مصطلح القصة القصيرة في الخليج

ظهرت قبل الرواية في عموم المشهد الأدبي

د. سمحي الهاجري  -  د. سمر روحي الفيصل  -  د. صالح هويدي
د. سمحي الهاجري - د. سمر روحي الفيصل - د. صالح هويدي
TT

مصطلح القصة القصيرة في الخليج

د. سمحي الهاجري  -  د. سمر روحي الفيصل  -  د. صالح هويدي
د. سمحي الهاجري - د. سمر روحي الفيصل - د. صالح هويدي

إن موقع منطقة الخليج العربي جغرافياً جعلها ملتقى لعدد من الحضارات والأقوام والثقافات، كالحضارة الهندية والفارسية واليونانية، بالإضافة إلى حضارات المنطقة، مثل: حضارة بابل وبلاد الرافدين بالعراق، والحضارة الفينيقية في بلاد الشام، والحضارة الفرعونية في مصر، بل فرض الموقع الجغرافي إحداث موانئ بحرية وبرية للتبادل التجاري والتعامل الاقتصادي، مع حدوث مواقع وأمكنة للتعاطي الثقافي. وبحصول المنطقة على هذه الحظوة الاستراتيجية التي أسهمت في استقبال تلك الحضارات المتعددة، والثقافات المتنوعة، واللغات المختلفة، أعطى أفراد مجتمع المنطقة رغبة التواصل والتلاقي من دون التلكؤ أو التراجع أو الوقوف، لأن بعض مناطق الخليج والجزيرة ذات قسوة في طبيعتها المناخية والتضاريسية، فإن هؤلاء الأفراد الذين يشكلون المجتمع الخليجي، بكل فئاته وطوائفه وأعراقه ودياناته، كانوا مصرين على معرفة طبائع الشعوب القادمة إليه، والوقوف على ثقافاتهم وحضاراتهم، بل امتد ذلك إلى بناء علاقات اقتصادية وتجارية. ومع تطور هذه العلاقات ذات الطابع الثقافي، باتت المنطقة محطة ثقافية زارها كثير من المثقفين العرب وغير العرب.
القصة في منطقة الخليج العربية فن من الفنون الحديثة، ذات حالة إبداعية وخيالية، وذات ارتباط بالواقع المعيش في إطار إنساني، بل هي ضمن الفنون الإنسانية الأخرى التي تعبر عن تاريخ الإنسان والمكان والزمان، وتسعى إلى البحث عن جماليات فنية، وهي توظف التقنيات القصصية لتحفر لنفسها (القصة الخليجية - في الخليج) بصمة في المشهدين الأدبي والثقافي بالمنطقة، كما فعلت ذلك من قبل كل من القصة المصرية، والقصة العراقية، والقصة السورية، بالإضافة إلى دول المغرب العربي. وفي الوقت نفسه، فإن هذا الفن لم يكن سهل التناول، وإنما هناك مخاطرة الولوج إليه لحداثته، وتعقيد بنائه، ومعرفة نماذجه المتعددة، بين القصة الطويلة، والقصيرة، والقصيرة جداً التي بدأت في الانتشار حديثاً.
وظهرت القصة القصيرة قبل الرواية في عموم المشهد الأدبي الخليجي، ويعود هذا إلى معطيات اجتماعية وتطورية في بناء المجتمع، دينياً ومدنياً، وحالة الوعي الثقافي المتسيدة آنذاك، وكذلك القدرات الفنية والتقنية لدى الكاتب وهو ينسج كتاباته السردية التي لا تتعدى الحديث عن بعض المشكلات الاجتماعية المحصورة في العلاقات بين المرأة والرجل، كالزواج والطلاق والتعليم والعادات والتقاليد، إذ كانت القصص في عالم الحكاية البسيطة والمسطحة، بعد تأثر أصحابها بما كان يكتب وينشر من قصص ومقالات وخواطر في المجلات والدوريات التي تصل إلى المنطقة، أو من خلال التواصل مع البعثات التعليمية التي تمثلت في المعلمين والمعلمات الذين حطوا رحالهم لتعليم أبناء المنطقة، بالإضافة إلى الصحافة ودورها في نشر المحاولات المتأثرة بما هو موجود في مصر والعراق وبلاد الشام، إضافة إلى ما يصل مترجماً، وإن كان متأخراً.
