الأمن الإسرائيلي يحذّر من سقوط السلطة الفلسطينية مثل سوريا

يتجاهل ممارسات الاحتلال المتواصلة في الضفة الغربية

TT

الأمن الإسرائيلي يحذّر من سقوط السلطة الفلسطينية مثل سوريا

عربات إسرائيلية خلال غارة في مدينة قلقيلية بالضفة الغربية الخميس (أ.ب)
عربات إسرائيلية خلال غارة في مدينة قلقيلية بالضفة الغربية الخميس (أ.ب)

في أعقاب الأحداث التي وقعت مؤخرا في جنين وطولكرم، التي اصطدم فيها عدد من الشبان المسلحين مع قوات الأمن الفلسطينية، أعربت جهات أمنية إسرائيلية عن تقديرها بأن الضفة الغربية يمكن أن تشهد حالة غليان جماهيرية واسعة تتدهور على غرار المثال السوري، متهمة «حماس» وإيران بالتحريض على السلطة الفلسطينية، متناسية الممارسات الإسرائيلية اليومية التي تزعزع هذه السلطة، وكان آخرها الخميس مع مقتل فلسطينيين بالرصاص.

وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي، في رصد لمواقف قادة الأجهزة الأمنية، إن «هناك تقديرات في القيادات العليا والميدانية، تشير إلى احتمال تدهور الأوضاع في الضفة الغربية، بتأثير من سقوط نظام بشار الأسد والتطورات في سوريا»، الذي وُصف بـ«تدحرج حجارة الدومينو»، وأن «يقود تدهور الوضع في الضفة الغربية في حال تصاعد بشكل كبير إلى انهيار السلطة الفلسطينية». وتابعت إذاعة الجيش تقول إن جهاز الأمن، أي الجيش و«الشاباك»، يتابع بشكل مستنفر الأوضاع في الضفة الغربية.

صبي على دراجته الهوائية قرب عربة إسرائيلية خلال غارة في مدينة قلقيلية بالضفة الغربية الخميس (أ.ب)

وذكرت الإذاعة أن أحد المؤشرات يتعلق بـ«مواجهات غير عادية وتبادل إطلاق نار في اليومين الأخيرين» بين «أجهزة أمن السلطة الفلسطينية ومسلحين في جنين وطولكرم، وتسجيل إصابات في الجانبين». وبحسب المصادر الأمنية المذكورة، فإن الأحداث في هذه المرحلة محصورة في شمال الضفة، لكن التخوف هو من امتدادها إلى مناطق أخرى.

وادعت المصادر الأمنية الإسرائيلية أن سبباً آخر لاحتمال تدهور الوضع في الضفة هو «التحريض المتزايد التي ترصده إسرائيل في الشبكات الاجتماعية ضد السلطة وقادتها فرداً فرداً». وقالت إن «حماس» تقود هذه الحملة وتدعو الجمهور الفلسطيني إلى الخروج للشوارع والتظاهر ضد السلطة الفلسطينية، وإنه جرت مسيّرات في جنين ولا توجد استجابة واسعة للدعوة إلى التظاهر.

وتابعت المصادر الإسرائيلية أن إيران أيضاً تحاول إشعال الضفة بعد سقوط نظام الأسد وضعف «حزب الله». وبحسبها، فإن الضفة الغربية أصبحت الغاية المقبلة للإيرانيين الذين يبذلون جهداً لتقويض الوضع فيها. ونقلت الإذاعة عن المصادر الأمنية قولها إنها «نتابع من كثب وباستنفار كبير الأحداث. ونحشى من غليان، وتدهور سريع ومن تأثير الأحداث التي شهدناها في سوريا. وانهيار السلطة الفلسطينية من شأنه أن يؤدي إلى موجة إرهاب وفقدان مطلق لاستقرار ميداني».

فلسطينيون يشيعون قتيلاً سقط برصاص الجيش الإسرائيلي في مخيم بلاطة بنابلس الخميس (د.ب.أ)

المعروف أن الضفة الغربية تشهد عمليات قمع واسعة من الجيش الإسرائيلي للمواطنين، تنتهك فيها أراضي السلطة الفلسطينية وتضعضع مكانة هذه السلطة وتضعفها ويترافق ذلك مع عمليات توسيع للاستيطان اليهودي واعتداءات دامية من المستوطنين المتطرفين على الفلسطينيين، تفاقمت بشكل كبير مع قرار وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إلغاء أوامر الاعتقال الإداري للمستوطنين المشبوهين بعمليات إرهاب وشلّ عمل الشرطة ضد اعتداءاتهم. وقد حذَّرت أجهزة الأمن الإسرائيلية من نشاط هؤلاء المستوطنين، طول الوقت، لكنها أغفلت خطورة عمليات الجيش.

