د. فهد حسين
تذهب رواية «شتات نينوى» للروائية العراقية غادة رسول إلى قراءة الوضع العراقي وبيان المأساة والظروف القاسية التي عاشها الشعب العراقي منذ خمسينات القرن الماضي، وحتى ساعة تدوين أحداث الرواية من خلال مكان واحد هو الموصل، أي بدءاً من مقتل الملك فيصل الثاني ملك العراق، ومسألة التحزب والخلافات التي دارت بين الشيوعيين والقوميين والإسلاميين التي أسفرت عن سطوة صاحب القرار في الاغتيال والقتل والسحل، ثم ما حدث في العراق إبان الحرب العراقية - الإيرانية، وما أسفرت عنه من ضعف الاقتصاد وانهيار البنية التحتية، والقتال الذي بات ضحيته الشعب العراقي، ثم اشتداد المأساة الناتجة من دخول جيش النظام العراقي إلى الكويت.
حاول الكاتب السوداني عبد العزيز بركة ساكن، في روايته «مانفيستو الديك النوبي»، أن يقف على بعض ما يمثل جزءاً من التراث والأساطير في السودان، من خلال الحديث عن بعض محطات وعوالم ومعطيات الحياة السودانية وتاريخها الاجتماعي، التي ربما تكون مهمشة لدى كثير من أبناء الأمة العربية عامة، والجيل الشبابي السوداني بشكل خاص. ففي السودان، وفي أي دولة في العالم، ما يميزها عن غيرها، خصوصاً ما يتعلق بالعادات والأعراف وبعض المسلكيات الحياتية، ومن الخصوصية الثقافية التي أشارت لها الرواية تقديم القرابين لنهر النيل، وهي خصوصية لمصر والسودان.
كل شعب من الشعوب له خصوصيته الثقافية التي تتمظهر عادة في إحياء الشعائر والطقوس وبعض الممارسات التي تتخذ عمقاً في التراث والفلكلور، ولم يكن الكاتب والمبدع عامة، والروائي بشكل خاص، بعيداً عن هذه الخصوصية، بل حاول توظيفها في نصوصه السردية.
إن موقع منطقة الخليج العربي جغرافياً جعلها ملتقى لعدد من الحضارات والأقوام والثقافات، كالحضارة الهندية والفارسية واليونانية، بالإضافة إلى حضارات المنطقة، مثل: حضارة بابل وبلاد الرافدين بالعراق، والحضارة الفينيقية في بلاد الشام، والحضارة الفرعونية في مصر، بل فرض الموقع الجغرافي إحداث موانئ بحرية وبرية للتبادل التجاري والتعامل الاقتصادي، مع حدوث مواقع وأمكنة للتعاطي الثقافي.
حين تشرع في الكتابة عن الموروث الشعبي ينتابك الخوف والاضطراب والتردد، لأنك لا تعرف من أين تبدأ حكايتك، ومن أي مخزون ستستقي معلوماتك، فهناك القول الشفهي، والخبر المكتوب، والعلم والتنظير تجاه هذه الطاقة الإنسانية التي أبدعها الأجداد والآباء عبر العصور والأزمان في كل مناحي التراث الإنساني المحلي وغير المحلي. ولكن أي تراث نريد؟
كثيرة هي كتب التراث التي نقلت لنا الحكايات والقصص الشفاهية لتكون بين دفتي كتب، فأصبحت بمرور الوقت مصادر يلجأ إليها الدارسون والباحثون، حيث جمال هذه المصادر أن تضع القارئ بين عالمين مختلفين في الرؤية والتطلع والحالة الثقافية والاجتماعية، بل ذهب بعض المبدعين من كتّاب العربية واللغات الأجنبية إلى هذا التراث الإنساني لينهلوا من مادته الثرية لتكون مرجعية في تناولهم لموضوعات نصوصهم الإبداعية شعراً أو سرداً أو مسرحاً أو فناً درامياً أو سينمائياً. من هنا نقول فعلاً ما أجمل كتب التراث والدراسات التي تناولت بعض الظواهر المجتمعية المختلفة!
لم تأت فكرة القومية العربية من فراغ أو صدفة، وإنما كان وراء ذلك رجال فكروا في كيفية بناء جسر واحد يعبر عليه كل العرب، جسر يمتد من الخليج إلى المحيط.
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة