زيلينسكي يدين ضربات روسية «لا إنسانية» استهدفت قطاع الطاقة

مئات الآلاف يفتقدون التدفئة... والكرملين يتّهم واشنطن بـ«سرقة» أصوله المجمّدة

احتفل آلاف الجنود الأوكرانيين بيوم الميلاد على جبهات القتال بدونيتسك في 25 ديسمبر (أ.ب)
احتفل آلاف الجنود الأوكرانيين بيوم الميلاد على جبهات القتال بدونيتسك في 25 ديسمبر (أ.ب)
TT

زيلينسكي يدين ضربات روسية «لا إنسانية» استهدفت قطاع الطاقة

احتفل آلاف الجنود الأوكرانيين بيوم الميلاد على جبهات القتال بدونيتسك في 25 ديسمبر (أ.ب)
احتفل آلاف الجنود الأوكرانيين بيوم الميلاد على جبهات القتال بدونيتسك في 25 ديسمبر (أ.ب)

شنّت روسيا هجوماً واسع النطاق بالصواريخ والطائرات المسيّرة، استهدف شبكة الطاقة في أوكرانيا، صباح الأربعاء، في ضربات اعتبرها الرئيس فولوديمير زيلينسكي «لا إنسانية» في يوم إحياء البلاد عيد الميلاد. وقال زيلينسكي إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «اختار عيد الميلاد عمداً لشنّ الهجوم. ما الذي قد يكون لا إنسانياً أكثر من ذلك؟». وأضاف أن «أكثر من 70 صاروخاً، بما فيها صواريخ باليستية، وأكثر من 100 مسيّرة هجومية (شاركت في الهجوم). الهدف كان نظامنا للطاقة». وأشار إلى أن القوات الأوكرانية تمكنت من اعتراض «أكثر من 50 صاروخاً» وعدد من الطائرات المسيّرة، إلا أن بعض الضربات تسببت في «قطع التيار الكهربائي بمناطق مختلفة»، وفقدان التدفئة في مئات آلاف المنازل. كما أدّت الضربات إلى مقتل شخص وإصابة 6 بجروح، بحسب ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن السلطات الأوكرانية.

«رعب الميلاد»

ورأى وزير الخارجية الأوكراني أندري سيبيغا أن «هذا الرعب يوم الميلاد هو ردّ بوتين على كل الذين تحدثوا عن وهم وقف إطلاق النار يوم الميلاد» بين الطرفين. وأشار إلى أن صاروخاً من الصواريخ التي أطلقتها موسكو عَبَر المجال الجوي لمولدافيا ورومانيا، معتبراً أن ذلك «يذكّر بأن روسيا لا تهدد أوكرانيا فقط». ومنذ بدء الغزو الروسي في فبراير (شباط) 2022، ألحقت الضربات الروسية أضراراً بالغة بمنشآت الطاقة والكهرباء في أوكرانيا. وأدّت الهجمات المتكررة على هذه التجهيزات إلى انقطاعات دورية في التيار الكهربائي.

أسر أوكرانية تشارك في مسيرة الميلاد في مدينة لفيف في 24 ديسمبر (أ.ف.ب)

وقالت مجموعة DTEK، أبرز مورّدي الطاقة من القطاع الخاص في البلاد، إن معاملها الحرارية استهدفت بالهجمات الروسية، الأربعاء، متحدثة عن وقوع «أضرار بالغة» بتجهيزاتها. وأشارت إلى أن «هذا هو الهجوم الكبير الثالث عشر الذي يستهدف نظام توليد الطاقة في أوكرانيا هذا العام». وكتب رئيس مجلس إدارة المجموعة ماكسيم تيمتشنكو، عبر «إكس» أن «حرمان ملايين الأشخاص المسالمين الذين يحتفلون بالميلاد من الإنارة والحرارة هو عمل فاسد وشرير تجب مواجهته»، داعياً الحلفاء الغربيين لكييف بتزويدها أنظمة دفاع جوي إضافية.

