استمرار أزمة البحر الأحمر يزيد خسائر الشركات ويهدّد بتفاقم التضخّم

مصنع «تسلا» للسيارات في ولاية براندنبورغ الألمانية في 12 يناير 2024 من المصانع التي اضطُرت لإيقاف إنتاجها مؤقتاً بشكل قسري نتيجة تعرقل سلاسل التوريد بسبب هجمات القرصنة في البحر الأحمر (أ.ب)
مصنع «تسلا» للسيارات في ولاية براندنبورغ الألمانية في 12 يناير 2024 من المصانع التي اضطُرت لإيقاف إنتاجها مؤقتاً بشكل قسري نتيجة تعرقل سلاسل التوريد بسبب هجمات القرصنة في البحر الأحمر (أ.ب)
TT

استمرار أزمة البحر الأحمر يزيد خسائر الشركات ويهدّد بتفاقم التضخّم

مصنع «تسلا» للسيارات في ولاية براندنبورغ الألمانية في 12 يناير 2024 من المصانع التي اضطُرت لإيقاف إنتاجها مؤقتاً بشكل قسري نتيجة تعرقل سلاسل التوريد بسبب هجمات القرصنة في البحر الأحمر (أ.ب)
مصنع «تسلا» للسيارات في ولاية براندنبورغ الألمانية في 12 يناير 2024 من المصانع التي اضطُرت لإيقاف إنتاجها مؤقتاً بشكل قسري نتيجة تعرقل سلاسل التوريد بسبب هجمات القرصنة في البحر الأحمر (أ.ب)

تواجه شركات كثيرة حول العالم، لا سيما في أوروبا، صعوبات اقتصادية نتيجة استمرار أعمال القرصنة في البحر الأحمر: تأخيرات بالإنتاج بسبب التغييرات بمسار سفن الشحن، وارتفاع تكلفة البضائع مع زيادة تكلفة الشحن وارتفاع تكلفة التأمين على السفن. وبينما لا تزال نسبة تضخّم أسعار السلع معتدلة، يشير الخبراء إلى إمكانية زيادة كبيرة بالأسعار إذا استمرّت أزمة سلاسل التوريد.

دخان يتصاعد من السفينة التجارية «مارلين لواندا» التي تحمل علم جزر مارشال بعد أن أُصيبت بصاروخ مضاد للسفن أطلقه الحوثيون... الصورة بخليج عدن في 27 يناير 2024 (رويترز)

مع استمرار أزمة القرصنة في البحر الأحمر، تستمر قائمة المتضررين في الازدياد. وتشير المصادر التي استشارتها صحيفة «إل باييس» الإسبانية في تقريرها، الاثنين، 5 فبراير (شباط) 2024، إلى أنّ مسافة الطريق التي تضطر السفن الآن إلى سلوكها لتجنب العبور بقناة السويس – نتيجة مخاطر القرصنة بالبحر الأحمر - تتضمن الالتفاف حول رأس الرجاء الصالح؛ ما يعني السفر 9 أيام إضافية في البحر على الأقل.

تأثّر شركات صناعة السيارات

ويلفت التقرير إلى أنّه في حال لم تحقق المهام العسكرية للتحالف الدولي هدفها المتمثل في إعادة الأمن إلى منطقة البحر الأحمر، أي أنّه في حال لم تستكمل العمليات ضد القرصنة حتى إعادة تأمين الملاحة في هذا الممر الحيوي، فقد تكون العواقب مكلفة جداً على الاقتصاد العالمي. وفي الوقت الحالي، فإنّ تكلفة القرصنة هي رسوم إضافية غير مريحة على البضائع (لارتفاع تكلفة الشحن)، ومحاولات تكيّف تستعجلها الشركات المستوردة.

ومن أبرز المؤسسات المتضررة من أعمال القرصنة، شركات السيارات. تقول منظمة «سيرناوتو (Sernauto) الإسبانية لمورّدي السيارات»: «تتأثر بعض شركات صناعة السيارات في إسبانيا بالتأخير بوصول المكونات أو المواد الخام اللازمة لتصنيع منتجاتها، فضلاً عن زيادة التكاليف من خلال الاضطرار إلى اللجوء إلى النقل الجوي بدلاً من البحري».

