بوادر التغيير تختفي في جنوب العراق بعد توقعات بعودة وجوه قديمة للبرلمان

بسبب التهجير القسري.. غياب للتمثيل السني العربي في البصرة

بوادر التغيير تختفي في جنوب العراق بعد توقعات بعودة وجوه قديمة للبرلمان
TT

بوادر التغيير تختفي في جنوب العراق بعد توقعات بعودة وجوه قديمة للبرلمان

بوادر التغيير تختفي في جنوب العراق بعد توقعات بعودة وجوه قديمة للبرلمان

مع انتهاء عملية العد والفرز في المراكز الرئيسة بمحافظة البصرة، وإرسالها إلى بغداد لغرض إعلانها بعد مشاركة 64 في المائة من عدد الناخبين، توقع مراقبون عودة كثير من الوجوه السياسية القديمة إلى قبة البرلمان مجددا، مع غياب لفرص التغيير. وفي الوقت الذي أعلنت فيه كتل وقوائم عن فوزهم عن محافظة البصرة بعدد من المقاعد وبمعدل يفوق الدورة السابقة ككتلة المواطن، التي أكدت حصولها على سبعة مقاعد، بعد أن كان مقعدا واحدا خلال الدورة السابقة، أعلن عدد من البرلمانيين خسارتهم مبكرا قبل إعلان النتائج النهائية.
وقال مدير مكتب المفوضية المستقلة للانتخابات في البصرة حازم الربيعي لـ«الشرق الأوسط»، إن «عدد المشاركين فعليا في الانتخابات من محافظة البصرة بلغ 1.007.000 ناخب، أي بنسبة مشاركة بلغت أكثر من 64 في المائة، وهذا دليل على أن نسبة المشاركة مرتفعة بالمقارنة مع الممارسات الانتخابية الأخيرة السابقة». وأضاف أن «النتائج وعمليات العد والفرز للتصويتين الخاص والعام اكتملت، وجرى إرسالها إلى بغداد لإعادة عدها وفرزها، وجرى إعلان النتائج منذ الأسبوع الأول من الشهر الحالي».
يُذكر أن أحزابا وقوائم انتخابية أعلنت عن فوزها بنصيب أكبر من المقاعد في البرلمان المقبل، بالمقارنة مع البرلمان الحالي عن محافظة البصرة، وعلى رأسها كتلة المواطن التي يتزعمها رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي السيد عمار الحكيم. وقال مسؤول المجلس الأعلى في البصرة إحسان الكناني، إن «كتلة المواطن حققت وخلال هذه الانتخابات قفزة في عدد الأصوات مما يؤهلها للحصول على سبعة مقاعد برلمانية من أصل 25 مقعدا، هي حصة البصرة، بعد أن كان نصيبها مقعدا واحدا خلال البرلمان السابق». وأضاف: «وبلغة الأرقام حصلنا على 200 ألف صوت بعد أن كان عدد الأصوات التي حصلنا عليها في البرلمان السابق أكثر من 80 ألف صوت، ومجالس المحافظات بـ120 ألف صوت، وهذا دليل على تقبل الشارع لمشروع كتلة المواطن».
من جانبه، أعلن عضو ائتلاف دولة القانون عن محافظة البصرة عبد السلام المالكي، أن أربعة برلمانيين من دولة القانون حصلوا، وبحسب النتائج الأولية، على مقاعد في البرلمان المقبل. وأضاف أن «عبد السلام المالكي وبهاء جمال الدين وفاطمة الزركاني ورحاب آل عبودة حصلوا على أصوات كافية، وجرى تجديد الثقة فيهم لدورة ثانية في البرلمان». من جهته، أعلن عضو البرلمان العراقي عن كتلة المواطن الدكتور جواد البزوني، عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، عن خسارته في الانتخابات بشكل مبكر، وقبل الكشف عن النتائج النهائية للانتخابات.
من جهته قال المحلل السياسي البصري الدكتور محمد فيصل: «نعتقد أن الحديث عن التغير في الانتخابات العراقية هو عبارة عن دعاية انتخابية، فأغلب الوجوه وبحسب النتائج الأولية التي سربت تبدو قديمة، اعتاد عليها المواطن في جنوب العراق».
البصرة، التي كانت تعد إلى ما قبل أقل من عقدين من الزمن محافظة سنية ويشكل فيها الشيعة والمسيحيون والصابئة أقليات، باتت اليوم ذات أغلبية شيعية بسبب التهجير القسري للعرب السنة والمسيحيين والصابئة، وتبدو نتائجها في الانتخابات الحالية صدمة للبعض حيث سيفقد فيها العرب السنة أي تمثيل لهم في البرلمان المقبل رغم أنهم يشكلون ما نسبته 13 في المائة من عدد سكانها الذين شارك منهم في الانتخابات أكثر من مليون شخص من أصل 1.6 مليون شخص يحق له التصويت.
وقال عادل عبد الرزاق، أحد المرشحين للانتخابات من العرب السنة في البصرة، إن «سنة البصرة حصلوا في أول انتخابات على 35 ألف صوت، ثم في الانتخابات التي تلتها على 25 ألف صوت، لكن في انتخابات عام 2010 حصلوا على 17 ألف صوت، الأمر الذي لم يؤهل أيا من ممثليهم لعبور العتبة الانتخابية».
وأضاف أن «التهجير القسري والوضع الأمني وعزوف أغلب أهل السنة في الجنوب والبصرة تحديدا عن المشاركة في الانتخابات، كما غياب كتلة سنية بارزة كـ(متحدون) أو (العربية) عن تشكيل كيان لها في البصرة، أجبرت أغلب المرشحين السنّة على الدخول في قوائم شيعية أو وطنية».