وأُطلقت صفارات الإنذار في عموم أوكرانيا، فجر الأربعاء، بالتوقيت المحلّي، مع تحذير القوات الجوية من إطلاق موسكو صواريخ كروز، وإعلان السلطات في مدينة خاركيف بشمال شرقي البلاد عن تعرّضها لهجوم صاروخي «كبير» من روسيا. وكتب رئيس بلدية خاركيف، إيغور تيريخوف، على تطبيق «تلغرام»: «تتعرض خاركيف لهجوم صاروخي كبير. سُمع دوي سلسلة انفجارات في المدينة ولا تزال هناك صواريخ باليستية متجهة نحوها»، داعياً السكان إلى الاحتماء. بدوره، أحصى الحاكم الإقليمي، أوليغ سينيغوبوف، 7 ضربات روسية، قائلاً إنه لا يزال يتم تقييم الإصابات والأضرار. وأفاد سينيغوبوف عن سقوط 7 جرحى على الأقل، إضافة إلى أضرار مادية.

إلى ذلك، قُتل شخص في منطقة دنيبروبيتروفسك جراء الضربات التي طالت مدينتي دنيبرو وكريفيي ريه، مسقط رأس الرئيس زيلينسكي، بحسب الحاكم المحلي سيرغي ليساك. وقال ليساك: «منذ الصباح، يهاجم الجيش الروسي بشكل كبير... يحاول العدو تدمير الشبكة الكهربائية للمنطقة». وأضاف في وقت لاحق: «قتل شخص جراء الهجوم بالصواريخ ضد منشآت الطاقة».

دعوات لتقنين الكهرباء

أعلنت الإدارة المحلية لمنطقة إيفانو - فرانكيفسك، الواقعة في غرب البلاد على بُعد مئات الكيلومترات من خط الجبهة، أن بعض أنحائها تعاني من انقطاع التيار الكهربائي. وفي منطقة بولتافا (وسط)، أفادت السلطات عن تضرر بنى تحتية كذلك.

جنود يتناولون عشاء الميلاد وسط انقطاع الكهرباء في دنيبرو بيتروفسيك 24 ديسمبر (إ.ب.أ)

وفرضت السلطات الأوكرانية قيوداً على استهلاك الطاقة في ظل هذه الهجمات، بحسب ما أعلن وزير الطاقة الأوكراني جيرمان غالوشينكو، الأربعاء. وأوضح الوزير عبر «تلغرام»: «يهاجم العدو مجدداً بشكل كبير قطاع الطاقة. تتخذ الشركة المشغّلة الإجراءات اللازمة لخفض الاستهلاك بغرض التقليل من التداعيات السلبية على شبكة الطاقة». وأشار إلى أنه «ما أن تسمح ظروف الأوضاع الأمنية، سيقوم العاملون في قطاع الطاقة بتقييم الأضرار بوضوح». وكانت القوات الجوية الأوكرانية قد أفادت بأنها رصدت إطلاق صواريخ كروز من طراز «كاليبر» من البحر الأسود، مشيرة إلى أن مقذوفات أخرى أطلقت نحو مناطق عدة في وسط البلاد وشرقها وجنوبي شرقها. وأتت هجمات الأربعاء في يوم تحتفل أوكرانيا، للعام الثاني توالياً، بعيد الميلاد في 25 ديسمبر (كانون الأول) بدل السابع من يناير (كانون الثاني). وكان قد نقل موعد الاحتفال بالميلاد، الذي أقرّه زيلينسكي في يوليو (تموز) 2023، واحداً من قرارات اتخذتها كييف في السنوات الأخيرة لتبتعد عن موسكو، والتي شملت إعادة تسمية شوارع ومدن تعود إلى الحقبة السوفياتية.

