مصدر مصري: المرحلة الأولى من «اتفاق غزة» قد تحسم قبل الجمعة

قال لـ«الشرق الأوسط» إن مفاوضات شرم الشيخ تشهد «أجواء إيجابية»

TT

مصدر مصري: المرحلة الأولى من «اتفاق غزة» قد تحسم قبل الجمعة

فلسطينيون يسيرون حاملين أكياساً من المساعدات الإنسانية في النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون حاملين أكياساً من المساعدات الإنسانية في النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

أكد مصدر مصري مطلع أن إنجاز المرحلة الأولى من اتفاق خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشأن غزة قد يحسم قبل الجمعة المقبل، حال استمرت الأجواء الإيجابية التي تشهدها مفاوضات شرم الشيخ المصرية حالياً.

وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط» إن الأمور يحكمها التقدم الجاري في مفاوضات شرم الشيخ، وقد تطول عدة أيام، حال واجهتها عقبات بددت الأجواء الإيجابية الحالية، وأضاف: «لكن يمكن القول إن جدول الأعمال تم التوافق عليه بشأن تبادل الأسرى والمحتجزين، وجار الاتفاق على مراجعة خرائط الانسحابات من مدينة غزة وخان يونس ودير البلح على أن تمتد لمناطق أخرى».

ونبه إلى أن «حماس» تضغط في ملف الأسرى لتحقيق مكسب داخلي بالإفراج عن قيادات النخبة أو الرموز الكبار عبد الله البرغوثي ومروان البرغوثي وحسن سلامة، مشيراً إلى أنه من المبكر القول إنه قد يحدث تجاوب معها بشأن هذين الملفين، في ظل ضغط أميركي متواصل من ترمب سيتكرر وسيرى في إحاطات مستمرة بشأن المفاوضات ونتائجها.

ويرجح المصدر المصري ذاته أن يكون «الاتفاق الأولي الخميس أو الجمعة المقبلين، ويعلنه ترمب، وحال وجود عقبات قد يمتد الحسم إلى الأحد المقبل على أقصى تقدير».

وأوضح أن «العقبة الرئيسية الحالية استمرار العملية العسكرية، و(حماس) تناقش اللوجستيات المطلوب توافرها وتضغط لأخذ وقت وإطار زمني يمكنها من الإيفاء بتسليم الرهائن، سواء برفع الحواجز والانسحابات ووقف التحليق أو الحصول على أسرى من فصائل أخرى».

ويتوقع المصدر أن تمضي المرحلة الأولى باتفاق لن يتجاوز بأي حال أسبوعاً مع احتمال أن يعلن الجمعة أو قبلها، مرجحاً أن تشهد المراحل التالية الخاصة بالقضايا الأكثر تعقيداً كسلاح «حماس» مزيداً من الجهد والضغط الأميركي للوصول لتوافقات أو حلول وسط.

امرأة فلسطينية وأطفالها يهرعون بعيداً عن موقع غارات جوية إسرائيلية على مبنى من ستة طوابق غرب جباليا (أ.ف.ب)

في سياق متصل، قال متحدث وزارة الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، في مؤتمر صحافي بالدوحة، الثلاثاء، إن مفاوضات شرم الشيخ شهدت «محادثات دقيقة امتدت إلى 4 ساعات»، وننتظر المخرجات «الأيام المقبلة». وأضاف: «هناك وفد قطري موجود بالمفاوضات يعمل عن قرب في شرم الشيخ للتوصل لاتفاق ممتد لما بعد المرحلة الأولى، وتركيزنا الوصول لخطة عملية لا تكون بها عقبات تتخذها إسرائيل فرصة لعودة عدوانها».

وأفادت قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، الثلاثاء، باستمرار مفاوضات جولة المفاوضات غير المباشرة بين حركة «حماس» وإسرائيل في مدينة شرم الشيخ المصرية، لليوم الثاني، لافتة إلى أن «الأجواء السائدة في المشاورات (التي بدأت الاثنين) تتسم بالإيجابية حتى الآن».

وتتركز اللقاءات على وضع آليات وتفاصيل تطبيق المرحلة الأولى من ترمب، التي تشمل ثلاثة محاور رئيسية؛ أولها تحديد آليات الإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين مقابل إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين، ثم بحث ترتيبات التهدئة وانسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة، ثم ضمان تدفق المساعدات الإنسانية الكافية لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني في القطاع.

