«حماس» تحكم قبضتها في غزة... والغموض يخيم على مستقبل وقف إطلاق النار

فلسطينيون يمرون بجانب أنقاض المباني المدمرة وسط وقف إطلاق النار في مدينة غزة (رويترز)
فلسطينيون يمرون بجانب أنقاض المباني المدمرة وسط وقف إطلاق النار في مدينة غزة (رويترز)
TT

«حماس» تحكم قبضتها في غزة... والغموض يخيم على مستقبل وقف إطلاق النار

فلسطينيون يمرون بجانب أنقاض المباني المدمرة وسط وقف إطلاق النار في مدينة غزة (رويترز)
فلسطينيون يمرون بجانب أنقاض المباني المدمرة وسط وقف إطلاق النار في مدينة غزة (رويترز)

أجلت إسرائيل دخول المساعدات إلى غزة وأبقت حدود القطاع مغلقة اليوم الثلاثاء، بينما أحكم مقاتلو حركة «حماس» الذين عادوا للظهور قبضتهم بعدما نفذوا علناً عمليات إعدام، ما ألقى بظلال على آفاق خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنهاء الحرب.

وصرح ثلاثة مسؤولين إسرائيليين بأن إسرائيل قررت تقييد المساعدات إلى قطاع غزة المدمر وتأجيل خطط فتح المعبر الحدودي مع مصر حتى غد الأربعاء على الأقل، لأن «حماس» تباطأت للغاية في تسليم رفات الرهائن الذين لقوا حتفهم. وقالت الجماعة المسلحة إن تحديد مكان الرفات أمر صعب، وفقاً لوكالة «رويترز».

وفي الوقت نفسه استعادت «حماس» سريعاً السيطرة على شوارع المناطق الحضرية في غزة، بعد الانسحاب الجزئي للقوات الإسرائيلية الأسبوع الماضي.

وظهر مقاتلو «حماس»، في أحد مقاطع الفيديو التي تم تداولها في وقت متأخر من أمس الاثنين، وهم يسحبون سبعة رجال إلى داخل دائرة من الناس في مدينة غزة ويجبرونهم على الركوع ثم أطلقوا النار عليهم من الخلف، على مرأى من عشرات الأشخاص.

وأكد مصدر من «حماس» أن الفيديو تم تصويره أمس الاثنين، وأن مقاتلين من الحركة شاركوا في عمليات الإعدام. وتمكنت «رويترز» من تأكيد الموقع من خلال المعالم الجغرافية المرئية.

تأخير في تسليم الرفات

منح ترمب حركة «حماس» ضوءاً أخضر لاستعادة بعض سيطرتها على غزة مؤقتاً على الأقل، أما المسؤولون الإسرائيليون الذين يؤكدون أن أي تسوية نهائية يجب أن تنزع سلاح «حماس» بشكل دائم، فقد امتنعوا حتى الآن عن التعليق علناً على عودة ظهور مقاتلي الحركة.

وتحدث ترمب عن «فجر تاريخي لشرق أوسط جديد» أمام الكنيست الإسرائيلي، أمس الاثنين، في الوقت الذي كانت فيه إسرائيل و«حماس» تتبادلان آخر 20 رهينة إسرائيلياً على قيد الحياة في غزة مقابل ما يقرب من ألفي معتقل وسجين فلسطيني.

لكن حتى الآن لم تسلم «حماس» سوى أربعة توابيت من جثث الرهائن، ليبقى ما لا يقل عن 23 رهينة يُفترض أنهم لقوا حتفهم، ورهينة لم يتضح مصيره بعد في غزة.

ولم يُسمح بعد لشاحنات المساعدات بدخول غزة بالمعدل المتوقع وهو مئات الشاحنات يومياً، ولم تنفَّذ بعد خطط لفتح المعبر بين غزة ومصر للسماح لبعض سكان غزة بالخروج، وهو ما يهدف أولاً لإجلاء الجرحى لتلقي العلاج الطبي.

ممارسة «حماس» لسلطتها مجدداً تسلط الضوء على العقبات

تسلط ممارسة «حماس» لسلطتها من جديد في غزة واستمرار موجات العنف الضوء على وجود عقبات ضخمة أمام الجهود الرامية إلى تحويل خطة ترمب لوقف إطلاق النار إلى حل طويل الأمد للصراع.

