«شاعر الروبابيكيا»... الكراكيب تتحوّل إلى موالٍ شعبي يجذب الشارع المصري

سجوع وقفشات كوميدية تُعيد إحياء نداءات التراث وتُثير جدلاً بين الإبداع والإزعاج

تاجر «الروبابيكيا» عصام خضر متمسّك بنداءات المهنة التقليدية (الشرق الأوسط)
تاجر «الروبابيكيا» عصام خضر متمسّك بنداءات المهنة التقليدية (الشرق الأوسط)
TT

«شاعر الروبابيكيا»... الكراكيب تتحوّل إلى موالٍ شعبي يجذب الشارع المصري

تاجر «الروبابيكيا» عصام خضر متمسّك بنداءات المهنة التقليدية (الشرق الأوسط)
تاجر «الروبابيكيا» عصام خضر متمسّك بنداءات المهنة التقليدية (الشرق الأوسط)

«روبابيكيا» تعني بالإيطالية الملابس القديمة، فـ«روبا» معناها ملابس و«بيكيا» تعني القديم، لتدل الكلمة على تجارة الأشياء المستعملة التي تُعرف في مصر بـ«الكراكيب».

«أغيب أغيب وأرجع ألم الكراكيب»، إذا كنتَ في الإسكندرية (شمال مصر)، فسيتسلّل إلى أذنيك ذلك النداء الفكاهي المسجوع من أعماق الشارع، يردّده تاجر معروف لـ«الروبابيكيا»، نال شهرته مؤخراً على منصات التواصل الاجتماعي في البلاد، وأثار تفاعلاً واسعاً لطريقته غير التقليدية في جذب الزبائن.

«ياللي عندِك الكركبة بشتري من المعلقة لحد المرتبة»، «ليكي العمر الطويل... أشتري الدولاب والسرير»: «بشتري الرخام والأهم حسن الختام»، «ياللي عندك النحاس والألمونيا ما تشيليش هم الدنيا»، «قلت الله المستعان اشتري التلاجة والسخان»، «لكل راجل وست اشتري السجاد والموكيت»؛ عبر هذه النداءات التي تحمل إيقاعاً متوازناً وسجعاً وقوافيَ، يروّج المصري حسام أشرف، أو «شاعر الروبابيكيا»، لنفسه محاولاً جذب الزبائن (لا سيما ربات البيوت) لشراء ما لديهم من مقتنيات وأنتيكات قديمة.

«روبابيكيا» تعني بالإيطالية الملابس القديمة، فـ«روبا» معناها ملابس و«بيكيا» تعني القديم، لتدل الكلمة على تجارة الأشياء المستعملة، التي تُعرف في مصر بـ«الكراكيب».

منذ عقود، تشتهر المهنة في القاهرة والمحافظات عبر نداء شهير لا تخطئه الأذن: «أي حاجة قديمة للبيع»، يردّده مَن يمتهنونها وهم يجوبون الشوارع والأحياء، سواء الشعبية أو الراقية. كما لا تُخطئ الأعين هيئتهم، إذ يتجوّلون بسيارة «ربع نقل»، أو «تروسيكل»، أو «عربة كارو»، أو يدفعون عربة خشبية بسيطة يتناغم صريرها مع نداءاتهم، التي لا تخرج عن: «روبابيكيااااا» التي تصدر بألحان متنوّعة، أو «بيكيا... بيكيا»، و«حديد قديم للبيع... ألومنيوم قديم للبيع».

وفيما توارى تجّار «الروبابيكيا» وجامعوها قليلاً خلال السنوات الماضية أمام المواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي المخصَّصة لمبادلة المقتنيات والأنتيكات، أعاد «شاعر الروبابيكيا» الأنظار إلى مهنته مجدّداً، إذ تداولت كلماته على نطاق واسع بين مستخدمي المنصات، الذين حوّلوا بدورهم عباراته إلى أغنيات أو ردّدوها على ألسنة شخصيات شهيرة سياسية وفنّية عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي.

تجّار «الروبابيكيا» يجوبون الشوارع والأحياء مُردّدين نداءات متنوّعة (الشرق الأوسط)

وبينما اختلف المستخدمون بين عدِّه مبدعاً في عمله أو مُسبباً لإزعاج الآخرين، ظهر «شاعر الروبابيكيا” في مقاطع فيديو أخرى موضحاً أنه يُمثّل «الجيل الجديد» من تجّار البضائع المستعملة، ومُواصلاً قافيته: «أخوك مؤلف وأديب... وأحسن من يشتري الكراكيب».

يمتدّ إبداع الجيل الجديد من تجّار «الروبابيكيا» إلى اختيار ثيمة الإيقاع والتكرار، والاعتماد في النداء على سجوع منتظمة وسريعة؛ إذ يدمج ما يروّج له في جملة واحدة متصلة من دون انقطاع. فنسمعه يردّد: «تلاجة قديمة... غسالة قديمة... كتب قديمة... جرائد قديمة للبيع»، إذ يرتكز نداؤه على كلمة «قديمة»، مع لحن متغيّر في نطقها وتعمُّد إطالتها في نهاية النداء، مما يخلق التأثير الصوتي المطلوب، ويكسر رتابة التكرار، ويجذب الانتباه وسط ضوضاء الشارع.

من الجيل الجديد إلى القديم، لا يزال الخمسيني عصام خضر يحافظ على تقاليد مهنة «الروبابيكيا» في الهيئة والأسلوب، فيتجوّل بعربة كارو بسيطة في محافظة المنوفية (دلتا مصر)، بينما يصدر من ميكروفونه القديم، الذي يشبه بضاعته، عبارات قصيرة بإيقاع هادئ: «بشتري أي حاجة قديمة»، «أي بلاستيك قديم للبيع».

ما إن انتهى من عباراته، قال لـ«الشرق الأوسط»: «أعمل في مهنة (الروبابيكيا) منذ 20 عاماً، لا أعرف غير هذه النداءات، هي كلمات بسيطة لكن لها صدى، وتفتح بيوتنا».

تاجر «الروبابيكيا» عصام خضر لا يتنازل عن هذا الفنّ الشعبي (الشرق الأوسط)

وعن أسلوب النداءات المسجوعة، أوضح وهو يشير إلى ما تحمله عربته من زجاجات بلاستيكية وبعض النحاس والقطع الخشبية المتهالكة: «الكراكيب ليست فقط أشياء قديمة، فوراء كل قطعة يبيعها الزبون، ثمة حكايات وأسرار بيوت، وندائي لا بد أن يكون وقوراً ومناسباً لما أشتريه».

وعن الفارق بين تاجر «الروبابيكيا» القديم والحديث، يشرح خضر: «الفرق في النظرة للشيء؛ ففي الماضي، كان ثمة خبرة وفهم لأصول المهنة، إذ إنّ (الروبابيكيا) ليست مجرّد تجارة، بل تقدير وتقييم لقيمة ما يُجمع»، مضيفاً بحكمة: «نصيحتي لتجّار (الروبابيكيا) الجدد: (خلي كلامكم زي ما هو، الخفيف على اللسان خفيف في القيمة... الشهرة بتروح بسرعة، والأصول هي اللي بتستمر)».

«شاعر الروبابيكيا» يروّج لبضاعته محاولاً جذب الزبائن (لقطة من فيديو متداول)

أما في القاهرة، ومع تنوّع أزقّتها وحاراتها وشوارعها، يمكن أيضاً مصادفة تجّار «الروبابيكيا» وجامعيها بهيئات مختلفة وأساليب متنوّعة في الترويج لأنفسهم. وهناك مَن يروّج لنفسه عبر استخدام آلة الطبلة التي يدقّ عليها بيديه، بينما يرتفع لسانه بالنداء المُتناسق مع إيقاعاته.

وبينهم مَن يطلق العنان لصوته، شادياً ومُتغزلاً في بضاعته القديمة، بينما ينصت له من حوله ويتفاعلون مع صوته.

وفي هذا السياق، يشير الباحث في التراث الشعبي، محمد دسوقي، إلى أن محاولة تجديد أسلوب نداء «الروبابيكيا» امتداد أصيل لفنون الزجل والموال الشعبي، موضحاً أن هذه النداءات ليست مجرّد وسيلة لجذب الزبون، بل هي فنّ قائم بذاته يجمع بين الموهبة والقدرة على صياغة الكلمات والإيقاعات، مما يجعل المستمع ينجذب لها.

ويؤكد، لـ«الشرق الأوسط» أنّ «نداءات تجّار (الروبابيكيا) تُصنف ضمن التراث الشفهي المصري؛ فهي جزء من المأثورات الشعبية المتجددة»، مبيّناً أنّ «هذا التراث ليس له مؤلّف أو مُلحن محدّد، بل هو إبداع متجدّد يُضاف إليه باستمرار، مما يجعله حيّاً ومُواكباً للتغيّرات».

ويرى الباحث أن «شاعر الروبابيكيا» يُمثل حالة فريدة من الإبداع في الكلمة، من خلال تجديد طريقة النداء التقليدية وتحويلها إلى نغمة موسيقية جاذبة، موضحاً أنّ هذه الظاهرة متجذّرة في الثقافة المصرية؛ إذ اعتاد الباعة إضفاء لمسة فنّية على بضاعتهم من خلال استخدام كلّ فنون الوصف المتاحة، من الإيقاع والسجع والقوافي، إلى التعبيرات الجذابة لإبراز قيمتها.

من جهته، يقول أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة، فايز الخولي، لـ«الشرق الأوسط»، إنّ ما يفعله «شاعر الروبابيكيا» يُعدّ وسيلة لجذب الانتباه، وهو سلوك معتاد في الثقافة المصرية يعود إلى قرون مضت؛ إذ كان الباعة المتجوّلون؛ خصوصاً في القطارات والأسواق، يستخدمون الأهازيج الشعبية وسيلة للترويج لبضائعهم.

ويشير إلى أنّ المفارقة اللافتة للانتباه في «شاعر الروبابيكيا» أنه ينتمي للإسكندرية، وشعوب السواحل والمدن المفتوحة حول العالم تتميّز عادة بروح الدعابة والمرح والنكتة المتأصّلة في ثقافتهم، بوصفها نتاجاً طبيعياً لتاريخ طويل من الانفتاح على الثقافات الأخرى، وهو ما يظهر جلياً في طريقة التاجر.

المصري حسام أشرف الشهير بـ«شاعر الروبابيكيا» (حسابه الشخصي في «تيك توك»)

على الجانب الآخر، يرى أستاذ علم الاجتماع أنّ سرّ التفاعل مع صاحب السجع يكمن في قدرته على لمس وتر حسّاس لدى الناس، وهو الحنين إلى الماضي، أو ما يُعرف بـ«النوستالجيا»؛ حيث يرتبط هذا النوع من التفاعل بالذكريات السعيدة، وإثارة شعور عميق لديهم من الحنين والدفء.


مقالات ذات صلة

بفضل «الذكاء الاصطناعي».. صادرات تايوان تسجل أسرع نمو في 5 سنوات

الاقتصاد سفينة شحن في ميناء كيلونغ بتايوان (رويترز)

بفضل «الذكاء الاصطناعي».. صادرات تايوان تسجل أسرع نمو في 5 سنوات

شهدت طلبات التصدير التايوانية في نوفمبر (تشرين الثاني) أسرع وتيرة نمو منذ نحو خمس سنوات، مدفوعة بالطلب المتزايد على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.

«الشرق الأوسط» (تايبيه)
الاقتصاد تسير شاحنة بجانب أكوام الحاويات في ميناء تانجونغ بريوك بمدينة جاكرتا (رويترز)

إندونيسيا وأميركا تتجهان نحو اتفاقية جمركية ولقاء رئاسي نهاية يناير

تتطلّع إندونيسيا إلى توقيع اتفاقية رسوم جمركية مع الولايات المتحدة في يناير (كانون الثاني)، بعد أن توصلت الدولتان إلى تسوية جميع القضايا الجوهرية.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا)
الاقتصاد دونالد ترمب يغادر المنصة بعد إلقاء كلمته في مركز فعاليات روكي ماونت بمدينة روكي ماونت في كارولاينا الشمالية 19 ديسمبر 2025 (أ.ب)

