ما سيناريوهات مصر للتعامل مع احتمال انهيار «سد النهضة»؟

وزير الري تحدث عن مشاكل فنية... وقال إن المشروع يستخدم «ورقة ضغط»

«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على إكس)
«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على إكس)
TT

ما سيناريوهات مصر للتعامل مع احتمال انهيار «سد النهضة»؟

«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على إكس)
«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على إكس)

أبدى وزير الموارد المائية والري المصري، هاني سويلم، قلق بلاده من احتمال انهيار «سد النهضة» الإثيوبي، متحدثاً عن مؤشرات تثير القلق بشأن متانة السد، مثل شروخ تمت معالجتها لاحقاً بالسد المساعد، وتقليص التوربينات من 16 إلى 13 بعد بدء التنفيذ، ما يعكس «تحديات فنية كبيرة»، على حد وصفه.

وتقول إثيوبيا، التي تبني السد على الرافد الرئيسي لنهر النيل منذ عام 2011، إن المشروع ضروري من أجل إمدادها بالكهرباء. لكن سويلم قال في حوار تلفزيوني، مساء الاثنين، إن الهدف الأكبر للسد «سياسي أكثر منه فنياً»، وإن الغرض «استخدام سد النهضة في وقت معين كورقة ضغط سياسية».

ويواجه المشروع باعتراضات دولتي المصب (مصر والسودان)، اللتين تطالبان باتفاق قانوني ملزم ينظم عمليات «ملء وتشغيل السد».

وزير الري المصري خلال مشاركته في الاجتماع الوزاري لمبادرة حوض النيل بأديس أبابا (الري المصرية)

وتتفق مصر والسودان على «وجود مخاطر جدية، مترتبة على عملية الملء الأحادي للسد الإثيوبي، خصوصاً المتعلقة بأمانه»، بحسب بيان مشترك، في ختام اجتماع رباعي ضم وزراء الخارجية والري لمصر والسودان، في القاهرة، الاثنين.

ويرى خبراء مصريون أن خطط القاهرة حال تعرض السد للانهيار، ستعتمد على «تدابير وإجراءات لاستيعاب كميات المياه القادمة، وتخزينها، خلف (السد العالي)، جنوب مصر».

وقال سويلم، في حواره: «هناك مؤشرات تثير القلق، حول أمان السد الإثيوبي، من بينها الشروخ التي ظهرت في (السد المساعد)، قبل معالجتها لاحقاً، إلى جانب تقليص الحكومة الإثيوبية عدد فتحات التوربينات من 16 إلى 13، بعد بدء عمليات التنفيذ، ما يعكس تحديات فنية كبيرة».

واعتبر الوزير المصري أن «موقع إقامة السد على الحدود الإثيوبية مع السودان لن يؤثر على أديس أبابا حال تعرضه للانهيار»، مشيراً إلى أن «بلاده مستعدة للتعامل مع جميع السيناريوهات المحتملة، بفضل خطط محكمة قد تنجم عن أي مخاطر إنشائية للسد».

سيناريو احتمالية انهيار السد الإثيوبي خضع لدراسات عديدة داخل مصر، من خبراء ري ومتخصصين، من بينها «نموذج محاكاة» نظمته جامعة القاهرة، عام 2015، بمشاركة مسؤولين وخبراء، وفق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، نادر نور الدين، الذي أشار إلى أن «تقديرات الخبراء، انتهت إلى إمكانية، استيعاب كميات المياه القادمة، من خلال (السد العالي)، بعد اتخاذ تدابير أخرى، لتصريف المياه من بحيرة ناصر (جنوب مصر)».

ويتم تخزين المياه خلف «السد العالي» جنوب مصر، في بحيرة ناصر (الصناعية)، ويبلغ طولها 500 كيلو متر، وتصل السعة التخزينية لها 169 مليار متر مكعب من المياه، حسب بيانات وزارة الري المصرية.

وتشمل السيناريوهات حالات الانهيار الكامل، أو الجزئي للسد، وفق نور الدين، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إنه «في أسوأ التوقعات، ستصل كميات المياه القادمة من السد الإثيوبي، لمصر بعد أسبوعين، ما يستدعي فتح بوابات (السد العالي)، لتصريف كميات المياه المخزنة ببحيرة ناصر، بواقع نحو 100 مليون متر مكعب يومياً، لمجرى نهر النيل داخل مصر، وبما يمكن استيعاب نحو 20 مليار متر مكعب».