ومن الطبعي إذا كان المجتمع يؤمن بالتلاقي والتحاور والتواصل مع الثقافات الأخرى، فإن القصة أحد ملامح هذا التلاقي، لذلك فظهور القصة القصيرة في المنطقة لم يكن محض صدفة، أو تبعاً لأهواء كاتب هنا أو كاتب هناك، وإنما نشأت في الخليج والجزيرة العربية، حيث ذكر الناقد إبراهيم غلوم في كتابه «القصة القصيرة في الخليج العربي - الكويت والبحرين»، ص27 - 28، قائلاً: «تجاوباً مع المرحلة الحديثة التي بدأ يتعرف عليها المجتمع، بكل ما رافقها من عوامل التغيير الاجتماعي والاقتصادي، وبكل ما اقترنت به من نوازع في تمزيق جدار العزلة، لذلك نشأتها تعبير مؤثر مهم في التجربة الثقافية والفكرية في الخليج العربي».
علينا أن نطرح التساؤل الذي قد يكون عبارة عن إشكاليات فنية، تتعلق بالمكان وفن القص، حيث كثيراً ما نتفوه ببعض المفاهيم والمصطلحات لنجعلها حالة مطلقة، مما قد يتسبب لنا ببعض من الإشكاليات المفاهيمية والنقدية. وفي هذا السياق، نعني القصة هنا، أي ذلك المكان الجغرافي المحدد بدول مجلس التعاون الخليجي، والكتابات النقدية والأدبية عادة ما تشير إلى ما نطلق عليه الأدب الخليجي - الشعر الخليجي - الرواية الخليجية - القصة الخليجية - المسرح الخليجي - الدراما الخليجية - السينما الخليجية... أو نبتعد عن هذه المساءلة الفنية والمصطلحية، فنذهب إلى ما يمكن أن نطلق عليه الأدب في الخليج - الشعر في الخليج - الرواية في الخليج - القصة في الخليج - المسرح في الخليج - الدراما في الخليج - السينما في الخليج، وهذا ليس بغريب في الثقافة العربية، بل حتى العالمية.
هناك فرق كبير بين المصطلحين أو بين المفهومين، بين القصة الخليجية والقصة في الخليج، وهو ما ينطبق على الأدب بشكل عام، فالأول يعني إلصاق الفعل الإبداعي إلى المكان، وهويته هي الفاعل الأساس، بمعنى كل هذا الإبداع من صنع الفرد الخليجي، أي الأدب والفعل الإبداعي وحالة الكتابة خليجية بحتة، أما الثاني فيشير إلى أن ما نتج من إبداع في المنطقة هو منتج لكل كاتب في المنطقة، سواء أكان خليجياً أم عربياً أم أجنبياً، وهنا إبعاد لهوية المكان، ونسبته إلى هوية النص لا غير، وهذا يعني أننا لا يمكن أن نتجاهل الكاتب غير الخليجي، ودوره في المنجز الإبداعي والثقافي بالمنطقة، فهناك كتاب من الدول العربية المختلفة أسهموا في الحراك الثقافي والأدبي، وقد أشار الناقد السعودي سمحي بن ماجد الهاجري في كتابه «القصة القصيرة في المملكة العربية السعودية»، ص86 - 85؛ ص108، إلى مساهمات الكاتب والقاص والصحافي الجزائري