الحوثيون يحشدون لـ«يوم الغدير» وتأييد إيران

إنفاق كبير وفعاليات مكثفة وحشد المحتفلين بالترغيب والترهيب

جموع ممن أجبرتهم الجماعة الحوثية على الاحتفال بـ«عيد الغدير» في منطقة خولان (إعلام حوثي)
جموع ممن أجبرتهم الجماعة الحوثية على الاحتفال بـ«عيد الغدير» في منطقة خولان (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يحشدون لـ«يوم الغدير» وتأييد إيران

جموع ممن أجبرتهم الجماعة الحوثية على الاحتفال بـ«عيد الغدير» في منطقة خولان (إعلام حوثي)
جموع ممن أجبرتهم الجماعة الحوثية على الاحتفال بـ«عيد الغدير» في منطقة خولان (إعلام حوثي)

استغلت الجماعة الحوثية المواجهة العسكرية بين إيران وإسرائيل، التي تزامنت مع احتفالاتها بما يسمى «يوم الولاية» أو «عيد الغدير»، لحشد أتباعها ودفع السكان لتكثيف فعالياتها التي استخدمتها في التعبئة العامة لاستقطاب أنصار جدد والاستعراض بالحشود، بالإضافة إلى فرض الجبايات وجمع الأموال لمضاعفة إيراداتها.

وكثفت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية من احتفالاتها بيوم الولاية، وهو مناسبة سنوية توافق اليوم الثامن بعد عيد الأضحى، وتخصصها لتكريس مزاعمها بأحقية الحكم والولاية للسلالة التي تنتمي إليها عائلة الحوثي، وشهدت الاحتفالات بذخاً في الإنفاق لصالح التحشيد واستخدام مختلف وسائل التأثير على السكان في الشوارع والساحات ووسائل الإعلام.

وأًطلقت الألعاب النارية بكثافة ليل الـ14 من الشهر الحالي، في العاصمة صنعاء وعدد من المدن الخاضعة لسيطرة الجماعة، وهو ما أثار استياءً واسعاً لدى السكان الذين يعيشون أوضاعاً معيشية قاسية.

وذكرت مصادر محلية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة خصصت عدداً كبيراً من الساحات في مختلف المحافظات لتنظيم تجمعات دائمة، ونصبت فيها شاشات عملاقة لمتابعة تطورات المواجهة العسكرية بين إسرائيل وإيران، متبنية الرواية الإيرانية.

ألعاب نارية أطلقها الحوثيون واستفزت السكان الذين يعيشون أوضاعاً معيشية قاسية (إكس)

وتبث الشاشات مشاهد من الهجمات الصاروخية الإيرانية أو الحوثية على إسرائيل باعتبارها ألحقت بها خسائر فادحة، إلى جانب مشاهد من القصف الإسرائيلي في غزة أو إيران أو اليمن بوصفها اعتداءً على المدنيين.

وتتوقع المصادر أن تستمر احتفالات الجماعة عدة أيام، إذ تستغل التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران لتحويل الفعاليات إلى تجمعات تضامنية مع الأخيرة، ومن ثم استخدامها في استقطاب الأنصار والمقاتلين.

كما تكرر الجماعة إذاعة خطاب زعيمها عبد الملك الحوثي الذي ألقاه خلال احتفالاتها بالمناسبة، والذي خصص جزءاً كبيراً منه للحديث عن المواجهة بين الدولتين.

تأييد ومساندة

أعلن الحوثي تأييده لرد إيران على الهجوم الإسرائيلي، وشراكة جماعته ومساندتها لها في الموقف إلى جانب استمرارها المزعوم في إسناد غَزَّة، ونصرة الشعب الفلسطيني.

شاشة عملاقة نصبتها الجماعة في إحدى الساحات بصنعاء لمتابعة التصعيد بين إسرائيل وإيران (إكس)

ووصف الحوثي الهجوم الإسرائيلي على إيران بالعدوان المكشوف والبلطجة التي لا يوجد لها مبرر، ممتدحاً الموقف الإيراني الذي زعم أنه يمتلك المقومات اللازمة لقوته معنوياً ومادياً التي ظهرت من خلال الرد بإمطار إسرائيل «بالصواريخ المدمِّرة والفتَّاكة، وبزخمٍ كبير.

