​«سد النهضة»: إثيوبيا تدعو إلى «حوار»... ومصر تشدد على «اتفاقٍ ملزم»

القاهرة تعد مشروع «جوليوس» التنزاني مثالاً للتعاون بين دول المنبع والمصب

جانب من إنشاءات «سد النهضة» (أ.ف.ب)
جانب من إنشاءات «سد النهضة» (أ.ف.ب)
TT
20

​«سد النهضة»: إثيوبيا تدعو إلى «حوار»... ومصر تشدد على «اتفاقٍ ملزم»

جانب من إنشاءات «سد النهضة» (أ.ف.ب)
جانب من إنشاءات «سد النهضة» (أ.ف.ب)

دعا رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد مصر والسودان إلى الحوار بشأن قضية «سد النهضة»، في وقت تصر القاهرة على ضرورة إبرام اتفاق قانوني ملزم، يجنب دولتي مصب نهر النيل، أي أضرار متوقعة للسد، الذي تقيمه أديس أبابا على الرافد الرئيس للنهر.

وسبق أن أعلنت مصر وقف التفاوض حول «سد النهضة»، واتهمت إثيوبيا بـ«التعنت»، على مدار 13 عاماً من المفاوضات.

ووسط جمود مسار التفاوض، دعا آبي أحمد إلى «حوار مع دولتي المصب مصر والسودان»، عادّاً في إفادة له الخميس، أن «سد النهضة سيضمن تدفق المياه على مدار العام بعد اكتماله، ولن يلحق ضرراً بدولتي المصب».

رسالة الحوار الإثيوبية تزامنت مع زيارة لوزير الخارجية المصري إلى تنزانيا، التقى خلالها الرئيسة التنزانية سامية صلوحو حسن، وسلّمها رسالة خطية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

رئيسة تنزانيا تستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
رئيسة تنزانيا تستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)

ووفق الخارجية المصرية، أكد عبد العاطي «دعم بلاده للتنمية في حوض النيل، استناداً إلى مبدأ تحقيق المكاسب للجميع، وعدم التسبب في إحداث ضرر»، منوهاً إلى «تدشين بلاده آلية للاستثمار في المشروعات المائية والتنمية بدول حوض النيل الجنوبي».

سبق ذلك، تفقد عبد العاطي، مشروع سد «جوليوس نيريري» التنزاني، الخميس، الذي يقيمه تحالف شركات مصرية، بحضور مسؤولين تنزانيين ونواب من البلدين، ورؤساء الشركات المصرية المنفذة للمشروع، وقال إن «المشروع يعد مثالاً يُحتذى به للتعاون بين دول المنبع ودولتي المصب في حوض النيل بمشروعات السدود الكهرومائية».

ويقيم تحالف من كبرى الشركات المصرية، مشروع بناء سد «جوليوس نيريري»، ومحطة توليد كهرومائية بقدرة 2115 ميغاواط، منذ عام 2018. وأشارت الخارجية المصرية إلى أن «أعمال تنفيذ المشروع وصلت إلى نحو 99.9 في المائة، وتم تشغيل 8 توربينات من أصل 9 بالمشروع».

وزير الخارجية المصري يتفقد موقع سد جوليوس نيريري بتنزانيا (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يتفقد موقع سد جوليوس نيريري بتنزانيا (الخارجية المصرية)

بموازاة ذلك، أكد مساعد وزير الخارجية المصري، ومدير إدارة السودان وجنوب السودان، السفير ياسر سرور، أن «جهود القاهرة مستمرة للتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم مع إثيوبيا والسودان بشأن سد النهضة».

وقال سرور في تصريحات صحافية مساء الأربعاء، إن «هناك تنسيقاً بين بلاده والسودان، حول ملف مياه النيل والسد الإثيوبي»، مشيراً إلى أن بلاده مستمرة في جهودها الدبلوماسية، «رغم انخراطها في مفاوضات بحسن نية، على مدى 13 عاماً، من دون الوصول لاتفاق، بسبب عدم وجود إرادة سياسية لدى أديس أبابا».

ومع التمسك المصري، باتفاق قانوني بشأن السد الإثيوبي، قلل دبلوماسيون وبرلمانيون مصريون من جدية دعوة الحوار التي أطلقها رئيس الوزراء الإثيوبي، وأشاروا إلى أنها «دعوات لا تحمل نية حقيقية للتفاوض والوصول لاتفاق من قبل الحكومة الإثيوبية».

وعدّ رئيس «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، السفير محمد العرابي، دعوة آبي أحمد «لا تتسق مع النيات والأفعال الإثيوبية، في قضية سد النهضة»، وقال إن حديث رئيس الوزراء الإثيوبي «لا يعني أن هناك حراكاً في مسار التفاوض المجمد».

وأشار رئيس الوزراء الإثيوبي، في بيانه، إلى أن «بلاده لا تريد الدخول في حرب مع إريتريا، من أجل الحصول على منفذ بحري»، وقال إن «الوصول إلى البحر الأحمر مطلب وجودي، ولكن ليس عبر الحرب، بل بالحوار والسلم مع إريتريا والصومال».

ويربط الكاتب الصحافي المصري، وعضو مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان)، عبد المنعم سعيد، بين مساعي أديس أبابا للحصول على منفذ بحري، ودعوة آبي أحمد للحوار بشأن سد النهضة، وقال إنه «يريد التعامل مع مصر، عبر دعوته للحوار، في ضوء صعوبات تواجهها حكومته في الحصول على منفذ بحري، وعدم نجاح محاولاته مع الصومال وإريتريا لتحقيق هذا الهدف، ورفض القاهرة لأي وجود لدول غير متشاطئة على ساحل البحر الأحمر».

