هل تدفع جولات بن زايد مفاوضات «سد النهضة» إلى الأمام؟

مصادر مصرية وإثيوبية تحدثت عن «دور مُؤثر» للإمارات

محمد بن زايد خلال لقائه آبي أحمد (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
محمد بن زايد خلال لقائه آبي أحمد (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
TT

هل تدفع جولات بن زايد مفاوضات «سد النهضة» إلى الأمام؟

محمد بن زايد خلال لقائه آبي أحمد (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
محمد بن زايد خلال لقائه آبي أحمد (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)

أنعشت الجولات المتتابعة للرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ما بين مصر وإثيوبيا، الحديث عن دور إماراتي قد يسهم في دفع مفاوضات «سد النهضة» الإثيوبي، المجمدة منذ أكثر من عامين. فيما توافقت مصادر مصرية وإثيوبية، تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، على «أهمية الإمارات، ودورها المؤثر» نحو إيجاد حل للنزاع الدائر منذ نحو 12 عاماً، اعتماداً على التقارب السياسي لأبوظبي مع جميع أطراف القضية (القاهرة وأديس أبابا والخرطوم).

وزار محمد بن زايد، أديس أبابا، الجمعة، والتقى رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد، بعد أسبوعين فقط من لقائه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في مدينة العلمين بالساحل الشمالي. وتأتي هذه الزيارات في أعقاب إعلان السيسي وآبي أحمد، منتصف يوليو (تموز) الماضي، عزم البلدين «الشروع في مفاوضات عاجلة للانتهاء من الاتفاق على ملء، وتشغيل سد النهضة خلال أربعة أشهر».

استقبال حافل لرئيس الإمارات في أديس أبابا (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)

ووفق بيان إماراتي أعقب قمة أديس أبابا، فإن بن زايد رحب بالاتفاق المصري - الإثيوبي على استئناف مفاوضات «سد النهضة»، واصفاً الإعلان بـ«الخطوة الإيجابية»، كما أعرب عن تمنياته بأن تصل المفاوضات إلى «حل مرضي لجميع الأطراف، بما يعزز التعاون فيما بينها، ويدعم الاستقرار في المنطقة».

وتطالب مصر والسودان بتوقيع اتفاق قانوني مُلزم ينظم عمليتي ملء وتشغيل السد، الذي تقيمه إثيوبيا على الرافد الرئيسي لنهر النيل، ويهدد بتقليص إمدادات المياه إلى البلدين، فضلاً عن أضرار بيئية واقتصادية أخرى. فيما تدفع إثيوبيا بـ«حقها في التنمية، وتوليد الكهرباء التي يحتاجها شعبها»، عبر المشروع العملاق.

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال استقبال آبي أحمد في القاهرة يوليو الماضي (الرئاسة المصرية)

ودخلت الإمارات بقوة على خط النزاع قبل نحو عام، عندما كُشف عن «مفاوضات غير مباشرة» قادتها الإمارات على أمل حلحلة القضية المتعثرة، والوصول إلى نقطة متقدمة تسمح بتوقيع اتفاق يحقق مصالح الدول الثلاث، لكن من دون الإعلان عن «نتيجة إيجابية». وفي هذا الصدد يقول ياسين أحمد، رئيس «المعهد الإثيوبي للدبلوماسية الشعبية» في العاصمة السويدية استوكهولم، لـ«الشرق الأوسط»، إن أي دور للإمارات «سيلقى ترحيباً من الجانب الإثيوبي، اعتماداً على المصالح المشتركة بين البلدين، والتفاهم الحاصل حالياً، الذي هو في أعلى مستوياته».

وتمتلك الإمارات استثمارات واسعة في إثيوبيا. ووفق ياسين أحمد، فإن «استقرار منطقة القرن الأفريقي، وحل نزاع سد النهضة، يخدمان بطبيعة الحال المصالح الإماراتية في المنطقة، وبالتالي قد تسعى إلى إيجاد تفاهم»، لكنه أكد في المقابل أن الوصول إلى اتفاق نهائي «يتطلب تنازلات من كل أطراف القضية»، ولا يمكن «الاتكال فقط على الدور الإماراتي»، الذي وصفه بـ«المسهل».

