اليمن: ظهور بؤرة للمجاعة في مناطق سيطرة الانقلابيين

الجماعة تسعى لتزييف وفاة طفلة في مخيم للنزوح

محافظة الحديدة من أكثر المناطق اليمنية حرماناً من الخدمات (أ.ف.ب)
محافظة الحديدة من أكثر المناطق اليمنية حرماناً من الخدمات (أ.ف.ب)
TT

اليمن: ظهور بؤرة للمجاعة في مناطق سيطرة الانقلابيين

محافظة الحديدة من أكثر المناطق اليمنية حرماناً من الخدمات (أ.ف.ب)
محافظة الحديدة من أكثر المناطق اليمنية حرماناً من الخدمات (أ.ف.ب)

​كشفت مصادر محلية يمنية عن ظهور بؤرة للمجاعة في مناطق سيطرة الانقلابيين الحوثيين، ووفاة طفلة نتيجة لذلك، وسط مساعٍ من الجماعة لتغيير أسباب الوفاة للتغطية على هذه المأساة الإنسانية، التي أعيدت أسبابها إلى وقف كثير من المنظمات الإغاثية برامجها في البلاد، نتيجة تراجع مستويات التمويل الدولي إلى أدنى مستوياته منذ بداية الحرب.

وحسب نشطاء يمنيين، توفيت الطفلة «أشواق» التي تعيش وأسرتها في أحد مخيمات النزوح في مديرية عبس التابعة لمحافظة حجة (شمال غرب) بسبب الجوع، وسط تحذيرات من تسجيل ضحايا آخرين، نتيجة تردِّي الأوضاع الإنسانية في تلك المخيمات، بعد أن أغلقت المنظمات الدولية أبوابها، وتوقفت المساعدات التي كانت تشكل شريان حياة لآلاف الأسر.

وفي حين أكدت المصادر أن المجاعة تزحف بصمت، وتحصد أرواح الضعفاء واحداً تلو الآخر، أفادت مصادر محلية بأن النازحين في مخيمات عبس لا يحصلون على مياه نظيفة ولا غذاء ولا دواء، وكل ما لديهم خيام مهترئة وأنين لا يسمعه أحد.

الجوع ينهش أجساد الأطفال اليمنيين بعد توقف المنظمات الإنسانية (فيسبوك)

ووجّه نشطاء في المنطقة نداءً عاجلاً لسلطة الحوثيين بجميع مؤسساتها، والمجلس الأعلى للشؤون الإنسانية، وهيئة الزكاة، وما تبقى من منظمات إغاثية عاملة، طالبوهم فيه بالقيام بواجبهم الإنساني والأخلاقي تجاه آلاف الأسر المنكوبة، وألا يتركوهم فريسة للموت البطيء. ونبهوا إلى أن الكارثة ستكبر بصمت، وسيتحول الجوع إلى فاجعة كبيرة.

وخلافاً لهذه المعلومات، يسعى مكتب الشؤون الإنسانية في محافظة حجة الذي يديره الحوثيون، إلى نفي أسباب وفاة الفتاة «أشواق» من خلال الاحتفاظ بتسجيل فيديو قديم يزعم أن الطفلة توفيت نتيجة المرض والإسهال وليس الجوع. وهو ما نفاه الناشطون.

تحذير أممي

هذا التدهور في الوضع المعيشي في اليمن، تزامن مع تأكيد الأمن الغذائي ونظام المعلومات للإنذار المبكر في منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، أنه مع نهاية يوليو (تموز) الحالي، لا تزال محاصيل اليمن عرضة لتقلبات الطقس.

وعلى الرغم من أن الأيام العشرة الأخيرة من الشهر تشهد هطول أمطار موسمية، فإنه من المتوقع أن يستمر مزيج الأمطار المحدودة والحرارة الشديدة في التسبب في إجهاد مائي. ومن المرجح أن يؤثر ذلك على الإنتاجية الزراعية، ويزيد الاعتماد على الري، ويعرض النظم الرعوية للخطر.

الحوثيون يتحدثون عن المجاعة في غزة ويتجاهلون تفشيها في مناطق سيطرتهم (أ.ف.ب)

وحددت النشرة الأممية المخاطر الرئيسية التي تواجه قطاع الزراعة في اليمن باستمرار هطول الأمطار دون المتوسط، مع تركيز أعلى شدة في المرتفعات الوسطى والجنوبية، ليصل إلى نحو 100 ملّم في محافظة إب.

