موسكو تلوّح بـ«رد مكافئ» على نشر أسلحة نووية في أوروبا

زيلينسكي طالب الغرب بدفاعات جوية... وسلوفاكيا توقف تزويد أوكرانيا بالسلاح

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع نظيره البيلاروسي سيرغي الينيك في مينسك 25 أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع نظيره البيلاروسي سيرغي الينيك في مينسك 25 أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)
TT

موسكو تلوّح بـ«رد مكافئ» على نشر أسلحة نووية في أوروبا

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع نظيره البيلاروسي سيرغي الينيك في مينسك 25 أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع نظيره البيلاروسي سيرغي الينيك في مينسك 25 أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)

لوّحت موسكو باتخاذ تدابير، وُصفت بأنها «مكافئة»، للرد على خطوات واشنطن باتجاه نشر مكونات نووية في عدد من البلدان الأوروبية.

الموقف الروسي جاء على لسان وزير الخارجية سيرغي لافروف، الذي رأى أن موازين القوى الجيواستراتيجية تتغير لصالح روسيا، لافتاً إلى ازدياد أعداد البلدان التي تتبنى مواقف سيادية، وترفض الخضوع لإملاءات الغرب.

وقال لافروف، خلال مشاركته في مؤتمر دولي حول «الأمن في منطقة أوراسيا» تم تنظيمه في العاصمة البيلاروسية مينسك، إن بلاده مضطرة لاتخاذ «إجراءات تعويضية»، رداً على نشر واشنطن أسلحة نووية في أوروبا.

وأوضح أن موسكو تواجه وضعاً جديداً، إذ «نشأت مخاطر استراتيجية متزايدة نتيجة نشر الأسلحة النووية الأميركية في عدد من الدول الأوروبية، وتنفيذ ما يسمى (البعثات النووية المشتركة)، وهذا يزعزع الاستقرار بشكل كبير... وعلى خلفية ازدياد التهديدات التي يشكّلها حلف شمال الأطلسي، فإن ذلك يقودنا إلى اتخاذ إجراءات تعويضية». وأوضح لافروف أنه نتيجة للسياسات الغربية في أوروبا، تم تدمير نظام إجراءات بناء الثقة والحد من التسلح.

وأكد لافروف أن «ميزان القوى الجيوسياسي مستمر في التغير، ولكن ليس لصالح الغرب». وشدد على أن ممثلي النخب الغربية بدأوا بـ«الاعتراف بذلك علناً».

ووفقاً له، فإن العلاقات الدولية تشهد «تحولات جذرية تاريخية، حيث يولد اليوم أمام أعين الجميع نظام عالمي متعدد الأقطاب وأكثر إنصافاً». ولفت إلى أن مجموعة متزايدة من دول جنوب وشرق العالم تسعى جاهدة لتعزيز سيادتها في المجالات جميعها، وتنفيذ مسار عملي يحمل توجهاً وطنياً، وهو ما «ينعكس بوضوح في عملية التوسع السريع التي بدأت أخيراً لمجموعة (بريكس)».

وأكد سعي موسكو، بالتنسيق المكثف مع من يشاطرونها موقفها، للمساهمة بكل الطرق الممكنة في زيادة فعالية الأمم المتحدة، بما في ذلك في إطار مجموعة الأصدقاء للدفاع عن ميثاق الأمم المتحدة.

وشدد لافروف على أنه «لا يمكن لأي هياكل ذات عضوية محدودة تم إنشاؤها خارج إطار الأمم المتحدة أن تدّعي التعبير عن رأي المجتمع الدولي بأسره». كما لفت إلى أن منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، بفضل «جهود» أعضاء الناتو، باتت تتحول إلى هيكل هامشي.

وأضاف أنه نظراً «للخط المدمر الذي ينتهجه الغرب لتقويض التنمية المستدامة في أوراسيا، وعدم استعداده للمنافسة العادلة والعمل المشترك، فإن مهمة تشكيل هيكل جديد على مستوى القارة من الأمن المتكافئ وغير القابل للتجزئة، أصبحت أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى، وهي في الواقع هدف هذا المؤتمر الذي تم حشده بمبادرة من رئيس بيلاروسيا».

وأشار في هذا الصدد إلى «انفتاح المؤتمر على أوسع مجموعة من الدول المستعدة للتفاعل المتساوي والبنّاء».

ورأى لافروف أن «العدوان الغربي على روسيا ما هو إلا جزء من حملة صليبية - أميركية». وزاد أنه «لولا تشجيع الولايات المتحدة لما سارت كييف على طريق تدمير كل شيء روسي».

التطور السلوفاكي

بالتزامن مع ذلك، أعادت كييف تأكيد حاجتها المتزايدة لتسريع عمليات تزويدها بأنظمة صاروخية غربية، في مقابل بروز مؤشرات إلى تراجع حماسة عدد من البلدان الأوروبية في هذا الصدد.