مزيد من الدمار

تأتي ضربات الأربعاء بعد أيام من توعّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإلحاق مزيد من «الدمار» بأوكرانيا عقب هجوم بطائرات مسيّرة طال برجاً سكنياً في مدينة قازان الروسية. وقال: «أياً كان ومهما حاولوا التدمير، سيواجهون دماراً مضاعفاً، وسيندمون على ما يحاولون القيام به في بلادنا». وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، الأربعاء، أن قواتها أسقطت 59 طائرة مسيّرة أوكرانية ليلاً، 26 منها في أجواء منطقة بيلغورود و23 فوق فورونيج. وأفاد حاكم فوروينج، ألكسندر غوسيف، بأن شظايا الطائرات المسيّرة التي تم اعتراضها ألحقت أضراراً بخط كهربائي، إضافة إلى عدد من المنازل. وفي موازاة تبادل الضربات بالصواريخ والطائرات المسيّرة، سرّعت روسيا من تقدمها في شرق أوكرانيا في الأشهر الأخيرة، أملاً بالاستيلاء على أكبر مساحة من الأراضي قبل تولي الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب السلطة في يناير. وتعهد ترمب بإيجاد نهاية سريعة للحرب المستمرة منذ نحو 3 سنوات، لكنه لم يقترح أي خطط ملموسة للتوصل لوقف لإطلاق النار أو اتفاق سلام. وتقول موسكو إنها استولت على أكثر من 190 قرية هذا العام من أوكرانيا، التي تعاني قواتها من نقص العديد والذخائر.

«سرقة أميركية»

في سياق متصل، قال الكرملين، الأربعاء، إن إرسال الولايات المتحدة مبلغ مليار دولار، بحسب تقارير، إلى أوكرانيا عبر البنك الدولي الذي تمت تغطيته بأرباح الأصول الروسية المجمدة، يُعدّ سرقة.

جانب من الدمار الذي خلفه هجوم روسي على خاركيف في 25 ديسمبر (إ.ب.أ)

وذكر المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف: «سُرقت هذه الأموال منا. والاحتياطيات التي تم تجميدها، جُمدت أيضاً بشكل غير قانوني تماماً. وهذا يتعارض مع جميع القواعد والأعراف»، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء. وأضاف: «مثل هذه التصرفات غير القانونية، ومن بينها تحويل هذا المليار، قد تصبح على المدى البعيد سبباً لاتخاذ إجراءات قانونية. وسنستغل بالطبع كل فرصة لحماية حقوقنا وحقوق ملكيتنا».

وفرضت الولايات المتحدة، الأربعاء، عقوبات على 398 شركة في روسيا والهند والصين وأكثر من 12 دولة أخرى، متهمة إياها بتوفير المنتجات والخدمات التي تمكن المجهود الحربي الروسي وتساعد في قدرته على التهرب من العقوبات. وتهدف الجهود التي تقودها وزارتا الخزانة والخارجية إلى معاقبة «دول الطرف الثالث» المتهمة بتقديم المساعدة المادية للكرملين أو مساعدة روسيا في التهرب من آلاف العقوبات التي فرضت على موسكو منذ غزوها لأوكرانيا في فبراير 2022.


مقالات ذات صلة

تقرير: زيلينسكي مستعد للدعوة لاستفتاء على خطة ترمب بعد التوصل لوقف النار

أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (إ.ب.أ) play-circle

تقرير: زيلينسكي مستعد للدعوة لاستفتاء على خطة ترمب بعد التوصل لوقف النار

نقل موقع «أكسيوس» عن الرئيس الأوكراني قوله إنه «مستعد» للدعوة إلى إجراء استفتاء على خطة الرئيس الأميركي لإنهاء الحرب في أوكرانيا إذا وافقت روسيا على وقف النار.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ صورة للقاء عاصف بين ترمب وزيلينسكي في البيت الأبيض يوم 28 فبراير (أ.ف.ب)

ترمب وزيلينسكي يبحثان «عقبتين رئيسيتين» أمام اتفاق السلام

أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أنه سيلتقي نظيره الأميركي دونالد ترمب، الأحد، في محاولة لوضع اللمسات الأخيرة على خطة السلام الأميركية لأوكرانيا.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأميركي جورج دبليو بوش خلال مؤتمرهما الصحافي في مدينة سوتشي على البحر الأسود جنوب روسيا 6 أبريل 2008 (أ.ب)

بوتين لبوش عام 2001: أوكرانيا مصطنعة وكانت تابعة لروسيا

في وثائق سرية أميركية، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لنظيره الأميركي جورج بوش الابن عام 2001 إن أوكرانيا «مصطنعة» وكان يفترض أن تكون تابعة لروسيا.

