عباس فاضل: «حكايات الأرض الجريحة» يوثق صمود سكان جنوب لبنان

المخرج العراقي قال لـ«الشرق الأوسط» إن فوز فيلمه بـ«لوكارنو» منحه بُعداً عالمياً

الفيلم يوثق تعرض العديد من المواقع للتدمير خلال الحرب على جنوب لبنان (الشرق الأوسط)
الفيلم يوثق تعرض العديد من المواقع للتدمير خلال الحرب على جنوب لبنان (الشرق الأوسط)
TT

عباس فاضل: «حكايات الأرض الجريحة» يوثق صمود سكان جنوب لبنان

الفيلم يوثق تعرض العديد من المواقع للتدمير خلال الحرب على جنوب لبنان (الشرق الأوسط)
الفيلم يوثق تعرض العديد من المواقع للتدمير خلال الحرب على جنوب لبنان (الشرق الأوسط)

قال المخرج العراقي عباس فاضل إن فيلمه الوثائقي «حكايات الأرض الجريحة» لم يخطط له مسبقاً، بل جاء نتيجة ظرف مفاجئ فرضته الحرب على لبنان، مشيراً إلى أن الكاميرا كانت وسيلته لمواجهة الخوف، والبقاء واقفاً وسط الانفجارات والفوضى، وتحويل الرعب إلى سرد بصري يحفظ ذاكرة من قلب الخراب، لتكون كل لقطة بمنزلة محاولة لإنقاذ شظايا حياة قبل أن تتلاشى، وتقديم شهادة حية على ما حدث.

الفيلم، الذي عرض في النسخة الماضية من مهرجان «لوكارنو السينمائي» وحصد عنه المخرج العراقي المقيم في لبنان جائزة أفضل مخرج، يقدم رؤية صادمة وملهمة للحياة في القرى الحدودية اللبنانية خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على الجنوب، ويركز عباس فاضل على المشاهد اليومية للمدنيين بين الأنقاض، موثقاً المباني المهدمة، وآثار الدمار، عبر تتبع رحلة عائلته التي تضم زوجته وابنته الصغيرة من هجرة القرية الحدودية، والعودة إليها مجدداً.

عباس فاضل حاملاً جائزة لوكارنو (إدارة المهرجان)

وأوضح فاضل لـ«الشرق الأوسط» أن «الفيلم لم يركز على الحرب وحدها، بل سعى لإظهار الأمل المستمر في حياة الناس رغم المعاناة، مع حرصه على التقاط لحظات النور على أنه ضوء مضاد للظلام، بينما بني الفيلم سردياً على إيقاع يمزج بين الصدمات والأنفاس، ليقابل كل مشهد ألماً بلحظة حياة»، مؤكداً أن «مشاركة زوجته وابنته أضفت للفيلم صدقاً وحميمية، إذ أصبح وجودهما شاهداً على الحب والصمود في قلب المأساة».

يؤكد أن ذلك كان خياراً صعباً: «حين تصوّر أقرب الناس إليك، فأنت تصوّر هشاشتك الخاصة، لكن لم يكن ممكناً أن أمسح وجودهما من القصة، فهما عاشتا الحرب بكل تفاصيلها، وجودهما منح الفيلم صدقاً وحميمية، فالكاميرا كانت شاهدة على حبٍّ مهدَّد لكنه صامد».

وثّق الفيلم رحلة النزوح من جنوب لبنان (الشرق الأوسط)

واعتبر فاضل دور زوجته ومنتجة الفيلم، نور بالوك، أساسياً، إذ حملت المشروع من التصوير حتى المونتاج، وكان دعمها العمود الفقري لإنجاز العمل.

يرصد الفيلم رحلة أهالي جنوب لبنان منذ اللحظات الأولى للضربات، مروراً بالنزوح، وصولاً إلى العودة، وإعادة بناء ما تهدم. يعكس العمل التوازن الدائم بين الألم والقدرة على الصمود، ويصور شخصية لبنانية متشبثة بالبقاء رغم كل الصعاب.