وقال سكان في غزة إنهم لاحظوا اليوم الثلاثاء زيادة أعداد المقاتلين وانتشارهم على الطرق التي يستلزم السير عليها لتوصيل المساعدات.

وتقول مصادر أمنية فلسطينية إن عشرات الأشخاص قُتلوا في اشتباكات بين مقاتلي «حماس» وخصوم للحركة في الأيام القليلة الماضية.

ومن ناحية أخرى، قالت سلطات الصحة في القطاع إن خمسة أشخاص قُتلوا في قصف بطائرات مسيّرة في أثناء توجههم لتفقد منازلهم في أحد الأحياء بشرق مدينة غزة، وقُتل شخص وأصيب آخر أيضاً في غارة جوية قرب خان يونس.

واتهمت «حماس» إسرائيل بانتهاك وقف إطلاق النار. وقال الجيش الإسرائيلي إنه أطلق النار على أشخاص اجتازوا خطوط الهدنة واقتربوا من قواته متجاهلين نداءات بأن يعودوا أدراجهم.

وانتهت قمة شارك ترمب في استضافتها بمصر أمس الاثنين دون الإعلان عن أي تقدم يذكر باتجاه تشكيل قوة عسكرية دولية أو حكومة جديدة في غزة.

«حماس» تؤكد سيطرتها

يؤكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو باستمرار أن الحرب لن تنتهي إلا بتخلي «حماس» عن سلاحها وعن إدارة غزة، وهو مطلب رفضته الحركة، ما أدى إلى نسف كل مساعي وقف الحرب السابقة.

لكن ترمب، الذي أعلن انتهاء الحرب، قال، أمس الاثنين، إن الحركة حصلت على ضوء أخضر مؤقت للحفاظ على الأمن والنظام.

وأوضح: «يريدون بالفعل وقف المشاكل، وكانوا منفتحين في هذا الشأن، وأعطيناهم الموافقة لفترة من الوقت».

وأفادت مصادر في «حماس» لـ«رويترز»، اليوم، بأن الحركة لن تتسامح مجدداً مع الإخلال بالنظام في غزة وستستهدف المتواطئين واللصوص المسلحين وتجار المخدرات.

وضعفت قوة الحركة إلى حد كبير بعد عامين من القصف الإسرائيلي العنيف والتوغلات البرية، إلا أنها بدأت تستعيد حضورها تدريجياً مع عودة المقاتلين المتبقين إلى الشوارع منذ سريان وقف إطلاق النار قبل أيام.

ونشرت الحركة، التي تدير غزة منذ عام 2007، مئات العمال للبدء في إزالة الأنقاض من الطرق الرئيسية اللازمة للوصول إلى المساكن المتضررة أو المدمرة وإصلاح أنابيب المياه المكسورة.

المساعدات والرهائن

أنهى وقف إطلاق النار حرباً مدمرة استمرت لعامين في غزة، والتي اندلعت بعد هجوم قادته «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 وتقول إسرائيل إنه أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص واحتجاز 251 رهينة.

ووفقاً للسلطات الصحية المحلية في غزة، أدت الحرب الإسرائيلية على القطاع إلى مقتل نحو 68 ألف شخص، ويُخشى أن يكون هناك آلاف آخرون لقوا حتفهم تحت الأنقاض. وقال الدفاع المدني الفلسطيني في غزة إنه تم انتشال 250 جثة منذ بدء وقف إطلاق النار.

وتحولت مساحات شاسعة من غزة إلى أنقاض، وأفاد مرصد عالمي للجوع، في أغسطس (آب)، بأن المجاعة تحدث في القطاع. وأظهر مقطع فيديو نشرته «رويترز» اليوم أشخاصاً يزيلون الحطام من الشوارع وشاحنة مساعدات تتحرك في سوق يحميها رجال مسلحون يجلسون فوقها.

وأشارت المتحدثة باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، تيس إنغرام، إلى أن مساعدات تصل إلى غزة تضم الخيام والأغطية المشمعة والملابس الشتوية ومستلزمات النظافة الصحية للأسر وغيرها من المواد الضرورية، لكنها تأمل زيادة كبيرة في تدفق المساعدات في وقت لاحق من هذا الأسبوع.