وقالت إنه بسبب ظروف الرطوبة الناتجة عن هطول الأمطار السابقة، فإن الارتفاع المفاجئ في هطول الأمطار خلال هذه الفترة، قد يزيد من خطر حدوث فيضانات مفاجئة محدودة النطاق في أعالي حوضي زبيد في الحديدة غرباً وتبن في محافظة لحج جنوباً.

ورأت المنظمة أن التوقعات الحالية تشير إلى احتمال استمرار الظروف شبه الطبيعية. ونبهت إلى الارتفاع المستمر في درجات الحرارة؛ إذ يتوقع أن تظل درجات الحرارة مرتفعة في معظم أنحاء البلاد، مع ارتفاع شديد في درجاتها في المحافظات الصحراوية الشرقية (حضرموت والمهرة) وخليج عدن (لحج)؛ حيث من المرجح أن تتجاوز درجات الحرارة العظمى خلال النهار 42 درجة مئوية في كثير من الأحيان.

محاصيل اليمن لا تزال عرضة لتقلبات الطقس (إعلام محلي)

وبالإضافة إلى ذلك، من المتوقع -حسب البيانات الأممية- أن تشهد المناطق الساحلية للبحر الأحمر والمنحدرات الشرقية للمرتفعات الوسطى والشمالية درجات حرارة تتراوح بين 40 و42 درجة مئوية، كما رُجّح أن تستمر درجات الحرارة فوق المعدلات الطبيعية، وخصوصاً في المحافظات الشمالية مثل الجوف ومأرب، وعلى طول سواحل البحر الأحمر وخليج عدن، وفقاً لتوقعات درجات الحرارة نصف الشهرية الصادرة عن المعهد الدولي للبحوث.

تعافٍ محدود

وفيما يخص المراعي، أكدت الأمم المتحدة أن تعافي الغطاء النباتي في مناطق الرعي سيظل محدوداً، ما يقلل من توفر الأعلاف ويزيد من المنافسة على الموارد بين المجتمعات الرعوية.

وأوصت المنظمة الدولية باستراتيجيات التكيف القائمة على تعزيز أنظمة الإنذار المبكر على مستوى المجتمع، بشأن تقلبات هطول الأمطار وفترات الجفاف، وتعزيز تقنيات التغطية، وزراعة المحاصيل، والحفاظ على رطوبة التربة لتحقيق أقصى استفادة من مياه الأمطار المتبقية في الحقول، وزيادة توزيع أصناف البذور المقاومة للجفاف، مثل الذرة الرفيعة والدخن المناسبة لفترات الزراعة المتأخرة.

ملايين اليمنيين يفتقدون المياه النظيفة في ظل تردي الخدمات وموجات الجفاف (أ.ف.ب)

وطالبت بضرورة توسيع الخدمات البيطرية وبرامج تغذية الماشية في حالات الطوارئ في المراعي المتضررة بشدة، مع دعم مبادرات حصاد المياه على نطاق صغير، مثل جمع المياه على أسطح المنازل والحواجز على طول الوديان، لتحسين توفر المياه المحلية.

وقالت إن محاصيل الحبوب والبقول التي تعتمد على مياه الأمطار مثل الذرة الرفيعة والدخن قد تستفيد من الأمطار التي تهطل في أواخر الموسم، رغم أن حجم هذه الأمطار المحدود قد يؤدي إلى استمرار إجهاد رطوبة التربة خلال مراحل الإزهار وامتلاء الحبوب الحرجة.

وذكرت الأمم المتحدة أن محاصيل المناطق المرتفعة في اليمن من المحتمل أن تتحسن، على الرغم من أن الحرارة المستمرة قد تؤثر سلباً على المحاصيل. كذلك فإن المساحات المروية من المتوقع أن تعتمد بشكل أكبر على الري للتعويض عن نقص الأمطار، ما يمثل ضغوطاً إضافية على موارد المياه، ويزيد من نفقات التشغيل على المزارعين.