مصنع «تسلا» للسيارات في ولاية براندنبورغ الألمانية في 12 يناير 2024 من المصانع التي اضطُرت لإيقاف إنتاجها مؤقتاً بشكل قسري نتيجة تعرقل سلاسل التوريد بسبب هجمات القرصنة في البحر الأحمر (د.ب.أ)

وقد أعلنت شركات مثل «تسلا» و«فولفو» و«ميشلان» بالفعل عن توقف مؤقت في بعض مصانع إنتاجها في أوروبا بسبب تأخر وصول المواد التي تحتاج إليها، وهذا سيُترجم إلى آلاف أقل من السيارات التي سيجري تصنيعها هذا العام.

ويتأجل إنتاج الطلبات غير العاجلة. ويحذّر أنخيل تالافيرا الخبير الاقتصادي في «أكسفورد إيكونوميكس» - وهي مؤسسة استشارات مستقلّة - من أنّ هناك مخاطر حدوث تأثير أكبر على الشركات إذا استمرت أزمة البحر الأحمر بمرور الوقت. فعلى سبيل المثال، من الممكن أن يتأثّر شحن الغاز المسال الذي تستورده أوروبا من قطر، والذي يمرّ عبر قناة السويس، كما يمكن كذلك أن يتأثّر جزء مهم من حركة نقل النفط عبر البحر الأحمر.

حاويات مصورة على سطح سفينتي النقل «MSC Allegra» (في الوسط) و«Ever Atop» (في اليسار) راسيتين بجانب رافعات الحاويات في أكبر ميناء شحن بالمملكة المتحدة في فيليكستو على الساحل الشرقي لإنجلترا في 27 يناير 2024 (أ.ف.ب)

مزيد من تكلفة الشحن والتأمين

وتحذر رابطة المصنّعين والمستهلكين الإسبانية «إيكوك» من أن التأثير الاقتصادي لأزمة البحر الأحمر كبير بالفعل في قطاعات مثل الأغذية، والمنسوجات والأزياء، والأجهزة والصناعات اليدوية، وسلع التكنولوجيا الاستهلاكية، مع أسعار الشحن التي أصبحت في بعض الحالات أكثر تكلفة بنسبة «300 في المائة». هذه التكلفة تزيد من الأقساط المرتفعة التي تطلبها شركات التأمين التي ترفض أحياناً تغطية مخاطر الشحنات.

وقال المصنّعون في بريطانيا ومنطقة اليورو إن سلاسل التوريد الخاصة بهم تدهورت نتيجة الاضطراب التجاري الناجم عن هجمات الحوثيين بالبحر الأحمر، وفق مسح ﻟ«مؤشّر مديري المشتريات العالمي» (PMI)، حيث سجّل المؤشّر أقلّ من 50 نقطة في كلا الاقتصادين في يناير (كانون الثاني)، ما يعكس أن غالبية الشركات أبلغت عن إطالة أوقات تسليم الإمدادات إلى مصانعها، وفق تقرير لصحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية الخميس 1 فبراير 2024.

ويقول جورج موران، الخبير الاقتصادي في شركة نومورا القابضة - إحدى كبرى شركات اليابان المالية - «يعد الاستطلاع بالتأكيد علامة على أننا بدأنا نرى تأثير أزمة البحر الأحمر فعلياً على الشركات في أوروبا، وفي الواقع، في وقت مبكر جداً عما توقعنا أن يكون التأثير».

وأبلغت الشركات في معظم البلدان في أوروبا عن تدهور في سلاسل التوريد الخاصة بها، بما في ذلك الاقتصادات الكبرى مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا. ووفق المسح، كان المصنّعون في اليونان، إحدى أقرب دول الاتحاد الأوروبي إلى قناة السويس، من بين الأكثر تضرراً من عرقلة سلاسل التوريد.