مقالات ذات صلة

«شروق الشمس» الأميركية لإعمار غزة... هل تؤخر الخطة العربية الشاملة؟

تحليل إخباري فلسطيني يمشي وسط أنقاض المباني المدمرة جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

«شروق الشمس» الأميركية لإعمار غزة... هل تؤخر الخطة العربية الشاملة؟

تسريبات أميركية تشير لوجود خطة بشأن إعمار جزء من قطاع غزة، تحمل اسم «شروق الشمس» أعدها فريق يقوده جاريد كوشنر، صهر الرئيس دونالد ترمب

محمد محمود (القاهرة )
العالم العربي طفل فلسطيني يقف أمام منازل محطمة في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

الدفاع المدني في غزة: سقوط 5 قتلى في قصف إسرائيلي على مدرسة

أعلن الدفاع المدني في غزة مقتل 5 فلسطينيين، الجمعة، في قصف إسرائيلي على مدرسة حوّلت إلى ملجأ، في حين قال الجيش إنه أطلق النار على «أفراد مشبوهين».

«الشرق الأوسط» (غزة)
تحليل إخباري تجمُّع فلسطينيين نازحين لتلقي حصص غذائية في مطبخ خيري بخان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «اجتماع ميامي»... لتفادي فجوات المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»

لقاء جديد للوسطاء في مدينة ميامي، بولاية فلوريدا الأميركية، وسط تعثر في الانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

محمد محمود (القاهرة )
المشرق العربي إسرائيليون من حركات يمينية يقفون على تلة تشرف على غزة للمطالبة بإعادة احتلال القطاع (أ.ب)

إسرائيليون يعبرون الحدود إلى غزة مطالبين بإعادة احتلال القطاع

دخل العديد من الإسرائيليين إلى قطاع غزة رغم حظر الجيش، حيث رفعوا العلم الإسرائيلي في مستوطنة سابقة، مطالبين بإعادة احتلال القطاع الفلسطيني المدمر.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الولايات المتحدة​ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يصافح وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بالقدس 23 أكتوبر 2025 (رويترز) play-circle

عقوبات أميركية على قاضيين إضافيين في «الجنائية الدولية»

فرضت الولايات المتحدة عقوبات على قاضيين إضافيين بالمحكمة الجنائية الدولية، في خطوة دعم لإسرائيل، التي يواجه رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو مذكرة توقيف.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

تشييع 6 أشخاص قضوا بقصف إسرائيلي على مدرسة للنازحين في غزة

خلال تشييع جثامين قتلى القصف الإسرائيلي على مركز إيواء للنازحين بغزة (رويترز)
خلال تشييع جثامين قتلى القصف الإسرائيلي على مركز إيواء للنازحين بغزة (رويترز)
TT

تشييع 6 أشخاص قضوا بقصف إسرائيلي على مدرسة للنازحين في غزة

خلال تشييع جثامين قتلى القصف الإسرائيلي على مركز إيواء للنازحين بغزة (رويترز)
خلال تشييع جثامين قتلى القصف الإسرائيلي على مركز إيواء للنازحين بغزة (رويترز)

تجمّع عشرات الأشخاص، السبت، في مدينة غزة لتشييع 6 أشخاص قضوا بالأمس في قصف إسرائيلي على مدرسة تؤوي نازحين، فيما عدته «حماس» «خرقاً واضحاً ومتجدداً لوقف إطلاق النار».

وكان الجيش الإسرائيلي قد قال، مساء الجمعة، ردّاً على استفسارات بشأن هذه الضربة إنه «خلال نشاط عملياتي في منطقة الخط الأصفر شمال قطاع غزة، تم رصد عدد من الأفراد المشبوهين في مراكز قيادة غرب الخط الأصفر»، مشيراً إلى أن قواته أطلقت النار على المشتبه بهم «للقضاء على التهديد».

وهو أقرّ بأنه «على علم بالادعاء المتعلق بوقوع إصابات في المنطقة، والتفاصيل قيد المراجعة»، معرباً عن أسفه «لأي ضرر لحق بالأفراد غير المتورطين»، وهو «يعمل على تخفيف الضرر قدر الإمكان».

خلال تشييع جثامين قتلى القصف الإسرائيلي على مركز إيواء للنازحين في غزة (أ.ب)

أما حركة «حماس»، فوصفت القصف المدفعي على مدرسة تؤوي نازحين في حيّ التفاح شرق مدينة غزة «وما أسفر عنه من استشهاد عددٍ من المواطنين، معظمهم من الأطفال» بأنه «جريمة وحشية تُرتكب بحقّ المدنيين الأبرياء، وخرق فاضح ومتجدّد لاتفاق وقف إطلاق النار».

