إسرائيل تواصل خرق الهدنة... غارة شرقاً وراياتها على مركز للجيش اللبناني جنوباً

خبير لـ«الشرق الأوسط»: ستضرب في أي مكان بلبنان... لكنها ستنسحب

عنصر من الجيش اللبناني يسير بالقرب من الأنقاض في الخيام (رويترز)
عنصر من الجيش اللبناني يسير بالقرب من الأنقاض في الخيام (رويترز)
TT

إسرائيل تواصل خرق الهدنة... غارة شرقاً وراياتها على مركز للجيش اللبناني جنوباً

عنصر من الجيش اللبناني يسير بالقرب من الأنقاض في الخيام (رويترز)
عنصر من الجيش اللبناني يسير بالقرب من الأنقاض في الخيام (رويترز)

واصلت إسرائيل خروقاتها لاتفاق وقف إطلاق النار حيث أغارت للمرة الأولى منذ سريان الاتفاق على بلدة طاريا في منطقة بعلبك شرق لبنان، فيما استمرت في استهداف القرى والمناطق الجنوبية، في خطوة أتت بعد أقل من 24 ساعة على طلب لبنان من الأمم المتحدة ولجنة مراقبة وقف النار الضغط على تل أبيب لوقف خروقاتها.

وفي خطوة لافتة، رفع الجيش الإسرائيلي أعلاماً إسرائيلية على مركز الجيش اللبناني في تلة العويضة الحدودية الجنوبية، بينما سُجل تحليق مكثف وعلى علو منخفض للطائرات الاستطلاعية الإسرائيلية فوق الأجواء في العاصمة بيروت وضاحيتها الجنوبية.

وفي التفاصيل حسبما أوردتها «الوكالة الوطنية للإعلام»، شنت إسرائيل فجر الأربعاء، غارة استهدفت منزلا في سهل طاريا مجاورا لضفاف مجرى نهر الليطاني غرب مدينة بعلبك، لم تُسفر عن وقوع إصابات. وقال مصدر أمني لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن الغارة استهدفت «مستودعات في سهل بلدة طاريا يُعتقد أنّها تابعة لـ(حزب الله)».

تصاعد الدخان من موقع الاستهداف الإسرائيلي في طاريا (إكس)

جنوبا، قام «الجيش الإسرائيلي» من أماكن توغله داخل بلدة يارون بإطلاق النار من أسلحة رشاشة متوسطة باتجاه دورية مشتركة ما بين فريق من الصليب الأحمر اللبناني والوحدة الآيرلندية - البولندية العاملة في قوات حفظ السلام (اليونيفيل)، أثناء توجهها لإخلاء مواطنة مسنة من داخل البلدة من دون وقوع إصابات، بحسب وسائل إعلام محلية. وأفادت وسائل الإعلام بأن الاعتداء الإسرائيلي أجبر الدورية على التراجع باتجاه مدينة بنت جبيل، وذلك على الرغم من تنسيق المهمة مع جهاز الارتباط.

وبموجب اتفاق وقف النار، تمّ تشكيل لجنة إشراف تضمّ فرنسا والولايات المتحدة ولبنان وإسرائيل وقوات قوة الأمم المتحدة في لبنان (يونيفيل) لمراقبة تنفيذ الهدنة والانتهاكات المحتملة من الجانبين.

وكان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اجتمع الثلاثاء بلجنة مراقبة وقف إطلاق النار، وطالب بوقف الخروقات الإسرائيلية والانسحاب الفوري من المناطق الحدودية، كما قدّمت وزارة الخارجية والمغتربين اللبنانية، عبر بعثة البلاد الدائمة لدى الأمم المتحدة في نيويورك، شكوى إلى مجلس الأمن الدولي، تتضمن «احتجاجا شديدا» على «الخروقات المتكررة التي ترتكبها إسرائيل» للهدنة.

وبحسب اتفاق الهدنة، من المقرر أن يعزز الجيش اللبناني وقوات حفظ السلام (اليونيفيل) انتشارهما في جنوب لبنان، وأن ينسحب الجيش الإسرائيلي خلال 60 يوما، إلا أن صحيفة «جيروزاليم بوست» العبرية، نقلت هذا الأسبوع عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن انسحاب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان قد يتم بوتيرة أبطأ من المتوقع بسبب الانتشار البطيء للجيش اللبناني في المنطقة.