والاثنين، انطلقت في مصر مشاورات غير مباشرة بشأن تنفيذ «خطة ترمب» لإحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط، بحضور وفدين من إسرائيل وحركة «حماس»، لبحث ترتيبات تبادل الأسرى، ووقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، أعلن ترمب خطة تتألف من 20 بنداً، بينها الإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين في غزة، ووقف إطلاق النار، ونزع سلاح «حماس».


مقالات ذات صلة

إسرائيل تهدم مبنى سكنياً في القدس الشرقية... وتهجّر عشرات الفلسطينيين

المشرق العربي الآليات الإسرائيلية تقوم بهدم المبنى السكني في القدس الشرقية (رويترز)

إسرائيل تهدم مبنى سكنياً في القدس الشرقية... وتهجّر عشرات الفلسطينيين

شرعت آليات إسرائيلية، الاثنين، في هدم مبنى من 4 طوابق في القدس الشرقية يقطنه أكثر من 100 فلسطيني بحجة البناء دون ترخيص، في خطوة اعتبرها سكان «مأساة».

«الشرق الأوسط» (القدس)
المشرق العربي وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر (د.ب.أ)

ساعر: «حماس» تحاول ترسيخ سيطرتها على غزة... ولن نقبل ذلك

قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، اليوم (الأحد)، إن حركة «حماس» الفلسطينية لا تعمل على نزع سلاحها.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي صورة لمستوطنة إسرائيلية بشرق مدينة نابلس في الضفة الغربية (أ.ف.ب) play-circle

إسرائيل تقر إقامة 19 مستوطنة جديدة في الضفة

وافق المجلس الأمني في إسرائيل، الأحد، على إقامة 19 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية، في خطوة قال وزير المال اليميني المتطرف إنها تهدف إلى منع إقامة دولة فلسطينية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي جنود إسرائيليون خلال عملية عسكرية في الضفة الغربية (أ.ف.ب)

مقتل فلسطينيين برصاص الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة

أعلن الجيش الإسرائيلي السبت أنه قتل فلسطينيين اثنين في شمال الضفة الغربية المحتلة، قائلا إن أحدهما ألقى حجرا والآخر "مادة متفجرة" باتجاه الجنود.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
تحليل إخباري فلسطيني يمشي وسط أنقاض المباني المدمرة جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «شروق الشمس» الأميركية لإعمار غزة... هل تؤخر الخطة العربية الشاملة؟

تسريبات أميركية تشير لوجود خطة بشأن إعمار جزء من قطاع غزة، تحمل اسم «شروق الشمس» أعدها فريق يقوده جاريد كوشنر، صهر الرئيس دونالد ترمب

محمد محمود (القاهرة )

ليبيا: «مفوضية الانتخابات» تعتمد نتائج «مجالس بلدية»

مركز العد والإحصاء بمفوضية الانتخابات (مكتب المفوضية)
مركز العد والإحصاء بمفوضية الانتخابات (مكتب المفوضية)
TT

ليبيا: «مفوضية الانتخابات» تعتمد نتائج «مجالس بلدية»

مركز العد والإحصاء بمفوضية الانتخابات (مكتب المفوضية)
مركز العد والإحصاء بمفوضية الانتخابات (مكتب المفوضية)

أعلنت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا اعتماد نتائج المرحلة الثالثة من انتخابات المجالس البلدية، التي شملت 9 بلديات، كما ألغت نتائج بعضها بعد ثبوت «خروقات ومخالفات».

وقالت المفوضية في بيانين منفصلين، الثلاثاء، إنها اعتمدت نتائج 9 بلديات يقع معظمها في شرق البلاد (طبرق، وقصر الجدي، وبنغازي، وتوكرة، وقمينس، وسلوق، والأبيار)، بينما تقع «سرت» في الوسط، و«سبها» في الجنوب الغربي، وهي مناطق تخضع فعلياً لسيطرة «الجيش الوطني»، بقيادة المشير خليفة حفتر، وحكومة أسامة حماد.

وأوضحت المفوضية أن هذا القرار جاء بعد استكمال مركز العد والإحصاء إدخال استمارات النتائج كافة، الواردة من مكاتب الإدارة الانتخابية، وفق أعلى معايير الشفافية والدقة، وبعد فصل المحاكم الجزئية في الأحكام المتعلقة بالطعون الانتخابية.

