ألبانيز يستنكر في الأمم المتحدة مقتل المدنيين وعمال الإغاثة والصحافيين بغزة

رئيس الوزراء الأسترالي طالب إسرائيل بتحمل نصيبها من المسؤولية عن الأزمة

رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز يتحدث خلال المؤتمر الدولي لحل الدولتين في مقر الأمم المتحدة بنيويورك الولايات المتحدة (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز يتحدث خلال المؤتمر الدولي لحل الدولتين في مقر الأمم المتحدة بنيويورك الولايات المتحدة (إ.ب.أ)
TT

ألبانيز يستنكر في الأمم المتحدة مقتل المدنيين وعمال الإغاثة والصحافيين بغزة

رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز يتحدث خلال المؤتمر الدولي لحل الدولتين في مقر الأمم المتحدة بنيويورك الولايات المتحدة (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز يتحدث خلال المؤتمر الدولي لحل الدولتين في مقر الأمم المتحدة بنيويورك الولايات المتحدة (إ.ب.أ)

ندد رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز بمقتل عمال إغاثة، بينهم أسترالية، في قطاع غزة، إلى جانب صحافيين و«عشرات الآلاف من المدنيين»، مطالباً إسرائيل بتحمل نصيبها من المسؤولية عن الأزمة الإنسانية في القطاع.

جاء ذلك في خطاب ألقاه بالأمم المتحدة، حيث اجتمع عشرات القادة أمس (الاثنين)، للترويج لإقامة دولة فلسطينية، وفق ما نشرت «رويترز».

واعترفت أستراليا وبريطانيا وكندا يوم الأحد بدولة فلسطينية، لتنضم بذلك إلى أكثر من 3 أرباع أعضاء الأمم المتحدة البالغ عددهم 193 عضواً الذين يعترفون بالفعل بدولة فلسطينية، وهي خطوة تعارضها الولايات المتحدة وإسرائيل.

وقال ألبانيز في الاجتماع، إن «أستراليا كانت أول عضو في الأمم المتحدة يصوت قبل 78 عاماً لصالح الخطة التي سمحت بقيام إسرائيل، وواصلت الوقوف إلى جانب الشعب اليهودي في مواجهة معاداة السامية».

وأضاف: «يجب على الحكومة الإسرائيلية أن تتحمل نصيبها من المسؤولية» عن الأزمة الإنسانية في غزة، حيث قُتل عشرات الآلاف من المدنيين.

وتابع: «عمال إغاثة قتلوا وهم يحاولون إيصال المساعدات الإنسانية، ومنهم الأسترالية زومي فرانكوم»، كما أشار أيضاً إلى الصحافيين «الذين قتلوا وهم يحاولون كشف الحقيقة».

وأضاف أن حكومة حزب العمال بزعامة ألبانيز لتيار يسار الوسط، قررت الاعتراف بدولة فلسطينية بناء على التزامات من السلطة الفلسطينية بأن تسلم حركة «حماس» أسلحتها، وألا يكون لها دور في الدولة المستقبلية، وأن تجرى انتخابات.

وعبّرت أغلبية دولية من منبر الأمم المتحدة في نيويورك، الاثنين، عن إرادة واضحة لإنصاف الفلسطينيين في إقامة دولة مستقلة باعتبارها «حقاً لا مكافأة» ووقف حرب غزة.

وشهد المؤتمر الدولي رفيع المستوى للأمم المتحدة حول «التسوية السلمية لقضية فلسطين وتطبيق حل الدولتين» الذي عُقد برئاسة سعودية - فرنسية مشتركة، اعتراف فرنسا للمرة الأولى بالدولة الفلسطينية، كما ركزت كلمات المشاركين على أن لا خيار للسلام في المنطقة سوى حل الدولتين.

ودعا مؤتمر «حل الدولتين»، إسرائيل، إلى اغتنام فرصة السلام، وإعلان التزام واضح بالحل، وإنهاء أعمال العنف والتحريض ضد الفلسطينيين، ووقف الاستيطان ومصادرة الأراضي وأعمال الضم في الأراضي المحتلة، ووضع حد لعنف المستوطنين.