السيسي خلال لقائه الشيخ محمد بن زايد في مدينة العلمين مطلع أغسطس الحالي (الرئاسة المصرية)

وتحظى إثيوبيا بـ«أهمية خاصة لدى الإمارات»، حسب الرئيس الإماراتي في إطار «توجهها الاستراتيجي لتعزيز العلاقات مع أفريقيا في المجالات التنموية»، وبسبب «دور إثيوبيا المهم في معادلة الأمن الإقليمي في شرق أفريقيا والقرن الأفريقي»، حسب «وام».

من جانبه، أكد رئيس الوزراء الإثيوبي أن زيارة محمد بن زايد «تعطي دفعاً قوياً لمسار تطور العلاقات بين البلدين»، وأعرب عن «اعتزازه بمستوى العلاقات المتميزة، التي تجمع البلدين وشعبيهما»، طبقاً لما ذكره البيان. وعقب اجتماع ثنائي، ترأس بن زايد وآبي أحمد مراسم توقيع 17 اتفاقية في مختلف المجالات، بما في ذلك الصناعة والزراعة والاستثمار والتمويل.

وتعكف لجان فنية مصرية وإثيوبية وسودانية على تحديد موعد استئناف مفاوضات «سد النهضة». وحسب تصريحات سابقة لمسؤولين مصريين وإثيوبيين، فإن «هناك مشاورات لتحديد موعد وأطر واضحة للمفاوضات، بما يمكن من إنجاز اتفاق نهائي خلال 4 أشهر».

وبينما رفضت مصادر رسمية مصرية الكشف عن «دور الإمارات» في إطلاق المفاوضات، أو «عزمها تسهيل عملية التفاوض لاحقاً، والضغط على إثيوبيا لتوقيع اتفاق»، قال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، لـ«الشرق الأوسط»، إن «المتتبع للأحدث سوف يجد دائماً مساراً إماراتياً أياً كان نوعه وطبيعته، هو مفيد بطبيعة الحال لمصر ومرحب به»، فمصر «تشجع أي تحرك عربي لحل القضية». وربط فهمي الزيارة المتزامنة لبن زايد إلى كل من مصر وإثيوبيا، بالإعلان عن عزمهما استئناف المفاوضات.

وأضاف الخبير السياسي المصري موضحاً أن أبو ظبي «لديها امتيازات نوعية، أبرزها علاقاتها الوطيدة والثقة التي تحظى بها لدى أطراف النزاع، فضلاً عن خبراتها المتراكمة في القضية، اعتماداً على قياداتها مفاوضات غير مباشرة خلال الأشهر الماضية، يمكن البناء عليها»، لافتاً إلى أن الإمارات يمكنها أن «تستخدم نفوذها لدى أديس أبابا واستثماراتها هناك في الضغط عليها لقبول أي مقترح».

سد النهضة (رويترز)

كانت آخر جلسة للمفاوضات ثلاثية معلنة بين مصر وإثيوبيا والسودان قد عُقدت في العاصمة الكونغولية كينشاسا، في أبريل (نيسان) 2021، برعاية الاتحاد الأفريقي، وأعلنت عقبها الدول الثلاث فشلها في التوصل إلى اتفاق.

وتبني إثيوبيا «سد النهضة»، منذ عام 2011، ووفق الهيئة الحكومية المسؤولة عن المشروع، فقد اكتملت 90 في المائة من عمليات البناء. وكشفت صور فضائية بدء إثيوبيا الملء الرابع لخزان السد في 14 يوليو (تموز) الماضي، فيما يتوقع أن تستمر العملية حتى منتصف سبتمبر (أيلول) المقبل، وسط تعهد إثيوبي بعدم الإضرار بـدولتي المصب (مصر والسودان).


مقالات ذات صلة

وزير الخارجية المصري: لا تسامح ولا تساهل مع أي مساس بمياه نهر النيل

العالم العربي وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (أ.ف.ب)

وزير الخارجية المصري: لا تسامح ولا تساهل مع أي مساس بمياه نهر النيل

قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، إن بلاده لن تتساهل أو تتسامح مع أي مساس أو إضرار بمياه نهر النيل «الذي تعتمد عليه مصر اعتماداً كاملاً».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
خاص وزير الخارجية المصري: إسرائيل تتحمل تعثر «اتفاق غزة»... ونعوّل على ترمب لإنفاذه

خاص وزير الخارجية المصري لـ«الشرق الأوسط»: إسرائيل تتحمل تعثر «اتفاق غزة»

