الجدعان: لم نعد نركز على أرقام الناتج المحلي بل على تطور القطاع غير النفطي

التشرذم الاقتصادي يثير المخاوف... و«الصندوق» يرى التعاون الدولي في عالم مفكك مفتاحاً للنمو

وزير المالية السعودي متحدثاً في إحدى جلسات منتدى «مبادرة مستقبل الاستثمار» (الشرق الأوسط)
وزير المالية السعودي متحدثاً في إحدى جلسات منتدى «مبادرة مستقبل الاستثمار» (الشرق الأوسط)
TT

الجدعان: لم نعد نركز على أرقام الناتج المحلي بل على تطور القطاع غير النفطي

وزير المالية السعودي متحدثاً في إحدى جلسات منتدى «مبادرة مستقبل الاستثمار» (الشرق الأوسط)
وزير المالية السعودي متحدثاً في إحدى جلسات منتدى «مبادرة مستقبل الاستثمار» (الشرق الأوسط)

طغت المخاوف من التشرذم الاقتصادي على إحدى جلسات منتدى «مبادرة مستقبل الاستثمار» التي كان طابعها مالياً صرفاً، حيث استضافت الجلسة محمد الجدعان وزير المالية السعودي الذي قال إن المملكة لم تعد تركز على أرقام الناتج المحلي، بل على تطور القطاع غير النفطي، وحضر الجلسة كل من نظيره البحريني سلمان آل خليفة، والسكرتير الاقتصادي للخزانة في المملكة المتحدة أندرو غريفيث، والتركي محمد شمشيك، بالإضافة إلى المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا.

وخلال الجلسة التي حملت عنوان «التوازن بين تعزيز الاقتصادات ونمو التجارة الدولية»، أشار الجدعان إلى أن التشرذم الاقتصادي مضر لاقتصادات البلدان، داعياً إلى التقليل من القيود على التجارة الدولية.

وتحدث هنا عن علاقات السعودية الاستراتيجية والقوية مع الولايات المتحدة ومع الصين التي تعد أكبر شريك اقتصادي لها، «لذا نحتاج للحفاظ على تلك العلاقة، والحفاظ على بناء الجسور، والتأكد من التواصل حتى مع أولئك الذين قد لا نتفق معهم في كل شيء».

وقال إنه «يجب أن نكون أقوياء لنكون قادرين على مساعدة الآخرين، لذا حرصنا على أن يكون اقتصادنا ووضعنا المالي متيناً بما يمكّننا من القيام بذلك».

وأشار الجدعان إلى أن بلاده لم تعد تركز على أرقام الناتج المحلي الإجمالي، بل على تطور القطاع غير النفطي، في ظل مستهدفها لتنويع الاقتصاد وفق «رؤية 2030».

وأكد أن «نمو الناتج المحلي غير النفطي في المملكة استمر بشكل صحي»، مرجحاً أن يستمر كذلك في المدى المتوسط. وأعلن أنه في الربع الأخير كان نمو الناتج المحلي غير النفطي 6.1 في المائة، «ونرجح أن ينتهي العام بنمو نسبته حوالي 6 في المائة، ونأمل أن يواصل النمو العام المقبل وما بعده حول ذلك الرقم».

وقال إن المملكة منذ إطلاق «رؤية 2030» في 2016 عملت على تقوية اقتصادها من خلال تنويع مصادر الدخل لمواجهة المتغيرات العالمية، ولتتمكن من مساعدة نفسها وأيضاً دعم البلدان الأخرى.

وأوضح الجدعان أن نتائج الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين التي انعقدت في مراكش بداية الشهر الحالي، كانت إيجابية رغم الأحداث الجيوسياسية.

وإذ أشار إلى أن كثيراً من البلدان يعاني من ارتفاع معدل التضخم، نبّه الجدعان أن 24 في المائة من الدول منخفضة الدخل يجب عليها الآن دفع أكثر من 10 في المائة فوائد على ديونها السيادية، عادّاً أنه كلّما زادت قيود التجارة زادت معاناة هذه الدول.

وكان الجدعان أثار هذه المسألة في الاجتماعات السنوية في مراكش، وطالب بتبني مساعدات تخصص لإعانة الدول في مسألة الديون، داعياً إلى تخفيف أعباء الديون عن الدول محدودة الدخل وتجنيبها أزمات اقتصادية. وإذ قال من مراكش إن دعم الدول الفقيرة «ليس عملاً خيرياً»، لكنه يجنب العالم تبعات وأزمات اقتصادية أكبر.