مقالات ذات صلة

مصر والجزائر وتونس تجدد دعمها لإجراء الانتخابات الليبية

شمال افريقيا وزراء خارجية مصر والجزائر وتونس يتفقون على «مواصلة التنسيق والتشاور الوثيق» بشأن الأزمة الليبية (وزارة الخارجية المصرية)

مصر والجزائر وتونس تجدد دعمها لإجراء الانتخابات الليبية

اتفق وزراء خارجية مصر والجزائر وتونس على «مواصلة التنسيق والتشاور الوثيق في إطار الآلية الثلاثية» بما يسهم في دعم الشعب الليبي لتحقيق تطلعاته.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا رئيس وزراء السودان كامل الطيب إدريس خلال إلقاء كلمته حول الأزمة السودانية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة (إ.ب.أ) play-circle

رئيس وزراء السودان يتوجه إلى نيويورك للقاء مسؤولين في الأمم المتحدة

توجّه رئيس الوزراء السوداني، كامل إدريس، إلى نيويورك للاجتماع بالأمين العام للأمم المتحدة ومسؤولين آخرين ومناقشة سبل تسهيل وصول المساعدات الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (بورتسودان)
العالم العربي المنظمات والوكالات الأممية العاملة في صنعاء تعرضت لانتهاكات حوثية واسعة (إ.ب.أ)

الأمم المتحدة: احتجاز الحوثيين موظفينا يُهدد العمل الإنساني في اليمن

إدانة أممية شديدة لاعتقال الحوثيين 10 موظفين إضافيين، ورفع عدد المحتجزين إلى 69.

«الشرق الأوسط» (عدن)
تحليل إخباري الكمبيوتر العملاق «أندروميدا» من شركة «سيريبراس سيستمز» في مركز للبيانات في سانتا كلارا بولاية كاليفورنيا الأميركية (رويترز)

تحليل إخباري العولمة الجديدة وخطر السقوط في هاوية الاستبداد

خفت كثيراً وهج التعدد والتمايز، وصارت مجتمعات عديدة تتشابه إلى حد «الملل» مع ضمور العديد من العادات والتقاليد إلى حد تهديد الهويات.

أنطوان الحاج
آسيا أفراد من الشرطة الأفغانية في احتفال تخرّج بجلال آباد يوم 11 ديسمبر الحالي (إ.ب.أ)

2000 مقاتل بتنظيم «داعش - خراسان» ينشطون في أفغانستان

أورد تقرير للأمم المتحدة أن تنظيم «داعش - خراسان» يحتفظ بنحو 2000 مقاتل في أفغانستان ويلقن الأطفال دون سن 14 عاماً أفكاره ويهدد الأمن الإقليمي بعمليات إرهابية.

«الشرق الأوسط» (كابل)

ملفات إبستين تلاحق إدارة ترمب

وزيرة العدل بام بوندي بالبيت الأبيض في 27 يونيو 2025 (رويترز)
وزيرة العدل بام بوندي بالبيت الأبيض في 27 يونيو 2025 (رويترز)
TT

ملفات إبستين تلاحق إدارة ترمب

وزيرة العدل بام بوندي بالبيت الأبيض في 27 يونيو 2025 (رويترز)
وزيرة العدل بام بوندي بالبيت الأبيض في 27 يونيو 2025 (رويترز)

مع التغييرات المتسارعة في الساحة السياسية الأميركية، تبقى ملفات إبستين الثابت الوحيد الذي يتفاعل باستمرار. فمن الواضح أنه مهما حاولت إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، التعاطي مع الملف والسيطرة على تداعياته، فإنها لم تنجح حتى الساعة في احتوائه. على العكس تماماً، فموجة الإفراج الأخيرة عن مزيد من الملفات حرّكت مزيداً من ردود الفعل الشاجبة من الديمقراطيين وقاعدة ترمب الشعبية.