كما قررت المفوضية إلغاء النتائج في 4 مراكز اقتراع ببلدية سرت، ومركز اقتراع واحد ببلدية الأبيار، استناداً إلى المادة (34) من اللائحة التنفيذية، بعد ثبوت خروقات ومخالفات في تلك المحطات؛ مؤكدة أن هذا الإجراء يستهدف حماية إرادة الناخبين، وضمان الشفافية وتكافؤ الفرص، مع بقاء نتائج المحطات الأخرى سارية.

في شأن مختلف، أعلنت وزارة العدل بحكومة «الوحدة» المؤقتة أنها بصدد دراسة إغلاق ودمج بعض السجون، في إطار حرصها على متابعة ملف حقوق الإنسان، وترسيخ مبدأ سيادة القانون، ووفقاً لما نصَّ عليه القانون الخاص بمؤسسات الإصلاح والتأهيل.

وأكدت الوزارة في بيان مقتضب، مساء الاثنين، أن هذه الخطوة تأتي ضمن مراجعة أوضاع السجون، وتحسين آليات العمل، بها بما ينسجم مع التشريعات النافذة.

من حملة الانتخابات البلدية (المفوضية)

وعدَّت «المؤسسة الليبية لحقوق الإنسان»، في بيان الثلاثاء، أن هذا البيان «لا يعدو كونه شكلياً». وقالت: «إن المؤسسات الحقوقية تُمنع من إجراء زيارات دورية تفقدية إلى السجون».

وتواجه أوضاع السجون في ليبيا تحديات كبيرة، مثل الاكتظاظ، والانتهاكات الموثقة دولياً، مع سيطرة لوزارة العدل على مرافق عدة تتجاوز 20 سجناً رسمياً وشبه رسمي، إضافة إلى مراكز احتجاز غير رسمية. وتعكس هذه الخطوة استجابة حكومة «الوحدة» للضغوط الدولية، وتتقاطع مع ما ورد في إحاطة المبعوثة الأممية، هانا تيتيه، أمام مجلس الأمن الدولي مؤخراً، التي شدَّدت فيها على أن إصلاح قطاع العدالة ومعالجة الاحتجاز التعسفي يمثلان ركيزتين أساسيَّتين لبناء الثقة والاستقرار.

في غضون ذلك، أعلنت «قوة حماية طرابلس»، أحد التشكيلات المسلحة البارزة في العاصمة، دعمها الكامل لـ«الحراك الشعبي»، الذي انطلق من مدينة مصراتة، ووصفته بـ«الانتفاضة ضد السنين العجاف من الفساد المستشري والمحسوبية والظلم». وحذَّرت «القوة» من أي محاولات لقمع الانتفاضة، مؤكدة أنها ستكون «السد المنيع» لحماية إرادة الشعب.

وتعدّ «قوة حماية طرابلس» تحالفاً مسلحاً تَشكَّل نهاية عام 2018، ورغم غيابها النسبي عن المشهد مؤخراً، فإنها تسعى عبر هذا البيان لإعادة التموضع، وتنشيط دورها في التوازنات الأمنية بالعاصمة.

صورة وزَّعها مجلس النواب لاجتماع لجنته التشريعية لبحث زيادة رواتب «الجيش الوطني» بشرق ليبيا

وفي شأن يتعلق بالمؤسسة العسكرية، ناقشت اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس النواب، في اجتماع بمدينة بنغازي، مشروع قانون زيادة رواتب منتسبي «الجيش الوطني» لدعم المؤسسة العسكرية وتحسين أوضاع أفرادها.

وطبقاً لوسائل إعلام محلية، أحال رئيس المجلس، عقيلة صالح، مشروع قانون تعديل مرتبات وعلاوات منتسبي الجيش إلى اللجان المالية والتشريعية والتخطيط؛ لإدراجه بجدول الأعمال في أقرب جلسة نظراً لأهميته.


استقالة الأمين العام لـ«اتحاد الشغل التونسي» قبل إضراب مرتقب

نور الدين الطبوبي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (إ.ب.أ)
نور الدين الطبوبي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (إ.ب.أ)
TT

استقالة الأمين العام لـ«اتحاد الشغل التونسي» قبل إضراب مرتقب

نور الدين الطبوبي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (إ.ب.أ)
نور الدين الطبوبي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (إ.ب.أ)

قالت مصادر نقابية تونسية إن نور الدين الطبوبي، الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، ​الذي يحظى بنفوذ كبير في البلاد، قدَّم استقالته، اليوم (الثلاثاء)، وذلك قبل شهر من الإضراب المرتقب على مستوى البلاد؛ بسبب حملة الرئيس قيس سعيد المتصاعدة ضد المعارضة، بحسب ما أورده تقرير لوكالة «رويترز» للأنباء.

