مخاوف الحرب التجارية تدفع الأسهم الآسيوية إلى الانخفاض

بعد رسوم ترمب الجمركية الجديدة

امرأة تمر بجانب لوحة إلكترونية تعرض مؤشر «نيكي 225» في بورصة طوكيو (أ ف ب)
امرأة تمر بجانب لوحة إلكترونية تعرض مؤشر «نيكي 225» في بورصة طوكيو (أ ف ب)
TT
20

مخاوف الحرب التجارية تدفع الأسهم الآسيوية إلى الانخفاض

امرأة تمر بجانب لوحة إلكترونية تعرض مؤشر «نيكي 225» في بورصة طوكيو (أ ف ب)
امرأة تمر بجانب لوحة إلكترونية تعرض مؤشر «نيكي 225» في بورصة طوكيو (أ ف ب)

انخفضت الأسهم الآسيوية يوم الجمعة، مدفوعةً بعمليات بيع مكثفة في كوريا الجنوبية واليابان، حيث أثارت أحدث الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب مخاوف المستثمرين من تصاعد الحرب التجارية العالمية.

وأعلن ترمب عن فرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المائة على واردات السيارات، التي من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ الأسبوع المقبل، ما أثار موجة من الانتقادات من سياسيين ومسؤولين تنفيذيين في صناعة السيارات على مستوى العالم، بالإضافة إلى تحذيرات من شركات صناعة السيارات العالمية حول احتمال ارتفاع الأسعار. وأدى اتساع رقعة الحرب التجارية العالمية التي بدأها ترمب فور عودته إلى البيت الأبيض إلى هزة في الأسواق، حيث تأثرت أسهم شركات صناعة السيارات العالمية بشكل خاص، وفق «رويترز».

وانخفض مؤشر «نيكي» الياباني بنحو 2 في المائة، مدفوعاً بتراجع حاد في أسهم شركات مثل «تويوتا» و«هوندا»، بينما انخفض المؤشر القياسي في كوريا الجنوبية بنسبة 2 في المائة. وتعتبر صناعة السيارات ركيزة أساسية في اقتصاد البلدين.

كما تراجعت العقود الآجلة للأسواق الأوروبية، حيث انخفضت العقود الآجلة لمؤشر «داكس» الألماني، الذي يضم شركات صناعة السيارات، بنسبة 0.2 في المائة، في حين لم تشهد العقود الآجلة للأسواق الأميركية أي تغييرات ملحوظة.

وقال فريد نيومان، كبير الاقتصاديين الآسيويين في بنك «إتش إس بي سي»: «إن الرسوم الجمركية الأميركية على واردات السيارات ليست مفاجأة كبيرة، فقد تم التلميح إليها منذ بعض الوقت».

وأضاف: «إلى حد ما، يمكن للمنتجين تعديل سلاسل التوريد ومواقع الإنتاج لتخفيف هذه الآثار. وفي الوقت نفسه، قد يتمكنون أيضاً من تحميل بعض من زيادات الأسعار على المستهلكين الأميركيين، نظراً لأن الرسوم الجمركية ستؤثر على جميع المنتجين تقريباً».

وأعلنت بعض شركات صناعة السيارات الكبرى، مثل «فولفو»، و«أودي» التابعة لـ«فولكس فاغن»، و«مرسيدس بنز»، و«هيونداي»، أنها ستنقل بعض إنتاجها إلى دول أخرى. كما أعلنت شركة «فيراري»، التي تصنع جميع سياراتها في إيطاليا، أنها سترفع أسعار بعض طرازاتها بنسبة تصل إلى 10 في المائة.

وانخفض مؤشر «هانغ سنغ» في هونغ كونغ بنسبة 0.6 في المائة مع ترقب المتداولين لوضوح خطط ترمب بشأن فرض رسوم جمركية على الصين. وصرح ترمب بأنه مستعد لتقليص الرسوم الجمركية على الصين إذا تم التوصل إلى صفقة مع شركة «بايت دانس»، الشركة الأم لتطبيق «تيك توك»، لبيع التطبيق.