يشير عباس فاضل إلى أن استخدام كاميرا بسيطة وهاتف جوال منحه حرية غير مسبوقة في التصوير، وساهم في إعطاء الفيلم لغة خشنة وصادقة تعكس واقع اللحظة، بعيداً عن الزينة، أو التجميل الفني، لافتاً إلى صعوبة اختيار المشاهد في المونتاج، حيث كان عليه الموازنة بين ثقل الصور وإتاحة المجال للمشاهد لالتقاط أنفاسه، فكان المونتاج بمثابة تمرين على الفقدان والتضحية باللحظات الثمينة مقابل الحفاظ على الإيقاع السردي للفيلم.

وأكد المخرج العراقي أن الاستسلام للخوف لم يكن خياراً، لافتاً إلى أنه واجه مواقف صعبة كثيرة، لكنه قبل المخاطرة، لأن الصور يجب أن تبقى حية.

ويبرز الفيلم بشكل توثيقي التدمير والاستهداف المتعمد من إسرائيل للمنشآت المدنية في جنوب لبنان بما فيها ملاهي الأطفال، بخلاف السردية الإسرائيلية المتداولة إعلامياً، وهو ما يمكن اعتباره بمثابة رد على السردية الإسرائيلية، لكن فاضل يقول: «لا أدّعي أنني قادر على مواجهة ماكينة دعاية بهذه القوة، لكن يمكنني أن أضع صوري أدلة، كل لقطة تقول: (هذا ما حدث شاهدوه) إنه قليل، لكنه جوهري».

مبانٍ مدمرة نتيجة الحرب (الشرق الأوسط)

بالنسبة له كان الفوز بجائزة أفضل مخرج في مهرجان «لوكارنو فرصة لإعطاء صوت للجنوب اللبناني، أكثر من كونه انتصاراً شخصياً»، مشيراً إلى «أن تفاعل الجمهور السويسري مع الفيلم أظهر فضولاً صادقاً لفهم كيفية التوثيق في ظروف الحرب، مما أكسب الفيلم بعداً عالمياً يتجاوز حدود بلده، لأن الفيلم ليس موجهاً لنخبة سينمائية، بل لكل من يؤمن بقوة الصورة في حمل الحقيقة، والدفاع عن الإنسان».

وحول موقفه من عدم تفكيره بالبحث عن تمويل لفيلمه، أكد المخرج العراقي أنه يفضل الإنتاج الذاتي والتمويل المستقل، رغم فقدان وسائل الراحة، لأن الحرية الفنية لا تُقدَّر بثمن، وأن الاستقلالية أصبحت فلسفة حياة، وضرورة وجودية بالنسبة له، مشيراً إلى أن تجربة الفيلم، التي جمعته بين الكتابة والإخراج والتصوير، شكلت عبئاً، لكنه منحه وحدة في الرؤية، وانسجاماً كاملاً.

الفيلم يوثق تعرض العديد من المواقع للتدمير خلال الحرب على جنوب لبنان (الشرق الأوسط)

وأشار إلى أن العبارات التي كتبت خلال عرض الشريط السينمائي الذي يستمر لنحو 120 دقيقة جاءت من قصائد كتبها أثناء الحرب، لافتاً إلى أنه فكر بالاستعانة بها على أنها علامات تضيء السرد، وتمنحه عمقاً.

وختم عباس فاضل حديثه بالقول إن الأعمال الوثائقية أصبحت طريقتَه في التنفس، والتعبير عن الواقع، موضحاً أنه لا يضع حدوداً بين الروائي والوثائقي، إلا أن الواقع الحالي يفرض نفسه بقوة لا يمكن تجاهلها، معتبراً أن فيلم «حكايات الأرض الجريحة» يحمل رسالة إنسانية عميقة، ويؤكد على حق الحياة».