ترمب يعيد تشكيل خريطة التجارة العالمية... والرسوم تتصدّر المشهد في 2026

أدت عودة الرئيس دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في 2025 إلى سنة صاخبة للتجارة العالمية، مع موجات من الرسوم الجمركية على شركاء الولايات المتحدة التجاريين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد البرلمان التركي وافق على مشروع موزانة العام 2026 في خلسة عاصفة (الموقع الرسمي للبرلمان)

برلمان تركيا يقرّ مشروع موازنة 2026 مع توقعات بتراجع كبير للتضخم

توقعت الحكومة التركية انخفاض معدل التضخم السنوي خلال عام 2026 إلى ما دون الـ20 في المائة وإعادته إلى خانة الآحاد في عام 2027.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي يرحب بنظيره النيوزيلندي كريستوفر لوكسون في نيودلهي - 17 مارس 2025 (أ.ب)

تحت ضغط الرسوم... نيودلهي تعزز شراكاتها باتفاق تجاري شامل مع نيوزيلندا

أعلنت الهند ونيوزيلندا يوم الاثنين عن التوصل إلى اتفاقية تجارة حرة، في خطوة تهدف إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية ودعم النمو في ظل تزايد حالة عدم اليقين.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)

طارق الأمير يرحل بعد بصمات مميزة رغم قلة الظهور

طارق الأمير مع أحمد حلمي في لقطة من فيلم «عسل إسود» (يوتيوب)
طارق الأمير مع أحمد حلمي في لقطة من فيلم «عسل إسود» (يوتيوب)
TT

طارق الأمير يرحل بعد بصمات مميزة رغم قلة الظهور

طارق الأمير مع أحمد حلمي في لقطة من فيلم «عسل إسود» (يوتيوب)
طارق الأمير مع أحمد حلمي في لقطة من فيلم «عسل إسود» (يوتيوب)

غيّب الموت الفنان المصري، طارق الأمير، الأربعاء، بعد مشوار فني قدم خلاله العديد من الأدوار اللافتة، ورغم ظهوره القليل فإن الفنان الراحل استطاع ترك بصمة مميزة في عالم الفن من خلال أعماله، وفق نقاد ومتابعين.

وفور إعلان خبر رحيل طارق الأمير، تصدر اسمه «الترند» على موقعي «إكس»، و«غوغل»، الأربعاء، في مصر، وتداول البعض على مواقع «سوشيالية»، لقطات فنية من أعماله، كما ربطوا بين توقيت رحيله، ودراما رحيل الفنانة نيفين مندور التي توفيت قبل أيام، خصوصاً أنهما شاركا معاً في بطولة فيلم «اللي بالي بالك»، قبل 22 عاماً، وحقق الفيلم نجاحاً كبيراً حينها.

وقبل أيام، تعرّض طارق الأمير لأزمة صحية مفاجئة، مكث على أثرها في أحد المستشفيات لتلقي العلاج اللازم، ولم تنجح محاولات الأطباء في علاجه.

وشيعت جنازة الفنان الراحل من أحد مساجد القاهرة، ظهر الأربعاء، وسط حضور فني وأسري بارز، لمساندة شقيقته الفنانة لمياء الأمير، كما حضر نجل خاله الفنان أحمد سعيد عبد الغني، والأخير نعاه عبر حسابه على موقع «فيسبوك»، وكتب: «توفي إلى رحمة الله ابن عمتي الغالي الفنان طارق الأمير»، كما نعى الأمير عدد آخر من الفنانين بحساباتهم على مواقع التواصل، من بينهم، روجينا، ونهال عنبر، ويوسف إسماعيل، بجانب نعي نقابة «المهن التمثيلية»، بمصر.

الفنان الراحل طارق الأمير (حساب الفنان أحمد سعيد عبد الغني على موقع فيسبوك)

وعن موهبة الفنان الراحل طارق الأمير، يقول الناقد الفني المصري، محمد عبد الرحمن، إن «الفنان الراحل من الألغاز التي رحلت عن عالمنا بلا إجابة»، لافتاً إلى أنه «من الفنانين المبدعين الذين تركوا بصمة مميزة في الكتابة والتمثيل في وقت قليل جداً».

