هيئة أممية تسلط الضوء على تأثر اليمنيات بتصاعد الصراع

تدمير مواني الحديدة فاقم من مخاطر نقص الغذاء

المنظمات الإنسانية توفر فرصاً تعليمية بديلة للنازحات اللواتي انقطعن عن الدراسة (الأمم المتحدة)
المنظمات الإنسانية توفر فرصاً تعليمية بديلة للنازحات اللواتي انقطعن عن الدراسة (الأمم المتحدة)
TT

هيئة أممية تسلط الضوء على تأثر اليمنيات بتصاعد الصراع

المنظمات الإنسانية توفر فرصاً تعليمية بديلة للنازحات اللواتي انقطعن عن الدراسة (الأمم المتحدة)
المنظمات الإنسانية توفر فرصاً تعليمية بديلة للنازحات اللواتي انقطعن عن الدراسة (الأمم المتحدة)

بينما يقف اليمن على حافة أزمة أشدّ عمقاً، سلّطت هيئة الأمم المتحدة للمرأة الضوء على التأثيرات التي خلّفها تصعيد النزاع مطلع العام الحالي على النساء والفتيات اليمنيات، ودعت المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لحمايتهن، وضمان وصولهن إلى الخدمات الحيوية.

وأكدت الهيئة في تقرير حديث أن تدمير البنية التحتية الحيوية مثل ميناء الحديدة ومطار صنعاء أدى إلى تعطل حاد في سلاسل إمدادات الغذاء؛ ما تسبب في تفاقم نقص المواد الغذائية وزيادة مخاطر سوء التغذية.

وبيّنت أنه وفي ظل الارتفاع المستمر في أسعار المواد الغذائية، تجد النساء الحوامل والأمهات حديثات الولادة أنفسهن أمام خيارات قاسية، يُضطررن فيها إلى اتخاذ قرارات صعبة، يُضحّين فيها بوصولهن للغذاء المناسب لصالح أفراد أسرة آخرين؛ ما يخلّف آثاراً جسدية ونفسية طويلة الأمد.

وبحسب الهيئة الأممية، تسببت الأوضاع الراهنة في فقدان بعض النساء معيل الأسرة، وبالتالي مصدر دخلهن، بالإضافة إلى ذلك، توقفت الكثير من الأنشطة الاقتصادية، وتراجعت أولوية بعض المهن التي تمارسها النساء، مثل صناعة البخور والخياطة، وخسرت الكثير منهن مصادر دخلهن الأساسية نتيجة إغلاق الأنشطة الاقتصادية، بما في ذلك القطاعات التي يتركز فيها عمل النساء.

قدرة ميناء الحديدة تراجعت على استقبال وتفريغ السفن التجارية (إعلام محلي)

ونبَّهت الهيئة إلى أن تدهور الوضع الاقتصادي أسهم في زيادة أزمة العملة الوطنية، حيث شهدت أسعار الصرف ارتفاعاً حاداً، مقابل تراجع متسارع في قيمة العملة الوطنية. ونتج من ذلك ارتفاع في تكاليف المعيشة؛ ما حال دون قدرة الأسر على تلبية احتياجاتها الأساسية، وأدى إلى فقدان سبل العيش، ولا سيما بين النساء.

تصاعد الاحتياجات

وفق ما ذكرته الهيئة الأممية، فقد تصاعدت الاحتياجات الإنسانية في اليمن بصورة ملحوظة؛ ما أدى إلى تفاقم الأوضاع المتردية أصلاً. حيث تشير تقديرات خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في اليمن لعام 2025، التي أطلقتها الأمم المتحدة، إلى أن نحو 19.5 مليون شخص – أي ما يقارب 56 في المائة من إجمالي سكان اليمن – في حاجة إلى خدمات المساعدات الإنسانية والحماية، بزيادة تُقدّر بنحو 1.3 مليون شخص مقارنة بالعام الماضي. ومن بين هؤلاء، هناك 9.6 ملايين امرأة وفتاة في حاجة ماسّة إلى مساعدات منقذة للحياة.

ومع انقطاع أكثر من 4.5 ملايين طفل عن الدراسة، من بينهم 1.5 مليون فتاة، توقعت الهيئة أن يزداد الوضع، سوءاً في ظل تصاعد حالة انعدام الأمن، وتنامي ظاهرة الزواج المبكر التي باتت تُستخدم بشكل متزايد آليةً سلبية للتكيّف.