تحدي القانون

النائب الديمقراطي توم ماسي والجمهورية مارجوري غرين في مؤتمر صحافي حول ملفات إبستين في 18 نوفمبر 2025 (رويترز)

فعدم الإفراج عن كل الملفات في تحدٍ واضح للقانون الذي أقرَّه الكونغرس ووقَّع عليه ترمب من جهة، واختفاء بعض الوثائق بعد نشرها بشكل مقتضب على موقع وزارة العدل من جهة أخرى، حرَّكا مزيداً من نظريات المؤامرة المنتشرة حيال الملف، كما دفع بعدد من المُشرِّعين إلى التهديد بـ«معاقبة» وزيرة العدل بام بوندي، أو حتى السعي لعزلها من منصبها. وبحسب القانون الذي أقرَّه الكونغرس بدعم من الحزبَين، على وزارة العدل نشر كل الوثائق غير السرية المتعلقة بإبستين بعد 30 يوماً من إقراره، أي بحلول الـ19 من ديسمبر (كانون الأول). وبينما يعطي القانون وزارة العدل صلاحية شطب بعض المعلومات لحماية هويات ضحايا إبستين، فإنه لا يسمح بالإبقاء على وثائق إن لم تكن سرية. وقد برَّرت وزارة العدل قرارها بالقول إن عدد الوثائق والمعلومات الموجودة هائل، وإن مهلة الـ30 يوماً غير كافية لشطب أسماء الضحايا.

«معاقبة» وزيرة العدل

أظهرت بعض الوثائق معلومات مشطوبة لحماية ضحايا إبستين في 19 ديسمبر 2025 (رويترز)

تصريحات ولّدت ردود فعل شاجبة من القيادات الديمقراطية التي توعَّدت بالنظر في كل الخيارات القانونية؛ لإلزام وزارة العدل بالالتزام بالقانون. وذهب بعض النواب إلى حد التهديد بتوظيف صلاحيات تشريعية نادرة الاستعمال تُمكِّن الكونغرس من معاقبة وزيرة العدل من دون اللجوء إلى القضاء.

وقال النائبان الديمقراطي رو خانا، والجمهوري توماس ماسي، إنهما سيدفعان للتصويت على تهم لبوندي بازدراء الكونغرس؛ ما قد يفتح المجال أمام تغريمها مبلغاً يصل إلى 100 ألف دولار، أو حتى احتجازها مؤقتاً إلى أن تلتزم ببنود القانون من دون اللجوء إلى القضاء. وهو إجراء استثنائي يمكن للكونغرس استعماله في حالة رفض أفراد من السلطة التنفيذية الالتزام بالقوانين التي يمرِّرها. وعلى الرغم من أنه من المُستبَعد أن يتجاوب الجمهوريون مع طرح من هذا النوع، فإن تعاطي الإدارة مع القضية أثار استياء الكثيرين منهم. وهذا ما تحدَّث عنه السيناتور الجمهوري راند بول، الذي قال: «لقد عانت الإدارة لأشهر طويلة من قضية كانت هي مَن ضخَّمتها في البداية، ثم حاولت لاحقاً احتواءها.» وتابع بول: «إن أي دليل أو مؤشر على أن ما جرى لم يُكشف بالكامل سيظل يلاحقها لأشهر إضافية. لذلك اقتراحي هو أن تكشف عن جميع المعلومات كاملة».

«اختفاء» وثائق

لم يظهر محرك البحث في موقع وزارة العدل معلومات مرتبطة بترمب في ملفات إبستين في 19 ديسمبر 2025 (رويترز)

ولم تقتصر الانتقادات على عدم الإفراج عن كامل الوثائق فحسب، بل اتهم البعض الوزارة بإزالة وثائق من الموقع الإلكتروني بعد نشرها، منها صورة يظهر فيها ترمب قبل وصوله إلى مقعد الرئاسة. وقد أعادت الوزارة نشر الصورة بعد شطبها، وقالت في منشور على منصة «إكس» إن سبب سحبها كان الخشية من كشف هوية إحدى الضحايا في الصورة، لكن بعد التدقيق تبين أنها لا تظهر أياً من الضحايا، فأعادت نشرها بالكامل من دون أي تعديلات، بحسب المنشور. وتطرَّق نائب وزيرة العدل تود بلانش إلى الاتهامات قائلاً: «الجواب المقتضب هو أننا لا نقوم بشطب أي معلومات تتعلق بالرئيس ترمب».

