مسح سنوي لالتهابات الجهاز التنفسي في مواسم الحج والعمرة

بحث سعودي ميداني لأمراض المجاري الهوائية الأنفية العلوية الحادة

مسح سنوي لالتهابات الجهاز التنفسي في مواسم الحج والعمرة
TT

مسح سنوي لالتهابات الجهاز التنفسي في مواسم الحج والعمرة

مسح سنوي لالتهابات الجهاز التنفسي في مواسم الحج والعمرة

تعتبر مواسم الحج والفترة الزمنية التي تليها من كل سنة في السعودية، من أكثر الأوقات خصوبة لإجراء الدراسات والأبحاث ذات العلاقة الوطيدة بالتخطيط والتطوير الصحي للأعوام المقبلة من أجل تحقيق أعلى وأفضل مستويات الأداء الطبي مع الحالات المرضية المستجدة منها والقديمة، وأيضا التعامل معها بطرق علمية مبنية على الأدلة والبراهين العلمية التي تعكس جهود العلماء والأطباء في المملكة العاملين في مجال البحث والإبداع والابتكار ومن ثم نقل نتائج هذه الدراسات والأبحاث من المراكز السعودية المحلية إلى المراكز العالمية.
وقد أشارت بعض الدراسات إلى ارتفاع نسبة تفشي أمراض الجهاز التنفسي أثناء الحج. ولا يعرف بالضبط أسباب حدوث التهابات الجهاز التنفسي العلوي بين الحجاج. وفي دراسة سابقة، أفادت التقارير بأن نحو 20 في المائة من الحجاج يواجهون أعراضا تنفسية. وتؤدي هذه الإصابات إلى وقوع المرض ما يؤدي إلى فرض تكاليف عالية على النظام الصحي، ويضيف عقبات أخرى أمام الحجاج وأداء واجبات الحج.

بحث ميداني سعودي
وكان من ضمن أبرز الأبحاث الطبية التي أجريت في خلال موسم الحج للعام الماضي، بحث ميداني في مجال الالتهابات الأكثر شيوعا بين الحجاج والمعتمرين، أجراه الأستاذ الدكتور أسامة عبد الرحمن مرغلاني البروفسور بجامعة أم القرى واستشاري أمراض وجراحة الأنف والأذن والحنجرة والرأس والرقبة والحاصل على التخصص الدقيق في أمراض الأنف والجيوب الأنفية وجراحتها، وهو يعمل حاليا رئيسا لقسم الأنف والأذن والحنجرة في جامعة أم القرى ورئيسا لمركز الرأس والعنق وقاع الجمجمة في مدينة الملك عبد الله الطبية بالعاصمة المقدسة. وشارك في هذا البحث البروفسور إسلام حرز الله الأستاذ بجامعة الزقازيق - بمصر والدكتور فيصل ساعاتي من قسم الأنف والأذن والحنجرة بجامعة أم القرى.
ولتوضيح مغزى هذه الدراسة الميدانية وأهدافها وأهميتها على المستويين المحلي والعالمي باعتبار انتماء الحجاج لمختلف دول العالم، تحدثنا إلى الأستاذ الدكتور أسامة مرغلاني عن الأسباب التي دعته إلى عمل هذا البحث، فأوضح أن التهابات المجاري الهوائية الأنفية العلوية خلال فترة الحج هي من أكثر الأمراض شيوعا لما تسبب من إرهاق وتعب للحجاج المصابين بهذا المرض أثناء وبعد القيام بمناسك الحج، إضافة إلى ما يترك هذا المرض وراءه من آثار مرضية وجسدية وكذلك التأثير الكبير على الصحة العامة والإرهاق المادي الكبير على الحجاج المرضى أنفسهم.
إن وجود أعداد كبيرة من الحجاج في منطقة صغيرة وفي وقت محدد يزيد من خطر دخول الأمراض الضارة والمميتة مثل الأمراض المعدية. وكذلك التغيرات في نمط الحياة كالأنشطة الصحية الروتينية ومنها قلة النوم، سوء النظافة، العادات الفسيولوجية وسوء التغذية... الخ، فضلا عن التعب والقلق الناجم عن التنقل والسفر، من أجل أداء مناسك الحج في منطقة محدودة تجعل الحجاج أكثر عرضة للأمراض.
وأضاف الدكتور مرغلاني أن هناك عددا من الدراسات السابقة كانت أشارت إلى هذا المرض (التهابات المجاري الهوائية الأنفية العلوية) ومضاعفاته، كانت آخرها الدراسة التي قام بها البروفسور أمين الحرابي من مكة المكرمة في عام 2011 وقد تضمنت نتائجها أن أكثر من 75 في المائة من الحجاج المترددين على أقسام الطوارئ والعيادات يشتكون من التهابات المجاري الهوائية العلوية. كما أن هناك دراسة سابقة أخرى أجريت في عام 2003 أوضحت نتائجها أن أكثر أسباب التنويم في المستشفيات خلال مواسم الحج والعمرة وفقا للحالات المسجلة في أقسام التنويم كانت تحمل تشخيص الالتهاب الرئوي وكانت نسبته 49 في المائة.
وأضاف د. مرغلاني أنه بناء على الدراسة والخبرة العملية والعمل الميداني بشكل خاص، فقد وجد أن موضوع التهابات الجيوب الأنفية في بلدان العالم كافة قد أخذ حيزا كبيرا من الدراسات والأبحاث لدرجة يمكن معها متابعة ومعرفة أنواع البكتيريا وأيضا أنواع المضادات الحيوية المناسبة لها والتي قد تتغير سنة عن سنة وفقا للمسوحات Servillance الطبية التي تجرى سنويا فيما يعرف بمراكز مراقبة الأمراض واتقائها CDC.
وبناء على مراجعة أدبيات البحث العلمي في هذا المجال، فقد تأكد للباحث عدم وجود أي دراسة ميدانية موثقة لدينا في المملكة حول التعرف على هذه الميكروبات البكتيرية وأنواعها التي تنتشر خلال مواسم الحج وأسباب عدم استجابتها للمضادات الحيوية التي تكون مدرجة في الأبحاث والكتب والمراجع الموجودة في بلدان أوروبا وأميركا.
ولكل هذه الحيثيات، قام الأستاذ الدكتور أسامة مرغلاني بإجراء هذه الدراسة التي تهدف إلى تقييم الجراثيم المسببة لالتهاب الأنف الحلقي الحاد خلال موسم الحج وإظهار أنماط الحساسية المضادة للميكروبات والتي ينبغي أن توجه الأطباء المعالجين نحو استخدام المضادات الحيوية الأكثر ملاءمة.
ونشر هذا البحث في العدد الرابع عشر من المجلة الدولية المحكمة «مجلة طب السفر والأمراض المعدية، 2016 Travel Medicine and Infectious Disease»، وشارك في البحث، إلى جانب الباحث الرئيس، كل من البروفسور طارق مدني والبروفسور أمين حرابي وساعد في إتمامه عدد من الطلاب من كلية الطب جامعة أم القرى الذين عملوا ليلا ونهارا لإنجاز هذا البحث وقد كان هناك دعم سخي من معهد البحوث بالجامعة.

