بنك اليابان يُبقي أسعار الفائدة ثابتة مع ازدياد مخاطر رسوم ترمب

العلم الياباني يرفرف فوق مجمع مقر بنك اليابان في وسط طوكيو (أ.ف.ب)
العلم الياباني يرفرف فوق مجمع مقر بنك اليابان في وسط طوكيو (أ.ف.ب)
TT

بنك اليابان يُبقي أسعار الفائدة ثابتة مع ازدياد مخاطر رسوم ترمب

العلم الياباني يرفرف فوق مجمع مقر بنك اليابان في وسط طوكيو (أ.ف.ب)
العلم الياباني يرفرف فوق مجمع مقر بنك اليابان في وسط طوكيو (أ.ف.ب)

أبقى بنك اليابان على أسعار الفائدة مستقرة يوم الأربعاء، في خطوة متوقعة على نطاق واسع؛ حيث اختار صنَّاع السياسة قضاء مزيد من الوقت في قياس مدى تأثير احتمالات زيادة الرسوم الجمركية الأميركية على الاقتصاد المعتمد على التصدير.

وجاء هذا القرار في وقت تطغى فيه المخاوف من التباطؤ العالمي الناجم عن سياسة الرسوم الجمركية التي ينتهجها الرئيس الأميركي دونالد ترمب على بيانات الأجور والأسعار، التي تظهر أن اليابان تحرز تقدماً في تحقيق هدف البنك المركزي الياباني، المتمثل في تحقيق التضخم المستهدف بنسبة 2 في المائة بشكل دائم.

وفي معرض تسليطه الضوء على التحديات المتضاربة، قال البنك المركزي إن ارتفاع تكاليف الأرز من شأنه أن يدفع التضخم في الداخل، بينما تلقي السياسات التجارية للدول الأخرى شكوكاً حول التوقعات الاقتصادية لليابان.

وأضاف في بيان له: «فيما يتعلق بالمخاطر التي تهدد التوقعات، لا تزال هناك شكوك كبيرة تحيط بالاقتصاد الياباني والأسعار، بما في ذلك الوضع المتطور فيما يتعلق بالتجارة والسياسات الأخرى في كل ولاية قضائية».

وبعد رفع أسعار الفائدة في يناير (كانون الثاني)، صوَّت مجلس الإدارة بالإجماع على الإبقاء على سعر الفائدة قصير الأجل، للبنك عند 0.5 في المائة، في اجتماع استمر يومين وانتهى يوم الأربعاء.

وقال فريد نيومان، كبير الاقتصاديين الآسيويين في بنك «إتش إس بي سي» في هونغ كونغ: «ضغوط الأسعار المستمرة تستدعي مزيداً من التشديد النقدي في اليابان، ولكن مخاطر النمو تزداد أيضاً. تترك التوترات التجارية سحابة فوق توقعات التصدير في اليابان، وليس من الواضح بعد ما إذا كان المستهلكون اليابانيون سيزيدون من مشترياتهم على خلفية ارتفاع الأجور».

وأضاف: «في النهاية، فإن المسألة هي مسألة (متى) وليس (إذا). سيقوم بنك اليابان برفع أسعار الفائدة مرة أخرى»، مضيفاً أن الخطوة التالية قد تأتي في وقت مبكر من شهر يونيو (حزيران).

كان رد فعل السوق على القرار خافتاً مع تحرك الدولار بشكل جانبي حول 149.50 ين.

ضغوط سعرية محتملة

جاء اجتماع البنك المركزي الياباني قبل ساعات من اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، والذي من المتوقع أيضاً أن يبقي أسعار الفائدة ثابتة، لمراقبة كيفية تطور زيادات ترمب المزمع إجراؤها في أبريل (نيسان).

وقال بنك اليابان في بيانه الذي أعلن فيه قرار سعر الفائدة: «يتعافَى الاقتصاد الياباني بشكل معتدل، وإن كان ذلك مع بعض الإشارات الضعيفة». كما أبقى البنك على تقييمه بأن الاستهلاك يرتفع بشكل معتدل بوصفه اتجاهاً عاماً.

ولفت البيان إلى أن ارتفاع أسعار الأرز، وتلاشي تأثير دعم الوقود سيضغطان بشكل تصاعدي على التضخم خلال العام المالي 2025، مما يشير إلى فرصة رفع توقعات بنك اليابان للأسعار في تقرير التوقعات الفصلية المقرر صدوره في 1 مايو (أيار).