مصر تشكو إثيوبيا مجدداً لمجلس الأمن: تهدد استقرار الإقليم

«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
TT

مصر تشكو إثيوبيا مجدداً لمجلس الأمن: تهدد استقرار الإقليم

«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)

صعّدت مصر في نزاعها مع إثيوبيا بشأن «سد النهضة» على نهر النيل، مجددة شكواها إلى مجلس الأمن الدولي، ضد ما وصفته بـ«السياسات الأحادية» لأديس أبابا، والتي اعتبرتها «تهدد استقرار الإقليم».

ومصر وإثيوبيا على خلاف منذ سنوات بسبب السد، الذي تبنيه إثيوبيا منذ عام 2011 بداعي توليد الطاقة الكهرومائية على النيل الأزرق (الرافد الأساسي لنهر النيل) بالقرب من الحدود مع السودان.

ووجّه وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، خطاباً إلى رئيس مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بعد التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء الإثيوبي حول المرحلة الخامسة من ملء «سد النهضة»، والتي بدأت في يوليو (تموز) الماضي.

وشدد الخطاب على «رفض مصر القاطع للسياسات الأحادية الإثيوبية المخالفة لقواعد ومبادئ القانون الدولي»، والتي اعتبرها «تُشكل خرقاً صريحاً لاتفاق (إعلان المبادئ) الموقع بين مصر والسودان وإثيوبيا في عام 2015، والبيان الرئاسي لمجلس الأمن الصادر في 15 سبتمبر (أيلول) 2021».

وأضاف الخطاب أن «تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد حول حجز كمية من مياه النيل الأزرق هذا العام واستكمال بناء الهيكل الخرساني للسد الإثيوبي، تُعد غير مقبولة جملة وتفصيلاً للدولة المصرية، وتمثل استمراراً للنهج الإثيوبي المثير للقلاقل مع جيرانها والمهدد لاستقرار الإقليم الذي تطمح أغلب دوله لتعزيز التعاون والتكامل فيما بينها، بدلاً من زرع بذور الفتن والاختلافات بين شعوب تربطها وشائج الأخوة والمصير المشترك».

وأعلن رئيس الوزراء الإثيوبي، الاثنين الماضي، أن «بناء (سد النهضة) سينتهي بشكل كامل بحلول شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل». وكشف في مقابلة مع التلفزيون الإثيوبي من موقع السد، أن إجمالي المياه المحتجزة في بحيرة السد بلغ «62.5 مليار متر مكعب»، متوقعاً أن يصل في ديسمبر المقبل إلى ما بين 70 و71 مليار متر مكعب من إجمالي السعة الكلية للسد؛ 74 مليار متر مكعب.

وتطالب مصر ومعها السودان بـ«اتفاق قانوني ملزم» ينظم عمليتَي الملء والتشغيل، بما لا يضر بحصتيهما المائية.

ولا تعد هذه هي المرة الأولى التي تخاطب مصر فيها مجلس الأمن بشأن نزاع «سد النهضة»؛ فقد سبق أن قدمت شكوى في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي عقب انتهاء إثيوبيا من الملء الرابع للسد. كما اعتمد مجلس الأمن في سبتمبر عام 2021، بياناً رئاسياً دعا فيه أطراف «سد النهضة» إلى استئناف المفاوضات برعاية الاتحاد الأفريقي.

