توافق تركي سوري على تعاون ضد التنظيمات الإرهابية ودعم المرحلة الانتقالية

إردوغان والشرع ناقشا الملفات الأمنية والاقتصادية وجهود رفع العقوبات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان والرئيس السوري في المرحلة الانتقالية أحمد الشرع يتصافحان بعد مؤتمر صحافي مشترك أعقب اجتماعهما في القصر الرئاسي في أنقرة (أ.ف.ب)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان والرئيس السوري في المرحلة الانتقالية أحمد الشرع يتصافحان بعد مؤتمر صحافي مشترك أعقب اجتماعهما في القصر الرئاسي في أنقرة (أ.ف.ب)
TT

توافق تركي سوري على تعاون ضد التنظيمات الإرهابية ودعم المرحلة الانتقالية

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان والرئيس السوري في المرحلة الانتقالية أحمد الشرع يتصافحان بعد مؤتمر صحافي مشترك أعقب اجتماعهما في القصر الرئاسي في أنقرة (أ.ف.ب)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان والرئيس السوري في المرحلة الانتقالية أحمد الشرع يتصافحان بعد مؤتمر صحافي مشترك أعقب اجتماعهما في القصر الرئاسي في أنقرة (أ.ف.ب)

أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان استعداد تركيا لتقديم الدعم للإدارة السورية الجديدة في محاربة التنظيمات الإرهابية.

وقال إردوغان في مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، عقب مباحثات مطولة بينهما في أنقرة، الثلاثاء، إنه أوضح للشرع أن سياسات تركيا تجاه سوريا تقوم منذ البداية على مبدأ الحفاظ على وحدتها وسيادتها، وأنه من الضروري تأسيس الأمن والاستقرار فيها.

وأضاف: «قمنا بتقييم الخطوات التي يمكن اتخاذها لتحقيق الهدف، وأظهرت المباحثات أننا متوافقون بشأن تحقيق خطوات تحقيق السلام في سوريا، وبخاصة الخطوات التي ستتخذ ضد التنظيمات الإرهابية الموجودة على الأراضي السورية سواء حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردية أو (داعش)، أوغيرها».

وتابع «أنني أكدت للشرع أننا جاهزون دائماً لدعم الإدارة الجديدة في حربها ضد هذه التنظيمات، وأكد لي أنه يمتلك إرادة قوية من أجل القضاء على هذه التنظيمات، معرباً عن اعتقاده أن التعاون بين تركيا والإدارة الجديدة سيؤسس لإقامة منطقة خالية من الإرهاب تماماً».

وقال إردوغان: «تحدثنا عن التطورات السياسية ونؤمن تماماً بأن الإدارة الجيدة لابد أن تحتضن جميع المكونات السورية». وأضاف: «كما ناقشنا موضوع إعمار سوريا، وأكدت أننا جاهزون لدعم سوريا في نهضتها، وكلما سارعت تركيا بالنهوض كان ذلك في مصلحة المنطقة»، لافتاً إلى أن استمرار العقوبات الغربية ضد سوريا يشكل عقبة أمام نهضة سوريا اقتصادياً.

وأكد أن جهود تركيا مستمرة لرفع هذه العقوبات، وقد تم إزالة بعضها بالفعل، وكذلك جهود تقديم المساعدات الإنسانية للمحتاجين من الشعب السوري، ولن تتأخر في تقديم الدعم في مختلف المحافل الدولية من أجل تحقيق النهضة في سوريا. وشدد على أهمية استمرار دعم العالم الإسلامي لسوريا في هذه المرحلة.

ولفت إلى أن الشعب السوري وبعد 13 عاماً من المعاناة وسفك الدماء والظلم على يد النظام السوري أصبح حراً في تقرير مصيره، مشدداً على أن تركيا ستواصل الوقوف إلى جانبه في هذه المرحلة، كما كان الحال في ظل الظروف الصعبة التي مر بها.

وتابع أنه أكد للشرع، بشكل قطعي، أن جميع مؤسسات الدولة التركية تدعم سوريا في المرحلة الجديدة. «وسنعمل على الوصول بمستوى العلاقات إلى المستوى الاستراتيجي».

