بينما يتحرّك بعض أحزاب المعارضة في تركيا لاختيار مرشحيها للرئاسة، استناداً إلى احتمال التوجه لانتخابات مبكرة، حثّ الرئيس رجب طيب إردوغان تنظيمات حزبه على استعادة شعبيته المفقودة، والوصول إلى نسبة 50 في المائة مجدداً.
وبعدما كشفت الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في مايو (أيار) 2023، ثم الانتخابات المحلية في 31 مارس (آذار) 2024، عن خسارة حزب «العدالة والتنمية» الحاكم الذي يقود تركيا منذ 23 عاماً شعبيته، أكّد إردوغان أنه «لا بد من العمل للوصول مجدداً إلى نسبة الـ50 في المائة في الانتخابات المقبلة عام 2028».
إردوغان يستهدف المعارضة
قال إردوغان، خلال كلمة في مؤتمر لفرع النساء بالحزب الحاكم، في إسطنبول، الأحد: «إذا لم تكن أصواتنا بالمستوى الذي نرغب فيه اليوم، فهذا يعني أننا لا نستطيع الوصول إلى النساء بشكل فعال وشرح أنفسنا وغزو الأسر من الداخل».

وقلّل إردوغان من فرص المعارضة التركية في الحصول على السلطة في الانتخابات المقبلة، قائلاً: «ما داموا لا يفكرون في مشاكل البلاد، ولا يقدّمون حلولاً للأمة»، فإنهم لن يصلوا إلى السلطة. واستهدف إردوغان زعيمَ المعارضة رئيس حزب «الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزال، دون ذكره بالاسم، قائلاً إن «رئيس حزب (الشعب الجمهوري) يتجوّل وفي يده بطاقة حمراء يرفعها ضدنا، والرئيس السابق للحزب (كمال كليتشدار أوغلو) يحاول الدخول إلى ساحة المباراة من جديد، من خلال إظهار بطاقة صفراء له».
وعلى الرغم من تأكيد إردوغان أن الانتخابات المقبلة ستجرى في موعدها في عام 2028، فإن حملة الانتخابات المبكّرة، التي أطلقها حزب «الشعب الجمهوري»، أشعلت الأجندة السياسية للبلاد، وزادت المناقشات سخونة بعدما أعلن رئيس الحزب، أوزغور أوزال، الثلاثاء الماضي، بدء عملية لتحديد مرشح الحزب للانتخابات الرئاسية.
انقسامات «الشعب الجمهوري»
وأثار قرار أوزال البدء في عملية تحديد مرشح «الشعب الجمهوري» للرئاسة من خلال تصويت مليون و600 ألف عضو بالحزب، جدلاً واسع النطاق، وتحذيرات من انقسام قد يصب في صالح إردوغان.

وجاء الاعتراض الأقوى على إعلان التصويت المبكر من جانب رئيس بلدية أنقرة، منصور ياواش، الذي أعلن أوزال من قبل أنه سيتم الاختيار بينه وبين رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو.
واعترض ياواش على إعلان أوزال البدء بعملية تصويت بين أعضاء الحزب، بينما يتم انتخاب رئيس الجمهورية من خلال تصويت جميع الناخبين في البلاد البالغ عددهم نحو 60 مليوناً، إضافة إلى رؤيته التي تتمثل في أنه من المبكر الحديث عن المرشح للرئاسة.
واعتبر ياواش أنه من الخطأ أن يدخل الحزب في مناقشات داخلية في ظلّ وجود قضايا مهمة للغاية على أجندة البلاد، وقال إنه «أياً كان المرشح، فإن الإعلان عنه بينما لا تزال هناك فترة تتراوح بين عامين و3 أعوام حتى الانتخابات أمر غير مقبول، وسوف يؤدي إلى استنزاف الحزب والمرشح على حد سواء».
ونتيجة لذلك، أعلن أوزال، الذي يؤكد أن العام الحالي سيشهد انتخابات مبكرة، في تصريحات بإزمير (غرب تركيا)، السبت، أن الحزب وسع عملية اختيار المرشح إلى القواعد الشعبية من خلال توسيع تسجيل العضوية، وأن هذه الخطوة أدت إلى زيادة عدد العضويات عبر الإنترنت بنحو 10 إلى 12 ضعفاً.