وأضاف عبد الرحمن في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن مشاركة طارق الأمير في فيلمين من أكثر الأفلام تحقيقاً للمشاهدة، وهما «اللي بالي بالك»، و«عسل إسود»، كان من حسن حظه، رغم مرور أكثر من 20 عاماً على إنتاجهما.

محمد سعد وطارق الأمير في لقطة من فيلم «اللي بالي بالك» (يوتيوب)

وأكد عبد الرحمن أن «طارق الأمير لم يحصل على مساحته بشكل جيد، وغالباً ما يكون الأمر مرتبطاً بعدم رغبته أو قدرته على تسويق نفسه، أو انتمائه لجيل معين، وعندما تراجع هذا الجيل تراجع هو الآخر بالتبعية، ولكن في المجمل، ورغم أعماله القليلة في الكتابة والتمثيل، فإنه كان صاحب موهبة حقيقية».

في السياق، بدأ طارق الأمير مسيرته التمثيلية في تسعينات القرن الماضي، وشارك خلالها في عدد من الأعمال الفنية، وقدم أدواراً مميزة من بينها شخصية «الضابط هاني»، في فيلم «اللي بالي بالك»، مع الفنان محمد سعد، وكذلك شخصية «عبد المنصف»، في فيلم «عسل إسود»، حيث شكل مع الفنان أحمد حلمي «ديو» كوميدي لافت، بجانب مشاركته في أفلام «عوكل»، و«كتكوت»، و«صنع في مصر»، وبعيداً عن التمثيل، كتب طارق الأمير السيناريو لعدد من الأفلام السينمائية، مثل «مطب صناعي»، و«كتكوت»، و«الحب كدة»، وغيرها.


بينها تخفيف التوتر والحساسية... 10 فوائد صحية للنباتات المنزلية

الغرف التي تضم نباتات تحتوي على غبار وعفن أقل من الغرف الخالية منها (بيكسلز)
الغرف التي تضم نباتات تحتوي على غبار وعفن أقل من الغرف الخالية منها (بيكسلز)
TT

بينها تخفيف التوتر والحساسية... 10 فوائد صحية للنباتات المنزلية

الغرف التي تضم نباتات تحتوي على غبار وعفن أقل من الغرف الخالية منها (بيكسلز)
الغرف التي تضم نباتات تحتوي على غبار وعفن أقل من الغرف الخالية منها (بيكسلز)

يحب الكثير من الناس إضفاء لمسة من الطبيعة على منازلهم حيث يلجأون إلى النباتات، والأزهار الملونة. ولهذه العادة الكثير من الفوائد الصحية التي قد نجهلها، أبرزها بحسب موقع «ويب ميد»:

1- تخفيف الحساسية

وجد الباحثون أن الغرف التي تضم نباتات تحتوي على غبار وعفن أقل من الغرف الخالية من النباتات. تعمل أوراق النباتات وأجزاؤها الأخرى مرشحات طبيعية لالتقاط مسببات الحساسية، والجسيمات الأخرى الجوالة جواً.

يمكن لنباتات الزينة المنزلية الشائعة التي تتحمل الإضاءة الخافتة، مثل زنبق السلام، أن تؤدي هذه المهمة. وقد تكون نباتات البنفسج وغيرها من النباتات ذات الأوراق الخشنة أكثر فعالية في التقاط هذه المواد. تجنب النباتات التي تحتوي على حبوب اللقاح، أو الأبواغ.

2- تحسين المزاج

لا تقتصر فوائد النباتات على إضفاء البهجة على محيطك فحسب، بل تُحسّن مزاجك أيضاً. فالموظفون الذين يعملون في مكاتب مُزينة بالنباتات يشعرون عادةً براحة أكبر تجاه وظائفهم، ويقل قلقهم، ويقلّ غيابهم عن العمل بسبب المرض. وتُعدّ الأزهار، على وجه الخصوص، وسيلة رائعة لتحسين المزاج. لذا، زيّن غرفتك بالأزهار، مثل نبتة أحمر الشفاه، أو باقة زهور طازجة، ولاحظ كيف يتحسّن مزاجك.

