قانون المناجم الجديد يُشعل الجدل السياسي في الجزائر

ثلاثة أحزاب معارضة طالبت الرئيس تبون بسحبه

مناشدات سياسية لرئيس الدولة لسحب قانون المناجم (الرئاسة)
مناشدات سياسية لرئيس الدولة لسحب قانون المناجم (الرئاسة)
TT

قانون المناجم الجديد يُشعل الجدل السياسي في الجزائر

مناشدات سياسية لرئيس الدولة لسحب قانون المناجم (الرئاسة)
مناشدات سياسية لرئيس الدولة لسحب قانون المناجم (الرئاسة)

أعلن قادة ثلاثة أحزاب سياسية معارضة في الجزائر، رفضهم الشديد للقانون الجديد المتعلق بقطاع التعدين والمناجم، الذي تم اعتماده في غرفتي البرلمان، بهدف جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية، وفق تقديرات الحكومة.

وفي بيان مشترك، عبّر رئيس «جيل جديد» سفيان جيلالي، والأمينة العامة لـ«حزب العمال» لويزة حنون، ورئيس «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» عثمان معزوز عن «قلقهم العميق إزاء هذا التغيير الجذري والمفاجئ في التوجه الذي يحكم قطاع المناجم، لأنه يتعارض مع المصالح الوطنية».

لويزة حنون زعيمة حزب «العمال» (إعلام الحزب)

وركّزت هذه الأحزاب انتقادها، على إلغاء «قاعدة 49/51» من القانون القديم، التي كانت تنص على وجوب احتفاظ الشريك الجزائري بالأغلبية في المشروعات المشتركة مع الأجانب، وعلى الطابع الاستراتيجي لقطاع المناجم في الجزائر. إذ يتيح القانون الجديد للمستثمر الأجنبي إمكانية امتلاك ما يصل إلى 80 في المائة من المشروع المنجمي، وذلك وفق شروط معينة.

وعدّت الأحزاب الثلاثة، أن هذا التغيير يمثل «خصخصة صريحة ومباشرة لقطاع حيوي»، داعية الرئيس عبد المجيد إلى سحبه، علما بأن القانون سيصبح سارياً بعد التوقيع عليه من طرف الرئيس ونشره في «الجريدة الرسمية».

سفيان جيلالي رئيس حزب «جيل جديد» (الشرق الأوسط)

وأكَد قادة الأحزاب رفضهم «لمزيد من الانفتاح في هذا القطاع أمام المستثمرين الأجانب»، مستندين في ذلك إلى ما وصفه بيانهم، بـ«تجارب سابقة في الجزائر والعالم، أظهرت أن الشركات المتعددة الجنسيات التي تستغل الثروات المنجمية، لا تبحث إلا عن الربح، ولا تحترم القوانين الوطنية الخاصة بحماية البيئة والموارد المائية، ولا المعايير الدولية المتعلقة بصحة السكان والحفاظ على الحياة البرية والنباتية».

وأضافت الأحزاب الثلاثة، أن القانون الجديد «يفتقر إلى ضوابط وضمانات، مثل حق الشفعة لصالح الدولة، الذي يمكنها من التدخل لوقف أي انحراف محتمل». وأكدوا أن «الثروات المنجمية في البلاد مهمة ومتنوعة جداً، وتشمل المعادن النادرة والمعادن الثمينة وغيرها»، مشيرين إلى أن هذه الثروات «محط أطماع كبيرة من قبل الشركات المتعددة الجنسيات».

عثمان معزوز رئيس «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» (إعلام الحزب)

وتساءلت هذه الأحزاب عن «سبب اتخاذ الحكومة هذا القرار رغم أن الجزائر لا تعاني حالياً من مديونية خارجية، ولا تعتمد على أي مساعدات أجنبية، ما يمنحها استقلالاً مالياً يضمن لها سيادة القرار».

كما طالبوا رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، «بصفته الضامن للدستور، أن يجمّد هذا القانون غير الدستوري والمخالف للمصلحة الوطنية، وأن يمتنع عن التوقيع عليه».