ويحذّر الكثير من الإسرائيليين من «جهود إيران و(حماس) التغطية على فشلهما بتوجيه النيران إلى السلطة الفلسطينية»، لكنهم يحذرون أيضاً من سياسة الحكومة الإسرائيلية وأجهزتها الأمنية التي لا تقل خطورة في زعزعة الأوضاع في الضفة، خصوصاً وأن هناك تياراً قوياً في الحكومة يقوده وزير المالية، بتسليل سموترتش، ووزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، ويحظى بدعم صامت من رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ويتحدث عن اتخاذ إجراءات تفضي إلى انهيار السلطة الفلسطينية وإحداث فوضى تؤدي إلى تصفية القضية الفلسطينية.

قتيلان في الضفة

وقُتل فلسطينيان برصاص الجيش الإسرائيلي، الخميس، في مدينة قلقيلية ومخيم بلاطة في شمال الضفة الغربية المحتلة، بحسب مصادر فلسطينية والجيش الإسرائيلي.

فلسطيني يسير قرب عربتين إسرائيليتين خلال غارة في مدينة قلقيلية بالضفة الغربية الخميس (أ.ب)

في مخيم بلاطة القريب من مدينة نابلس قُتل شاب عقب دخول الجيش الإسرائيلي المخيم فجر الخميس، بحسب سكان من المخيم واللجنة الشعبية التي تدير المخيم.

وبحسب الهلال الأحمر الفلسطيني في مدينة نابلس، أصيب اثنان من سكان مخيم بلاطة، أحدهما امرأة في الستين من العمر، «نتيجة تعرضهما للضرب من قبل الجيش الإسرائيلي».

من جهته، قال الجيش الإسرائيلي إنه «تمكن من القضاء على إرهابي خلال نشاط لمكافحة الإرهاب في نابلس وعثر على بندقية وذخيرة».

كذلك، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية مقتل الشاب محمد براهمة (25 عاماً) في مدينة قلقيلية في شمال الضفة، واحتجاز جثمانه.

وقال الجيش الإسرائيلي: «تم القضاء على إرهابي آخر... خلال نشاط لمكافحة الإرهاب في قلقيلية».

وينفذ الجيش الإسرائيلي هجمات متكررة على شمال الضفة الغربية بدعوى ملاحقة مطلوبين أو خلايا مسلحة يتهمها بالتخطيط لتنفيذ هجمات على أهداف إسرائيلية.

وقُتل ما لا يقل عن 792 فلسطينياً في الضفة الغربية إثر هجمات للجيش الإسرائيلي أو برصاص مستوطنين، منذ اندلاع الحرب بين «حماس» وإسرائيل في غزة في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وفقاً لوزارة الصحة في رام الله.

كذلك، أسفرت هجمات نفّذها فلسطينيون على إسرائيليين عن مقتل ما لا يقل عن 24 شخصاً في الفترة نفسها في الضفة الغربية، وفقاً لأرقام رسمية إسرائيلية.


مقالات ذات صلة

«الخارجية» الفلسطينية تحذر من ارتكاب الجيش الإسرائيلي «تطهيراً عرقياً»

المشرق العربي جندي إسرائيلي يصوب سلاحه في مخيم الفارعة بالضفة الغربية (إ.ب.أ)

«الخارجية» الفلسطينية تحذر من ارتكاب الجيش الإسرائيلي «تطهيراً عرقياً»

حذرت «الخارجية» الفلسطينية من استمرار الجيش الإسرائيلي في «ارتكاب جريمة التطهير العرقي وفرض الترحيل والنزوح القسري (للفلسطينيين) من مخيمات شمال الضفة».

«الشرق الأوسط» (رام الله)
الخليج ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لدى استقباله في وقت سابق الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالرياض (واس) play-circle

بيان «الفجر» السعودي... رفض مباشر لتصفية القضية الفلسطينية

شدّد بيان الخارجية السعودية الصادر فجر الأربعاء، على ثبات الموقف السعودي تجاه قيام الدولة الفلسطينية، مؤكداً أن موقف الرياض «راسخ وثابت لا يتزعزع».

