«هيئة تحرير الشام» تسرب اعترافات قيادي عراقي فيها... هل تمهد لإعدامه؟

أبو ماريا القحطاني متهم بـ«التجسس والتحضير لانقلاب»

أبو ماريا القحطاني (يسار) مع القيادي المنشق عن «هيئة تحرير الشام» أبو أحمد زكور (منصة إكس)
أبو ماريا القحطاني (يسار) مع القيادي المنشق عن «هيئة تحرير الشام» أبو أحمد زكور (منصة إكس)
TT

«هيئة تحرير الشام» تسرب اعترافات قيادي عراقي فيها... هل تمهد لإعدامه؟

أبو ماريا القحطاني (يسار) مع القيادي المنشق عن «هيئة تحرير الشام» أبو أحمد زكور (منصة إكس)
أبو ماريا القحطاني (يسار) مع القيادي المنشق عن «هيئة تحرير الشام» أبو أحمد زكور (منصة إكس)

تستمر قضية الصراع داخل «هيئة تحرير الشام» التي تسيطر على أجزاء في شمال غربي سوريا بالتفاعل، وازدادت التكهنات باقتراب «الهيئة» من إعلان مقتل قيادي كبير فيها، أو إصدار حكم بإعدامه، بعد اتهامات وجّهت له بالتجسس والتحضير لعملية انقلاب داخلية.

مصادر إعلامية مقربة من التنظيم نشرت في الأيام الماضية ما قالت إنها «أجزاء من محاضر التحقيق» مع القيادي العراقي في الهيئة، ميسرة الجبوري، المعروف باسم «أبو ماريا القحطاني»، بزعم أنه اعترف بالتهم المنسوبة له.

وعادة ما تلجأ «الهيئة» إلى حسابات إخبارية على وسائل التواصل الاجتماعي، تعمل بمثابة «إعلام رديف»، مهمتها نشر الأخبار والدعاية الإعلامية التي يريد التنظيم ترويجها بشكل غير رسمي.

وفق هذه الحسابات، اعترف الجبوري بالتجسس لصالح قوات التحالف الدولي، والتنسيق معه لاستهداف الجماعات المتشددة في المنطقة، بالإضافة إلى ترتيب عملية انقلاب ضد قيادة «الهيئة».

مقاتلون من «هيئة تحرير الشام» يعاينون موقع الغارة الأميركية شرق محافظة إدلب، 28 يونيو 2022 (أ.ف.ب)

المصادر قالت إن الجبوري «اعترف أنه تابع لغرفة عمليات التحالف الدّولي في مدينة أربيل العراقية، بإشراف ضابط عراقي زار إدلب أكثر من مرة والتقى به»، وإن «الغرفة تضم ممثلين عن وكالة المخابرات المركزيّة الأميركيّة (CIA)، وجهاز الاستخبارات البريطانيّة الخارجيّة (MI6)، ووكالة المخابرات الفرنسيّة (DGSE)، ووكالة المخابرات الإسرائيليّة الخارجيّة (الموساد)، ووكالة الاستخبارات الوطنيّة التّركيّة (MIT)، إضافةً إلى وجود تنسيقٍ عالٍ بين غرفة أربيل والمخابرات الرّوسيّة، عن طريق ضابط سوري مجنس روسيّاً»، وفق المصادر.

وحسب التسريبات (التي لم يعلق المكتب الإعلامي لـ«الهيئة» عليها حتى الآن، رغم طلب «الشرق الأوسط» ذلك)، أقرّ أبو ماريا بتجنيده لصالح التّحالف منذ عام 2018، من أجل ملاحقة قادة وعناصر تنظيم «داعش»، وجماعة «حراس الدين» فرع تنظيم «القاعدة» في سوريا.

المصادر سرّبت أيضاً أن الجبوري تلقى أوامر من «غرفة عمليات أربيل» ببدء عمليات التجنيد داخل صفوف الهيئة، تمهيداً لانقلاب داخلي، بهدف السيطرة على الشمال (المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة المتحالفة مع تركيا).

وتضيف التسريبات أن «أبو ماريا قدّم، قبل اعتقاله بفترة قصيرة، تقريراً لغرفة أربيل، يفيد بأن جهاز الأمن العام (التابع لهيئة تحرير الشام) أصبح تحت سيطرته بعد تجنيده معظم قادة الجهاز، وكذلك حكومة الإنقاذ (الذراع الخدمية للهيئة) التي جند بعض الوزراء والمسؤولين فيها، وأنه بدأ بالتجنيد داخل الجناح العسكري للهيئة، وأبلغهم أنه يحتاج حتى منتصف عام 2024 ليكون جاهزاً لبدء الانقلاب».