نظرة عامة خلال اجتماع غير رسمي لوزراء الدفاع الأوروبيين في بروكسل ببلجيكا في 31 يناير 2024... من المواضيع التي طُرحت في الاجتماع «التحديات والتطورات الجارية في البحر الأحمر» (إ.ب.أ)

استمرار ارتفاع التضخّم

يوضح الخبير الاقتصادي أنخيل تالافيرا قائلاً: «تشير التقديرات الأولية، في الوقت الحالي إلى أن تأثير أزمة البحر الأحمر على التضخم معتدل، مع ارتفاع إضافي قدره بضعة أعشار هذا العام، وتأثيره يتركز بشكل رئيسي على السلع المستوردة».

أثار كثير من الاقتصاديين حول العالم مخاوف بشأن تأثير الأزمة في البحر الأحمر على توقعات التضخم العالمي.

وقال أوليفر راكاو، الخبير الاقتصادي في «أكسفورد إيكونوميكس»، إن «تعطيل الشحن عبر البحر الأحمر يبدو الآن أنه من المرجح أن يبقي تكاليف النقل مرتفعة على الأقل خلال الأشهر القليلة المقبلة». وقدّر أن ذلك سيضيف 0.3 إلى 0.4 نقطة مئوية إلى مقياس التضخم الرئيسي في منطقة اليورو، مع «زيادة وطأة التأثير في النصف الثاني من العام».

طائرة بريطانية من طراز «تايفون» تستعد للإقلاع للقيام بمزيد من الضربات ضد أهداف الحوثيين في إطار الجهود الدولية لمكافحة أعمال القرصنة... الصورة من قاعدة أكروتيري الجوية العسكرية البريطانية بقبرص في 3 فبراير 2024 (إ.ب.أ)

وقدّرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (ومركزها باريس)، الاثنين 5 فبراير 2024، أنّ الارتفاع الأخير في أسعار الشحن البحري قد يؤدي إلى زيادة تضخم أسعار الواردات في بلدان المنظّمة الثمانية والثلاثين بنحو 5 نقاط مئوية إذا استمرت هذه الزيادة بأسعار الشحن، وفق ما نقلت شبكة «سي إن بي سي» الأميركية المختصّة بالاقتصاد.

ومنذ تصاعد هجمات الحوثيين في البحر الأحمر في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تراجعت حركة المرور في البحر الأحمر بشكل كبير، وانخفض حجم التجارة في مضيق باب المندب، الذي تمر عبره السفن للوصول إلى قناة السويس من المحيط الهندي، بنسبة 65 في المائة مقارنة بنهاية أكتوبر، وفقاً لصندوق النقد الدولي.


مقالات ذات صلة

«كوب 29» في ساعاته الأخيرة... مقترح يظهر استمرار الفجوة الواسعة بشأن تمويل المناخ

الاقتصاد مفوض الاتحاد الأوروبي للعمل المناخي فوبكي هوكسترا في مؤتمر صحافي على هامش «كوب 29» (رويترز)

«كوب 29» في ساعاته الأخيرة... مقترح يظهر استمرار الفجوة الواسعة بشأن تمويل المناخ

تتواصل المفاوضات بشكل مكثّف في الكواليس للتوصل إلى تسوية نهائية بين الدول الغنية والنامية رغم تباعد المواقف في مؤتمر المناخ الخميس.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد أشخاص يقومون بتعديل لافتة خارج مكان انعقاد قمة المناخ التابعة للأمم المتحدة (أ.ب)

أذربيجان تحذر: «كوب 29» لن ينجح دون دعم «مجموعة العشرين»

استؤنفت محادثات المناخ التابعة للأمم المتحدة (كوب 29)، يوم الاثنين، مع حث المفاوضين على إحراز تقدم بشأن الاتفاق المتعثر.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد سفينة شحن في نهر ماين أمام أفق مدينة فرنكفورت الألمانية (رويترز)

«المركزي الألماني»: خطط ترمب الجمركية نقطة تحول في التجارة العالمية

أعرب رئيس البنك المركزي الألماني عن خشيته من حدوث اضطرابات في التجارة العالمية إذا نفّذ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خططه الخاصة بالتعريفات الجمركية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد لافتة للبنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