وتنقل وسائل إعلام الجماعة الحوثية بثاً مباشراً وتغطية مستمرة للفعاليات الاحتفالية على مدار الساعة، بالتوازي مع تغطيتها المباشرة للمواجهة الإسرائيلية - الإيرانية.

واستخدمت الجماعة الحوثية وسائل الترغيب والترهيب في حشد السكان لحضور فعالياتها الاحتفالية بما يعرف بـ«يوم الولاية»، ودفعت قيادييها ومسؤولي الأحياء في المدن المعروفين بـ«عقال الحارات» والأعيان والشخصيات الاجتماعية في الأرياف للمساهمة في تلك الحشود.

وطبقاً للمصادر المحلية، بينما أطلق أتباع الجماعة شائعات عن حصول المشاركين في الفعاليات على مبالغ مالية أو وجبات غذائية، لوّحوا في المقابل باتهام المتخلفين عن الحضور بتأييد إسرائيل والولايات المتحدة، والعمل جواسيس لهما على الأرض.

واستغلت الجماعة أحاديث شخصيات إسرائيلية عن وجود جواسيس في اليمن يعملون لصالح الدولة العبرية، وإبداء الكثيرين استعدادهم للعمل مع مخابراتها، في تهديد السكان بنسب تهمة التجسس لكل من يبدي موقفاً غير مؤيد لها، بما في ذلك عدم المشاركة في الفعاليات الاحتفالية.

إقبال ضعيف في العديد من المناطق على احتفالات «يوم الولاية» رغم جهود الحشد الحوثية (إعلام حوثي)

ورغم الجهود التي بذلتها الجماعة لحشد المحتفلين بهذه المناسبة، فإن العديد من المناطق، خصوصاً في مناطق التماس مع القوات الحكومية، شهدت إقبالاً محدوداً وتهكماً عليها وعلى المشاركين فيها.

جبايات ومكافآت

خصصت الجماعة الحوثية مكافآت مالية لكل من ساهم في حشد السكان إلى الاحتفالات، إلى جانب تسهيلات أخرى للحصول على مكانة اجتماعية، مثل تمكينهم من توزيع المساعدات الغذائية المقدمة من منظمات وجهات دولية، وفق ما أوردت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» في عدد من المدن والمحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين.

وبعد قرابة 3 أسابيع من صرف الجماعة نصف راتب لقطاع محدود من الموظفين العموميين، واستثناء البقية بمزاعم عجز الخزينة العامة، أنفقت الجماعة مبالغ كبيرة على الاحتفالات، دون الإعلان عن حجم ما جرى إنفاقه.

وتقدر المصادر أن الاحتفالات التي نظمتها الجماعة في مختلف المناطق، وحرصت على أن تشمل كل الأحياء في المدن، وحتى أصغر القرى النائية، كلفت عشرات الملايين من الدولارات.

نساء وأطفال أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات «عيد الغدير» (إعلام حوثي)

وتسببت هذه الاحتفالات في استياء قطاع واسع من السكان، بما فيهم الموظفون العموميون الذين يعانون منذ قرابة 9 أعوام من انقطاع الرواتب بسبب سياسات الجماعة وممارساتها.

وفرضت الجماعة جبايات مالية كبيرة منذ قرابة أسبوعين لتغطية نفقات الاحتفالات بما يعرف بـ«عيد الغدير».

وطبقاً لتجار ورجال أعمال وباعة متجولين؛ فإن الجماعة استغلت مناسبة عيد الأضحى لإجبارهم على دفع إتاوات فرضتها عليهم تحت مسميات مختلفة، منها «نفقات نظافة وصيانة الطرق»، و«تأمين الأسواق» خلال ازدحام العيد، ولم تعلن صراحة عن جمع أموال لتمويل احتفالاتها بهذه المناسبة إلا لكبريات الشركات والمجموعات التجارية.