غازي الحارثي (الرياض)
شؤون إقليمية آليات إسرائيلية في طريق دمرته بالقرب من المدخل الرئيسي لمخيم جنين للاجئين الأربعاء (إ.ب.أ) play-circle

إسرائيل تقول إن عمليتها بالضفة مستمرة في رمضان

هدد الجيش الإسرائيلي بتوسيع العملية العسكرية في الضفة الغربية، بعد أكثر من أسبوعين على انطلاقها، وقال إنها ستستمر خلال شهر رمضان المقبل.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
الخليج ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لدى استقباله في وقت سابق الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالرياض (واس) play-circle

بيان «الفجر» السعودي... رفض مباشر لتصفية القضية الفلسطينية

شدّد بيان الخارجية السعودية الصادر فجر الأربعاء، على ثبات الموقف السعودي تجاه قيام الدولة الفلسطينية، مؤكداً أن موقف الرياض «راسخ وثابت لا يتزعزع».

غازي الحارثي (الرياض)
المشرق العربي الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أرشيفية - د.ب.أ)

مصر والسلطة الفلسطينية تطالبان بإعمار غزة دون خروج أهلها منها

أعرب الرئيس الفلسطيني محمود عباس والقيادة الفلسطينية، الأربعاء، عن «رفضهما الشديد لدعوات الاستيلاء على قطاع غزة، وتهجير الفلسطينيين خارج وطنهم».

«الشرق الأوسط» (رام الله - القاهرة)

إقالات وتبادل اتهامات تعصف بمجالس المحافظات العراقية

رئيس الوزراء محمد شياع السوداني يجري مشاورات مع عمار الحكيم الأسبوع الماضي (رئاسة الوزراء العراقية)
رئيس الوزراء محمد شياع السوداني يجري مشاورات مع عمار الحكيم الأسبوع الماضي (رئاسة الوزراء العراقية)
TT

إقالات وتبادل اتهامات تعصف بمجالس المحافظات العراقية

رئيس الوزراء محمد شياع السوداني يجري مشاورات مع عمار الحكيم الأسبوع الماضي (رئاسة الوزراء العراقية)
رئيس الوزراء محمد شياع السوداني يجري مشاورات مع عمار الحكيم الأسبوع الماضي (رئاسة الوزراء العراقية)

منذ إعادة العمل بمؤسسات مجالس المحافظات في العراق بعد توقف دام نحو 10 سنوات، وإجراء الانتخابات الخاصة بها في عام 2023، لم تشهد التشكيلات الجديدة استقراراً ملحوظاً.

واستغرقت العملية شهوراً بعد الانتخابات التي جرت في يناير (كانون الثاني) 2023، حتى تم انتخاب رؤساء المجالس ومن ثم المحافظين في عدد من المحافظات.

واستمر التنافس والتأرجح بين الأحزاب والقوى السياسية المهيمنة في بعض المحافظات مثل ديالى وكركوك، مما ألقى بظلال من عدم الاستقرار على سير العملية السياسية في تلك المناطق.

ورغم أن بعض المحافظات، مثل بغداد ونينوى شمال العراق، تمكنت من التوصل إلى صيغ توافقية بين الأحزاب والقوى المتنفذة فيها، فإن الوضع ظل مشوباً بالخلافات في محافظات أخرى، منها محافظة ذي قار جنوب العراق، حيث استمرار التوترات بين مجلس المحافظة والمحافظ.

أما في بغداد، فقد كانت الأزمة الأخيرة في سلسلة من التوترات التي تتعلق بالإقالات والطعنات القانونية. فقد أُعيد رئيس مجلس محافظة بغداد، عمار القيسي، إلى منصبه من قِبَل القضاء الإداري بعد أيام قليلة من إقالته من قِبَل المجلس الذي انتخب خصمه، عمار الحمداني، المنتمي إلى حزب «تقدم» الذي يتزعمه رئيس البرلمان العراقي السابق محمد الحلبوسي.

وكانت تلك الحادثة أشبه بمشهد سوريالي، حيث تلقى الحمداني التهاني بعد انتخابه رئيساً للمجلس، بينما أعلن القيسي عن قرار المحكمة بعودته إلى منصبه في اليوم التالي.

وتنص الوثيقة الصادرة عن محكمة القضاء الإداري على أن المحكمة قررت «إيقاف إجراءات إقالة طالب الأمر الولائي من منصب رئيس مجلس محافظة بغداد»، وأشارت إلى أن شروط إصدار الأمر الولائي متوافرة، وأنه لا يمكن تدارك الأضرار الناجمة عن تنفيذ قرار الإقالة. وبناءً على ذلك، قررت المحكمة إيقاف إجراءات الإقالة حتى يتم حسم الدعوى.