علي بردى (واشنطن)
تحليل إخباري ماكرون يستقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بمقر إقامته الصيفي في حصن بريغانسون يوم 19 أغسطس 2019 (د.ب.أ)

تحليل إخباري باريس ترسم خريطة الضمانات الأمنية لكييف قبيل زيارة زيلينسكي إلى واشنطن

فرنسا تركز على تنسيق المواقف بين أوكرانيا وأوروبا والولايات المتحدة، ومصدر رئاسي فرنسي: قمة لـ«تحالف الراغبين» الشهر المقبل، ولا خطط لماكرون بعدُ لزيارة موسكو.

ميشال أبونجم (باريس)
الولايات المتحدة​ ويتكوف في برلين في 15 ديسمبر 2025 (أ.ب)

مبعوثو ترمب إلى الشرق الأوسط... تغريد خارج سرب البيروقراطية

لم يدخل الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في عهده الثاني برتابة الرؤساء السابقين الذين التزموا بالسياسات الأميركية التقليدية والأعراف الدولية.

رنا أبتر (واشنطن)

إصابة 3 نساء بجروح في عمليات طعن بمترو باريس

قطار يدخل محطة مترو في باريس (أ.ف.ب)
قطار يدخل محطة مترو في باريس (أ.ف.ب)
TT

إصابة 3 نساء بجروح في عمليات طعن بمترو باريس

قطار يدخل محطة مترو في باريس (أ.ف.ب)
قطار يدخل محطة مترو في باريس (أ.ف.ب)

أقدم رجل مسلّح بسكين، الجمعة، على مهاجمة عدة نساء على الخط الثالث لمترو العاصمة الفرنسية باريس.

ووفقاً لعدة مصادر أمنية، قام رجل بإخراج سكين وطعن ثلاث نساء في محطات مختلفة على الخط الذي يربط بين باغنوليه ولوفالوا-بيريه.ووقعت الاعتداءات بين الساعة 16:15 و16:45 بالتوقيت المحلي وفق ما ذكرته وسائل إعلام فرنسية نقلاً عن مصدر أمني.

وجرى إسعاف الضحايا بسرعة من قبل فرق إطفاء باريس. وأشارت مصادر أمنية إلى أن إصابات النساء الثلاث وُصفت بالطفيفة.

وقالت شاهدة عيان كانت حاضرة في محطة ريبوبليك وقت الاعتداء: «أصيبت شابة في منطقة الفخذ، وكان هناك الكثير من الدم، لقد كان جرحاً عميقاً».

ولاذ المشتبه به بالفرار عبر الخط الثامن للمترو، قبل أن يتم توقيفه لاحقاً في منزله بمدينة سارسل الشمالية التابعة لإقليم فال دواز.

وأفاد مصدر أمني أن الرجل من أصول مالية، ومن مواليد عام 2000. واستُبعد، وفقاً للمصدر ذاته، وجود أي دافع إرهابي وراء الحادث، مرجّحاً أن يكون الفعل ناتجاً عن شخص مختل نفسياً أو يعاني من هشاشة نفسية.

وبعد نحو ساعتين من وقوع الاعتداءات، عاد الخط الثالث للمترو للعمل بشكل طبيعي.


تقرير: زيلينسكي مستعد للدعوة لاستفتاء على خطة ترمب بعد التوصل لوقف النار

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (إ.ب.أ)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (إ.ب.أ)
TT

تقرير: زيلينسكي مستعد للدعوة لاستفتاء على خطة ترمب بعد التوصل لوقف النار

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (إ.ب.أ)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (إ.ب.أ)

نقل موقع «أكسيوس» الإخباري عن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قوله إنه «مستعد» للدعوة إلى إجراء استفتاء على خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنهاء الحرب في أوكرانيا إذا وافقت روسيا على اتفاق لوقف إطلاق النار.

وأكّد الموقع الأميركي أن زيلينسكي ما زال يأمل في تحسين بنود خطة ترمب لإنهاء الحرب، وأشار إلى أنه سيسعى إلى الحصول على موافقة الشعب على الخطة إذا لم يتم التوصل لاتفاق «قوي» بشأن الأراضي.

ونقل «أكسيوس» عن زيلينسكي قوله إن الحد الأدنى لمدة وقف إطلاق النار من أجل ترتيب وإجراء الاستفتاء في أوكرانيا هو 60 يوماً.