وأشارت في بيان أصدرته، السبت، إلى أن «الاحتلال لا يكتفي باستهداف المدنيين، بل يُمعن في تعميق الكارثة الإنسانية عبر منع سيارات الإسعاف والطواقم الطبية من الوصول إلى أماكن الاستهداف لإسعاف المصابين، وعرقلة عمليات الإنقاذ».

وطالبت «الوسطاء الضامنين للاتفاق والإدارة الأميركية بالاضطلاع بمسؤولياتهم تجاه هذه الانتهاكات».

السبت، أمام مشرحة مجمّع «الشفاء»، وقف رجل يحمل بين ذراعيه جثّة طفل ملفوفة بكفن أبيض، بحسب صور التقطتها كاميرا «وكالة الصحافة الفرنسية».

وكانت 5 جثث أخرى مكفّنة مصفوفة على الأرض. وأقام رجال صلاة الجنازة قبل دفن الضحايا.

وكان الدفاع المدني في غزة قد أبلغ بدايةً «وكالة الصحافة الفرنسية»، الجمعة، عن «انتشال 5 شهداء جراء القصف الإسرائيلي لمركز إيواء مدرسة شهداء غزة» في حيّ التفاح شرق مدينة غزة.

والسبت، قال الناطق باسمه محمود بصل إن الحصيلة ارتفعت إلى 6 قتلى، في حين ما زال هناك شخصان مفقودان تحت الأنقاض.

فلسطيني يبكي شقيقه البالغ من العمر 5 أشهر الذي قُتل بقصف إسرائيلي أصاب مركز إيواء للنازحين بغزة (أ.ف.ب)

ومن بين الضحايا رضيع في شهره الرابع وفتاة في الرابعة عشرة من العمر وسيّدتان، وفق محمد أبو سلمية مدير مستشفى «الشفاء».

وقال نافذ النادر من أمام المستشفى: «هذه ليست هدنة، بل حمّام دماء نريده أن يتوقّف»، في إشارة إلى وقف إطلاق النار الساري منذ مطلع أكتوبر (تشرين الأول) في غزة بين إسرائيل و«حماس».

وصرّح عبد الله النادر الذي فقد أقرباء له في الغارة الإسرائيلية: «كانت منطقة آمنة، مدرسة آمنة وفجأة بدأوا بإطلاق مقذوفات من دون سابق إنذار، مستهدفين نساءً وأطفالاً ومدنيين».

لا يزال وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في العاشر من أكتوبر، هشّاً مع تبادل الجانبين الاتهامات بانتهاكه.

مقاتلون من «حماس» في غزة (أرشيفية - رويترز)

وبموجب الاتفاق الذي توسطت فيه الولايات المتحدة بين إسرائيل و«حماس» في غزة، انسحبت القوات الإسرائيلية إلى مواقع شرق ما تسميه «الخط الأصفر»، وهو خط غير محدد، داخل القطاع.

والسبت، أعلنت وزارة الصحة التابعة لـ«حماس» في القطاع عن مقتل 401 فلسطيني على الأقلّ بنيران الجيش الإسرائيلي منذ سريان وقف إطلاق النار.

وقضى مذاك 3 جنود إسرائيليين في غزة.


رئيس المخابرات التركية ناقش مع «حماس» المرحلة الثانية من خطة السلام في غزة

عناصر من «كتائب القسام» التابعة لحركة «حماس» في رفح جنوب غزة (أرشيفية - رويترز)
عناصر من «كتائب القسام» التابعة لحركة «حماس» في رفح جنوب غزة (أرشيفية - رويترز)
TT

رئيس المخابرات التركية ناقش مع «حماس» المرحلة الثانية من خطة السلام في غزة

عناصر من «كتائب القسام» التابعة لحركة «حماس» في رفح جنوب غزة (أرشيفية - رويترز)
عناصر من «كتائب القسام» التابعة لحركة «حماس» في رفح جنوب غزة (أرشيفية - رويترز)

ذكرت مصادر أمنية تركية ​أن رئيس جهاز المخابرات التركي إبراهيم كالين التقى اليوم السبت مع رئيس حركة «حماس» في ‌قطاع غزة ‌وكبير ⁠مفاوضيها ​خليل ‌الحية، وناقشا الإجراءات اللازمة للانتقال إلى المرحلة الثانية من خطة السلام في غزة.