ويتركز الاهتمام الآن على الرسوم الجمركية المتبادلة التي من المقرر أن تُعلن عنها الولايات المتحدة في 2 أبريل (نيسان). وأشار ترمب إلى أن هذه الإجراءات قد لا تكون الرسوم الجمركية المتساوية التي كان قد وعد بفرضها. وقال تييري ويزمان، الخبير الاستراتيجي العالمي في سوق الصرف الأجنبي وأسعار الفائدة لدى «ماكواري»: «ليس من المفاجئ أن يؤدي الحديث عن الرسوم الجمركية إلى جولة جديدة من التردد في المخاطرة... حيث يحاول المتداولون فهم تداعياتها، ولكنهم يستنتجون في الغالب أن الرسوم الجمركية ستؤثر سلباً على النمو الاقتصادي وتؤدي إلى التضخم».

اختبار التضخم

في أسواق العملات، استقر الدولار الأميركي قبيل صدور تقرير التضخم المنتظر في وقت لاحق من اليوم. ومن المتوقع أن تُظهر بيانات نفقات الاستهلاك الشخصي الأميركية، وهي المقياس المفضل لدى «الاحتياطي الفيدرالي» للأسعار، لشهر فبراير (شباط) انتعاشاً في نفقات المستهلكين وارتفاعاً في أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسية السنوية إلى 2.7 في المائة.

ويتجه الدولار الأميركي نحو انخفاض ربع سنوي، حيث تُلقي المخاوف بشأن تأثير الرسوم الجمركية على النمو الاقتصادي الأميركي بظلالها. وانخفض اليورو إلى 1.07887 دولار، لكنه كان في طريقه لتحقيق ارتفاع بنسبة 4 في المائة خلال الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى مارس (آذار).

كما ارتفع الين الياباني إلى 150.675 ين للدولار، متجهاً نحو تحقيق مكاسب تقارب 4 في المائة مقابل الدولار خلال الربع، مع مراهنة المتداولين على احتمال رفع بنك اليابان أسعار الفائدة مجدداً.

وأظهرت بيانات يوم الجمعة تسارع تضخم أسعار المستهلكين الأساسي في طوكيو خلال مارس، ليظل أعلى من هدف البنك المركزي، مدفوعاً بارتفاع أسعار المواد الغذائية. وأدى ذلك إلى استمرار توقعات السوق برفع أسعار الفائدة في المستقبل القريب.


مقالات ذات صلة

الأسهم الآسيوية ترتفع بدعم من تصريحات ترمب بشأن بقاء باول

الاقتصاد متداولو العملات يراقبون شاشة تعرض مؤشر «كوسبي» بمقر بنك كيب هانا في سيول (أ.ب)

الأسهم الآسيوية ترتفع بدعم من تصريحات ترمب بشأن بقاء باول

سجلت الأسهم الآسيوية ارتفاعاً جماعياً خلال تعاملات يوم الأربعاء، مدعومة بحالة من الارتياح في الأسواق، عقب تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد مؤشر أسعار الأسهم الألماني «داكس» في بورصة فرنكفورت (رويترز)

قفزة في الأسهم الأوروبية بدعم أرباح «ساب» وتراجع تهديدات ترمب لـ«الفيدرالي»

ارتفعت الأسهم الأوروبية بشكل حاد، يوم الأربعاء؛ مدعومة بأرباح قوية من أكبر شركة برمجيات في أوروبا «ساب».