أحمد رضا حوحو في نشأة القصة السعودية، حيث عاش فترة في المدينة المنورة، وكتب كثيراً من القصص والمقالات، بل كان سكرتير تحرير مجلة «المنهل»، ومحمد عالم الأفغاني الذي وفد إلى المدينة المنورة، وكتب القصة مع النشأة وبعده، كما كان للناقد يوسف الشاروني شأن تجاه السرد العماني، وهناك مجموعة من المبدعين والنقاد أدوا دوراً بارزاً في المشهد الأدبي، شعراً وسرداً، بدولة الإمارات العربية المتحدة، مثل الناقد سمر روحي الفيصل، والناقد صالح هويدي، والناقد عزت عمر، والشاعر الناقد عبد الفتاح صبري، وغيرهم. وفي البحرين، كان للناقدين عبد الرحمن الصوير وعبد الحميد المحادين مساهمات ثقافية ونقدية وإبداعية، لذلك هل سألنا أنفسنا أيهما نأخذ من هذين المفهومين تجاه ما ينجز بالمنطقة، فضلاً عن أن بعض المنجزات الكتابية، وبالأخص النقدية، هي دراسات لنقاد وكتاب عرب اشتغلوا على منجز أبناء المنطقة، كما هو واضح وجلي في الكتابات النقدية التي كتبت عن الأدب في الإمارات العربية المتحدة، حيث كرس عدد من الأكاديميين والباحثين والنقاد جل عملهم في دراسة أعمال أنتجها كتاب إماراتيون.
وهذا يدفعنا لعدم تجاهل هذا الدور الفاعل، حضوراً وتواصلاً ونقداً، الذي يقوم به هؤلاء وغيرهم، فضلاً عما يقدم من منجز إبداعي أيضاً في القصة والرواية والشعر، لذلك نحن نستعمل هذه المصطلحات التي ربما تكون غير دقيقة، نقدياً وعلمياً، وإنما توافق عليها المشتغلون بالدرس الأدبي والنقدي من أجل الوصول إلى صيغ الكتابة النقدية المحصورة في مكان جغرافي معين، بل ذهبنا أكثر من تعميم المنجز الأدبي، إبداعاً ونقداً، من كونه خليجياً إلى الحدود الجغرافية الأكثر حصراً، فنقول: القصة العمانية - القصة السعودية - القصة الكويتية - القصة القطرية - القصة الإماراتية - القصة البحرينية، وربما أخذنا هذه التسميات من العالم العربي الذي يؤكد على وجود القصة المصرية - القصة السورية - القصة العراقية - القصة المغربية، كما تعلمنا في مدارسنا وجامعاتنا.
وإن كانت هذه المصطلحات يجانبها بعض الغموض فنياً، فإنها حضرت في المشهد الأدبي عامة، والنقدي على وجه الخصوص، بغية الدرس، بعدما اتفق عليها المشتغلون للوقوف على حالة الإبداع والكتابة، وخصوصية هذا المكان ومنجزه الذي قد يتباين مع الآخر، ثم دخلنا في تجزئة هذا الفن أو ذاك عبر بعض المكونات السردية، والتقنيات الجمالية، فذهبنا إلى عناوين نطوعها للدرس والتحليل، مثل: البحر في القصة العمانية - المكان في القصة السعودية - الزمن في القصة الكويتية - الهوية في القصة الإماراتية، وأدب الصحراء، والعلاقة بين الريف والمدينة، وهكذا نسير إلى جزئيات العمل، وزد على ذلك حين نقوم بدراسة هذه الجزئية كأننا ندرس خصوصية القصة في منطقة معينة من هذه الدولة أو تلك، مثل الشخصية عند كتاب الداخل، أو كتاب الأطراف، أو علاقة القصة بالذاكرة الثقافية عند سكان الجبال.
- كاتب بحريني