وفي خضم تراشق الاتهامات، مما لا شك فيه أن الإدارة لن تتمكَّن من إغلاق الملف هذا العام، بل سينتقل معها إلى العام المقبل بعد عودة المُشرِّعين إلى أعمالهم إثر عطلة الميلاد التشريعية.


نشر 8 آلاف وثيقة جديدة في قضية إبستين

جيفري إبستين (رويترز)
جيفري إبستين (رويترز)
TT

نشر 8 آلاف وثيقة جديدة في قضية إبستين

جيفري إبستين (رويترز)
جيفري إبستين (رويترز)

نشرت وزارة العدل الأميركية ما يقرب من 8000 وثيقة جديدة مرتبطة بفضيحة جيفري إبستين على موقعها الإلكتروني، بعدما اتُّهمت بحجب المعلومات، وانتُقدت من المعارضة الديمقراطية بسبب البطء الشديد في نشر تفاصيل الملف.

وتحتوي الملفات الجديدة، بحسب تحليل لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، على مئات مقاطع الفيديو، والتسجيلات الصوتية، بما في ذلك لقطات من كاميرات مراقبة تعود إلى أغسطس (آب) 2019، عندما عُثر على إبستين المدان بالاعتداء الجنسي متوفياً داخل زنزانته.

ونشرت الوزارة نحو 11 ألف رابط لمستندات على الإنترنت، لكن بدا أن بعضها لا يؤدي إلى أي وثيقة.

وأقر الكونغرس بالإجماع تقريباً «قانون الشفافية في قضية إبستين» الذي فرض نشر كامل الملفات المرتبطة بالقضية بحلول يوم الجمعة الماضي.

وشكت مجموعة من الضحايا في وقت سابق من أن «جزءاً» فقط من الملفات تم نشره، وأنه تعرّض حتى إلى تنقيح «غير طبيعي، ومفرط من دون أي تفسير».

وهدد النائبان الديمقراطي رو خانا، والجمهوري توماس ماسي بتوجيه تهم الازدراء إلى وزيرة العدل بام بوندي، لفشلها في الامتثال إلى القانون.

واقترح زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشاك شومر قراراً الاثنين يدعو إلى تحرّك قانوني ضد إدارة دونالد ترمب، لفشلها في نشر ملفات إبستين كاملة.

صورة وزعتها لجنة الرقابة في مجلس النواب الأميركي تُظهر الرئيس ترمب مع جيفري إبستين وقد نشرها الديمقراطيون في اللجنة في واشنطن (رويترز)

وأرجع نائب وزيرة العدل تود بلانش التأخير إلى الحاجة لإخفاء هويات ضحايا إبستين البالغ عددهن أكثر من ألف، ونفى الأحد الاتهامات بحماية ترمب الذي كان صديقاً مقرّباً لإبستين.

حاول ترمب بداية منع الكشف عن الملفات. لكن الرئيس الذي قطع علاقته بإبستين قبل سنوات من توقيف الأخير، ولا يواجه أي اتهامات في هذه القضية، خضع أخيراً لضغوط الكونغرس، ووقّع القانون الذي يلزم الإدارة نشر الملفات.


ترمب بين إنهاء «حروب أبدية» وتسخين جبهات باردة

ترمب في ميامي في 10 ديسمبر 2025 (د.ب.أ)
ترمب في ميامي في 10 ديسمبر 2025 (د.ب.أ)
TT

ترمب بين إنهاء «حروب أبدية» وتسخين جبهات باردة

ترمب في ميامي في 10 ديسمبر 2025 (د.ب.أ)
ترمب في ميامي في 10 ديسمبر 2025 (د.ب.أ)

«لا للحروب الأبدية»، هكذا بدأ الرئيس الأميركي دونالد ترمب عهده الثاني، متعهداً بإنهاء حرب روسيا، وأوكرانيا في 24 ساعة، ووضع أميركا أولاً. قال إنه سيسحب القوات الأميركية من العراق، وسوريا، وأكد أنه أنهى ثماني حروب، وتفاخر بأنه الرئيس الأميركي الأول منذ أجيال لم يبدأ حرباً جديدة.