وفيما يتعلق بالصراع الدائر في الشرق الأوسط وآثاره الاقتصادية، قال الجدعان إن «الدول منخفضة الدخل هي التي تتحمل التبعات الأكبر للمخاطر حالياً». وأضاف أن السعودية تعمل مع شركائها لخفض التصعيد في المنطقة.

وذكر وزير المالية البحريني سلمان آل خليفة من جهته أن مسار التنمية يتجه نحو التنويع في مختلف اقتصادات الخليج، موضحاً أن السعودية حققت قفزات هائلة في هذا المجال، في حين استطاعت المنامة الوصول إلى 83 في المائة من الناتج المحلي غير النفطي، وهذا مسار تنموي مضت إليه البلاد منذ وقت مبكر.

وقال وزير المالية التركي محمد شمشيك في الجلسة نفسها إن «تركيا عادت ببرنامج اقتصادي جديد والغموض ذهب بلا رجعة، لكننا قلقون بشأن التداعيات طويلة الأمد للتطورات الجيوسياسية».

وأضاف أن معدل نمو الاقتصاد التركي حتى يوليو (تموز) الماضي تراوح بين 2 في المائة و2.5 في المائة.

من جهته، قال السكرتير الاقتصادي للخزانة في المملكة المتحدة أندرو غريفيث إن «الاقتصاد البريطاني كان مرناً جداً واستعاد قوته ومستويات ما قبل جائحة (كورونا) وهو أكبر اقتصاد في (مجموعة السبع) نمواً في أوروبا في آخر بضع سنوات»، وأضاف «هذا الطلب خلق تحديات كبيرة رأيناها في سلسلة الإمدادات في أماكن أخرى».

غورغييفا

من ناحيتها، قالت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، إن التعاون الدولي في عالم مفكك هو مفتاح النمو، مضيفة أن هذه المسألة «ذات أولوية قصوى».

كما قالت: «نراقب تكاليف هذا التفكك، فهي كبيرة للغاية. تحدثنا في مناسبات كثيرة عن انخفاض بنحو 12 في المائة في الناتج المحلي الإجمالي العالمي. فقط تخيلوا ما يمكن للعالم القيام به إذا كان لديه 12 أو 13 أو 14 تريليون دولار إضافية».

وأوضحت أن مؤسسة الإقراض العالمية تحتاج لزيادة مواردها المالية 50 في المائة عن مستوياتها الراهنة في ظل التحديات والصدمات المتواصلة التي يتعرض لها العالم.

وقالت إن التعامل مع معدلات التضخم المرتفعة سيكون مكلفاً في العام المقبل، مؤكدةً أن الحرب بين إسرائيل و«حماس» لها تبعات اقتصادية على مصر والأردن ولبنان. وأشارت غورغييفا إلى وجود 3 آلاف إجراء حمائي يعوق التجارة العالمية حالياً، وأن التضخم ما زال مرتفعاً، والفائدة ستستمر في الزيادة مما سيؤدي إلى تباطؤ في النمو.

وخلال الجلسة، قالت غورغييفا: «إذا كنتم تريدون مجتمعاً متحداً غير متجزئ أكثر أمناً وأثرى وأغنى، ارفعوا أيديكم». فقام الحضور على المنصة برفع أيديهم، وكذلك الحضور.


مقالات ذات صلة

للمرة الأولى... اتحاد الغرف السعودية يشكّل لجنة للطاقة والبتروكيماويات

الاقتصاد مبنى اتحاد الغرف السعودية في الرياض (الموقع الإلكتروني لاتحاد الغرف السعودية)

للمرة الأولى... اتحاد الغرف السعودية يشكّل لجنة للطاقة والبتروكيماويات

أعلن اتحاد الغرف السعودية تشكيل أول لجنة وطنية من نوعها للطاقة والبتروكيماويات تحت مظلة القطاع الخاص، لتعزيز مشاركته في صناعة سياسات هذا القطاع الحيوي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)

السعودية تنضم لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود

أعلنت وزارة الطاقة السعودية انضمام المملكة إلى مبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود، وذلك ضمن مساعي البلاد لدعم الجهود الدولية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

رفعت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني تصنيف السعودية إلى «إيه إيه 3» (Aa3) من «إيه 1»، مشيرة إلى جهودها لتنويع اقتصادها بعيداً عن النفط.

«الشرق الأوسط» (نيويورك) «الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)

«كوب 29» يشتعل في اللحظات الحاسمة مع اعتراضات من كل الأطراف

سيطر الخلاف على اليوم الختامي لـ«كوب 29» حيث عبرت جميع الأطراف عن اعتراضها على «الحل الوسطي» الوارد في «مسودة اتفاق التمويل».