المصادر اتهمت الجبوري بأن الهدف النهائي لانقلابه المزعوم هو تسليم المنطقة للقوات الروسية نهاية عام 2024، بعد حملة عسكرية «بالتعاون مع عملائه داخل الهيئة وخارجها، ثم الوصول إلى مدينة إدلب ورفع أعلام النّظام على المؤسسات الحكومية».

عناصر في «هيئة تحرير الشام» خلال احتفال بتخرجهم من دورة عسكرية في ريف إدلب، 14 يونيو الماضي (أ.ف.ب)

وبينما تبدو التسريبات المتعلقة بتواصله مع قيادة قوات التحالف، وكذلك التحضير لانقلاب داخل التنظيم، متسقة مع المعطيات التي انتشرت خلال الأشهر الماضية حول هذه القضية، فإن اتهام الجبوري بالتآمر مع الجانب الروسي لا يبدو مقنعاً لكثيرين، خاصة أن القيادي العراقي كان يقوم بالتواصل مع «التحالف» بتكليف من قيادة الهيئة وبعلمها.

ورغم عدم استبعاد انخراط الجبوري بمخطط للانقلاب على القيادة الحالية للتنظيم، بسبب صراعات بين أجنحته أدت لانشقاقات واعتقالات وهروب بعض المسؤولين، فإن الزجّ به في ملف خلايا التجسس يهدف للتخلص منه من قبل الجناح المسيطر حالياً، بحسب مراقبين.

ناشطون ومسؤولون سابقون في «هيئة تحرير الشام» لم يستبعدوا، منذ اعتقال الجبوري، في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، أن يتم إعدامه، بينما تحدث البعض عن وفاته بالفعل بسبب عدم تلقيه الرعاية الصحية من قبل جهاز الأمن التابع لـ«الهيئة».

صورة متداولة لميسرة الجبوري المعروف باسم أبو ماريا القحطاني (يمين) مع زعيم «هيئة تحرير الشام» أبو محمد الجولاني (يسار)

الباحث المتخصص بالجماعات الجهادية، عرابي عرابي، يستبعد تصفية «أبو ماريا» في الوقت الحالي، مشدداً على أن هذه الخطوة تتطلب تمهيداً ضرورياً يضمن عدم حدوث ارتدادات تؤثر على التنظيم، الذي يعيش مرحلة مضطربة.

ويقول في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «لا أعتقد أن الهيئة ستعدم أو تقتل أبو ماريا قبل احتواء أنصاره ونقل كامل الكتلة المؤيدة له إلى مناطق أو مواقع هامشية، لضمان عدم إمكانية اجتماعهم مجدداً، أو تشكيل تهديد للكتلة الصلبة الحاكمة الآن في الهيئة».

لكن احتمال إعدامه أو مقتله «يبقى وارداً»، حسب الباحث عرابي، الذي يرى أنه «لن يُفصح عنه في الوقت الحالي، وإنما بعد ترتيب كامل لوضع إدلب، والتحضير بما يكفي للإعلان عن ذلك».


مقالات ذات صلة

بعد هجوم تدمر... قيادات إيرانية تتحرك من سوريا نحو العراق

المشرق العربي تشييع اثنين من ضحايا هجوم تدمر في الحطابية بمحافظة حمص الجمعة (متداولة)

بعد هجوم تدمر... قيادات إيرانية تتحرك من سوريا نحو العراق

أنباء عن مغادرة قياديين في «الحرس الثوري الإيراني» وميليشيات تابعة لإيران، الأراضي السورية متجهة إلى العراق؛ خشية تعرضهم للاستهداف.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي دخان الغارات في تدمر (متداولة)

ارتفاع حصيلة الغارات الإسرائيلية على تدمر إلى 79 قتيلاً موالياً لإيران

طائرات إسرائيلية استهدفت ثلاثة مواقع في تدمر، من بينها موقع اجتماع لفصائل إيرانية مع قياديين من حركة «النجباء» العراقية وقيادي من «حزب الله» اللبناني.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي «قوات سوريا الديمقراطية» خلال عرض عسكري في ريف دير الزور (الشرق الأوسط)

أكراد سوريا يتحسبون لتمدد الحرب نحو «إدارتهم الذاتية»

ألقت نتائج الانتخابات الأميركية بظلالها على أكراد سوريا ومصير «إدارتهم الذاتية» بعدما جدد الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، التهديد بشن عملية عسكرية.