طارق الأمير يرحل بعد بصمات مميزة رغم قلة الظهور

طارق الأمير مع أحمد حلمي في لقطة من فيلم «عسل إسود» (يوتيوب)
طارق الأمير مع أحمد حلمي في لقطة من فيلم «عسل إسود» (يوتيوب)
TT

طارق الأمير يرحل بعد بصمات مميزة رغم قلة الظهور

طارق الأمير مع أحمد حلمي في لقطة من فيلم «عسل إسود» (يوتيوب)
طارق الأمير مع أحمد حلمي في لقطة من فيلم «عسل إسود» (يوتيوب)

غيّب الموت الفنان المصري، طارق الأمير، الأربعاء، بعد مشوار فني قدم خلاله العديد من الأدوار اللافتة، ورغم ظهوره القليل فإن الفنان الراحل استطاع ترك بصمة مميزة في عالم الفن من خلال أعماله، وفق نقاد ومتابعين.

وفور إعلان خبر رحيل طارق الأمير، تصدر اسمه «الترند» على موقعي «إكس»، و«غوغل»، الأربعاء، في مصر، وتداول البعض على مواقع «سوشيالية»، لقطات فنية من أعماله، كما ربطوا بين توقيت رحيله، ودراما رحيل الفنانة نيفين مندور التي توفيت قبل أيام، خصوصاً أنهما شاركا معاً في بطولة فيلم «اللي بالي بالك»، قبل 22 عاماً، وحقق الفيلم نجاحاً كبيراً حينها.

وقبل أيام، تعرّض طارق الأمير لأزمة صحية مفاجئة، مكث على أثرها في أحد المستشفيات لتلقي العلاج اللازم، ولم تنجح محاولات الأطباء في علاجه.

وشيعت جنازة الفنان الراحل من أحد مساجد القاهرة، ظهر الأربعاء، وسط حضور فني وأسري بارز، لمساندة شقيقته الفنانة لمياء الأمير، كما حضر نجل خاله الفنان أحمد سعيد عبد الغني، والأخير نعاه عبر حسابه على موقع «فيسبوك»، وكتب: «توفي إلى رحمة الله ابن عمتي الغالي الفنان طارق الأمير»، كما نعى الأمير عدد آخر من الفنانين بحساباتهم على مواقع التواصل، من بينهم، روجينا، ونهال عنبر، ويوسف إسماعيل، بجانب نعي نقابة «المهن التمثيلية»، بمصر.

الفنان الراحل طارق الأمير (حساب الفنان أحمد سعيد عبد الغني على موقع فيسبوك)

وعن موهبة الفنان الراحل طارق الأمير، يقول الناقد الفني المصري، محمد عبد الرحمن، إن «الفنان الراحل من الألغاز التي رحلت عن عالمنا بلا إجابة»، لافتاً إلى أنه «من الفنانين المبدعين الذين تركوا بصمة مميزة في الكتابة والتمثيل في وقت قليل جداً».

وأضاف عبد الرحمن في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن مشاركة طارق الأمير في فيلمين من أكثر الأفلام تحقيقاً للمشاهدة، وهما «اللي بالي بالك»، و«عسل إسود»، كان من حسن حظه، رغم مرور أكثر من 20 عاماً على إنتاجهما.

محمد سعد وطارق الأمير في لقطة من فيلم «اللي بالي بالك» (يوتيوب)

وأكد عبد الرحمن أن «طارق الأمير لم يحصل على مساحته بشكل جيد، وغالباً ما يكون الأمر مرتبطاً بعدم رغبته أو قدرته على تسويق نفسه، أو انتمائه لجيل معين، وعندما تراجع هذا الجيل تراجع هو الآخر بالتبعية، ولكن في المجمل، ورغم أعماله القليلة في الكتابة والتمثيل، فإنه كان صاحب موهبة حقيقية».