مقالات ذات صلة

كيف حوّل الحوثيون «غالاكسي ليدر» من مزار سياحي إلى نقطة مراقبة للملاحة الدولية؟

المشرق العربي سفينة الشحن «غالاكسي ليدر» ترافقها قوارب الحوثيين في البحر الأحمرفي صورة تم نشرها 20 نوفمبر 2023 (رويترز)

كيف حوّل الحوثيون «غالاكسي ليدر» من مزار سياحي إلى نقطة مراقبة للملاحة الدولية؟

حوَّل الحوثيون السفينة المتخطفة «غالاكسي ليدر» إلى مزار سياحي لكسب الأموال قبل أن ينصبوا عليها نظام رادار لمراقبة الملاحة الدولية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي رئيس الوزراء اليمني سالم بن بريك خلال استقباله المبعوث الأممي لليمن (سبأ)

انتقادات يمنية حادة لأداء المبعوث الأممي

يواجه المبعوث الأممي إلى اليمن انتقادات حادة من مسؤولين يمنيين وشخصيات سياسية، تُشكك في جدية ومصداقية أداء البعثة الأممية في التعامل مع مسار الأزمة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
تحليل إخباري الحوثيون اكتفوا بمناصرة إيران بالمظاهرات وبهجمات رمزية (إ.ب.أ)

تحليل إخباري ما مصير الحوثيين بعد توقف المواجهة الإسرائيلية الإيرانية؟

مع عودة الهجمات الحوثية تجاه إسرائيل يتوقع باحثون عرب ويمنيون أن تل أبيب قد تتفرغ لتحجيم الجماعة وقدراتها العسكرية مثلما حدث مع إيران وأذرعها العسكرية الأخرى.

وضاح الجليل (عدن)
شؤون إقليمية نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي «القبة الحديدية» يطلق النار لاعتراض الصواريخ الإيرانية فوق تل أبيب (أ.ب)

الحوثيون يتبنون إطلاق صاروخ على إسرائيل

أعلن الجيش الإسرائيلي اليوم السبت أنه «على الأرجح نجح في اعتراض» صاروخ أطلق من اليمن باتجاه إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
العالم العربي وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني (الشرق الأوسط)

الحكومة اليمنية تحذر من نقل «صناعة الصواريخ والمسيرات الإيرانية» لمناطق الحوثيين

حذرت الحكومة اليمنية من التوجه الإيراني نحو توطين أجزاء من برنامج الصناعات العسكرية، خصوصاً تصنيع وتطوير الصواريخ والمسيرات في مناطق سيطرة الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

غرق سفينة الشحن «إترنيتي سي» بعد هجوم للحوثيين قبالة اليمن

سفينة الشحن «إترنيتي سي» (أ.ب)
سفينة الشحن «إترنيتي سي» (أ.ب)
TT

غرق سفينة الشحن «إترنيتي سي» بعد هجوم للحوثيين قبالة اليمن

سفينة الشحن «إترنيتي سي» (أ.ب)
سفينة الشحن «إترنيتي سي» (أ.ب)

أفادت أربعة مصادر أمنية بحرية لـ«رويترز» الأربعاء بأن سفينة الشحن «إترنيتي سي» التي ترفع علم ليبيريا وتديرها شركة يونانية غرقت إثر هجوم للحوثيين قبالة سواحل اليمن، وأن جهود إنقاذ الطاقم جارية.

وأكّدت وكالة «يو كاي إم تي أو» البريطانية للأمن البحري، إنقاذ 5 من أفراد طاقم السفينة، بينما قالت شركة أمبري البريطانية للأمن البحري في ردّ على «وكالة الصحافة الفرنسية» إن «إترنيتي سي» غرقت.

وقالت الوكالة في تحديث لبيانها حول الهجوم الذي تعرّضت له السفينة الاثنين والثلاثاء «بدأت عمليات البحث والإنقاذ خلال الليل. أنقذ 5 من أفراد الطاقم، ويستمر البحث عن الباقين».

وقالت السلطات في الفلبين في وقت سابق إن جميع أفراد الطاقم البالغ عددهم 22 فرداً باستثناء واحد فلبيني.

وتعرضت السفينة، التي تقل طاقماً من 22 فرداً هم 21 فلبينياً وروسي واحد، لهجوم بقوارب مسيَّرة وقذائف صاروخية أُطلقت من زوارق سريعة مأهولة يوم الاثنين، في ثاني هجوم للحوثيين في يوم واحد بعد هدوء استمر شهوراً.