المركزي التركي يرفع الفائدة إلى 15% متعهداً بالمزيد لمكافحة التضخم

الليرة تستجيب لـ«التراجع»... والقرار لم يُلبِّ توقعات الخبراء العالميين

موظف يقوم بعد أوراق نقدية في أحد محلات الصرافة بمدينة إسطنبول التركية قبل قرار البنك المركزي رفع الفائدة إلى 15% (أ.ب)
موظف يقوم بعد أوراق نقدية في أحد محلات الصرافة بمدينة إسطنبول التركية قبل قرار البنك المركزي رفع الفائدة إلى 15% (أ.ب)
TT

المركزي التركي يرفع الفائدة إلى 15% متعهداً بالمزيد لمكافحة التضخم

موظف يقوم بعد أوراق نقدية في أحد محلات الصرافة بمدينة إسطنبول التركية قبل قرار البنك المركزي رفع الفائدة إلى 15% (أ.ب)
موظف يقوم بعد أوراق نقدية في أحد محلات الصرافة بمدينة إسطنبول التركية قبل قرار البنك المركزي رفع الفائدة إلى 15% (أ.ب)

رفع البنك المركزي التركي سعر الفائدة على إعادة الشراء لمدة أسبوع (الريبو) المعتمد معيارا أساسيا لأسعار الفائدة 650 نقطة أساس من 8.50 في المائة إلى 15 في المائة دفعة واحدة، مع التأكيد على الاستمرار في تشديد السياسة النقدية لمكافحة التضخم وضبط الأسعار.

واتخذ البنك المركزي قراره خلال أول اجتماع للجنة السياسة النقدية بقيادة رئيسة البنك الجديدة حفيظة غايا إركان الخميس، وسط ترقب محلي ودولي واسع لاتجاه السياسة النقدية الجديدة في تركيا، وما إذا كانت ستحقق العودة إلى الأسس المنطقية والسياسة التقليدية التي يمكن التنبؤ بها وفق ما صرح وزير الخزانة والمالية الجديد محمد شيمشك عند توليه منصبه في حكومة الرئيس رجب طيب إردوغان الجديدة في وقت سابق من الشهر الحالي.

وقال البنك المركزي، في بيان عقب الاجتماع، إن لجنة السياسة النقدية قررت بدء عملية التشديد النقدي من أجل الحد من التضخم في أسرع وقت ممكن، ولتحقيق توقعات التضخم والسيطرة على التدهور في سلوك التسعير.

وبالإشارة إلى الهدف المعلن من قبل من جانب الحكومة بشأن خفض معدل التضخم إلى 5 في المائة، ذكر البيان أنه «سيتم تعزيز التشديد النقدي تدريجياً عند الضرورة حتى يتم تحقيق تحسن كبير في توقعات التضخم».

وأشار البيان إلى أنه في حين أن التضخم في الاقتصاد العالمي قد انخفض، إلا أنه لا يزال أعلى بكثير من التوقعات طويلة الأجل، ولهذا السبب تتخذ البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم تدابير لخفض التضخم. وأضاف «في تركيا تظهر المؤشرات الأخيرة زيادة في الاتجاه الأساسي للتضخم، وكان هذا التطور مدفوعاً بالمسار القوي للطلب المحلي، والضغوط من جانب التكلفة وتضخم الخدمات، وبالإضافة إلى هذه العوامل تتوقع لجنة السياسات النقدية أن التدهور في سلوك التسعير سيكون له تأثير سلبي إضافي على التضخم».

عروض وخصومات على الملابس في المنطقة التجارية وسط مدينة إسطنبول التركية في ظل أوضاع اقتصادية ضاغطة (أ.ب)

وتابع البيان أن لجنة السياسات ستحدد معدل السياسة (سعر الفائدة) بطريقة تخلق الظروف النقدية والمالية التي ستضمن الاتجاه الأساسي للتضخم نحو الانخفاض والوصول إلى هدف 5 في المائة على المدى المتوسط، وسيتم تعزيز التشديد النقدي تدريجياً عند الضرورة حتى يتم تحقيق تحسن كبير في توقعات التضخم.