3- نباتات العنكبوت لترطيب الهواء

يمكن لأجهزة التدفئة والتكييف أن تستنزف الرطوبة داخل المنزل، خاصةً في فصل الشتاء. وهذا قد يزيد من احتمالية الإصابة بنزلات البرد، أو الإنفلونزا، أو يسبب حكة في الجلد. تُضيف نباتات الزينة المنزلية الرطوبة إلى الهواء. وقد وجدت إحدى الدراسات أن مجموعة من نباتات العنكبوت رفعت نسبة الرطوبة النسبية في غرفة النوم من 20 إلى 30 في المائة، وهي نسبة أكثر راحة.

4- أجهزة تنقية الهواء

يُطلق السجاد، والدهانات، والمنظفات، وأحبار الطابعات وغيرها من الأشياء الداخلية ملوثات تُسمى المركبات العضوية المتطايرة. قد تتراكم هذه المركبات في الهواء وتُسبب تهيج العينين، والجلد، وتفاقم الربو، أو صعوبة في التنفس. تستطيع النباتات المنزلية امتصاص هذه المركبات. ومن أفضلها لتنقية الهواء: اللبلاب الإنجليزي، ونبتة الهليون، وشجرة التنين.

نبتة تظهر على طاولة في أحد المنازل (بيكسلز)

5- أعشاب لتحسين الهضم

قد يساعد النعناع في تخفيف الانتفاخ، والغازات، وغيرهما من المشكلات بعد تناول الطعام. من الأنواع الشائعة التي يمكنك زراعتها هي النعناع الفلفلي، والنعناع الأخضر (وهو عنصر أساسي في مشروب النعناع المنعش). كما أن الريحان، وهو عشب آخر يُستخدم في الطبخ، يمكن أن يساعد في تهدئة المعدة. جرب نقع أوراقه في الماء الساخن.

6- الخزامى المهدئ

يُعدّ هذا النبات الأرجواني العطري من أهمّ الأعشاب الطبية منذ قرون. يمكنك استنشاق زيت الخزامى، أو تدليكه على فروة رأسك للاستفادة من فوائده العلاجية. كما يمكنك غلي أوراقه لتحضير الشاي. تشير بعض الدراسات إلى أنه قد يساعد على تهدئة الأعصاب، وتخفيف القلق، ولكن لا تزال هناك حاجة إلى مزيد من الأدلة على ذلك.

7- الصبار للإسعافات الأولية

يُعدّ جل الصبار علاجاً منزلياً شائعاً. فهو يُعالج حروق الشمس، والحروق الطفيفة الأخرى، ويُخفف من أعراض الصدفية، وغيرها من الأمراض الجلدية. كما يُساعد عصير الصبار في معالجة حالات الإمساك.

8- نوم هانئ

تمتص النباتات ثاني أكسيد الكربون، وتطلق الأكسجين. هكذا تحوّل ضوء الشمس إلى غذاء، وهي عملية تُسمى التمثيل الضوئي. بعض النباتات، مثل زهور الجربيرا، تستمر في إطلاق الأكسجين حتى بعد غروب الشمس. ضع بعض النباتات المبهجة في غرفة نومك، حيث قد يساعدك الأكسجين الإضافي على النوم بشكل أعمق.

9- تخفيف التوتر

هل تشعر بثقل ضغوطات الحياة اليومية؟ جرّب إضافة نبات فيلوديندرون ذي الأوراق القلبية، أو نبات الثعبان إلى ديكور منزلك. قد يساعدك ذلك على الاسترخاء. وقد أجرت العديد من الدراسات قياسات لمستويات ضغط الدم، ومعدل ضربات القلب، وهرمون الكورتيزول (هرمون التوتر) لدى الأشخاص أثناء قيامهم بمهام صعبة، أو تعرضهم لضغط نفسي. وُوجد أن العيش بين النباتات له تأثير مهدئ على الإنسان.

10- تركيز أفضل

قد تساعدك النباتات على تحسين درجاتك في الاختبارات، وتسهيل التركيز على مهامك، وتقوية ذاكرتك. أظهر الطلاب في الفصول الدراسية التي تحتوي على 3 نباتات أداءً أفضل في اختبارات الرياضيات، والإملاء، والقراءة، والعلوم مقارنةً بالطلاب في الفصول الدراسية الخالية من النباتات.