جانب من آخر جولة مفاوضات بين وزراء مياه مصر والسودان وإثيوبيا العام الماضي (وزارة الموارد المائية المصرية)

واعتبر أستاذ القانون الدولي المصري الدكتور محمد محمود مهران، لجوء مصر إلى مجلس الأمن «خطوة ضرورية»، مطالباً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» المجلس بـ«أن يتحرك لاتخاذ قرار حاسم بعد أن فشل البيان الرئاسي الصادر في سبتمبر 2021 في الوصول إلى تسوية ودية».

وأكد مهران ضرورة «أن يتدخل مجلس الأمن بقرارات جدية، تفرض عقوبات على إثيوبيا وفق القانون الدولي»، داعياً مصر إلى «المزيد من الضغط الدبلوماسي في المحافل الدولية، مع إمكانية اللجوء إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة وطرح تصويت على قرار يؤكد الانتهاكات الإثيوبية لحقوق مصر والسودان، كما يمكن طلب رأي استشاري من محكمة العدل الدولية من خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن شرعية التصرفات الأحادية لإثيوبيا».

وفشلت آخر جولة تفاوض بين مصر والسودان وإثيوبيا في الوصول إلى حل في ديسمبر الماضي.

وتأتي هذه التطورات في أعقاب تصاعد التوترات السياسية بين مصر وإثيوبيا على خلفية إرسال مصر معدات ووفوداً عسكرية إلى الصومال للمشاركة في بعثة الدعم التابعة للاتحاد الأفريقي، التي من المقرر أن تحل محل بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية الحالية بحلول يناير (كانون الثاني) 2025.

وأعربت إثيوبيا عن «قلقها» إزاء انتقال بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال إلى بعثة جديدة لدعم السلام، وعدّ متحدث الخارجية الإثيوبية، نبيو تاديلي، أن هذه الخطوة «تشكل مخاطر على المنطقة»، وأكدت أديس أبابا أنها «لا يمكن أن تقف مكتوفة الأيدي».

وفي خطابه لمجلس الأمن أكد وزير الخارجية المصري أن «السياسات الإثيوبية غير القانونية سيكون لها آثارها السلبية الخطيرة على دولتَي المَصبّ مصر والسودان»، موضحاً أنه «بالرغم من أن ارتفاع مستوى فيضان النيل في السنوات الأخيرة، وكذلك الجهود الكبيرة التي بذلتها الدولة المصرية، قد أسهما في التعامل مع الآثار السلبية للتصرفات الأحادية لـ(سد النهضة) في السنوات الماضية»، فإن «مصر تظل متابعة عن كثب للتطورات ومستعدة لاتخاذ كافة التدابير والخطوات المكفولة بموجب ميثاق الأمم المتحدة للدفاع عن وجودها ومقدرات شعبها ومصالحه».

وتوقعت مديرة البرنامج الأفريقي بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بمصر، الدكتورة أماني الطويل، أن يتفاعل مجلس الأمن مع شكوى مصر بشكل أكثر جدية من مجرد بيان، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «تفاعل مجلس الأمن مع شكوى مصر يجب أن يتزامن مع ترتيبات إقليمية ودولية؛ إذ يوجد بالوقت الراهن متغيرات دولية وإقليمية غيرت معادلة وموازين القوى بالمنطقة، مثل توترات البحر الأحمر، وهو ما يوفر لمصر فرصة للتحرك لحشد التأييد لإلزام إثيوبيا بتوقيع اتفاق ملزم».

وأشارت الطويل إلى أنه «من بين المتغيرات الإقليمية التي تعزز موقف مصر، أن الرهان على الدور الإثيوبي كلاعب إقليمي ضعف كثيراً، هذا بجانب مشكلات أديس أبابا الداخلية، وما يمكن اعتباره فشل المشروع السياسي لآبي أحمد»، حسب وصفها.

وبشأن إمكانية استئناف مفاوضات «سد النهضة»، يرى أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة الدكتور عباس شراقي، أن «بعض التفاصيل الفنية لم تعد مطروحة للتفاوض بسبب اكتمال بناء السد، مثل التصميمات الهندسية للإنشاءات، ودراسات عوامل الأمان».

وقال شراقي لـ«الشرق الأوسط» إنه في حال تم الاتفاق على عودة المفاوضات، فإن أبرز ما يجب أن يُطرح هو «الاتفاق على قواعد محددة للتشغيل والملء المتكرر كل عام، ووضع آلية لفض المنازعات؛ بمعنى أنه إذا حدث خلاف بعد توقيع اتفاق ملزم يجب أن توضع قواعد للتعامل مع ذلك، كما يجب الاتفاق على قواعد تتعلق بأمان السد، مثلاً يجب أن تلتزم أديس أبابا بعدم تخزين كميات كبيرة قد تؤدي لانهيار السد».