«هيئة تحرير الشام» تسرب اعترافات قيادي عراقي فيها... هل تمهد لإعدامه؟

أبو ماريا القحطاني متهم بـ«التجسس والتحضير لانقلاب»

أبو ماريا القحطاني (يسار) مع القيادي المنشق عن «هيئة تحرير الشام» أبو أحمد زكور (منصة إكس)
أبو ماريا القحطاني (يسار) مع القيادي المنشق عن «هيئة تحرير الشام» أبو أحمد زكور (منصة إكس)
TT
20

«هيئة تحرير الشام» تسرب اعترافات قيادي عراقي فيها... هل تمهد لإعدامه؟

أبو ماريا القحطاني (يسار) مع القيادي المنشق عن «هيئة تحرير الشام» أبو أحمد زكور (منصة إكس)
أبو ماريا القحطاني (يسار) مع القيادي المنشق عن «هيئة تحرير الشام» أبو أحمد زكور (منصة إكس)

تستمر قضية الصراع داخل «هيئة تحرير الشام» التي تسيطر على أجزاء في شمال غربي سوريا بالتفاعل، وازدادت التكهنات باقتراب «الهيئة» من إعلان مقتل قيادي كبير فيها، أو إصدار حكم بإعدامه، بعد اتهامات وجّهت له بالتجسس والتحضير لعملية انقلاب داخلية.

مصادر إعلامية مقربة من التنظيم نشرت في الأيام الماضية ما قالت إنها «أجزاء من محاضر التحقيق» مع القيادي العراقي في الهيئة، ميسرة الجبوري، المعروف باسم «أبو ماريا القحطاني»، بزعم أنه اعترف بالتهم المنسوبة له.

وعادة ما تلجأ «الهيئة» إلى حسابات إخبارية على وسائل التواصل الاجتماعي، تعمل بمثابة «إعلام رديف»، مهمتها نشر الأخبار والدعاية الإعلامية التي يريد التنظيم ترويجها بشكل غير رسمي.

وفق هذه الحسابات، اعترف الجبوري بالتجسس لصالح قوات التحالف الدولي، والتنسيق معه لاستهداف الجماعات المتشددة في المنطقة، بالإضافة إلى ترتيب عملية انقلاب ضد قيادة «الهيئة».

مقاتلون من «هيئة تحرير الشام» يعاينون موقع الغارة الأميركية شرق محافظة إدلب، 28 يونيو 2022 (أ.ف.ب)
مقاتلون من «هيئة تحرير الشام» يعاينون موقع الغارة الأميركية شرق محافظة إدلب، 28 يونيو 2022 (أ.ف.ب)

المصادر قالت إن الجبوري «اعترف أنه تابع لغرفة عمليات التحالف الدّولي في مدينة أربيل العراقية، بإشراف ضابط عراقي زار إدلب أكثر من مرة والتقى به»، وإن «الغرفة تضم ممثلين عن وكالة المخابرات المركزيّة الأميركيّة (CIA)، وجهاز الاستخبارات البريطانيّة الخارجيّة (MI6)، ووكالة المخابرات الفرنسيّة (DGSE)، ووكالة المخابرات الإسرائيليّة الخارجيّة (الموساد)، ووكالة الاستخبارات الوطنيّة التّركيّة (MIT)، إضافةً إلى وجود تنسيقٍ عالٍ بين غرفة أربيل والمخابرات الرّوسيّة، عن طريق ضابط سوري مجنس روسيّاً»، وفق المصادر.

وحسب التسريبات (التي لم يعلق المكتب الإعلامي لـ«الهيئة» عليها حتى الآن، رغم طلب «الشرق الأوسط» ذلك)، أقرّ أبو ماريا بتجنيده لصالح التّحالف منذ عام 2018، من أجل ملاحقة قادة وعناصر تنظيم «داعش»، وجماعة «حراس الدين» فرع تنظيم «القاعدة» في سوريا.

المصادر سرّبت أيضاً أن الجبوري تلقى أوامر من «غرفة عمليات أربيل» ببدء عمليات التجنيد داخل صفوف الهيئة، تمهيداً لانقلاب داخلي، بهدف السيطرة على الشمال (المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة المتحالفة مع تركيا).

