الحوثيون يستهدفون مصادر عيش السكان لتعزيز قبضتهم الأمنية

تركيز على سائقي الأجرة والدراجات والأسواق الشعبية

سكان صنعاء يخشون إجراءات حوثية جديدة تزيد من صعوبة المعيشة تحت مبرر تخفيف الزحام (رويترز)
سكان صنعاء يخشون إجراءات حوثية جديدة تزيد من صعوبة المعيشة تحت مبرر تخفيف الزحام (رويترز)
TT

الحوثيون يستهدفون مصادر عيش السكان لتعزيز قبضتهم الأمنية

سكان صنعاء يخشون إجراءات حوثية جديدة تزيد من صعوبة المعيشة تحت مبرر تخفيف الزحام (رويترز)
سكان صنعاء يخشون إجراءات حوثية جديدة تزيد من صعوبة المعيشة تحت مبرر تخفيف الزحام (رويترز)

تحت مزاعم التخفيف من الزحام والعشوائيات، تسعى الجماعة الحوثية إلى تعزيز قبضتها على العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، مهددة أرزاق آلاف السكان من سائقي سيارات الأجرة الجماعية والدراجات النارية والباعة وأصحاب المحلات التجارية، من خلال تقليص حركة سيارات الأجرة، وإزالة أو نقل عشرات الأسواق الشعبية.

وكشفت مصادر محلية مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية تنوي اتخاذ إجراءات لتسهيل حركة قواتها الأمنية لقمع أي مظاهرات أو أفعال مقاومة شعبية، إلى جانب التنقلات السرية لقياداتها العليا، في ظل مخاوفها من مراقبتهم ورصد تحركاتهم واستهدافهم من الطيران الإسرائيلي.

وأشارت المصادر إلى مسارعة عدد من الجهات التنفيذية التابعة للجماعة للإعلان عن تقديم مقترحات وخطط لتخفيف الزحام وتسهيل حركة المرور، في الوقت الذي تناقش فيه أجهزتها الأمنية اتباع سياسة جديدة للرقابة على السكان، تحت مزاعم الخوف من تجنيدهم جواسيس أو عملاء لصالح إسرائيل.

وأفادت المصادر بأن الجماعة تسعى لتجنب سيناريو تجنيد العملاء لصالح إسرائيل في إيران، والذي تسبب في تسهيل حصولها على معلومات عن مواقع عسكرية واستراتيجية إيرانية واستهدافها، إلى جانب تجنيد العملاء في استهداف علماء وشخصيات مهمة.

الحوثيون يعتزمون اعتماد نظام جديد يسمح لنصف سيارات الأجرة الجماعية بالعمل خلال اليوم (غيتي)

وبحسب المصادر، فإن الجماعة تخطط لتقييد حركة الدراجات النارية خوفاً من استخدامها في تنفيذ عمليات اغتيال أو مراقبة وجمع معلومات.

تقييد حركة المرور

وناقشت إدارة وشرطة المرور التابعتان للجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، خطتها المتضمنة إجراءات لتنظيم حركة سيارات الأجرة الجماعية «الميكروباصات» في محطات وخطوط السير في العاصمة المختطفة صنعاء، والتي تقضي بالسماح بعمل نصف عدد السيارات خلال اليوم فقط، وفقاً لنظام تبادلي بين التي تحمل أرقاماً فردية وأخرى زوجية.

وبررت كلا الجهتين هذه الخطة بعدد الباصات العاملة الذي يَزيد على 30 ألف سيارة أجرة (ميكروباص) تعمل على مدار الساعة، حسب مزاعمها، ما يؤدي إلى العشوائية والزحام ووقوع حوادث شجار بين السائقين، وادعتا أن النظام المقترح سيسهم في انسيابية السير وتخفيف الازدحام.

على فترات طويلة كانت شوارع صنعاء خالية مقابل زحام أمام محطات الوقود (أ.ف.ب)

كما أقر اجتماعٌ لما يسمى لجنة الشؤون الاجتماعية في المجلس المحلي في صنعاء وقطاعات الأشغال والنظافة والمرور والنقل التابعة للجماعة الحوثية نقل الأسواق العشوائية إلى مواقعَ مخصصة بمزاعم توفير بيئة آمنة للبائعين، وضمان انسيابية الحركة في الشوارع.