ووصف إردوغان زيارة الشرع بـ«التاريخية»، وتمثل بداية لمرحلة جديدة في العلاقات بين البلدين، وسوف تتواصل زيارات المسؤولين الأتراك لسوريا في المرحلة المقبلة، «وسوف نقوم بتطوير علاقاتنا في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية».

بدوره، عبر الشرع عن امتنانه لما قدمته تركيا للشعب السوري، مؤكداً أن الشعب لن ينسى الوقفة التاريخية لتركيا سواء مؤسساتها أو شعبها، وفتح أبوابها لاستقبال ملايين اللاجئين، مشيراً إلى استمرار الدعم التركي الكبير عبر المساعي المتواصلة لإنجاح القيادة الحالية لسوريا سياسياً واقتصادياً، بما يضمن استقلال ووحدة الأراضي السورية وسلامتها.

وذكر الشرع أن العلاقات السورية التركية ممتدة عبر التاريخ ومتواصلة عبر امتداد جغرافي ونسيج اجتماعي واحد، وأن تفاعل تركيا مع الثورة السورية رغم التحديات التي تواجهها تركيا، وسعيها، عززا هذه العلاقات، وستمتد هذه العلاقات الأخوية بين الشعبين لأجيال عبر الزمن.

وأكد الشرع أن إدارته ستعمل على تحويل هذه العلاقات إلى شراكة استراتيجية عميقة في جميع المجالات لتحقيق الازدهار للشعبين التركي والسوري، «وبدأنا بالفعل العمل على هذا في مختلف الملفات الإنسانية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، وأبدينا الاستعداد لتعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية بما يساعد في تحقيق التعافي الاقتصادي و إعادة الإعمار».

وأضاف «أننا نعمل معاً على بقية الملفات الاستراتيجية الكبرى، وفي مقدمتها بناء شراكة استراتيجية لمواجهة التهديدات الأمنية في المنطقة بما يضمن أمناً واستقراراً مستدامين لكل من سوريا وتركيا»، مشيراً إلى أن المشاورات خلال اللقاء مع الرئيس التركي ركزت على التهديدات التي تحول دون استكمال وحدة الأراضي السورية في شمال شرقي سوريا.

وتابع: « تناولنا كذلك ضرورة الضغط الدولي على إسرائيل للانسحاب من المنطقة العازلة في جنوب سوريا وتطبيق اتفاق 1974».

وفي ختام المؤتمر الصحافي، وجه الشرع الدعوة للرئيس التركي لزيارة سوريا قريباً.

جانب من مباحثات إردوغان والشرع (الرئاسة التركية)

وبحسب مصادر بالرئاسة التركية، ناقش إردوغان في الاجتماع مع الشرع الذي حضره من الجانب التركي وزير الخارجية، هاكان فيدان ورئيس المخابرات إبراهيم كالين، ومن الجانب السوري وزير الخارجية أسعد الشيباني، الخطوات المشتركة التي يتعين على البلدين اتخاذها لتحقيق التعافي الاقتصادي والاستقرار والأمن المستدام في سوريا، بما ينعكس أيضاً على استقرار المنطقة.

تأكيد على وحدة سوريا

وأضافت المصادر أن إردوغان ركز خلال المباحثات على خطوات إنهاء وجود «وحدات حماية الشعب الكردية»، التي تقود «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) والمدعومة أميركياً، وإنهاء تهديداتها لوحدة سوريا وللحدود الجنوبية لتركيا، والدور الذي يمكن أن تلعبه الإدارة السورية في ذلك بدعم تركي، وكذلك مسألة السيطرة على سجون «داعش» في سوريا التي تتخذها الولايات المتحدة ذريعة لاستمرار دعمها للوحدات الكردية.

لافتة ترحيبية بالشرع على مبنى دائرة الاتصال في الرئاسة التركية بأنقرة (متداولة)

وبحسب ما ذكر رئيس دائرة الاتصال بالرئاسة التركية، فخر الدين ألطون، عبر حسابه في «إكس»، ركزت المباحثات على الدعم الذي يمكن تقديمه للإدارة الانتقالية والشعب السوري في مختلف المحافل الدولية المتعددة الأطراف.