آثاريون مصريون يطالبون بإعادة النظر في ترميم تماثيل بالأقصر

ترميم تمثال أمنحتب الثالث بـ«معبد ملايين السنين» (وزارة السياحة والآثار)
ترميم تمثال أمنحتب الثالث بـ«معبد ملايين السنين» (وزارة السياحة والآثار)
TT

آثاريون مصريون يطالبون بإعادة النظر في ترميم تماثيل بالأقصر

ترميم تمثال أمنحتب الثالث بـ«معبد ملايين السنين» (وزارة السياحة والآثار)
ترميم تمثال أمنحتب الثالث بـ«معبد ملايين السنين» (وزارة السياحة والآثار)

جددت أعمال الترميم الأحدث في معبد «ملايين السنين» بالأقصر، وما حظيت به من إشادات من الأوساط الآثارية، الحديث عن أعمال ترميم قديمة لتمثال رمسيس الثاني وتماثيل أخرى أثرية بالأقصر تعرضت للتشويه بسبب الترميم، مع مطالبات بإعادة النظر في هذا الملف، سواء بترميمها بطريقة احترافية.

كان وزير السياحة والآثار المصري، شريف فتحي، شهد إزاحة الستار عن تمثالين ضخمين من الألبستر للملك أمنحتب الثالث بعد ترميمهما وإعادة تركيبهما ورفعهما بموقعهما الأصلي بالصرح الثالث بالمعبد الجنائزي للملك بالبر الغربي بالأقصر.

ووصف الوزير في بيان، الأحد، هذا العمل، بالإنجاز الكبير الذي يستهدف الحفاظ على وإحياء أحد أهم معالم الحضارة المصرية العريقة، بما يليق بقيمته التاريخية، وبما يسهم في تعزيز مكانة الأقصر أحد أهم المقاصد السياحية والثقافية على مستوى العالم.

وأشار إلى التعاون المصري الألماني الممتد لسنوات طويلة، مؤكداً أنه يمثل نموذجاً ناجحاً للتعاون الدولي المثمر، ومعرباً عن تطلعه إلى استمرار هذا التعاون لسنوات عديدة قادمة بما يخدم أهداف الحفاظ على التراث الإنساني، وكرّم الدكتورة هوريج سوروزيان مديرة المشروع، والدكتورة نايري هابيكيان مهندسة الموقع.

ولم تتوقف الإشادة بمستوى الترميم والتعاون الدولي عند المستويات الرسمية، بل أشاد آثاريون ومهتمون بشؤون الآثار بالترميم الذي حدث بمعبد ملايين السنين، وقال الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، إن «البعثة الأوروبية التي تعمل بالموقع، والتابعة للمعهد الألماني، نجحت في جمع الأجزاء المتفرقة لتمثال أمنحتب الثالث بطريقة علمية سليمة، بل قاموا بإعجاز بكل المقاييس»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «قبل عشر سنوات اكتشفوا هذا التمثال وبدأوا في تجميع قطعه ليقدموا نموذجاً مهماً في الترميم، فهو ليس استكمالاً للتماثيل بما يؤدي لتحولها إلى تماثيل مسخ كما حدث في أماكن أخرى»، وطالب عبد المقصود بإعطاء مديرة المشروع وساماً على الجهود التي قامت بها، في الوقت نفسه أشار إلى نماذج أخرى لتماثيل تم تشويهها قائلاً: «هناك من يأتي بأسياخ حديد وخرسانة ليستكلموا التمثال وقواعد الترميم الصحيحة لم تقل هذا الأمر»، مضيفاً: «وجود بعض التماثيل المرممة بشكل خاطئ أمام معبد الأقصر وأمام معبد الكرنك فيه إساءة»، وأشار إلى أنه تم تشكيل لجنة لبحث هذا الأمر من قبل ثم توقف عملها.