لكن القول أسهل بكثير من الفعل في عالم متعدد الأقطاب، ومتشعب التحديات؛ فها هو ترمب يقف على مشارف نهاية العام 2025 ويقترب من ذكرى عام على تسلمه لولايته الثانية، والحرب الروسية الأوكرانية مستمرة، مع تغيرات بارزة في منطقة الشرق الأوسط أدت إلى إعادة تموضع القوات الأميركية في العراق، وسوريا، وتحول الأنظار إلى منطقة أميركا اللاتينية مع فتح جبهات جديدة تحت عنوان الحرب على المخدرات مع فنزويلا.

عقيدة مونرو بنفحة ترمبية

ترمب مع مجموعة من الجنرالات في البيت الأبيض في 15 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

تحركات أربكت الكثيرين في الداخل، والخارج، خاصة أنها تتناقض بشكل كبير مع سياسة «أميركا أولاً» التي يتغنى بها ترمب، لتأتي استراتيجيته للأمن القومي الجديدة، وتوفر بعض الأجوبة للمتسائلين. فهذه الاستراتيجية التي غيرت بشكل جذري من الأولويات الأميركية، مستعيدة بعضاً من عقيدة مونرو بنفحة ترمبية، أظهرت بشكل واضح أن التصدي للهجرة غير الشرعية، وحماية الحدود يشكلان أساس الاستراتيجية الأمنية، وهذان من أحد الأسباب التي دفعت ترمب إلى فتح جبهة فنزويلا، على حد قوله، إضافة إلى حرب على المخدرات التي تهرب إلى الولايات المتحدة، وتؤذي الأميركيين، لتصب المواجهة أيضاً في خانة «أميركا أولاً»، وتهدف إلى حماية الولايات المتحدة.

معركة فنزويلا و«الفناء الخلفي»

مظاهرات في نيويورك معارضة للحرب على فنزويلا في 6 ديسمبر 2025 (رويترز)

لكن ما هو بارز في الاستراتيجية التركيز على أميركا اللاتينية، أو «فناء أميركا الخلفي» على حد تعبير البيت الأبيض، إذ وضعت خطاً أحمر يمنع أي نفوذ غير أميركي من التوسع هناك، ليس هذا فحسب، بل أشارت بعض التقارير إلى أن الأهداف الأميركية هناك تتخطى التصدي للمخدرات، والهجرة غير الشرعية هناك، وتصل إلى حد تغيير الأنظمة، بدءاً من نظام مادورو في فنزويلا، ووصولاً إلى نظام كاسترو في كوبا، لتتناقض تحركاته مع الاستراتيجية الأمنية التي انتقدت مساعي الإدارات السابقة لتغيير الأنظمة. لكنها سياسة تتناغم مع حلم لوزير خارجية ترمب ماركو روبيو الكوبي الأصل، والذي بنى تاريخه السياسي متوعداً بالتصدي للأنظمة الشيوعية اليسارية في أميركا اللاتينية. وهذا ما تحدث عنه هيوغو لورانس السفير الأميركي السابق إلى هندوراس، ومستشار الرئيس الأميركي سابقاً لشؤون فنزويلا قائلاً: «روبيو هو من أصول كوبية، وهو متشدد ضد اليسار في أميركا اللاتينية. بالنسبة له فنزويلا عدو وهو من بين أعضاء الإدارة الذين يودون تغيير النظام في فنزويلا. بالمقابل هناك أعضاء من حركة ماغا مثلاً الذين يحذرون من الدخول في هذه المعركة، لهذا يحاول ترمب التركيز على قضية المخدرات الشعبوية، والسعي دبلوماسياً للضغط على مادورو لمغادرة البلاد من دون الدخول في عملية عسكرية مع فنزويلا».