ألحقت الضربات أضراراً بالغة بمدرج ومباني مطار صنعاء إلى جانب تدمير الطائرات (إعلام حوثي)

وقالت الهيئة إنه وفي ظل الضغوط الاقتصادية والقيود المفروضة على حرية التنقل، تُضطر الكثير من النساء إلى اللجوء إلى آليات تكيف سلبية، من بينها التسول، وبيع ممتلكاتهن، وتزويج بناتهن في سن مبكرة.

ووفق هيئة الأمم المتحدة للمرأة، فإن سكان محافظة الحديدة يُعدّون من أكثر الفئات تضرراً، بما في ذلك المناطق القريبة من المواقع المستهدفة والمحيطة بها.

وذكرت أن الأمهات المعيلات الوحيدات للأسر يتحملن العبء الأكبر نتيجة تدهور الخدمات وتردي الوضع الاقتصادي وانعدام الأمن الغذائي؛ إذ يقمن بدور محوري في أسرهن، وتُلقى عليهن مسؤولية تأمين المأوى والغذاء والاحتياجات الأساسية.

ونبّهت إلى أنه ومع تدمير البنية التحتية، وانقطاع التيار الكهربائي والاتصالات وإمدادات المياه، والاستهداف المباشر للمرافق الصحية، تصاعدت بشكل حاد مخاطر المجاعة، وعودة تفشي الكوليرا، وارتفاع معدلات الوفيات التي يمكن الوقاية منها بين الأمهات والأطفال.

النساء في اليمن دفعن ثمناً باهظاً جراء الصراع وويلات النزوح والفقر وفقد المعيل (أ.ف.ب)

وبحلول أواخر عام 2024، لم تكن سوى 22 في المائة من مراكز الرعاية الصحية الأولية، و50 في المائة من مستشفيات المديريات، تقدم رعاية متكاملة لصحة الأمهات. بحسب البيانات الأممية.

وحتى يناير (كانون الثاني) الماضي، قدّرت الهيئة الأممية عدد النازحين داخلياً بنحو 4.5 ملايين يمني، غالبيتهم من النساء والأطفال (يشكلون نحو 80 في المائة من إجمالي السكان النازحين) في حين يبلغ عدد النساء والفتيات النازحات نحو 2.3 مليون. وقالت إنه ومع استمرار انعدام الأمن والعنف، يتكرر النزوح في كثير من الأحيان، وتتحمل النساء والأطفال العبء الأكبر من تبعاته.

قيود اجتماعية

بالإضافة إلى ذلك، بيّنت الهيئة الأممية للمرأة أن الأعراف الاجتماعية التقليدية لا تزال سائدة في اليمن، حيث تفرّ الأسر من منازلها، وتُجبَر النساء في كثير من الأحيان على الالتزام بمتطلبات وجود «محرم» (أي عدم السماح لهن بالتنقل دون مرافقة أحد الذكور من أقارب الدرجة الأولى)؛ وهو ما يقيّد حركتهن بشدة، ويحدّ من قدرتهن على الوصول إلى الخدمات.

وأوصت هيئة الأمم المتحدة للمرأة بتقديم الدعم للبائعات والتجار الصغار المتضررين جراء تعطل أنشطتهم بسبب تدمير الأسواق وطرق النقل والمستودعات، وإعطاء الأولوية لضمان الوصول الآمن إلى خدمات الاستجابة للعنف ضد النساء والفتيات في مواقع النزوح والمناطق الأشد تضرراً من النزاع.

الحوثيون يفرضون قيوداً مشددة على حرية النساء في التنقل والعمل والمظهر (رويترز)

كما أوصت بتنفيذ حملات وقائية عاجلة في مواقع النزوح ذات المخاطر العالية للتصدي لمخاطر الزواج المبكر باعتباره استراتيجية للتكيّف.

ودعت الهيئة الأممية إلى توفير فرص تعليمية بديلة وآمنة للفتيات اليمنيات النازحات واللواتي انقطعن عن الدراسة بسبب انعدام الأمن، إلى جانب تقديم برامج دعم نفسي واجتماعي لهن.