وقد أشار بنك اليابان إلى استعداده لرفع أسعار الفائدة بشكل أكبر، إذا أحرزت اليابان تقدماً في تحقيق هدف التضخم البالغ 2 في المائة بشكل مستدام. كما قال إن أي زيادات في الأسعار يجب أن تأتي من مكاسب قوية في الأجور والاستهلاك، بدلاً من زيادة مؤقتة من تكاليف المواد الخام، حتى يواصل بنك اليابان رفع أسعار الفائدة.

وعرضت الشركات اليابانية الكبرى الأسبوع الماضي زيادات كبيرة في الأجور، في محادثات الأجور مع النقابات للعام الثالث على التوالي، مما يدعم وجهة نظر بنك اليابان بأن المكاسب المستمرة في الأجور ستحافظ على التضخم بشكل دائم حول هدفه البالغ 2 في المائة.

ولكن تعليقات ترمب المتبادلة بشأن التعريفات الجمركية قد أزعجت الأسواق وأذكت المخاوف من حدوث ركود أميركي، الأمر الذي قد يؤثر على الاقتصاد الياباني المعتمد على التصدير، كما يقول المحللون.

وكانت الولايات المتحدة قد رفعت الرسوم الجمركية على واردات الصلب والألمنيوم إلى 25 في المائة، بدءاً من الأسبوع الماضي، دون إعفاءات. ومن المتوقع أن تعلن واشنطن عن تعريفات جمركية على السيارات في 2 أبريل، إلى جانب جدول أعمال أكثر شمولاً للتعريفات المتبادلة.

وقد بدأت حالة عدم اليقين بشأن خطط ترمب المتعلقة بالتعريفات الجمركية في التأثير بالفعل؛ حيث أظهر استطلاع أجرته وكالة «رويترز» أن مزاج الشركات اليابانية قد تعكر في مارس (آذار).

وفي حين ارتفعت الصادرات بنسبة 11.4 في المائة في فبراير (شباط) مقارنة بالعام السابق، انخفضت طلبيات الآلات الأساسية -وهو مؤشر رئيسي للإنفاق الرأسمالي- بنسبة 3.5 في المائة في يناير، حسبما أظهرت بيانات يوم الأربعاء.

سيأخذ بنك اليابان المركزي الياباني هذه البيانات في الحسبان، في المراجعة الفصلية لتوقعات النمو والأسعار في اجتماع السياسة اللاحقة في 30 أبريل- 1 مايو، والتي ستكون حاسمة بالنسبة لتوقيت ووتيرة رفع أسعار الفائدة.

وكان بنك اليابان قد رفع أسعار الفائدة قصيرة الأجل إلى 0.5 في المائة في يناير، بعد إنهاء برنامج التحفيز الضخم العام الماضي، على أساس أن اليابان على أعتاب تحقيق أهدافها المتعلقة بالتضخم على المدى الطويل.

وقد أشار إلى استعداده لرفع أسعار الفائدة أكثر من ذلك، إذا تحركت التطورات الاقتصادية والأسعار بما يتماشى مع التوقعات. ويتوقع أكثر من ثلثي الاقتصاديين الذين استطلعت «رويترز» آراءهم أن يرفع البنك المركزي الياباني أسعار الفائدة إلى 0.75 في المائة في الربع الثالث، وعلى الأرجح في يوليو (تموز).

وفي سوق العملات، تأرجح الين بين الخسائر والمكاسب بعد قرار بنك اليابان بفترة وجيزة، وإن كان قد انخفض بشكل ملحوظ لاحقاً. وانخفض في آخر تعاملات بنسبة 0.2 في المائة ليصل إلى 149.56 مقابل الدولار.


مقالات ذات صلة

حاكم «المركزي» السوري: قرار كندا رفع العقوبات يفتح صفحة جديدة من التعاون

الاقتصاد حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية (فيسبوك)

حاكم «المركزي» السوري: قرار كندا رفع العقوبات يفتح صفحة جديدة من التعاون

رحب حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية، بقرار كندا رفع العقوبات عن سوريا، بما يفتح صفحة جديدة من الفرص والتعاون البنّاء بين البلدين.