وقوبل هذا المقترح باستياء وغضب في أوساط السائقين وعموم السكان، وسط مخاوف من استخدام الآلية المزمعة في ابتزاز السائقين ومضاعفة الأعباء عليهم وعلى مستخدمي وسائل المواصلات بتقليل فرص حصولهم على وسائل نقل بسهولة ويسر، ودفعهم إلى استخدام سيارات الأجرة الفردية (التاكسي) مرتفعة التكلفة.

ويرى سائقو سيارات الأجرة الجماعية أن الإجراءات الحوثية المتوقعة عقب هذا المقترح ستؤدي إلى مراكمة الأعباء عليهم بحرمانهم من نصف مداخيلهم اليومية في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعيشها غالبية السكان وغلاء الأسعار والوقود، إلى جانب ارتفاع كلفة صيانة السيارات وقطع الغيار.

مخاوف الحوثيين من الاستهداف الإسرائيلي وراء مساعيهم لتقييد حركة السكان (رويترز)

ويتوقع السائقون أن يجري ابتزازهم عند تنفيذ هذا القرار بفرض غرامات بمبالغ باهظة عليهم عند المخالفة، وتمكين أفراد وعناصر الجماعة الحوثية العاملين في شرطة المرور من ضبط المخالفين، وسحب تراخيص القيادة ومزاولة المهنة، وعدم إعادتها إلا بعد دفع مبالغ كبيرة.

وسيلة مستحدثة للابتزاز

ويتخوف السائقون من عدم قدرتهم حتى على الخروج بسياراتهم للأغراض الشخصية والعائلية، حيث يبدون مخاوف من ألا يسمح لهم بقيادتها تحت أي ظرف خلال اليوم الذي يحظر عليهم العمل فيه.

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، ذهب أحد سائقي سيارات الأجرة إلى توقع أن يمنح هذا الإجراء أفراد شرطة الجماعة الحوثية فرصة لابتزازه حتى والسيارات متوقفة أمام المنازل، وتهكم قائلاً: «سأشتري غطاء قماشياً لسيارتي كي لا يلمحها أفراد شرطة المرور، لكن هذا قد لا يكفي لمنعهم من الابتزاز، والأفضل أن أجد مخبأً لها».

من جهتهم، يرى مستخدمو وسائل النقل الجماعية أن مثل هذا القرار يزيد من صعوبة تحركاتهم، فإذا كان الزحام مشكلة مع توفر وسائل المواصلات، فإن تقليل عدد سيارات الأجرة إلى النصف سيؤدي إلى عدم قدرتهم على الركوب والتنقل بسهولة.

متسوقون في أحد شوارع صنعاء (رويترز)

ويبدي طلاب في جامعة صنعاء وعدد من الجامعات الخاصة وموظفون عموميون وآخرون في مؤسسات تجارية قلقهم من أن يتسبب مثل هذا القرار بانتقالهم من المعاناة مع الزحام إلى اضطرارهم للوقوف لأوقات طويلة في انتظار وصول سيارات الأجرة الجماعية.

ويتهكم أحد موظفي قطاع التجارة والصناعة من هذه الخطة التي يصفها بالغريبة والمستوردة من دولة مثل الهند التي تشهد انفجاراً سكانياً، ولا تناسب صنعاء التي لا تحتاج أكثر من التنظيم والوعي المرورين.

ويبين الموظف لـ«الشرق الأوسط» أن الزحام في صنعاء ليس بالقدر الذي يدفع إلى ابتكار مثل هذه الخطة، وأن جميع سكان المدينة يعرفون أنه يحدث في مواقع محددة وفي أوقات معينة خلال ساعات النهار، وبالإمكان التخفيف منه باتباع إجراءات محددة، وليس بقطع أرزاق آلاف الناس.


