خصّ الباحث الدكتور راشد بن عساكر «الشرق الأوسط» بصور وثيقتين مهمتين تنشران لأول مرة؛ الأولى بخط مستشار الملك عبد العزيز، الليبي خالد القرقني، أبدى فيها إعجابه بالملك عبد العزيز، وأنه وحّد بلاده مبتعداً عن الظلم والانتقام، وفي الوثيقة الثانية ردّ من المؤسس لتشجيع زراعة القطن لأول مرة في بلاده السعودية.
وقال العساكر إن خالد بن أحمد أبو الوليد القرقني مقاتل من طرابلس الليبية، قاتل الإيطاليين، وانتقل إلى إسطنبول، ثم ذهب إلى جدة تاجراً، وأُعجب الملك عبد العزيز به بعدما قابله وعيّنه مستشاراً. وكان القرقني يتقن عدداً من اللغات.
أرسله الملك عبد العزيز لمقابلة هتلر الزعيم الألماني، ثم أرسله إلى اليمن عام 1932، واستمر بالعمل في السعودية بعد وفاة الملك عبد العزيز، حيث واصل عمله مستشاراً للملك سعود، وتوفي عام 1971.
سكن القرقني في الرياض، ووهبه الملك عبد العزيز بيتاً، ثم انتقل للسكن في الجهة الغربية منها بجوار حي صياح من الجهة الشمالية، وبنى قصره بالبناء المسلح الحديث.
يقول العساكر: «زوّدني ببعض أوراقه الدكتور منصور الخنيزان نقلاً عن أحفاده الذين يحملون ودّاً وعرفاناً إلى السعودية وقادتها». وقد أهداه الملك سعود سيارة، بقيت لدى أسرة القرقني.
في هذه الوثيقة، أبدى القرقني إعجابه بشخصية الملك عبد العزيز، واصفاً إياه بأنه شهم وذكي ووحّد بلاده مبتعداً عن الظلم والانتقام حتى مع أعدائه.
وجاء نصّ الوثيقة المكتوبة، التي تنشر لأول مرة، بخط الشيخ خالد القرقني: «قابلت هتلر كمندوب خاص للملك عبد العزيز وكان لي أحاديث طويلة لا يمكن إتيانها في هذه العجالة، ورجعت من برلين بعد إعلان الحرب الثانية بأيام، وتعرفت فيها على رجالات كثيرة من الألمان. بقيت في خدمة الملك عبد العزيز إلى حين وفاته أسكنه المولى فسيح جناته.
كان رحمه الله شهماً ذكياً. أسّس هذه الدولة من لا شيء سوى توفيق الله وقوة شكيمته وبعده عن الظلم والانتقام من أعدائه بعد المقدرة. كان يصرّح بأن العنف لا يصلح إلا لوقت قصير، ولا تقوم الدولة إلا بالعدل، كان يعفو عن ألدّ أعدائه ويستخدمه ويحسن إليه، ويصير هذا العدو من بعد من أصدق الناس إليه. وبعد وفاته أبقاني الملك سعود كمستشار، وكان لي مع رجال الثورة المصرية اتصالات لحلّ بعض المشاكل ومعرفة بهم».

أما الوثيقة الثانية فهي بخصوص تشجيع الملك عبد العزيز لزراعة القطن في بلاده. وأوضح الدكتور العساكر أن هذه الوثيقة تكشف السمات القيادية لدى المؤسس الملك عبد العزيز. الجمع بين الأصالة والمعاصرة، وإيمانه بالأخذ بتحديث بلاده، وإدخال كل ما من شأنه رقي البلاد في جوانبها الحضارية والتطويرية، لافتاً إلى أنه حصل على الوثيقة التي تكشف اهتمام الملك عبد العزيز بتشجيع المواطنين على إدخال الوسائل الحديثة والاقتصادية التي تعود بالنفع على البلاد، مثل زراعة القطن، موضحاً أن هذه الوثيقة زوّده بصورة منها ماهر العجاجي، من محفوظات والده الشيخ محمد بن عبد العزيز العجاجي، مسؤول بيت المال في الأحساء، ومؤرخة في 31 يناير (كانون الثاني) 1928 (22 رجب 1346هـ)، متضمنة رداً من الملك عبد العزيز، موجباً على رسالة الشيخ العجاجي عن نجاح زراعة القطن في الأحساء، بعد استزراعه في المنطقة، وجلب بذوره من مصر، ونقل هذه التجربة إلى البلاد السعودية، وحصول الملك على عينة منها. وقال الملك عبد العزيز في الردّ: «ولا شك أن هذا عمل نافع ومفيد للأهالي والحكومة، وستكون عواقبه حسنة، ويسرنا أن نرى منكم عملاً يهتم بصالح البلاد ونتاجها وتقوية حاصلاتها».