وفيما يتعلق بالاتفاقات الأميركية-الأوكرانية، قال زيلينسكي إن مدة اتفاق الضمانات الأميركية يجب ألا تقل عن 15 عاماً، مشيراً إلى أن موافقة ترمب على ذلك الأمر في الاجتماع المزمع بين الرئيسين، بعد غد الأحد، في فلوريدا سيعدّ «نجاحاً كبيراً».

وأضاف الرئيس الأوكراني أن الغرض من اجتماع الأحد المقبل هو استغلال التقدم الذي جرى إحرازه من أجل وضع إطار عام لإنهاء الحرب.

محاولة «نسف»

واتهمت روسيا، الجمعة، أوكرانيا بمحاولة «نسف» المفاوضات بشأن الخطة الأميركية لإنهاء الحرب، مشيرة إلى أن النص الجديد الذي قدّمته كييف هذا الأسبوع «يختلف اختلافاً جذرياً» عما تفاوضت عليه موسكو مع الأميركيين.

وقال نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، في تصريحات متلفزة نقلتها «وكالة الصحافة الفرنسية» إن «قدرتنا على بذل الجهد النهائي والتوصل إلى اتفاق تعتمد على عملنا والإرادة السياسية للطرف الآخر، ولا سيما في ظل تكثيف كييف وداعميها -خصوصاً داخل الاتحاد الأوروبي الذين لا يؤيدون الاتفاق- جهودهم لنسفه».

وأضاف ريابكوف: «دون حلٍّ جذري للمشكلات الكامنة وراء هذه الأزمة، سيكون من المستحيل التوصل إلى اتفاق نهائي»، داعياً إلى الالتزام بالإطار الذي وضعته قمة الرئيسين فلاديمير بوتين ودونالد ترمب في ألاسكا في أغسطس (آب) 2025، وإلا «فلا يمكن التوصل إلى أي اتفاق».

وقدّم زيلينسكي، الأربعاء، النسخة المنقحة من الخطة الأميركية، التي جرى تحديثها بعد مفاوضات مع كييف مقارنة بالنسخة الأصلية التي عُرضت قبل أكثر من شهر.

وتقترح هذه الوثيقة الجديدة المكونة من 20 بنداً تجميد خطوط المواجهة من دون تقديم حل فوري للقضايا المرتبطة بالأراضي، كما تُسقط مطلبين رئيسيين من موسكو؛ هما انسحاب القوات الأوكرانية من منطقة دونباس، والتزام أوكرانيا القانوني بعدم الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو).

وأشار ريابكوف، الجمعة، إلى أن «هذه الخطة، إن صحّ التعبير، تختلف اختلافاً جذرياً عن النقاط الـ27 التي وضعناها في الأسابيع الأخيرة، منذ بداية ديسمبر(كانون الأول) بالتعاون مع الجانب الأميركي».


باريس ترسم خريطة الضمانات الأمنية لكييف قبيل زيارة زيلينسكي إلى واشنطن

زيلينسكي يتوسّط قادة أوروبيين ومفاوضين أميركيين خلال محادثات في برلين حول أوكرانيا يوم 15 ديسمبر (د.ب.أ)
زيلينسكي يتوسّط قادة أوروبيين ومفاوضين أميركيين خلال محادثات في برلين حول أوكرانيا يوم 15 ديسمبر (د.ب.أ)
TT

باريس ترسم خريطة الضمانات الأمنية لكييف قبيل زيارة زيلينسكي إلى واشنطن

زيلينسكي يتوسّط قادة أوروبيين ومفاوضين أميركيين خلال محادثات في برلين حول أوكرانيا يوم 15 ديسمبر (د.ب.أ)
زيلينسكي يتوسّط قادة أوروبيين ومفاوضين أميركيين خلال محادثات في برلين حول أوكرانيا يوم 15 ديسمبر (د.ب.أ)

بينما تتجه الأنظار إلى الاجتماع المرتقب بين الرئيسين الأميركي دونالد ترمب، والأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في الساعات القليلة المقبلة، بمناسبة الزيارة الجديدة التي سيقوم بها فولوديمير زيلينسكي إلى الولايات المتحدة الأحد، عجّلت باريس بعرض رؤيتها للمرحلة المقبلة وللتحركات التي تنوي القيام بها، فضلاً عن الأولويات التي يتعيّن أن تدور حولها المناقشات للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، والتي تشكل الضمانات الأمنية المفترض أن تقدم لكييف عصبها الأساسي.