وقال المسؤولون للصحيفة إن «العملية البطيئة لنشر الجيش اللبناني لقواته تثير التساؤل حول كيفية تصرف إسرائيل في اليوم الستين لوقف إطلاق النار على طول الحدود الشمالية».

وفي هذا المجال، توقع المحلل العسكري سعيد قزح في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن ينسحب الجيش الإسرائيلي خلال مهلة الـ60 يوما أو ربما قد يستغرق الأمر 70 يوما لكن ليس أكثر، خصوصا إذا لم يطبق «حزب الله» المطلوب منه في جنوب الليطاني.

وفي ما يخص الخروقات المتمادية التي تنفذها إسرائيل منذ سريان اتفاق وقف إطلاق النار خصوصا أن الاستهداف طال البقاع، يوضح قزح أن الاتفاق «يعطي ضمانات لإسرائيل من أجل القيام بما تراه مناسبا لإبعاد أي خطر يشكله (حزب الله) على أمنها». ويقول: «إسرائيل ستضرب أي هدف ستعتبره يشكل خطرا عليها في أي مكان في لبنان ولو في بيروت أو الضاحية الجنوبية أو الجبل أو أي مناطق أخرى، وليس طاريا فقط».

ويضيف: «ستنقضي مهلة الـ60 يوما وسنشهد خروقات إسرائيلية إضافية من دون أي رد فعل من (حزب الله) لأن الثمن سيكون مكلفا جدا، كما أنه تعلم الدرس ولن يقوم بمخاطرة جديدة خصوصا بعد تهجير السكان والدمار الذي لحق بالقرى الحدودية وببعلبك وصور».


مقالات ذات صلة

«حزب الله» يطالب باستراتيجية دفاعية تبرّر احتفاظه بسلاحه

المشرق العربي عناصر من الجيش اللبناني ينتشرون في بلدة الخيام الجنوبية بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي (رويترز)

«حزب الله» يطالب باستراتيجية دفاعية تبرّر احتفاظه بسلاحه

دعا «حزب الله» بعد الحرب الأخيرة ونتائجها التدميرية إلى وضع «الاستراتيجية الدفاعية»، محاولاً بذلك إيجاد الوسيلة التي تبقي سلاحه جزءاً من تلك المعادلة.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي سوريون في منطقة بالقرب من معبر المصنع الحدودي اللبناني مع سوريا (د.ب.أ)

لبنان يتطلع إلى «أفضل علاقات الجوار» مع الحكومة الجديدة في سوريا

قال لبنان، اليوم (الخميس)، إنه يتطلع إلى «أفضل علاقات الجوار» مع سوريا، في أول رسالة رسمية للإدارة الجديدة في دمشق.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مجتمعاً مع لجنة مراقبة اتفاق وقف إطلاق النار يوم الثلاثاء بالسراي الحكومي (أ.ب)

لبنان يتمسك بتحييد شمال الليطاني عن جنوبه والكلمة لهوكستين

الجديد في مواصلة إسرائيل خرقها لوقف النار منذ دخوله حيز التنفيذ في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي يكمن في قيام الطيران الحربي الإسرائيلي بشن غارة على بلدة…

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي الأمين العام لجماعة «حزب الله» اللبنانية نعيم قاسم (أ.ف.ب)

هاجس إنهاء «المقاومة» يسكن «حزب الله»

استخدم أمين عام «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم 7 مرات في خطابه الأخير مصطلحي «استمرارية المقاومة» و«المقاومة مستمرة»، حيث أقر أيضاً بخسارة طريق إمداده عبر سوريا

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي اكتظاظ العائدين إلى الضاحية (إ.ب.أ) play-circle 01:09

اللبنانيون يقعون فريسة «طمع التجار» لإصلاح ما دمَّرته الحرب مع إسرائيل

يعاني العائدون إلى منازلهم المتضررة نتيجة الحرب، من ارتفاع أسعار المواد المستخدمة في إعادة ترميم منازلهم، لا سيّما الزجاج والألمنيوم

حنان حمدان (بيروت)

اعتراف روسي غير مباشر بالتغيير في سوريا

TT

اعتراف روسي غير مباشر بالتغيير في سوريا

اجتماع لوزراء خارجية تركيا وروسيا وإيران بـ«صيغة آستانة» في نيويورك في سبتمبر الماضي (الخارجية التركية)
اجتماع لوزراء خارجية تركيا وروسيا وإيران بـ«صيغة آستانة» في نيويورك في سبتمبر الماضي (الخارجية التركية)

وجَّه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف رسائل عدة حول مواقف بلاده تجاه التغييرات في سوريا. وحملت لهجته اعترافاً غير مباشر بـ«السلطات الجديدة»، التي قال إنها يمكن أن تقرر أشكال الاستفادة من علاقات روسيا مع تركيا وإيران، في إطار مجموعة آستانة.