وبعد أن كانت سجالات أُثيرت حول توقف بولندا عن تزويد كييف بأسلحة جديدة مع التزامها بتنفيذ «الاتفاقات السابقة» في هذا الشأن، حمل موقف رئيس الوزراء الجديد لجمهورية سلوفاكيا، روبرت فيكو، تطوراً جديداً في هذا الشأن، إذ قال، خلال اجتماع مع النواب، إن «سلوفاكيا لن تقدم مساعدة عسكرية لأوكرانيا». وجدد المسؤول، الذي تتهمه أوساط غربية بالولاء لموسكو، أن بلاده لن تتراجع عن تقديم مساعدات إنسانية، لكنها لن ترسل أسلحة بعد الآن إلى أوكرانيا. وأوضح: «نحن ندعم المساعدات الإنسانية والمدنية لأوكرانيا. ستكون هذه هي السياسة الرسمية لحكومتي. لن نزود أوكرانيا بأي أسلحة».

في الوقت نفسه، أضاف رئيس الوزراء أن الاتحاد الأوروبي، الذي يلعب الآن دور مورد الأسلحة إلى كييف، يجب أن يتحول أيضاً إلى «صانع سلام». وأشار فيكو إلى أنه يؤيد وقف الأعمال العدائية، وأنه لا يهمه خطة السلام التي ستنتهي بها. لكنه أكد أن روسيا والولايات المتحدة يجب أن تتفقا على ذلك، «لأن الأوكرانيين لا يلعبون أي دور هنا».

وأشار رئيس الوزراء أيضاً إلى الموقف «غير البنّاء» للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. وأوضح فيكو: «أنا لا أؤيد أياً من خطط زيلينسكي؛ لأنها غير واقعية على الإطلاق من حيث الشروط المطروحة». جاء هذا الحديث بعد مرور يوم واحد على تسلم فيكو منصبه رسمياً بعد انتخابات صاخبة اتهمت أوساط غربية موسكو بالتدخل في مسارها.

وقبل ذلك، انتقد فيكو مراراً وتكراراً السلطات السابقة في البلاد لدعمها أوكرانيا. وأعرب عن قناعة بأن إمدادات الأسلحة «تؤدي إلى مقتل الناس، ولا تؤدي إلا إلى إطالة أمد الصراع بدلاً من المساهمة في حله». ولذلك، وعد خلال الحملة الانتخابية بوقف المساعدات العسكرية لكييف من براتيسلافا.

ووفقاً لفيكو، «بسبب نقل المعدات العسكرية إلى القوات المسلحة الأوكرانية، كان الجيش السلوفاكي في حالة يرثى لها». وعلى وجه الخصوص، طالب فيكو بتقديم أعضاء حكومة البلاد الذين قرروا تسليم كييف مقاتلات من طراز «ميغ 29» إلى العدالة، وانتقد السلطات لإرسالها إلى أوكرانيا نظام دفاع جوي عاملاً من طراز «S-300».

وذكر أنه من غير الواضح تماماً كيف ستحل الجمهورية مسألة الدفاع الجوي في السنوات المقبلة. بالإضافة إلى ذلك، تحدث عن استحالة عضوية أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي؛ لأن «هذا يتعارض مع مصالح الدولة، ويمكن أن يؤدي إلى توريط براتيسلافا ودول الاتحاد الأوروبي الأخرى في صراع مع روسيا». ونفي فيكو في الوقت ذاته، أن تكون لديه آراء مؤيدة لروسيا، موضحاً أن موقفه يرتبط بمصالح سلوفاكيا.

توقيت غير ملائم

جاء التطور في توقيت غير ملائم لزيلينسكي الذي دعا (الخميس) إلى «تقديم مزيد من مساعدات الأسلحة لبلاده؛ للتصدي للضربات الجوية الروسية»، مشيراً إلى تضرر مبانٍ في محطة خميلنيتسكي للطاقة النووية في أوكرانيا، إثر هجوم بمسيّرات روسية عليها. وقال زيلينسكي: «هذا الهجوم على محطة الطاقة النووية تذكير آخر لكل شركائنا بأهمية تعزيز الدفاعات الجوية لأوكرانيا».

وأضاف أن الهجوم يظهر أيضاً كيف يمكن لروسيا بسهولة تجاوز العقوبات واستخدام مكونات غربية في مسيّراتها وصواريخها.

وتسبب هجوم روسي بطائرة مسيّرة في منطقة خميلنيتسكي بغرب أوكرانيا في إصابة 16 شخصاً. وقالت وزارة الطاقة الأوكرانية إن موجة الانفجار الناجمة عن الانفجارات التي وقعت بالقرب من محطة توليد الكهرباء حطمت نوافذ عديد من المباني الإدارية.

وأكدت «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، وقوع الأضرار بالمحطة. وقال مدير الوكالة رافائيل غروسي في فيينا إن «هذا الحادث يؤكد مجدداً وضع السلامة النووية الخطر للغاية في أوكرانيا، الذي سيستمر ما دامت هذه الحرب المأساوية مستمرة».

في المقابل، قال الجيش الروسي إن قوات الدفاع الجوي أسقطت صاروخين بعيدَي المدى من طراز «أتاكمس» أطلقتهما أوكرانيا على أهداف روسية، في حين ذكرت وسائل إعلام رسمية أنها أول مرة يتم فيها إسقاط هذا النوع من الصواريخ أميركية الصنع.