مقالات ذات صلة

«اتفاق مسقط» للمحتجزين يفتح نافذة إنسانية وسط تفاؤل يمني حذر

العالم العربي مخاوف يمنية من إفراغ الحوثيين اتفاق تبادل المحتجزين من مضامينه (إعلام حكومي)

«اتفاق مسقط» للمحتجزين يفتح نافذة إنسانية وسط تفاؤل يمني حذر

اتفاق مسقط لتبادل نحو 2900 محتجز ينعش آمال اليمنيين بإنهاء معاناة الأسرى وسط تفاؤل حذر ومطالب بضمانات أممية لتنفيذ «الكل مقابل الكل»

«الشرق الأوسط» (الرياض - صنعاء)
العالم العربي لوحة في عدن تعرض صورة عيدروس الزبيدي رئيس «المجلس الانتقالي الجنوبي» الداعي للانفصال (رويترز)

الرياض ترسم مسار التهدئة شرق اليمن... «خروج سلس وعاجل» لـ«الانتقالي»

يرسم البيان السعودي مسار التهدئة شرق اليمن، داعياً لانسحاب قوات «الانتقالي» من حضرموت والمهرة، وسط ترحيب رئاسي وحكومي وإجماع حزبي ضد التصعيد.

«الشرق الأوسط» (جدة)
وفد سعودي زار حضرموت ضمن مساعي التهدئة وخفض التوتر (سبأ)

حضرموت تتمسك بالشرعية وتحذر من تكلفة «التحركات الأحادية»

جددت سلطة حضرموت دعمها الكامل للشرعية، محذّرة من التحركات العسكرية الأحادية، ومؤكدة أن أمن المحافظة، والحوار السياسي هما السبيل للاستقرار، والتنمية

«الشرق الأوسط» (جدة)
العالم العربي العليمي مستقبلاً في الرياض السفيرة الفرنسية لدى اليمن (سبأ)

العليمي يرفض «تقطيع» اليمن ويؤكد حماية المركز القانوني للدولة

جدّد العليمي رفضه القاطع لأي محاولات لتفكيك الدولة اليمنية أو فرض وقائع أحادية خارج المرجعيات الحاكمة للمرحلة الانتقالية مؤكداً حماية المركز القانوني للدولة

«الشرق الأوسط» (جدة)
خاص نجاح صفقة تبادل الأسرى مرتبط بجدية الحوثيين والوفاء بالتزاماتهم (إعلام حكومي)

خاص «اتفاق مسقط» لتبادل المحتجزين اختبار جديد لمصداقية الحوثيين

يُشكّل الاتفاق الذي أبرمته الحكومة اليمنية في مسقط مع الحوثيين لتبادل 2900 محتجز من الطرفين اختباراً جديداً لمدى مصداقية الجماعة في إغلاق هذا الملف الإنساني

محمد ناصر (تعز)

رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

قال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، ضياء رشوان، اليوم الخميس، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وأضاف رشوان في تصريحات لقناة تلفزيون «القاهرة الإخبارية» أن نتنياهو يعمل وفق اعتبارات انتخابية لصياغة تحالف جديد.

وتابع أن نتنياهو يسعى لإشعال المنطقة، ويحاول جذب انتباه ترمب إلى قضايا أخرى، بعيداً عن القطاع، لكنه أشار إلى أن الشواهد كلها تدل على أن الإدارة الأميركية حسمت أمرها بشأن المرحلة الثانية من اتفاق غزة.

وحذر رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية من أن نتنياهو يريد أن تؤدي قوة حفظ الاستقرار في غزة أدواراً لا تتعلق بها.

وفي وقت سابق اليوم، نقل موقع «واي نت» الإخباري الإسرائيلي عن مصدر عسكري قوله إن نتنياهو سيُطلع ترمب على معلومات استخباراتية عن خطر الصواريخ الباليستية الإيرانية خلال اجتماعهما المرتقب قبل نهاية العام الحالي.

وأكد المصدر الإسرائيلي أن بلاده قد تضطر لمواجهة إيران إذا لم تتوصل أميركا لاتفاق يكبح جماح برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية.


الصوماليون يصوتون في أول انتخابات محلية بنظام الصوت الواحد منذ 1969

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
TT

الصوماليون يصوتون في أول انتخابات محلية بنظام الصوت الواحد منذ 1969

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)

أدلى الناخبون في الصومال، الخميس، بأصواتهم في انتخابات محلية مثيرة للجدل، تُعدّ الأولى التي تُجرى بنظام الصوت الواحد منذ عام 1969. ويقول محللون إن هذه الانتخابات تُمثل خروجاً عن نظام مفاوضات تقاسم السلطة القائم على أساس قبلي.