وقال الأمين العام المساعد والناطق الرسمي باسم الاتحاد، سامي الطاهري، في تصريح صحافي، إنّ الطبوبي أودع صباح اليوم (الثلاثاء) استقالته بمكتب الضبط، وقد تسلّمها الأمين العام المساعد المكلّف النظام الداخلي، دون أن يقدِّم تفاصيل بشأن دوافع هذه الخطوة.

وبيَّن الطاهري أنّ الاستقالة لا تُفعَّل بشكل فوري، لأن القانون الداخلي للاتحاد ينصُّ على دعوة المعني بالأمر خلال 15 يوماً للاستفسار عن أسباب استقالته، ومحاولة ثنيه عنها، ثم تصبح نافذةً في حال تمسّكه بها.

وأشار إلى أنّ لقاءات عدة ستعقد خلال الأيام القليلة المقبلة داخل الهياكل النقابية لتدارس الخطوات، التي سيتم اتخاذها تباعاً، في ظلّ التطورات الأخيرة.

وكان الصحافي المختص في الشؤون النقابية، سفيان الأسود، قد أكّد أنّ «استقالة الطبوبي أصبحت رسمية باعتبار أنّه قدّمها لمكتب الضبط المركزي، وهي في انتظار أن تأخذ المجرى القانوني، وتفعيلها بالقبول أو بالرفض»، وفق تعبيره.

وأوضح الأسود، في تدوينة نشرها على حسابه الرسمي بموقع «فيسبوك»، أن استقالة الطبوبي تطور لافت في مسار الأزمة التي يعيشها الاتحاد منذ انعقاد المجلس الوطني الأخير بالمنستير. وختم الأسود تدوينته بالتنبيه إلى أن هذه الخطوة مرشحة لتعقيد الوضع أكثر داخل المنظمة، وقد تسهم في تعميق الخلافات والانقسامات داخل هياكلها القيادية.

يشار إلى أنّ الطبوبي كان قد هدَّد بتقديم استقالته منذ مدّة، وأيضاً بعد الاجتماع الأخير للهيئة الإدارية الوطنية. وقد يؤدي رحيل الطبوبي إلى إضعاف الاتحاد العام التونسي للشغل، الذي ‌يُنظر إليه ‌على نطاق واسع ‌على ⁠أنه ​آخر معقل ‌قوي للمجتمع المدني الديمقراطي في تونس. ولم يصدر «الاتحاد» أي تعليق فوري بعد على ما تردد عن رحيل الطبوبي.

وكان الاتحاد العام التونسي للشغل، الذي يضم مليون عضو ولعب دوراً رئيسياً ⁠في الانتقال الديمقراطي في تونس بعد عام ‌2011، ينتقد ما يعدّه تحولاً متسارعاً للرئيس قيس سعيد نحو الحكم المتفرد. وقد دعا قبل أيام إلى إضراب في أنحاء البلاد في 21 يناير (كانون الثاني) المقبل، احتجاجاً على حملة الرئيس المتصاعدة ضد منتقديه، والمطالبة بالتفاوض على الأجور. ويقول منتقدو ⁠الرئيس سعيد إن الاعتقالات، التي طالت قادة المعارضة وجماعات المجتمع المدني والصحافيين تؤكد التحول الذي اتخذه الرئيس منذ توليه سلطات استثنائية في 2021 ليحكم بمرسوم. في حين يقول الرئيس سعيد إنه تولى صلاحيات أوسع للقضاء على الفساد المستشري وسوء الإدارة. لكن المعارضة تصف قراراته بأنها «انقلاب». وأدى التضخم المرتفع، ونقص بعض السلع الأساسية، وسوء الخدمات العامة إلى تأجيج الاستياء، ‌واندلاع موجة من الاحتجاجات في الشوارع.


