لبنان... الانقسام يعمق الخلافات السياسية ويبدّد فرص انتخاب رئيس

عضو في البرلمان اللبناني يدلي بصوته خلال الجلسة الأولى لانتخاب رئيس جديد في مبنى البرلمان ببيروت 29 سبتمبر (أيلول) 2022 (رويترز)
عضو في البرلمان اللبناني يدلي بصوته خلال الجلسة الأولى لانتخاب رئيس جديد في مبنى البرلمان ببيروت 29 سبتمبر (أيلول) 2022 (رويترز)
TT
20

لبنان... الانقسام يعمق الخلافات السياسية ويبدّد فرص انتخاب رئيس

عضو في البرلمان اللبناني يدلي بصوته خلال الجلسة الأولى لانتخاب رئيس جديد في مبنى البرلمان ببيروت 29 سبتمبر (أيلول) 2022 (رويترز)
عضو في البرلمان اللبناني يدلي بصوته خلال الجلسة الأولى لانتخاب رئيس جديد في مبنى البرلمان ببيروت 29 سبتمبر (أيلول) 2022 (رويترز)

أنتجت الخلافات بين القوى السياسية اللبنانية على المرشحين للانتخابات الرئاسية، انقساماً سياسياً عمودياً، وسط تمترس الأطراف وراء خيارين هما: رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، والوزير الأسبق جهاد أزعور، ما يحول دون إنتاج تسوية تنهي الشغور الرئاسي المتواصل منذ 8 أشهر.

سليمان فرنجية زعيم «تيار المردة» خلال حديثه بعد لقائه البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي في بكركي بلبنان 30 أكتوبر 2021 (رويترز)
سليمان فرنجية زعيم «تيار المردة» خلال حديثه بعد لقائه البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي في بكركي بلبنان 30 أكتوبر 2021 (رويترز)

واتضح اصطفاف معظم الأطراف عملياً حول مرشحين؛ إذ يدعم ثنائي «حزب الله» و«حركة أمل» وحلفاؤهما ترشيح فرنجية، فيما يدعم «القوات اللبنانية» و«الكتائب اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» و«الحزب التقدمي الاشتراكي» وشخصيات مستقلة معارضة لـ«حزب الله»، ترشيح أزعور، بانتظار حسم آخرين لمواقفهم، الاثنين المقبل، ومن بينهم كتلة «الاعتدال الوطني».

نصاب الجلسة

غير أن تلك الترشيحات، يصعب أن تنهي الشغور الرئاسي، وهو ما تجمع عليه مصادر الطرفين؛ إذ تلمح مصادر قريبة من «الثنائي» إلى أن خيار مقاطعة الجلسة «هو حق قانوني لها»، ما يعني أن افتقادها للنصاب القانوني البالغ 86 نائباً في الدورة الثانية، سيدحض إمكانية انتخاب رئيس.

وفي المقابل، تعبر مصادر من القوى المؤيدة لأزعور عن قلقها من انسحاب نواب «الثنائي» وحلفائهم من الجلسة؛ إذ يستحيل أن يتأمن النصاب القانوني للجلسة بغيابهم، حسب ما تؤكد المصادر.

ويفرض القانون اللبناني انتخاب رئيس بأغلبية ثلثي أعضاء البرلمان في الدورة الأولى (86 نائباً)، بينما يفرض حضور ثلثي البرلمان في الدورة الثانية التي تتيح انتخاب رئيس بأكثرية النصف زائداً واحداً (65 نائباً).

وزير مالية لبنان السابق ومدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي خلال مقابلة مع (رويترز)
وزير مالية لبنان السابق ومدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي خلال مقابلة مع (رويترز)

لعبة أرقام

ويتخطى عدد النواب المؤيدين لانتخاب فرنجية، ثلث أعضاء البرلمان بالحد الأدنى؛ إذ تتألف كتلتا «التنمية والتحرير» و«الوفاء للمقاومة» مع حلفائها، من 31 نائباً، يُضاف إليهم تكتل من 5 نواب أُعلن في الأسبوع الماضي، ونائبان من «المردة» وحليفيها فريد الخازن وميشال المر، و3 من المستقلين بالحد الأدنى، ما يعني فقدان الجلسة للنصاب القانوني في حال انسحابهم منها في الجولة الثانية، أو في حال عدم حضورهم في الجلسة الأولى.

