علماء: إنسان النياندرتال قد يكون أول من صنّع القطران الأسود

علماء: إنسان النياندرتال قد يكون أول من صنّع القطران الأسود
TT
20

علماء: إنسان النياندرتال قد يكون أول من صنّع القطران الأسود

علماء: إنسان النياندرتال قد يكون أول من صنّع القطران الأسود

أجرى باحثون من جامعة توبنغن ومتحف الدولة لما قبل التاريخ في ألمانيا وجامعة ستراسبورغ في فرنسا أخيرًا تحليلًا كيميائيًا معقدًا على القطع الأثرية لإنسان نياندرتال المصنوعة باستخدام قطران البتولا، وخلصوا إلى أن كيفية استخراجها لم تكن عرضية.

وبتولا القطران عبارة عن مادة لزجة سوداء تستخدم منذ العصور القديمة لخصائصها اللاصقة المتنوعة والمضادة للماء وللميكروبات. استخدمها بعض أوائل البشر الذين عاشوا في أوروبا لربط أجزاء من أدواتهم معًا.

ويمكن استخلاص المادة من لحاء البتولا باستخدام الحرارة، لكن العلماء يختلفون حول ما إذا كان إنسان نياندرتال قبل 200000 عام ينتج القطران عن قصد أم أنه مجرد نتيجة للاستمتاع بنار دافئة. حيث يعتقد البعض أن القطران الأسود كان بمثابة حادث سعيد أن إنسان نياندرتال قد كشطه ببساطة من الصخور المحيطة بعد حرق لحاء البتولا. فيما يعتقد البعض الآخر أن المادة اللاصقة المقاومة للماء صُنعت بعناية في فرن تحت الأرض قبل وقت طويل من تعلم جنسنا الحيل. لكن يُفترض عمومًا أن تقطير المواد المفيدة عن قصد من المواد الخام هو نشاط آخر يميز الذكاء البشري عن الأنواع الأخرى، وذلك وفق ما نشر موقع «ساينس إليرت» العلمي المتخصص، نقلا عن «مجلة العلوم الأثرية والأنثروبولوجية».

واستنادًا إلى تحليل قطعتين من قطران البتولا تم العثور عليهما في موقع أثري بألمانيا، تجادل الدراسة الجديدة بأن «البتولا القطران قد يوثق التكنولوجيا المتقدمة والتخطيط المستقبلي والقدرة الثقافية في إنسان نياندرتال». إذ يشير تحليل كيمياء القطع الأثرية إلى أنها حُرمت من الأكسجين أثناء تكوينها؛ فمن الناحية النظرية، يمكن تحقيق هذا المظهر المنخفض الأكسجين بعدة طرق، لذلك اختبر الباحثون الطرق المختلفة؛ فأحرقت طريقتان لحاء البتولا فوق الأرض، بينما استخدمت ثلاث طرق في فرن تحت الأرض من نوع ما. وسمح حرق لحاء البتولا فوق الأرض بتكثيف القطران على قمم الحجارة في الهواء الطلق أو كومة من العصي.

وفي النهاية، كان قطران البتولا المصنوع تحت الأرض هو الوحيد الذي يحمل نفس التوقيع الكيميائي مثل القطع الأثرية القديمة الموجودة في ألمانيا. فيما تشير النتائج إلى أن قطران إنسان نياندرتال ليس نتيجة مصادفة «لكنه تقنية معقدة تحت الأرض يجب التخطيط لها بعناية، حيث لا يمكن مراقبتها بمجرد دفنها. وكان مثل هذا الإعداد المعقد يتطلب وصفة محددة يجب اتباعها بدقة».

ويخلص الباحثون في دراستهم الى القول «ان ما نعرضه هنا لأول مرة هو أن إنسان نياندرتال اخترع وصقل تقنية تحويلية، على الأرجح بشكل مستقل عن تأثير الإنسان العاقل. وقد أظهرت الاكتشافات السابقة أن إنسان نياندرتال كان لديه نظام غذائي معقد يتضمن خطوات متعددة لإعداد الطعام. ومع ذلك، قد لا يقتصر استخدامه للنار على التدفئة أو الطهي. كما لا ينبغي الاستهانة بذكاء أبناء عمومتنا السابقين بعد الآن».


مقالات ذات صلة

قصر الدرعية... مقر القمم ورمز الضيافة الملكية السعودية

الخليج إحدى القمم الخليجية التي استضافها قصر الدرعية سابقاً (الشرق الأوسط)

قصر الدرعية... مقر القمم ورمز الضيافة الملكية السعودية

مثّل قصر الدرعية، الذي أمر بتأسيسه الملك الراحل فهد بن عبد العزيز شمال غربي العاصمة الرياض، مقراً رئيسياً لاستضافة القمم الخليجية والأحداث المهمة.

عبد الهادي حبتور (الرياض )
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب ينزل من الطائرة الرئاسية لدى وصوله إلى «ويست بالم بيتش» بولاية فلوريدا الأميركية يوم 16 فبراير 2025 (رويترز)

ترمب يتعرّض لانتقادات شديدة بسبب تشبيهه نفسه بالإمبراطور نابليون

هاجم المنتقدون الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، الأحد، بسبب تشبيهه نفسه بالإمبراطور الفرنسي نابليون في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق النسخة السادسة من «فنّ القاهرة» تضمّ أكثر من 3 آلاف عمل فنّي (الشرق الأوسط)

«فنّ القاهرة»... أيقونات مصرية تزهو في حضرة الأجداد

تقود الأعمال المُشاركة في الملتقى زوارها إلى رحلة بصرية غنيّة بين المدارس الفنّية والتقنيات المتنوّعة ما بين التصوير والغرافيك والنحت وغيرها من الوسائط.