النتائج المبدئية للبحث
تشير الدراسات الموثقة والمراجع في أوروبا وأميركا إلى أن لالتهابات الجيوب الأنفية أسبابا كثيرة وميكروبات مختلفة، وهناك مضادات حيوية تناسب كل نوع من أنواع البكتيريا المسببة للمرض. ولكن لا يشترط أن تنطبق هذه النتائج على المرضى كافة في العالم خصوصا المرضى المشاركين في هذا البحث.
ولقد قدم البحث تحليلا مبسطا عن أنواع الميكروبات التي تنمو أثناء فترة الحج، وقد وُجد أن هناك اختلافا كبيرا عن ما هو موجود في الدول الأخرى بالخارج. وقد وجد أيضا أن هناك نسبة كبيرة من هذه الميكروبات أي نحو «40 في المائة» كانت موجبة في مزرعة البكتيريا ولكن لا تغطيها معظم المضادات الحيوية الموجودة في كتيب «الدليل العالمي guidelines international». كما وجد أن هناك نسبة كبيرة من الميكروبات مرتفعة عن المعدل العالمي وتحتاج إلى نوعية معينة من المضادات الحيوية.
وأهم توصيات الدراسة:
- أن يكون هناك عمل مسح طبي شامل لكافة الوبائيات وغيرها، وذلك بعمل مسح روتيني سنوي لصحة الحجيج annual servillence and monitoring.
- أن تكون مثل هذه الدراسات تحت مظلة مركزية تابعة لوزارة الصحة.
- أن يكون هناك تنسيق مع الجامعات لعمل مثل هذه الأبحاث.
- كما أوصت الدراسة بإنشاء ما يعرف بمركز التحكم في الوبائيات في الحج والعمرة على غرار مركز مكافحة الأمراض بمدينة أتلانتا الأميركية، وأن يكون مقره مكة المكرمة، ويكون متخصصا في الحج والعمرة يساعد في عمل مسح كل سنة ومتابعة التحكم في الميكروبات بصفة أكثر دقة وأكثر شمولية يساهم في عمل تقييم علمي سنوي لهذه الميكروبات والتمكن من علاجها بطريقة علمية محكمة.