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مستثمر يشاهد الشاشات في سوق دبي (رويترز)

معظم بورصات الخليج تغلق على ارتفاع بفضل نتائج أعمال الشركات

عوَّضت معظم أسواق الأسهم في منطقة الخليج خسائرها في الجلسة السابقة، وأغلقت على ارتفاع، الثلاثاء، مدعومة بسلسلة من نتائج أعمال الشركات، رغم استمرار المخاوف.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
تحليل إخباري متداوِل في بورصة نيويورك (رويترز)

تحليل إخباري الأسواق تراقب بحذر... هل يلجأ ترمب إلى «رئيس ظِلّ» للتحكم في «الفيدرالي»؟

يخشى المستثمرون أن يؤدي إقدام الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، على محاولة إقالة رئيس «مجلس الاحتياطي الفيدرالي»، جيروم باول، إلى ضربة قوية لأسعار الأصول.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد يراقب السماسرة شاشاتهم في سوق الأوراق المالية في فرنكفورت (أ.ب)

تراجع الأسهم الأوروبية بقيادة «نوفو نورديسك» وسط مخاوف من تصريحات ترمب

تراجعت الأسهم الأوروبية، يوم الثلاثاء، متأثرةً بانخفاض حاد في سهم شركة «نوفو نورديسك» الدنماركية، وسط تزايد القلق لدى المستثمرين جرّاء التصريحات الحادة لترمب.

«الشرق الأوسط» (لندن)

البنوك الأوروبية تواجه خطر انقضاء ذروة أرباح 2025

شعار بنك «بي إن بي باريبا» خارج مبناه في باريس (رويترز)
شعار بنك «بي إن بي باريبا» خارج مبناه في باريس (رويترز)
TT
20

البنوك الأوروبية تواجه خطر انقضاء ذروة أرباح 2025

شعار بنك «بي إن بي باريبا» خارج مبناه في باريس (رويترز)
شعار بنك «بي إن بي باريبا» خارج مبناه في باريس (رويترز)

في ظل تصاعد التوترات التجارية وتراجع الثقة في الاقتصاد العالمي، تواجه البنوك الأوروبية الكبرى خطر أن يكون الربع الأول من عام 2025، الذي حققت فيه أداءً قوياً، قد شكّل ذروة أرباح العام.

فقد تبدّدت التوقعات بمواصلة الزخم في الإقراض والخدمات المصرفية الاستثمارية، بعدما أعلنت الولايات المتحدة خططاً لفرض زيادات جمركية مزدوجة الرقم على عشرات الشركاء التجاريين، مما أحدث اضطراباً في الأسواق المالية ورفع بشكل حاد من احتمالات الركود العالمي، وفق «رويترز».

في هذا السياق، من المرجح أن يكون موسم أرباح البنوك الأوروبية للربع الأول -الذي يبدأ مع بنك «بي إن بي باريبا» يوم الخميس، وينتهي في الثاني من مايو (أيار)- ذروة الأرباح لهذا العام بالنسبة إلى المؤسسات المالية الرائدة في المنطقة.

ويتوقع المستثمرون والمحللون تباطؤ نمو الإيرادات، وتوجّهاً أعمق نحو الإقراض عالي المخاطر، مما قد يؤثر على توزيعات الأرباح وبرامج إعادة شراء الأسهم والمخصصات المخصّصة لتغطية خسائر القروض المستقبلية.

ورغم استمرار حالة عدم اليقين، يرى ويليام هاوليت، المحلل المالي في شركة «كويلتر شيفيوت»، أن البنوك الأوروبية قادرة على الحفاظ على أداء تفوقي نسبياً، لا سيما في ظل التقييمات المنخفضة حالياً. وأضاف: «في بيئة كهذه، تميل الأسواق إلى تفضيل البنوك ذات الجودة العالية، التي تسجّل عادةً ربحية أعلى من حيث العائد على حقوق الملكية الملموسة».

وتزداد المخاوف أيضاً بشأن جودة الائتمان. ففي تقريرها الصادر في 17 أبريل (نيسان) حول التخلف عن السداد، رفعت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني تقديرها لمعدل التخلف عن السداد العالمي الأساسي لنهاية عام 2025 من 2.5 في المائة إلى 3.1 في المائة، مع احتمال أن يبلغ هذا المعدل 6 في المائة في السيناريوهات الأكثر تشاؤماً.