منى أبو النصر (القاهرة)
الولايات المتحدة​ نائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس يتحدث في قمة الحريات الدينية الدولية في فندق واشنطن هيلتون 5 فبراير 2025 (أ.ب)

فانس يستشهد بمفهوم «أردو أموريس» الكاثوليكي دفاعاً عن سياسة ترمب في ملف الهجرة

استشهد نائب الرئيس الأميركي، جيه دي فانس، مؤخراً باللاهوت الكاثوليكي في العصور الوسطى لتبرير حملة الإدارة الأميركية ضد الهجرة في عهد الرئيس دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق «لوسي» ستحطُّ في أوروبا (أ.ف.ب)

عَرْض عظام القردة الشهيرة «لوسي» في أوروبا بعد 50 عاماً على اكتشافها

كان اسم «لوسي» في الأصل «A.L-288-1»، وسُمِّيت على اسم أغنية البيتلز «لوسي في السماء مع ألماس»، التي كان يستمع إليها فريق العلماء بعد الاحتفال بالاكتشاف.

«الشرق الأوسط» (براغ)

شاهد... رقصة الروبوتات والبشر تدهش العالم في مهرجان الربيع بالصين

شاهد... رقصة الروبوتات والبشر تدهش العالم في مهرجان الربيع بالصين
TT
20

شاهد... رقصة الروبوتات والبشر تدهش العالم في مهرجان الربيع بالصين

شاهد... رقصة الروبوتات والبشر تدهش العالم في مهرجان الربيع بالصين

في مشهد يُجسد اندماج التكنولوجيا بالثقافة، أبهرت روبوتات «H1» البشرية من شركة «Unitree» الجماهير بأدائها المتقن لرقصة يانغيه الشعبية، جنباً إلى جنب مع راقصين بشريين، خلال حفل مهرجان الربيع في الصين.

شكَّل هذا العرض إنجازاً غير مسبوق في عالم الروبوتات؛ حيث قدَّمت الآلات أداءً متناغماً يحاكي الحركات البشرية بدقة مدهشة، وفقاً لشبكة «فوكس».

رقصة متناغمة بين الإنسان والآلة

تألَّف العرض من 16 روبوتاً بطول 1.75 متر، تراقصت بتناغم تام مع الراقصين البشريين، ليس فقط في تتبع الإيقاع، بل أيضاً في أداء أكثر حركات الرقصة تعقيداً مثل (خدعة المنديل). وتميّزت الروبوتات بقدرتها على تدوير ورمي والتقاط المناديل أثناء الحركة، وهي مهارة تتطلب تدريباً شاقاً حتى من البشر.

كيف أتقنت الروبوتات الحركات البشرية؟

اعتمدت «Unitree» على الذكاء الاصطناعي وتقنية التحكم في الحركة الكاملة لتدريب الروبوتات على هذه الرقصة؛ حيث جرى تصميم الحركات مسبقاً بناءً على بيانات راقصين محترفين. كما استخدمت مستشعرات «ليدار» المتطورة لمسح البيئة المحيطة، وإجراء تعديلات فورية، مما أسهم في ضمان أداء دقيق ومتناسق.

جمهور عالمي وإشراف إخراجي عالمي

لم يكن هذا العرض مجرد استعراض تقني، بل كان جزءاً من حفل مهرجان الربيع السنوي الذي يحمل الرقم القياسي بوصفه أكثر برنامج تلفزيوني سنوي مشاهدة في العالم وفقاً لموسوعة «غينيس».

وأشرف على إخراج هذا العرض المخرج الشهير تشانغ ييمو، في حين وصل عدد مشاهدات الحفل إلى أكثر من مليار حول العالم.

مستقبل الروبوتات البشرية

وتمثل هذه الرقصة خطوة مهمة نحو اندماج الروبوتات في مجالات الترفيه والتفاعل البشري. وتواصل «Unitree» تطوير تقنياتها؛ حيث تسعى لطرح روبوتات بأسعار معقولة، إضافةً إلى روبوتاتها رباعية الأرجل المعروفة بالكلاب الروبوتية. ومع توقعات بوصول الطلب العالمي على الروبوتات البشرية إلى 38 مليار دولار بحلول 2035، تتجه الشركة نحو تعزيز مكانتها في هذا القطاع سريع النمو.

التكنولوجيا والتراث: لقاء الماضي بالمستقبل

قد يكون أداء روبوتات «H1» في هذا المهرجان مجرد بداية لعصر جديد من التفاعل بين الإنسان والآلة؛ حيث يُصبح الذكاء الاصطناعي جزءاً لا يتجزأ من التجارب الثقافية والترفيهية. وفي حين تظل فكرة الروبوتات الشبيهة بالبشر في أذهان البعض خيالاً علمياً، فإن هذا العرض يثبت أن المستقبل أقرب مما نتخيل.