الاقتصاد ختم بنك الاحتياطي الهندي على بوابة خارج مقره في مومباي (رويترز)

«المركزي» الهندي يخفض الفائدة ويعزز السيولة بـ 16 مليار دولار

خفّض بنك الاحتياطي الهندي يوم الجمعة سعر إعادة الشراء الرئيسي بمقدار 25 نقطة أساس، مع إبقاء الباب مفتوحاً لمزيد من التيسير النقدي.

«الشرق الأوسط» (مومباي )
الاقتصاد عمال إنشاء الطرق يؤدون أعمالهم خارج بنك إنجلترا في منطقة سيتي المالية بلندن (رويترز)

بنك إنجلترا يُطلق اختبار إجهاد لقطاعي الاستثمار والائتمان الخاص

أعلن بنك إنجلترا الخميس إطلاق اختبار إجهاد يهدف إلى تقييم كيفية تعامل قطاعي الاستثمار الخاص والائتمان الخاص مع أي صدمة مالية محتملة

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد الواجهة القديمة للبنك المركزي الأرجنتيني بعد ترميمها في بوينس آيرس  (رويترز)

الأرجنتين تتفاوض مع بنوك للحصول على قرض بقيمة 7 مليارات دولار

أعلن وزير الاقتصاد الأرجنتيني لويس كابوتو، يوم الأربعاء، أن بلاده تجري مفاوضات مع بنوك للحصول على قرض يصل إلى 7 مليارات دولار.

«الشرق الأوسط» (بوينس آيرس )
الاقتصاد أم وأولادها يشترون الذرة من بائع متجول في إسطنبول (أ.ف.ب)

تركيا: تباطؤ التضخم بأقل من التوقعات يمنح «المركزي» فرصة لخفض الفائدة

تراجع معدل التضخم السنوي في تركيا نوفمبر  الماضي إلى 31.07 % بينما انخفض على أساس شهري إلى ما دون 1 % مسجلاً 0.87 %

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

النمو المستدام للاقتصاد اللبناني مشروط بتقدم الإصلاحات الهيكلية

عمال يستخدمون رافعة لتعليق زينة شجرة عيد الميلاد المقامة أمام مسجد محمد الأمين في وسط بيروت (إ.ب.أ)
عمال يستخدمون رافعة لتعليق زينة شجرة عيد الميلاد المقامة أمام مسجد محمد الأمين في وسط بيروت (إ.ب.أ)
TT

النمو المستدام للاقتصاد اللبناني مشروط بتقدم الإصلاحات الهيكلية

عمال يستخدمون رافعة لتعليق زينة شجرة عيد الميلاد المقامة أمام مسجد محمد الأمين في وسط بيروت (إ.ب.أ)
عمال يستخدمون رافعة لتعليق زينة شجرة عيد الميلاد المقامة أمام مسجد محمد الأمين في وسط بيروت (إ.ب.أ)

خفّضت وكالة التصنيف الدولية «موديز»، في تقرير محدث، سقف ترقبات النمو الحقيقي للاقتصاد اللبناني هذا العام، من 5 في المائة المرتقبة محلياً، إلى 2.5 في المائة، مع إدراجها ضمن مسار إيجابي يرتفع إلى نسبة 3.5 في المائة خلال العامين المقبلين، ومع التنويه بأنّ هذه الأرقام «قابلة للتحسّن في حال تنفيذ الإصلاحات بشكلٍ سريع».

وتتلاقى مبرّرات الوكالة ضمنياً، مع تقديرات صندوق النقد الدولي التي تلاحظ أن التقدم المسجّل في ملف إبرام اتفاق مشترك مع لبنان، لا يزال «بطيئاً للغاية»، ويتعرض لانتكاسات تشريعية وقانونية، ما يؤكد مجدداً أن الأزمة لا تزال تتطلب توافقاً سياسياً جدياً لسن القوانين الإصلاحية الضرورية التي تمنح الصندوق الثقة الكافية للموافقة المكتملة على اتفاق يتضمن برنامج تمويل بمبالغ تتراوح بين 3 و4 مليارات دولار، وقابلة للزيادة أيضاً.

