ التجديد والإبداع قادران على تغيير معايير النجاح وتحقيق صدى لا يُنسى.


مقالات ذات صلة

محمد بن سلمان وبوتين يستعرضان هاتفياً جهود حل الأزمة الأوكرانية

الخليج ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين (الخارجية السعودية)

محمد بن سلمان وبوتين يستعرضان هاتفياً جهود حل الأزمة الأوكرانية

استعرض ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان هاتفياً مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الجهود المبذولة لحل الأزمة الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (جدة)
العالم الرئيس القرغيزي صادير جباروف ونظيره الطاجيكي إمام علي رحمن يتصافحان قبيل اجتماعهما في بيشكيك (رويترز)

طاجيكستان وقرغيزستان تستأنفان علاقاتهما بعد قطيعة 3 عقود

بعد قطيعة بين البلدين استمرت لأكثر من 3 عقود، أنهى الرئيسان الطاجيكي إمام علي رحمن والقرغيزي صادير جباروف، نزاعاً حدودياً طويل الأمد تسبب في مقتل العشرات.

فتح الرحمن يوسف (الرياض)
يوميات الشرق تجمع المنطقة التاريخية في رمضان عبق الماضي بروح الحداثة (لشرق الأوسط)

رمضان في «تاريخية جدة»... أجواءٌ تنبض بعبق التاريخ وروح الحداثة

عدد زوار المنطقة تخطّى المليون خلال الأسبوع الأول من انطلاقة الموسم؛ فاستمتع الحضور بتجربة تعكس الجهود النوعية لبرنامج جدة التاريخية في إحياء المكان.

إبراهيم القرشي (جدة)
الاقتصاد رجل يلعب «بوكيمون غو» (رويترز)

مطوّرة لعبة «بوكيمون غو» تبيع وحدة ألعابها لـ«سافي» السعودية بـ3.5 مليار دولار

أعلنت شركة «نيانتك لابز»، المطورة للعبة «بوكيمون غو»، عن بيع قسم الألعاب لديها لشركة سعودية، وأفصحت عن خططها المستقبلية لإعادة الهيكلة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق حيث تقف أركان المسجد اليوم شاهدة على نزل النبي محمد وصحابته في طريق فتح مكة (واس)

«مسجد الفتح» نافذة تاريخية وشاهد على قصة فتح مكة

في مدينة الجموم 25كلم شمالي الحرم المكي، تطلّ مئذنة مسجد تاريخي بقي منذ السنة الثامنة للهجرة شاهداً قائماً على قصة فتح مكة زمن النبوة.

عمر البدوي (الرياض)

معرض فني مصري يرصد ملامح مصر في الشخوص والأماكن

وسط البلد وشوارعها ممزوجة بتفاصيل الأحياء الشعبية (الفنان)
وسط البلد وشوارعها ممزوجة بتفاصيل الأحياء الشعبية (الفنان)
TT
20

معرض فني مصري يرصد ملامح مصر في الشخوص والأماكن

وسط البلد وشوارعها ممزوجة بتفاصيل الأحياء الشعبية (الفنان)
وسط البلد وشوارعها ممزوجة بتفاصيل الأحياء الشعبية (الفنان)

في 153 عملاً فنياً، يتناول الفنان التشكيلي المصري، مراد درويش، موضوعات شتى بخامات متنوعة، وإن كانت مكثفة في الفحم والأحبار واستخدام الأبيض والأسود واللون البني، ليحكي عبر لوحاته قصصاً من شوارع مصر، تحمل ملامح البلد في الأماكن والشخوص.

المعرض الذي يعدّ الثالث للفنان، اختار له اسم «رسم واسكتشات»، انطلق 9 مارس (آذار) الحالي، ويستمر لمدة أسبوعين في قاعة العرض بكلية الفنون الجميلة في الزمالك (غرب القاهرة)، وهو المكان الذي رجّحه الفنان للعرض بوصفه أستاذاً بكلية الفنون الجميلة، وتحمل أعمال المعرض طابعاً تعليمياً، وفق قوله.

مجموعة من الوجوه ضمن المعرض (الفنان)
مجموعة من الوجوه ضمن المعرض (الفنان)

تظهر في اللوحات موضوعات شتى بين البورتريه والمناظر الطبيعية والتراثية والشوارع القديمة والآثار الإسلامية، خصوصاً في القاهرة التاريخية وشارع المعز، وشوارع وسط البلد، فيما تضمنت رسومات أو اسكتشات البورتريه وجوهاً مصرية أو غربية.