وأكد الانفتاح على تعاون واسع مع دمشق في مجالات عدة. كما اتهم أطرافاً، لم يسمّها، بالسعي إلى تقسيم سوريا، مشدداً على موقف موسكو الرافض لهذه المخططات.

وبدا من حديث لافروف مع ممثلي وسائل إعلام روسية وأجنبية، الخميس، أن موسكو بدأت تبلور الملامح الأولى لسياستها تجاه القيادة الجديدة في سوريا.

ولم يتطرق الوزير إلى وجود الرئيس المخلوع بشار الأسد في موسكو، وتجنب الخوض في تفاصيل المواقف الروسية السابقة، لكنه أبدى انفتاحاً واسعاً للحوار مع السلطات السورية الجديدة، وقال إن بلاده تخوض عبر سفارتها في دمشق حوارات تتعلق بالدرجة الأولى بضمان أمن مواطنيها، ومستعدة لحوار يشمل الآفاق المستقبلية للعلاقة، خصوصاً على الصعد الاستثمارية والاقتصادية. وهذه أول إشارة من مسؤول روسي للرؤية المستقبلية للعلاقة مع سوريا بعد إطاحة الأسد.

كايا كالاس تقرع جرس بدء الاجتماع الوزاري الخاص بسوريا 16 ديسمبر (أ.ب)

وبدا لافروف مرتاحاً للإشارات التي صدرت من القيادة السورية الجديدة حول العلاقات مع روسيا. وقال إنه «بالنظر إلى ما قاله رئيس الحكومة السورية الجديدة، أحمد الشرع، عن العلاقات بين روسيا وسوريا ووصفها بأنها طويلة الأمد واستراتيجية، فإن السلطات السورية الجديدة سيكون بمقدورها أن تقرر الشكل المحدد، لآليات المساعدة في العمليات التي بدأت الآن في سوريا».

وزاد أن الشرع «يتعرض لضغط كبير من الغرب لوقف تعامله مع روسيا». وأوضح أنه «يتعرض لضغوط كبيرة من جانب الغرب الذي يريد أن يختطف أكبر قدر ممكن من التأثير والمساحة. ويضغط عليه كي يبتعد عن روسيا، حتى أن المفوضة السامية لشؤون السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، قالت إن عدداً من الوزراء اقترحوا (طرد) الروس، واشترط وزير الخارجية الإستوني، مارغوس تساخكنا، خروج القواعد العسكرية حتى تحصل سوريا على المساعدات»، وهو ما أسماه لافروف «وقاحة لا مثيل لها».

وتابع لافروف: «إن القوى الغربية لا يهمها وحدة سوريا بقدر اهتمامها بالحصول على أكبر حصة ممكنة من التأثير والأراضي والموارد».

طائرة عسكرية روسية تهبط في قاعدة حميميم الجوية في سوريا 12 سبتمبر 2017 (أ.ب)

وفي معرض رده على سؤال حول مستقبل «صيغة آستانة» قال الوزير الروسي إن المجموعة «عقدت أكثر من 20 اجتماعاً، آخرها كان قبيل الأحداث الأخيرة مباشرة في 7 ديسمبر (كانون الأول)».

وأشار لافروف إلى أن أطراف آستانة (روسيا وتركيا وإيران) «يتواصلون ويتبادلون وجهات النظر». وأعرب عن قناعة في أن «صيغة آستانة، إلى جانب الدول العربية، ودول الخليج، يمكن أن تكون فاعلاً مفيداً في بسط الاستقرار».

وأكد الوزير الروسي أن «العلاقات بين روسيا وسوريا راسخة، وتمتد منذ أيام الاتحاد السوفياتي، الذي ساعد السوريين في التخلص من الاستعمار الفرنسي، ودعم المجالات الاقتصادية والاجتماعية والعلمية في البلاد». وقال: «قامت روسيا وقبلها الاتحاد السوفياتي بإعداد عشرات الآلاف من الكوادر السورية في جامعاتها، في حين يدرس الآن نحو 5 آلاف سوري في الجامعات السورية».

المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا ونائب المندوب الروسي دميتري بوليانسكي يتحدثان مع رئيس هيئة التفاوض السورية بدر الجاموس قبيل اجتماع مجلس الأمن حول سوريا 17 ديسمبر (أ.ف.ب)

وشدد الوزير على أن «اهتمام الشعب السوري اليوم منصبّ على إقامة علاقات متوازنة مع الجميع، وفي هذا الإطار يمكن لصيغة آستانة أن تلعب دوراً مفيداً». وزاد: «لقد أتيحت لنا الفرصة لمناقشة الوضع مع زملائي من تركيا وإيران، بمشاركة الممثل الخاص وقال الأمين العام للأمم المتحدة غير بيدرسن، وما زلنا نتبادل التقييمات والآراء، وموقف تركيا وإيران وروسيا هو أن صيغة آستانة قد تلعب دوراً مفيداً في هذه المرحلة، خصوصاً أن عدداً من الدول العربية شاركت بشكل تقليدي في عمل المجموعة مراقبين».

وكان لافتاً أن لافروف أضاف عبارة: «يمكن للسلطات السورية الجديدة أن تقرر كيف سيكون بمقدور مجموعة آستانة لعب دور إيجابي في العمليات الجارية».

بوتين والأسد يحضران عرضاً عسكرياً في القاعدة الجوية الروسية «حميميم» قرب اللاذقية ديسمبر 2017 (أ.ف.ب)

في السياق، قال لافروف، إن روسيا تأمل ألا تكرر سوريا، بعد تغير السلطة في البلاد، مصير ليبيا. وأضاف: «لدينا اتصالات حول هذا الموضوع مع المملكة العربية السعودية، والعراق، والأردن، ومصر، وقطر، والإمارات، والبحرين ولبنان. وجميعهم مهتمون بضمان عدم تكرار سوريا للمسار الذي سلكته الدولة الليبية». وزاد الوزير: «دمر (الناتو) ببساطة هذه الدولة، التي لا يزال يتعين تجميعها معاً، وحتى الآن لم يكن هذا ناجحاً للغاية».

وشدد لافروف على معارضة بلاده مخططات تقسيم سوريا. وقال إن واشنطن أنشأت كيانات انفصالية. وقال إن بلاده «لن تسمح بانهيار سوريا على الرغم من أن البعض يرغب فعلاً في ذلك». وقال إن بلاده «تتفهم مخاوف تركيا المشروعة بخصوص الوضع الأمني على الحدود». كما انتقد التحركات الإسرائيلية في سوريا وشدد على عدم قبول «أن تسعى إسرائيل إلى ضمان أمنها على حساب أمن الآخرين».

وحول الوضع الداخلي السوري، رأى لافروف أنه يتعين على جميع الجماعات السياسية والعرقية والطائفية المشاركة في الانتخابات في سوريا، مضيفاً أن بلاده مستعدة للتقديم عون لدفع العملية السياسية.

ووفقاً له «تؤكد جميع الدول الرائدة على ضرورة القيام بذلك بطريقة تجعل العملية شاملة، بحيث تتمكن جميع المجموعات السياسية والعرقية والطائفية للشعب السوري من المشاركة فيها، في الحملة الانتخابية وفي الانتخابات نفسها (..) هذه ليست عملية سهلة، أكرر مرة أخرى، لكننا مستعدون للمساعدة، بما في ذلك في إطار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وفي إطار صيغة آستانة».

وأشار إلى أن روسيا الاتحادية، إلى جانب تركيا وإيران، وبمشاركة عدد من الدول العربية، مستعدة للعب دور داعم في تعزيز العمليات كافة في سوريا وتنظيم الانتخابات بطريقة تحظى باعتراف الجميع وقبولها بشكل يجعلها «لا تثير أي أسئلة».

طفل سوري يقف تحت صورة عملاقة للرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد مطلية بالعَلم الجديد في دمشق الخميس (أ.ب)

وفي إطار الرؤية المستقبلية للعلاقات، قال لافروف، إن روسيا تعول على استئناف التعاون الاقتصادي مع السلطات السورية الجديدة. وزاد: «آمل أنه فيما يتعلق بقضايا التعاون الاقتصادي والاستثماري، حيث حققنا إنجازات معينة في السنوات الماضية، سنتمكن من استئناف العمل مع القادة الجدد عندما يتم إنشاء هياكل السلطة الجديدة».