صحن الحمص: صحة ضمن أطباق طعامنا

صحن الحمص: صحة ضمن أطباق طعامنا
TT

صحن الحمص: صحة ضمن أطباق طعامنا

صحن الحمص: صحة ضمن أطباق طعامنا

عند الحديث عن كيفية الحفاظ على الصحة، ليس علينا بالضرورة أن نستجلب أشياء من أماكن بعيدة، بل نحن، واقعاً، نمتلك بين أيدينا الكثير مما يُعيننا على ذلك، والمطلوب منا هو فقط توظيفها بشكل جيد ضمن سلوكيات نمط عيشنا لحياتنا اليومية.
وفي شأن التغذية بالذات، تمتلك المجتمعات الشرقية إرثاً غذائياً غنياً، استثمرته مختلف أنواع المطابخ لتلك المجتمعات على مرّ القرون، وأعطتنا أنواعاً شتى من الأطباق التي تحتوي على طيف واسع من المنتجات الغذائية الطبيعية، التي تمتاز بأنها صحية في اختيارها، وصحية في حفظها، وصحية في كيفية إعدادها، وصحية كذلك في نصائح طرق وترتيب تناولها ضمن الوجبات المختلفة طوال اليوم وضمن تتابع تناول الطعام خلال الوجبة الواحدة.
بقول الحمص (Chickpeas) أحد المنتجات الغذائية العالية الفائدة الصحية والقريبة منا، والمجتمعات الشرقية المختلفة تتنوع في كيفية إعدادها للتناول المباشر، كأطباق الحمص بالزيت والفتّة والمسبّحة والبليلة، أو للتناول غير المباشر كإضافة لأطباق الأرز بالحمص والأرز البخاري والكُشري والفول الشامي ومزيج الطَعْميّة المقلية وشوربة الحريرة المغربية والشخشوخة الجزائرية والكثير من أطباق الأطعمة الشرقية الأخرى.
والمتتبع لإصدارات الدراسات العلمية يلاحظ توالي إنتاجها من حين لأخر لبحوث ودراسات تذكرنا نتائجها الإيجابية بفوائد جديدة لتناول الحمص، وبالكشف عن آليات عمل مكونات الحمص في تحسين مستوى صحة الجسم وأعضائه. وضمن عدد مارس (آذار) الماضي لمجلة علوم وتكنولوجيا الأغذية Journal of Food Science and Technology، عرض الباحثون من جامعة الكويت نتائج تأثيرات تناول الحمص على تثبيط ارتفاع السكر بعد تناول وجبة الطعام Postprandial Blood Glucose Concentration وتأثيراته على الشهية وكمية الطاقة التي يتناولها المرء في الوجبة التالية.
ولتوضيح ما قاموا به، قال الباحثون: «صُمِّمَت الدراسة الحالية لاستكشاف الخصائص المفيدة لتناول الحمص على خفض شدة شهية الأكل، وعلى الارتفاع المفرط في نسبة سكر الغلوكوز بعد تناول وجبة الطعام، وعلى تناول طاقة الغذاء في الوجبة التالية». ومعلوم أن نسبة السكر في الدم ترتفع بعد تناول وجبة الطعام، لتصل إلى ذروتها خلال الساعتين الأوليين بعد الفراغ من تناول الوجبة. وفي هذه الفترة يرتفع الضغط على البنكرياس لإفراز المزيد من الإنسولين بغية العمل على خفض ارتفاع سكر الدم آنذاك.
والمطلوب صحياً في الطعام الذي نتناوله هو تناول «مواد» أو «منتجات غذائية» تعمل على خفض هذا الارتفاع الحاد في نسبة سكر الدم كي يخف الضغط على البنكرياس ولا يحصل إجهاد لخلاياه المفرزة للإنسولين. وبمقارنة تناول الحمص بتناول الخبز، كنوعين من الأطعمة المحتوية على قدر متساوٍ من كربوهيدرات السكريات، لاحظ الباحثون أن تركيز سكر الغلوكوز في الدم هو أقل بكثير عند تناول الحمص مقارنة بالخبز، كما أن تقييم الشهية انخفض في الوجبة التالية. وخلص الباحثون إلى القول: «تناول الحمص مفيد للسيطرة على نسبة السكر في الدم ويُمكن أن يُساعد في ضبط وزن الجسم من خلال خفض الشهية وخفض طاقة الطعام المرغوب في تناوله».
