في آخر أيام شهر يناير (كانون الثاني) من العام الحالي، استفاق مستخدمو «تيك توك» ليجدوا على المنصة فيديو جمع 100 ألف مشاهدة في أقل من 12 ساعة.
الناشر هو ماكاريو مارتينيز، وقد صوّر نفسه مرتدياً ملابس الكنّاسين الصفراء وواقفاً بين الحاويات في خلفيّة شاحنةٍ للقمامة، بينما رافقت المشهد أغنية فائقة الرومانسية. لم تمضِ ساعات حتى اكتشف المتابعون هوية الناشر. هو ليس شخصيةً مشهورة ساعية وراء «اللايكات»، ولا صبياً أراد اللهو داخل عربة النفايات، بل إنه عامل نظافةٍ يمضي أيامه في كنس شوارع مكسيكو وجمع نفاياتها.
@edunicara In Mexico, a 23-year-old street sweeper with a golden voice has captured the public imagination. In just two weeks, Macario Martinez has racked up millions of views with his rags-to-riches story and has become Mexico's latest pop star@Macario Martínez #macariomartinez El barrendero mexicano macario martinez se convirtio en la nueva sensacion musical y viraliso las redes. Macario Martinez
كنّاس يريد الغناء
معلّقاً على الفيديو والأغنية، كتب ماكاريو مارتينيز البالغ 23 عاماً: «الحياة تتطلّب منّا الكثير، وأنا مجرّد كنّاسُ شوارع يريدكم أن تسمعوا موسيقاه». المفاجأة الثانية التي كانت بانتظار المتابعين، هي أنّ مارتينيز بذاته كتب الأغنية ولحّنها وغنّاها.
ما هي إلا أيام حتى وضع ماكاريو المكنسة جانباً وخلع عنه الزيّ الأصفر، منشغلاً بعشرات المقابلات التلفزيونية والأحاديث الصحافية. أخبر كيف أنه ذُهل يوم أفاق من النوم عند الخامسة فجراً للذهاب إلى الوظيفة، فوجد أنّ الفيديو الذي حمّله الليلة الماضية كان قد تحوّل إلى ظاهرة على وسائل التواصل الاجتماعي.
بعد 6 أشهر على الليلة التي قلبت حياته رأساً على عقب من دون سابق تصوّر وتصميم، بات ماكاريو مارتينيز اليوم في عداد النجوم، لا سيّما في بلده المكسيك. يتابعه عشرات الآلاف على منصات التواصل، أما لقطات الكنّاس الذي يستقلّ شاحنة النفايات فقد تحوّلت إلى أغنية جمعت ملايين الاستماعات، وإلى فيديو كليب صُوّر بطريقة محترفة.
في فنّ المثابرة
ليس حبُ مارتينيز للموسيقى والفنون حديث العهد، فهو بدأ يتلقّى دروس العزف على الغيتار عندما كان في الـ8 من العمر. ثم رغب في التخصص بالمسرح لكن لم يحالفه الحظ في امتحان الدخول إلى الكلّيّة. في الأثناء، كان عليه أن يساعد عائلته في تسديد إيجار البيت المتواضع وتأمين الطعام. فلم يبقَ له سوى أن يودّع أحلامه، ويتنقّل بين وظائف عدة، قبل أن يستقرّ كعامل نظافة مقابل 13 دولاراً يومياً.
رغم يومياته وسط الغبار والقمامة، لم يتخلّ مارتينيز عن الغيتار ولا عن الموسيقى. أمضى ساعات فراغه تحت الجسور وهو يغنّي للمارة. كما كان يطلق العنان لموهبته في التصوير والتمثيل، عبر فيديوهات كان يصوّرها على الهاتف مع أصدقائه الموسيقيين وينشرها لقلّةٍ قليلة من الناس كانت تعرفه آنذاك.

احلمْ بما هو جميل يا قلبي
بعد الشهرة المستجدّة، ترك مارتينيز عمله متفرّغاً لمسيرته الموسيقية. أحاط نفسه بفريق عمل، فالحفلات كثيرة والمعجبون أكثر والتحضير جارٍ لألبوم غنائي من تأليفه.
أما ضيوف الشرف في حفله الغنائي الأول فكانوا زملاء المهنة السابقة، عمّال النظافة الذين صفّقوا له واقفين في الصفوف الأمامية ومرتدين بزّاتهم الصفراء الموحّدة.

«Sueña lindo, corazón Que la herida que dejó ya no duela más»، هذا بعضٌ من كلمات أغنية ماكاريو مارتينيز التي أخذته إلى الشهرة. «احلَمْ بما هو جميل يا قلبي، علّ جرحك لا يؤلمك من جديد»... وكأنّ الكنّاس الشاب لمحَ مشهداً من المستقبل الذي ينتظره عندما كتب تلك الأغنية.
عملوا في التنظيف قبل الشهرة
ربما تحمل الأيام الآتية مزيداً من التألّق والشهرة لعامل النظافة المكسيكي الشاب، فكم من شخصيةٍ عالمية مؤثّرة حملت المكنسة لتعيش، قبل أن يبتسم لها الحظ.

وفق سيرته الذاتية، فإنّ الممثل الأميركي جيم كاري عمل خلال أولى سنوات شبابه في تنظيف وحراسة مصنعٍ لإطارات السيارات. رافقه شقيقه جون في تلك المهمة وكانا يغطّيان الدوام الليليّ الممتدّ من الـ6 مساءً حتى الثانية فجراً. ومن المعروف أنّ أوضاع عائلة كاري المادية كانت سيئة للغاية، إلى درجة أن قسماً منها كان يعيش في شاحنة صغيرة، بينما كان جيم وجون ينصبان خيمةً على ضفة بحيرة أونتاريو في كندا للنوم فيها.

بهدف تسديد أقساطه الجامعية، عمل الممثل آشتون كوتشر في تنظيف مصنع كبير. وهكذا فعل زميله ماثيو ماكونهي الذي اضطرّ إلى تنظيف أوساخ الدجاج في إحدى المزارع في أستراليا.
الكاتب ستيفن كينغ نظّف المراحيض وغرف الاستحمام في إحدى المدارس عندما كان طالباً جامعياً. ويخبر الروائي الأميركي كيف أنه استوحى فكرة أولى رواياته «كاري» من تلك الوظيفة، وقد جلب له ذاك الكتاب النجاح والثروة.
أما أعمال التنظيف التي قام بها الممثل سيلفستر ستالون قبل أن يصبح نجماً عالمياً، أوحت بالاتّجاه الذي أخذته أدواره لاحقاً. فبطل «روكي»، وعندما وجد نفسه غير قادرٍ على تسديد إيجار منزله مما اضطرّه للنوم في الشارع خلال 3 أسابيع، وافق على وظيفةٍ في حديقةٍ للحيوانات. أما مهمته فكانت تنظيف أقفاص الأسود!