وتضمنت التوصيات الأممية إعادة إنشاء أماكن آمنة وملائمة للنساء اليمنيات في مخيمات النازحين داخلياً والمناطق الحضرية المتأثرة بالنزوح، بما يضمن احترام الخصوصية اللازمة وتوفير خدمات إدارة الحالات والإحالة في مجال الحماية.


مقالات ذات صلة

العالم العربي مخاوف يمنية من إفراغ الحوثيين اتفاق تبادل المحتجزين من مضامينه (إعلام حكومي)

«اتفاق مسقط» للمحتجزين يفتح نافذة إنسانية وسط تفاؤل يمني حذر

اتفاق مسقط لتبادل نحو 2900 محتجز ينعش آمال اليمنيين بإنهاء معاناة الأسرى وسط تفاؤل حذر ومطالب بضمانات أممية لتنفيذ «الكل مقابل الكل»

«الشرق الأوسط» (الرياض - صنعاء)
العالم العربي لوحة في عدن تعرض صورة عيدروس الزبيدي رئيس «المجلس الانتقالي الجنوبي» الداعي للانفصال (رويترز)

الرياض ترسم مسار التهدئة شرق اليمن... «خروج سلس وعاجل» لـ«الانتقالي»

يرسم البيان السعودي مسار التهدئة شرق اليمن، داعياً لانسحاب قوات «الانتقالي» من حضرموت والمهرة، وسط ترحيب رئاسي وحكومي وإجماع حزبي ضد التصعيد.

«الشرق الأوسط» (جدة)
وفد سعودي زار حضرموت ضمن مساعي التهدئة وخفض التوتر (سبأ)

حضرموت تتمسك بالشرعية وتحذر من تكلفة «التحركات الأحادية»

جددت سلطة حضرموت دعمها الكامل للشرعية، محذّرة من التحركات العسكرية الأحادية، ومؤكدة أن أمن المحافظة، والحوار السياسي هما السبيل للاستقرار، والتنمية

«الشرق الأوسط» (جدة)
العالم العربي العليمي مستقبلاً في الرياض السفيرة الفرنسية لدى اليمن (سبأ)

العليمي يرفض «تقطيع» اليمن ويؤكد حماية المركز القانوني للدولة

جدّد العليمي رفضه القاطع لأي محاولات لتفكيك الدولة اليمنية أو فرض وقائع أحادية خارج المرجعيات الحاكمة للمرحلة الانتقالية مؤكداً حماية المركز القانوني للدولة

«الشرق الأوسط» (جدة)

رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

قال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، ضياء رشوان، اليوم الخميس، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وأضاف رشوان في تصريحات لقناة تلفزيون «القاهرة الإخبارية» أن نتنياهو يعمل وفق اعتبارات انتخابية لصياغة تحالف جديد.

وتابع أن نتنياهو يسعى لإشعال المنطقة، ويحاول جذب انتباه ترمب إلى قضايا أخرى، بعيداً عن القطاع، لكنه أشار إلى أن الشواهد كلها تدل على أن الإدارة الأميركية حسمت أمرها بشأن المرحلة الثانية من اتفاق غزة.

وحذر رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية من أن نتنياهو يريد أن تؤدي قوة حفظ الاستقرار في غزة أدواراً لا تتعلق بها.

وفي وقت سابق اليوم، نقل موقع «واي نت» الإخباري الإسرائيلي عن مصدر عسكري قوله إن نتنياهو سيُطلع ترمب على معلومات استخباراتية عن خطر الصواريخ الباليستية الإيرانية خلال اجتماعهما المرتقب قبل نهاية العام الحالي.

وأكد المصدر الإسرائيلي أن بلاده قد تضطر لمواجهة إيران إذا لم تتوصل أميركا لاتفاق يكبح جماح برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية.


الصوماليون يصوتون في أول انتخابات محلية بنظام الصوت الواحد منذ 1969

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
TT

الصوماليون يصوتون في أول انتخابات محلية بنظام الصوت الواحد منذ 1969

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)

أدلى الناخبون في الصومال، الخميس، بأصواتهم في انتخابات محلية مثيرة للجدل، تُعدّ الأولى التي تُجرى بنظام الصوت الواحد منذ عام 1969. ويقول محللون إن هذه الانتخابات تُمثل خروجاً عن نظام مفاوضات تقاسم السلطة القائم على أساس قبلي.