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد أبراج إدارية وخدمية في الضاحية المالية بالعاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)

حاكم تكساس يأمر الوكالات المحلية ببيع أصولها في الصين

أمر حاكم ولاية تكساس الأميركية وكالات الولاية بالتوقف عن الاستثمار في الصين، وبيع أصول هناك في أقرب وقت ممكن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن - بكين)

«كوب 29»: اتفاق على تمويل سنوي قدره 300 مليار دولار

شعار قمة «كوب 29» (رويترز)
شعار قمة «كوب 29» (رويترز)
TT

«كوب 29»: اتفاق على تمويل سنوي قدره 300 مليار دولار

شعار قمة «كوب 29» (رويترز)
شعار قمة «كوب 29» (رويترز)

تعهّدت الدول المُتقدّمة، يوم الأحد، في باكو، تقديم مزيد من التمويل للدول الفقيرة المهددة بتغير المناخ.

وبعد أسبوعين من المفاوضات الشاقة، وافقت دول العالم المجتمعة في باكو، الأحد، على اتفاق يوفر تمويلاً سنوياً لا يقل عن 300 مليار دولار للدول النامية التي كانت تطالب بأكثر من ذلك بكثير لمكافحة التغير المناخي.

ويتمثل هذا الالتزام المالي من جانب دول أوروبية والولايات المتحدة وكندا وأستراليا واليابان ونيوزيلندا، تحت رعاية الأمم المتحدة، في زيادة القروض والمنح للدول النامية من 100 مليار إلى «300 مليار دولار على الأقل» سنوياً حتى عام 2035.

والأموال مخصصة لمساعدة هذه الدول على التكيف مع الفيضانات وموجات الحر والجفاف، وأيضاً للاستثمار في الطاقات منخفضة الكربون.

وعبّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن مشاعر متباينة حيال الاتفاق بشأن تمويل المناخ الذي تم التوصل إليه في أذربيجان، فجر الأحد، حاضاً الدول على اعتباره «أساساً» يمكن البناء عليه.

وقال غوتيريش: «كنت آمل في التوصل إلى نتيجة أكثر طموحاً... من أجل مواجهة التحدي الكبير الذي نواجهه»، داعياً «الحكومات إلى اعتبار هذا الاتفاق أساساً لمواصلة البناء» عليه.

وأعربت وزيرة الانتقال البيئي الفرنسية أنياس بانييه - روناشيه عن أسفها، لأن الاتفاق الذي تم التوصل إليه، الأحد، في مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين في أذربيجان «مخيب للآمال»، و«ليس على مستوى التحديات».

وقالت الوزيرة في بيان، إنه على الرغم من حصول «كثير من التقدّم»، بما في ذلك زيادة التمويل للبلدان الفقيرة المهددة بتغيّر المناخ إلى 3 أضعاف، فإنّ «النص المتعلّق بالتمويل قد اعتُمِد في جوّ من الارتباك واعترض عليه عدد من الدول».

اتفاق حاسم في اللحظة الأخيرة

في المقابل، أشاد المفوض الأوروبي فوبكه هوكسترا، الأحد، بـ«بداية حقبة جديدة» للتمويل المناخي. وقال المفوض المسؤول عن مفاوضات المناخ: «عملنا بجدّ معكم جميعاً لضمان توفير مزيد من الأموال على الطاولة. نحن نضاعف هدف الـ100 مليار دولار 3 مرات، ونعتقد أن هذا الهدف طموح. إنه ضروري وواقعي وقابل للتحقيق».

من جهته، رحب وزير الطاقة البريطاني إد ميليباند بالاتفاق الذي تم التوصل إليه في مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين، واصفاً إياه بأنه «اتفاق حاسم في اللحظة الأخيرة من أجل المناخ». وقال ميليباند: «هذا ليس كل ما أردناه نحن أو الآخرون، لكنها خطوة إلى الأمام لنا جميعاً».

كما أشاد الرئيس الأميركي جو بايدن، السبت، باتفاق «كوب 29» بوصفه «خطوة مهمة» في مكافحة الاحترار المناخي، متعهداً بأن تواصل بلاده عملها رغم موقف خلفه دونالد ترمب المشكك بتغيّر المناخ.

وقال بايدن: «قد يسعى البعض إلى إنكار ثورة الطاقة النظيفة الجارية في أميركا وحول العالم أو إلى تأخيرها»، لكن «لا أحد يستطيع أن يعكس» هذا المسار.