وأعلنت وزارة الدفاع الروسية عملية الاعتراض في إحدى إفاداتها الدورية بشأن الحرب في أوكرانيا. ولم توضح تفاصيل إضافية.


مقالات ذات صلة

يوميات الشرق ستتيح الساعات النووية إنتاج هواتف فائقة الأداء (رويترز)

ابتكار ثوري يمهد لإنتاج ساعات وهواتف تعمل بالطاقة النووية

طوّر فريق من الباحثين، بقيادة جامعة كاليفورنيا الأميركية في لوس أنجليس، طريقة بسيطة للغاية وغير مكلفة، قد تمهد الطريق لصنع ساعات نووية اقتصادية وصغيرة الحجم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية جانب من لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره التركي رجب طيب إردوغان بالبيت الأبيض في 25 سبتمبر الماضي (الرئاسة التركية)

كيف ستتخلص تركيا من منظومة «إس-400» الروسية لإزالة عقوبات «كاتسا»؟

أثارت تصريحات متكررة بشأن اقتراب رفع عقوبات «كاتسا» وإعادتها إلى برنامج تطوير مقاتلات «إف-35» تساؤلاً حول كيفية تخليها عن منظومة الدفاع الجوي الروسية «إس-400».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الولايات المتحدة​ وزير الحرب الأميركي بيت هيغسيث (رويترز) play-circle

وزير الحرب الأميركي: سنجري اختبارات على الأسلحة النووية «مثلما يفعل الآخرون»

أعلن وزير الحرب الأميركي، السبت، أن بلاده ستجري اختبارات على الأسلحة النووية ووسائل إطلاقها، «تماماً مثلما يفعل الآخرون»، في إشارة على ما يبدو إلى روسيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا يُظهر منظر عام هيكل الاحتواء الآمن الجديد (NSC) فوق التابوت القديم الذي يغطي المفاعل الرابع التالف بمحطة تشرنوبل للطاقة النووية في تشرنوبل (رويترز)

«الطاقة الذرية»: الدرع الواقية لمحطة تشرنوبل النووية تضررت

أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة أمس (الجمعة)، أن الدرع الواقية في محطة تشرنوبل النووية بأوكرانيا لم تعد بإمكانها أداء وظيفتها الرئيسية

«الشرق الأوسط» (فيينا)

إدارة ترمب تعرض على كييف «ضمانات أمنية قوية» لقبول اتفاق السلام

الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يغادران قصر بيلفيو في برلين أمس (إ.ب.أ)
الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يغادران قصر بيلفيو في برلين أمس (إ.ب.أ)
TT

إدارة ترمب تعرض على كييف «ضمانات أمنية قوية» لقبول اتفاق السلام

الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يغادران قصر بيلفيو في برلين أمس (إ.ب.أ)
الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يغادران قصر بيلفيو في برلين أمس (إ.ب.أ)

قالت الولايات المتحدة، الاثنين، إنها عرضت على أوكرانيا ضمانات أمنية قوية أشبه بما يوفّره حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وأبدت ثقة بأن روسيا ستقبل بذلك، في ما وصفته واشنطن بأنه اختراق على مسار إنهاء الحرب.

ووصف مسؤولون أميركيون المحادثات التي استمرت مع الرئيس فولوديمير زيلينسكي في العاصمة الألمانية برلين، يومي الأحد والاثنين، بأنها إيجابية، وقالوا إن الرئيس دونالد ترمب سيتصل في وقت لاحق بكلّ من زيلينسكي والأوروبيين للدفع قدماً بالاتفاق.

المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف لدى خروجه من السفارة الأميركية في برلين الاثنين (د.ب.أ)

ولفت المسؤولون الأميركيون إلى أنه يتعيّن على أوكرانيا أيضاً القبول بالاتفاق الذي قالوا إنه سيوفّر ضمانات أمنية مماثلة للمادة الخامسة من معاهدة الحلف التي تنص على أن أي هجوم على أحد الحلفاء يُعد هجوماً على الجميع. وقال مسؤول أميركي طلب عدم كشف هويته إن «أسس ذلك الاتفاق تستند بشكل رئيسي إلى وجود ضمانات قوية حقاً، على غرار المادة الخامسة (من معاهدة الحلف)، إضافة إلى ردع قوي للغاية» بحجم الجيش الأوكراني. وأضاف أن «تلك الضمانات لن تبقى مطروحة على الطاولة إلى الأبد. إنها مطروحة الآن إذا جرى التوصل إلى خاتمة جيدة».