الرئيس اللبناني جوزيف عون خلال اجتماعه مع وفد من صندوق النقد الدولي (أرشيفية - الرئاسة اللبنانية)

ورغم التباين في تقديرات النمو المتوقعة لهذا العام، فإن التبدلات الطارئة على المناخات السياسية وانضمام مسؤول مدني إلى اللجنة العسكرية المعنية بوقف الأعمال العسكرية بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي، قلّصت نسبياً من مخاوف توسّع الأعمال الحربية، وأنعشت بالتالي، بحسب مسؤول مالي معني تواصلت معه «الشرق الأوسط»، التطلعات الحكومية لتصحيح الأرقام، وربما فوق مستوى 5 في المائة، ربطاً بكثافة النشاط التجاري والسياحي المعتاد في فترة الأعياد والعطلات بنهاية العام.

وتعدّ عودة الاقتصاد المحلي إلى مسار النمو الإيجابي، وبمعزل عن التفاوت في النسب المحققة أو المرتقبة، تحولاً نوعياً لتأثير عودة الانتظام إلى عمل المؤسّسات الدستورية، بعد 5 سنوات متتالية من الأزمات الحادة والتخبط في حال «عدم اليقين» سياسياً واقتصادياً. ثم تُوّجت باندلاع حرب تدميرية طاحنة، أودت إلى اتساع فجوة الخسائر الإعمارية والقطاعية بما يزيد على 7 مليارات دولار.

وتكفلت تضافر هذه الوقائع السلبية المتتالية بانكماش حاد للناتج المحلي من أعلى المستويات البالغة نحو 53 مليار دولار عشية انفجار الأزمة إلى نحو 20 مليار دولار في ذروة الانهيارات المالية والنقدية، والمعزّزة بإشهار الحكومة الأسبق بتعليق دفع مستحقات الديون العامة، قبل أن يستعيد الاقتصاد حيوية هشّة دفعت أرقامه إلى حدود 31.6 مليار دولار بنهاية عام 2023، وفق رصد إدارة الإحصاء المركزي، ليصل بعدها إلى نحو 43 مليار دولار، وفق تقرير مصرفي محلي، بدفع من مؤشرات متنوعة تشمل السياحة وزيادة الاستيراد واستمرار التضخم واستدامة التحويلات الخارجية، ولا سيما من المغتربين والعاملين في الخارج.

رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام يُشير بيده أثناء حديثه خلال اجتماع مع وفد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (أ.ف.ب)

إعادة هيكلة القطاع المالي

لكن بلوغ مرحلة النمو المستدام للاقتصاد، والاستفادة من التزام الدول المانحة بدعم لبنان، يظل مشروطاً بتطبيق برنامج الإصلاح المعدّ من قبل صندوق النقد الدولي، حيث تتمحور المطالب الرئيسية حول إعادة هيكلة القطاع المالي، واعتماد استراتيجية متوسطة الأجل لتعبئة الإيرادات وترشيد النفقات، وخفض نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي واستعادة الاستدامة المالية، فضلاً عن أولويات معالجة ضعف الحوكمة وتعزيز إطار مكافحة الفساد، وإجراء عمليات تدقيق موثوقة لمجمل المؤسسات والحسابات العامة.

وليس خافياً في هذا السياق، ملاحظة إدارة الصندوق أن موازنة الحكومة للعام المقبل، لم ترتقِ إلى مستوى التطلعات الإصلاحية المطلوبة، والاستجابة لضرورة الشروع بإعادة هيكلة الديون الخارجية للبلاد، والتي تشمل سندات «اليوروبوندز» المقدرة بأكثر من 41 مليار دولار، كجزء لا يتجزأ من استعادة القدرة على تحمل الديون. في حين تنبّه إلى أن الحكومة تستمر في الاعتماد على سياسة التقشف القاسي بغية فائض تشغيلي جزئي في الخزينة، بدلاً من التركيز على الإصلاح الهيكلي، والنظر في إصلاح السياسة الضريبية لإتاحة الحيز المالي اللازم للإنفاق على الأولويات مثل إعادة الإعمار والحماية الاجتماعية.