وزارة الحرب

ختم وزارة الحرب الجديد بعد تغيير اسمها (أ.ب)

رئيس السلام لم يكتفِ بفتح جبهة أميركا اللاتينية، بل عمد إلى تغيير آخر في إدارته أربك هو الآخر الأوساط السياسية في واشنطن، هذه المرة من وزارة الدفاع الأميركية التي أصبحت في عهده الثاني رسمياً وزارة الحرب، ما أرسل رسائل متناقضة حيال وعوده بإنهاء الحروب. وهو أمر يحذر جيم تاونسند نائب مساعد وزير الدفاع السابق لسياسة الناتو وكبير الباحثين في مركز الأمن الجديد تاونسند من أنه يشتت الانتباه عن الأمور المهمة التي يتعين على الولايات المتحدة القيام بها، ومنها تفاصيل تطبيق استراتيجية الأمن القومي بشكل واضح وتموضع القوات الأميركية «في هذا العالم الخطير للغاية الذي نعيش فيه الآن» على حد تعبيره.

لكن الجنرال مارك كيميت مساعد وزير الخارجية السابق ونائب مساعد وزير الدفاع الأميركي فيذكّر بأن وزارة الدفاع كانت تسمى وزارة الحرب من عام 1776 إلى عام 1947، مضيفاً: «إن ما فعلوه هو العودة إلى الاسم الأصلي بدلاً من ابتكار اسم جديد، فقد أرسلنا الكثير من الجنود إلى الحرب من وزارة الحرب على مدار 175 عاماً. ولا مانع لدي في تغيير الاسم». وهذا ما يؤكد عليه أنتوني شافر المسؤول الاستخباراتي السابق في الجيش الأميركي، ومدير مركز لندن للأبحاث الذي يعتبر أن التغيير كان ضرورياً لإظهار الهوية الجديدة لأميركا، والتشديد على وجود «أسلوب جديد في النظر للأمور، والتعاطي معها». وهي فعلياً تحركات تجسد الهوية التي يسعى إليها ترمب ويكررها، تحت عنوان «السلام من خلال القوة».

ترمب والحروب الثماني

ترمب مع رئيسي الكونغو ورواندا في واشنطن إثر توقيع اتفاق السلام بين البلدين في 4 ديسمبر 2025 (رويترز)

رغم إعادة تسمية وزارة الدفاع وفتح جبهة أميركا اللاتينية الجديدة، وحرب ترمب على المخدرات، فإن الرئيس الأميركي يقول إنه تمكن من إنهاء ثماني حروب في عهده الثاني، ويستاء أشد الاستياء بأنه لم يحظَ بجائزة نوبل للسلام تتويجاً لجهوده، فما هذه الحروب التي أنهاها؟

هو يذكر الحروب التالية: الكونغو ورواندا، إسرائيل وإيران، الهند وباكستان، أرمينيا وأذربيجان، كمبوديا وتايلاند، صربيا وكوسوفو، إثيوبيا ومصر، «حماس» وإسرائيل. لكن تأكيداته بإنهاء هذه النزاعات فضفاضة، خاصة أن معظم هذه «الحروب» هي نزاعات وخلافات تاريخية تمتد جذورها، وتتشعب، ولا يمكن مقارنتها بحروب «أبدية» تدخلت فيها أميركا، منها الحرب على الإرهاب التي تجسدت بشكل أساسي في حربي العراق وأفغانستان، وامتدت إلى سوريا، ومكافحة تنظيم «داعش»، ومنع عودته، وهي مهمة مستمرة حتى يومنا هذا. فهل تمكن ترمب من إنهاء هذه النزاعات؟

الكونغو-رواندا

فيما احتفلت إدارة ترمب بتوقيع اتفاق سلام بين الكونغو ورواندا في يونيو 2025 لإنهاء عقود من النزاع، إلا أن أعمال العنف لا تزال مستمرة بين الجيش في كونغو وحركة إم 23 المسلحة.

