ليبيا: كوبلر يدعو لتشكيل حكومة الوحدة وسط اشتراطات بعدم المساس بالجيش

مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة يسخر من إعلان حكومة الثني إقالته

المبعوث الأممي مارتن كوبلر خلال إلقاء كلمته في مؤتمر عقد بمدينة البيضاء الليبية أمس (أ.ف.ب)
المبعوث الأممي مارتن كوبلر خلال إلقاء كلمته في مؤتمر عقد بمدينة البيضاء الليبية أمس (أ.ف.ب)
TT

ليبيا: كوبلر يدعو لتشكيل حكومة الوحدة وسط اشتراطات بعدم المساس بالجيش

المبعوث الأممي مارتن كوبلر خلال إلقاء كلمته في مؤتمر عقد بمدينة البيضاء الليبية أمس (أ.ف.ب)
المبعوث الأممي مارتن كوبلر خلال إلقاء كلمته في مؤتمر عقد بمدينة البيضاء الليبية أمس (أ.ف.ب)

رغم تأكيد مبعوث الأمم المتحدة الخاص لدى ليبيا مارتن كوبلر، على دعم المنظمة الدولية لاتفاق السلام الذي تم مؤخرا في منتجع الصخيرات بالمغرب، لإنهاء الأزمة السياسية في ليبيا، عبر تشكيل حكومة وحدة وطنية، فإن برلمان طرابلس جدد اعتراضه على هذا الاتفاق، فيما طالب أعيان ومشايخ برقة المبعوث الأممي بالتعهد بعدم المساس بقائد الجيش الفريق خليفة حفتر مقابل تأييدهم للاتفاق.
وبدأ كوبلر أمس برفقة مستشاره الأمني الجنرال الإيطالي باولو سيرا زيارة إلى ليبيا هي الثالثة من نوعها منذ تسلمه مهام منصبه، استهلها بزيارة المنطقة الشرقية حيث التقى رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، وقال: إن الأمم المتحدة لا تتدخل في الشؤون السياسية لأي دولة، نافيا اتهامات لها بالتحيز لطرف على حساب الآخر في ليبيا.
وشدد كوبلر في مؤتمر صحافي عقده بمدينة البيضاء على أهمية تشكيل حكومة وحدة وطنية قريبًا، داعيا قوات الشرطة والجيش للمشاركة في الحكومة التي يترأسها عضو مجلس النواب عن العاصمة طرابلس فائز السراج.
وسعى المبعوث الأممي إلى طمأنة أهالي المنطقة الشرقية عندما أكد على ضرورة المشاركة في إعمار بنغازي وتعويض المتضررين من الإرهاب، حث يخوض الجيش الليبي معارك شبه يومية ضد المتطرفين.
في المقابل اشترط أعيان ومشايخ برقة الذين التقوا كوبلر بمقر مجلس بلدية شحات، تقديم ضمانات بعدم المساس بمؤسسة الجيش وقيادته، مؤكدين دعمهم لمحاربة الإرهاب لقبول اتفاق الصخيرات.
وألقى مشايخ برقة سلسلة كلمات أمام كوبلر تمحورت حول عدم المساس بالجيش الليبي وعدم قبول ما وصفوه بإملاءات المجتمع الدولي لفرض حكومة الوفاق.
وفوجئ كوبلر لدى انتهاء اجتماعه مع رئيس مجلس النواب بمتظاهرين طالبوه بترك الليبيين يقررون مصيرهم بأنفسهم، كما دعوا الأمم المتحدة إلى عدم المساس بقيادة الجيش الليبي.
وقبل ساعات من انتقاله إلى العاصمة طرابلس للقاء نوري أبو سهمين والمؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته، كرر عوض عبد الصادق نائب أبو سهمين ورئيس برلمان طرابلس لحوار الأمم المتحدة، اعتراض البرلمان غير المعترف به دوليا على اتفاق الصخيرات الأخير.
وقال عبد الصادق في رسالة وجهها أمس إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وممثله لدى ليبيا مارتن كوبلر، إن برلمان طرابلس لم يوقع إلى الآن على أي اتفاق، معتبرا أن من وقع من أعضائه في المغرب غير مفوضين بذلك.
وأضاف: «وإنما المفوض هو فريق الحوار المشكل بقرار رسمي وبرئاستي، ولا وجود لأغلبية داخل المؤتمر الوطني موافقة على مسودة الاتفاق مطلقا كما يدعى».
كما حذر من محاولات الأمم المتحدة تشكيل المجلس الأعلى المقترح للدولة الليبية قبل إجراء تعديل دستوري، لافتا إلى أن برلمان طرابلس طرف رئيسي في أي مفاوضات تخص الترتيبات الأمنية لحكومة الوفاق في العاصمة طرابلس.
من جهة أخرى، لمح مندوب ليبيا الدائم لدى الأمم المتحدة السفير إبراهيم الدباشي، لـ«الشرق الأوسط» إلى رفضه لقرار مفاجئ أعلنته أمس الحكومة الانتقالية في ليبيا برئاسة عبد الله الثني وتضمن وقف الدباشي عن العمل بعد اتهامه بتعطيل عمل مؤسسة النفط التابعة للسلطات الشرعية في البلاد.
وقال الدباشي من مقره في نيويورك «لم أتسلم أي شيء بالخصوص. وكل ما أستطيع أن أقوله: إن المادتين 61 و63 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم (2) بشأن تنظيم العمل الدبلوماسي والقنصلي لا تسمحان بهذا الإجراء».
وأضاف في سخرية واضحة أن قرار إقالته بمثابة «تكريم بمناسبة العام الجديد وقرب انتهاء مدة الحكومة».
وكانت وكالة الأنباء الليبية الرسمية قد نقلت عن حاتم العريبي الناطق الرسمي باسم حكومة الثني التي تتخذ من مدينة البيضاء في شرق ليبيا مقرا لها، قوله إن الحكومة المعترف بها دوليا، قررت إيقاف الدباشي عن العمل، لافتا إلى أن القرار جاء إثر كتاب مفصل من الدكتور ناجي المغربي رئيس المؤسسة الوطنية للنفط التابعة للحكومة المؤقتة، يتضمن وقائع تفيد بعرقلة الدباشي لتفعيل عمل المؤسسة الوطنية للنفط التابعة للحكومة.
إلى ذلك، قررت حكومة الثني اعتبار منطقة بنينا منطقةً منكوبة، وطالبت في قرار نشرته عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» من الجهات المختصة، اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة بشكل عاجل وطبقا للتشريعات النافذة.
وتشهد منطقة بنينا والمناطق المجاورة لها، قصفا بقذائف الهاون وغيرها من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة، المتحصنة في عدد من مناطق مدينة بنغازي وضواحيها.
ولقي أمس أحد أفراد القوات الخاصة (الصاعقة) التابعة للجيش الليبي مصرعه بسبب سقوط قذيفة هاون بمحور منطقة الليثي في بنغازي، وفقا لما أعلنه المتحدث الرسمي باسم الصاعقة العقيد ميلود الزوي.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.