حاورت «الشرق الأوسط» وزير الخارجية المصري الدكتور بدر عبد العاطي، بمكتبه بالعاصمة الإدارية الجديدة، حول عدد من الملفات التي تضطلع بها القاهرة.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
شمال افريقيا وزير الري المصري هاني سويلم يتابع إجراءات تحديث مراكز التنبؤ والرصد في اجتماع الأربعاء (وزارة الموارد المائية والري المصرية)

تحديث مصري لنماذج التنبؤ ورصد المياه المقبلة من منابع النيل

تواصل الحكومة المصرية إجراءات متابعة تدفقات مياه نهر النيل بعد أن تعرضت أراضٍ زراعية للغرق خلال الأشهر الماضية.

أحمد جمال (القاهرة)
العالم العربي سد النهضة الإثيوبي (وكالة الأنباء الإثيوبية)

«سد النهضة»: التصعيد المصري - الإثيوبي يتواصل ويفاقم التوترات

تصعيد متواصل بين مصر وإثيوبيا بشأن نزاع «سد النهضة»، وسط تحذيرات من تفاقم التوترات.

أحمد جمال (القاهرة)
شمال افريقيا سد النهضة الإثيوبي (أ.ف.ب)

تصاعد التوتر المصري - الإثيوبي في النزاع المائي

صعّدت إثيوبيا لهجتها ضد مصر على خلفية نزاع «سد النهضة» متهمة إياها بالسعي إلى «احتكار نهر النيل» استناداً لاتفاقيات أُبرمت خلال «حقبة استعمارية».

أحمد جمال (القاهرة)

توتر بين «الدعم السريع» وقوات جنوب السودان

صورة ملتقطة من فيديو وزعته «الدعم السريع» في أبريل 2023 لمقاتلين في منطقة شرق النيل بالخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)
صورة ملتقطة من فيديو وزعته «الدعم السريع» في أبريل 2023 لمقاتلين في منطقة شرق النيل بالخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

توتر بين «الدعم السريع» وقوات جنوب السودان

صورة ملتقطة من فيديو وزعته «الدعم السريع» في أبريل 2023 لمقاتلين في منطقة شرق النيل بالخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)
صورة ملتقطة من فيديو وزعته «الدعم السريع» في أبريل 2023 لمقاتلين في منطقة شرق النيل بالخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)

بينما أكدت تقارير في جوبا حدوث توتر بين «قوات الدعم السريع» وقوات دفاع جنوب السودان، في منطقة هجليج النفطية بولاية جنوب كردفان، نفت «الدعم السريع» وقوع أي اشتباكات مسلحة بين الجانبين.

وأفادت صحيفة «جوبا بوست» بأن توتراً حادّاً حدث ليل السبت - الأحد بين القوات الجنوبية الموكَلة إليها حماية حقول النفط في هجليج - باتفاق ثلاثي بين جوبا وبورتسودان ونيالا - و«قوات الدعم السريع» التي سيطرت على المنطقة، بعد انسحاب الجيش السوداني منها إلى الدولة الجارة.

لكن الباشا طبيق، مستشار قائد «الدعم السريع»، قال في تغريدة على «فيسبوك» إن ما تناولته صحفٌ ووسائل إعلام سودانية موالية للجيش بشأن وقوع «اشتباكات في هجليج لا أساس له من الصحة». من جهة أخرى، تواصلت عمليات إجلاء العاملين في المنظمات الإنسانية والأممية من كادوقلي، عاصمة ولاية جنوب كردفان، التي تحاصرها «قوات الدعم السريع» بالاشتراك مع حليفتها «قوات الحركة الشعبية لتحرير السودان - تيار عبد العزيز الحلو».


تجديد ولاية بعثة «مونوسكو» دفعة لجهود السلام في شرق الكونغو

جندي من «بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية» يصطحب امرأة كونغولية نازحة داخلياً (رويترز)
جندي من «بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية» يصطحب امرأة كونغولية نازحة داخلياً (رويترز)
TT

تجديد ولاية بعثة «مونوسكو» دفعة لجهود السلام في شرق الكونغو

جندي من «بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية» يصطحب امرأة كونغولية نازحة داخلياً (رويترز)
جندي من «بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية» يصطحب امرأة كونغولية نازحة داخلياً (رويترز)

جدد مجلس الأمن الدولي ولايةَ «بعثة منظمة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية (مونوسكو)» حتى 20 ديسمبر (كانون الأول) 2026، وسط مسار سلام يراوح في مكانه رغم تعدد الاتفاقات، مع عودة العنف مجدداً إلى صدارة المشهد.