وتضيف التسريبات أن «أبو ماريا قدّم، قبل اعتقاله بفترة قصيرة، تقريراً لغرفة أربيل، يفيد بأن جهاز الأمن العام (التابع لهيئة تحرير الشام) أصبح تحت سيطرته بعد تجنيده معظم قادة الجهاز، وكذلك حكومة الإنقاذ (الذراع الخدمية للهيئة) التي جند بعض الوزراء والمسؤولين فيها، وأنه بدأ بالتجنيد داخل الجناح العسكري للهيئة، وأبلغهم أنه يحتاج حتى منتصف عام 2024 ليكون جاهزاً لبدء الانقلاب».

المصادر اتهمت الجبوري بأن الهدف النهائي لانقلابه المزعوم هو تسليم المنطقة للقوات الروسية نهاية عام 2024، بعد حملة عسكرية «بالتعاون مع عملائه داخل الهيئة وخارجها، ثم الوصول إلى مدينة إدلب ورفع أعلام النّظام على المؤسسات الحكومية».

عناصر في «هيئة تحرير الشام» خلال احتفال بتخرجهم من دورة عسكرية في ريف إدلب، 14 يونيو الماضي (أ.ف.ب)
عناصر في «هيئة تحرير الشام» خلال احتفال بتخرجهم من دورة عسكرية في ريف إدلب، 14 يونيو الماضي (أ.ف.ب)

وبينما تبدو التسريبات المتعلقة بتواصله مع قيادة قوات التحالف، وكذلك التحضير لانقلاب داخل التنظيم، متسقة مع المعطيات التي انتشرت خلال الأشهر الماضية حول هذه القضية، فإن اتهام الجبوري بالتآمر مع الجانب الروسي لا يبدو مقنعاً لكثيرين، خاصة أن القيادي العراقي كان يقوم بالتواصل مع «التحالف» بتكليف من قيادة الهيئة وبعلمها.

ورغم عدم استبعاد انخراط الجبوري بمخطط للانقلاب على القيادة الحالية للتنظيم، بسبب صراعات بين أجنحته أدت لانشقاقات واعتقالات وهروب بعض المسؤولين، فإن الزجّ به في ملف خلايا التجسس يهدف للتخلص منه من قبل الجناح المسيطر حالياً، بحسب مراقبين.

ناشطون ومسؤولون سابقون في «هيئة تحرير الشام» لم يستبعدوا، منذ اعتقال الجبوري، في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، أن يتم إعدامه، بينما تحدث البعض عن وفاته بالفعل بسبب عدم تلقيه الرعاية الصحية من قبل جهاز الأمن التابع لـ«الهيئة».

صورة متداولة لميسرة الجبوري المعروف باسم أبو ماريا القحطاني (يمين) مع زعيم «هيئة تحرير الشام» أبو محمد الجولاني (يسار)
صورة متداولة لميسرة الجبوري المعروف باسم أبو ماريا القحطاني (يمين) مع زعيم «هيئة تحرير الشام» أبو محمد الجولاني (يسار)

الباحث المتخصص بالجماعات الجهادية، عرابي عرابي، يستبعد تصفية «أبو ماريا» في الوقت الحالي، مشدداً على أن هذه الخطوة تتطلب تمهيداً ضرورياً يضمن عدم حدوث ارتدادات تؤثر على التنظيم، الذي يعيش مرحلة مضطربة.

ويقول في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «لا أعتقد أن الهيئة ستعدم أو تقتل أبو ماريا قبل احتواء أنصاره ونقل كامل الكتلة المؤيدة له إلى مناطق أو مواقع هامشية، لضمان عدم إمكانية اجتماعهم مجدداً، أو تشكيل تهديد للكتلة الصلبة الحاكمة الآن في الهيئة».

لكن احتمال إعدامه أو مقتله «يبقى وارداً»، حسب الباحث عرابي، الذي يرى أنه «لن يُفصح عنه في الوقت الحالي، وإنما بعد ترتيب كامل لوضع إدلب، والتحضير بما يكفي للإعلان عن ذلك».