وأكد البيان أنه ستتم مراقبة مؤشرات التضخم واتجاهه عن كثب، وسيواصل البنك المركزي التركي استخدام جميع الأدوات المتاحة له، بحزم، بما يتماشى مع هدفه الرئيسي المتمثل في استقرار الأسعار. وذكر أنه «ستزداد فاعلية السياسة النقدية مع بدء عملية التشديد النقدي، ومع ذلك وبهدف ضمان استمرارية استقرار الأسعار، سيواصل البنك المركزي دعم الاستثمارات الاستراتيجية التي من شأنها تحسين رصيد الحساب الجاري». وأضاف «ستقوم لجنة السياسة النقدية بتبسيط إطار العمل التحوطي الجزئي والكلي الحالي لزيادة وظائف آليات السوق وتعزيز الاستقرار المالي الكلي، وستجرى عملية التبسيط تدريجياً من خلال إجراء تحليلات التأثير».

وأحدث قرار البنك المركزي التركي ردة فعل فورية على الأسواق. وارتفع مؤشر بورصة إسطنبول إلى 5.268 نقطة، بينما سجل الدولار واليورو ارتفاعا أمام الليرة بنحو 1 في المائة، وارتفع سعر الدولار إلى 24.16 ليرة، مقابل 23.55 في بداية تعاملات الخميس، فيما قفز اليورو إلى 26.55 ليرة من 25.91 ليرة في بداية التعاملات.

وقالت وكالة «بلومبرغ» إن البنك المركزي التركي رفع أسعار الفائدة أقل بكثير مما كان متوقعاً من قبل معظم الاقتصاديين، في إشارة إلى أن صانعي السياسة يفضلون الانتقال التدريجي من عصر الأموال الرخيصة للغاية.

في الوقت ذاته، أجرى نائب الرئيس التركي جودت يلماز ووزير الخزانة والمالية محمد شيمشك، في أبوظبي سلسلة مباحثات على مستوى الوفود، قبل لقاء مع الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الخميس خلال زيارة عمل ليوم واحد، لبحث سبل تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين. وتهدف الزيارة إلى التمهيد لزيارة سيقوم بها الرئيس رجب طيب إردوغان إلى الإمارات العربية المتحدة.

وشارك نائب رئيس الدولة، الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، في المباحثات التي ركزت على تقييم فرص التعاون الاقتصادي بين البلدين.

ونقلت «رويترز»، الخميس، عن مصدرين وصفتهما بـ«المطلعين»، أن تركيا تتوقع أن تستثمر الإمارات والسعودية في قطاعي الطاقة والدفاع بها، إجراء كبار المسؤولين الاقتصاديين الأتراك مفاوضات في أبوظبي. وقال أحد المصدرين: «من المتوقع أن تتدفق الأموال في الفترة المقبلة، خاصة من منطقة الخليج. أجروا بعض الاتصالات رفيعة المستوى في تركيا. سيكون هناك بعض الاستثمارات المباشرة من السعودية والإمارات».

ويستمر بحث أنقرة عن الاستثمار الأجنبي. ووفق بيانات البنك المركزي التي تغطي أسبوع 9 يونيو (حزيران)، انخفض إجمالي احتياطيات البنك المركزي إلى 99.7 مليار دولار، وانخفض في الأشهر الستة الأولى من العام بنسبة 22.50 في المائة وانخفض احتياطي النقد الأجنبي بنسبة 30.2 في المائة. وفي أسبوع 9 يونيو كان صافي الاحتياطي (سالب 3.2 مليار دولار)، وصافي الاحتياطي باستثناء المقايضات (سالب 59.9 مليار دولار)، وفق بيانات المركزي التركي.


مقالات ذات صلة

«المركزي التركي» يؤكد استمرار سياسته المتشددة تماشياً مع توقعات التضخم

الاقتصاد رئيس البنك المركزي التركي فاتح كارهان متحدثاً خلال اجتماع الجمعية العمومية لغرفة صناعة إسطنبول (إعلام تركي)

«المركزي التركي» يؤكد استمرار سياسته المتشددة تماشياً مع توقعات التضخم

أكد البنك المركزي التركي استمرار دعم الموقف المتشدد في السياسة النقدية من خلال السياسات الاحترازية الكلية بما يتماشى مع توقعات التضخم

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد مكاتب الصرافة ترفض التعامل على فئتي 50 و100 دولار من الطبعة القديمة المعروفة بـ«الدولار الأبيض» بسبب ادعاءات حول عمليات تزييف (أ.ب.أ)