مقاتلون من حركة «حماس» في غزة (أرشيفية - رويترز)

وأوضحت المصادر، التي ⁠طلبت عدم الكشف عن ‌هويتها، أن ‍كالين التقى ‍بوفد «حماس» في ‍إسطنبول في إطار اتفاق وقف إطلاق النار في غزة ،وأن الجانبين ​ناقشا الخطوات اللازمة لمنع ما وصفوها ⁠بانتهاكات إسرائيل لوقف إطلاق النار.

وأضافت، دون الخوض في التفاصيل، أنهما بحثا أيضاً الإجراءات اللازمة لحل القضايا العالقة تمهيداً للانتقال إلى المرحلة الثانية من الخطة.


«حزب الله» محشور بـ«حصرية السلاح»... وحواره مع عون يراوح مكانه

كتلة «حزب الله» برئاسة النائب محمد رعد في القصر الجمهوري بعد لقائها الرئيس جوزيف عون في وقت سابق (رئاسة الجمهورية)
كتلة «حزب الله» برئاسة النائب محمد رعد في القصر الجمهوري بعد لقائها الرئيس جوزيف عون في وقت سابق (رئاسة الجمهورية)
TT

«حزب الله» محشور بـ«حصرية السلاح»... وحواره مع عون يراوح مكانه

كتلة «حزب الله» برئاسة النائب محمد رعد في القصر الجمهوري بعد لقائها الرئيس جوزيف عون في وقت سابق (رئاسة الجمهورية)
كتلة «حزب الله» برئاسة النائب محمد رعد في القصر الجمهوري بعد لقائها الرئيس جوزيف عون في وقت سابق (رئاسة الجمهورية)

تبقى الأنظار الدولية واللبنانية مشدودة إلى «حزب الله» لمعرفة مدى استعداده للتجاوب مع الخطة التي أعدّتها قيادة الجيش لاستكمال تطبيق حصرية السلاح، على أن يبدأ ذلك من شمال نهر الليطاني فور الانتهاء من تنفيذ عملية سحب السلاح في منطقة جنوب النهر، وبمواكبة من قيادة قوات الطوارئ الدولية «يونيفيل» ولجنة «الميكانيزم»، التي ستُعاود عقد اجتماعها في السابع من يناير (كانون الثاني) المقبل؛ حيث سيُدرج على جدول أعمالها تقويم مستوى الإنجاز الذي حققته الوحدات العسكرية عبر إحكام سيطرتها على جنوب النهر.

فـ«حزب الله» لا يزال يحتفظ بسلاحه، ولا يستخدمه التزاماً بوقف الأعمال العدائية، وحواره مع رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون يراوح مكانه، وهذا ما ينسحب أيضاً على تواصله بفرنسا ومصر.

وأشار مصدر وزاري إلى أن «حزب الله» يمتنع عن كشف أوراقه، ويصر، عبر تصريح أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، على رفع سقوفه السياسية، متهماً حكومة الرئيس نواف سلّام بارتكاب خطيئة لموافقتها على حصرية السلاح، رغم تأييده بيانها الوزاري الذي نصّ على احتكار الدولة للسلاح، ومشاركته في الحكومة بوزيرين على هذا الأساس.

وكشف المصدر أن القيادة الإيرانية لم تستجب لوساطة فرنسا ومصر بالتدخل لدى «حزب الله» لإقناعه بإعادة النظر في موقفه بتسهيل استكمال حصرية السلاح.

وقال إنه ترتب على موقفها خفض منسوب التواصل، سواء معها أو مع الحزب، الذي لم يتجاوب مع الوساطة التي قام بها مدير المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، والذي اقترح عليه الموافقة على خطة قيادة الجيش لتطبيق حصرية السلاح، بوصفها الممر الإلزامي لبسط سلطة الدولة على أراضيها تنفيذاً للقرار «1701».

قائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل يتفقّد موقع تفجير منشأة «حزب الله» في الجنوب (مديرية التوجيه)

ورأى المصدر أن هناك مبالغة في الحديث عن استمرار التواصل بين الحزب ومصر، مؤكداً أنه أقل من المطلوب في ضوء عدم تجاوب الحزب مع الأفكار التي طرحها اللواء رشاد خلال زيارته إلى بيروت.