كما تبرز التباينات التي تقارب التناقضات في نقاط محددة بشأن منهجية معالجة الفجوة المالية ستظل عائقاً محورياً على مسار المفاوضات المستمرة بين الحكومة وصندوق النقد، خصوصاً في مقاربة مسألة الودائع التي تناهز 80 مليار دولار، حيث تعلو التحذيرات والانتقادات الحادة لمنحى «الاقتراحات المسرّبة» من اللجنة الحكومية التي تعكف على إعداد مشروع القانون الرامي إلى تغطية عجز القطاع المالي، والمتضمنة صراحة أو مواربة شطب ما يصل إلى 30 مليار دولار من إجمالي المدخرات لدى المصارف، وحصر الضمانة للسداد بمبلغ 100 الف دولار، وإصدار سندات «صفرية» الفوائد لمدة تتعدى 20 عاماً للمبالغ الأكبر.

وقد حافظت «موديز» على تصنيف لبنان السيادي عند الدرجة «سي»، وعلى النظرة المستقبليّة «المستقرّة» في تحديثها للتقييم الائتماني السيادي للحكومة اللبنانيّة، مؤكدة أن هذا التصنيف يعكس احتماليّة كبيرة بأن تتخطّى خسائر حاملي سندات الدين الدولية (اليوروبوندز) نسبة 65 في المائة. في حين يتم تداول هذه السندات حالياً في الأسواق الدولية بأسعار تقارب 25 في المائة من قيمتها الدفترية، بعدما انحدرت خلال الحرب الأخيرة إلى 6 في المائة فقط.

ولم يفت الوكالة الإشارة إلى أنّ تصنيف لبنان سيبقى على حاله، إلا إذا تمّ تطبيق إصلاحات جوهريّة على مدى سنوات عدّة من جهة، وتحسين القدرة على تحصيل الإيرادات وحصول تقدّم ملحوظ في ديناميكيّة الدين، كالنموّ الاقتصادي ومستويات الفوائد وإيرادات الخصخصة والقدرة على تسجيل فوائض أولية كبيرة من جهة موازية، وذلك لضمان استدامة الدين في المستقبل.


«إيرباص» تدفع ثمن الاعتماد المفرط على نموذج طائرة واحد

شعار «إيرباص» خلف نموذج لطائرة يورودرون خلال المعرض الدولي للفضاء في مطار برلين (د.ب.أ)
شعار «إيرباص» خلف نموذج لطائرة يورودرون خلال المعرض الدولي للفضاء في مطار برلين (د.ب.أ)
TT

«إيرباص» تدفع ثمن الاعتماد المفرط على نموذج طائرة واحد

شعار «إيرباص» خلف نموذج لطائرة يورودرون خلال المعرض الدولي للفضاء في مطار برلين (د.ب.أ)
شعار «إيرباص» خلف نموذج لطائرة يورودرون خلال المعرض الدولي للفضاء في مطار برلين (د.ب.أ)

تلقت شركة «إيرباص» الأسبوع الماضي تذكيراً قاسياً بأن طائرتها الأكثر مبيعاً في العالم، وهي سلسلة «إيه 320»، ليست محصنة ضد الصدمات، سواء كانت من مصدر فلكي، أو من خلل في الصناعة الأساسية. بعد أيام فقط من اضطرار العملاق الأوروبي لسحب 6 آلاف طائرة من طراز «إيه 320» بسبب خلل برمجي مرتبط بالإشعاع الكوني، اضطرت الشركة إلى خفض أهدافها لتسليم الطائرات لهذا العام بسبب اكتشاف عيوب في بعض ألواح جسم الطائرات (الفيوزلاج).

تؤكد هاتان النكستان المترابطتان -إحداهما متجذرة في الفيزياء الفلكية، والأخرى في مشكلات معدنية بسيطة- مدى هشاشة النجاح لشركة طيران تهيمن على أهم جزء في قطاع الطيران، وتتجه لتفوق «بوينغ» للعام السابع على التوالي في عدد التسليمات.

وقد علق الرئيس التنفيذي لـ«إيرباص»، غيوم فوري، لـ«رويترز» قائلاً: «بمجرد أن نتجاوز مشكلة، تظهر لنا مشكلة أخرى»، وذلك في معرض حديثه عن عدد الطائرات المحتمل تأثرها بمشكلات سمك الألواح.

جاءت هذه النكسات بعد أسابيع من تجاوز سلسلة «إيه 320»، بما في ذلك الطراز الأكثر مبيعاً «إيه 321»، لطائرة «بوينغ 737 ماكس» المضطربة بوصفها أكثر طائرة ركاب تم تسليمها في التاريخ.