إسرائيل-إيران

أما الحرب بين إسرائيل وإيران فقد تمكن ترمب من خلال الضربات الجوية على المفاعلات النووية في إيران من كبح جماح طهران، لكن التوترات بين الطرفين مستمرة في غياب اتفاق سلام ملموس.

الهند-باكستان

وفيما يتعلق بـ«الحرب» بين الهند وباكستان، فقد تمكن ترمب من وقف التصعيد بين الطرفين الذي قد يؤدي إلى حرب عبر التوقيع على اتفاق لوقف إطلاق النار في مايو (أيار) 2025، لكن التوترات التاريخية مستمرة بين القوتين النوويتين.

أرمينيا-أذربيجان

في 8 أغسطس (آب) 2025 شهد البيت الأبيض توقيع اتفاق سلام بين أرمينيا وأذربيجان أنهى صراعاً تاريخياً وحرباً مستمرة بدأت منذ أكثر من ثلاثة عقود، وحلت النزاع على إقليم ناغورني قرة باغ.

تايلاند-كمبوديا

في صيف 2025، بعد اشتباكات حدودية بين تايلاند وكمبوديا على الحدود، تدخل ترمب مستخدماً سلاحه المفضل، الرسوم الجمركية، ليدفع الدولتين للموافقة على هدنة مؤقتة. وفي 26 أكتوبر (تشرين الأول) 2025، أثناء قمة آسيان في كوالالمبور، تم التوقيع على اتفاق تهدئة موسّع بين قادة البلدين.

صربيا وكوسوفو

«صربيا وكوسوفو كانتا على وشك الاشتباك، وكانت ستندلع حرب كبيرة. قلت لهما: إذا اشتبكتما، فلن تكون هناك تجارة مع الولايات المتحدة. فقالا: حسناً، ربما لن نفعل ذلك». هذا ما كتبه ترمب في 27 يونيو على منصته «تروث سوشيال»، لكن ورغم وجود نزاع قديم بين البلدين، فإنهما لم يكونا في حالة حرب فعلية، لكن البيت الأبيض يذكر بالجهود الدبلوماسية التي بذلها ترمب في ولايته الأولى حين وقع البلدان اتفاقات لتطبيع العلاقات الاقتصادية في المكتب البيضاوي عام 2020، لكنهما لم يكونا في حالة حرب في ذلك الوقت.

إثيوبيا ومصر

لا حرب فعلية بين البلدين لإنهائها، بل اختلافات على سد النهضة لم تشهد أي حلحلة بعد.

«حماس»-إسرائيل

أما حرب غزة، والنزاع مع إسرائيل، فهو موضوع معقد وشائك، صحيح أن ترمب تمكن بعد جهد جهيد من التوصل إلى وقف إطلاق نار في الحرب المستعرة منذ هجمات أكتوبر، إلا أن اتفاق السلام الشامل الذي طرحه يشهد عراقيل وتحديات جمة، ويغيب عن أي ذكر لحل الدولتين الذي تطالب به دول المنطقة.

حرب السودان

هي شوكة في خاصرة ترمب وفريقه، فبعد وعود الرئيس الأميركي بالتدخل شخصياً لحل الأزمة، لا تزال جهود التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مستمرة من دون حلحلة تذكر في حرب مستعرة منذ أكثر من عامين.

ترمب وبوتين في آلاسكا في 15 أبريل 2025 (أ.ب)

رئيس السلام

من الواضح أن ترمب يسعى جاهداً إلى تصوير نفسه في عهده الثاني بوصفه رئيس السلام، المصر على إنهاء الحروب. لكن خلف هذا الالتزام العلني، يبرز تموضع عسكري برغماتي يُبقي الولايات المتحدة منخرطة بعمق في الخارج. فبدلاً من إنهاء الحروب التي لا تنتهي، أعاد ترمب رسم مكان وكيفية خوض الولايات المتحدة لحروبها معدلاً أهدافها من نشر الديمقراطية إلى المصالح الاقتصادية.