مقالات ذات صلة

عقوبات قاصرة... الحوثيون يُعيدون رسم خريطة التهديد

العالم العربي الجماعة الحوثية أظهرت تحدياً لمختلف القوى الدولية رغم ما تعرضت له من هجمات (أ.ب)

عقوبات قاصرة... الحوثيون يُعيدون رسم خريطة التهديد

رغم تجديد العقوبات الدولية عليهم، يُعزز الحوثيون قدراتهم العسكرية ويحولون التهديد المحلي إلى خطر إقليمي على الملاحة والأمن الدوليين مع تحالفاتهم العابرة للحدود.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تشييع قيادي حوثي توفي بشكل غامض في إب وسط تكهنات باغتياله جراء خلافات مالية (إعلام حوثي)

الانفلات الأمني يفتك بمناطق سيطرة الحوثيين

تشهد مناطق سيطرة الجماعة الحوثية تسارعاً غير مسبوق في الإعدامات الميدانية للمدنيين، وعلى خلفيات مناطقية، وتسبب الانفلات الأمني في حوادث اغتيال عدد من القيادات

وضاح الجليل (عدن)
مسلح حوثي يراقب تجمعاً لرجال القبائل في صنعاء (إ.ب.أ)

انفلات الثأر القبلي يكشف زيف مزاعم الحوثيين باحتواء الصراعات

تصاعدت حوادث الثأر والعنف القبلي في مناطق الحوثيين على الرغم من ادعاءاتهم تبني سياسات للصلح وإنهاء النزاعات التي يستغلونها لتعزيز نفوذهم وجني مزيد من الموارد.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي دعا عدد من السفراء الأجانب لخفض التصعيد وتسوية الخلافات بالحوار في اليمن (السفارة البريطانية)

دعوات دولية لخفض التصعيد وتسوية الخلافات بالحوار في اليمن

العليمي:«الإجراءات الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي الجنوبي تمثل خرقاً صريحاً لمرجعيات المرحلة الانتقالية وتهديداً مباشراً لوحدة القرار الأمني، والعسكري».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي يمنيان يبيعان الحبوب المنتجة محلياً في سوق بوسط صنعاء (إ.ب.أ)

انفجار أسعار في مناطق سيطرة الحوثيين يخنق معيشة السكان

التهمت موجة غلاء جديدة ما تبقّى من قدرة السكان الشرائية، في مناطق سيطرة الحوثيين الذين يضاعفون الجبايات، بالتوازي مع تراجع عالمي في أسعار المواد الاستهلاكية

وضاح الجليل (عدن)

«حارس قضائي» حوثي يصادر أملاك أمين عام «مؤتمر صنعاء»

مبنى اللجنة الدائمة التابع لحزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء (الشرق الأوسط)
مبنى اللجنة الدائمة التابع لحزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء (الشرق الأوسط)
TT

«حارس قضائي» حوثي يصادر أملاك أمين عام «مؤتمر صنعاء»

مبنى اللجنة الدائمة التابع لحزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء (الشرق الأوسط)
مبنى اللجنة الدائمة التابع لحزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء (الشرق الأوسط)

في تصعيد جديد ضمن سياسة التضييق والنهب المنظم، أقدمت الجماعة الحوثية، على تمكين من تُسميه «الحارس القضائي»، من الاستيلاء على ممتلكات وأصول تعود لأسرة أمين عام جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، غازي علي الأحول، الذي لا يزال رهن الاعتقال منذ أغسطس (آب) الماضي، في ظروف قمعية.

وجاءت هذه الخطوة، عقب ضغوط مارستها الجماعة الحوثية على قادة جناح الحزب الموالي لها في صنعاء، انتهت باتخاذ قرار بفصل الأحول من منصبه، في سابقة أثارت موجة غضب واسعة داخل الأوساط المؤتمرية، وعُدت «امتداداً لمسلسل إخضاع الحزب وتفريغه من قياداته غير المنسجمة مع توجهات الجماعة».

وحسب مصادر في الحزب، فإن الحارس القضائي الحوثي وضع يده، بموجب تعليمات الجماعة، على ممتلكات عقارية وتجارية تابعة لأسرة الأحول في العاصمة المختطفة صنعاء، شملت مباني وشركات وأصولاً أخرى، بعضها غير مسجل رسمياً باسم الأسرة، ما يكشف - وفق المصادر - الطابع الانتقامي والسياسي للإجراءات، بعيداً عن أي مسوغ قانوني.