وسبق أن استبعد ترمب انضمام أوكرانيا رسمياً إلى الحلف الأطلسي، وتماهى مع روسيا في اعتبارها أن تطلعات كييف للانضواء في التكتل هو أحد أسباب الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية في عام 2022. لكن مسؤولاً أميركياً آخر أعرب عن ثقته بقبول روسيا بالاتفاق. وقال هذا المسؤول: «أظن أن الأوكرانيين سيقولون لكم، وكذلك سيقول الأوروبيون، إن حزمة البروتوكولات الأمنية هذه هي الأكثر متانة التي اطلعوا عليها على الإطلاق. إنها حزمة قوية جداً جداً». وتابع: «أعتقد، ونأمل، أن الروس سينظرون إليها ويقولون في قرارة أنفسهم، لا بأس، لأن لا نية لدينا لانتهاكها». لكنه شدّد على أن «أي انتهاكات ستُعالَج من خلال حزمة الضمانات الأمنية».

«موقفان مختلفان»

وبعد جولتين من المفاوضات، الأولى دامت خمس ساعات ونصف الساعة يوم الأحد والثانية قرابة الساعتين صباح الاثنين بين الوفدين الأميركي والأوكراني، بقيت النقاط الأساسية التي ركزت عليها المحادثات عالقة؛ وأهمها تخلي أوكرانيا عن أراضٍ إضافية في إقليم دونباس. وتحدث الرئيس الأوكراني الاثنين عن موقفين «مختلفين» بين بلاده والولايات المتحدة حول إمكان تنازل بلاده عن أراضٍ لموسكو بهدف إنهاء الحرب. وقال زيلينسكي إثر اجتماع بين مفاوضين أوكرانيين وأميركيين في برلين: «هناك قضايا معقدة، وخصوصاً تلك المتصلة بالأراضي (...) فلنقل بصراحة إن مواقفنا لا تزال مختلفة». وكان الرئيس الأوكراني يشدد على أن التخلي عن دونباس خط أحمر، وهو يقترح في المقابل تجميد خطوط القتال كما هي من دون الانسحاب منها.

من جانبه، شدد الكرملين على أن بقاء كييف خارج حلف «الناتو» يشكّل «أساساً» في المفاوضات الرامية لإنهاء الحرب. وشدد الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف في تصريحات للصحافيين الاثنين على أن مسألة بقاء كييف خارج الحلف العسكري الغربي «تعد من بين الأساسيات وتستوجب مباحثات خاصة». وأضاف أن روسيا تنتظر من الولايات المتحدة «إبلاغنا بالمبدأ الذي يجري بحثه في برلين».

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لدى اجتماعه مع الرئيس الفنلندي ألكسندر ستاب في برلين الاثنين (رويترز)

«وساطة» فنلندية

وشكل وصول الرئيس الفنلندي ألكسندر ستاب إلى برلين ليل الأحد - الاثنين، مفاجأة، ويبدو أنه وصل للتوسط بين الوفدين الأميركي والأوكراني ومحاولة تقريب وجهات النظر بينهما. وكسب ستاب سمعة «الهامس الأوروبي» بأذن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بعد أن نجح بصقل علاقة صداقة معه في الأشهر الماضية. وتوطدت علاقتهما من خلال اهتمامهما المشترك بلعبة الغولف، إذ يلعب ستاب رياضة الغولف بشكل محترف، وهو ما يبدو بأنه لاقى إعجاب ترمب الذي استقبله في منتجعه في مارالاغو بفلوريدا للعب الغولف قبل بضعة أشهر. ويعتبر ستاب في المقابل من أشد المدافعين عن أوكرانيا، والعارفين بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين بحكم موقع بلاده الجغرافي الواقعة على الحدود مع روسيا وتاريخها معها. والتقى ستاب ليل الأحد في فندق أدلون المجاور للسفارة الأميركية في برلين، المبعوثين الأميركي ستيف ويتكوف وجيراد كوشنر قبل أن يلتقي مجدداً صباح الاثنين بالرئيس الأوكراني زيلينسكي في مقر المستشارية التي تحولت إلى مركز للمفاوضات بين الجانبين الأميركي والأوكراني.

ولم يكن واضحاً ما الذي نقله ستاب من الوفد الأميركي إلى الوفد الأوكراني، ولكنه قال في مقابلة لقناة هولندية: «إننا أقرب إلى اتفاق سلام أوكراني من أي وقت مضى». وصدر كلام شبيه عن وزير الخارجية الألماني يوهان فادفول الذي قال في تصريحات لصحف ألمانية: «لم تكن المفاوضات جادة من قبل كما هي الآن». وأوحى كذلك رئيس الوفد الأوكراني المفاوض رستم أوميروف بإيجابية في المفاوضات مع الطرف الأميركي، وكتب على حسابه على منصة «إكس» بعد انتهاء المفاوضات أنه تم تحقيق «تقدم حقيقي» نحو اتفاق سلام دائم، مضيفاً أن الأميركيين «يعملون بشكل بناء لمساعدة أوكرانيا على إيجاد طريق لاتفاق سلام دائم».