وقال إنهم يعتقدون أن العلاقات التركية السورية، سوف «تتعزز وتكتسب بعداً» مع زيارة الشرع والوفد المرافق له.

إردوغان مستقبلاً الشرع في باحة القصر الرئاسي في أنقرة (الرئاسة التركية)

ووصل الشرع إلى أنقرة على متن طائرة خصصتها له تركيا، واستقبله إردوغان في باحة القصر الرئاسي، لكن دون مراسم استقبال رسمي.

وعشية زيارته لتركيا، وهي الزيارة الثانية الخارجية له بعد زيارة السعودية يوم الأحد الماضي، قال الشرع إن «قسد» مستعدة لحصر السلاح بيد الدولة وحدها، لكنه لفت إلى «اختلافات على بعض الجزئيات».

جدل حول التعاون الدفاعي

وتقول تركيا إن دور «الوحدات الكردية – قسد»، يقتصر على حراسة سجون «داعش»، وإنها لا تقوم بأي عمل آخر غير ذلك الآن، وإن «داعش» لم تعد لديه قدرة على تنفيذ عمليات على الأرض، وإن أنقرة على استعداد لدعم الإدارة السورية في الاضطلاع بمهمة حراسة السجون.

كما طرحت تركيا فكرة إقامة محور رباعي مع سوريا والعراق والأردن، لمواجهة أي تحرك لـ«داعش»، والقضاء على الذريعة الأميركية لدعم «قسد» لدورها في حراسة السجون.

إردوغان مصافحاً الشرع عند باب القصر الرئاسي في أنقرة (الرئاسة التركية)

وقبل وصول الشرع إلى أنقرة نقلت وكالة «رويترز» عن مصادر سورية وإقليمية وأجنبية أمنية واستخبارية، وصفتها بـ«المطلعة»، أنه سيناقش خلال زيارته إلى تركيا «اتفاقاً دفاعياً» مع أنقرة، يشمل إنشاء قواعد جوية تركية وسط سوريا، واتفاقيات لتدريب الجيش السوري الجديد.

وقالت المصادر، إنّ «الاتفاق قد يسمح لتركيا بإنشاء قواعد جوية جديدة في سوريا، واستخدام المجال الجوي السوري لأغراض عسكرية، وتولّي دور قيادي في تدريب القوات في الجيش السوري الجديد»، مضيفةً أنّه «من غير المتوقّع أن يتمّ الانتهاء من الصفقة، اليوم الثلاثاء».

وذكر مسؤول في الرئاسة السورية لـ«رويترز» أن الشرع سيناقش مع إردوغان «تدريب تركيا للجيش السوري الجديد، فضلاً عن مجالات جديدة للانتشار والتعاون»، من دون تحديد مواقع الانتشار.

في المقابل، نقلت وكالة «ريا نوفوستي» الروسية عن مصدر في الرئاسة التركية، قوله إنه «لا معلومات لدينا عن خطط لإنشاء قواعد عسكرية تركية في سوريا».

وكانت مصادر عسكرية تركية ذكرت، قبل أسبوعين، أنه قد يتم إعادة انتشار القوات التركية في سوريا بحسب ما تقتضيه الظروف والتطورات.

والأسبوع الماضي، زار وفد من وزارة الدفاع التركية دمشق، لبحث المسائل الفنية المتعلقة بالتعاون العسكري و«ما يمكن فعله في المسائل الدفاعية والأمنية، وبخاصّة في القتال المشترك ضدّ المنظمات الإرهابية التي تشكّل تهديداً لسوريا وتركيا».

وزيرا خارجية تركيا هاكان فيدان ومصر بدر عبد العاطي خلال مؤتمر صحافي في أنقرة الثلاثاء (الخارجية التركية)

وقبيل انعقاد مباحثات إردوغان والشرع، أكد وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، ضرورة دعم الإدارة السورية الجديدة خلال الفترة الانتقالية، لافتاً إلى أن تدخل القوى الأجنبية في شؤون المنطقة يجلب الحرب وعدم الاستقرار.

