«هدنة غزة»... 3 سيناريوهات أمام المقترح الجديد

مصر تدعو إسرائيل لقبول الصفقة التي وافقت عليها «حماس»

رد فعل امرأة فلسطينية في «مستشفى العودة» على مقتل طالبي المساعدة بمنطقة النصيرات (أ.ف.ب)
رد فعل امرأة فلسطينية في «مستشفى العودة» على مقتل طالبي المساعدة بمنطقة النصيرات (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»... 3 سيناريوهات أمام المقترح الجديد

رد فعل امرأة فلسطينية في «مستشفى العودة» على مقتل طالبي المساعدة بمنطقة النصيرات (أ.ف.ب)
رد فعل امرأة فلسطينية في «مستشفى العودة» على مقتل طالبي المساعدة بمنطقة النصيرات (أ.ف.ب)

تستمر مصر في إجراء اتصالات مكثفة لحضّ إسرائيل على التعامل بشكل إيجابي مع مقترح الهدنة المطروح في قطاع غزة لمدة 60 يوماً، وسط تحركات عسكرية إسرائيلية تعززها حكومة بنيامين نتنياهو بتصديقات واستدعاءات للاحتياط.

وفي ضوء غموض الموقف الأميركي والإسرائيلي إزاء المقترح الجديد الذي قبلته «حماس»، يرى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن مصيره يواجه 3 سيناريوهات محتملة: رد نتنياهو بحد أقصى الخميس والبدء في مفاوضات لاتفاق جزئي دون تصعيد عسكري، أو المضي في مفاوضات تحت النار عبر عمليات عسكرية نوعية محددة، أو التمسك بصفقة شاملة بشروطه المتضمنة نزع سلاح المقاومة كذريعة لبدء الاجتياح الشامل لمدينة غزة وانهيار المحادثات.

وبينما ثمنت مصر في بيان لـ«الخارجية»، الأربعاء، الجهود الدبلوماسية التي تتم بغية التوصل إلى تسوية للأزمة الأوكرانية (عقب اجتماعات أجراها منذ أسبوع الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، وأخرى مع زعماء أوروبيين)، أعربت عن تطلعها «لأن يواصل المجتمع الدولي بذل جهوده أيضاً في منطقة الشرق الأوسط لتسوية القضية الفلسطينية بشكل حاسم ونهائي».

وشددت على «ضرورة قبول الجانب الإسرائيلي بالصفقة التي وافقت عليها حركة «حماس» بناء على مقترح المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف لسرعة التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة ونفاذ المساعدات الإنسانية وإطلاق سراح الرهائن وعدد من الأسري الفلسطينيين.

طفل فلسطيني يهرول بعيداً عن موقع الغارات الجوية الإسرائيلية في حي الصفطاوي غرب جباليا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

وفي انتظار الردّ الإسرائيلي، أقر وزير الدفاع، يسرائيل كاتس، الأربعاء، خطة وضعت في 8 أغسطس (آب) الحالي لاحتلال كامل قطاع غزة، وأمر باستدعاء 60 ألف جندي احتياط تمهيداً لتنفيذ العملية، ووافق على تحضيرات لإجلاء السكان، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

ووفقاً لإحاطة صحافية للجيش الإسرائيلي، الأربعاء، «فهناك مرحلة جديدة من القتال، عبر عملية تدريجية دقيقة ومركّزة داخل مدينة غزة وحولها، والتي تُعد حالياً المعقل العسكري والإداري الرئيسي لـ(حماس)» بعد أكثر من أسبوع، من بدء تنفّيذ القوات الإسرائيلية عمليات عسكرية في أحياء بمدينة غزة، لا سيما حي الزيتون ومنطقتي الصبرة وتل الهوى.

وتهدف العملية التي أطلق عليها «عربات جدعون2»، بخلاف الأولى التي كانت في مايو (أيار) الماضي إلى «تهيئة الظروف لإنهاء الحرب مع إطلاق سراح جميع المختطفين ونزع سلاح (حماس) ونفي كبار قادتها، ونزع سلاح غزة»، حسب ما نقلته «القناة 12»، الأربعاء.

ونقلت «رويترز»، الثلاثاء، عن مصدر سياسي إسرائيلي، قوله: «سياسة إسرائيل ثابتة ولم تتغير، تطالب بإطلاق سراح الخمسين رهينة وفقاً للمبادئ (الخمسة)، نحن في مرحلة الحسم النهائي لـ(حماس) ولن نترك أي رهينة خلفنا»، في إشارة للتمسك بصفقة شاملة.

