واشنطن تشكك في تصريحات الأسد: لا يوجد دليل على أنه مستعد لوقف القتل والقبول بمبادئ جنيف

الرئيس السوري أبدى انفتاحه على المفاوضات مع الولايات المتحدة في مقابلة مع برنامج «60 دقيقة»

واشنطن تشكك في تصريحات الأسد: لا يوجد دليل على أنه مستعد لوقف القتل والقبول بمبادئ جنيف
TT

واشنطن تشكك في تصريحات الأسد: لا يوجد دليل على أنه مستعد لوقف القتل والقبول بمبادئ جنيف

واشنطن تشكك في تصريحات الأسد: لا يوجد دليل على أنه مستعد لوقف القتل والقبول بمبادئ جنيف

رفضت الولايات المتحدة مقترحات الرئيس السوري بشار الأسد وتصريحاته لقناة «سي بي إس» الأميركية أنه على استعداد لإجراء حوار مع الولايات المتحدة ما دام مبنيا على الاحترام المتبادل. وشدد مسؤولو الخارجية الأميركية على فقدان الأسد لشرعيته وأن الأسد لا يمكن أن يكون جزءا من الحل السياسي في سوريا.
وقال نائب المتحدث باسم الخارجية الأميركي جيف راثكي في مؤتمر صحافي أمس «كما قال وزير الخارجية جون كيري، فإن الأسد فقط شرعية نظامه تجاه الشعب السوري الذي ساعدت وحشيته على صعود المتطرفين، مثل مسلحي (داعش)، وقلنا لفترة طويلة إن الأسد ورفاقه أياديهم ملطخة بالدماء ولا يمكن أن يكون جزءا من الحل السياسي».
وأضاف راثكي: «بشار الأسد يستطيع وقف الصراع الدائر في سوريا من خلال إعلان استعداد حكومته للدخول في حوار جاد مع المعارضة السورية للتوصل إلى تسوية سياسية حقيقية تتماشي مع بيان جنيف، ولديه القدرة على وقف التعذيب والقتل المنهجي والعنف الجنسي والاعتقال والبراميل المتفجرة والغارات الجوية والهجمات على المدنيين بغاز الكلور ووقف رفض مطالب شعبه بالإصلاح والحرية والكرامة، وواضح جدا ما يجب القيام به لإحراز تقدم في سوريا».
وحول استعداد الولايات المتحدة للدخول في حوار مع الأسد، قال راثكي: «أعتقد أنه من المهم الرد بأنه لا يوجد دليل في تصريحات الأسد أنه على استعداد للمشاركة على أساس مبادئ جنيف، وليس هناك ما يشير إلى أنه رغب في حوار هادف مع المعارضة بما يؤدي إلى حل سياسي».
وعلى الرغم من التصريحات السابقة التي أدلى بها وزير الخارجية الأميركي جون كيري فإن الولايات المتحدة مضطرة إلى التفاوض مع الأسد حول مستقبل سوريا، إلا أن مسؤولي الخارجية الأميركية شددوا على فكرة وجود مقعد للمسؤولين الحكوميين في المفاوضات للتوصل إلى صيغة الحكم الانتقالي. وقال نائب المتحدث باسم الخارجية الأميركية: «هناك حاجة للعودة إلى الحل الدبلوماسي بما يتفق مع مبادئ بيان جنيف، وبطبيعة الحال هناك حاجة إلى ممثلي نظام الأسد ليكونوا جزءا من هذه العملية، ووجهة نظرنا بشأن الأسد واضحة جدا، فالمسار للمضي قدما لا بد أن يستند إلى مبادئ بيان جنيف، ولا نعتقد أن هناك شيئا في المقابلة أشارت إلى قبول الأسد لمبادئ بيان جنيف».
وكان الرئيس بشار الأسد قد أبدى انفتاحه على المفاوضات مع الولايات المتحدة في مقابلة مع المذيع تشارلي روز في برنامج «60 دقيقة» أذيعت مساء الأحد الماضي، مشيرا إلى تفاؤله بإمكانية التنسيق بين حكومته والحكومة الأميركية، وقال: «نأمل أن الإدارة الأميركية بدأت في التخلي عن سياسة العزل (عزل النظام السوري)، فهي سياسة مضرة لنا ولهم، فعندما تعزل دولة فإنك تعزل نفسك كالولايات المتحدة من القدرة على إحداث تأثير وفاعلية في مسار الأحداث. وإذا كنت تتحدث عن التأثير السلبي، مثل حظر الطيران الذي يمكن أن يقتل الناس ببطء أو شن حرب ودعم الإرهابيين بما يؤدي إلى قتلهم بشكل أسرع، ولدينا انطباع متفائل، ولا أود أن نبالغ، أنه على الأقل عندما نفكر في الحوار فلا يهم أي نوع من الحوار وما مضمون الحوار أو النيات الحقيقية وراءه، ولكن (الحوار) كلمة لم نسمعها من الولايات المتحدة منذ فترة طويلة».
وأضاف الأسد: «نحن دائما منفتحون للحوار ولم نغلق أبوابنا، وهم (الولايات المتحدة) الذين يجب أن يكونوا مستعدين للحوار والتفاوض، فنحن لم نفرض حظرا على الولايات المتحدة ولم نهاجم الأميركيين ولم ندعم الإرهابيين، وأردنا دائما علاقة جيدة مع الولايات المتحدة ولم نفكر في الاتجاه الآخر، فهي (الولايات المتحدة) قوة عظمى ولا يوجد عاقل يفكر في إقامة علاقة سيئة مع الولايات المتحدة».
ورفض الأسد أن يكون خروجه من الحكم جزءا من نقاط الحوار، وقال: «هذا ليس من شأنهم، السوريون هم الذين يقررون هذا»، موضحا أن الظروف التي تدفعه إلى التخلي عن السلطة تنحصر فقط في فقدان التأييد الشعبي له. وحول اتهام العرب بفقدان الأسد لشرعيته قال الرئيس السوري: «ما دام لدي تأييد الرأي العام السوري، الشرعية تأتي من الداخل».
وأوضح الأسد أن الأزمة السورية لا يمكن إنهاؤها عسكريا، قائلا: «كل صراع حتى لو كان حربا يجب أن ينتهي بالحل السياسي».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».