ويعتقد نور الدين أنه «لا يوجد خوف على بنيان (السد العالي) بمصر، حال انهيار السد الإثيوبي»، مشيراً إلى أن من البدائل أيضاً «تصريف كميات المياه القادمة في (مفيض توشكى) بجنوب مصر».

و«مفيض توشكى» منخفض طبيعي جنوب الصحراء الغربية، بجنوب مصر، وتستهدف الحكومة المصرية استثمار المياه في المنطقة، باستصلاح واستزراع نحو 600 ألف فدان، وفق مجلس الوزراء المصري.

ويؤيد ذلك أيضاً خبير المياه المصري وأستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، غير أنه يرى أن «البنية التحتية لـ(مفيض توشكى)، وبحيرة ناصر، قادرة على استيعاب تداعيات إنشاء السد الإثيوبي حالياً، وحال تعرضه لانهيار جزئي أو كلي، قد يستدعي تدابير احترازية أخرى، لاستيعاب كميات المياه المتوقع وصولها لمصر».

ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «سعة (مفيض توشكى)، يمكنها استيعاب نحو 150 مليار متر مكعب من المياه، لكنها تحتاج لتطوير قنوات تصريف المياه، بما يمكنها من ضخ نحو مليار متر مكعب مياه يومياً، بدلاً من القدرة الحالية التي تصل لنحو 300 مليون متر مكعب في اليوم».

وستكون سيناريوهات التحرك المصري بـ«تدابير لتصريف كميات أكبر من المياه، داخل البلاد، وصولاً إلى البحر المتوسط، عند مصب النهر في فرعي (رشيد ودمياط) شمال مصر»، وفق شراقي.

وأكد وزير الري المصري أن تعنت الجانب الإثيوبي «قد يكون جزءاً من استراتيجية سياسية لدى أديس أبابا للضغط على الدول المجاورة».

ووفق رئيس قطاع مياه النيل الأسبق في مصر، عبد الفتاح مطاوع، فإن «المخاطر التي يشكلها السد تستدعي وجود اتفاق قانوني ينظم عمليات ملئه وتشغيله»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك أضراراً تتعرض لها مصر والسودان، ويجب تشكيل إدارة فنية لتشغيله، بالتنسيق بين الدول الثلاث».

وأشار مطاوع إلى أن «أضرار مصر، من سيناريو انهيار السد الإثيوبي، بنفس حجم الأضرار التي ستشهدها السودان»، وقال يجب «التفكير في حجم الأضرار التي قد يتعرض لها السودان، ومنها انهيار جميع السدود الداخلية بها، ما يؤثر بالتبعية على المياه القادمة إلى مصر».


مقالات ذات صلة

هل تسبب «سد النهضة» الإثيوبي في غرق أراضٍ زراعية بمصر؟

العالم العربي سد النهضة الإثيوبي (أ.ف.ب)

هل تسبب «سد النهضة» الإثيوبي في غرق أراضٍ زراعية بمصر؟

أثار تعرض أراضٍ زراعية بمصر للغرق إثر ارتفاع منسوب مياه النيل تساؤلات حول مدى تأثير «سد النهضة» الإثيوبي على السياسات المائية المصرية.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من إنشاءات «سد النهضة» (أ.ف.ب)

​«سد النهضة»: إثيوبيا تدعو إلى «حوار»... ومصر تشدد على «اتفاقٍ ملزم»

دعا رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد مصر والسودان إلى الحوار بشأن قضية «سد النهضة» في وقت تصر القاهرة على ضرورة إبرام اتفاق قانوني ملزم

أحمد إمبابي (القاهرة)
أفريقيا آبي أحمد يتفقد سير العمل بمشروع سد النهضة (حساب رئيس وزراء إثيوبيا على «إكس»)

إثيوبيا تعلن أنها ستدشن سد النهضة خلال الأشهر الستة المقبلة

قال رئيس الوزراء الإثيوبي، الخميس، إن سد النهضة موضع الخلاف على النيل الأزرق سيدشن «خلال الأشهر الستة المقبلة».