الجزائر: مسؤول يهوّن من المخاوف بشأن «إسقاط الجنسية» عن المعارضين

وزير العدل (وسط) مع البرلماني صاحب مقترح تعديل قانون الجنسية (البرلمان)
وزير العدل (وسط) مع البرلماني صاحب مقترح تعديل قانون الجنسية (البرلمان)
TT

الجزائر: مسؤول يهوّن من المخاوف بشأن «إسقاط الجنسية» عن المعارضين

وزير العدل (وسط) مع البرلماني صاحب مقترح تعديل قانون الجنسية (البرلمان)
وزير العدل (وسط) مع البرلماني صاحب مقترح تعديل قانون الجنسية (البرلمان)

تزامناً مع إعلان البرلمان الجزائري تنظيم جلسة تصويت، الأربعاء، على نصّين يثيران جدلاً واسعاً، يتعلقان بـ«تجريم الاستعمار» و«سحب الجنسية من المعارضين»، هوَّن مسؤول حكومي رفيع من المخاوف المرتبطة بالنص الثاني، مؤكداً أنه «لا يستهدف أصحاب الرأي المخالف»، بل أولئك الذين «تثبت بحقهم تهمة الخيانة العظمى».

وإذا كان الجدل الدائر بشأن مقترح قانون تجريم الاستعمار الفرنسي في الجزائر (1830 - 1962) يثير حفيظة قطاع من الطيف السياسي الفرنسي، لا سيما اليمين التقليدي، فإن هناك إجماعاً واسعاً في الجزائر على تسريع وتيرة إصداره، ونشره في الجريدة الرسمية، في خطوة مرتبطة بالتوترات القائمة مع باريس، التي كانت اندلعت صيف عام 2024 على خلفية اعترافها بسيادة المغرب على الصحراء. وقد شهدت هذه التوترات مع مرور الوقت تصعيداً خطيراً، ظل ملف الاستعمار وما تُعرف بـ«آلام الذاكرة» في صلبه.

البرلمان الجزائري (البرلمان)

وعشية اجتماع مكتب «المجلس الشعبي الوطني» لضبط أجندة التصويت على المقترحَين، سعى وزير العدل، لطفي بوجمعة، في تصريحات أمام النواب، إلى التخفيف من المخاوف المرتبطة بنص تعديل قانون الجنسية الذي تقدم به هشام صيفر، النائب عن حزب «التجمع الوطني الديمقراطي» المؤيد لسياسات السلطة التنفيذية، حيث شدد على أن «المعارضين أصحاب الرأي المخالف للحكومة الذين يوجدون في الخارج، غير معنيين بإجراءات التجريد من الجنسية» المتضمنة في النص الذي يحظى بتأييد غالبية الكتل البرلمانية.

وقال الوزير إن النص، الذي أثار كثيراً من الانتقادات، «يتضمن ضمانات صارمة تهدف إلى تأطير إجراءات إسقاط الجنسية، من خلال تحديد الحالات التي يمكن فيها تطبيق هذا الإجراء بشكل واضح ودقيق». مؤكداً أن التعديلات المقترحة «تنص على تعزيز الإطار القانوني، إذ تشترط توفر أدلة ملموسة ومعطيات ثابتة تثبت ارتكاب أفعال خطيرة».

كما تتناول، وفق قوله، استحداث «لجنة مختصة»، تتولى دراسة ملفات سحب الجنسية «بطريقة موضوعية ومحايدة»، من دون أن يذكر هوية الأشخاص الذين ستُسند إليهم عضوية هذه «اللجنة». وأوضح الوزير أيضاً أن مقترح تعديل القانون يتضمن تدابير «تتيح للشخص الذي أُسقطت عنه جنسيته إمكانية استرجاعها في ظل شروط معينة، بما يمنحه فرصة ثانية قبل أن يصبح القرار نهائياً».

«نظام إنذار» يسبق إسقاط الجنسية

من جانبه، صرَح النائب هشام صيفر بأن المقترح الذي تقدم به «يحترم بدقة (المادة 36) من الدستور، ولا يتعارض مع القانون الدولي». وتفيد المادة الدستورية بأن «شروط اكتساب الجنسية الجزائرية، والاحتفاظ بها، وفقدانها أو سحبها، تُحدَّد بمقتضى القانون».