خطأ برمجي مرتبط بالرياح الشمسية

بدأت أزمة الأسبوع الماضي عندما أصدرت «إيرباص» تعليمات مفاجئة لشركات الطيران بالعودة إلى إصدار سابق من البرنامج في جهاز كمبيوتر يوجه زاوية مقدمة الطائرة في بعض الطائرات، وذلك بعد أسابيع من حادثة ميلان طائرة «جيت بلو» من طراز «إيه 320» نحو الأسفل، ما أدى لإصابة نحو 12 شخصاً على متنها. أرجعت «إيرباص» المشكلة إلى ضعف في البرنامج تجاه الوهج الشمسي، والذي يمكن نظرياً أن يتسبب في انحدار الطائرة، في إشارة إلى الأسطورة اليونانية، حيث أطلق خبراء على الخلل اسم «علة إيكاروس». ورغم أن التراجع عن تحديث البرنامج تم بسرعة، فإن «إيرباص» واجهت بعد أيام قليلة مشكلة «أكثر رتابة» هددت بتقليص عمليات التسليم في نهاية العام: اكتشاف عيوب في ألواح الفيوزلاج.

تقليص الأهداف المالية

أدى اكتشاف الخلل في ألواح جسم الطائرة إلى انخفاض حاد في أسهم الشركة، حيث تراجعت أسهم «إيرباص» بنحو 3 في المائة خلال الأسبوع بعد أن انخفضت بنسبة 11 في المائة في يوم واحد. وفي غضون 48 ساعة، اضطرت «إيرباص» إلى خفض هدفها السنوي للتسليم بنسبة 4 في المائة.

تخضع «إيرباص» حالياً لضغوط من المحققين لتقديم المزيد من البيانات حول تعليق البرامج، بالإضافة إلى تردد بعض شركات الطيران في تسلم الطائرات المتأثرة دون ضمانات جديدة. كما تواجه الشركة أسئلة مستمرة حول سلاسل التوريد.

ويؤكد هذا الخلل، الذي اكتُشف لدى مورد إسباني، على التحديات التي تواجهها شركات الهياكل الجوية، ويبرز المخاوف المستمرة بشأن سلاسل التوريد التي اضطربت بسبب جائحة كوفيد-19. وأشار خبراء إلى أن حادثة الإشعاع الكوني هي تذكير بمدى تعرض الطيران للإشعاعات القادمة من الفضاء، أو الشمس، وهي مسألة أصبحت أكثر أهمية مع اعتماد الطائرات الحديثة على المزيد من الرقائق الإلكترونية. ودعا خبير الإشعاع الكوني جورج دانوس إلى ضرورة عمل المجتمع الدولي على فهم هذه الظاهرة بشكل أعمق.


وزير الطاقة القطري: الذكاء الاصطناعي يضمن الطلب المستقبلي على الغاز المسال

الكعبي يتحدث في جلسة خلال «منتدى الدوحة 2025» (إكس)
الكعبي يتحدث في جلسة خلال «منتدى الدوحة 2025» (إكس)
TT

وزير الطاقة القطري: الذكاء الاصطناعي يضمن الطلب المستقبلي على الغاز المسال

الكعبي يتحدث في جلسة خلال «منتدى الدوحة 2025» (إكس)
الكعبي يتحدث في جلسة خلال «منتدى الدوحة 2025» (إكس)

شكلت تصريحات وزير الدولة لشؤون الطاقة القطري، سعد الكعبي، خلال «منتدى الدوحة 2025»، نقطة محورية في مناقشات المنتدى الذي افتتحه أمير البلاد، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في نسخته الثالثة والعشرين تحت شعار: «ترسيخ العدالة: من الوعود إلى واقع ملموس». وأكد الكعبي على رؤية متفائلة للغاية لمستقبل الغاز، مشدداً على أنه «لا قلق لديه على الإطلاق» بشأن الطلب المستقبلي بفضل الحاجة المتزايدة لتشغيل مراكز الذكاء الاصطناعي.

وأكد الكعبي أن الطلب العالمي على الغاز الطبيعي سيظل قوياً بفضل تزايد احتياجات الطاقة لتشغيل مراكز الذكاء الاصطناعي، متوقعاً أن يصل الطلب على الغاز الطبيعي المسال إلى ما بين 600 و700 مليون طن سنوياً بحلول عام 2035. وأبدى في الوقت نفسه، قلقه من أن يؤثر نقص الاستثمار على الإمدادات المستقبلية للغاز الطبيعي المسال والغاز.