في السياق، بدأ طارق الأمير مسيرته التمثيلية في تسعينات القرن الماضي، وشارك خلالها في عدد من الأعمال الفنية، وقدم أدواراً مميزة من بينها شخصية «الضابط هاني»، في فيلم «اللي بالي بالك»، مع الفنان محمد سعد، وكذلك شخصية «عبد المنصف»، في فيلم «عسل إسود»، حيث شكل مع الفنان أحمد حلمي «ديو» كوميدي لافت، بجانب مشاركته في أفلام «عوكل»، و«كتكوت»، و«صنع في مصر»، وبعيداً عن التمثيل، كتب طارق الأمير السيناريو لعدد من الأفلام السينمائية، مثل «مطب صناعي»، و«كتكوت»، و«الحب كدة»، وغيرها.


بينها تخفيف التوتر والحساسية... 10 فوائد صحية للنباتات المنزلية

الغرف التي تضم نباتات تحتوي على غبار وعفن أقل من الغرف الخالية منها (بيكسلز)
الغرف التي تضم نباتات تحتوي على غبار وعفن أقل من الغرف الخالية منها (بيكسلز)
TT

بينها تخفيف التوتر والحساسية... 10 فوائد صحية للنباتات المنزلية

الغرف التي تضم نباتات تحتوي على غبار وعفن أقل من الغرف الخالية منها (بيكسلز)
الغرف التي تضم نباتات تحتوي على غبار وعفن أقل من الغرف الخالية منها (بيكسلز)

يحب الكثير من الناس إضفاء لمسة من الطبيعة على منازلهم حيث يلجأون إلى النباتات، والأزهار الملونة. ولهذه العادة الكثير من الفوائد الصحية التي قد نجهلها، أبرزها بحسب موقع «ويب ميد»:

1- تخفيف الحساسية

وجد الباحثون أن الغرف التي تضم نباتات تحتوي على غبار وعفن أقل من الغرف الخالية من النباتات. تعمل أوراق النباتات وأجزاؤها الأخرى مرشحات طبيعية لالتقاط مسببات الحساسية، والجسيمات الأخرى الجوالة جواً.

يمكن لنباتات الزينة المنزلية الشائعة التي تتحمل الإضاءة الخافتة، مثل زنبق السلام، أن تؤدي هذه المهمة. وقد تكون نباتات البنفسج وغيرها من النباتات ذات الأوراق الخشنة أكثر فعالية في التقاط هذه المواد. تجنب النباتات التي تحتوي على حبوب اللقاح، أو الأبواغ.

2- تحسين المزاج

لا تقتصر فوائد النباتات على إضفاء البهجة على محيطك فحسب، بل تُحسّن مزاجك أيضاً. فالموظفون الذين يعملون في مكاتب مُزينة بالنباتات يشعرون عادةً براحة أكبر تجاه وظائفهم، ويقل قلقهم، ويقلّ غيابهم عن العمل بسبب المرض. وتُعدّ الأزهار، على وجه الخصوص، وسيلة رائعة لتحسين المزاج. لذا، زيّن غرفتك بالأزهار، مثل نبتة أحمر الشفاه، أو باقة زهور طازجة، ولاحظ كيف يتحسّن مزاجك.

3- نباتات العنكبوت لترطيب الهواء

يمكن لأجهزة التدفئة والتكييف أن تستنزف الرطوبة داخل المنزل، خاصةً في فصل الشتاء. وهذا قد يزيد من احتمالية الإصابة بنزلات البرد، أو الإنفلونزا، أو يسبب حكة في الجلد. تُضيف نباتات الزينة المنزلية الرطوبة إلى الهواء. وقد وجدت إحدى الدراسات أن مجموعة من نباتات العنكبوت رفعت نسبة الرطوبة النسبية في غرفة النوم من 20 إلى 30 في المائة، وهي نسبة أكثر راحة.