وقال فيدان، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره المصري بدر عبد العاطي، عقب مباحثاتهما في أنقرة، الثلاثاء، إن هناك فرصة تاريخية لمحو جميع التنظيمات الإرهابية من سوريا، وإن تركيا ومصر ستدعمان أي جهد في هذا الإطار.

بدوره، أكد عبد العاطي أنه اتفق مع نظيره التركي على ضرورة إطلاق عملية سياسية حقيقية شاملة في سوريا، مشدداً على أهمية ألا تكون سوريا مركزاً للتحريض أو التهديد لأي دولة من دول الجوار.

وقال: «نتطلع لعودة سوريا إلى دورها الفاعل في إطار الأمة العربية والمنطقة والمجتمع الدولي، وأكدت لنظيري التركي أهمية ألا تكون سوريا مركزاً للتحريض أو للتهديد لأي دولة من دول المنطقة».

وقال بيان مشترك، صدر عقب المباحثات، إن الوزيرين أكدا تمسك مصر وتركيا بوحدة وسيادة سوريا وسلامة أراضيها، وضمان ألا تشكل الأراضي السورية تهديداً لأي دول، وشددا على أهمية وجود عملية سياسية شاملة تخدم مصالح الشعب السوري الشقيق. وجددا فهمهما المشترك حول العودة الطوعية والكريمة للنازحين السوريين إلى وطنهم. وفي هذا الصدد، أكدا أهمية مكافحة الإرهاب واقتلاعه من جذوره، والحفاظ على علاقات حسن الجوار مع دول المنطقة.


مقالات ذات صلة

ويتكوف يجتمع مع الوسطاء بشأن اتفاق غزة في ميامي

الولايات المتحدة​ ستيف ويتكوف المبعوث الخاص للرئيس الأميركي دونالد ترمب لدى وصوله إلى مبنى المستشارية في برلين (د.ب.أ)

ويتكوف يجتمع مع الوسطاء بشأن اتفاق غزة في ميامي

قال مسؤول في البيت الأبيض إن ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص للرئيس الأميركي دونالد ترمب، سيلتقي، غداً الجمعة، مسؤولين قَطريين ومصريين وأتراكاً في ميامي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال خطاب أمام المؤتمر السنوي لسفراء تركيا بالخارج (الرئاسة التركية)

فيدان وبرّاك بحثا دمج «قسد» بالجيش السوري... وإردوغان حذر من انتهاكات إسرائيل

بحث وزير الخارجية التركي هاكان فيدان مع السفير الأميركي لدى أنقرة المبعوث الخاص إلى سوريا توم برّاك المستجدات الخاصة بسوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية طائرة مقاتلة من طراز «إف 16» تابعة للقوات الجوية التركية تقلع في مناورات جوية في شمال ألمانيا 9 يونيو 2023 (رويترز)

وزارة الدفاع التركية تعلن إسقاط طائرة مسيّرة فوق البحر الأسود

أعلنت وزارة الدفاع التركية إسقاط مسيّرة «خارج السيطرة»، الاثنين، بعدما اقتربت من المجال الجوي التركي من جهة البحر الأسود.

«الشرق الأوسط» (إسطنبول)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متحدثاً خلال حفل إطلاق وثيقة رؤية حزب «العدالة والتنمية» للعالم في أنقرة الاثنين (الرئاسة التركية)

إردوغان يؤكد مُضيَّ «العمال الكردستاني» في التخلص من أسلحته

أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن عملية إحراق أسلحة حزب «العمال الكردستاني»، وتطهير الكهوف الجبلية في شرق وجنوب شرقي البلاد مستمرة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا الرئيس التركي رجب طيب إردوغان التقى نظيره الروسي في تركمانستان... 12 ديسمبر (الرئاسة التركية)

إردوغان أبلغ بوتين ترحيبه بجهود ترمب لتحقيق السلام بين روسيا وأوكرانيا

أبلغ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان نظيره الروسي فلاديمير بوتين يترحيبه بالحوار الذي يقوده الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام مع أوكرانيا