ثلاث ضمانات

من هذا المنظور، ركّز مصدر رفيع المستوى في القصر الرئاسي على الأهداف التي تعمل فرنسا على تحقيقها، أبرزها «تكتيكي»، ويتمثّل في تدعيم وحدة المقاربة والهدف بين أوكرانيا وأوروبا والولايات المتحدة، بهدف التوصل إلى «قواعد واضحة» لتحقيق وقف لإطلاق النار يمكن التحقق منه، ولطمأنة الطرف الأوكراني بأن روسيا لن تعتدي عليه مجدداً.

الرئيس الفرسي إيمانويل ماكرون متحدثاً للصحافة بعد انتهاء أعمال القمة الأوروبية في بروكسل يوم 18 ديسمبر (أ.ب)

وتُركّز باريس على أن الضمانات الأمنية يتعين أن تندرج في ثلاثة سياقات: الأول، توفير الدعم الكامل للجيش الأوكراني الذي ترى فيه «الضمانة الأولى» للدفاع عن أوكرانيا. من هنا، تشيد باريس بالقرار الذي توصل إليه القادة الأوروبيون مؤخراً في بروكسل بمنح كييف قروضاً قيمتها 90 ملياراً للعامين المقبلين، تنقسم إلى مساعدات عسكرية وأخرى لدعم ميزانية البلاد. أما الضمانة الثانية، فمصدرها «تحالف الراغبين» الذي يضم نحو 35 دولة، أكثريتها الساحقة أوروبية، والذي يخطط لنشر قوة مساندة ليست مهمّتها الدخول في قتال مع القوات الروسية، بل ستنتشر بعيداً عن خط وقف إطلاق النار، فتكون بمثابة «قوة طمأنة» لأوكرانيا، وتقوم بعدة مهمات، منها التدريب ونزع الألغام والرقابة. والضمانة الثالثة يُفترض أن توفرها الولايات المتحدة لأوكرانيا ولـ«تحالف الراغبين».

ورغم غياب توصيف دقيق لما ستوفره، فإن الجانب الأوكراني يتحدث عن ضمانات تُشبه ما توفره «الفقرة الخامسة» من معاهدة الحلف الأطلسي، التي تنصّ على أن أي اعتداء على عضو في الحلف يُعدّ اعتداءً على كل الأعضاء. وأكّد المصدر الرئاسي أن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، الذي شارك في اجتماع سابق لـ«تحالف الراغبين»، عبّر عن التزام بهذا المعنى.

وبرأيه، فإن الطرف الأميركي منخرط «جدياً» في تقديم الضمانات التي ترى فيها باريس الشرط الأول للاتفاق. ولبّ هذه الضمانة أن معاودة روسيا حربها على أوكرانيا ستعني أنها ستجد في وجهها الأوروبيين والأميركيين معاً، ما يوفر المصداقية لـ«قوة الطمأنة».

قمة «تحالف الراغبين»

من هذه الزاوية، تُفهم أهمية القمة التي سيدعو إليها الرئيس إيمانويل ماكرون لـ«تحالف الراغبين» الشهر المقبل، وتأمل باريس أن تتم بحضور أميركي رفيع. ومن المرتقب أن يشارك في القمّة الرئيس الأوكراني، وسيكون غرضها وضع اللمسات الأخيرة على ما سيقدمه «التحالف». وتكمن أهمية المشاركة الأميركية في ملف الضمانات في أن العديد من أعضاء «التحالف» ربطوا مشاركتهم بالتزام أميركي واضح بالدفاع عن أوكرانيا (وأيضاً عن الأوروبيين)، في حال تجدد الحرب.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال اجتماعه برئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك في وارسو يوم 19 ديسمبر (إ.ب.أ)

ويتمسك الأوروبيون بأن تكون مهمة الطرف الأميركي الرقابة على خط وقف إطلاق النار، ليس من خلال نشر قوات مراقبة ميدانياً، بل من خلال وسائل المراقبة الإلكترونية والجوية عبر طائرات وأقمار اصطناعية ومجسّات.