4- أجهزة تنقية الهواء

يُطلق السجاد، والدهانات، والمنظفات، وأحبار الطابعات وغيرها من الأشياء الداخلية ملوثات تُسمى المركبات العضوية المتطايرة. قد تتراكم هذه المركبات في الهواء وتُسبب تهيج العينين، والجلد، وتفاقم الربو، أو صعوبة في التنفس. تستطيع النباتات المنزلية امتصاص هذه المركبات. ومن أفضلها لتنقية الهواء: اللبلاب الإنجليزي، ونبتة الهليون، وشجرة التنين.

نبتة تظهر على طاولة في أحد المنازل (بيكسلز)

5- أعشاب لتحسين الهضم

قد يساعد النعناع في تخفيف الانتفاخ، والغازات، وغيرهما من المشكلات بعد تناول الطعام. من الأنواع الشائعة التي يمكنك زراعتها هي النعناع الفلفلي، والنعناع الأخضر (وهو عنصر أساسي في مشروب النعناع المنعش). كما أن الريحان، وهو عشب آخر يُستخدم في الطبخ، يمكن أن يساعد في تهدئة المعدة. جرب نقع أوراقه في الماء الساخن.

6- الخزامى المهدئ

يُعدّ هذا النبات الأرجواني العطري من أهمّ الأعشاب الطبية منذ قرون. يمكنك استنشاق زيت الخزامى، أو تدليكه على فروة رأسك للاستفادة من فوائده العلاجية. كما يمكنك غلي أوراقه لتحضير الشاي. تشير بعض الدراسات إلى أنه قد يساعد على تهدئة الأعصاب، وتخفيف القلق، ولكن لا تزال هناك حاجة إلى مزيد من الأدلة على ذلك.

7- الصبار للإسعافات الأولية

يُعدّ جل الصبار علاجاً منزلياً شائعاً. فهو يُعالج حروق الشمس، والحروق الطفيفة الأخرى، ويُخفف من أعراض الصدفية، وغيرها من الأمراض الجلدية. كما يُساعد عصير الصبار في معالجة حالات الإمساك.

8- نوم هانئ

تمتص النباتات ثاني أكسيد الكربون، وتطلق الأكسجين. هكذا تحوّل ضوء الشمس إلى غذاء، وهي عملية تُسمى التمثيل الضوئي. بعض النباتات، مثل زهور الجربيرا، تستمر في إطلاق الأكسجين حتى بعد غروب الشمس. ضع بعض النباتات المبهجة في غرفة نومك، حيث قد يساعدك الأكسجين الإضافي على النوم بشكل أعمق.

9- تخفيف التوتر

هل تشعر بثقل ضغوطات الحياة اليومية؟ جرّب إضافة نبات فيلوديندرون ذي الأوراق القلبية، أو نبات الثعبان إلى ديكور منزلك. قد يساعدك ذلك على الاسترخاء. وقد أجرت العديد من الدراسات قياسات لمستويات ضغط الدم، ومعدل ضربات القلب، وهرمون الكورتيزول (هرمون التوتر) لدى الأشخاص أثناء قيامهم بمهام صعبة، أو تعرضهم لضغط نفسي. وُوجد أن العيش بين النباتات له تأثير مهدئ على الإنسان.

10- تركيز أفضل

قد تساعدك النباتات على تحسين درجاتك في الاختبارات، وتسهيل التركيز على مهامك، وتقوية ذاكرتك. أظهر الطلاب في الفصول الدراسية التي تحتوي على 3 نباتات أداءً أفضل في اختبارات الرياضيات، والإملاء، والقراءة، والعلوم مقارنةً بالطلاب في الفصول الدراسية الخالية من النباتات.