وأوضح أن أحمد مهنا، العضو في الفريق الذي يرأسه رئيس كتلة الحزب النائب محمد رعد، والمكلّف بالحوار مع رئيس الجمهورية ميشال عون، التقى مسؤول الأمن في السفارة المصرية على هامش زيارة رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي إلى بيروت.

وأكد أن اللقاء لم يدم طويلاً؛ نظراً لأن الحزب لم يبدل موقفه تجاوباً مع إصرار الحكومة على حصرية السلاح وعدم العودة عن قرارها في هذا الخصوص.

وقال إن مهنا هو مَن يتواصل مع العميد رحال، الذي يلتقي عند الضرورة برعد، وإن كان الحوار بدا متقطعاً في الآونة الأخيرة، لأن الحزب يمتنع عن كشف أوراقه، وأن ما يُنقل إلى رحال يبقى محصوراً بمواقفه العلنية التي اعتاد قاسم طرحها، ما يعني، من وجهة نظر رسمية، أن الحزب يرفض التقاط الفرص للانخراط في مشروع الدولة بتخليه عن سلاحه.

الرئيس اللبناني جوزيف عون لدى اجتماعه برئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي في قصر بعبدا أمس (الرئاسة اللبنانية)

وكشف أن رشاد موجود حالياً، وبتكليف من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في واشنطن لحث الإدارة الأميركية على الضغط على إسرائيل، ومنعها من توسعة الحرب وإلزامها بوقف الأعمال العدائية.

وأكد أن تواصل عون مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري مستمر، ويكاد يكون تعويضاً عن المراوحة التي طغت على حواره بالحزب. علماً بأن العميد رحال مكلف بتكثيف تواصله مع بري، ليس لأنه يحمل تفويضاً من «حزب الله» الذي كان وراء التوصل، مع الموفدين الأميركيين، إلى اتفاق لوقف النار برعاية واشنطن وباريس فحسب، بل لأنه الأقدر على استيعاب موقف الحزب وضبط أدائه، وقيادة عملية احتضانه التسوية من أجل إعادة الاستقرار إلى الجنوب. كما أنه يلتقي الموفدين الدوليين والعرب إلى لبنان، على عكس الحزب الذي لم يعد له حليف سوى إيران، واضعاً كل أوراقه في سلتها.

وفي هذا السياق، قال مصدر سياسي إن على قيادة «حزب الله» أن تُدرك جيداً أن هدر الوقت ليس لمصلحتها، ولم يعد أمامها أي خيار سوى الانخراط في مشروع الدولة، مشروطاً بتسليم السلاح، لأنها لا تملك، على الأقل في المدى المنظور، القدرة على استخدامه.

وتساءل المصدر: ما الجدوى من إيداع السلاح بعهدة طهران لاستخدامه لإعادة الاعتبار لمفاوضاتها مع واشنطن، كونها وحدها القادرة على تقديم الثمن لها، في مقابل تسليمها السلاح لأنها صاحبة الحق فيه وأمنت وصوله للحزب؟

وأكّد المصدر أن لدى أصدقاء لبنان قناعة راسخة بامتناع الحزب عن التجاوب مع الوساطات؛ لأنه ماضٍ في وضع سلاحه بخدمة إيران ليكون في وسعها تحسين شروطها في حال أبدت واشنطن استعدادها لمعاودة المفاوضات. وقال إن موقفها يؤدي حتماً إلى حشر الدولة، ويزيد من الإرباك الذي تتخبط فيه قيادة الحزب، ولا تأخذ بالنصائح لإنزالها من أعلى الشجرة.

ومع أن المصدر لم يستبعد مجيء وزير خارجية إيران عباس عراقجي إلى بيروت، فإنه يؤكد أن لقاءاته لن تُقدّم أو تؤخر، وأنه لا مجال أمامه للإمساك بالورقة اللبنانية لتسييلها، بالمفهوم السياسي للكلمة، لفتح ثغرة في الحائط المسدود الذي يقف عائقاً أمام استئناف مفاوضاتها مع واشنطن.

وعليه، يقف لبنان حالياً على مشارف حسم موقفه بإعداد جدول زمني لاستكمال حصرية السلاح، في ضوء فترة السماح التي أُعطيت له من قبل الدول التي شاركت في الاجتماع التحضيري الذي رعته باريس لانعقاد المؤتمر الدولي لدعم الجيش في فبراير (شباط) المقبل.

الدخان يتصاعد بعد غارات إسرائيلية استهدفت جنوب لبنان هذا الأسبوع (أ.ف.ب)