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

تقرير: مساعٍ حثيثة لإنقاذ اتفاق دمج قوات «قسد» بالدولة السورية قبل نهاية العام

الرئيس السوري أحمد الشرع -على اليمين- يصافح مظلوم عبدي قائد «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة والتي يقودها الأكراد... في العاصمة السورية دمشق 10 مارس 2025 (سانا)
الرئيس السوري أحمد الشرع -على اليمين- يصافح مظلوم عبدي قائد «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة والتي يقودها الأكراد... في العاصمة السورية دمشق 10 مارس 2025 (سانا)
TT

تقرير: مساعٍ حثيثة لإنقاذ اتفاق دمج قوات «قسد» بالدولة السورية قبل نهاية العام

الرئيس السوري أحمد الشرع -على اليمين- يصافح مظلوم عبدي قائد «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة والتي يقودها الأكراد... في العاصمة السورية دمشق 10 مارس 2025 (سانا)
الرئيس السوري أحمد الشرع -على اليمين- يصافح مظلوم عبدي قائد «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة والتي يقودها الأكراد... في العاصمة السورية دمشق 10 مارس 2025 (سانا)

قال عدة أشخاص بين مشاركين ومطّلعين على محادثات لدمج قوات كردية مع الدولة السورية، إن مسؤولين سوريين وأكراداً وأميركيين يسعون جاهدين لإظهار تقدّم في اتفاق متعثر بهذا الشأن قبل المهلة المحددة بنهاية العام.

وذكرت مصادر سورية وكردية وغربية تحدثت إلى وكالة «رويترز» أن المناقشات تسارعت في الأيام القليلة الماضية على الرغم من تزايد الإحباط بسبب التأخير، وحذّر بعضهم من أن تحقيق انفراجة كبيرة أمر غير مرجح.

وقال خمسة من المصادر إن الحكومة السورية الانتقالية أرسلت مقترحاً إلى «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) التي يقودها الأكراد وتسيطر على شمال شرقي البلاد. وأضاف أحد المسؤولين السوريين ومسؤول غربي وثلاثة مسؤولين أكراد، أن دمشق عبّرت في الاقتراح عن انفتاحها على أن تعيد «قوات سوريا الديمقراطية» تنظيم مقاتليها، وعددهم نحو 50 ألف مقاتل، في ثلاث فرق رئيسية وألوية أصغر، شريطة أن تتنازل عن بعض سلاسل القيادة وتفتح أراضيها لوحدات الجيش السوري الأخرى.

صورة نشرتها وكالة «سانا» السورية في 8 مارس 2025 تظهر قوات حكومية سورية على نقطة تفتيش في مدينة اللاذقية بالساحل السوري (أ.ف.ب)

«حفظ ماء الوجه»

لم ‌يتضح ما إذا ‌كانت الفكرة ستمضي قُدماً أم لا، وقللت عدة مصادر من احتمالات التوصل إلى اتفاق ‌شامل ⁠في ​اللحظات الأخيرة، ‌قائلة إن هناك حاجة إلى مزيد من المحادثات. ومع ذلك، قال مسؤول بـ«قوات سوريا الديمقراطية»: «نحن أقرب إلى اتفاق أكثر من أي وقت مضى».

وقال مسؤول غربي ثانٍ، إن أي إعلان في الأيام المقبلة سيكون هدفه جزئياً «حفظ ماء الوجه» وتمديد المهلة والحفاظ على الاستقرار في دولة لا تزال هشة بعد عام من سقوط الرئيس السابق بشار الأسد. وذكرت معظم المصادر أن من المتوقع ألا يرقى أي شيء، تفرزه هذه المساعي، إلى مستوى الاندماج الكامل لـ«قوات سوريا الديمقراطية» في الجيش ومؤسسات الدولة الأخرى بحلول نهاية العام، وهو المنصوص عليه في اتفاق تاريخي بين الجانبين أبرم في 10 مارس (آذار).