مقر وزارة الداخلية المصرية بالقاهرة... من مبنى مهيب إلى مجمع ترفيهي

رسم توضيحي لمخطط التطوير (مجلس الوزراء المصري)
رسم توضيحي لمخطط التطوير (مجلس الوزراء المصري)
TT

مقر وزارة الداخلية المصرية بالقاهرة... من مبنى مهيب إلى مجمع ترفيهي

رسم توضيحي لمخطط التطوير (مجلس الوزراء المصري)
رسم توضيحي لمخطط التطوير (مجلس الوزراء المصري)

تبدل حال «حسن بهلول»، صاحب الحس الكوميدي الساخر، بمجرد رؤية عنصري شرطة يتمتعان بالشدة والحزم في المقهى الشعبي الذي اعتاد الجلوس فيه، وذلك بعد استدعائه إلى مقابلة ضابط أمن الدولة المقدم «معتصم الألفي» داخل مبنى وزارة الداخلية المصرية في قلب ميدان «لاظوغلي» الشهير، وزادت حدة توتر «بهلول» الذي جسده عادل إمام برؤية مبنى الوزارة المهيب من الخارج قبل الولوج إليه، والمرور من أمام أفراد مدججين بالأسلحة، وخلال مروره إلى المقدم «الألفي»، حسين فهمي، سمع «بهلول» أصواتاً تشير إلى تعذيب أشخاص داخل إحدى الغرف، فتضاعف قلقه.

عادل إمام في مشهد من فيلم «اللعب مع الكبار» (الشركة المنتجة)

هذا المشهد «الأيقوني» الذي يعود إلى فيلم «اللعب مع الكبار»، عام 1991، كان يعكس «الهيبة» الكبيرة التي كان يتمتع بها مبنى وزارة الداخلية، لا سيما خلال الأحداث المهمة التي مرت بها مصر على مدار عقود، لكن تلك الهيبة تلاشت مع نقل الوزارة مع وزارات أخرى إلى العاصمة الجديدة (شرق القاهرة)، وتحويل هذا المقر إلى مجمع ترفيهي ضمن مشروع حكومي كبير يعيد استغلال مباني الوزارات القديمة بشكل استثماري.

يهدف مشروع التطوير إلى استغلال المقر بشكل مثالي

وتفقد المهندس حسن الخطيب وزير الاستثمار والتجارة الخارجية الأربعاء، سير عمل شركة «ريلاينس لتطوير المشروعات العقارية» بمشروع تطوير المقر السابق لوزارة الداخلية، الذي يتكون من عدة مبان.

ويعد هذا المشروع من أهم مشروعات الصندوق السيادي التابع لوزارة الاستثمار والتجارة الخارجية، الذي يهدف إلى إعادة استغلال أصول الدولة، وتعظيم الاستفادة منها، وجذب استثمارات أجنبية، وبناء شراكات مع القطاع الخاص ضمن أهداف الصندوق.

وحسب بيان نشره مجلس الوزراء المصري، الأربعاء، فإن المشروع يهدف إلى تحويل مقر وزارة الداخلية السابق لمجمع خدمي متكامل، حيث يقدّم وجهة متكاملة تضم مكونات ضيافة، تشمل فندقاً تحت إدارة شركة «ماريوت» العالمية، وشققاً فندقية، ومركز إبداع، ومساحات مكتبية وإدارية، ومتاجر ومنافذ للأطعمة والمشروبات، ومرافق ترفيهية، ومساحات مخصّصة للبرامج والأنشطة الثقافية، وتشمل هذه المكونات مساحات داخلية مصممة بعناية وساحة مركزية واسعة.

جانب من الزيارة (مجلس الوزراء المصري)

وتتضمن رؤية تطوير المشروع إعادة إحياء منطقة محورية ذات طابع ثقافي وتاريخي في وسط البلد بالقاهرة، وتهدف هذه الرؤية إلى تطوير منظور جديد للمنشآت الترفيهية والسياحية والعملية، مع الحفاظ على الأصالة والتراث الثقافي والتاريخي للمنطقة. ويضم الموقع سبيل شريف باشا، الذي يعود إنشاؤه إلى عام 1913م، ما يضفي على المشروع الطابع الأثري الفريد.