وتجدر الإشارة إلى أن هيئة أركان مشتركة أُنشئت منذ عدة أشهر، ومقرها العاصمة الفرنسية، تعمل على بلورة الخطط العسكرية للانتشار الميداني المحتمل. لكن الصعوبة أنه، حتى اليوم، لم تُعرف هوية الدول الراغبة في إرسال وحدات عسكرية للمشاركة في «قوة الطمأنة». وعلى المستوى الأوروبي، أكّدت فرنسا وبريطانيا مشاركتهما، وهما الدولتان اللتان ترأسان بالتناوب «التحالف»، في حين تدرس ألمانيا هذه المسألة، ولم تتخذ بعدُ قرارها. وخلاصة الملف أن الأطراف الثلاثة تريد تعزيز التنسيق للتوصل إلى خطة تحرك متوافق عليها.

روسيا «ليست في موقع قوة»

تعتبر المصادر الرئاسية الفرنسية أن التوصل إلى اتفاق لوضع حدّ للحرب، الدائرة بين روسيا وأوكرانيا منذ بداية عام 2022، ممكن قبل نهاية العام، إلا أن شرطه أن تقنع المقترحات المشتركة الأوكرانية والأوروبية والأميركية روسيا بالتجاوب معها، و«هذه مسؤولية الطرف الأميركي بالتشاور والتنسيق مع الطرفين الآخرين».

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (إ.ب.أ)

وترفض باريس فكرة أن روسيا بصدد الانتصار وفي موقع قوة. وأدلتها على ذلك كثيرة؛ فميدانياً «عجزت القوات الروسية حتى اليوم عن تحقيق اختراق حاسم في إقليم دونباس»، في حين أن القوات الأوكرانية ما زالت صامدة. كذلك، تعاني روسيا من تمويل حربها، ما دفعها لبيع بعض مخزونها من الذهب، ولرفع مستوى ضريبة القيمة المضافة.

أما دبلوماسياً، فإن موسكو تجد نفسها في مواجهة تقارب العواصم الأوكرانية والأوروبية والأميركية، كما أنها لا تملك أفقاً واضحاً للتوصل إلى اتفاق مع واشنطن التي غيرت سياساتها مرات عديدة. وخلاصة باريس أن ما سبق يعد «أوراقاً ضاغطة» على السلطات الروسية، تُكمّل العقوبات الأوروبية والأميركية المفروضة على الاقتصاد الروسي.

اتصال ماكرون - بوتين

عند انتهاء القمة الأوروبية في بروكسل يوم 18 من الشهر الحالي، فاجأ ماكرون الجميع بإعلانه أنه ينوي التحدث مجدداً مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ويعود آخر تواصل بين الرئيسين إلى شهر يوليو (تموز) الماضي، وقد كُرّس في غالبيته للملف النووي الإيراني.

ماكرون يستقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بمقر إقامته الصيفي في حصن بريغانسون يوم 19 أغسطس 2019 (د.ب.أ)

وحرص المصدر الرئاسي على طمأنة الأوروبيين بأن ماكرون حريص على «التشاور والشفافية» مع القادة الأوروبيين، وأنه لا يقوم بخطوة منفردة. ومنطلقه في ذلك أنه «لا يجوز ترك مهمة التفاوض مع الطرف الروسي للجانب الأميركي في مسائل تهم الأمن الأوروبي»، وأن الحوار المرغوب مع بوتين يجب أن يكون «متطلباً ومتشدداً».

بيد أن الإليزيه نفى الأخبار التي نشرتها الصحافة الروسية، والتي تتحدث عن زيارة ماكرون لموسكو. كذلك نفى أن يكون قد حصل اتصال بين الرئيسين. ورحب المصدر الرئاسي بالدعوة التي صدرت عن مسؤول ألماني للقيام بمبادرة فرنسية - ألمانية مشتركة في موضوع معاودة التواصل مع بوتين، إلا أنه أعرب عن الرغبة في العمل مع الأوروبيين الآخرين «رغم المسؤولية الخاصة» التي يتحملها الطرفان الألماني والفرنسي بشأن الحرب في أوكرانيا.