مقر وزارة الداخلية المصرية بالقاهرة... من مبنى مهيب إلى مجمع ترفيهي

رسم توضيحي لمخطط التطوير (مجلس الوزراء المصري)
رسم توضيحي لمخطط التطوير (مجلس الوزراء المصري)
TT

مقر وزارة الداخلية المصرية بالقاهرة... من مبنى مهيب إلى مجمع ترفيهي

رسم توضيحي لمخطط التطوير (مجلس الوزراء المصري)
رسم توضيحي لمخطط التطوير (مجلس الوزراء المصري)

تبدل حال «حسن بهلول»، صاحب الحس الكوميدي الساخر، بمجرد رؤية عنصري شرطة يتمتعان بالشدة والحزم في المقهى الشعبي الذي اعتاد الجلوس فيه، وذلك بعد استدعائه إلى مقابلة ضابط أمن الدولة المقدم «معتصم الألفي» داخل مبنى وزارة الداخلية المصرية في قلب ميدان «لاظوغلي» الشهير، وزادت حدة توتر «بهلول» الذي جسده عادل إمام برؤية مبنى الوزارة المهيب من الخارج قبل الولوج إليه، والمرور من أمام أفراد مدججين بالأسلحة، وخلال مروره إلى المقدم «الألفي»، حسين فهمي، سمع «بهلول» أصواتاً تشير إلى تعذيب أشخاص داخل إحدى الغرف، فتضاعف قلقه.

عادل إمام في مشهد من فيلم «اللعب مع الكبار» (الشركة المنتجة)

هذا المشهد «الأيقوني» الذي يعود إلى فيلم «اللعب مع الكبار»، عام 1991، كان يعكس «الهيبة» الكبيرة التي كان يتمتع بها مبنى وزارة الداخلية، لا سيما خلال الأحداث المهمة التي مرت بها مصر على مدار عقود، لكن تلك الهيبة تلاشت مع نقل الوزارة مع وزارات أخرى إلى العاصمة الجديدة (شرق القاهرة)، وتحويل هذا المقر إلى مجمع ترفيهي ضمن مشروع حكومي كبير يعيد استغلال مباني الوزارات القديمة بشكل استثماري.

يهدف مشروع التطوير إلى استغلال المقر بشكل مثالي

وتفقد المهندس حسن الخطيب وزير الاستثمار والتجارة الخارجية الأربعاء، سير عمل شركة «ريلاينس لتطوير المشروعات العقارية» بمشروع تطوير المقر السابق لوزارة الداخلية، الذي يتكون من عدة مبان.

ويعد هذا المشروع من أهم مشروعات الصندوق السيادي التابع لوزارة الاستثمار والتجارة الخارجية، الذي يهدف إلى إعادة استغلال أصول الدولة، وتعظيم الاستفادة منها، وجذب استثمارات أجنبية، وبناء شراكات مع القطاع الخاص ضمن أهداف الصندوق.

وحسب بيان نشره مجلس الوزراء المصري، الأربعاء، فإن المشروع يهدف إلى تحويل مقر وزارة الداخلية السابق لمجمع خدمي متكامل، حيث يقدّم وجهة متكاملة تضم مكونات ضيافة، تشمل فندقاً تحت إدارة شركة «ماريوت» العالمية، وشققاً فندقية، ومركز إبداع، ومساحات مكتبية وإدارية، ومتاجر ومنافذ للأطعمة والمشروبات، ومرافق ترفيهية، ومساحات مخصّصة للبرامج والأنشطة الثقافية، وتشمل هذه المكونات مساحات داخلية مصممة بعناية وساحة مركزية واسعة.

جانب من الزيارة (مجلس الوزراء المصري)

وتتضمن رؤية تطوير المشروع إعادة إحياء منطقة محورية ذات طابع ثقافي وتاريخي في وسط البلد بالقاهرة، وتهدف هذه الرؤية إلى تطوير منظور جديد للمنشآت الترفيهية والسياحية والعملية، مع الحفاظ على الأصالة والتراث الثقافي والتاريخي للمنطقة. ويضم الموقع سبيل شريف باشا، الذي يعود إنشاؤه إلى عام 1913م، ما يضفي على المشروع الطابع الأثري الفريد.