وقرّرت إدارة حزب «الشعب الجمهوري» بدء عملية تحديد المرشح الرئاسي، في ظل التحقيقات المتتالية ضد إمام أوغلو، الذي ينظر إليه على أنه المنافس المحتمل الأقوى لإردوغان، واحتمال سجنه وفرض حظر سياسي عليه.
وقال أوزال إنه تمّ عقد سلسلة من الاجتماعات مع مجالس الحزب، فضلاً عن تقييم قضية الترشح مع إمام أوغلو وياواش، الذي نقلت وسائل إعلام عن مقربين منه، أنه فوجئ بطرح رئيس الحزب مسألة التصويت على اختيار المرشح من خلال الأعضاء، وأنه أكد خلال الاجتماع أنه لا توجد إمكانية لإجراء انتخابات مبكرة، و«سيكون من الخطأ تحديد مرشح الآن، وأن ذلك يصب في مصلحة شركاء (تحالف الشعب)، (حزبا العدالة والتنمية والحركة القومية ومعهما حزبا الوحدة الكبرى وهدى بار)».
ظهور كليتشدار أوغلو
يرى مقربون من رئيس حزب «الشعب الجمهوري» السابق، كمال كليتشدار أوغلو، أن صيغة الانتخابات التمهيدية لتحديد مرشح الرئاسة بتصويت أعضاء الحزب «هي خطوة لاستبعاد منصور ياواش من سباق الترشح، على الرغم من أنه يتفوق على إمام أوغلو في استطلاعات الرأي».

وحذّر كليتشدار أوغلو، الذي خسر رئاسة الحزب بعد فشله بالفوز بالرئاسة في مواجهة إردوغان في انتخابات 2023، أن التركيز على مرشح الرئاسة الآن يضعف المعارضة ويريح الحكومة، بينما يجب إعطاء الأولوية للانتخابات المبكرة.
وقال كليتشدار أوغلو، في مقابلة صحافية، إن بدء سباق داخلي للرئاسة في حزب «الشعب الجمهوري» سيؤدي لانقسامات داخلية ويمنح خصوم الحزب فرصة لحملات تشويه يستفيد منها إردوغان، وإنه في ظل الأزمة الاقتصادية، لا يجب أن ينشغل الحزب بصراعات داخلية واستقطاب يؤثر على فروعه، وإن طرح الجدل حول الرئاسة الآن سيجعل الحزب منفصلاً عن أولويات الناخبين، مما يضر بصورته.
وأوضح أن الفوز بالرئاسة يتطلب تحالفات واسعة، ولا يمكن للحزب اتخاذ القرار بشكل منفرد، وأن عليه إنهاء الجدل فوراً، وتأكيد أن المرشح سيُحدد في الوقت المناسب من قبل الهيئات المختصة، وليس عن طريق الاختيار من جانب أعضاء الحزب.
أربكان أول المرشحين
وبينما يخوض «الشعب الجمهوري» عملية تصويت داخلي مثيرة للجدل لتحديد مرشحه، بادر حزب «الرفاه من جديد» بخطوة استباقية مفاجئة، معلناً اختيار رئيسه فاتح أربكان مرشحاً للرئاسة. وكتب الحزب عبر حسابه في «إكس»، ليل السبت - الأحد: «مرشحنا لرئاسة الجمهورية هو الدكتور فاتح أربكان».
Cumhurbaşkanı Adayımız Dr. Fatih Erbakan’dır! pic.twitter.com/4CgnP13cUF
— Yeniden Refah Partisi (@rprefahpartisi) February 1, 2025
وأعاد أربكان نشر تغريدة حزبه، على حسابه الشخصي في «إكس»، وكتب: «ها نحن نبدأ».