«الشرق الأوسط» (أديس أبابا)
شمال افريقيا اجتماع تشاوري لوزراء الخارجية والري في مصر والسودان بالقاهرة (الخارجية المصرية)

مصر والسودان يحذران من استدراج دول حوض النيل إلى نزاع «سد النهضة»

أكدت مصر والسودان، إصرارهما على التوصل إلى «حلول سلمية وسياسية»، في النزاع القائم حول «سد النهضة» الإثيوبي، مع ضرورة إبقاء الخلاف بين الدول الثلاث.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يستقبل نطيره السوداني علي يوسف في القاهرة (أ.ف.ب)

بيان مصري سوداني: الملء الأحادي لسد النهضة يمثل «مخاطر جدية» خاصة على أمان السد

أكد بيان مصري سوداني، اليوم الاثنين، أن الملء الأحادي لسد النهضة الإثيوبي يمثل «مخاطر جدية» لا سيما المتعلقة بأمان السد، مشدداً على ضرورة التوصل لحلول سلمية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

شراكة جزائرية - تركية تتعزز في الاقتصاد والتعليم والطاقة

اجتماع اللجنة الجزائرية - التركية للتخطيط (الخارجية الجزائرية)
اجتماع اللجنة الجزائرية - التركية للتخطيط (الخارجية الجزائرية)
TT

شراكة جزائرية - تركية تتعزز في الاقتصاد والتعليم والطاقة

اجتماع اللجنة الجزائرية - التركية للتخطيط (الخارجية الجزائرية)
اجتماع اللجنة الجزائرية - التركية للتخطيط (الخارجية الجزائرية)

ناقش اجتماع لـ«اللجنة الجزائرية - التركية للتخطيط»، عُقد يوم الاثنين في العاصمة الجزائرية، مشروعات تعاون جارية بين البلدين تخصُّ الحديد والصلب، والنسيج، والطاقة، والأشغال العمومية والزراعة الصحراوية.

وقاد أشغال الاجتماع وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ونظيره التركي هاكان فيدان، وعبَّر عطاف في خطاب عن «ارتياح بلاده لمستوى التجارة البينية»، التي قال إنها حقَّقت أرقاماً «لم يسبق لها مثيل في تاريخ العلاقات الثنائية».

وقال إن حجم التجارة البينية بلغ 6 مليارات دولار في عام 2024، «لكننا لا نزالُ نطمحُ لتحقيق المزيد، لأن المطلوب هو بلوغ قيمة 10 مليارات دولار»، مشيداً أيضاً بالمستوى غير المسبوق الذي بلغته الاستثمارات التركية بالجزائر.

كما أشاد عطاف بـ«تقوية الأبعاد الإنسانية» للعلاقات الثنائية في مجالات الثقافة، والتعليم العالي، والبحث العلمي، والصحة وغيرها. وأضاف: «لكننا لا نزالُ نطمحُ لتحقيق المزيد».

وأضاف أن الجزائر: «هي اليوم أول شريك تجاري لتركيا على مستوى القارة الأفريقية. ومن جانبها، فإن تركيا قد اكتسبت عن جدارة واستحقاق مكانَتَها بوصفها أول مُستثمر أجنبي في الجزائر خارج قطاع المحروقات».

وتابع: «الأرقام المُسجَّلة في هذا الإطار مؤهلةٌ للارتفاع والنمو في المستقبل القريب والعاجل»، مشيراً إلى كثير من المشروعات الاستثمارية المشتركة، لا سيما في مجالَي الطاقة، والزراعة الصحراوية، إلى جانب توسيعِ الاستثمارات التركية في ميادين الحديد والصلب والنسيج.

وكان آخر لقاء ثنائي بين فيدان وعطاف قد عُقد في فبراير (شباط) الماضي، على هامش اجتماع وزراء خارجية مجموعة العشرين في جوهانسبرغ. كما شارك عطاف في «منتدى أنطاليا الدبلوماسي»، الذي نظَّمته تركيا في الفترة من 11 إلى 13 أبريل (نيسان) الحالي.

الرئيسان الجزائري والتركي بإسطنبول في مايو 2022 (الرئاسة الجزائرية)

وشكَّلت زيارتا الرئيس رجب طيب إردوغان إلى الجزائر، في فبراير 2018 ويناير (كانون الثاني) 2020، «دفعة جديدة للعلاقات الثنائية بين البلدين»، وفق تعبير وكالة «الأناضول» التركية للأنباء.

وخلال زيارة الرئيس إردوغان إلى الجزائر عام 2020، تقرَّر إنشاء «مجلس للتعاون» رفيع المستوى بين البلدين، وقد عُقد الاجتماع الأول للمجلس يوم 16 مايو (أيار) 2022، بمناسبة زيارة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى تركيا، على رأس وفد كبير ضم 9 وزراء، تخللها توقيع 15 اتفاقية وبياناً مشتركاً بين البلدين.