وقال الكعبي: «لا أشعر بأي قلق على الإطلاق بشأن الطلب على الغاز في المستقبل»، مُضيفاً أن الطاقة اللازمة للذكاء الاصطناعي ستكون مُحرّكاً رئيسياً للطلب. عند بلوغه كامل طاقته الإنتاجية، من المتوقع أن يُنتج مشروع توسعة حقل الشمال 126 مليون طن متري من الغاز الطبيعي المسال سنوياً بحلول عام 2027، مما سيعزز إنتاج قطر للطاقة بنحو 85 في المائة من 77 مليون طن متري سنوياً حالياً.

وأضاف أن أول قطار من مشروع «غولدن باس» للغاز الطبيعي المسال، وهو مشروع مشترك مع «إكسون موبيل» في تكساس، سيبدأ العمل بحلول الربع الأول من عام 2026.

وأكد الكعبي أن أسعار النفط التي تتراوح بين 70 و80 دولاراً للبرميل ستوفر إيرادات كافية للشركات للاستثمار في احتياجات الطاقة المستقبلية، مضيفاً أن الأسعار التي تتجاوز 90 دولاراً ستكون مرتفعة للغاية.

كما حذّر من كثرة العقارات التي تُبنى في الخليج، ومن احتمال «تشكُّل فقاعة عقارية».

الاتحاد الأوروبي

كما أبدى الكعبي أمله أن يحل الاتحاد الأوروبي مخاوف الشركات بشأن قوانين الاستدامة بحلول نهاية ديسمبر (كانون الأول).

وكانت دول مجلس التعاون الخليجي، أعربت يوم الجمعة، عن بالغ قلقها تجاه التشريعين المعروفين بتوجيه العناية الواجبة لاستدامة الشركات، وتوجيه الإبلاغ عن استدامتها، اللذين تتعلق بهما مجموعة تعديلات رفعها البرلمان الأوروبي، مؤخراً، إلى المفاوضات الثلاثية. وأكّدت دول المجلس أن قلقها نابع من أن هذه التشريعات ستفضي إلى إلزام الشركات الكبرى، الأوروبية والدولية، اتباع مفهوم الاتحاد الأوروبي للاستدامة، وبتشريعات تتعلق بحقوق الإنسان والبيئة، وبتقديم خطط للتغير المناخي خارج إطار الاتفاقيات المناخية الدولية، كذلك الالتزام بتقديم تقارير عن الاستدامة حول آثار تلك الشركات، والإبلاغ عن ذلك، وفرض غرامات على التي لا تمتثل لهذا التشريع.

كما أعربت قطر عن استيائها من توجيه العناية الواجبة في مجال استدامة الشركات الصادر عن الاتحاد الأوروبي، وهدّدت بوقف إمدادات الغاز. ويتمحور الخلاف حول إمكانية فرض توجيه العناية الواجبة في مجال استدامة الشركات غرامات على المخالفين تصل إلى 5 في المائة من إجمالي الإيرادات العالمية. وقد صرّح الوزير مراراً بأن قطر لن تحقق أهدافها المتعلقة بالانبعاثات الصفرية.

من جهة أخرى، أطلق الكعبي تحذيراً بشأن النشاط العمراني في المنطقة، مشيراً إلى أن هناك «بناءً مفرطاً للعقارات في منطقة الخليج»، ما قد يؤدي إلى «تشكُّل فقاعة عقارية».

استراتيجية مالية منضبطة

من جهته، أكد وزير المالية القطري، علي أحمد الكواري، خلال المنتدى، قوة ومتانة المركز المالي للدولة. وأوضح أن التوسع المخطط له في إنتاج الغاز الطبيعي المسال سيعمل كعامل تخفيف رئيسي يقلل من تأثير أي انخفاض محتمل في أسعار النفط مستقبلاً. وأضاف أن السياسة المالية «المنضبطة» التي تتبعها قطر تمنحها مرونة كبيرة، مما يعني أنها لن تضطر إلى «اللجوء إلى أسواق الدين» لتلبية احتياجاتها من الإنفاق في أي مرحلة.