والواقع أن هذه النتائج غير مستغربة بمعرفة تركيب محتويات القيمة الغذائية لبقول الحمص، ولكنها دراسة تكتسب أهمية بإجرائها تجربة واقعية. وبكلام أكثر دقة، يحتوي الحمص على كمية عالية نسبياً من الألياف النباتية، وهي مفيدة في إعاقة امتصاص الأمعاء للسكريات التي تحتوي عليها وجبة الطعام، كما أنها غنية بالبروتينات التي تُخفض من مستوى الشهية وتبعث الشعور بالشبع.
ووفق إصدارات وزارة الزراعة الأميركية حول القيمة الغذائية للحمص، فإن كمية كوب من الحمص المسلوق، بوزن 160 غراماً، تحتوي على نحو 250 سعراً حرارياً، وبها نحو 8 غرامات سكريات الكربوهيدرات و50 في المائة من حاجة الجسم اليومية من الألياف النباتية، و4 غرامات من الدهون النباتية غير المشبعة، و30 في المائة من حاجة الجسم اليومية للبروتينات. وتحتوي هذه الكمية من الحمص المسلوق أيضاً على تشكيلة واسعة من الفيتامينات والمعادن، منها فيتامين الفوليت بكمية توازي حاجة الجسم اليومية منه بنسبة 70 في المائة، وكذلك حاجة الجسم اليومية من الحديد بنسبة 26 في المائة، ومن المنغنيز بنسبة 85 في المائة، ومن الفسفور بنسبة 40 في المائة، ومن النحاس بنسبة 65 في المائة، ومن الزنك بنسبة 25 في المائة.
وبعبارة أخرى، فإن الحمص منتج غذائي غني بالعناصر الغذائية الصحية، وفقير بالعناصر الغذائية غير الصحية. وثمة جانب آخر بالنسبة للبروتينات في الحمص، وهو أن الجسم يستفيد منها بشكل عالٍ، ذلك أن مؤشر هضم البروتينات والأحماض الأمينية PDCAAS للحمص يُعتبر عالياً، ويبلغ 0.76 (صفر فاصلة ستة وسبعين) ما يجعل الحمص أفضل بالمقارنة مع كثير من أنواع البقول والحبوب.
واللافت للنظر في شأن الحمص أن الطهي الجيد يرفع من سهولة هضمه وامتصاص الأمعاء للبروتينات وغيرها من العناصر الغذائية فيه، وكذا الحال مع جدوى نقع الحمص في تسهيل هضم البروتينات وتخفيف نسبة أنواع معينة من السكريات التي هي السبب في نشوء غازات البطن.
وفي طبق الحمص بالزيت، ثمة فوائد صحية أخرى بإضافة عصير الليمون الغني بالفيتامينات والمعادن، وثمة فوائد صحية أخرى بإضافة معجون طحينة بذور السمسم الغنية هي الأخرى بالألياف النباتية وبالمعادن والفيتامينات، والأهم الغنية بالدهون النباتية غير المشبعة. وتحديداً، فإن ملعقة طعام من الطحينة، بوزن نحو 25 غراماً، تحتوي على 10 غرامات من الدهون النباتية غير المشبعة و3 غرامات من البروتينات وغرام من السكريات، وتغطي حاجة الجسم اليومية من فيتامين «إيه» (A) بنسبة 25 في المائة، ومن معدن الفسفور بنسبة 25 في المائة، ومن معدن الحديد والمنغنيز بنسبة 15 في المائة لكل منهما، ومن معدن الكالسيوم ومعدن الزنك بنسبة 10 في المائة لكل منهما، إضافة إلى تشكيلة أخرى من المعادن والفيتامينات.
نحتاج إلى أن نعود إلى أطعمة أطباقنا الصحية، والواقع الصحي الغذائي، ما هو أكثر جدوى صحية من تناول «صحن حمص» من بقول الحمص المسلوق الممزوجة بطحينة بذور السمسم وعصير الليمون مع إضافة زيت الزيتون!
* استشاري باطنية وقلب
مركز الأمير سلطان للقلب في الرياض
[email protected]