وقد نظمت الحكومة الاتحادية في البلاد التصويت لاختيار أعضاء المجالس المحلية، في أنحاء المناطق الـ16 في مقديشو، ولكنه قوبل برفض من جانب أحزاب المعارضة التي وصفت الانتخابات بالمعيبة والمنحازة.

يذكر أن الصومال انتخب لعقود أعضاء المجالس المحلية والبرلمانيين من خلال المفاوضات القائمة على أساس قبلي، وبعد ذلك يختار المنتخبون الرئيس.

يُشار إلى أنه منذ عام 2016 تعهّدت الإدارات المتعاقبة بإعادة تطبيق نظام الصوت الواحد، غير أن انعدام الأمن والخلافات الداخلية بين الحكومة والمعارضة حالا دون تنفيذ هذا النظام.

أعضاء «العدالة والتضامن» في شوارع مقديشو قبيل الانتخابات المحلية وسط انتشار أمني واسع (إ.ب.أ)

وجدير بالذكر أنه لن يتم انتخاب عمدة مقديشو، الذي يشغل أيضاً منصب حاكم إقليم بانادير المركزي، إذ لا يزال شاغل هذا المنصب يُعيَّن، في ظل عدم التوصل إلى حل للوضع الدستوري للعاصمة، وهو أمر يتطلب توافقاً وطنياً. غير أن هذا الاحتمال يبدو بعيداً في ظل تفاقم الخلافات السياسية بين الرئيس حسن شيخ محمود وقادة ولايتي جوبالاند وبونتلاند بشأن الإصلاحات الدستورية.

ووفق مفوضية الانتخابات، هناك في المنطقة الوسطى أكثر من 900 ناخب مسجل في 523 مركز اقتراع.

ويواجه الصومال تحديات أمنية، حيث كثيراً ما تنفذ جماعة «الشباب» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» هجمات دموية في العاصمة، وجرى تشديد إجراءات الأمن قبيل الانتخابات المحلية.

وذكر محللون أن تصويت مقديشو يمثل أقوى محاولة ملموسة حتى الآن لتغيير نظام مشاركة السلطة المعتمد على القبائل والقائم منذ أمد طويل في الصومال.

وقال محمد حسين جاس، المدير المؤسس لمعهد «راد» لأبحاث السلام: «لقد أظهرت مقديشو أن الانتخابات المحلية ممكنة من الناحية التقنية».


اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)

توالت اجتماعات الوسطاء لدفع اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، واستضافت القاهرة وأنقرة اجتماعين بشأن تنفيذ بنود الاتفاق، بعد لقاء موسع في مدينة ميامي الأميركية قبل نحو أسبوع بحثاً عن تحقيق اختراق جديد.

تلك الاجتماعات الجديدة في مصر وتركيا، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أنها بمثابة مساعٍ لتفكيك عقبات الاتفاق المتعثر، وشددوا على أن إسرائيل قد لا تمانع للذهاب للمرحلة الثانية تحت ضغوط أميركية؛ لكنها ستعطل مسار التنفيذ بمفاوضات تتلوها مفاوضات بشأن الانسحابات وما شابه.

وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في بيان: «بتوجيه من رئيس الوزراء، غادر منسق شؤون الأسرى والمفقودين، العميد غال هيرش، على رأس وفد ضم مسؤولين من الجيش وجهاز الأمن العام (الشاباك)، والموساد إلى القاهرة».

والتقى الوفد الإسرائيلي مسؤولين كباراً وممثلي الدول الوسيطة، وركزت الاجتماعات على الجهود وتفاصيل عمليات استعادة جثة الرقيب أول ران غوئيلي.

وسلمت الفصائل الفلسطينية منذ بدء المرحلة الأولى لوقف إطلاق النار في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، 20 أسيراً إسرائيلياً أحياء ورفات 27 آخرين، فيما تبقى رفات ران غوئيلي الذي تواصل «حماس» البحث عن رفاته، وتقول إن الأمر سيستغرق وقتاً نظراً للدمار الهائل في غزة، فيما ترهن إسرائيل بدء التفاوض لتدشين المرحلة الثانية من الاتفاق بتسلمها تلك الجثة.