مقالات ذات صلة

التثاؤب... هل يعني أن أدمغتنا لا تحصل على الأكسجين الكافي؟

يوميات الشرق التثاؤب يحدث عندما يكون الناس في حالة انتقالية مثلاً بين النوم والاستيقاظ (رويترز)

التثاؤب... هل يعني أن أدمغتنا لا تحصل على الأكسجين الكافي؟

يشعر معظمنا بقرب عملية التثاؤب. تبدأ عضلات الفك بالتقلص، وقد تتسع فتحتا الأنف، وقد تذرف أعيننا الدموع عندما ينفتح فمنا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الدعم المُرتكز على التعاطف مع المريض يعادل تناول الدواء (جامعة تكساس)

المكالمات الهاتفية المُرتكزة على التعاطف تُحسّن السيطرة على السكري

المكالمات الهاتفية المُرتكزة على التعاطف مع مرضى السكري من أفراد مدرّبين على القيام بذلك، أدَّت إلى تحسينات كبيرة في قدرتهم على التحكُّم في نسبة السكر بالدم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك لا يستطيع بعضنا النوم في بعض الأحيان رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين (رويترز)

لماذا لا يستطيع البعض النوم ليلاً رغم شعورهم بالتعب الشديد؟

أحياناً لا يستطيع بعضنا النوم رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين، الأمر الذي يعود إلى سبب قد لا يخطر على بال أحد وهو الميكروبات الموجودة بأمعائنا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك هناك 323 قارورة من فيروسات معدية متعددة اختفت من المختبر (أ.ف.ب)

اختفاء عينات فيروسات قاتلة من أحد المختبرات بأستراليا

أعلنت حكومة كوينزلاند، الاثنين، عن اختفاء مئات العينات من فيروسات قاتلة من أحد المختبرات في أستراليا.

«الشرق الأوسط» (سيدني)
صحتك الدماغ يشيخ ويتقدم في السن بسرعة في 3 مراحل محددة في الحياة (رويترز)

3 مراحل بالحياة يتقدم فيها الدماغ في السن

كشفت دراسة جديدة أن الدماغ يشيخ ويتقدم في السن بسرعة في 3 مراحل محددة في الحياة.

«الشرق الأوسط» (بكين)

لماذا لا يستطيع البعض النوم ليلاً رغم شعورهم بالتعب الشديد؟

لا يستطيع بعضنا النوم في بعض الأحيان رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين (رويترز)
لا يستطيع بعضنا النوم في بعض الأحيان رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين (رويترز)
TT

لماذا لا يستطيع البعض النوم ليلاً رغم شعورهم بالتعب الشديد؟

لا يستطيع بعضنا النوم في بعض الأحيان رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين (رويترز)
لا يستطيع بعضنا النوم في بعض الأحيان رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين (رويترز)

أحياناً، لا يستطيع بعضنا النوم، رغم شعورنا بالتعب والإرهاق الشديدين، الأمر الذي يعود إلى سبب قد لا يخطر على بال أحد؛ وهو الميكروبات الموجودة بأمعائنا، وفقاً لما توصلت إليه دراسة جديدة.

وكل ليلة، ومع غروب الشمس، تبدأ بعض ميكروبات الأمعاء، المعروفة بميكروبات الليل، التكاثر والازدهار، بينما تموت ميكروبات أخرى، وتتغير المواد الكيميائية التي تفرزها هذه الميكروبات أيضاً، مما يسهم في النعاس، وفق ما نقله موقع «سايكولوجي توداي» عن مؤلفي الدراسة الجديدة.

ويصل بعض هذه المواد الكيميائية إلى منطقة تحت المهاد، وهي جزء من دماغك يساعدك على البقاء هادئاً في أوقات التوتر.

وقال الباحثون في الدراسة الجديدة: «من المدهش أن الميكروبات التي تحكم أمعاءك لها إيقاعات يومية، فهي تنتظر الإفطار بفارغ الصبر في الصباح، وفي الليل تحب أن تأخذ قسطاً من الراحة، لذا فإن تناول وجبة خفيفة، في وقت متأخر من الليل، يؤثر إيجاباً بشكل عميق على ميكروبات الأمعاء لديك، ومن ثم على نومك ومدى شعورك بالتوتر».

وأضافوا أن عدم التفات الشخص لما يأكله في نهاية يومه ربما يؤثر بالسلب على نومه، حتى وإن كان يشعر بالتعب الشديد.

كما أن هذا الأمر يزيد من شعوره بالتوتر، وهذا الشعور يؤثر سلباً أيضاً على النوم.

ولفت الفريق، التابع لجامعة كوليدج كورك، إلى أنه توصّل لهذه النتائج بعد إجراء اختبارات على عدد من الفئران لدراسة تأثير الميكروبيوم على الإجهاد والإيقاعات اليومية لديهم.

وقد حددوا بكتيريا واحدة على وجه الخصوص؛ وهي «L. reuteri»، والتي يبدو أنها تهدئ الأمعاء وتؤثر إيجاباً على الإيقاعات اليومية والنوم.

ويقول الباحثون إن دراستهم تقدم «دليلاً دامغاً على أن ميكروبات الأمعاء لها تأثير عميق على التوتر وجودة النوم».

ونصح الباحثون بعدم تناول الأطعمة والمشروبات السكرية ليلاً، أو الوجبات السريعة، وتلك المليئة بالدهون، واستبدال الأطعمة الخفيفة والمليئة بالألياف، بها.