وقد استُلهمت التصميمات الهندسية للمشروع من هذا التراث، لضمان انسجام التطوير مع التنسيق الحضاري والتاريخي للمنطقة، مع تقديم تجربة عصرية متميزة للزوار والمقيمين، وفق مجلس الوزراء.

ويبلغ عدد الغرف الفندقية التي سيتيحها المشروع 364 غرفة فندقية، وعدد 35 وحدة تجارية، ومساحات إدارية وترفيهية بمساحة 20 ألف متر مربع، ويتيح المشروع 3 آلاف فرصة عمل مباشرة، و10 آلاف فرصة عمل غير مباشرة، ومن المقرر الانتهاء منه في النصف الأول من 2027.

وأكد المهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية أن هذا المشروع الكبير هو تطبيق عملي لنهج الصندوق السيادي، بالعمل على تحقيق أقصى استفادة من الأصول غير المستغلة، وتحويلها لمشروعات كبرى تدر دخلاً للدولة، وتسهم في خلق فرص عمل جديدة للشباب.

وأوضح الخطيب أن الصندوق السيادي هدفه ليس البيع ولكن تعظيم العائد من أصول الدولة، بما يعزز من ميزانية الدولة، ويحفظ حقوق الأجيال المقبلة.

يتكون المقر السابق لوزارة الداخلية من مبان عدة (مجلس الوزراء المصري)

وتضم منطقة وسط القاهرة مباني وزارات سابقة، من بينها العدل، والتربية والتعليم، والإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، والتموين والتجارة الداخلية، والإنتاج الحربي، والهيئة العامة للتخطيط العمراني، بالإضافة إلى مجمع التحرير الشهير، الذي تم تصوير فيلم «الإرهاب والكباب» فيه، وهو من بطولة «الزعيم» عادل إمام.

ويرى الكاتب الصحافي محمود التميمي، مؤسس مشروع «القاهرة عنواني» المهتم بحفظ الذاكرة المصرية، أن إعادة استغلال مبنى الداخلية القديم وكل مباني الوزارات في وسط القاهرة فكرة مقبولة في سياق النهج الاقتصادي للدولة، لكنها تحتاج إلى ضوابط.

ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «أغلب مباني وزارة الداخلية القديمة غير تراثية أو أثرية، لأنها مبانٍ حديثة، ويمكن استغلالها بسهولة في تحويلها إلى فندق سياحي، ومجمع خدمي ترفيهي».

ووفق التميمي، فإن مبنى وزارة الداخلية بوسط القاهرة كان يتمتع بهيبة كبيرة خلال العقود الماضية، لافتاً إلى أن كثيرين كانوا يخشون المرور من أمامه خوفاً من التفتيش.

ويتوقع الكاتب المصري أن يعيد مشروع استغلال مباني الوزارات القديمة إلى وسط القاهرة رونقها مجدداً، بعد فترة طويلة من الإهمال، مشدداً على ضرورة الاستغلال الأمثل للمباني ذات الطابع المعماري المميز والقصور الأثرية، ويؤكد أن إغلاق المباني التاريخية هو السبب الرئيسي وراء تدهورها، في حين شهدت بعض المباني الأثرية ازدهاراً لافتاً بعد استغلالها في أنشطة ثقافية على غرار قصر الأمير طاز، وبيت السناري، ووكالة الغوري وغيرها.

مسؤولون مصريون خلال الجولة (مجلس الوزراء المصري)

وتعوّل مصر على قطاع السياحة، بوصفه مصدراً مؤثراً في توفير العملات الأجنبية وفرص العمل، وحقّقت القاهرة رقماً قياسياً في تدفقات السائحين العام الماضي، باستقبالها نحو 15.7 مليون سائح خلال عام 2024، رغم الاضطرابات الإقليمية، حسب مجلس الوزراء المصري، وتتوقع مصر أن يزيد هذا الرقم خلال عام 2025، لا سيما بعد افتتاح المتحف المصري الكبير رسمياً وبشكل كامل منذ نحو شهرين.