الأمين العام لحزب «المؤتمر الشعبي» بصنعاء غازي الأحول (فيسبوك)

وتفيد المصادر ذاتها، بأن الحارس القضائي كان قد شرع مطلع ديسمبر (كانون الأول) الحالي، في عملية حصر وتتبع دقيقة لجميع ممتلكات الأحول وعائلته، تمهيداً لمصادرتها، في إطار سياسة اعتمدتها الجماعة منذ سنوات لملاحقة الخصوم السياسيين ورجال الأعمال والتجار والبرلمانيين، عبر أدوات قسرية وذرائع قانونية مُفبركة.

وفي محاولة لتبرير هذه الخطوة، يروّج الحوثيون لوجود «شراكة» مزعومة بين أسرة الأحول ونجل الرئيس اليمني الأسبق أحمد علي عبد الله صالح. غير أن مصادر مطلعة، كشفت عن ضغوط متزامنة تمارسها قيادات حوثية بارزة، لإحالة الأمين العام المعتقل إلى قضاء خاضع للجماعة في صنعاء، تمهيداً لمحاكمته بتهمة «الخيانة».

رفض حزبي

وجاءت إجراءات المصادرة الحوثية، عقب إجبار قادة جناح «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرة الجماعة، على عقد اجتماع تنظيمي في صنعاء، اتُخذ فيه قرار فصل الأحول، وتعيين شخصية مقرّبة منها، نائباً لرئيس الجناح، وسط انتقادات حادة لتجاهل الاجتماع، قضية اعتقال الأمين العام، وعدم المطالبة بالإفراج عنه، فضلاً عن التغاضي عن الحصار المفروض على منزل رئيس الجناح وعدد من القيادات.

وفي ردود الأفعال، وصف أحمد عبادي المعكر، القيادي في الحزب، قرار فصل الأمين العام، بأنه «منعدم الشرعية وباطل مضموناً وشكلاً»، عادّاً أنه يندرج ضمن «تخلٍ سياسي موثق ومكتمل الأركان».

صادق أبو رأس رئيس جناح حزب «المؤتمر» الخاضع للحوثيين في صنعاء (إكس)

وأكد المعكر أن ما جرى «لا يمكن توصيفه بأنه خلاف تنظيمي داخلي، بل هو بيع سياسي واضح للمواقف من أجل المصالح»، مشدداً، على «أن التاريخ سيسجل هذه الخطوة بوصفها سابقة تسقط الهيبة وتفتح باب المساءلة». وأضاف أن «القيادة التي تعجز عن حماية أمينها العام وهو معتقل، لا تملك أخلاقياً ولا سياسياً، صلاحية محاسبته أو فصله».

وأشار إلى أن القرار صدر «من دون جلسة قانونية، ومن دون تمكين الأمين العام من حق الدفاع، في وقت كان غائباً قسراً خلف القضبان»، عادّاً «أن الصمت على اعتقاله يمثل إدانة، وأن القرار ذاته بات وثيقة لا تمحى».

من جهتها، استنكرت أسرة أمين عام جناح «مؤتمر صنعاء»، موقف قادة الجناح الموالين للحوثيين، وعدت ما جرى «تخلياً مخجلاً». وقال شقيقه، عتيق الأحول، في منشور على «فيسبوك»، إن الموقف كان «محبطاً ومهيناً»، لافتاً إلى أن أياً من قادة الجناح، لم يصدر بيان تنديد أو حتى مطالبة بالإفراج عنه، في وقت تتعرض فيه الأسرة للمصادرة والضغط والتهديد.