وكان مشروع الحفاظ على تمثالي ميمنون ومعبد الملك أمنحتب الثالث شمل العديد من الأعمال، من أبرزها ترميم وإعادة تركيب ورفع زوج من التماثيل الجالسة المصنوعة من الكوارتزيت عند مدخل الصرح الثاني، كما تم رفع تمثالين ملكيين واقفين من الكوارتزيت عند البوابة الشمالية لحرم المعبد. وقد أُتيحت عملية إنقاذ هذه الآثار المفككة وإخراجها من الطمي والمياه المالحة وإعادتها إلى مواقعها الأصلية.

وقال الخبير الآثاري والمتخصص في علم المصريات، الدكتور أحمد عامر، إن ترميم تمثالي الملك أمنحتب الثالث كان بمثابة مرحلة مهمة في عمليات الترميم، حيث تم ترميمهما بأعلى دقة وكفاءة.

وأضاف عامر لـ«الشرق الأوسط» أنها «ليست المرة الأولى في إظهار المهارة والدقة في أعمال الترميم، فقد تم ترميم طريق الكباش بشكل عالمي، وأيضاً صالة الأعمدة بمعبد الكرنك، لذلك لا بد من تشكيل لجنة مختصة لمراجعة التماثيل التي أثارت جدلاً في الفترات الماضية بمدينة الأقصر، منها على سبيل المثال تمثال الملك رمسيس الثاني والموجود أمام واجهة معبد الأقصر حتى الآن».

وسبق أن أعلن المجلس الأعلى للآثار قبل سنتين عن تشكيل لجنة لبحث ما أثير حول ترميم تمثال رمسيس الثاني بطريقة وصفها البعض بأنها لا تتوافق مع المبادئ والقواعد التقاليد المرعية في ترميم القطع الأثرية.

وأشاد الكاتب والباحث المهتم بالآثار المصرية، محمود مرزوق، بأعمال الترميم التي تمت بـ«معبد ملايين السنين»، وكتب عبر صفحته على «فيسبوك» إن فريق العمل استمر لسبع سنوات حتى خرج بنتيجة رائعة في ترميم تمثال أمنحتب الثالث، لافتاً إلى أن الخطأ في عمليات الترميم خصوصاً في الآثار المصرية القديمة يصعب تصحيحه، مؤكداً أن سر النجاح في ترميم التمثال الخاص بأمنحتب الثالث هو عدم التدخل في عمل المتخصصين.


«بهجة»... معرض فني مصري يستعيد شغف الطفولة

اللوحات رصدت بيئات ومشاهد متنوعة (الشرق الأوسط)
اللوحات رصدت بيئات ومشاهد متنوعة (الشرق الأوسط)
TT

«بهجة»... معرض فني مصري يستعيد شغف الطفولة

اللوحات رصدت بيئات ومشاهد متنوعة (الشرق الأوسط)
اللوحات رصدت بيئات ومشاهد متنوعة (الشرق الأوسط)

«بداخلي طفل صغير... كثيراً ما يبكي، قليلاً ما يفرح، فقد كثر بكاؤه بفعل ما يحدث بعالمنا المعاصر من تمزق وحروب وضحايا من الأطفال والكبار، وأحاول استعادة هذا الطفل مع طاقة من التفاؤل والفرح».

بهذه الكلمات وصف الفنان التشكيلي المصري، صلاح بيصار، معرضه «بهجة» المقام حالياً في غاليري «أوبتنو» بالزمالك (وسط القاهرة)، معتبراً أنه بهذه الأعمال التي يتداخل فيها الحس الشعبي مع الروح السريالية مع الألوان الساخنة المبهجة يستطيع أن يستعيد تلك الروح الطفولية المليئة بالبراءة والفرح والبهجة.

وفي هذا المعرض الذي يضم أكثر من 50 لوحة بأحجام مختلفة، يعود بيصار للرسم بعد فترة انقطاع، ويؤكد أن سبب انقطاعه عن الرسم كان الالتزام بالكتابة، فهو أيضاً واحد من أبرز النقاد التشكيليين في مصر.