وقد استُلهمت التصميمات الهندسية للمشروع من هذا التراث، لضمان انسجام التطوير مع التنسيق الحضاري والتاريخي للمنطقة، مع تقديم تجربة عصرية متميزة للزوار والمقيمين، وفق مجلس الوزراء.

ويبلغ عدد الغرف الفندقية التي سيتيحها المشروع 364 غرفة فندقية، وعدد 35 وحدة تجارية، ومساحات إدارية وترفيهية بمساحة 20 ألف متر مربع، ويتيح المشروع 3 آلاف فرصة عمل مباشرة، و10 آلاف فرصة عمل غير مباشرة، ومن المقرر الانتهاء منه في النصف الأول من 2027.

وأكد المهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية أن هذا المشروع الكبير هو تطبيق عملي لنهج الصندوق السيادي، بالعمل على تحقيق أقصى استفادة من الأصول غير المستغلة، وتحويلها لمشروعات كبرى تدر دخلاً للدولة، وتسهم في خلق فرص عمل جديدة للشباب.

وأوضح الخطيب أن الصندوق السيادي هدفه ليس البيع ولكن تعظيم العائد من أصول الدولة، بما يعزز من ميزانية الدولة، ويحفظ حقوق الأجيال المقبلة.

يتكون المقر السابق لوزارة الداخلية من مبان عدة (مجلس الوزراء المصري)

وتضم منطقة وسط القاهرة مباني وزارات سابقة، من بينها العدل، والتربية والتعليم، والإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، والتموين والتجارة الداخلية، والإنتاج الحربي، والهيئة العامة للتخطيط العمراني، بالإضافة إلى مجمع التحرير الشهير، الذي تم تصوير فيلم «الإرهاب والكباب» فيه، وهو من بطولة «الزعيم» عادل إمام.

ويرى الكاتب الصحافي محمود التميمي، مؤسس مشروع «القاهرة عنواني» المهتم بحفظ الذاكرة المصرية، أن إعادة استغلال مبنى الداخلية القديم وكل مباني الوزارات في وسط القاهرة فكرة مقبولة في سياق النهج الاقتصادي للدولة، لكنها تحتاج إلى ضوابط.

ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «أغلب مباني وزارة الداخلية القديمة غير تراثية أو أثرية، لأنها مبانٍ حديثة، ويمكن استغلالها بسهولة في تحويلها إلى فندق سياحي، ومجمع خدمي ترفيهي».

ووفق التميمي، فإن مبنى وزارة الداخلية بوسط القاهرة كان يتمتع بهيبة كبيرة خلال العقود الماضية، لافتاً إلى أن كثيرين كانوا يخشون المرور من أمامه خوفاً من التفتيش.

ويتوقع الكاتب المصري أن يعيد مشروع استغلال مباني الوزارات القديمة إلى وسط القاهرة رونقها مجدداً، بعد فترة طويلة من الإهمال، مشدداً على ضرورة الاستغلال الأمثل للمباني ذات الطابع المعماري المميز والقصور الأثرية، ويؤكد أن إغلاق المباني التاريخية هو السبب الرئيسي وراء تدهورها، في حين شهدت بعض المباني الأثرية ازدهاراً لافتاً بعد استغلالها في أنشطة ثقافية على غرار قصر الأمير طاز، وبيت السناري، ووكالة الغوري وغيرها.

مسؤولون مصريون خلال الجولة (مجلس الوزراء المصري)

وتعوّل مصر على قطاع السياحة، بوصفه مصدراً مؤثراً في توفير العملات الأجنبية وفرص العمل، وحقّقت القاهرة رقماً قياسياً في تدفقات السائحين العام الماضي، باستقبالها نحو 15.7 مليون سائح خلال عام 2024، رغم الاضطرابات الإقليمية، حسب مجلس الوزراء المصري، وتتوقع مصر أن يزيد هذا الرقم خلال عام 2025، لا سيما بعد افتتاح المتحف المصري الكبير رسمياً وبشكل كامل منذ نحو شهرين.