وقد نظمت الحكومة الاتحادية في البلاد التصويت لاختيار أعضاء المجالس المحلية، في أنحاء المناطق الـ16 في مقديشو، ولكنه قوبل برفض من جانب أحزاب المعارضة التي وصفت الانتخابات بالمعيبة والمنحازة.

يذكر أن الصومال انتخب لعقود أعضاء المجالس المحلية والبرلمانيين من خلال المفاوضات القائمة على أساس قبلي، وبعد ذلك يختار المنتخبون الرئيس.

يُشار إلى أنه منذ عام 2016 تعهّدت الإدارات المتعاقبة بإعادة تطبيق نظام الصوت الواحد، غير أن انعدام الأمن والخلافات الداخلية بين الحكومة والمعارضة حالا دون تنفيذ هذا النظام.

أعضاء «العدالة والتضامن» في شوارع مقديشو قبيل الانتخابات المحلية وسط انتشار أمني واسع (إ.ب.أ)

وجدير بالذكر أنه لن يتم انتخاب عمدة مقديشو، الذي يشغل أيضاً منصب حاكم إقليم بانادير المركزي، إذ لا يزال شاغل هذا المنصب يُعيَّن، في ظل عدم التوصل إلى حل للوضع الدستوري للعاصمة، وهو أمر يتطلب توافقاً وطنياً. غير أن هذا الاحتمال يبدو بعيداً في ظل تفاقم الخلافات السياسية بين الرئيس حسن شيخ محمود وقادة ولايتي جوبالاند وبونتلاند بشأن الإصلاحات الدستورية.

ووفق مفوضية الانتخابات، هناك في المنطقة الوسطى أكثر من 900 ناخب مسجل في 523 مركز اقتراع.

ويواجه الصومال تحديات أمنية، حيث كثيراً ما تنفذ جماعة «الشباب» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» هجمات دموية في العاصمة، وجرى تشديد إجراءات الأمن قبيل الانتخابات المحلية.

وذكر محللون أن تصويت مقديشو يمثل أقوى محاولة ملموسة حتى الآن لتغيير نظام مشاركة السلطة المعتمد على القبائل والقائم منذ أمد طويل في الصومال.

وقال محمد حسين جاس، المدير المؤسس لمعهد «راد» لأبحاث السلام: «لقد أظهرت مقديشو أن الانتخابات المحلية ممكنة من الناحية التقنية».


اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)

توالت اجتماعات الوسطاء لدفع اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، واستضافت القاهرة وأنقرة اجتماعين بشأن تنفيذ بنود الاتفاق، بعد لقاء موسع في مدينة ميامي الأميركية قبل نحو أسبوع بحثاً عن تحقيق اختراق جديد.

تلك الاجتماعات الجديدة في مصر وتركيا، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أنها بمثابة مساعٍ لتفكيك عقبات الاتفاق المتعثر، وشددوا على أن إسرائيل قد لا تمانع للذهاب للمرحلة الثانية تحت ضغوط أميركية؛ لكنها ستعطل مسار التنفيذ بمفاوضات تتلوها مفاوضات بشأن الانسحابات وما شابه.

وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في بيان: «بتوجيه من رئيس الوزراء، غادر منسق شؤون الأسرى والمفقودين، العميد غال هيرش، على رأس وفد ضم مسؤولين من الجيش وجهاز الأمن العام (الشاباك)، والموساد إلى القاهرة».

والتقى الوفد الإسرائيلي مسؤولين كباراً وممثلي الدول الوسيطة، وركزت الاجتماعات على الجهود وتفاصيل عمليات استعادة جثة الرقيب أول ران غوئيلي.

وسلمت الفصائل الفلسطينية منذ بدء المرحلة الأولى لوقف إطلاق النار في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، 20 أسيراً إسرائيلياً أحياء ورفات 27 آخرين، فيما تبقى رفات ران غوئيلي الذي تواصل «حماس» البحث عن رفاته، وتقول إن الأمر سيستغرق وقتاً نظراً للدمار الهائل في غزة، فيما ترهن إسرائيل بدء التفاوض لتدشين المرحلة الثانية من الاتفاق بتسلمها تلك الجثة.