ويقول درويش لـ«الشرق الأوسط» إن المعرض يتضمن جزءاً مرتبطاً بالتوثيق، سواء توثيق المشاعر أو الذكريات أو الأماكن أو الأحداث، وهو ما يظهر في المناظر التي تتضمنها بعض الأعمال، مضيفاً: «أحياناً في بعض المحاضرات أو الورش الفنية ننزل إلى الشارع، ممكن أن نذهب إلى حديقة الأسماك أو حديقة الأورمان أو الأماكن التراثية في مصر، نرسم الناس والشوارع والسيارات وكل العالم من حولنا، وهذا موثق في اللوحات إلى جانب الربط السريالي في بعض الأعمال حيث أدمج أكثر من مكان في لوحة واحدة، رغم أنه لا علاقة بينها، لكن هذا الربط يمكن أن يصنع بعد ذلك حكاية أو قصة يراها كل متلقٍ بطريقته».

بعض الأعمال تدمج أماكن بعيدة في خط سريالي (الفنان)
بعض الأعمال تدمج أماكن بعيدة في خط سريالي (الفنان)

لا يقيم مراد درويش معارض كثيرة، بحسب قوله: «لست مهتماً بعدد المعارض التي أقيمها، بقدر ما أهتم بأن تكون لديّ تجربة تستحق العرض، بها شيء مختلف، فأحب أن أتعمق أكثر في تجربتي وأكتشف جوانب مختلفة داخل شخصيتي، حتى يجد المتلقي في أعمالي شيئاً مختلفاً عما اعتادوه».

المعرض يضم رسومات واسكتشات، وبعض الأعمال هي امتداد لما يقدمه درويش للطلبة في المحاضرات، فهي عبارة عن دروس، لكن بها جزء إضافي يعمل عليه الفنان حتى يكتمل العمل ويصلح للعرض العام، وفق قوله.

الخامات التي يستخدمها الفنان لا تخرج عن الفحم بنوعيه (النباتي والصناعي) والرصاص والأحبار وأقلام الرصاص وأقلام الباركر والحبر، والموضوعات التي تتضمنها الأعمال هي ما يحتاجه أي طالب للفنون مثل موضوعات الطبيعة الصامتة والبورتريه والمناظر الطبيعية، والألوان تكاد تنحصر في الأبيض والأسود والبني.

المعرض ضم 153 اسكتشاً لمناظر مختلفة وبورتريهات (الفنان)
المعرض ضم 153 اسكتشاً لمناظر مختلفة وبورتريهات (الفنان)

اختار الفنان قاعة العرض داخل الكلية، لأن المعرض إلى حد ما موجه إلى طلبة الفنون الجميلة، كأنه امتداد لدروس الرسم، وبالإضافة إلى الرسومات هناك كتابات، مثل بعض الملحوظات المفيدة للطالب، فيمكن أن يحصل على معلومة نظرية مع التطبيق العملي.

رسالة يريد أن يبعثها الفنان عبر المعرض، مفادها: «كيف يمكن التحكم في المشاعر والأفكار والأعصاب؟ متى يجب أن أعمل بهدوء أو ببطء؟ ومتى يتعين عليّ العمل بسرعة؟ كيف أحافظ على تدفق الأفكار في عقلي وأعكسها على اللوحة بالطريقة الملائمة؟ متى يكون الانفعال؟ ومتى يكون التركيز؟ متى يكون العمل مقصوداً ومرتباً له؟ ومتى يكون عفوياً، والعلاقة بين القصدية والعفوية في اللوحة الواحدة التي يمكن أن تبدأ بقصدية، ثم تنتهي عفوية؟».

جانب من معرض رسم واسكتشات (الفنان)
جانب من معرض رسم واسكتشات (الفنان)

إلى جانب اللوحات، حرص الفنان على عرض فيديو ضمن المعرض يصوره أثناء الرسم، ويرى أن ذلك يمنح الطلبة فرصة لمراقبة طريقته في العمل، متى يتوقف عن العمل، طريقة الإمساك بالأدوات، ومتى يبتعد الفنان عن العمل ليتأمله، ومتى يتابع العمل، كل هذا مهم بالنسبة لطلبة الفنون.

يسجّل المعرض حالة فنية خاصة بعدد كبير من الاسكتشات التي ترصد ملامح الشوارع والبيوت والآثار والناس في مصر، ويحمل جماليات عدة خارجة من الموضوعات التي اختارها الفنان لاسكتشاته.