ووفق صيفر فإنه لا تطبق إجراءات التجريد من الجنسية «إلا على المواطنين الجزائريين الذين تتوفر بحقهم أدلة قوية ومتماسكة تثبت ارتكابهم خارج التراب الوطني أفعالاً خطيرة محددة قانوناً، واستمرارهم في ارتكابها رغم توجيه إنذار رسمي من قبل الحكومة». وأشار إلى أن النص يشمل «نظام إنذار، وهو آلية تتيح للشخص المعني التراجع عن أفعاله، قبل اتخاذ قرار إسقاط الجنسية؛ مما يشكل ضمانة إضافية لتحقيق العدالة»، وفق تصريحات البرلماني، الذي لفت إلى إدراج شرط في النص يقضي بعدم جواز إسقاط الجنسية الأصلية عن أي شخص لا يحمل جنسية أخرى؛ تفادياً لحالات انعدام الجنسية، مع استثناءات محددة تتعلق بالجرائم الخطيرة، مثل الخيانة والتجسس لمصلحة دولة أجنبية، أو حمل السلاح ضد الجزائر.

رئيس «ماك» فرحات مهني مستهدَف بخطوة سحب الجنسية الجزائرية (ناشطون)

ويتضمن المقترح كذلك إنشاء لجنة خاصة تتكفل الدراسة والبت في ملفات إسقاط الجنسية، على أن يحدَّد تنظيمها، وتشكيلها، وكيفيات عملها، بموجب نص تنظيمي.

وبشأن الآثار المترتبة على الأقارب، فإن إجراء إسقاط الجنسية لا يشمل الزوج ولا الزوجة ولا الأطفال القُصّر. كما يمكن للأطفال المولودين بعد صدور قرار إسقاط الجنسية اكتساب الجنسية الجزائرية تلقائياً عن طريق الأم.

وطُرحت فكرة إسقاط الجنسية أول مرة في مارس (آذار) 2025، بمناسبة هجوم حاد من الرئيس عبد المجيد تبون ضد الكاتب الفرنسي - الجزائري بوعلام صنصال، بسبب تصريحات صحافية، زعم فيها أن «أجزاء واسعة من الغرب الجزائري اجتزأها الاستعمار الفرنسي من المغرب». وجره هذا الكلام إلى المتابعة القضائية، حيث أدانه القضاء بالسجن 7 سنوات مع التنفيذ، لكن أُفرج عنه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بموجب إجراءات عفو رئاسي بناء على التماس من الرئيس الألماني فرنك فالتر شتاينماير.

الكاتب بوعلام صنصال (حسابات ناشطين متعاطفين معه)

وظلت الفكرة مجرّد اقتراح ذي طابع سياسي تقدّم به النائب صيفر، لكنها عادت بقوة خلال الأيام الأخيرة على خلفية إعلان انفصاليي القبائل الجزائرية من باريس قيام «دولة مستقلة». ويُعتقد أن النص الجديد قد يُطبق ضد عدد كبير منهم، على رأسهم زعيم «حركة تقرير مصير القبائل (ماك)» فرحات مهني.

«أداة للتكميم»

أكدت منظمة «شعاع لحقوق الإنسان»، المهتمة بالأوضاع الحقوقية في الجزائر التي يوجد مقرها في لندن، في بيان، أن التعديل المقترح لقانون الجنسية، «يفتح الباب أمام المساس بحق الجزائريين في جنسيتهم الأصلية، استناداً إلى مفاهيم فضفاضة، من قبيل المسّ بمصالح الدولة أو بالوحدة الوطنية؛ مما يشكل تهديداً مباشراً لحقوق المواطنة، ويكرّس في الوقت ذاته مساراً تشريعياً خطيراً، من شأنه تحويل التجريد من الجنسية إلى أداة لتكميم الأفواه ومعاقبة الرأي المخالف، بدل أن يظل إجراء استثنائياً محكوماً بضوابط صارمة تحمي الحقوق والحريات».

ووفق البيان، «يحوّل المسعى الجنسية من حق أصيل وملازم للشخص، إلى وسيلة ضغط وابتزاز سياسي مشروطة بالولاء للسلطة لا بالانتماء للوطن»، لافتاً إلى أن «تركيز النص على الأفعال المرتكبة خارج التراب الوطني يكشف عن استهداف خاص للجزائريين المقيمين في الخارج، الذين يشكّلون اليوم الفئة الأكثر ممارسة لحقها في انتقاد السلطة، بحكم وجودهم خارج سطوة الاعتقال والسجن، رغم ما يواجهه العديد منهم من متابعات قضائية، وأحكام غيابية قاسية».