المستشار الألماني فريدريش ميرتس يتحدث أمام المنتدى الاقتصادي الألماني الأوكراني في برلين الاثنين (رويترز)

وبعد يوم على وصول زيلينسكي والمبعوثين الأميركيين، توافد الزعماء الأوروبيون إلى برلين من بينهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس وزراء بريطانيا كير ستارمر ورئيس المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين من بين آخرين، إضافة إلى أمين عام حلف «الناتو» مارك روته، وانضموا إلى اجتماع زيلينسكي بالمستشار الألماني فريدريش ميرتس مساء. ويبدو أن الثلاثي الأوروبي، ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، حاولوا إقناع الطرف الأميركي بتقديم ضمانات أمنية واضحة لكييف والتوقف عن دفع أوكرانيا للتخلي عن دونباس. وقد وصفت رئيسة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس تسليم دونباس لروسيا بأنه «سيكون البداية» وبأن روسيا ستقرأ ذلك ضوءاً أخضر لكي تستولي على كامل أوكرانيا وتكمل أبعد من ذلك.

ونقلت مجلة «بوليتيكو» عن مسؤول فرنسي أن زيلينسكي رفض، خلال المفاوضات مع الطرف الأميركي، سحب القوات الأوكرانية والروسية من دونباس وإنشاء منطقة اقتصادية حرة منزوعة السلاح هناك. وقبل أيام، نقلت صحيفة «لوموند» أن السلطات الأوكرانية تؤيد فكرة إنشاء منطقة عازلة منزوعة السلاح في دونباس، لكن بشروط. وترى أن ذلك يتطلب انسحاباً متبادلاً للقوات على طول خط المواجهة الحالي. وأشارت الصحيفة إلى أن هذا البند أُدرج في خطة السلام الجديدة المقدمة إلى واشنطن والمكونة من 20 بنداً، وأن أوكرانيا هي من قدمت هذا المقترح بدعم من بريطانيا وفرنسا وألمانيا، وليس الولايات المتحدة.

وكانت واشنطن قد اقترحت الشهر الماضي، خطة سلام من 28 بنداً لإنهاء الحرب في أوكرانيا، ولكن الوثيقة أثارت استياء كييف وشركائها الأوروبيين الذين اعتبروا أنها تتبنى الأفكار الروسية لإنهاء الحرب وقدموا اقتراحات لتعديلها.

مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس خلال جلسة لمجلس الشؤون الخارجية بالاتحاد في بروكسل الاثنين (رويترز)

«أسبوع حاسم» أمام أوروبا

في سياق متصل، أفادت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، الاثنين، بأن الأسبوع الحالي في بروكسل سيكون «حاسماً» بالنسبة لأوكرانيا وتمويل حربها مع روسيا. وقالت كالاس قبيل بدء اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل: «هذا أسبوع بالغ الأهمية» لتمويل أوكرانيا، إذ سيتعين على قادة الاتحاد اتخاذ قرار بهذا الشأن في قمة يعقدونها يومي الخميس والجمعة. وأكدت أن المفاوضات بين الدول الأعضاء الـ 27 بشأن الأصول الروسية المجمدة مستمرة، لكنها «تزداد صعوبة».

وتدرس الدول الأعضاء الـ 27 في الاتحاد الأوروبي استخدام الأصول الروسية المجمدة لتمويل «قرض تعويضات» لأوكرانيا، إلا أن العديد من الدول الأوروبية تبدي تردداً في هذا الموضوع، وعلى رأسها بلجيكا حيث تتركز معظم هذه الأصول الروسية في أوروبا.

وأقرت كالاس بأن «الخيار الأكثر جدوى يتمثل في توفير قرض من أجل تمويل التعويضات، وهذا ما نعمل عليه. لم نصل إلى هذه المرحلة بعد، والأمر يزداد صعوبة». لكنها رددت موقفاً سبق أن أطلقه رئيس المجلس الأوروبي أنتونيو كوستا، قائلة: «لن نغادر الاجتماع (القمة) حتى نتوصل إلى نتيجة، حتى نحصل على قرار بشأن تمويل أوكرانيا».

وإلى جانب استخدام الأصول الروسية المجمّدة، اقترحت المفوضية الأوروبية خياراً آخر يتمثل في تقديم قرض أوروبي، لكنه يصطدم بمعارضة دول أعضاء عدة ولا سيما ألمانيا.

وأكدت كالاس أن هذا الخيار «لا يحظى بالقبول»، مضيفة أن استخدام الأصول الروسية المجمدة يتميز أيضا بأنه لا يُكلف دافعي الضرائب الأوروبيين شيئاً، «وهذا أمر بالغ الأهمية». وأضافت: «إنها تبعث برسالة واضحة: إذا ألحقتم كل هذا الضرر بدولة أخرى، فعليكم دفع تعويضات». وقالت كالاس مجدداً إن قرار استخدام هذه الأصول المجمدة يمكن أن تتخذه أغلبية مؤهلة من الدول الأعضاء، ولكن لا مجال للقيام بذلك من دون بلجيكا. وتابعت: «أعتقد أنه من الضروري إشراكهم، أياً كان قرارنا».