في المقابل، يصل عدد مؤيدي أزعور إلى ما يفوق الستين صوتاً محسوماً، حسب ما يقول معارضو «حزب الله»، وقد حُسم حتى الآن نحو 56 صوتاً هم نواب «القوات» (19 نائباً) و«الكتائب» (4 نواب) و«التيار الوطني الحر» (12 نائباً بالحد الأدنى على خلفية الانقسام في التيار)، و«التقدمي الاشتراكي» (8 نواب) ومستقلين (7 نواب) وجزء من التغييريين (6 نواب).

وفي مقابل الأرقام المحسومة، لم يحسم آخرون موقفهم بعد، وهم كتلة «الاعتدال الوطني» و«الطاشناق» و6 نواب من التغييريين، ومستقلون آخرون.

وعليه، تشكك مصادر الطرفين بأن يؤدي هذا الانقسام إلى إنهاء الشغور الرئاسي، وتقول مصادر من المؤيدين لأزعور إن «اتفاق المعارضة مع التيار، حصد شبه إجماع مسيحي بأكثرية مسيحية موصوفة تجاه انتخاب أزعور، وهو خيار جدي لإنهاء الشغور الرئاسي»، لافتة في الوقت نفسه إلى أنه «في حال اتخذ حزب الله خيار مقاطعة الجلسات، فإنه وحلفاءه سيتحملون مسؤولية إطالة أمد الشغور الرئاسي، والإمعان في تعميق أزمات اللبنانيين».

خريطة تحالفات جديدة

غير أن حسابات الأرقام لا تبدد وقائع أخرى متصلة بالانقسامات المتزايدة في داخل الكتل النيابية، وإعادة تشكيل خريطة تحالفات جديدة، أفرزت ابتعاداً بين «الوطني الحر» و«حزب الله» بشكل كبير، وتباين رئاسي بين الرئيس نبيه بري وصديقه النائب السابق وليد جنبلاط الذي اتخذ مساء الخميس، قراراً بدعم ترشيح أزعور وتصويت «كتلة اللقاء الديمقراطي» له، إضافة إلى تقاطع انتخابي بين «التيار الوطني الحر» من جهة، و«القوات اللبنانية» و«التقدمي الاشتراكي» و«الكتائب» وشخصيات من معارضي «التيار» التقليديين، من جهة أخرى، وذلك على ترشيح أزعور.

وفيما اتسم الانقسام بين «التيار» و«حزب الله» بالحدة، وبدا أن هناك امتعاضاً كبيراً من الحزب على باسيل، لم تُصرف مفاعيل هذا التنافر في المقابل انسجاماً بين «التيار» وخصومه السابقين؛ إذ تؤكد مصادر مواكبة للاتصالات الأخيرة بين «القوات» و«التيار»، أنه ليس هناك على جدول الأعمال أي لقاء قريب بين رئيسي «القوات» سمير جعجع، و«التيار» النائب جبران باسيل، وجرت الاتصالات بطريقة غير مباشرة للتوصل إلى تقاطع حول أزعور، بما يقطع الطريق على فرنجية. كذلك، لم يثمر هذا التقاطع أي اتفاق مسبق على برنامج واضح للمرحلة المقبلة بعد انتخاب أزعور، في حال وصوله إلى رئاسة الجمهورية، حيث «يُترك كل شيء لوقته»، حسبما تؤكد المصادر.

انقسامات داخلية

أما في داخل الكتل، فقد أنتجت الوقائع الجديدة انقسامات داخلية خصوصاً في «التيار الوطني الحر» الذي ظهر في داخل تكتله النيابي (لبنان القوي) كتلة صغيرة لا تؤيد جميع قرارات باسيل، وتتمايز عنه في الملف الانتخابي، وتتألف من 6 نواب، أبرزهم نائب رئيس البرلمان إلياس بو صعب الذي يتخذ بنفسه قرار المشاركة من عدمها في الاجتماعات، بينما يشارك الخمسة الآخرون وهم النواب: إبراهيم كنعان، وسيمون أبي رميا، وآلان عون، وأسعد ضرغام، وسليم عون في اجتماعات التكتل، مع الاحتفاظ بتمايزهم رئاسياً، حسب ما قالت مصادر قريبة من هؤلاء.

وعلى ضفة نواب كتلة «التغيير»، انقسم هؤلاء بين رأيين، أحدهما مؤيد لأزعور، والثاني يؤيد «الورقة البيضاء» أو خيار ثالث، فيما توزع النواب السنة (27 نائباً) بين 3 مواقف، بعضهم يؤيد فرنجية (نحو 10 نواب) وبعضهم حسم التصويت لأزعور (5 نواب)، وآخرون لم يحسموا قرارهم بعد.