وحسب أستاذ العلوم السياسية المختص بالشؤون الإسرائيلية والفلسطينية الدكتور طارق فهمي، «فإننا إزاء مسار عسكري إسرائيلي لا يحتمل أن يكون مراوغة أو من أجل زيادة الضغوط لكن ليس حاسماً بعدُ، بمعني أن إسرائيل تتقدم خطوة للأمام وترجع أخرى للوراء».

ويتوقع فهمي عدة سيناريوهات في هذا المشهد الغامض «أولها أن يسلم نتنياهو رده على المقترح الجديد بحد أقصى الخميس مع إبداء تحفظات ويمضي في مفاوضات وصولاً إلى هدنة دون تصعيد عسكري، أو يجرى المحادثات تحت النيران مع عمليات عسكرية نوعية محددة لتثبيت مطالبه الجديدة وزيادة عدد الرهائن مثلاً، أو يتحرك بدعم أميركي نحو احتلال القطاع بعد وضع ذرائع وانهيار المفاوضات».

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، أن المؤشرات على الأرض تشير إلى الاستمرار في التحركات العسكرية الإسرائيلية على أن يقدم نتنياهو الرد بعد قطع شوط في تلك التحركات، مع طرح المطالبة بصفقة شاملة والاستمرار في الضغط العسكري لتحسين شروطه وتنفيذه شروطه الخمسة.

في المقابل، تزداد الانتقادات داخل إسرائيل وفي العالم، للتحركات العسكرية الجديدة، وقالت عائلات الرهائن في رسالة وجهتها إلى نتنياهو، الأربعاء، إن الموافقة على خطط احتلال غزة، رغم وجود صفقة على الطاولة تتطلب موافقة نتنياهو، «طعنة في قلبنا خصوصاً أنه من الممكن والضروري التوصل إلى اتفاق شامل».

وأكدت الحكومة الألمانية رفضها تصعيد الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة، مشيرة إلى أنها تجد «صعوبة متزايدة في فهم كيف ستؤدي هذه الإجراءات إلى إطلاق سراح جميع الرهائن أو إلى وقف إطلاق النار».

كما انتقد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مجدداً، خطة السيطرة على مدينة غزة، قائلاً إن الهجوم العسكري الذي تعده إسرائيل «لن يؤدي سوى إلى كارثة فعلية للشعبين» الفلسطيني والإسرائيلي.

ولم يعلق ترمب الذي كان يكرر الشهر الماضي قرب التوصل إلى اتفاق بغزة على المقترح الجديد، واكتفى الثلاثاء في تصريحات بـ«البيت الأبيض» بوصف نتنياهو بأنه «بطل يقاتل في غزة»، وتلاه تأكيد ويتكوف في حديث لقناة «فوكس نيوز» بأن الرئيس الأميركي يريد إنهاء الحرب على غزة بشكل فوري، دون إشارة للمقترح أو الموقف منه.

ويرى مطاوع أن واشنطن «لن تعطي أهمية كبرى لصفقة غزة في ظل انشغالها بملفات أهم، لا سيما المرتبطة بأوكرانيا»، لافتاً إلى أن «المؤشرات تقول إن العملية العسكرية ماضية في طريقها، وستطرح معها الصفقة الشاملة وفق الشروط الخمسة لإنهاء الحرب دون توقف عند اتفاقات جزئية».


مقالات ذات صلة

إسرائيل تخنق المنظمات الإنسانية في غزة والضفة

المشرق العربي فلسطينيون في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة ينتظرون تلقي وجبات الطعام يوم الثلاثاء (د.ب.أ) play-circle

إسرائيل تخنق المنظمات الإنسانية في غزة والضفة

بدأت الحكومة الإسرائيلية سحب تصاريح منظمات إنسانية دولية تعمل في قطاع غزة والضفة الغربية، بحجة عدم استكمال إجراءات التسجيل المطلوبة لممارسة أي نشاط.