«محادثات برلين» تركز على الضمانات و«التنازل» الأوكراني عن أراضٍ

الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يغادران قصر بيلفيو في برلين أمس (إ.ب.أ)
الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يغادران قصر بيلفيو في برلين أمس (إ.ب.أ)
TT

«محادثات برلين» تركز على الضمانات و«التنازل» الأوكراني عن أراضٍ

الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يغادران قصر بيلفيو في برلين أمس (إ.ب.أ)
الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يغادران قصر بيلفيو في برلين أمس (إ.ب.أ)

لم تفضِ الاجتماعات الماراثونية التي شهدتها العاصمة الألمانية برلين إلى اختراق في المفاوضات لإنهاء الحرب في أوكرانيا، رغم أجواء التفاؤل التي أشاعها المشاركون في الاجتماعات بين الوفدين الأميركي والأوكراني.

المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف لدى خروجه من السفارة الأميركية في برلين الاثنين (د.ب.أ)

وبعد جولتين من المفاوضات، الأولى دامت خمس ساعات ونصف الساعة يوم الأحد والثانية قرابة الساعتين صباح الاثنين بين الوفدين الأميركي والأوكراني، بقيت النقاط الأساسية التي ركزت عليها المحادثات عالقة؛ وهي تخلي أوكرانيا عن أراضٍ إضافية وضمانات أمنية تطالب بها كييف، وهذا رغم إعلان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي استعداده للتخلي عن طموح الانضمام إلى حلف شمالي الأطلسي (الناتو). وكانت موسكو قد اشترطت أن تتخلى أوكرانيا عن فكرة الانضمام إلى الحلف الغربي إذا أرادت إنهاء الحرب.

ولكن زيلينسكي بقي متمسكاً بالحصول على ضمانات أمنية أميركية - أوروبية شبيهة بتلك التي يمكن لأوكرانيا الحصول عليها في حال انضمت لحلف «الناتو»، وهو مطلب أيده فيه القادة الأوروبيون الذين توافدوا إلى العاصمة الألمانية في إشارة تضامن مع كييف ودعم لمطالبها أمام الخطة الأميركية التي اعتبرها كثيرون بأنها تميل إلى روسيا.

وبقيت كذلك مسألة تخلي أوكرانيا عن منطقة دونباس عائقاً أمام حصول خرق، وهو ما بقي الطرف الأميركي يقنع زيلينسكي به، بحسب ما نقلت وكالة «رويترز» عن مسؤولين أوكرانيين. ويعتبر الرئيس الأوكراني التخلي عن دونباس خطاً أحمر، وهو يقترح في المقابل تجميد خطوط القتال كما هي من دون الانسحاب منها.

من جانبه، شدد الكرملين على أن بقاء كييف خارج حلف «الناتو» يشكّل «أساساً» في المفاوضات الرامية لإنهاء الحرب. وشدد الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف في تصريحات للصحافيين الاثنين على أن مسألة بقاء كييف خارج الحلف العسكري الغربي «تعد من بين الأساسيات وتستوجب مباحثات خاصة». وأضاف أن روسيا تنتظر من الولايات المتحدة «إبلاغنا بالمبدأ الذي يجري بحثه في برلين».

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لدى اجتماعه مع الرئيس الفنلندي ألكسندر ستاب في برلين الاثنين (رويترز)

«وساطة» فنلندية

وشكل وصول الرئيس الفنلندي ألكسندر ستاب إلى برلين ليل الأحد - الاثنين، مفاجأة، ويبدو أنه وصل للتوسط بين الوفدين الأميركي والأوكراني ومحاولة تقريب وجهات النظر بينهما. وكسب ستاب سمعة «الهامس الأوروبي» بأذن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بعد أن نجح بصقل علاقة صداقة معه في الأشهر الماضية. وتوطدت علاقتهما من خلال اهتمامهما المشترك بلعبة الغولف، إذ يلعب ستاب رياضة الغولف بشكل محترف، وهو ما يبدو بأنه لاقى إعجاب ترمب الذي استقبله في منتجعه في مارالاغو بفلوريدا للعب الغولف قبل بضعة أشهر. ويعتبر ستاب في المقابل من أشد المدافعين عن أوكرانيا، والعارفين بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين بحكم موقع بلاده الجغرافي الواقعة على الحدود مع روسيا وتاريخها معها. والتقى ستاب ليل الأحد في فندق أدلون المجاور للسفارة الأميركية في برلين، المبعوثين الأميركي ستيف ويتكوف وجيراد كوشنر قبل أن يلتقي مجدداً صباح الاثنين بالرئيس الأوكراني زيلينسكي في مقر المستشارية التي تحولت إلى مركز للمفاوضات بين الجانبين الأميركي والأوكراني.

ولم يكن واضحاً ما الذي نقله ستاب من الوفد الأميركي إلى الوفد الأوكراني، ولكنه قال في مقابلة لقناة هولندية: «إننا أقرب إلى اتفاق سلام أوكراني من أي وقت مضى». وصدر كلام شبيه عن وزير الخارجية الألماني يوهان فادفول الذي قال في تصريحات لصحف ألمانية: «لم تكن المفاوضات جادة من قبل كما هي الآن». وأوحى كذلك رئيس الوفد الأوكراني المفاوض رستم أوميروف بإيجابية في المفاوضات مع الطرف الأميركي، وكتب على حسابه على منصة «إكس» بعد انتهاء المفاوضات أنه تم تحقيق «تقدم حقيقي» نحو اتفاق سلام دائم، مضيفاً أن الأميركيين «يعملون بشكل بناء لمساعدة أوكرانيا على إيجاد طريق لاتفاق سلام دائم».