كمال شيخو (القامشلي)
المشرق العربي أرشيفية لمجموعة من الميليشيات التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني في دير الزور (المرصد السوري)

الميليشيات الإيرانية ممنوعة من دخول منطقة السبع قرى في دير الزور

نصبت القوات الروسية حاجزاً عسكرياً على الجسر الحربي الرابط بين ما يعرف بـ«القرى السبع» وغرب الفرات، ومنعت دخول أي عنصر من الميليشيات الإيرانية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي جنود من القوات الأميركية ينتشرون في بلدة البصيرة بريف دير الزور الشرقي (أرشيفية - الشرق الأوسط)

دمشق تشيح نظرها عن نتائج الانتخابات الأميركية وتركز على «الدولة العميقة»

يغيب عن المشهد السوري موقف واضح حيال الانتخابات الأميركية ولم تبد وسائل الإعلام الرسمية اهتماماً بتظهير الموقف الرسمي أو تحليل النتائج المحتملة لتلك الانتخابات.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

الجيش اللبناني مستعد لنشر 5 آلاف جندي في الجنوب بمجرد انسحاب القوات الإسرائيلية

تصاعد الدخان فوق الضاحية الجنوبية لبيروت بعد غارة جوية إسرائيلية (أ.ف.ب)
تصاعد الدخان فوق الضاحية الجنوبية لبيروت بعد غارة جوية إسرائيلية (أ.ف.ب)
TT

الجيش اللبناني مستعد لنشر 5 آلاف جندي في الجنوب بمجرد انسحاب القوات الإسرائيلية

تصاعد الدخان فوق الضاحية الجنوبية لبيروت بعد غارة جوية إسرائيلية (أ.ف.ب)
تصاعد الدخان فوق الضاحية الجنوبية لبيروت بعد غارة جوية إسرائيلية (أ.ف.ب)

قال وزير الخارجية اللبنانية عبد الله بو حبيب، إنه يأمل في التوصل إلى اتفاق لوقف القتال بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» في وقت لاحق من اليوم (الثلاثاء).

وأضاف الوزير أن الجيش سيكون مستعداً لنشر 5 آلاف جندي على الأقل بجنوب لبنان، بمجرد انسحاب القوات الإسرائيلية، وأن الولايات المتحدة قد تلعب دوراً في إعادة بناء البنية التحتية التي دمرتها الضربات الإسرائيلية، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وكانت صحيفة «نيويورك تايمز»، قد قالت اليوم، إن جماعة «حزب الله» مستعدة على ما يبدو لقبول اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان، ونقلت عن مصدرين بـ«الحرس الثوري» الإيراني، القول إنه جرى إبلاغ طهران بأن الاتفاق بات وشيكاً.

ونسبت الصحيفة أيضاً لمسؤولين إسرائيليين اثنين القول إن واشنطن تضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لإتمام اتفاق بشأن لبنان قبل «عيد الشكر» الذي يحل يوم الخميس المقبل.

وأبلغ مسؤولان، الصحيفة الأميركية، بأنه إذا لم يجرِ التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان بحلول يوم الخميس، فمن الممكن استكماله في بداية الأسبوع المقبل.

وأعلن في الولايات المتحدة وفرنسا أمس (الاثنين)، أن المفاوضات تسير في الاتجاه الصحيح، وأن الدولتين توشكان على إصدار بيان مشترك تعلنان فيه وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله».

وبينما تضاربت التصريحات ومعلومات المصادر حول موعد إعلان البيان، علمت «الشرق الأوسط» من مصادر واسعة الاطلاع في واشنطن، أن الجانبين الأميركي والفرنسي يستعدان لإعلان هدنة بين لبنان وإسرائيل لمدة 60 يوماً تتضمن بدءاً فورياً بإجلاء عناصر «حزب الله» وأسلحتهم، من المنطقة الواقعة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني «بشكل يمكن التحقق منه»، مقابل انسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق التي احتلتها منذ بدء الغزو البري المحدود للأراضي اللبنانية. وسيستند الإعلان المرتقب إلى القرار 1701، وسيتضمن إنشاء «آلية مراقبة».