ناغل من «المركزي الأوروبي»: تفكك الاقتصاد العالمي يهدد بتحديات تضخمية جديدة

قال عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي، يواخيم ناغل، إن هناك تهديداً متزايداً بتفكك الاقتصاد العالمي، وهو ما قد يضع البنوك المركزية أمام تحديات تضخمية جديدة.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)
الاقتصاد يقف المشاركون وموظفو الأمن خارج مكان انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ في باكو (إ.ب.أ)

الدول في «كوب 29» لا تزال بعيدة عن هدفها بشأن التمويل المناخي

كانت عوامل التشتيت أكبر من الصفقات في الأسبوع الأول من محادثات المناخ التابعة للأمم المتحدة (كوب 29)، الأمر الذي ترك الكثير مما يتعين القيام به.

«الشرق الأوسط» (باكو)

تدهور حاد في النشاط التجاري بمنطقة اليورو خلال نوفمبر

أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر مفوضية الاتحاد في بروكسل (رويترز)
أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر مفوضية الاتحاد في بروكسل (رويترز)
TT

تدهور حاد في النشاط التجاري بمنطقة اليورو خلال نوفمبر

أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر مفوضية الاتحاد في بروكسل (رويترز)
أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر مفوضية الاتحاد في بروكسل (رويترز)

شهد النشاط التجاري في منطقة اليورو تدهوراً حاداً هذا الشهر، حيث انكمش القطاع الخدمي المهيمن في المنطقة، بينما استمر التصنيع في التدهور بشكل أعمق في الركود، وفقاً لاستطلاع نُشر الجمعة.

وانخفض مؤشر مديري المشتريات المركب الأولي لمنطقة اليورو الذي تعدّه شركة «ستاندرد آند بورز غلوبال» إلى أدنى مستوى في عشرة أشهر عند 48.1 في نوفمبر (تشرين الثاني)، وهو ما يقل عن مستوى الخمسين الفاصل بين النمو والانكماش.

وكان استطلاع لـ«رويترز» قد توقع أن يظل المؤشر عند مستوى 50 المسجل في أكتوبر (تشرين الأول).

وقال كبير الاقتصاديين في بنك «هامبورغ التجاري»، سايروس دي لا روبيا: «لا يمكن أن تكون الأمور قد ساءت أكثر من هذا». وأضاف: «قطاع التصنيع في منطقة اليورو يغرق بشكل أعمق في الركود، والآن بدأ قطاع الخدمات يواجه صعوبة بعد شهرين من النمو الهامشي».

وانخفض مؤشر الأعمال الجديدة المركب إلى 46.6 من 47.9، مسجلاً أدنى مستوى له هذا العام؛ ما يشير إلى أنه لا يوجد تحسن وشيك في الأفق.

كما انخفض مؤشر مديري المشتريات الذي يغطي قطاع الخدمات، والذي كان يعوض عن التراجع بين الشركات المصنعة، إلى أدنى مستوى له في عشرة أشهر عند 49.2 من 51.6. ولم يطرأ أي تغيير على توقعات الاستطلاع.

ورغم زيادة الشركات في التوظيف، فإنها كانت أقل تفاؤلاً بشأن المستقبل، حيث انخفض مؤشر التوقعات التجارية إلى أدنى مستوى له في عامين عند 55 مقارنة بـ59.9 في الشهر السابق.

وانخفض مؤشر التصنيع إلى 45.2 من 46.0، متناقضاً مع التوقعات بعدم حدوث أي تغيير.

وانخفض مؤشر الإنتاج، الذي يدخل في المؤشر المركب، إلى 45.1 من 45.8، حتى مع خفض المصانع للتكاليف للشهر الثالث على التوالي وبوتيرة أسرع من أكتوبر. وانخفض مؤشر أسعار المنتجين أيضاً إلى 47.9 من 48.2.

ومن المرجح أن يعزز هذا التراجع التوقعات بأن البنك المركزي الأوروبي سيخفِض أسعار الفائدة مجدداً في الشهر المقبل. فقد خفض البنك أسعار الفائدة ثلاث مرات هذا العام إلى 3.25 في المائة في ظل المخاوف المتزايدة بشأن آفاق النمو الضعيفة في المنطقة.