وتضمن النص المثير للجدل، «تقليص القيود المفروضة على الشراكة والاستثمار الأجنبي في قطاع المناجم». مبرزاً «الاحتياطات الكبيرة من الحديد والفوسفات والذهب والزنك والرصاص المخزن في الأرض الجزائرية الشاسعة». ومؤكداً أيضاً أن «البلاد تعوّل كثيراً على هذا القطاع في سعيها لتنويع اقتصادها والتحرر من التبعية للمحروقات».

من جلسة المصادقة على قانون المناجم الجديد (البرلمان)

الجدير بالذكر، أن قانون المناجم الجديد تمت المصادقة عليه بالأغلبية في «مجلس الأمة» (الغرفة البرلمانية الثانية) يوم 8 يوليو (تموز) الحالي بـ124 صوتاً من أصل 127 صوتاً، مقابل رفضين وامتناع واحد عن التصويت.

وكان «المجلس الشعبي الوطني» (الغرفة الأولى) قد أقرّ النص بالأغلبية في يونيو (حزيران) الماضي، علماً بأن الأحزاب الثلاثة المعارضة التي ترفضه ليس لها تمثيل في البرلمان، بحكم عدم مشاركتها في الانتخابات التشريعية التي جرت في 2021. والصوت المعارض الوحيد الموجود حالياً في المؤسسة التشريعية، يمثله نواب «حركة مجتمع السلم» الإسلامية، لكنه ضعيف وسط هيمنة الأحزاب الموالية للسلطة، خصوصاً «جبهة التحرير الوطني»، و«التجمع الوطني الديمقراطي»، و«حركة البناء الوطني»، و«جبهة المستقبل».

وكان أقدم حزب معارض، «جبهة القوى الاشتراكية» قد أبدى في وقت سابق رفضاً شديداً للقانون، عادّاً أنه «يقدم تسهيلات مريبة للشركات العالمية لنهب باطن الأرض الجزائرية».

مبررات الحكومة

وأثناء عرضه للنص أمام «لجنة الشؤون الاقتصادية البرلمانية» في شهر مارس (آذار) الماضي، قدّم وزير الطاقة والمناجم، محمد عرقاب، جملة من «التحديات التي تواجه القطاع» على سبيل تبرير إطلاق نسخة جديدة منه، حيث تحدث عن «ضعف الاستثمارات في مجالي الاستكشاف والحفر، ونقص البيانات الجيولوجية، وغياب اكتشافات جديدة لمكامن منجمية».

وزير الطاقة الجزائري محمد عرقاب (وزارة الطاقة)

وأوضح الوزير أن القانون الجديد «يهدف إلى توفير بيئة ملائمة ومحفّزة للاستثمار في القطاع المنجمي، من خلال تبسيط الإجراءات الإدارية المتعلقة بمنح تراخيص الاستغلال، وتعزيز الضمانات القانونية والمالية لفائدة المستثمرين». كما أشار إلى «أهمية تسهيل الوصول إلى البيانات الجيولوجية والمنجمية، عبر اعتماد تقنيات رقمية متقدمة، بما يسمح بتحسين فعالية التخطيط واتخاذ القرار».

وأكد عرقاب أن المشروع «يراد به إعادة بعث قطاع المناجم على أسس قانونية وتنظيمية حديثة، تُشجع على تطوير الصناعة المنجمية والصناعات التحويلية المرتبطة بها، وترسيخ مبادئ الشفافية في عمليات البحث والاستكشاف». ويشمل ذلك، حسبه، «تبسيط المسارات الإدارية باستخدام آليات رقمية لتسريع المعاملات، وتحفيز نقل التكنولوجيا نحو المؤسسات الوطنية العاملة في المجال».

البرلمان الجزائري (متداولة)

من جهته، صرّح رئيس «مجلس الأمة» (الرجل الثاني في الدولة بحسب الدستور) عزوز ناصري، بأن القانون «يكرّس انطلاقة جديدة لقطاع المناجم في الجزائر». وأنه «جاء لتحقيق أهداف استراتيجية واقتصادية في آنٍ واحد، من بينها تعزيز الشفافية والاستقرار في القطاع، وإدراج حوافز وتشجيعات فعالة للمستثمرين، بما يسهم في جذب الاستثمارات الأجنبية ونقل التكنولوجيا».