هذه الخطوة الدولية، التي تضمنت دعوات إلى انسحاب حركة «23 مارس (إم 23)» المتمردة من مناطق احتلتها، يراها خبير في الشؤون الأفريقية، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، دفعةً لجهود السلام في شرق الكونغو الذي يعاني صراعات على مدى عقود عدة، موضحاً أن «غيابها يعني مزيداً من الفوضى؛ لكن مع التمديد يمكن تقديم دعم إضافي لمسار السلام المتعثر حالياً، على الرغم من الاتفاقات؛ لأسباب مرتبطة بعدم وجود تفاهمات حقيقية على الأرض».

وتتصدر أزمة شرق الكونغو، الممتدة منذ 3 عقود، الاهتمامات الأفريقية. وبحث وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، ونظيره الرواندي، أوليفييه أندوهونجيريهي، في لقاء بالقاهرة، سبلَ إرساء الاستقرار والسلم والأمن في منطقة شرق الكونغو، مؤكداً دعمَ مصر الكامل الجهودَ كافة الرامية إلى تثبيت الأمن والاستقرار، وفق بيان من «الخارجية المصرية» الأحد.

وجاء اللقاء عقب قرار مجلس الأمن الدولي تمديد ولاية «بعثة منظمة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية (مونوسكو)» حتى 20 ديسمبر 2026، مع الحفاظ على سقف القوات المصرح به عند 11 ألفاً و500 فرد عسكري، و600 مراقب عسكري وضابط أركان، و443 فرد شرطة، و1270 فرداً من وحدات الشرطة المشكّلة، ومطالبة رواندا بوقف دعمها حركة «إم 23» المتمردة.

ويرى المحلل السياسي التشادي الخبير في الشؤون الأفريقية، صالح إسحاق عيسى، أن تجديد ولاية بعثة «مونوسكو» يمكن أن يشكل دفعة لجهود السلام في شرق الكونغو، «إذا اقترن بتغييرات عملية في أسلوب عملها، وتعاون حقيقي مع السلطات المحلية والمجتمعات المتضررة... فالوجود الأممي يوفر غطاء دولياً لحماية المدنيين، ودعماً لوجيستياً ومؤسساتياً للجيش والشرطة، كما يساهم في مراقبة حقوق الإنسان، وتهيئة بيئة أفضل أمناً للعمل الإنساني والحوار السياسي. لكن نجاح التجديد لا يعتمد على الاستمرار الشكلي، إنما على معالجة أسباب الصراع المزمنة، مثل ضعف الدولة، وتعدد الجماعات المسلحة، والتنافس على الموارد، وانعدام الثقة بين السكان والبعثة»، وفق عيسى.

وإذا ركزت «مونوسكو» على «دعم حلول سياسية محلية، وتعزيز المصالحة، وبناء قدرات مؤسسات الدولة، والاستجابة لمطالب السكان بشأن الحماية والشفافية، فقد ينعكس التجديد إيجاباً على الاستقرار»؛ يضيف عيسى، موضحاً: «أما إذا استمر الشعور بعدم الفاعلية أو غياب التنسيق، فقد يحد ذلك من أثرها... لذلك؛ يكون التجديد فرصة حقيقية للسلام عندما يُستثمر لإصلاح الأداء وتوجيه الجهود نحو جذور الأزمة».

ويسلط القرار الدولي الضوء على «الأزمة الأمنية والإنسانية المتدهورة بسرعة» في شرق الكونغو الديمقراطية بسبب هجوم حركة «23 مارس» في شمال وجنوب كيفو «بدعم وبمشاركة مباشرة من قوات الدفاع الرواندية»، وفق بيان «المجلس».

وقالت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، جنيفر لوسيتا، مساء الجمعة، إن «المفاوضات التي تقودها تعطلت مرة أخرى بسبب تقدم حركة (23 مارس) المدعومة من قوات الدفاع الرواندية».

