في حياتنا العصرية، ومع ضيق الوقت، من المغري إنجاز كل شيء بأسرع ما يمكن، حتى ممارسة التمارين الرياضية. ووفق ما ذكرته صحيفة «الغارديان» البريطانية، تتراكم الأدلة على أن التدرب بكثافة عالية قد لا يكون مفيداً كما يبدو، وأن مجرد إضافة المزيد من الحركات منخفضة الكثافة إلى جدولك اليومي يمكن أن يحسن لياقتك البدنية وجودة حياتك، وهو ما يمكن أن نُطلق عليه «منطقة الصفر».
وإذا كنت لا تعرف هذا المفهوم، فإن المناطق في التدريب هي طريقة لتصنيف التمارين بناءً على مدى ارتفاع معدل ضربات قلبك كنسبة مئوية بالمقارنة مع أسرع معدل ضربات قلب مُمكن. و«المنطقة صفر» هي الحالة التي تقع أعلى بقليل من الخمول التام، ويتم فيها ممارسة التمارين الخفيفة جداً، ولا يتجاوز معدل ضربات قلبك 50 في المائة من أقصى معدل له.
ولمعرفة أقصى معدل لنبضات قلبك، توصي مؤسسة القلب البريطانية بطرح عمرك من 220. وتعد «المنطقة صفر» في الأساس «المكان» الذي تقضي فيه معظم حياتك شبه النشطة: المشي ببطء، أو القيام بأعمال خفيفة. ولا ينبغي أن تشعر وكأنها تمارين على الإطلاق، لكنها قد تساعدك على العيش لفترة أطول والشعور بتحسن.
طريقة سهلة
و«المنطقة صفر» هي طريقة سهلة لزيادة الحركة اليومية دون الحاجة إلى تمارين رياضية رسمية أو معدات خاصة. ويمكن أن يكون الحصول على مزيد من الوقت في هذا النشاط أمراً بسيطاً، مثل ركن السيارة بعيداً عن المتاجر لزيادة خطواتك، أو أخذ استراحة للمشي أثناء مكالمة عمل، أو الوقوف والتمدد بانتظام على مكتبك. وبالطبع، مع اعتيادك على ذلك، يمكنك المشي لمسافات أطول أو بوتيرة أكبر طوال اليوم.
ولفهم فائدة ذلك، من المفيد معرفة كيفية تغذية جسمك؛ فبعد تناول وجبة، تُحلل الكربوهيدرات وتُطلق في مجرى الدم على شكل جلوكوز، ويُخزن أي فائض منها في الكبد والعضلات على شكل جليكوجين. وعند الوقوف أو المشي، تبدأ عضلاتك بالانقباض، مما يستخدم بعضاً من هذا الجلوكوز كوقود. ويمكن أن يكون لهذا آثار كبيرة مع مرور الوقت؛ فقد وجدت دراسة نُشرت عام 2022 أن المشي الخفيف حتى لو كان قليلاً كان كافياً لـ«تخفيف» مستويات الجلوكوز بعد الطعام بشكل ملحوظ مقارنةً بالجلوس المستمر، مما يقلل بالتأكيد من خطر مقاومة الإنسولين ومرض السكري من النوع الثاني.
تحسين المزاج وطول العمر
ويُفرِز الجسم الجلوكوز أيضاً عند الشعور بالتوتر كجزء من استجابة الجسم لهذا الشعور، وقد يكون التحكم في هذه العملية أحد أسباب ارتباط المشي بتقليل التوتر وتحسين المزاج والشعور بالسعادة بشكل عام. أيضاً التمارين منخفضة الكثافة تستهلك نسبة أعلى من الدهون كوقود مقارنةً بالتمارين عالية الكثافة، وهو ما يفيد بشدة من يهدفون إلى فقدان الدهون بشكل رئيسي. وبشكل عام تُمثل «المنطقة صفر» حلقة الوصل بين الخمول والاستدامة، وهي «تُخفف التوتر، وتدعم صفاء الذهن، وتُساعد على تحسين الدورة الدموية والهضم، كما أنها طريقة أكثر متعة ومرونة للاستمرار في التدريب مع مرور الوقت».
ومن المهم أيضاً ملاحظة أنه من حيث طول العمر، يمكن أن تلعب الحركة اليومية الإضافية دوراً كبيراً. على سبيل المثال، وجدت دراسة أُجريت عام 2022 أن اتخاذ المزيد من الخطوات اليومية - سريعة أو بطيئة - كان مرتبطاً بانخفاض تدريجي في خطر الوفاة لجميع الأسباب.