وبالتزامن، أعلنت حركة «حماس»، في بيان، أن وفداً قيادياً منها برئاسة رئيس الحركة في قطاع غزة خليل الحية، قد التقى في أنقرة مع وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في لقاء بحث «مجريات تطبيق اتفاق إنهاء الحرب على غزة والتطورات السياسية والميدانية».

وحذر الوفد من «استمرار الاستهدافات والخروقات الإسرائيلية المتكررة في قطاع غزة»، معتبراً أنها تهدف إلى «عرقلة الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق وتقويض التفاهمات القائمة».

وجاء اللقاءان بعد اجتماع قبل نحو أسبوعٍ، جمع وسطاء اتفاق وقف إطلاق النار في مدينة ميامي الأميركية، وأفاد بيان مشترك عقب الاجتماع بأنه جارٍ مناقشة سبل تنفيذ الاتفاق.

ويرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، أن اجتماعي القاهرة وأنقرة يأتيان في توقيت مهم بهدف دفع تنفيذ الاتفاق وإنهاء العقبات بشكل حقيقي، والوصول لتفاهمات تدفع واشنطن لزيادة الضغط على إسرائيل للدخول للمرحلة الثانية المعطلة، مشيراً إلى أن مسألة الرفات الأخير تبدو أشبه بلعبة لتحقيق مكاسب من «حماس» وإسرائيل.

فالحركة تبدو، كما يتردد، تعلم مكانها ولا تريد تسليمها في ضوء أن تدخل المرحلة الثانية تحت ضغط الوسطاء والوقت وفي يدها ورقة تتحرك بها نظرياً، وإسرائيل تستفيد من ذلك بالاستمرار في المرحلة الأولى دون تنفيذ أي التزامات جديدة مرتبطة بالانسحابات، وفق عكاشة.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، أن هذه الاجتماعات تبحث كيفية سد الفجوات، خاصة أن الجثة تمثل عقبة حقيقية، مشيراً إلى أن لقاء «حماس» في تركيا يهدف لبحث ترتيبات نزع السلاح ودخول القوات الدولية، خاصة أن أنقرة تأمل أن يكون لها دور، وتعزز نفسها وعلاقاتها مع واشنطن.

صورة عامة للمنازل المدمرة في مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

ولا تزال إسرائيل تطرح مواقف تعرقل الاتفاق، وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، إن بلاده «لن تغادر غزة أبداً»، وإنها ستقيم شريطاً أمنياً داخل قطاع غزة لحماية المستوطنات، مشدداً على أنه يجب على «حماس» أن تتخلى عن السلاح، وإلا «فستقوم إسرائيل بهذه المهمة بنفسها»، وفق موقع «واي نت» العبري، الخميس.

فيما سعى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مساء الثلاثاء، إلى تحميل حركة «حماس» المسؤولية عن إصابة ضابط بالجيش الإسرائيلي في ‌انفجار عبوة ناسفة ‍في رفح، وانتهاك اتفاق ‌وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن الحركة الفلسطينية أكدت أن الانفجار وقع في منطقة تسيطر عليها إسرائيل بالكامل، ورجحت أن يكون الحادث ناجماً عن «مخلفات الحرب».

وجاء اتهام نتنياهو لـ«حماس» قبل أيام من لقائه المرتقب مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الولايات المتحدة. ونقلت تقارير عبرية أن نتنياهو يريد إقناع ترمب بتثبيت «الخط الأصفر» حدوداً دائمة بين مناطق سيطرة إسرائيل و«حماس»؛ ما يعني احتلال إسرائيل لـ58 في المائة من مساحة القطاع.

ويتوقع عكاشة أن تعلن إسرائيل بعد لقاء ترمب أنها لا تمانع من دخول المرحلة الثانية، ولكن هذا سيظل كلاماً نظرياً، وعملياً ستطيل المفاوضات بجدولها وتنفيذ بنودها، ويبقي الضغط الأميركي هو الفيصل في ذلك.

ووفقاً لمطاوع، فإن إسرائيل ستواصل العراقيل وسط إدراك من ترمب أنه لن يحل كل المشاكل العالقة مرة واحدة، وأن هذه الاجتماعات المتواصلة تفكك العقبات، وسيراهن على بدء المرحلة الثانية في يناير (كانون الثاني) المقبل، تأكيداً لعدم انهيار الاتفاق.