ويشهد شرق الكونغو، الغني بالموارد الطبيعية والمجاور لرواندا، نزاعات مسلحة متواصلة منذ نحو 3 عقود، وتصاعدت حدة العنف بين يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) الماضيين، بعدما سيطرت حركة «23 مارس»، بدعم من كيغالي، على مدينتَي غوما وبوكافو الرئيسيتَين في الإقليم. وشنّت «23 مارس»، بدعم من رواندا، هجوماً جديداً في بداية ديسمبر الحالي بإقليم جنوب كيفو شرق البلاد على طول الحدود مع بوروندي، وأحكمت سيطرتها على بلدة أوفيرا الاستراتيجية في 11 ديسمبر الحالي.

وجاء التقدم الأخير للحركة في شرق الكونغو الغني بالمعادن بعد أسبوع من لقاء الرئيسَين؛ الكونغولي فيليكس تشيسيكيدي والرواندي بول كاغامي الرئيسَ الأميركي دونالد ترمب في واشنطن خلال وقت سابق من هذا الشهر، وأكدا التزامهما اتفاق سلام توسطت فيه الولايات المتحدة.

ووسط أنباء عن انسحاب الحركة من المنطقة المحتلة حديثاً، قال مسؤولون في «الصليب الأحمر»، الخميس الماضي، إن «شهر ديسمبر هو الأعلى حدة في النزاع».

ويعدّ الاتفاق بين رواندا والكونغو الديمقراطية بواشنطن في مطلع ديسمبر الحالي هو الأحدث ضمن سلسلة «تفاهماتٍ بإطار» أُبرمت خلال يونيو (حزيران) الماضي في واشنطن، إضافة إلى «إطار عمل الدوحة لاتفاقية سلام شاملة»، الذي وقعته كينشاسا وحركة «23 مارس» في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي في قطر، استكمالاً لاتفاقٍ يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

ويرى الخبير في الشؤون الأفريقية أن المطالب الدولية بانسحاب «23 مارس» من المناطق التي سيطرت عليها في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، تعبر عن ضغط سياسي ودبلوماسي متصاعد، «لكنها لا تعني بالضرورة أن الانسحاب يمكن تحقيقه قريباً». وأوضح أن «الحركة» ما زالت «تمتلك قوة عسكرية على الأرض، وتستفيد من تعقيدات المشهد الإقليمي، وضعف سلطة الدولة في بعض المناطق؛ مما يجعل استجابتها للضغوط وحدها أمراً غير مضمون».

وأضاف: «كما أن تجارب سابقة أظهرت أن بيانات الإدانة والمطالب الدولية لا تتحول سريعاً إلى واقع ميداني ما لم تُدعم بآليات تنفيذ واضحة، مثل عقوبات فعالة، أو ضغط إقليمي من الدول المؤثرة، أو تقدم حقيقي في المسارات التفاوضية».

في المقابل؛ قد يصبح الانسحاب ممكناً، وفق صالح إسحاق عيسى، «إذا ترافقت هذه المطالب مع تحرك منسق من (الاتحاد الأفريقي)، ومع ضمانات أمنية وسياسية تعالج دوافع الحركة، إضافة إلى تعزيز قدرات الدولة الكونغولية على بسط سيطرتها بعد أي انسحاب؛ لتفادي فراغ أمني». لذلك؛ «يبقى تحقيق الانسحاب القريب مرتبطاً بمدى جدية المجتمعَين الدولي والإقليمي في الانتقال من المطالبة إلى الفعل، وبإيجاد تسوية أوسع تعالج جذور الصراع»؛ وفق ما خلص إليه عيسى، وسط تفاقم الأزمة بشرق الكونغو.


ليبيا: «مفوضية الانتخابات» لإعلان نتائج المرحلة الثالثة من استحقاق البلديات

صورة وزعتها مفوضية الانتخابات لمركزها للعد والإحصاء الأحد (مفوضية الانتخابات)
صورة وزعتها مفوضية الانتخابات لمركزها للعد والإحصاء الأحد (مفوضية الانتخابات)
TT

ليبيا: «مفوضية الانتخابات» لإعلان نتائج المرحلة الثالثة من استحقاق البلديات

صورة وزعتها مفوضية الانتخابات لمركزها للعد والإحصاء الأحد (مفوضية الانتخابات)
صورة وزعتها مفوضية الانتخابات لمركزها للعد والإحصاء الأحد (مفوضية الانتخابات)

تستعد المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا لإعلان نتائج المرحلة الثالثة من انتخابات المجالس البلدية التي أُجريت مؤخراً في مدن شرق البلاد وجنوبها.