وبالتزامن، أعلنت حركة «حماس»، في بيان، أن وفداً قيادياً منها برئاسة رئيس الحركة في قطاع غزة خليل الحية، قد التقى في أنقرة مع وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في لقاء بحث «مجريات تطبيق اتفاق إنهاء الحرب على غزة والتطورات السياسية والميدانية».

وحذر الوفد من «استمرار الاستهدافات والخروقات الإسرائيلية المتكررة في قطاع غزة»، معتبراً أنها تهدف إلى «عرقلة الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق وتقويض التفاهمات القائمة».

وجاء اللقاءان بعد اجتماع قبل نحو أسبوعٍ، جمع وسطاء اتفاق وقف إطلاق النار في مدينة ميامي الأميركية، وأفاد بيان مشترك عقب الاجتماع بأنه جارٍ مناقشة سبل تنفيذ الاتفاق.

ويرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، أن اجتماعي القاهرة وأنقرة يأتيان في توقيت مهم بهدف دفع تنفيذ الاتفاق وإنهاء العقبات بشكل حقيقي، والوصول لتفاهمات تدفع واشنطن لزيادة الضغط على إسرائيل للدخول للمرحلة الثانية المعطلة، مشيراً إلى أن مسألة الرفات الأخير تبدو أشبه بلعبة لتحقيق مكاسب من «حماس» وإسرائيل.

فالحركة تبدو، كما يتردد، تعلم مكانها ولا تريد تسليمها في ضوء أن تدخل المرحلة الثانية تحت ضغط الوسطاء والوقت وفي يدها ورقة تتحرك بها نظرياً، وإسرائيل تستفيد من ذلك بالاستمرار في المرحلة الأولى دون تنفيذ أي التزامات جديدة مرتبطة بالانسحابات، وفق عكاشة.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، أن هذه الاجتماعات تبحث كيفية سد الفجوات، خاصة أن الجثة تمثل عقبة حقيقية، مشيراً إلى أن لقاء «حماس» في تركيا يهدف لبحث ترتيبات نزع السلاح ودخول القوات الدولية، خاصة أن أنقرة تأمل أن يكون لها دور، وتعزز نفسها وعلاقاتها مع واشنطن.

صورة عامة للمنازل المدمرة في مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

ولا تزال إسرائيل تطرح مواقف تعرقل الاتفاق، وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، إن بلاده «لن تغادر غزة أبداً»، وإنها ستقيم شريطاً أمنياً داخل قطاع غزة لحماية المستوطنات، مشدداً على أنه يجب على «حماس» أن تتخلى عن السلاح، وإلا «فستقوم إسرائيل بهذه المهمة بنفسها»، وفق موقع «واي نت» العبري، الخميس.

فيما سعى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مساء الثلاثاء، إلى تحميل حركة «حماس» المسؤولية عن إصابة ضابط بالجيش الإسرائيلي في ‌انفجار عبوة ناسفة ‍في رفح، وانتهاك اتفاق ‌وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن الحركة الفلسطينية أكدت أن الانفجار وقع في منطقة تسيطر عليها إسرائيل بالكامل، ورجحت أن يكون الحادث ناجماً عن «مخلفات الحرب».

وجاء اتهام نتنياهو لـ«حماس» قبل أيام من لقائه المرتقب مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الولايات المتحدة. ونقلت تقارير عبرية أن نتنياهو يريد إقناع ترمب بتثبيت «الخط الأصفر» حدوداً دائمة بين مناطق سيطرة إسرائيل و«حماس»؛ ما يعني احتلال إسرائيل لـ58 في المائة من مساحة القطاع.

ويتوقع عكاشة أن تعلن إسرائيل بعد لقاء ترمب أنها لا تمانع من دخول المرحلة الثانية، ولكن هذا سيظل كلاماً نظرياً، وعملياً ستطيل المفاوضات بجدولها وتنفيذ بنودها، ويبقي الضغط الأميركي هو الفيصل في ذلك.

ووفقاً لمطاوع، فإن إسرائيل ستواصل العراقيل وسط إدراك من ترمب أنه لن يحل كل المشاكل العالقة مرة واحدة، وأن هذه الاجتماعات المتواصلة تفكك العقبات، وسيراهن على بدء المرحلة الثانية في يناير (كانون الثاني) المقبل، تأكيداً لعدم انهيار الاتفاق.