ثمة اتفاق عام حول أن ليز تراس، رئيسة وزراء بريطانيا الجديدة التي ربما لا تبقى في هذا المنصب لفترة طويلة، منفصلة عن الواقع.
وتبدو مناورتها الكبيرة التي أعلنتها بمجرد نيلها خلافة بوريس جونسون، والمتمثلة في ميزانية صغيرة تزدحم بالتخفيضات الضريبية، أقرب إلى كارثة سياسية؛ ذلك أنها تميل بتهور باتجاه التضخم وتزعزع الاستقرار المالي. من المنظور السياسي، تبدو الميزانية المصغرة أكثر جنوناً.
في مأدبة أُقيمت عام 1985 بمناسبة الذكرى الثلاثين لانطلاق دورية «ناشونال ريفيو»، بحضور رونالد ريغان، ألقى ويليام إف. باكلي جونيور (مفكر أميركي ومؤسس «ناشونال ريفيو - المحرر») خطاباً احتفل فيه بالرادع النووي الأميركي، واستعداد الرئيس الأميركي لاستخدامه. وأعرب باكلي عن اعتقاده بأن هذه الأسلحة وهذا الاستعداد قد ساعدا على الحفاظ على الحرية الأميركية خلال حقبة الحرب الباردة، بحيث يمكن للأجيال القادمة أن تنظر إلى الوراء وتشعر بالامتنان، لأنه «عند حلول الظلام، كانت دماء آبائهم تجري في عروقهم بقوة».
وبعد عدة عقود، بعد وفاة ريغان، كتب باكلي أنه غيَّر رأيه.
صيف الحرب في أوكرانيا، الذي كان وحشياً في نظر الجنود والمدنيين على الخطوط الأمامية، كان واضحاً من بعيد كطريق مسدود، ومحبطاً بالقدر الكافي في تشاؤمه الصارخ للفرار من عناوين الصحف الرئيسية الأميركية لبعض الوقت.
والخريف والشتاء مختلفان، ويمنحان إجابات عن السؤالين اللذين يحددان مدة الحرب: أولاً، ما المساحة التي تستطيع أوكرانيا تحريرها من الاحتلال الروسي؟ وثانياً، إلى أي مدى قد يكون الشتاء الأوروبي قاتماً وبائساً في ظل انقطاع إمدادات الطاقة الروسية الاعتيادية، وما العواقب السياسية التي تترتب على ذلك؟
نحن في بداية كلتا القصتين.
بينما ننتظر لمعرفة المزيد عن كيفية استخدام دونالد ترمب لمخططات آلة يوم القيامة من فيلم دكتور سترينجلوف لإبهار ضيوفه في منتجع «مارالاغو»، دعونا نتحقق من سلطات الصحة العامة الأميركية. لقد أُطلق سراحهم، قبل 19 شهراً من عهد ترمب الذي ينكر العلم. ومن المفترض منذ ذلك الحين أن تكون القاعدة المنطقية والمقدرة قد استعيدت.
أعتذر، فأنا منغمس في بعض السخرية. لقد كانت استجابة الولايات المتحدة لجائحة «كوفيد – 19» سيئة ليس فقط لأسباب تتعلق بترمب، وإنما بسبب المشكلات الملازمة لصرح الرعاية الصحية العامة لدينا، من التصلب البيروقراطي إلى الاستيلاء الآيديولوجي على المؤسسات المحايدة ظاهرياً.
الواقع أنني أملك بعض الآراء القوية القليلة بشأن شخصيات الأفلام بأكثر من وجهة نظري إزاء ميراندا بريستلي، مديرة مجلة الأزياء الأكثر طلباً في فيلم «ديفل ويرز برادا»، بأنها هي بطلة الفيلم في واقع الأمر. ليست بطلة غير معقدة، وهي بالتأكيد ليست شخصية لطيفة.
«بالتأكيد هذا أمر صحيح عملياً، لكن هل يصح من الناحية النظرية؟» - على امتداد سنوات، سمعت مثل هذا الحديث الأكاديمي المتغطرس على ألسنة مختلفة تتنوع ما بين مثقفين فرنسيين وعلماء اقتصاد في جامعة شيكاغو.
منذ انحسار موجة المتحور «أوميكرون» الأولى، وتصدر التضخم عناوين وسائل الإعلام محل فيروس «كوفيد – 19»، يبدو أن الجدل حول إعادة فتح البلاد واستعادة الحياة الطبيعية قد حسم لصالح أنصار إعادة الفتح. ومع ذلك، فإن الجدال حول مدى الحكمة من وراء إعادة فتح البلاد والتوقف عن فرض ارتداء أقنعة حماية الوجه، لم يختفِ تماماً.
حمل الأسبوع الماضي معه القليل من الوضوح إلى الحالة الضبابية التي تكتنف حرب أوكرانيا. كان التاريخ المهم هنا 9 مايو (أيار)، الذي تزامن مع الاحتفال بذكرى انتصار الاتحاد السوفياتي في مواجهة ألمانيا بقيادة هتلر. وجاء اليوم ومر دونما تغيير في الاستراتيجية الروسية.
وعندما خرج فلاديمير بوتين لتفقد العروض العسكرية والصواريخ الباليستية العابرة للقارات، لم يَصدر إعلان كاذب بالنصر، ولا حتى إعلان عن تصعيد من شأنه أن يضع روسيا كلها في حالة حرب لتنطلق حملة تجنيد جماعي.
غرد إيلون ماسك، في أواخر الشهر الماضي، ضمن موجة التعليقات الآيديولوجية التي رافقت استيلاءه المستمر على «تويتر»، قائلاً: «لقد دعمت أوباما لمنصب الرئيس، لكن الحزب الديمقراطي اليوم تعرض للاختطاف من قبل المتطرفين». في وقت متزامن تقريباً، أشعل ماسك النار في منصة وسائل التواصل الاجتماعي بإعادة نشر رسم كاريكاتوري يظهر رسم عصا مائلة تجاه يسار الوسط في عام 2008، وهو ما أعيد تعريفه بأنه متعصب يميني بحلول عام 2021، لأن رسمة العصا اليسارية قد انطلقت بعيداً إلى اليسار.
طيلة عهد ترمب، كانت الثيمة المتكررة للتعليقات الليبرالية أن حزبهم السياسي يمثل أغلبية أميركية واضحة، قد أحبطتها مؤسساتنا المناهضة للديمقراطية، وحُكم عليها بالعيش تحت حكم الأقلية المحافظة.
في السياق السياسي للفترة 2016 – 2020، كان هذا الاعتقاد مبالغاً فيه. نعم، فاز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية سنة 2016 بأغلبية ضئيلة من الأصوات الشعبية. لكن عدد الأميركيين الذين صوتوا لمرشحي الكونغرس الجمهوريين أكثر من مرشحي الكونغرس الديمقراطيين، وعدد الأميركيين الذين صوتوا لمرشحي يمين الوسط للرئيس، بما في ذلك الأصوات التحررية، أكبر من عدد الذين صوتوا لهيلاري كلينتون وغيل شتاين.