ويهدد الفشل في رأب الصدع الأعمق المتبقي في سوريا بإشعال صدام مسلح قد يعرقل خروج البلاد من حرب استمرت 14 عاماً، وربما يستدرج تركيا المجاورة ⁠التي تهدد بالتدخل ضد المقاتلين الأكراد الذين تعتبرهم إرهابيين.

عناصر من «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في دير الزور بشرق سوريا (رويترز - أرشيفية)

ويتبادل الجانبان الاتهامات بالمماطلة والتصرف بسوء نية. فـ«قوات سوريا الديمقراطية» لا ترغب في التخلي عن الحكم الذاتي الذي فازت به باعتبارها الحليف الرئيسي ‌للولايات المتحدة خلال الحرب، التي سيطرت بعدها على سجون تنظيم «داعش» وموارد النفط الغنية.

وقالت عدة مصادر إن الولايات المتحدة، التي تدعم الرئيس السوري أحمد ‍الشرع وتحث على دعم عالمي لحكومته الانتقالية، نقلت رسائل بين «قوات سوريا الديمقراطية» ودمشق وسهّلت المحادثات وحثت على التوصل إلى اتفاق.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، إن توماس برّاك، السفير الأميركي لدى تركيا والمبعوث الخاص إلى سوريا، يواصل دعم وتسهيل الحوار بين الحكومة السورية و«قوات سوريا الديمقراطية»، قائلاً إن الهدف هو الحفاظ على الزخم الذي يدفع نحو دمج القوات.

فتاة تحمل علم «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) خلال مظاهرة في القامشلي... سوريا 17 سبتمبر 2025 (رويترز)

تركيا: صبرنا ينفد

منذ أن فشلت جولة كبيرة من المحادثات بين الجانبين في الصيف، تصاعدت الاحتكاكات، بما في ذلك المناوشات المتكررة على طول عدد من خطوط المواجهة في الشمال.

وسيطرت «قوات سوريا الديمقراطية» على جزء كبير من شمال شرق ​سوريا حيث يوجد معظم إنتاج البلاد من النفط والقمح، وذلك بعد هزيمة مسلحي تنظيم «داعش» في 2019.

وقالت «قوات سوريا الديمقراطية» إنها تنهي عقوداً من القمع ضد الأقلية الكردية، لكن الاستياء من حكمها تنامى بين السكان الذين يغلب ⁠عليهم العرب، بما في ذلك الاستياء من التجنيد الإجباري للشباب.

وقال مسؤول سوري إن الموعد النهائي للاندماج في نهاية العام ثابت ولا يمكن تمديده إلا «بخطوات لا رجعة فيها» من «قوات سوريا الديمقراطية».

وقال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، الجمعة، إن تركيا لا تريد اللجوء إلى الوسائل العسكرية، لكنه حذّر من أن الصبر على «قوات سوريا الديمقراطية» ينفد.

وقلل المسؤولون الأكراد من أهمية المهلة وقالوا إنهم ملتزمون بالمحادثات من أجل تحقيق الاندماج العادل. وقال سيهانوك ديبو وهو مسؤول في «الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا»، إن «الضمانة الأكثر موثوقية لاستمرار صلاحية الاتفاق تكمن في مضمونه، لا في الإطار الزمني»، مشيراً إلى أن الأمر قد يستغرق حتى منتصف 2026 للتعامل مع جميع النقاط الواردة في الاتفاق.

وكانت «قوات سوريا الديمقراطية» طرحت في أكتوبر (تشرين الأول) فكرة إعادة تنظيم نفسها في ثلاث فرق جغرافية بالإضافة إلى الألوية. ومن غير الواضح ما إذا كان هذا التنازل، الوارد في الاقتراح الذي قدّمته دمشق في الأيام القليلة الماضية، سيكون كافياً لإقناعها بالتخلي عن السيطرة على الأراضي.

وقال عبد الكريم عمر، ممثل «الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا» التي يقودها الأكراد في دمشق، إن الاقتراح الذي لم يُعلن عنه يتضمن «تفاصيل لوجستية وإدارية قد تسبب خلافا وتؤدي إلى تأخير».

وقال مسؤول سوري كبير لوكالة «رويترز» إن ‌الرد السوري «يتّسم بالمرونة لتسهيل التوصل إلى توافق من أجل تنفيذ اتفاق مارس».