وفي ألمانيا، تسارع التراجع في الاقتصاد في نوفمبر مع تراجع النشاط التجاري للشهر الخامس على التوالي وبأسرع وتيرة منذ فبراير (شباط)، وفقاً لاستطلاع نُشر الجمعة.

وانخفض مؤشر مديري المشتريات الألماني المركب الذي تعدّه شركة «ستاندرد آند بورز غلوبال» إلى 47.3 نقطة من 48.6 نقطة في أكتوبر. وكان المحللون يتوقعون عدم حدوث أي تغيير عن الشهر السابق.

كما تدهور النشاط التجاري في قطاع الخدمات في ألمانيا في نوفمبر، حيث انخفض المؤشر بشكل غير متوقع إلى 49.4 من 51.6 في أكتوبر.

وقال دي لا روبيا: «حتى وقت قريب، كان الاقتصاد الألماني قد استقر إلى حد ما بفضل قطاع الخدمات، الذي كان يعوّض التراجع الحاد في التصنيع. لكن ذلك لم يعد قائماً الآن».

وتجنبت ألمانيا الركود الفني في الربع الثالث، لكن الحكومة تتوقع انكماش الناتج بنسبة 0.2 في المائة لعام 2024 ككل؛ مما يضع ألمانيا في قاع الاقتصادات الرائدة في العالم.

وقد تعثّر الاقتصاد الألماني بسبب التنافس المتزايد من الخارج، وضعف الطلب، وتباطؤ الصناعة. علاوة على ذلك، تسببت الخلافات حول الموازنة في إسقاط الائتلاف الثلاثي الحاكم؛ مما ترك أكبر اقتصادات أوروبا في حالة من الجمود السياسي حتى الانتخابات المبكرة في فبراير.

وقال دي لا روبيا: «إعلان الانتخابات المبكرة في ألمانيا في 23 فبراير لا يساعد الوضع».

وارتفع مؤشر التصنيع قليلاً إلى 43.2 من 43 في الشهر السابق، لكنه لا يزال بعيداً عن منطقة النمو. وكان المحللون يتوقعون عدم حدوث تغيير.

أما في فرنسا، فقد انكمش النشاط التجاري في نوفمبر بأسرع وتيرة منذ بداية العام، حيث تراجعت الطلبيات الجديدة والتوقعات المستقبلية إلى أدنى مستوى لها منذ أربع سنوات.

وانخفض مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات في فرنسا الصادر عن شركة «إتش سي أو بي» بشكل حاد إلى 45.7 نقطة في نوفمبر من 49.2 نقطة في أكتوبر، مسجلاً أدنى مستوى في عشرة أشهر.

كما تراجع مؤشر مديري المشتريات المركب الأوسع نطاقاً، الذي يشمل كلاً من الخدمات والتصنيع، إلى 44.8 من 48.1، وهو أدنى مستوى منذ يناير (كانون الثاني).

وساهم الانخفاض في الطلبيات الجديدة، خصوصاً من الأسواق الدولية، في هذا الضعف العام، حيث أفادت الشركات بأكبر تراجع في حجم الطلبيات الجديدة خلال أربع سنوات.

ولأول مرة منذ مايو (أيار) 2020، سجَّلت الشركات الفرنسية توقعات سلبية للنشاط على مدار العام المقبل.

وقد يكون عدم اليقين السياسي أحد الأسباب المحتملة لهذا التراجع، حيث يهدد حزب «التجمع الوطني» اليميني المتطرف بإسقاط حكومة رئيس الوزراء ميشيل بارنييه الائتلافية الهشة بسبب خلاف حول موازنة عام 2025.

وقال كبير الاقتصاديين في بنك «هامبورغ التجاري»، طارق شودري: «الاقتصاد الفرنسي يتأثر بالشكوك». وأضاف: «هذه ليست إشارة جيدة للاستهلاك الخاص وقرارات الاستثمار».

ورغم هذه التوقعات المتشائمة، سجل القطاع الخاص زيادة طفيفة في خلق الوظائف.