«الشرق الأوسط» (غزة - تل أبيب)
تحليل إخباري طفل يقف وسط ملاجئ مؤقتة للنازحين الفلسطينيين في مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «اتفاق غزة»: موعد محتمل للمرحلة الثانية يجابه «فجوات»

حديث عن موعد محتمل لبدء المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بغزة، ضمن النتائج البارزة للقاء الرئيس دونالد ترمب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

محمد محمود (القاهرة)
العالم ​تدهور ‌الوضع الإنساني في غزة (أ.ف.ب)

10 دول تحذر من استمرار الوضع الإنساني «الكارثي» في غزة

عبرت بريطانيا وكندا وفرنسا ودول أخرى في بيان مشترك، ‌الثلاثاء، ‌عن ‌قلقها البالغ ⁠إزاء ​تدهور ‌الوضع الإنساني في غزة، ودعت إسرائيل إلى اتخاذ إجراءات ⁠عاجلة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا شعار شركة «إيرباص» (رويترز)

إسبانيا تستثني «إيرباص» من حظر استخدام التكنولوجيا الإسرائيلية

منحت إسبانيا شركة «إيرباص» إذناً استثنائياً لإنتاج طائرات وطائرات مسيرة باستخدام التكنولوجيا الإسرائيلية في مصانعها الإسبانية.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
المشرق العربي لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب و رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في فلوريدا الاثنين (أ.ف.ب) play-circle

كيف قرأ الإسرائيليون لقاء ترمب - نتنياهو؟

أظهرت تقييمات إسرائيلية أن قمة فلوريدا بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، منحت الأخير فرصة للحفاظ على شروطه.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب - غزة)

محافظ حضرموت لـ«الشرق الأوسط»: الإمارات بدأت الانسحاب والباب ما زال مفتوحاً لـ«الانتقالي»

سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)
سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)
TT

محافظ حضرموت لـ«الشرق الأوسط»: الإمارات بدأت الانسحاب والباب ما زال مفتوحاً لـ«الانتقالي»

سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)
سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)

دعا محافظ حضرموت، سالم الخنبشي، جميع أبناء المحافظة المنخرطين مع المجلس الانتقالي الجنوبي، وقوات الدعم الأمني، إلى العودة صوب منازلهم، أو الالتحاق بإخوتهم في «درع الوطن»، متعهداً باستيعابهم واستقبالهم وترتيب أوضاعهم.

وكشف الخنبشي -في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»- أن القوات التابعة للإمارات بدأت فعلياً الانسحاب من جميع المواقع التي كانت تتمركز فيها، سواء في حضرموت أو شبوة.

سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)

وأوضح أن صفارات الإنذار دوَّت، مساء الثلاثاء، بمطار الريان، تمهيداً لسحب القوات الإماراتية الموجودة هناك، لافتاً إلى أن قوات أخرى انسحبت أيضاً من بلحاف في شبوة.

وأوضح المحافظ أن للإمارات وجوداً محدوداً في منطقتي الربوة والضبة بحضرموت بأعداد قليلة، ويقتصر على خبراء وقادة يتولون الإشراف على قوات الدعم الأمني التابعة للمجلس الانتقالي.

وأفادت مصادر متطابقة بأن القوات الإماراتية في محافظة شبوة، وتحديداً في معسكر مُرَّة، بدأت يوم الثلاثاء فعلياً تفكيك أجهزة الاتصالات، في إطار استعدادها لمغادرة البلاد، بناءً على طلب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني الدكتور رشاد العليمي.

وشدَّد محافظ حضرموت على أن الحلَّ الوحيد لإنهاء الأزمة الحالية يتمثَّل في انسحاب جميع قوات المجلس الانتقالي الجنوبي من محافظتي حضرموت والمهرة، بشكلٍ سلمي. وقال إن «الباب ما زال مفتوحاً، ونتمنى أن يستغل الإخوة في (الانتقالي) هذه الفرصة، لتجنيب أنفسهم وحضرموت وكل البلاد أي اقتتال أو مواجهة عسكرية، وأن يعودوا من حيث أتوا، بعدها يمكن الدخول في حوار سياسي حول أي تشكيل مستقبلي، ولكن من دون فرض أمر واقع بالقوة».

ولفت الخنبشي إلى جهوزية قوات «درع الوطن» التي يشرف عليها رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، واستعدادها للانتشار في حضرموت والمهرة، وفقاً لإعلان حالة الطوارئ الذي أصدره الرئيس العليمي.

وأضاف أن هناك أيضاً قوات من أبناء حضرموت تُقدَّر بنحو 3 آلاف عنصر، كانوا يخدمون في المنطقة العسكرية الأولى، وهم جاهزون لمساندة إخوانهم في «درع الوطن».

وأوضح محافظ حضرموت، سالم الخنبشي، أن مستوى التنسيق مع السعودية في أعلى مستوياته. وأضاف أن المملكة «تنظر إلى حضرموت والمهرة بوصفهما عمقها الأمني الاستراتيجي؛ إذ تجمعنا حدود تتجاوز 700 كيلومتر، ومن هنا فإن أمن واستقرار حضرموت والمهرة يُعدَّان جزءاً من الأمن الاستراتيجي للمملكة»؛ مشيراً إلى أنهما «يمثلان أيضاً عمقاً بشرياً وتاريخياً وإنسانياً، وتجمعنا أواصر القربى والأخوة»، مؤكداً الحرص على «ألا تتحول حضرموت والمهرة إلى بؤرة خطر تهدد أمن المملكة».