مقالات ذات صلة

الجزائر: 3 سنوات حبساً غير نافذ لصحافي «أهان رموز ثورة التحرير»

شمال افريقيا الكاتب الصحافي سعد بوعقبة (حسابات حقوقيين)

الجزائر: 3 سنوات حبساً غير نافذ لصحافي «أهان رموز ثورة التحرير»

فرضت محكمة جزائرية، مساء الخميس، عقوبة 3 سنوات حبساً موقوفة النفاذ، وغرامة مالية قدرها مليون دينار جزائري، في حق الكاتب الصحافي المتهم الموقوف، سعد بوعقبة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا مخدرات صادرها الجيش الجزائري بالحدود (وزارة الدفاع)

الجزائر: ارتفاع مقلق للوفيات نتيجة الجرعات الزائدة من المخدرات

أكدت بيانات معهد الأدلة الجنائية للدرك الوطني الجزائري حدوث تحول كبير في نمط تعاطي المخدرات، والمؤثرات العقلية في البلاد.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الصحافي الفرنسي كريستوف غليز (أ.ف.ب)

ماكرون يبدي «قلقاً بالغاً» لإدانة صحافي فرنسي في الجزائر

أعلن قصر الإليزيه، الخميس، أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون «تلقى بقلق بالغ نبأ الحكم بالسجن على الصحافي الفرنسي كريستوف غليز في الجزائر».

«الشرق الأوسط» (باربس)
شمال افريقيا الصحافي الفرنسي المسجون في الجزائر (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

محاكمة صحافي تضع التقارب الجزائري - الفرنسي تحت «اختبار عسير»

شهد محيط محكمة مدينة تيزي وزو شرق العاصمة الجزائرية، الأربعاء، أجواء غير عادية بسبب محاكمة صحافي فرنسي تطالب بلاده بالإفراج عنه.

العالم العربي صورة مركبة بمناسبة تهنئة رئيس الحكومة الإسبانية الرئيس الجزائري بإعادة انتخابه في 2024 (الرئاسة الجزائرية)

حكومة إسبانيا تسعى لإعادة التوازن في علاقاتها بالجزائر

تحضّر إسبانيا لاستقبال الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، في ديسمبر (كانون الأول) الحالي، في أول زيارة له منذ توليه الحكم عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

وزير الخارجية المصري يدعو إلى نشر قوة استقرار دولية في غزة «بأسرع وقت»

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (د.ب.أ)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (د.ب.أ)
TT

وزير الخارجية المصري يدعو إلى نشر قوة استقرار دولية في غزة «بأسرع وقت»

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (د.ب.أ)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (د.ب.أ)

دعا وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي اليوم (السبت) إلى الإسراع في نشر قوة استقرار دولية نصت عليها المرحلة الثانية من اتفاق السلام في قطاع غزة، لمراقبة وقف إطلاق النار.

وقال عبد العاطي خلال منتدى الدوحة: «فيما يتعلق بقوة الاستقرار الدولية، فإننا بحاجة إلى نشر هذه القوة بأسرع وقت ممكن على الأرض؛ لأن أحد الأطراف -وهو إسرائيل- ينتهك وقف إطلاق النار يومياً... لذا نحن بحاجة إلى مراقبين».

وأضاف أن معبر رفح البري بين مصر وغزة «لن يكون بوابة للتهجير؛ بل لإمداد غزة بالمساعدات الإنسانية والطبية فقط».

وحسب مشروع قرار بمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة واقترحته واشنطن، ستستخدم القوة الدولية «جميع التدابير اللازمة» لنزع سلاح غزة، وحماية المدنيين، وإيصال المساعدات، وتأمين حدود القطاع، ودعم قوة شرطة فلسطينية مدربة.


بعد تمديد ولاية «الأونروا»... أبو الغيط يدعو الدول المانحة إلى التحرك لسد فجوة التمويل

الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط (د.ب.أ)
الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط (د.ب.أ)
TT

بعد تمديد ولاية «الأونروا»... أبو الغيط يدعو الدول المانحة إلى التحرك لسد فجوة التمويل

الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط (د.ب.أ)
الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط (د.ب.أ)

رحّب أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط اليوم (السبت)، بنتائج تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح الموافقة على تمديد ولاية «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» (الأونروا) لمدة ثلاث سنوات.