37 ألف مهاجر غير شرعي إلى اليمن خلال 4 أشهر

السواحل الشرقية لليمن تتحول إلى قبلة للمهاجرين غير الشرعيين (إعلام محلي)
السواحل الشرقية لليمن تتحول إلى قبلة للمهاجرين غير الشرعيين (إعلام محلي)
TT

37 ألف مهاجر غير شرعي إلى اليمن خلال 4 أشهر

السواحل الشرقية لليمن تتحول إلى قبلة للمهاجرين غير الشرعيين (إعلام محلي)
السواحل الشرقية لليمن تتحول إلى قبلة للمهاجرين غير الشرعيين (إعلام محلي)

على الرغم من تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، وسط تراجع التمويل الدولي للمساعدات، وتصاعد القيود التي فرضتها الجماعة الحوثية على عمل المنظمات الإنسانية، بما في ذلك مداهمة مكاتب الأمم المتحدة واعتقال العشرات من موظفيها، لا تزال البلاد تستقبل شهرياً آلاف المهاجرين غير الشرعيين القادمين من دول القرن الأفريقي، في مشهد يعكس تعقيدات إنسانية وأمنية متشابكة.

وأفادت تقارير محلية وحقوقية بأن السواحل الشرقية لليمن، خصوصاً في محافظة شبوة، تحولت خلال الفترة الأخيرة إلى وجهة رئيسية للمهاجرين غير النظاميين، بعد تشديد الرقابة الأمنية على السواحل الغربية.

وتتهم منظمات حقوقية، الجماعة الحوثية وشبكات تهريب منظمة، بالتورط في انتهاكات واسعة النطاق بحق هؤلاء المهاجرين؛ تشمل التعذيب، والاغتصاب، والاحتجاز التعسفي، والاستغلال، وصولاً إلى التجنيد القسري للقتال.

شبكات التهريب تجني ملايين الدولارات من نقل المهاجرين إلى اليمن (إعلام حكومي)

وفي هذا السياق، ذكرت شرطة محافظة شبوة أن قارب تهريب أنزل خلال الأيام الماضية، 180 مهاجراً غير شرعي من حملة الجنسية الإثيوبية على ساحل مديرية رضوم، في موجة جديدة من تدفق المهاجرين إلى البلاد.

وأوضحت أن 4 بحارة من الجنسية الصومالية كانوا يقودون القارب، مشيرة إلى «اتخاذ الإجراءات الأمنية والقانونية اللازمة للتعامل مع هذه الظاهرة، بما يحفظ الأمن والاستقرار، ويحدّ من المخاطر الناجمة عن تدفقات الهجرة غير النظامية».

تجارة مربحة

وبحسب مصادر أمنية ومحلية يمنية، أصبحت محافظة شبوة قبلة رئيسية للمهاجرين غير الشرعيين، مستفيدة من اتساع سواحلها وضعف الإمكانات الرقابية، الأمر الذي شجع شبكات التهريب على نقل نشاطها إليها.

وتشير تقارير حكومية إلى أن هذه الشبكات تجني ملايين الدولارات سنوياً من تهريب المهاجرين إلى اليمن، مستغلة أوضاعهم الاقتصادية الصعبة وهشاشتهم الاجتماعية.

وفي تقرير حديث أصدره «المركز الأميركي للعدالة» (منظمة حقوقية يمنية في الولايات المتحدة)، أكد أن اليمن تحول إلى «ساحة مفتوحة لانتهاكات جسيمة بحق المهاجرين غير النظاميين»، في ظل غياب الحماية القانونية، وضعف التنسيق الإقليمي والدولي، واستفحال نشاط شبكات الاتجار بالبشر، وتداخلها مع أطراف مسلحة.

اتهامات بتورط الحوثيين في تهريب المهاجرين وتجنيدهم في الأعمال العسكرية (إعلام حكومي)

وأوضح التقرير الذي حمل عنوان «الهروب إلى الموت»، أن الطريق الشرقي للهجرة بات مسرحاً منظماً لعمل شبكات تهريب معقدة تحقق أرباحاً ضخمة، مستفيدة من تقاعس دول العبور عن مكافحة هذه الظاهرة، ومن استمرار النزاع المسلح في اليمن.

ووفقاً للتقرير الحقوقي، شهد اليمن تدفقات بشرية متصاعدة خلال السنوات الأخيرة، حيث دخل البلاد 77 ألف مهاجر في عام 2022، و97 ألفاً في 2023، و81,342 مهاجراً في 2024، فيما تجاوز عدد الوافدين 37 ألف مهاجر خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي فقط. وتتوقع السلطات أن يتضاعف هذا الرقم مع نهاية العام، رغم ظروف الحرب والانهيار الإنساني.