شعبية حليب الحمير تزداد في ألبانيا لخصائصه الغذائية والجمالية

يُعدّ حليب الحمير الذي يرى منتجوه أنه استثنائي نادراً (أ.ف.ب)
يُعدّ حليب الحمير الذي يرى منتجوه أنه استثنائي نادراً (أ.ف.ب)
TT

شعبية حليب الحمير تزداد في ألبانيا لخصائصه الغذائية والجمالية

يُعدّ حليب الحمير الذي يرى منتجوه أنه استثنائي نادراً (أ.ف.ب)
يُعدّ حليب الحمير الذي يرى منتجوه أنه استثنائي نادراً (أ.ف.ب)

تؤكد فاتيكو باشا وهي تداعب بلطف حمارتها «ليزا» قبل أن تجمع حليبها أنّ «حليب الحمير له طعم الحب»... منه تصنّع المزارعة من منطقة جيروكاستر الألبانية مصل اللبن أو اللبن الرائب أو نوعاً من الجبن هو الأغلى في العالم.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، فإن فوائد حليب الحمير معروفة منذ آلاف السنين. تقول الأسطورة إن كليوباترا كانت تستحم في حوض مليء بحليب الحمير؛ للمحافظة على جمالها وشبابها.

بالإضافة إلى الخصائص الجمالية لملكة مصر، من شأن حليب الحمير أن «يشفي الأطفال، إذ هو علاج طبيعي للجهاز التنفسي والحساسية والجهاز المناعي»، على ما تقول فاتيكو.

يراقب حمار صغير كيف تنظّف فاتيكو ضرعي أمّه. ولإنتاج الحليب، ينبغي أن تكون أنثى الحمار في فترة رضاعة، ويبدأ حلبها عندما يبلغ صغيرها 3 أشهر.

زادت شهرة حليب الحمير خلال جائحة «كوفيد - 19»، فقررت فاتيكو وزوجها إحضار مجموعة صغيرة من الحمير وإناث الحمير إلى مزرعتهما، لكنّهما لم يتخيّلا أنهما سيبيعان حليب هذه الحيوانات في ألبانيا ومقدونيا الشمالية ومونتينيغرو واليونان.

في نهاية عام 2024، بات لديهما نحو ثلاثين أنثى حمار و4 ذكور حمير، ويرغبان بدءاً من يناير (كانون الثاني) في زيادة عدد هذه الحيوانات، مستفيديْن من المراعي الطبيعية عند سفح جبال جيروكاستر الغنية بالتنوع البيولوجي.

وباتت هذه المنطقة من جنوب ألبانيا تضم 15 مزرعة للحمير.

ذهب أبيض

يُعدّ حليب الحمير الذي يرى منتجوه أنه استثنائي، نادراً. في يوم الحلب، يمكن جمع نصف لتر من الحليب من كل حيوان. وتُباع هذه الكمية بسعر مرتفع يراوح بين 52 و63 دولاراً للتر الواحد.

ويقول زوج فاتيكو إنّ «حليب الحمير هو ذهب أبيض».

بدأ وعائلته منذ عام بإنتاج الجبن اللذيذ والطازج والقشدي، بالإضافة إلى اللبن الرائب ومصل اللبن. ويرتفع الطلب على هذه المنتجات بشكل كبير، لدرجة أنهم يشترون الحليب من المزارعين في محيطهم.

توضح المنتجة شيكو باشا، وهي تحضّر الجبن لتوفيره لأحد المطاعم في المنطقة «إنّ جبن الحمير مطلوب جداً، ويصعب تحضيره».

يتطلّب إنتاج كيلوغرام من الجبن 25 لتراً على الأقل من حليب الحمير، وهي كمية يصل سعرها إلى 1049 دولاراً.

يباع الكيلوغرام الواحد من الجبن بأكثر من 1573 دولاراً، ويشتهر بأنه أغلى نوع جبن في العالم.

يقول جاكو ميسي، وهو طبيب بيطري ومنتج جبن حمير تقدّمه مطاعم فاخرة في تيرانا إنّ «الفرنسيين يقولون إن وجبة خالية من الجبن كامرأة جميلة من دون عين، لكنّ التفصيل الأهم في الطبق هو جبن الحمير».

يقول إليو تروكي، رئيس مطعم «أوكسهاكيت» في العاصمة إنّ «الزبائن يفضلون الجبن الطازج، أي بعد 48 ساعة من تحضيره لا أكثر»، مضيفاً أنّ «سعره مرتفع لكنه لذيذ جداً، فهو يضفي نكهة شهية على الوجبة مع نبيذ جيّد».

جمال

في مختبرها الصغير، لا تخمّر الصيدلانية الشابة فابجولا ميسي الحليب لصنع الجبن، بل لتوفير مجموعة من مستحضرات التجميل المصنوعة من حليب الحمير والتي اكتسبت شعبية أيضاً خلال السنوات الأخيرة.

تقول المرأة التي أسست ماركتها «ليفا ناتشرل» وهي تستعجل لإنهاء طلبية أخيرة تتألف من مستحضر للبشرة مخصص للنهار يوفر نعومة، «إن حليب الحمير هو سر الجمال الفعلي». وفي هذه الفترة التي تقترب فيها أعياد نهاية العام، تصف منتجاتها بأنها تتمتع بـ«رائحة الحب».

وترغب في أن تتمكن قريباً من تصدير هذه المنتجات المصنّعة من حليب الحمير، حتى تصبح معروفة في مختلف أنحاء العالم.

وتقول إنّ «مستحضر الوجه المصنوع من حليب الحمير يعزز الجمال، ويتغلغل بسرعة في البشرة، ويعطيها نعومة. رائحته الخفيفة تعطي شعوراً بالراحة والانتعاش، وبمجرد استخدامه يصعب التخلي عنه».