المستشار الألماني فريدريش ميرتس يتحدث أمام المنتدى الاقتصادي الألماني الأوكراني في برلين الاثنين (رويترز)

وبعد يوم على وصول زيلينسكي والمبعوثين الأميركيين، توافد الزعماء الأوروبيون إلى برلين من بينهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس وزراء بريطانيا كير ستارمر ورئيس المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين من بين آخرين، إضافة إلى أمين عام حلف «الناتو» مارك روته، وانضموا إلى اجتماع زيلينسكي بالمستشار الألماني فريدريش ميرتس مساء. ويبدو أن الثلاثي الأوروبي، ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، حاولوا إقناع الطرف الأميركي بتقديم ضمانات أمنية واضحة لكييف والتوقف عن دفع أوكرانيا للتخلي عن دونباس. وقد وصفت رئيسة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس تسليم دونباس لروسيا بأنه «سيكون البداية» وبأن روسيا ستقرأ ذلك ضوءاً أخضر لكي تستولي على كامل أوكرانيا وتكمل أبعد من ذلك.

ونقلت مجلة «بوليتيكو» عن مسؤول فرنسي أن زيلينسكي رفض، خلال المفاوضات مع الطرف الأميركي، سحب القوات الأوكرانية والروسية من دونباس وإنشاء منطقة اقتصادية حرة منزوعة السلاح هناك. وقبل أيام، نقلت صحيفة «لوموند» أن السلطات الأوكرانية تؤيد فكرة إنشاء منطقة عازلة منزوعة السلاح في دونباس، لكن بشروط. وترى أن ذلك يتطلب انسحاباً متبادلاً للقوات على طول خط المواجهة الحالي. وأشارت الصحيفة إلى أن هذا البند أُدرج في خطة السلام الجديدة المقدمة إلى واشنطن والمكونة من 20 بنداً، وأن أوكرانيا هي من قدمت هذا المقترح بدعم من بريطانيا وفرنسا وألمانيا، وليس الولايات المتحدة.

وكانت واشنطن قد اقترحت الشهر الماضي، خطة سلام من 28 بنداً لإنهاء الحرب في أوكرانيا، ولكن الوثيقة أثارت استياء كييف وشركائها الأوروبيين الذين اعتبروا أنها تتبنى الأفكار الروسية لإنهاء الحرب وقدموا اقتراحات لتعديلها.

مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس خلال جلسة لمجلس الشؤون الخارجية بالاتحاد في بروكسل الاثنين (رويترز)

«أسبوع حاسم» أمام أوروبا

في سياق متصل، أفادت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، الاثنين، بأن الأسبوع الحالي في بروكسل سيكون «حاسماً» بالنسبة لأوكرانيا وتمويل حربها مع روسيا. وقالت كالاس قبيل بدء اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل: «هذا أسبوع بالغ الأهمية» لتمويل أوكرانيا، إذ سيتعين على قادة الاتحاد اتخاذ قرار بهذا الشأن في قمة يعقدونها يومي الخميس والجمعة. وأكدت أن المفاوضات بين الدول الأعضاء الـ 27 بشأن الأصول الروسية المجمدة مستمرة، لكنها «تزداد صعوبة».

وتدرس الدول الأعضاء الـ 27 في الاتحاد الأوروبي استخدام الأصول الروسية المجمدة لتمويل «قرض تعويضات» لأوكرانيا، إلا أن العديد من الدول الأوروبية تبدي تردداً في هذا الموضوع، وعلى رأسها بلجيكا حيث تتركز معظم هذه الأصول الروسية في أوروبا.

وأقرت كالاس بأن «الخيار الأكثر جدوى يتمثل في توفير قرض من أجل تمويل التعويضات، وهذا ما نعمل عليه. لم نصل إلى هذه المرحلة بعد، والأمر يزداد صعوبة». لكنها رددت موقفاً سبق أن أطلقه رئيس المجلس الأوروبي أنتونيو كوستا، قائلة: «لن نغادر الاجتماع (القمة) حتى نتوصل إلى نتيجة، حتى نحصل على قرار بشأن تمويل أوكرانيا».

وإلى جانب استخدام الأصول الروسية المجمّدة، اقترحت المفوضية الأوروبية خياراً آخر يتمثل في تقديم قرض أوروبي، لكنه يصطدم بمعارضة دول أعضاء عدة ولا سيما ألمانيا.

وأكدت كالاس أن هذا الخيار «لا يحظى بالقبول»، مضيفة أن استخدام الأصول الروسية المجمدة يتميز أيضا بأنه لا يُكلف دافعي الضرائب الأوروبيين شيئاً، «وهذا أمر بالغ الأهمية». وأضافت: «إنها تبعث برسالة واضحة: إذا ألحقتم كل هذا الضرر بدولة أخرى، فعليكم دفع تعويضات». وقالت كالاس مجدداً إن قرار استخدام هذه الأصول المجمدة يمكن أن تتخذه أغلبية مؤهلة من الدول الأعضاء، ولكن لا مجال للقيام بذلك من دون بلجيكا. وتابعت: «أعتقد أنه من الضروري إشراكهم، أياً كان قرارنا».