عبد العاطي لـ«الشرق الأوسط» : مصر والسعودية جناحا الأمة لن ينصلح الحال دونهما

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)
TT

عبد العاطي لـ«الشرق الأوسط» : مصر والسعودية جناحا الأمة لن ينصلح الحال دونهما

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)

وصف وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي العلاقات المصرية - السعودية بـ«المتميزة»، وقال إن القاهرة والرياض هما جناحا الأمة، و«لن ينصلح الحال من دونهما». وتابع عبد العاطي في حوار مع «الشرق الأوسط» أن «التنسيق على المستوى السياسي في أبهى وأفضل حالاته، وقريباً سيتم عقد الاجتماع الأول لمجلس التنسيق الأعلى المصري - السعودي».

وحمّل الوزير المصري إسرائيل مسؤولية تعثر الانتقال للمرحلة الثانية من «اتفاق غزة»، مضيفاً أن القاهرة تُعوّل على قيادة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنفاذ الاتفاق، ومشيراً إلى اتصالات إيجابية وحوار مستمر مع واشنطن.

وأكد عبد العاطي أهمية دور «مجلس السلام العالمي» في تعبئة وحشد الموارد المالية الخاصة بتنمية غزة وإعادة إعمارها والتعافي المبكر، ومراقبة صرف أموال إعادة الإعمار


إسرائيل تدفع لإعدام 100 من عناصر «القسام»

 مستوطنون إسرائيليون يدعون إلى إعادة احتلال غزة خلال فعالية في سيدروت جنوب إسرائيل أمس (رويترز)
مستوطنون إسرائيليون يدعون إلى إعادة احتلال غزة خلال فعالية في سيدروت جنوب إسرائيل أمس (رويترز)
TT

إسرائيل تدفع لإعدام 100 من عناصر «القسام»

 مستوطنون إسرائيليون يدعون إلى إعادة احتلال غزة خلال فعالية في سيدروت جنوب إسرائيل أمس (رويترز)
مستوطنون إسرائيليون يدعون إلى إعادة احتلال غزة خلال فعالية في سيدروت جنوب إسرائيل أمس (رويترز)

دفع مسؤولون إسرائيليون، أمس، في اتجاه إنشاء محكمة عسكرية خاصة، وتكييف الملابسات والاتهامات التي تُفضي إلى إعدام 100 من عناصر وحدة «النخبة» التابعة لـ«كتائب القسام»، الذراع العسكرية لحركة «حماس»، لدورهم في هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وناقش وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، ووزير العدل ياريف ليفين، إمكانية إنشاء المحكمة المخصصة لمحاكمة 450 من عناصر «القسام» الذين تعتقلهم إسرائيل منذ بداية الحرب.

وتحدث مسؤولون مطلعون على الملف لوسائل إعلام عبرية بأن «أصحاب التهم الخطيرة ممن ستطلب بحقهم النيابة العسكرية أحكاماً بالإعدام هم 100 شخص».

وحضر مسؤولون كبار من الجيش الإسرائيلي ووزارة العدل النقاش، بمن فيهم المدعي العام العسكري إيتاي أوفير، وذلك لبحث إنشاء إطار قانوني خاص لمحاكمة عناصر «النخبة». وقال كاتس: «تلتزم إسرائيل بمعاقبة مرتكبي الهجوم بطريقة تجعل الأمر واضحاً لا لبس فيه، أي شخص يلحق الأذى بالمدنيين الإسرائيليين ستحاسبه بالكامل». وحسب المسؤولين الإسرائيليين فإن النيابة العسكرية ستطلب أحكاماً بالإعدام، وفي الغالب سيُنفذ الحكم بالرصاص، بعدما رفضت نقابة الأطباء قتلهم بالسم.

وقالت «القناة 14»، التي أوردت النبأ، إن «السلطات المختصة تحتجز هؤلاء في موقع عسكري خاص تحت الحراسة المشددة، وفي ظروف اعتقال تُثير حفيظة مؤسسات الحقوق الدولية».