مقالات ذات صلة

قطبا الحركة الكردية يتفقان على خريطة طريق ووفد مفاوض مع دمشق

المشرق العربي اجتماع سابق بين قائد «قسد» مظلوم عبدي وقيادة المجلس الوطني الكردي السوري

قطبا الحركة الكردية يتفقان على خريطة طريق ووفد مفاوض مع دمشق

أعلن قائد «قوات سوريا الديمقراطية»، أن طرفي الحركة الكردية عقدا اجتماعاً مباشراً بعد قطيعة استمرت سنوات؛ واتفقا على خريطة طريق مشتركة وعلى تشكيل وفد موحد لدمشق.

كمال شيخو (القامشلي)
المشرق العربي رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني خلال اجتماع مع قادة الجيش (إعلام حكومي) play-circle 00:24

بغداد تعلن مقتل الرجل الثاني في «داعش»

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، أمس (الجمعة)، أن قوات الأمن العراقية تمكنت من قتل الرجل الثاني في تنظيم «داعش»

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي من مسيرة للترحيب باتفاق الشرع - مظلوم في القامشلي الاثنين (رويترز)

الاتفاق بين السلطات السورية والأكراد: أي مكاسب يحققها الطرفان؟

أبرز المكاسب التي تجنيها السلطات السورية والأكراد في حال تطبيق الاتفاق الذي وقَّعه الرئيس أحمد الشرع وقائد «قوات سوريا الديمقراطية» مظلوم عبدي.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي السياسي الكردي زيد سفوك (الشرق الأوسط)

بولز لوفد كردي: القوات الأميركية باقية لمحاربة «داعش»

التقى مبعوث الولايات المتحدة الأميركية لشمال شرقي سوريا، سكوت بولز، وفداً من «الحركة الكردستانية المستقلة».

كمال شيخو (دمشق)
المشرق العربي أحد أفراد قوات الأمن السورية يشير بيده وهو يقف بين السيارات في اللاذقية (رويترز) play-circle

كوريلا يزور شمال شرقي سوريا ويلتقي قادة «قسد»

قالت القيادة المركزية الأميركية إن قائدها الجنرال مايكل كوريلا زار شمال شرقي سوريا خلال الأيام القليلة الماضية، حيث التقى بقادة عسكريين أميركيين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«حرب عطش» يخوضها الغزيون بلا أسلحة

فتى فلسطيني يعمل في معمل لاستخلاص الوقود من البلاستيك المعاد تدويره في جباليا شمال قطاع غزة أمس (
فتى فلسطيني يعمل في معمل لاستخلاص الوقود من البلاستيك المعاد تدويره في جباليا شمال قطاع غزة أمس (
TT
20

«حرب عطش» يخوضها الغزيون بلا أسلحة

فتى فلسطيني يعمل في معمل لاستخلاص الوقود من البلاستيك المعاد تدويره في جباليا شمال قطاع غزة أمس (
فتى فلسطيني يعمل في معمل لاستخلاص الوقود من البلاستيك المعاد تدويره في جباليا شمال قطاع غزة أمس (

ازدادت الحرب الإسرائيلية على غزة ضراوة، وخلّفت حرباً إضافية يخوضها الغزيون يومياً بلا أسلحة للحصول على المياه، إذ تم تشديد الحصار على القطاع وأغلقت المعابر، وقطعت وقصفت خطوط مياه مركزية، ومنع دخول الوقود اللازم لاستخراج مياه الآبار.

وقال محمد العريني، من سكان مخيم الشاطئ لـ«الشرق الأوسط»، أمس: «منذ 6 أيام لم تصلنا أي إمدادات مياه، سواء عبر البلدية أو الآبار التي حفرت في المناطق، ولم يتوفر وقود لتشغيلها عبر مولدات الكهرباء». في غضون ذلك، ذكرت وزارة الصحة في غزة أن 59 في المائة من الأدوية الأساسية، و37 في المائة من المهام الطبية في القطاع رصيدها صفر.

ودعت قوى سياسية في الضفة الغربية إلى الإضراب الشامل اليوم احتجاجاً على ما يجري في القطاع.