«تحرك بكركي»

في ظل هذا التباعد السياسي الذي يحول دون التوصل إلى تفاهم ينهي الشغور الرئاسي، ويبعد الآمال بانتخاب رئيس في الجلسة المقبلة، تحركت البطريركية المارونية في محاولة لرأب الصدع وتطويق الخلافات على قاعدة «لا غالب ولا مغلوب»، حسبما قال البطريرك الماروني بشارة الراعي، الأحد الماضي.

وبعد لقاء موفد الراعي، المطران بولس عبد الساتر، بأمين عام «حزب الله» حسن نصر الله الذي أكد تمسكه بدعم فرنجية، حط عبد الساتر الجمعة، في عين التينة، مقر إقامة رئيس مجلس النواب نبيه بري للقائه.


مقالات ذات صلة

مُسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في جنوب لبنان

المشرق العربي أحد المنازل المهدَّمة جراء الهجمات الإسرائيلية على جنوب لبنان 17 فبراير 2025 (أرشيفية-أ.ب)

مُسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في جنوب لبنان

استهدفت مُسيّرة إسرائيلية، اليوم الأربعاء، سيارة عند رأس الناقورة في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت )
تحليل إخباري مناصرات لـ«حزب الله» خلال تشييع جماعي لـ100 شخص في عيترون بجنوب لبنان (أ.ب)

تحليل إخباري «حزب الله» يُقر بـ«تقصير وقصور» واختراقات تقنية وبشرية

لأول مرة، وبعد أكثر من 3 أشهر على دخول هدنته مع إسرائيل حيز التنفيذ، خرج مسؤول في «حزب الله» ليتحدث عن «تقصير واختراقات تقنية وبشرية» في صفوفه.

بولا أسطيح (بيروت)
الخليج الأمير محمد بن سلمان لدى استقباله الرئيس جوزيف عون بقصر اليمامة في الرياض مساء الاثنين (واس) play-circle

السعودية ولبنان نحو انطلاقة جديدة في علاقاتهما

بدأ الرئيس جوزيف عون، الاثنين، زيارة إلى الرياض هي الأولى خارجياً له منذ انتخابه رئيساً للبنان؛ تلبيةً لدعوة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي القاضية غادة عون (الوكالة الوطنية للإعلام)

غادة عون تختتم مسيرتها القضائية بالادعاء على ميقاتي وشقيقه ورياض سلامة

أنهت المدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون يومها الأخير في القضاء بادعائها على رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي وشقيقه وحاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة.

يوسف دياب (بيروت)
الخليج ولي العهد السعودي خلال مباحثات مع الرئيس اللبناني بقصر اليمامة في الرياض مساء الاثنين (واس) play-circle

مباحثات سعودية - لبنانية تناقش مستجدات المنطقة

عقد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان جلسة مباحثات رسمية مع الرئيس اللبناني جوزيف عون بقصر اليمامة في الرياض.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

مُسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في جنوب لبنان

أحد المنازل المهدَّمة جراء الهجمات الإسرائيلية على جنوب لبنان 17 فبراير 2025 (أرشيفية-أ.ب)
أحد المنازل المهدَّمة جراء الهجمات الإسرائيلية على جنوب لبنان 17 فبراير 2025 (أرشيفية-أ.ب)
TT
20

مُسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في جنوب لبنان

أحد المنازل المهدَّمة جراء الهجمات الإسرائيلية على جنوب لبنان 17 فبراير 2025 (أرشيفية-أ.ب)
أحد المنازل المهدَّمة جراء الهجمات الإسرائيلية على جنوب لبنان 17 فبراير 2025 (أرشيفية-أ.ب)

استهدفت مُسيّرة إسرائيلية، اليوم الأربعاء، سيارة عند رأس الناقورة في جنوب لبنان.

وذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام»، اليوم، أن «مُسيّرة مُعادية استهدفت سيارة عند رأس الناقورة»، مشيرة إلى توجه فريق من الدفاع اللبناني إلى المنطقة.

وكان شخص قد قُتل جراء غارة إسرائيلية، أمس الثلاثاء، استهدفت سيارة في بلدة رشكنانية في قضاء صور بجنوب لبنان.

يُذكر أنه دخل اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل حيز التنفيذ، في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على أن تنسحب إسرائيل بعد 60 يوماً من الأراضي اللبنانية، ومدَّدت مهلة تنفيذ الاتفاق حتى 18 فبراير (شباط) الماضي، ولم تلتزم إسرائيل ببنود الاتفاق، ولا تزال قواتها موجودة في خمس نقاط بجنوب لبنان.