وأعلنت المفوضية في بيان، الأحد، أن مركزها للعدّ والإحصاء استكمل إدخال جميع بيانات استمارات النتائج الواردة من المكاتب الانتخابية، في إطار الإجراءات الفنية المعتمدة و«وفق أعلى معايير الدقة والمراجعة»، مشيرة إلى أن «العمل حالياً متوقف عند انتظار أحكام القضاء المختص بشأن الطعون المقدمة؛ التزاماً بمبدأ سيادة القانون، وضماناً لنزاهة وشفافية العملية الانتخابية».

ونفت المفوضية ما جرى تداوله بشأن صدور النتائج الأولية لهذه الانتخابات، مؤكدة أن الإعلان عن أي نتائج سيتم فقط عبر القنوات الرسمية للمفوضية، وبعد استكمال جميع المراحل القانونية والإجرائية، مجددة «التزامها بإطلاع الجميع على أي مستجدات في حينها وبكل شفافية».

وتنتظر المفوضية أحكام المحاكم المختصة في 7 طعون بالبلديات التي أجريت بها عملية الاقتراع السبت الماضي؛ لإعلان النتائج الأولية.

من جهة أخرى، أدانت لجنة متابعة الأجهزة الرقابية بمجلس النواب بشرق ليبيا، الهجوم الذي استهدف مقر «الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد» في مدينة جنزور بالعاصمة طرابلس، وعدّته «اعتداءً خطيراً على مؤسسات الدولة، ومحاولة لإفشال جهود مكافحة الفساد وتقويض ثقة المواطنين».

وطالبت اللجنة، في بيان مساء السبت، بفتح تحقيق عاجل وشفاف لملاحقة الجناة وتقديمهم للعدالة، مع اتخاذ إجراءات لحماية المؤسسات الرقابية، مؤكدة تضامنها الكامل مع العاملين بالهيئة، واستمرار دعمها لمسار الإصلاح وبناء دولة القانون.

وكان مقر هيئة مكافحة الفساد في جنزور بغرب ليبيا، تعرض لهجوم الأسبوع الماضي، أدى إلى أضرار مادية دون إصابات بشرية، وسط تعهدات بتحقيق سريع وإدانات رسمية؛ باعتباره استهدافاً مباشراً لمؤسسة رقابية معنية بحماية المال العام.

وفي شأن يتعلق بالأرصدة الليبية المجمدة في الخارج، قال رئيس لجنة التحقق من الأموال الليبية المجمّدة بالخارج بمجلس النواب، يوسف العقوري، إنه «يتابع باهتمام بالغ، إحاطة مجلس الأمن الدولي التي عُقدت الجمعة، وذلك في إطار متابعة ملف الأموال الليبية المجمّدة في الخارج، وما يحيط به من تجاوزات خطيرة».

ونقل العقوري مساء السبت، عن السفير عمار بن جمعة، المندوب الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة، قوله إن «الأرصدة المالية الليبية المجمّدة تتعرض للتآكل وسوء الاستخدام من قبل بعض المؤسسات المالية الأجنبية المودعة لديها، في خرق واضح للقانون الدولي وللقرارات الأممية ذات الصلة».

وقال العقوري إن السفير الجزائري، طالب باسم بلاده وباسم المجموعة الأفريقية، «بضرورة إجراء عملية محاسبة شاملة وشفافة، ومساءلة الجهات المسؤولة عن هذه الانتهاكات، مع إلزامها بتعويض الدولة الليبية عن أي خسائر لحقت بهذه الأرصدة».

ورحب العقوري بـ«الدعم الدولي لموقف ليبيا الذي يطالب بتدقيق مالي لجميع الأرصدة، وتعويضها عن أي مخالفات بشأنها»، وأضاف أن «أي تلاعب أو سوء إدارة لهذه الأرصدة، يُعدّ اعتداءً مباشراً على السيادة الليبية وحقوق الأجيال القادمة».

وانتهى إلى أن اللجنة «لن تتهاون في هذا الملف، وستتخذ كل الإجراءات البرلمانية والقانونية والدولية اللازمة لملاحقة المتسببين، وضمان حماية الأموال الليبية واسترداد حقوق الدولة كاملة بالتنسيق الكامل مع الدول الصديقة الأعضاء في مجلس الأمن».