وكان مجلس محافظة بغداد قد صوّت في الأسبوع الماضي على إقالة القيسي من منصبه، وهو القرار الذي عدَّه القيسي «جاء نتيجة دوافع سياسية معروفة».

شراكة مستحيلة

من بغداد إلى نينوى، مروراً بكركوك وديالى وذي قار، يتكرر مشهد الإقالات والطعون، في مشهد يعبر عن عمق الصراع السياسي بين الأحزاب العراقية.

وبات هذا الصراع يعكس التحديات التي تواجه الحكم المحلي في العراق، حيث تصبح الشراكة بين المحافظين ورؤساء المجالس شبه مستحيلة، نظراً لاختلاف الانتماءات الحزبية والقومية والمذهبية، بسبب التنوع العرقي والديني والمذهبي في البلاد.

ولم تُحسم بعد مسألة الطعون المتبادلة بين رئيس المجلس والمجلس الذي صوت على إقالته، بما في ذلك القرار الذي اتخذه رئيس المجلس المقال، عمار القيسي، الذي أعاده القضاء الإداري مؤقتاً إلى منصبه.

هذا القرار جاء في وقت ما زالت فيه القضية معلقة، خصوصاً مع الطعن الذي قدمه محافظ بغداد، عبد المطلب العلوي، ضد إحالته على التقاعد بدعوى بلوغه السن القانوني.

في هذا السياق، اعترض ائتلاف إدارة الدولة، الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، على قرار إقالة العلوي، حيث قدم الأخير طعناً أمام القضاء الإداري، موضحاً أن إحالته للتقاعد غير قانونية لأنه منتخب وبدرجة خاصة، ولا ينطبق عليه مفهوم السن القانوني للتقاعد. كما أشار في بيانه إلى أن «قانون المحافظات غير المنتظمة بإقليم المعدل» لم يحدد سناً معيناً لإحالة المحافظ إلى التقاعد.

ويستمر مبدأ «الشراكة المستحيلة» في عدد من المحافظات، بين بعض القيادات السياسية، سواء كانت لأسباب حزبية، كما في بغداد ونينوى وذي قار، أو قومية مذهبية، كما في ديالى وكركوك.

هذا التحدي السياسي ترك تأثيراً واضحاً على أداء تلك المحافظات، حيث بدا العمل الإداري فيها متعثراً، وغير قادر على إنجاز البرامج التي تعهدت بها. في نينوى، أكدت كتلة نينوى المستقبل، يوم السبت، رفضها لاستجواب وإقالة رئيس مجلس المحافظة، أحمد الحاصود، وهي الخيارات التي لوحت بها كتلة نينوى الموحدة في المجلس.

وبحسب مصادر مطلعة في نينوى، فإن هناك تحركات لإعادة ترتيب الخريطة السياسية داخل المجلس، حيث بدأ تحالف «نينوى المستقبل»، الذي كان يضم 16 عضواً، يواجه انشقاقات محتملة مع ظهور توجهات جديدة داخل بعض أعضائه، بما في ذلك الأعضاء المنتمون إلى الإطار التنسيقي.

تعليق عضوية

على الرغم من أن الخلاف في محافظة ذي قار جنوب العراق قد تصاعد ليصبح صراعاً سياسياً داخل قوى «الإطار التنسيقي الشيعي» بعد إقالة المحافظ مرتضى الإبراهيمي، الذي ينتمي إلى تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم، فإن الصراع في محافظتي ديالى وكركوك كان أيضاً صراعاً مركباً على الصعيدين الحزبي والسياسي والقومي.

ففي ذي قار، وبعد تسريبات صوتية تخص المحافظ الإبراهيمي، التي أدت إلى إقالته بعد تظاهرات حاشدة، قام زعيم تيار الحكمة، عمار الحكيم، بزيارة المحافظة الأسبوع الماضي في محاولة للبحث عن حل وسط، ليعلن بعدها تعليق عضويته في قيادة الإطار التنسيقي. ورغم أن الوساطات أسفرت عن عودة الإبراهيمي إلى منصبه، فإن أزمة الحكم في المحافظة لا تزال مستمرة، تماماً كما هو الحال في محافظتي كركوك وديالى، حيث يستمر التوافق الهش بين مجالس المحافظات والمحافظين بعد تسويات صعبة بين القيادات السياسية والحزبية في العراق.