وأكد أبو الغيط في بيان أن الوكالة الأممية تلعب دوراً لا غنى عنه في إعاشة وتشغيل ملايين اللاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتها الخمس، وأن دورها يكتسب إلحاحاً أكبر بسبب الكارثة الإنسانية التي يعيشها قطاع غزة جراء الحرب الإسرائيلية الوحشية التي امتدت لعامين.

ووجّه أبو الغيط نداء لكافة الدول المانحة بالتحرك على نحو عاجل لسد فجوة التمويل التي تعاني منها الوكالة الدولية، والتي تبلغ نحو 200 مليون دولار، لتمكينها من مواصلة عملها الإنساني الذي لا غنى عنه.

ووافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة أمس (الجمعة) على تمديد عمل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) لمدة ثلاث سنوات إضافية.


هولندا: الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية الحل الأكثر واقعية لنزاع الصحراء

وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة مع نظيره الهولندي خلال لقائهما الجمعة في لاهاي (ماب)
وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة مع نظيره الهولندي خلال لقائهما الجمعة في لاهاي (ماب)
TT

هولندا: الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية الحل الأكثر واقعية لنزاع الصحراء

وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة مع نظيره الهولندي خلال لقائهما الجمعة في لاهاي (ماب)
وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة مع نظيره الهولندي خلال لقائهما الجمعة في لاهاي (ماب)

في إطار الدينامية الدولية التي أطلقها العاهل المغربي، الملك محمد السادس، دعماً لسيادة المغرب على صحرائه ولمخطط الحكم الذاتي، أكدت هولندا أن «حكماً ذاتياً حقيقياً تحت السيادة المغربية هو الحل الأكثر واقعية لوضع حد نهائي لهذا النزاع الإقليمي».

جرى التعبير عن هذا الموقف في الإعلان المشترك الذي تم اعتماده، اليوم الجمعة في لاهاي، من جانب وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، ووزير الشؤون الخارجية وزير اللجوء والهجرة بالأراضي المنخفضة، ديفيد فان ويل، عقب لقاء بين الجانبين.

سجل الإعلان المشترك أيضاً أن هولندا «ترحب بمصادقة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على القرار رقم 2797، وتعرب عن دعمها الكامل لجهود الأمين العام ومبعوثه الشخصي»، الرامية إلى تسهيل وإجراء مفاوضات قائمة على مبادرة الحكم الذاتي المغربية، وذلك بهدف التوصل إلى حل عادل ودائم ومقبول من الأطراف، كما أوصت بذلك قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.

وأعرب الوزيران عن ارتياحهما للعلاقات الممتازة والعريقة، التي تجمع بين المغرب وهولندا، وجددا التأكيد على الإرادة المشتركة لمواصلة تعزيز التعاون الثنائي، المبني على صداقة عميقة وتفاهم متبادل، ودعم متبادل للمصالح الاستراتيجية للبلدين.

كما رحّبا بالدينامية الإيجابية التي تطبع العلاقات الثنائية في جميع المجالات، واتفقا على العمل من أجل الارتقاء بها إلى مستوى شراكة استراتيجية.

وخلال اللقاء أشادت هولندا بالإصلاحات الطموحة التي جرى تنفيذها تحت قيادة الملك محمد السادس، وبالجهود المبذولة في مجال التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، خصوصاً عبر النموذج التنموي الجديد، وإصلاح مدوّنة الأسرة، ومواصلة تفعيل الجهوية المتقدمة.

كما أشادت هولندا بالجهود المتواصلة التي يبذلها المغرب من أجل الاستقرار والتنمية في منطقة الساحل.

وإدراكاً لأهمية التعاون الإقليمي لمواجهة التحديات الأمنية المشتركة، أكدت هولندا عزمها على تعزيز الحوار والتعاون مع المغرب في هذا المجال، موضحة أنه سيتم بحث المزيد من الفرص لتعزيز هذه الشراكة خلال الحوار الأمني الثنائي المقبل.

كما أشادت هولندا بالمبادرات الأطلسية، التي أطلقها الملك محمد السادس لفائدة القارة الأفريقية، ولا سيما مبادرة مسار الدول الأفريقية الأطلسية، والمبادرة الملكية الرامية إلى تسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، ومشروع خط أنابيب الغاز الأطلسي نيجيريا - المغرب.