الألوان المبهجة وألعاب السيرك في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)

ويضم المعرض لوحات تبث البهجة في نفس المتلقي بألوانها المبهجة الساخنة في معظمها، ويصور الفنان من خلال أعماله السيرك وما به من مفارقات مضحكة أو عجيبة وغريبة، والقرية بمفرداتها وتفاصيلها المتنوعة، وكذلك البيوت والقصص الشعبية تجد مكاناً داخل لوحاته.

ويقول بيصار إنه يقدم «عالماً ينتمي للفانتازيا الشعبية بروح الخيال وحس سيريالي»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن هذا العالم «تتصالح فيه كل الكائنات فى البر والبحر الطبيعة المفتوحة وتحت الماء»، فهو عالم يتسع للبشر والحيوانات والطيور والأسماك وحتى الفراش والنمل.

كل هذه العناصر تتحاور في لوحات بيصار محفوفة بالزينات والبيارق والأعلام، كأنه يقدم من خلالها دعوة للسلام، «لتعود الحياة بعالمنا إلى مرافئ المحبة والحلم والصفاء»، على حد تعبيره.

ومن تفاصيل البيئة الشعبية بكل مفرداتها يعيد بيصار تشكيل العالم بعيون طفل لم تفارقه الدهشة، وربما لهذا السبب بدت الألوان الزاهية هي المسيطرة في كل اللوحات، حتى تلك التي ترصد الطبيعة والبيوت الريفية البسيطة.

الفنان يرى في العالم مساحة رحبة للبشر والحيوانات وكل الكائنات (الشرق الأوسط)

صلاح بيصار المولود في المنوفية (دلتا مصر) عام 1952، تخرج في كلية الفنون الجميلة بجامعة حلوان، وتخصص في الديكور، إلا أنه اتجه أكثر للعمل الصحافي وحاز جائزة نقابة الصحافيين في الإخراج الصحافي في ثمانينات القرن الماضي، كما اهتم بالكتابة والنقد، وربما لهذا توقف عن تنظيم معارض فردية لأعماله منذ عام 1994، وإن كان شارك من بعده في العديد من المعارض الجماعية والفعاليات التشكيلية.

ويعتمد الفنان على الحس التعبيري في تقديم نماذج من القرية والشارع المصري، ولكن يبدو الاهتمام الكبر منصباً على لاعبي السيرك، لما يتضمنه عالمهم من تنوع في ألوان البهجة وتفاصيلها بالألعاب المختلفة، بينما تبدو المدرسة السريالية بتقنياتها الغرائبية الأقرب للحلم واضحة في اللوحات، ولكنها سريالية شعبية بالطريقة والأسلوب الخاص بالفنان.

وتبرز اللوحات الكبيرة مشاهد بانورامية للقرية أو للسيرك أو الشارع أو يمكن أن يخصصها للبورتريه، بينما تركز اللوحات الصغيرة الحجم على التفاصيل البسيطة التي تقترب من رموز وتيمات الحكايات الشعبية، في قالب فني يمنحها بعداً جديداً مشحوناً بطاقة من الفرح.


ساعة ذكية لتقليل نوبات غضب الأطفال

الساعة الذكية ترصد مؤشرات التوتر الفسيولوجية مثل ارتفاع معدل ضربات القلب (مايو كلينك)
الساعة الذكية ترصد مؤشرات التوتر الفسيولوجية مثل ارتفاع معدل ضربات القلب (مايو كلينك)
TT

ساعة ذكية لتقليل نوبات غضب الأطفال

الساعة الذكية ترصد مؤشرات التوتر الفسيولوجية مثل ارتفاع معدل ضربات القلب (مايو كلينك)
الساعة الذكية ترصد مؤشرات التوتر الفسيولوجية مثل ارتفاع معدل ضربات القلب (مايو كلينك)

طوّر باحثون في مجموعة «مايو كلينك» الطبية الأميركية نظاماً مبتكراً يعتمد على الساعة الذكية لتنبيه الآباء عند أولى مؤشرات نوبات الغضب الشديدة لدى الأطفال المصابين باضطرابات عاطفية وسلوكية، ما يتيح التدخل السريع قبل تفاقم النوبة.