وقال مسؤول مصرفي كبير لـ«رويترز» إن البنوك الأوروبية تتعرض لضغوط متزايدة لتكثيف مخصصاتها لمواجهة خسائر القروض، في ظل تنامي المخاوف من حدوث صدمات اقتصادية أشد. وذكر أن بعض المؤسسات قد تبادر باتخاذ هذه الخطوة خلال الربع الحالي، مستندةً إلى توقعات منقّحة، في تكرار للنهج الذي اتبعته البنوك خلال جائحة كوفيد-19.

وفي الولايات المتحدة، أفصحت بنوك كبرى مثل «جيه بي مورغان تشيس»، و«غولدمان ساكس»، و«مورغان ستانلي» عن ارتفاع في أرباح الربع الأول مدفوعةً بآمال انتعاش في نشاط إبرام الصفقات ونمو الشركات. لكنَّ هذه البنوك حذّرت أيضاً من تحديات قادمة. ووفقاً لغوراف أرورا، رئيس قسم تحليل المنافسين في «كواليشن غرينتش»، فإن ارتفاع الطلب على إعادة موازنة المحافظ الاستثمارية قد يدعم مبيعات وأرباح التداول، إلا أن نمو الإيرادات في أنشطة الاستشارات والاكتتاب سيظل محدوداً.

في المقابل، بدأت توقعات بنوك الاستثمار الأوروبية تتجه نحو الانخفاض؛ فـ«غولدمان ساكس» خفض تقديراته لإيرادات «بي إن بي باريبا» لعام 2025 بنسبة 7 في المائة، بينما قدّر محللو «كيه بي دبليو» في مذكرة بعنوان «الهدوء الذي يسبق العاصفة» أن الأرباح ستتراجع بنسبة 20 في المائة نتيجة مزيج من تباطؤ نمو القروض، وانخفاض الفائدة، وارتفاع المخصصات، وتراجع الرسوم.

ورغم هذا، حافظ بعض المقرضين مثل بنك «نورديا» الفنلندي على توقعاتهم السنوية دون تغيير، متجاهلين حالة الغموض الاقتصادي.

مؤشرات التوتر تتصاعد

تُظهر أدوات قياس الائتمان الأوروبية بوادر ضغط متزايد، مما يعكس التحديات التي تواجهها البنوك في دعم المقترضين المعرّضين للخطر. وارتفع الفارق في عقود مقايضة الائتمان الافتراضية لخمس سنوات iTRAXX Europe Crossover Credit Default Swap (CDS) -التي تقيس تكلفة التأمين ضد التخلف عن السداد لـ75 شركة غير مصنفة ضمن الدرجة الاستثمارية- بنحو 7 نقاط أساس إلى 373 نقطة أساس يوم الثلاثاء، وفق بيانات «ستاندرد آند بورز». ورغم انخفاضه عن ذروته الأخيرة البالغة 427 نقطة أساس في التاسع من أبريل، فإنه يظل أعلى من مستوياته في مارس (آذار).

وفي اجتماعه السنوي بواشنطن هذا الأسبوع، كرّر صندوق النقد الدولي دعواته المؤسسات المالية إلى ضرورة ضمان امتلاكها سيولة كافية لمواجهة تقلبات الأسواق والمخاطر الجيوسياسية المتصاعدة. كما حذّر من أن ميزانيات البنوك قد تبدو أقوى مما هي عليه فعلياً، مشيراً إلى «تباين كبير» في كثافة الأصول المرجّحة بالمخاطر حتى بين البنوك ذات النماذج المتشابهة.

وقد شهد شهر أبريل الجاري أكبر تقلبات في الأسواق العالمية منذ جائحة كوفيد-19 في 2020، مع تراجعات ملحوظة في أسهم البنوك الأوروبية الكبرى مثل «ستاندرد تشارترد» و«إتش إس بي سي» بنسبة 5 في المائة تقريباً، و«دويتشه بنك» بنسبة 2.5 في المائة، و«يو بي إس» بنسبة تقارب 10 في المائة، مما يعكس تراجع شهية المستثمرين في ظل غياب الاستقرار.