غير أن سعيد، يعتقد في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن إبداء آبي أحمد رغبة في الحوار مع القاهرة والخرطوم «غير كافية، كي تتعاطى معها مصر، بل يجب أن تتبعها مواقف ورسائل أخرى، تعكس صدق النيات الإثيوبية للانخراط مرة أخرى في التفاوض، والاستعداد للالتزام بقواعد القانون الدولي المتعلقة بإدارة الأنهار الدولية»، منوهاً إلى أن «المخاوف المصرية ما زالت قائمة، خصوصاً في سنوات الجفاف، التي قد تؤثر على حصتها السنوية من مياه النيل».

الدعوة للحوار في نزاع السد الإثيوبي خيار طبقته مصر على مدى أكثر من عقد خلال تنفيذ المشروع، وفق تقدير أمينة سر لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب المصري أميرة صابر، التي قالت إن «القاهرة تمسكت بالحوار رغم التعنت الإثيوبي، وإن أديس أبابا لم تحترم الرغبة في الوصول لاتفاق قانوني، وواصلت عمليات الإنشاء وملء السد بتصرف أحادي على مدار السنوات الماضية».

وبانتهاء الجانب الإثيوبي من عمليات ملء بحيرة السد ترى أميرة صابر في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «الموقف المصري يجب أن يكون أكثر حزماً».


مقالات ذات صلة

هل تسبب «سد النهضة» الإثيوبي في غرق أراضٍ زراعية بمصر؟

العالم العربي سد النهضة الإثيوبي (أ.ف.ب)

هل تسبب «سد النهضة» الإثيوبي في غرق أراضٍ زراعية بمصر؟

أثار تعرض أراضٍ زراعية بمصر للغرق إثر ارتفاع منسوب مياه النيل تساؤلات حول مدى تأثير «سد النهضة» الإثيوبي على السياسات المائية المصرية.

أحمد إمبابي (القاهرة)
أفريقيا آبي أحمد يتفقد سير العمل بمشروع سد النهضة (حساب رئيس وزراء إثيوبيا على «إكس»)

إثيوبيا تعلن أنها ستدشن سد النهضة خلال الأشهر الستة المقبلة

قال رئيس الوزراء الإثيوبي، الخميس، إن سد النهضة موضع الخلاف على النيل الأزرق سيدشن «خلال الأشهر الستة المقبلة».

«الشرق الأوسط» (أديس أبابا)
شمال افريقيا «سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على إكس)

ما سيناريوهات مصر للتعامل مع احتمال انهيار «سد النهضة»؟

أبدى وزير الموارد المائية والري المصري، هاني سويلم، قلق بلاده من احتمال انهيار «سد النهضة» الإثيوبي، متحدثاً عن مؤشرات تثير القلق بشأن متانة السد.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع تشاوري لوزراء الخارجية والري في مصر والسودان بالقاهرة (الخارجية المصرية)

مصر والسودان يحذران من استدراج دول حوض النيل إلى نزاع «سد النهضة»

أكدت مصر والسودان، إصرارهما على التوصل إلى «حلول سلمية وسياسية»، في النزاع القائم حول «سد النهضة» الإثيوبي، مع ضرورة إبقاء الخلاف بين الدول الثلاث.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يستقبل نطيره السوداني علي يوسف في القاهرة (أ.ف.ب)

بيان مصري سوداني: الملء الأحادي لسد النهضة يمثل «مخاطر جدية» خاصة على أمان السد

أكد بيان مصري سوداني، اليوم الاثنين، أن الملء الأحادي لسد النهضة الإثيوبي يمثل «مخاطر جدية» لا سيما المتعلقة بأمان السد، مشدداً على ضرورة التوصل لحلول سلمية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«الدعم السريع» تسيطر على ثاني أكبر مدن كردفان

الأضرار التي لحقت بالقصر الجمهوري في الخرطوم  جراء المعارك (أ.ف.ب)
الأضرار التي لحقت بالقصر الجمهوري في الخرطوم جراء المعارك (أ.ف.ب)
TT
20

«الدعم السريع» تسيطر على ثاني أكبر مدن كردفان

الأضرار التي لحقت بالقصر الجمهوري في الخرطوم  جراء المعارك (أ.ف.ب)
الأضرار التي لحقت بالقصر الجمهوري في الخرطوم جراء المعارك (أ.ف.ب)

أعلنت «قوات الدعم السريع»، أمس، سيطرتها على النهود، ثاني أكبر مدن ولاية غرب كردفان، بعد معارك عنيفة مع الجيش السوداني والقوات الموالية له.

وبسيطرتها على هذه المدينة ستتمكن «الدعم السريع» من قطع كل الطرق أمام الجيش لفك الحصار على الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، كما تضع مدينة الأبيض، عاصمة شمال كردفان، تحت الحصار.

وقال المتحدث الرسمي باسم الجيش، العميد نبيل عبد الله، لـ«الشرق الأوسط»: «قواتنا موجودة في مدينة النهود، وتصدّت لهجمات عدة من (الدعم السريع)».

كذلك، استهدفت «الدعم السريع» القصر الجمهوري وسط العاصمة، الخرطوم، بقصف مدفعي بعيد المدى. وقال مواطنون في مدينة كوستي، بولاية النيل الأبيض، إن سرباً من المسيّرات هاجم صباح أمس مقر الفرقة الـ18 التابعة للجيش في المدينة.