وأوضح الباحثون أن هذا النظام يُقلّص مدة وحدّة نوبات الغضب، ما يخفف الضغط النفسي على الطفل ووالديه، ويُحسّن الأجواء الأسرية، ويُقلّل من الصراعات اليومية. ونُشرت النتائج، الاثنين، في دورية «JAMA Network Open».

ونوبات غضب الأطفال هي انفعالات مفاجئة وشديدة، تظهر في صورة بكاء حاد أو صراخ أو رفض للأوامر أو سلوك عدواني أحياناً. وغالباً ما تنتج هذه النوبات عن عجز الطفل عن التعبير عن مشاعره أو السيطرة عليها، وقد تكون أكثر حدّة وتكراراً لدى الأطفال المصابين باضطرابات عاطفية وسلوكية.

ورغم أن نوبات الغضب تُعد جزءاً طبيعياً من نمو بعض الأطفال، فإن استمرارها لفترات طويلة أو شدتها الزائدة قد يؤثر سلباً في الصحة النفسية للطفل والعلاقات الأسرية، ما يستدعي تدخلاً تربوياً أو علاجياً مبكراً للحد من آثارها.

ويعتمد النظام على ساعة ذكية يرتديها الطفل، ترصد مؤشرات التوتر الفسيولوجية، مثل ارتفاع معدل ضربات القلب أو التغيرات في الحركة أو النوم. وتُنقل هذه البيانات إلى تطبيق على هاتف الوالدين مزوّد بتقنيات الذكاء الاصطناعي، يُحلِّلها لحظياً ويُرسل تنبيهاً فورياً يحثّ الوالدين على التواصل مع الطفل وتهدئته في الوقت المناسب.

وأُجريت التجربة السريرية على 50 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 3 و7 سنوات، كانوا يعانون اضطرابات عاطفية وسلوكية. واستُخدم نظام الساعة الذكية لدى نصف المشاركين على مدى 16 أسبوعاً، في حين واصل النصف الآخر العلاج القياسي. وقيَّمت الدراسة مدى التزام العائلات باستخدام التقنية، وقدرة التنبيهات الفورية على تغيير سرعة استجابة الوالدين وسلوك الأطفال.

وأظهرت النتائج أن التنبيهات الفورية ساعدت الآباء على التدخل خلال 4 ثوانٍ فقط، وأسهمت في تقليص مدة نوبات الغضب الشديدة بمعدل 11 دقيقة، أي نحو نصف المدة المسجّلة لدى الأطفال الذين تلقوا العلاج التقليدي فقط.

كما بيّنت النتائج أن الأطفال ارتدوا الساعة الذكية لنحو 75 في المائة من فترة الدراسة، ما يعكس قابلية التطبيق وارتفاع مستوى تفاعل العائلات مع هذه التقنية.

وقال الباحثون إن «هذه الدراسة تُظهر أن تدخلات صغيرة، إذا جاءت في التوقيت المناسب، يمكن أن تغيّر مسار نوبة الاضطراب العاطفي لدى الطفل؛ إذ تمنح الوالدين فرصة للتدخل الداعم، مثل الاقتراب من الطفل، وتقديم الطمأنة، وتعزيز المشاعر الإيجابية، وإعادة توجيه الانتباه، قبل أن تتصاعد النوبة».

وأضافوا أن هذا النظام يُثبت أن بيانات الأجهزة الذكية اليومية يمكن أن تساعد الأسر في الوقت الحقيقي؛ فقد تبدو الساعة الذكية جهازاً بسيطاً، لكنها عندما تُدعَم بعلاجات قائمة على الدليل وتحليلات متقدمة، تتحول إلى بارقة أمل للأسر التي تواجه أعراضاً سلوكية شديدة في المنزل.