تركيا: وقف التعامل على «الدولار الأبيض» بعد ادعاءات عن عمليات تزييف

تعيش الأسواق في تركيا على وقع أزمة تتعلق بامتناع البنوك وشركات الصرافة عن التعامل بالدولار القديم المطبوع بين عامي 2003 و2006 المعروف بـ«الدولار الأبيض».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد البنك المركزي التركي

«المركزي التركي» يثبّت سعر الفائدة عند 50 % للشهر الثامن

أبقى البنك المركزي التركي على سعر الفائدة عند 50 في المائة دون تغيير، للشهر الثامن، مدفوعاً بعدم ظهور مؤشرات على تراجع قوي في الاتجاه الأساسي للتضخم

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد متسوقة في إحدى الأسواق التركية (إكس)

تحركات تركية إضافية لكبح التضخم

أعلن وزير الخزانة والمالية التركي محمد شيمشك أن الحكومة ستتخذ إجراءات إضافية ضرورية لمعالجة التضخم المرتفع، متوقعاً تراجع التضخم إلى خانة الآحاد في عام 2026.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد رئيس البنك المركزي التركي فاتح كاراهان خلال مؤتمر صحافي لإعلان تقرير التضخم الرابع للعام الحالي الجمعة (من البث المباشر للمؤتمر الصحافي)

«المركزي» التركي يكشف عن توقعات محبطة للتضخم ويتمسك بالتشديد النقدي

كشف البنك المركزي التركي عن توقعات محبطة ومخيبة للآمال، في تقريره الفصلي الرابع والأخير للتضخم هذا العام، رافعاً التوقعات بنهاية العام إلى 44 في المائة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

غانا على مفترق طرق اقتصادي... انتخابات حاسمة تحدد مصير الديون والنمو

المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)
المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)
TT

غانا على مفترق طرق اقتصادي... انتخابات حاسمة تحدد مصير الديون والنمو

المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)
المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)

سيذهب الغانيون إلى صناديق الاقتراع في السابع من ديسمبر (كانون الأول) لاختيار رئيس جديد وبرلمان، في انتخابات تراقبها الأوساط الاستثمارية من كثب لتحديد كيفية توجيه الفائز للاقتصاد الذي يخرج من مرحلة تعثر في سداد الديون.

المتنافسون الرئيسيون لاستبدال الرئيس نانا أكوفو - أدو، البالغ من العمر 80 عاماً، الذي يتنحى بعد ولايتين على رأس دولة تنتج الذهب والكاكاو، هما الرئيس السابق جون دراماني ماهاما ونائب الرئيس الحالي محامودو باوميا. كما أن هناك 11 مرشحاً آخرين يتنافسون على المنصب، وفق «رويترز».

ما الذي يركز عليه المستثمرون؟

وصلت غانا إلى نهاية عملية إعادة هيكلة الديون الطويلة والمعقدة؛ حيث أعادت الحكومة هيكلة 13 مليار دولار من السندات الدولية بوصف ذلك جزءاً من خطة أوسع لخفض الديون بنحو 4.7 مليار دولار وتوفير نحو 4.4 مليار دولار من تخفيف السيولة خلال برنامج صندوق النقد الدولي الحالي الذي يستمر حتى عام 2026.

ومع بقاء الخطوة الأخيرة المتمثلة في التوصل إلى اتفاق مع الدائنين التجاريين غير الأوروبيين، فإن المستثمرين يقومون بالفعل بتقييم فترة ما بعد الانتخابات لمعرفة ما إذا كان الفائز سوف يستمر في الإصلاحات الاقتصادية اللازمة لضمان استدامة الديون. وتعهد ماهاما (65 عاماً)، الذي يتصدر العديد من استطلاعات الرأي، بمحاولة إعادة التفاوض على شروط اتفاق صندوق النقد الدولي لتأمين المزيد من التمويل. ووعد أيضاً بتعديل القانون لوضع سقف للدين العام يتراوح بين 60 و70 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لمنع الاقتراض المفرط.

ومع ذلك، فإن فترة رئاسته السابقة (2012 - 2017) شهدت زيادة ملحوظة في الاقتراض للاستثمار في مشاريع البنية التحتية مثل الطرق، ما أوقعه في انتقادات بسبب نقص الكهرباء وارتفاع التضخم.