ووفقاً للخنبشي، فإن القرارات التي أصدرها الرئيس رشاد العليمي ومجلس الدفاع الوطني جاءت في توقيتٍ مناسب، بهدف تفويت الفرصة على كل من سعى إلى استغلال الوضع، على حدِّ تعبيره.


مصر تتابع التطورات في اليمن وتثمن التعامل البنّاء للسعودية والإمارات

العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)
العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

مصر تتابع التطورات في اليمن وتثمن التعامل البنّاء للسعودية والإمارات

العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)
العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)

قال بيان للمتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الثلاثاء)، إن القاهرة تتابع باهتمام بالغ الأوضاع الأخيرة على الساحة اليمنية، وذلك من خلال الاتصالات المكثفة التي تجريها على أعلى المستويات وعلى مدار الساعة مع الأطراف المعنية كافة.

وأضاف البيان أن مصر تؤكد ثقتها التامة في حرص الأشقاء في كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على التعامل بحكمة مع التطورات الحالية في اليمن، وذلك في إطار إعلاء قيم الأخوة بين البلدين الشقيقين، وصون وحدة الصف والمصير العربي المشترك في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها اليمن الشقيق والمنطقة.

وتعرب جمهورية مصر العربية في هذا السياق عن تقديرها البالغ لحكمة القيادتين السعودية والإماراتية في التعامل البنّاء مع تطورات الأوضاع في اليمن، والحرص على تحقيق الاستقرار في اليمن، والحفاظ على سيادته ومصالح شعبه الشقيق.

وتؤكد جمهورية مصر العربية أنها لن تألو جهداً في مواصلة اتصالاتها المستمرة مع الأشقاء في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، ومع الجانب اليمني، وباقي الأطراف الإقليمية والدولية المعنية؛ للعمل على خفض التصعيد، وبما يمهد إلى التوصل لتسوية سياسية شاملة في اليمن، تحقق طموحات وتطلعات الشعب اليمني الشقيق المشروعة في مستقبل آمن ومزدهر وتدعم الأمن والاستقرار في المنطقة.


العليمي: فرض الأمر الواقع في أراضينا يهدد الدولة ومكافحة الإرهاب ليست ذريعة سياسية

اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)
اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)
TT

العليمي: فرض الأمر الواقع في أراضينا يهدد الدولة ومكافحة الإرهاب ليست ذريعة سياسية

اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)
اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)

حذّر الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، من خطورة التحركات العسكرية الأحادية في المحافظات الشرقية، مؤكداً أنها تُمثل تهديداً مباشراً لوحدة القرار العسكري والأمني، وتقويضاً للمركز القانوني للدولة، وإعادة إنتاج لمنطق السلطات الموازية الذي يرفضه المجتمع الدولي.

جاء ذلك خلال لقائه، الثلاثاء، سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن، بحضور وزير الخارجية وشؤون المغتربين الدكتور شائع الزنداني، حيث خُصص اللقاء لاستعراض آخر مستجدات الأوضاع المحلية، وفي مقدمتها التطورات في محافظتي حضرموت والمهرة، الأمر الذي استدعى اتخاذ حزمة من القرارات والإجراءات الدستورية والقانونية الحازمة، حمايةً لأمن المواطنين، وصوناً لوحدة اليمن وسيادته واستقراره وسلامة أراضيه.

وفي مستهل اللقاء، رحّب الرئيس بالسفراء، مثمّناً وحدة مواقف دولهم الداعمة للشعب اليمني في أصعب مراحله، سياسياً وإنسانياً واقتصادياً، ومؤكداً أن ما تشهده المحافظات الشرقية لا يندرج في إطار خلاف سياسي داخلي، بل يُشكّل مساساً خطيراً بأسس الدولة ووحدة مؤسساتها.

وأوضح الرئيس العليمي أن القيادة اليمنية بذلت خلال الفترة الماضية جهوداً مكثفة للتهدئة وخفض التصعيد، واحتواء تداعيات الإجراءات العسكرية الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي الجنوبي خارج مرجعيات المرحلة الانتقالية، ودون موافقة مجلس القيادة الرئاسي أو التنسيق مع قيادة تحالف دعم الشرعية، غير أن هذه المساعي قوبلت - حسب تعبيره - بالتعطيل والإصرار على فرض الأمر الواقع.