كشف جاسوسة روسية بفضل رقم الشريحة الإلكترونية لقطتها

القطة لويزا
القطة لويزا
TT

كشف جاسوسة روسية بفضل رقم الشريحة الإلكترونية لقطتها

القطة لويزا
القطة لويزا

قاد رقم الشريحة الإلكترونية المثبّتة في قطة أليفة إلى كشف هوية جاسوسة روسية كانت تنشط سرّاً في إيطاليا، بعد سنوات من التخفي ومحاولات التسلل إلى دوائر قريبة من حلف شمال الأطلسي (الناتو). وفقاً لموقع «سيبر نيوز»

فالشريحة الإلكترونية (الميكروشيب)، التي تُعد شرطاً أساسياً لسفر الحيوانات داخل الاتحاد الأوروبي، تحولت إلى الخيط الوحيد الذي مكّن المحققين من تعقّب صاحبة القطة، ليتبيّن لاحقاً أنها عميلة استخباراتية روسية عاشت في إيطاليا لأكثر من عقد متخفيةً بهوية مزيفة.

وحملت الجاسوسة اسم «ماريا أدِيلا كوفيلدت ريفيرا»، وظهرت في المجتمع الإيطالي على أنها صانعة مجوهرات من أصول بيروفية. وخلال سنوات إقامتها، نجحت في نسج علاقات اجتماعية واسعة، شملت صداقات مع زوجات جنرالات في «الناتو»، إضافة إلى علاقات عاطفية مع أشخاص مقرّبين من مقر الحلف في مدينة نابولي، ما أتاح لها الاقتراب من دوائر حساسة والحصول على معلومات ذات طابع أمني.

غير أن نشاطها لم يمر من دون رصد. فبعد أن كشف الصحافي الاستقصائي والمؤلف كريستو غروزيف وفريقه خيوطاً أولية حول حقيقتها، اختفت المرأة فجأة من إيطاليا، تاركةً وراءها لغزاً حيّر المحققين أشهراً طويلة، في ظل غياب أي رابط واضح بين هويتها المزعومة في إيطاليا وحياتها الحقيقية في روسيا.

وفي مقطع فيديو تمهيدي لتحقيق مرتقب، قال غروزيف إن «الخيط الوحيد الذي ربط السيدة البيروفية المزيّفة بالشخص الذي عاد للعيش في روسيا كان قطتها». وأضاف: «جميع أصدقائها في إيطاليا تحدثوا عن تعلقها الشديد بقطتها لويزا».

وبما أن القوانين الأوروبية تفرض على الحيوانات الأليفة حمل شريحة إلكترونية مكوّنة من 15 رقماً ومتوافقة مع معايير «آيزو»، تمكّن فريق التحقيق من الحصول على رقم الشريحة الخاصة بالقطة. وعند مطابقة الرقم مع قواعد بيانات روسية مسرّبة، تبيّن وجود قطة مسجلة بالرقم ذاته لدى عيادة بيطرية في روسيا.

ولم تتوقف المفاجآت عند هذا الحد؛ إذ قاد البحث إلى حساب على شبكة التواصل الاجتماعي الروسية «فكونتاكتي» (VK) لامرأة تُدعى أولغا كولوبوفا، كانت قد وضعت صورة القطة نفسها «لويزا» صورةً لحسابها الشخصي، كما أبدت إعجابها بصفحة العيادة البيطرية ذاتها.

ووفق التحقيق، تُعد كولوبوفا واحدة من مجموعة كبيرة من «العملاء النائمين» الروس، المعروفين سابقاً باسم «غير الشرعيين»، وهم جواسيس يعملون بهويات مزيفة ويندمجون في مجتمعات أجنبية لفترات طويلة، مع تجنب الأنشطة عالية المخاطر، وبناء علاقات هادئة مع شخصيات مؤثرة في السياسة والأكاديميا والمؤسسات العسكرية.

ماريا أدِيلا كوفيلدت ريفيرا

وغالباً ما تبقى هويات هؤلاء العملاء طي الكتمان حتى عن أقرب الناس إليهم. ففي مثال لافت، لم يكتشف أبناء أرتيم دولتسيف وآنا دولتسيفا، اللذين عاشا في سلوفينيا بهوية أرجنتينية مزيفة، أنهم روس إلا أثناء وجودهم على متن طائرة متجهة إلى موسكو، عقب صفقة تبادل أسرى عام 2024.

ويشير مراقبون إلى أن «العملاء النائمين» يمثلون أصولاً استخباراتية بالغة الأهمية بالنسبة للكرملين، خصوصاً بعد تفكيك جزء كبير من شبكة التجسس الروسية في أوروبا عام 2022، في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، ما دفع موسكو إلى الاعتماد أكثر على هذا النوع من العمليات طويلة الأمد.