من جانبه، يتبنى بوميا (61 عاماً) شعاراً يتمثل في تحديث الاقتصاد من خلال الرقمنة، وخفض الضرائب، وتعزيز الانضباط المالي بهدف رفع النمو السنوي إلى متوسط ​​6 في المائة. وتعهد أيضاً بتحديد الإنفاق العام بنسبة 105 في المائة من عائدات الضرائب في العام السابق، وتقديم خطة ضريبية ثابتة، ونقل 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي من الإنفاق العام إلى القطاع الخاص لتوفير البنية الأساسية العامة.

هل يمكن للفائز إعادة التفاوض على برنامج صندوق النقد الدولي؟

من الشائع أن يلجأ القادة الجدد إلى صندوق النقد الدولي لمراجعة البرامج القائمة، كما حدث مؤخراً في سريلانكا. ويقول صندوق النقد الدولي، الذي يعد مقرض الملاذ الأخير لغانا في إعادة هيكلة ديونها بموجب الإطار المشترك لمجموعة العشرين، إن تركيزه الأساسي هو دعم الحكومة في استعادة الاستقرار الاقتصادي الكلي مع تمكين استدامة الدين والنمو الشامل. وقد وافق الصندوق حتى الآن على الأداء الاقتصادي لغانا في إطار برنامج قروضه الحالي البالغة قيمته 3 مليارات دولار.

ويؤكد الصندوق أنه يمكن تعديل برنامج غانا الحالي؛ حيث يتم تطوير برامج الإصلاح المدعومة من الصندوق بالتعاون مع الحكومات وتتم مراجعتها بشكل دوري. ومع ذلك، يجب أن تؤخذ أي مناقشات في الاعتبار مع ضرورة الحفاظ على قدرة البلاد على تحقيق الأهداف الاقتصادية المنشودة.

ما القضايا الاقتصادية الأخرى التي تؤثر في الانتخابات؟

سيتعين على الفائز في الانتخابات أن يعالج عدداً من القضايا الملحة، بما في ذلك أزمة تكاليف المعيشة، والبطالة المتفشية، وارتفاع الأسعار، وانقطاع التيار الكهربائي المتكرر. ويخطط حزب ماهاما (المؤتمر الوطني الديمقراطي) لزيادة الإنفاق الحكومي في القطاعات الاجتماعية مثل الصحة والتعليم، فضلاً عن تعزيز البنية الأساسية لدعم النمو وخلق فرص العمل، إذا فاز في الانتخابات.

أما حزب باوميا (الحزب الوطني الجديد) فيرغب في تحسين استقرار الاقتصاد من خلال خفض التضخم وجذب الاستثمارات الخاصة. وستواجه أي من الحكومات المقبلة خيارات محدودة في ظل العبء الثقيل للديون، وفقاً لتقرير «أكسفورد إيكونوميكس». وأظهرت تحليلات أن وعود ماهاما خلال الحملة الانتخابية بتحسين الظروف الاقتصادية للأفراد والأسر قد تجد نفسها في اختبار حقيقي نتيجة الحاجة إلى موازنة هذه الوعود مع مطالب صندوق النقد الدولي بالتحلي بضبط الإنفاق المالي.

السلع الأساسية على المحك

سيتعين على الحكومة الجديدة التعامل مع عملية الترخيص لمشاريع النفط والغاز الجديدة؛ حيث انخفض الإنتاج، الذي بدأ في عام 2010، في السنوات الخمس التي سبقت عام 2024. ويخطط ماهاما لمنح السكان المحليين المزيد من الملكية في مشاريع النفط والتعدين المستقبلية إذا فاز.

ويحتاج قطاع الكاكاو أيضاً إلى اهتمام عاجل. وانخفض الإنتاج في ثاني أكبر منتج للكاكاو في العالم إلى أدنى مستوى له منذ 20 عاماً، بسبب تدني أجور المزارعين، وأمراض النبات، وتهريب الحبوب، والتعدين غير القانوني الذي يدمر المزارع. وسوف تكون سوق الكاكاو العالمية مهتمة بشدة بمعرفة ما إذا كان الرئيس الجديد سينفذ مقترحات صندوق النقد الدولي لإجراء إصلاحات شاملة في القطاع، وما إذا كان نموذج التسويق الجديد الذي حل محل قروض الكاكاو المجمعة التي سادت لأكثر من ثلاثة عقود سوف يستمر.