ووثق المركز الحقوقي 661 انتهاكاً بحق المهاجرين غير الشرعيين خلال الفترة بين 2023 و2025؛ «شملت الاختطاف، والاحتجاز التعسفي، والتعذيب، والاغتصاب، والاستغلال، والتجنيد القسري، إضافة إلى القتل والوفاة جوعاً».

وحمل التقرير، شبكات التهريب، مسؤولية 45 في المائة من هذه الانتهاكات، فيما نسب 35 في المائة منها إلى جماعة الحوثي، وتوزعت النسبة المتبقية على أطراف أخرى مرتبطة بالصراع.

تداعيات خطرة

وحذر التقرير الحقوقي من «التداعيات الخطرة لانخفاض المساعدات الدولية، الذي دفع بعض النساء والفتيات إلى التعرض للاستغلال الجنسي القسري مقابل الغذاء والمأوى». وأشار إلى أن المهاجرين الإثيوبيين يشكلون نحو 89 في المائة من إجمالي المهاجرين، مقابل 11 في المائة من الصوماليين، لافتاً إلى تسجيل 585 حالة وفاة غرقاً خلال العام الماضي وحده.

ودعا المركز الحقوقي، المجتمع الدولي، إلى «اتخاذ إجراءات حازمة ضد شبكات الاتجار بالبشر، وتفعيل مسارات قانونية لحماية المهاجرين»، كما طالب جماعة الحوثي بوقف تجنيد المهاجرين واحتجازهم في مراكز غير مطابقة للمعايير الإنسانية. وحضّ دول القرن الأفريقي، خصوصاً إثيوبيا والصومال، على معالجة جذور الهجرة غير النظامية، والعمل على إعادة مواطنيها المحتجزين.

وأكد المركز أن «الصمت الدولي إزاء الانتهاكات التي يتعرض لها المهاجرون غير الشرعيين في اليمن، يعني استمرار نزيف الأرواح، في سياق لا يُنظر فيه إلى هؤلاء المهاجرين بوصفهم بشراً لهم حقوق»، متعهداً «مواصلة التوثيق والمناصرة القانونية لمساءلة المتورطين».


العليمي يدعو «المجلس الانتقالي» إلى تغليب لغة الحكمة والحوار

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (إعلام حكومي)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (إعلام حكومي)
TT

العليمي يدعو «المجلس الانتقالي» إلى تغليب لغة الحكمة والحوار

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (إعلام حكومي)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (إعلام حكومي)

دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، يوم الأحد، الشركاء في المجلس الانتقالي الجنوبي إلى «تغليب الحكمة ولغة الحوار».

وأوضح مصدر في مكتب رئاسة الجمهورية أن العليمي دعا كذلك إلى «تجنيب الشعب اليمني والأمن الإقليمي والدولي، تهديدات غير مسبوقة، وعدم التفريط بالمكاسب المحققة خلال السنوات الماضية بدعم من تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية، وفي المقدمة مكاسب القضية الجنوبية العادلة».

وقال المصدر إن رئيس مجلس القيادة الرئاسي وجّه «باتخاذ كافة الإجراءات القانونية والإدارية بحق أي تجاوزات تمس وحدة القرار، أو تحاول فرض أي سياسات خارج الأطر الدستورية، ومرجعيات المرحلة الانتقالية».

وشدّد على أن «القيادة السياسية الشرعية ممثلة بمجلس القيادة الرئاسي هي الجهة الوحيدة المخولة بتحديد المواقف السياسية العليا للدولة، وبالتالي فإن استغلال السلطة، واستخدام الصفة الوظيفية، أو المنصب الرسمي لتحقيق مكاسب سياسية، يعد خرقاً جسيماً للدستور والقانون».

كما نقل المصدر عن العليمي دعوته «كافة المكونات السياسية، وأبناء الشعب اليمني، الالتفاف حول مشروع الدولة الوطنية، وحشد كافة الطاقات نحو معركة استعادة مؤسسات الدولة، وإسقاط انقلاب الميليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني، وإنهاء المعاناة الإنسانية».