وأشار إلى أنه بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، وجّه صراحة بمنع أي تحركات عسكرية خارج إطار الدولة، وتمت الموافقة على خطة إعادة تموضع تدريجية لقوات «درع الوطن» من ثلاث مراحل، نُفذت مرحلتان منها بالفعل. كما كشف عن تشكيل لجنة تواصل رفيعة المستوى لاحتواء التصعيد وفتح قنوات الحوار، إلا أن تلك الجهود لم تلقَ استجابة.

وشدّد الرئيس العليمي على أن المشكلة لم تكن يوماً نقصاً في الحلول، بل تعطيلها المتعمد، مفنداً في الوقت ذاته ما وصفها بالسرديات المضللة التي تحاول تبرير فرض الأمر الواقع بالقوة تحت لافتة مكافحة الإرهاب. وقال إن مكافحة الإرهاب «قرار دولة ومؤسسات شرعية، وليست ذريعة سياسية»، مذكّراً بالإنجازات التي حققتها المؤسسات العسكرية والأمنية اليمنية، بدعم شركائها، في تفكيك الخلايا الإرهابية، وتجفيف مصادر تمويلها، وتأمين المدن والممرات الحيوية.

وفي ملف القضية الجنوبية، جدّد الرئيس العليمي التأكيد على الموقف المبدئي والثابت من معالجتها، وفق أي خيارات تقررها الإرادة الشعبية الحرة، مع رفض قاطع لفرض أي حلول بقوة السلاح أو الأمر الواقع.

وعدّ أن اختزال القضية الجنوبية في تمثيل حصري أو تحركات عسكرية يسيء إلى عدالتها ويقوّض فرص الحل السياسي المستدام، ويلحق الضرر بأبناء الجنوب قبل غيرهم، لافتاً إلى أن هذا الموقف يتطابق مع ما أكدته المملكة العربية السعودية من أن القضية الجنوبية لا تُحل إلا عبر الحوار وفي إطار تسوية سياسية شاملة.

وحذّر رئيس مجلس القيادة الرئاسي من أن وجود ميليشيات لا تأتمر لأوامر الدولة يعرّض أولويات المجتمع الدولي ومصالحه في المنطقة للخطر، فضلاً عن تطلعات الشعب اليمني للأمن والاستقرار والعيش الكريم.

وأكد أن أي اضطراب في حضرموت والمهرة سينعكس مباشرة على تصدير النفط، ودفع المرتبات، ويعمّق الأزمة الإنسانية، ويقوّض الثقة مع مجتمع المانحين.

وتطرق الرئيس العليمي إلى الدور الإماراتي في التطورات الأخيرة، مؤكداً أن اليمن لا ينكر ما قدمته دولة الإمارات من أدوار ومساهمات في مراحل سابقة، لكنه شدد على أن المرحلة الراهنة تتطلب وضوحاً كاملاً، والنأي بالنفس عن دعم أي مكون خرج على آليات التوافق التي رعتها الإمارات نفسها ضمن تحالف دعم الشرعية. وقال إن أي ضغوط لدفع قوات محلية إلى تحركات عسكرية تشكل تهديداً للأمن القومي اليمني والسعودي، وتتعارض مع الأسس التي قام عليها التحالف.

وأضاف أن المطالبة بمغادرة القوات التي خرجت عن تلك الأسس «مطلب سيادي طبيعي»، لا يستهدف العلاقات الثنائية ولا ينكر التاريخ، بل يهدف إلى حماية فكرة التحالف ذاتها.

وفي ختام اللقاء، دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدول الراعية للعملية السياسية إلى موقف دولي موحد وصريح يرفض الإجراءات الأحادية، ويدعم قرارات الدولة اليمنية وجهود التهدئة التي تقودها المملكة العربية السعودية، مع ممارسة ضغط سياسي وقانوني لتمكين الحكومة الشرعية من ممارسة سلطاتها الحصرية، وترجمة ذلك داخل مجلس الأمن والمحافل الدولية وفق القانون الدولي.

وختم الرئيس العليمي بالتأكيد على أن سقوط منطق الدولة في اليمن يعني غياب أي استقرار يمكن البناء عليه أو الاستثمار فيه، محذراً من تحويل اليمن إلى نموذج جديد لتفكك الدول، ومشدداً على أن الشعب اليمني يستحق فرصة حقيقية للسلام والحياة الكريمة.